سورة النّمل
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة النّمل
قوله تعالى إخبارًا عن بلقيس: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} [النمل: 35].
يدلّ على تعدّد رسلها إلى سليمان.
وقوله: {فلمّا جاء سليمان} [النمل: 36] بإفراد فاعل «جاء»، وقوله تعالى إخبارًا عن سليمان أنّه قال: {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ} الآية [النمل: 37] يدلّ على أنّ الرّسول واحدٌ.
والظّاهر في الجواب هو ما ذكره غير واحدٍ من أنّ الرّسل جماعةٌ، وعليهم رئيسٌ منهم، فالجمع نظرًا إلى الكلّ، والإفراد نظرًا إلى الرّئيسح لأنّ من معه تبعٌ له. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {ويوم نحشر من كلّ أمّةٍ فوجًا ممّن يكذّب بآياتنا} الآية [النمل: 83].
هذه الآية يدلّ ظاهرها على أنّ الحشر خاصٌّ بهؤلاء الأفواج المكذّبة.
وقوله بعد هذا بقليلٍ: {وكلٌّ أتوه داخرين} [النمل: 87]، يدلّ على أنّ الحشر عامٌّ، كما صرّحت به الآيات القرآنيّة عن كثرةٍ.
والجواب عن هذا: هو ما بيّنه الألوسيّ في تفسيره من أنّ قوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} يراد به الحشر العامّ، وقوله: {ويوم نحشر من كلّ أمّةٍ فوجًا} أي: بعد الحشر العامّ يجمع الله المكذّبين للرّسل من كلّ أمّةٍ لأجل التّوبيخ المنصوص عليه بقوله: {أكذّبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علمًا أم ماذا كنتم تعملون} [النمل: 84]، فالمراد بالفوج من كلّ أمّةٍ: الفوج المكذّب للرّسل يحشر للتّوبيخ حشرًا خاصًّا. فلا ينافي حشر الكلّ لفصل القضاء.
وهذا الوجه أحسن من تخصيص الفوج بالرّؤساء، كما ذهب إليه بعضهم.
قوله تعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السّحاب} [النمل: 88].
هذه الآية تدلّ بظاهرها على أنّ الجبال يظنّها الرّائي ساكنةً، وهي تسير.
وقد جاءت آياتٌ أخر تدلّ على أنّ الجبال راسيةٌ، والرّاسي هو الثّابت في محلٍّ، كقوله تعالى: {والجبال أرساها} [النازعات: 32]، وقوله: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} [النحل: 15]، وقوله: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي} [الحجر: 19]، وقوله: {وجعلنا فيها رواسي شامخاتٍ} [المرسلات: 27].
ووجه الجمع ظاهرٌ، وهو أنّ قوله: {أرساها} ونحوه، يعني: في الدّنيا، وقوله: {وهي تمرّ مرّ السّحاب} يعني: في الآخرة، بدليل قوله: {ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّماوات} [النمل: 87] ثمّ عطف على ذلك قوله: {وترى الجبال} الآية.
وممّا يدلّ على ذلك: النّصوص القرآنيّة على أنّ سير الجبال في يوم القيامة، كقوله تعالى: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً} [الكهف: 47]، وقوله: {وسيّرت الجبال فكانت سرابًا} [النبأ: 20] ). [دفع إيهام الاضطراب: 243-245]