سورة الأنبياء
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الأنبياء
قوله تعالى: {إنّكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98].
هذه الآية تدلّ على أنّ جميع المعبودات مع عابديها في النّار.
وقد أشارت آياتٌ أخر إلى أنّ بعض المعبودين كعيسى والملائكة ليسوا من أهل النّار، كقوله: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلًا} الآية [الزخرف: 57]، وقوله تعالى: {ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40]، وقوله: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب} الآية [الإسراء: 57].
والجواب من وجهين:
الأوّل: أنّ هذه الآية لم تتناول الملائكة ولا عيسى، لتعبيره بـ: «ما» الدّالّة على غير العاقل.
وقد أشار تعالى إلى هذا الجواب بقوله: {ما ضربوه لك إلّا جدلًا بل هم قومٌ خصمون} [الزخرف: 58]؛ لأنّهم لو أنصفوا لما ادّعوا دخول العقلاء في لفظٍ لا يتناولهم لغةً.
الثّاني: أنّ الملائكة وعيسى نصّ الله على إخراجهم من هذا دفعًا للتّوهّم ولهذه الحجّة الباطلة، بقوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} الآية [الأنبياء: 101].
وقوله تعالى: {قل إنّما يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ فهل أنتم مسلمون} [الأنبياء: 108].
عبّر في هذه الآية الكريمة بلفظ: «إنّما» وهي تدلّ على الحصر عند الجمهور. وعليه، فهي تدلّ على حصر الوحي في توحيد الألوهيّة.
وقد جاءت آياتٌ أخر تدلّ على أنّه أوحي إليه غير ذلك كقوله: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ} الآية [الجن: 1]، وقوله: {ذلك من أنباء الغيب نوحيها إليك} [آل عمران: 44]، وقوله: {نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك} الآية [يوسف: 3].
والجواب: أنّ حصر الوحي في توحيد الألوهيّة حصرٌ له في أصله الأعظم الّذي يرجع إليه جميع الفروع؛ لأنّ شرائع كلّ الأنبياء داخلةٌ في ضمن: لا إله إلّا الله؛ لأنّ معناها: خلع كلّ الأنداد سوى الله في جميع أنواع العبادات، وإفراد الله بجميع أنواع العبادات، فيدخل في ذلك جميع الأوامر والنّواهي القوليّة والفعليّة والاعتقاديّة). [دفع إيهام الاضطراب: 219-220]