دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة النّمل

سورة النّمل
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة النّمل
قوله تعالى إخبارًا عن بلقيس: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} [النمل: 35].
يدلّ على تعدّد رسلها إلى سليمان.

وقوله: {فلمّا جاء سليمان} [النمل: 36] بإفراد فاعل «جاء»، وقوله تعالى إخبارًا عن سليمان أنّه قال: {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ} الآية [النمل: 37] يدلّ على أنّ الرّسول واحدٌ.
والظّاهر في الجواب هو ما ذكره غير واحدٍ من أنّ الرّسل جماعةٌ، وعليهم رئيسٌ منهم، فالجمع نظرًا إلى الكلّ، والإفراد نظرًا إلى الرّئيسح لأنّ من معه تبعٌ له. والعلم عند الله تعالى.


قوله تعالى: {ويوم نحشر من كلّ أمّةٍ فوجًا ممّن يكذّب بآياتنا} الآية [النمل: 83].
هذه الآية يدلّ ظاهرها على أنّ الحشر خاصٌّ بهؤلاء الأفواج المكذّبة.

وقوله بعد هذا بقليلٍ: {وكلٌّ أتوه داخرين} [النمل: 87]، يدلّ على أنّ الحشر عامٌّ، كما صرّحت به الآيات القرآنيّة عن كثرةٍ.
والجواب عن هذا: هو ما بيّنه الألوسيّ في تفسيره من أنّ قوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} يراد به الحشر العامّ، وقوله: {ويوم نحشر من كلّ أمّةٍ فوجًا} أي: بعد الحشر العامّ يجمع الله المكذّبين للرّسل من كلّ أمّةٍ لأجل التّوبيخ المنصوص عليه بقوله: {أكذّبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علمًا أم ماذا كنتم تعملون} [النمل: 84]، فالمراد بالفوج من كلّ أمّةٍ: الفوج المكذّب للرّسل يحشر للتّوبيخ حشرًا خاصًّا. فلا ينافي حشر الكلّ لفصل القضاء.

وهذا الوجه أحسن من تخصيص الفوج بالرّؤساء، كما ذهب إليه بعضهم.


قوله تعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السّحاب} [النمل: 88].
هذه الآية تدلّ بظاهرها على أنّ الجبال يظنّها الرّائي ساكنةً، وهي تسير.

وقد جاءت آياتٌ أخر تدلّ على أنّ الجبال راسيةٌ، والرّاسي هو الثّابت في محلٍّ، كقوله تعالى: {والجبال أرساها} [النازعات: 32]، وقوله: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} [النحل: 15]، وقوله: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي} [الحجر: 19]، وقوله: {وجعلنا فيها رواسي شامخاتٍ} [المرسلات: 27].

ووجه الجمع ظاهرٌ، وهو أنّ قوله: {أرساها} ونحوه، يعني: في الدّنيا، وقوله: {وهي تمرّ مرّ السّحاب} يعني: في الآخرة، بدليل قوله: {ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّماوات} [النمل: 87] ثمّ عطف على ذلك قوله: {وترى الجبال} الآية.
وممّا يدلّ على ذلك: النّصوص القرآنيّة على أنّ سير الجبال في يوم القيامة، كقوله تعالى: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً} [الكهف: 47]، وقوله: {وسيّرت الجبال فكانت سرابًا} [النبأ: 20] ). [دفع إيهام الاضطراب: 243-245]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة القصص

سورة القصص
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة القصص
قوله تعالى: {وقالت امرأة فرعون قرّة عينٍ لي ولك لا تقتلوه} الآية [القصص: 9].
الخطاب في قوله: {ولك} يدلّ على أنّ المخاطب واحدٌ. وفي قوله: {لا تقتلوه} يدلّ على أنّه جماعةٌ.
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجهٍ:
الأوّل: أنّ صيغة الجمع للتّعظيم.
الثّاني: أنّها تعني فرعون وأعوانه الّذين همّوا معه بقتل موسى. فأفردت الضّمير في قولها: {ولك} لأنّ كونه: «قرّة عينٍ» في زعمها يختصّ بفرعون دونهم، وجمعته في قولها: {لا تقتلوه}، لأنّهم شركاء معه في الهمّ بقتله.
الثّالث: أنّها لمّا استعطفت فرعون على موسى التفتت إلى المأمورين بقتل الصّبيان قائلةً لهم: {لا تقتلوه}، معلّلةً ذلك بقولها: {عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا}.


قوله تعالى: {قال لأهله امكثوا} الآية [القصص: 29].
أهله زوجته؛ بدليل قوله: {وسار بأهله}؛ لأنّ المعروف أنّه سار من عند شعيبٍ بزوجته ابنة شعيبٍ أو غير شعيبٍ على القول بذلك.

وقوله: {امكثوا} خطاب جماعة الذّكور، فما وجه خطاب المرأة بخطاب الذّكور.
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجهٍ:
الأوّل: أنّ الإنسان يخاطب المرأة بخطاب الجماعة، تعظيمًا لها، ونظيره قول الشّاعر:
فإن شئت حرّمت النّساء سواكم.. وإن شئت لم أطعم نقاخًا ولا بردًا
الثّاني: أنّ معها خادمًا، والعرب ربّما خاطبت الاثنين خطاب الجماعة.
الثّالث: أنّه كان له مع زوجته ولدان له، اسم الأكبر منهما: جيرشوم، واسم الأصغر: اليعازر.
والجواب الأوّل ظاهرٌ، والثّاني والثّالث محتملان؛ لأنّهما من الإسرائيليّات. والعلم عند الله تعالى.


قوله تعالى: {إنّك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56].
قد قدّمنا أنّ وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الشورى: 52] أنّ الهدى المنفيّ عنه صلّى الله عليه وسلّم هو منح التّوفيق، والهدى المثبت له هو إبانة الطّريق). [دفع إيهام الاضطراب: 246-247]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة العنكبوت

سورة العنكبوت
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة العنكبوت
قوله تعالى: {وما هم بحاملين من خطاياهم من شيءٍ} الآية [العنكبوت: 12].
لا يعارضه قوله تعالى: {وليحملنّ أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم} [العنكبوت: 13]، كما تقدّم بيانه مستوفًى في سورة «النّحل».

فأثقالهم: أوزار ضلالهم، والأثقال الّتي معها: أوزار إضلالهم، ولا ينقص ذلك شيئًا من أوزار أتباعهم الضّالّين.


قوله تعالى: {وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب} [العنكبوت: 27].
هذه الآية الكريمة تدلّ على أنّ النّبوّة والكتاب في خصوص ذرّيّة إبراهيم، وقد ذكر في سورة «الحديد» ما يدلّ على اشتراك نوحٍ معه في ذلك في قوله: {ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيم وجعلنا في ذرّيّتهما النّبوّة والكتاب} [الحديد: 26].
والجواب: أنّ وجه الاقتصار على إبراهيم أنّ جميع الرّسل بعده من ذرّيّته، وذكر نوحٌ معه لأمرين:
أحدهما: أنّ كلّ من كان من ذرّيّة إبراهيم فهو من ذرّيّة نوحٍ.
والثّاني: أنّ بعض الأنبياء من ذرّيّة نوحٍ، ولم يكن من ذرّيّة إبراهيم، كهودٍ وصالحٍ ولوطٍ ويونس -على خلافٍ فيه- ولا ينافي ذلك الاقتصار على إبراهيم؛ لأنّ المراد من كان بعد إبراهيم لا من كان قبله أو في عصره، كلوطٍ، عليهما وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام). [دفع إيهام الاضطراب: 248-249]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة الرّوم

سورة الرّوم
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الرّوم
قوله تعالى: {فأقم وجهك للدّين حنيفًا} الآية [الروم: 30].
هذا خطابٌ خاصٌّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد قال تعالى بعده: {منيبين إليه واتّقوه} [الروم: 31]، فقوله: {منيبين إليه} حالٌ من ضمير الفاعل المستتر في قوله: {فأقم وجهك} الواقع على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فتقرير المعنى: فأقم وجهك يا نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم في حال كونكم منيبين إليه، وقد تقرّر عند علماء العربيّة: أنّ الحال إن لم تكن سببيّةً لا بدّ أن تكون مطابقةً لصاحبها إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا، فما وجه الجمع بين هذه الحال وصاحبها؟ فالحال جمعٌ وصاحبها مفردٌ.

والجواب: أنّ الخطاب الخاصّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعمّ حكمه جميع الأمّة، فالأمّة تدخل تحت خطابه صلّى الله عليه وسلّم، فتكون الحال من الجميع الدّاخل تحت خطابه صلّى الله عليه وسلّم.
ونظير هذه الآية -في دخول الأمّة تحت الخطاب الخاصّ به صلّى الله عليه وسلّم- قوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء} الآية [الطلاق: 1]. فقوله: {طلّقتم النّساء} بعد {يا أيّها النّبيّ} دليلٌ على دخول الأمّة تحت لفظ «النّبيّ».

وقوله: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم} [التحريم: 1]، ثمّ قال: {قد فرض الله لكم تحلّة أيمانكم} وقوله: {يا أيّها النّبيّ اتّق الله} [الأحزاب: 1] ثمّ قال: {إنّ الله كان بما تعملون خبيرًا}الآية.
وقوله: {فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوّجناكها} [الأحزاب: 37]، ثمّ قال: {لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ} الآية.
وقوله: {وما تكون في شأنٍ} [يونس: 61]، ثمّ قال: {ولا تعملون من عملٍ}.
ودخول الأمّة في الخطاب الخاصّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو مذهب الجمهور، وعليه مالكٌ وأبو حنيفة وأحمد رحمهم الله تعالى، خلافًا للشّافعيّ رحمه الله). [دفع إيهام الاضطراب: 250-251]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة لقمان

سورة لقمان
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة لقمان
قوله تعالى: {وصاحبهما في الدّنيا معروفًا} [لقمان: 15].
هذه الآية الكريمة تدلّ على الأمر ببرّ الوالدين الكافرين، وقد جاءت آيةٌ أخرى يفهم منها خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله} [المجادلة: 22]، ثمّ نصّ على دخول الآباء في هذا بقوله: {ولو كانوا آباءهم}، والّذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أنّه لا معارضة بين الآيتين.
ووجه الجمع بينهما: أنّ المصاحبة بالمعروف أعمّ من الموادّة؛ لأنّ الإنسان يمكنه إسداء المعروف لمن يودّه ومن لا يودّه، والنّهي عن الأخصّ لا يستلزم النّهي عن الأعمّ، فكأنّ الله حذّر من المودّة المشعرة بالمحبّة، والموالاة بالباطن لجميع الكفّار، يدخل في ذلك الآباء وغيرهم، وأمر الإنسان بأن لا يفعل لوالديه إلّا المعروف، وفعل المعروف لا يستلزم المودّة؛ لأنّ المودّة من أفعال القلوب لا من أفعال الجوارح.
وممّا يدلّ لذلك: إذنه صلّى الله عليه وسلّم لأسماء بنت أبي بكرٍ الصّدّيق أن تصل أمّها وهي كافرةٌ، وقال بعض العلماء: إنّ قصّتها سببٌ لنزول قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} الآية [الممتحنة: 8].


قوله تعالى: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم واخشوا يومًا لا يجزي والدٌ عن ولده} الآية [لقمان: 33].
هذه الآية تدلّ بظاهرها على أنّ يوم القيامة لا ينفع فيه والدٌ ولده، وقد جاءت آيةٌ أخرى تدلّ على رفع درجات الأولاد بسبب صلاح آبائهم حتّى يكونوا في درجة الآباء، مع أنّ عملهم -أي: الأولاد- لم يبلّغهم تلك الدّرجة، إقرارًا لعيون الآباء بوجود الأبناء معهم في منازلهم من الجنّة وذلك نفعٌ لهم، وهي قوله تعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} الآية [الطور: 21].
ووجه الجمع أشير إليه بالقيد الّذي في هذه الآية، وهو قوله تعالى: {واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ}، وعيّن فيها النّفع بأنّ إلحاقهم بهم في درجاتهم يقيّد الإيمان، فهي أخصّ من الآية الأخرى، والأخصّ لا يعارض الأعمّ.

وعلى قول من فسّر الآية بأنّ معنى قوله: {لا يجزي والدٌ عن ولده} لا يقضي عنه حقًّا لزمه، ولا يدفع عنه عذابًا حقّ عليه، فلا إشكال في الآية.
وسيأتي لهذا زيادة إيضاحٍ في سورة «النّجم» في الكلام على: {وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى}، إن شاء الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 252-253]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة السّجدة

سورة السّجدة
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة السّجدة
قوله تعالى: {قل يتوفّاكم ملك الموت الّذي وكّل بكم} الآية [السجدة: 11].
أسند في هذه الآية الكريمة التّوفّي إلى ملكٍ واحدٍ. وأسنده في آياتٍ أخر إلى جماعة الملائكة، كقوله: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة} [النساء: 97]، وقوله: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} [الأنعام: 61]، وقوله: {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة} الآية [الأنفال: 50]، وقوله: {ولو ترى إذ الظّالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم} الآية [الأنعام: 93].

وأسنده في آيةٍ أخرى إلى نفسه جلّ وعلا، وهي قوله تعالى: {الله يتوفّى الأنفس حين موتها} الآية [الزمر: 42].
والجواب عن هذا ظاهرٌ، وهو أنّ إسناده التّوفّي إلى نفسه لأنّ ملك الموت لا يقدر أن يقبض روح أحدٍ إلّا بإذنه ومشيئته تعالى: {وما كان لنفسٍ أن تموت إلّا بإذن الله كتابًا مؤجّلًا} [آل عمران: 145]. وأسنده لملك الموت لأنّه هو المأمور بقبض الأرواح. وأسنده للملائكة لأنّ ملك الموت له أعوانٌ من الملائكة تحت رئاسته، يفعلون بأمره وينزعون الرّوح إلى الحلقوم، فيأخذها ملك الموت. والعلم عند الله تعالى).[دفع إيهام الاضطراب: 254]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:22 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة الأحزاب

سورة الأحزاب
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الأحزاب
قوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ} [الأحزاب: 1].
لا منافاة بينه وبين قوله في آخر الآية: {إنّ الله كان بما تعملون خبيرًا} بصيغة الجمع؛ لدخول الأمّة تحت الخطاب الخاصّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه قدوتهم كما تقدّم بيانه مستوفًى في سورة «الرّوم».


قوله تعالى: {ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه} [الأحزاب: 4].
هذه الآية الكريمة تدلّ بفحوى خطابها أنّه لم يجعل لامرأةٍ من قلبين في جوفها.
وقد جاءت آيةٌ أخرى يوهم ظاهرها خلاف ذلك، وهي قوله تعالى في حفصة وعائشة: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} الآية [التحريم: 4]، فقد جمع القلوب لهاتين المرأتين.
والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أنّ المثنّى إذا أضيف إليه شيئان هما جزآه، جاز في ذلك المضاف -الّذي هو شيئان- الجمع والتّثنية والإفراد، وأفصحها الجمع فالإفراد فالتّثنية على الأصحّ، سواءٌ كانت الإضافة لفظًا أو معنًى.
فاللّفظ مثاله: شويت رءوس الكبشين، أو رأسهما أو رأسيهما.
والمعنى: قطّعت الكبشين رءوسًا وقطّعت منهما الرّءوس، فإن فرّق المثنّى [المضاف إليه] فالمختار [في المضاف] الإفراد، نحو: {على لسان داود وعيسى ابن مريم} [المائدة: 78].

وإن كان الاثنان المضافان منفصلين عن المثنّى المضاف إليه -أي: كانا غير جزأيه- فالقياس الجمع وفاقًا للفرّاء، وفي الحديث: ((ما أخرجكما من بيوتكما)) ((إذ أويتما إلى مضاجعكما))، و: ((هذه فلانة وفلانة يسألانك عن إنفاقهما على أزواجهما ألهما فيه أجرٌ))، و: ((لقي عليًّا وحمزة فضرباه بأسيافهما)).
واعلم أنّ الضّمائر الرّاجعة إلى هذا المضاف يجوز فيها الجمع نظرًا إلى اللّفظ، والتّثنية نظرًا إلى المعنى.

فمن الأوّل قوله:

خليليّ لا تهلك نفوسكما أسًا ... فإنّ لها فيما دهيت به أسًا
ومن الثّاني قوله:
قلوبكما يغشاهما الأمن عادةً ... إذا منكما الأبطال يغشاهم الذّعر
الثّاني: هو ما ذهب إليه مالك بن أنسٍ رحمه الله تعالى من أنّ أقلّ الجمع اثنان. ونظيره قوله تعالى: {فإن كان له إخوةٌ} [النساء: 11] أي أخوان فصاعدًا.


قوله تعالى: {وأزواجه أمّهاتهم} [الأحزاب: 6].
هذه الآية الكريمة تدلّ بدلالة الالتزام على أنّه صلّى الله عليه وسلّم أبٌ لهم؛ لأنّ أمومة أزواجه لهم تستلزم أبوّته صلّى الله عليه وسلّم لهم.
وهذا المدلول عليه بدلالة الالتزام مصرّحٌ به في قراءة أبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه لأنّه يقرؤها: (وأزواجه أمّهاتهم وهو أبٌ لهم). وهذه القراءة مرويّةٌ أيضًا عن ابن عبّاسٍ.
وقد جاءت آيةٌ أخرى تصرّح بخلاف هذا المدلول عليه بدلالة الالتزام والقراءة الشّاذّة، وهي قوله تعالى: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم} الآية [الأحزاب: 7].
والجواب ظاهرٌ، وهو: أنّ الأبوّة المثبتة دينيّةٌ، والأبوّة المنفيّة طينيّةٌ.

وبهذا يرتفع الإشكال في قوله: {وأزواجه أمّهاتهم} مع قوله: {وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجابٍ}، إذ يقال: كيف يلزم الإنسان أن يسأل أمّه من وراء حجابٍ؟
والجواب ما ذكرناه الآن، فهنّ أمّهاتٌ في الحرمة والاحترام، والتّوقير والإكرام، لا في الخلوة بهنّ ولا في حرمة بناتهنّ، ونحو ذلك. والعلم عند الله تعالى.


قوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} الآية [الأحزاب: 50].
يظهر تعارضه مع قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} الآية [الأحزاب: 52].
والجواب: أنّ قوله: {لا يحلّ لك النّساء}، منسوخٌ بقوله: {إنّا أحللنا لك أزواجك}، وقد قدّمنا في سورة «البقرة» أنّه أحد الموضعين اللّذين في المصحف ناسخهما قبل منسوخهما، لتقدّمه في ترتيب المصحف مع تأخّره في النّزول، على القول بذلك.
وقيل: الآية النّاسخة لها هي قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهنّ} الآية [الأحزاب: 51].
وقال بعض العلماء: هي محكمةٌ. وعليه، فالمعنى: لا يحلّ لك النّساء من بعد، أي: من بعد النّساء الّتي أحلّهنّ الله لك في قوله: {إنّا أحللنا لك أزواجك} الآية، فتكون آية: {لا يحلّ لك النّساء} محرّمةٌ ما لم يدخل في آية: {إنّا أحللنا لك أزواجك}، كالكتابيّات، والمشركات، والبدويّات -على القول بذلك فيهنّ-، وبنات العمّ والعمّات، وبنات الخال والخالات، اللّاتي لم يهاجرن معه -على القول فيهنّ أيضًا-.
والقول بعدم النّسخ قال به: أبيّ بن كعبٍ، ومجاهدٌ في روايةٍ عنه، وعكرمة والضّحّاك في روايةٍ، وأبو رزينٍ في روايةٍ عنه، وأبو صالحٍ، والحسن، وقتادة في روايةٍ، والسّدّيّ، وغيرهم، كما نقله عنهم ابن كثيرٍ وغيره. واختار عدم النّسخ ابن جريرٍ وأبو حيّان.
والّذي يظهر لنا أنّ القول بالنّسخ أرجح، وليس المرجّح لذلك عندنا أنّه قول جماعةٍ من الصّحابة ومن بعدهم -منهم: عليٌّ وابن عبّاسٍ وأنسٌ وغيرهم-، ولكنّ المرجّح له عندنا أنّه قول أعلم النّاس بالمسألة، أعني أزواجه صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّ حلّيّة غيرهنّ من الضّرّات وعدمها لا يوجد من هو أشدّ اهتمامًا بها منهنّ، فهنّ صواحبات القصّة.
وقد تقرّر في علم الأصول أنّ صاحب القصّة يقدّم على غيره، ولذلك قدّم العلماء رواية ميمونة وأبي رافعٍ: أنّه صلّى الله عليه وسلّم تزوّجها وهو حلالٌ، على رواية ابن عبّاسٍ المتّفق عليها: أنّه تزوّجها محرمًا؛ لأنّ ميمونة صاحبة القصّة وأبا رافعٍ سفيرٌ فيها.
فإذا علمت ذلك، فاعلم أنّ ممّن قال بالنّسخ: أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: ما مات صلّى الله عليه وسلّم حتّى أحلّ الله له النّساء، وأمّ المؤمنين أمّ سلمة رضي الله عنها، قالت: لم يمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أحلّ الله له أن يتزوّج من النّساء ما شاء إلّا ذات محرمٍ.
أمّا عائشة فقد روى عنها ذلك الإمام أحمد والتّرمذيّ وصحّحه والنّسائيّ في سننيهما، والحاكم وصحّحه، وأبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وغيرهم.
وأمّا أمّ سلمة فقد رواه عنها ابن أبي حاتمٍ، كما نقله عنه ابن كثيرٍ وغيره.

ويشهد لذلك ما رواه جماعةٌ عن عبد الله بن شدّادٍ رضي الله عنه: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تزوّج أمّ حبيبة وجويرية رضي الله عنهما بعد نزول: {لا يحلّ لك النّساء}.
قال الألوسيّ في تفسيره: إنّ ذلك أخرجه عنه ابن أبي شيبة وعبد بن حميدٍ وابن أبي حاتمٍ. والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 255-260]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة سبأٍ

سورة سبأٍ
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة سبأٍ
قوله تعالى: {وهل نجازي إلّا الكفور} [سبأ: 17].
هذه الآية الكريمة على كلتا القراءتين -قراءة ضمّ الياء مع فتح الزّاي مبنيًّا للمفعول، مع رفع «الكفور» على أنّه نائب الفاعل، وقراءة «نجازي» بضمّ النّون وكسر الزّاي مبنيًّا للفاعل مع نصب «الكفور» على أنّه مفعولٌ به- تدلّ على خصوص الجزاء بالمبالغين في الكفر.
وقد جاءت آياتٌ أخر تدلّ على عموم الجزاء، كقوله: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ} الآية [الزلزلة: 7].
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجهٍ:
الأوّل: أنّ المعنى: ما نجازي هذا الجزاء الشّديد المستأصل إلّا المبالغ في الكفران.
الثّاني: أنّ ما يفعل بغير الكافر من الجزاء ليس عقابًا في الحقيقة؛ لأنّه تطهيرٌ وتمحيصٌ.
الثّالث: أنّه لا يجازى بجميع الأعمال مع المناقشة التّامّة إلّا الكافر. ويدلّ لهذا قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((من نوقش الحساب فقد هلك))، وأنّه لمّا سألته عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى: {فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا وينقلب إلى أهله مسرورًا} [الانشقاق: 8 - 9]، قال لها: ((ذلك العرض))، وبيّن لها أنّ من نوقش الحساب، لا بدّ أن يهلك.


قوله تعالى: {قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم إن أجري إلّا على الله} الآية [سبأ: 47].
هذه الآية الكريمة تدلّ على أنّه صلّى الله عليه وسلّم لا يسأل أمّته أجرًا على تبليغ ما جاءهم به من خير الدّنيا والآخرة.

ونظيرها قوله تعالى: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86]، وقوله تعالى: {أم تسألهم أجرًا فهم من مغرمٍ مثقلون} في سورة «الطّور» و«القلم»، وقوله تعالى: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إلّا من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلًا} [الفرقان: 57]، وقوله: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إن هو إلّا ذكرى للعالمين} [الآنعام: 90].
وعدم طلب الأجرة على التّبليغ هو شأن الرّسل كلّهم عليهم صلوات الله وسلامه، كما قال تعالى: {اتّبعوا المرسلين اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا} [يس: 20 - 21].

وقال تعالى في سورة «الشّعراء»: {وما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجري إلّا على ربّ العالمين} في قصّة نوحٍ وهودٍ وصالحٍ ولوطٍ وشعيبٍ عليهم وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام.
وقال في سورة «هودٍ» عن نوحٍ: {ويا قوم لا أسألكم عليه مالًا إن أجري إلّا على الله وما أنا بطارد الّذين آمنوا} الآية [هود: 29].
وقال فيها أيضًا عن هودٍ: {يا قوم لا أسألكم عليه أجرًا إن أجري إلّا على الّذي فطرني} [هود: 51]الآية.

وقد جاء في آيةٍ أخرى ما يوهم خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلّا المودّة في القربى} [الشورى: 23].
اعلم أوّلًا: أنّ في قوله تعالى: {إلّا المودّة في القربى} أربعة أقوالٍ:
الأوّل: -ورواه الشّعبيّ وغيره عن ابن عبّاسٍ، وبه قال مجاهدٌ وقتادة وعكرمة وأبو مالكٍ والسّدّيّ والضّحّاك وابن زيدٍ وغيرهم، كما نقله عنهم ابن جريرٍ وغيره- أنّ معنى الآية: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلّا المودّة في القربى} أي: إلّا أن تودّوني في قرابتي الّتي بيني وبينكم، فتكفّوا عنّي أذاكم وتمنعوني من أذى النّاس، كما تمنعون كلّ من بينكم وبينه مثل قرابتي منكم.
وكان صلّى الله عليه وسلّم له في كلّ بطنٍ من قريشٍ رحمٌ، فهذا الّذي سألهم ليس بأجرٍ على التّبليغ؛ لأنّه مبذولٌ لكلّ أحدٍ؛ لأنّ كلّ أحدٍ يودّه أهل قرابته وينتصرون له من أذى النّاس، وقد فعل له ذلك أبو طالبٍ، ولم يكن أجرًا على التّبليغ؛ لأنّه لم يؤمن، وإذا كان لا يسأل أجرًا إلّا هذا الّذي ليس بأجرٍ، تحقّق أنّه لا يسأل أجرًا، كقول النّابغة:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلولٌ من قراع الكتائب
ومثل هذا يسمّيه البلاغيّون: تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ.

وهذا القول هو الصّحيح في الآية، واختاره ابن جريرٍ. وعليه فلا إشكال.
الثّاني: أنّ معنى الآية: {إلّا المودّة في القربى} أي: لا تؤذوا قرابتي وعترتي واحفظوني فيهم.

ويروى هذا القول عن سعيد بن جبيرٍ وعمرو بن شعيبٍ وعليّ بن الحسين. وعليه فلا إشكال أيضًا؛ لأنّ الموادّة بين المسلمين واجبةٌ فيما بينهم، وأحرى قرابةٍ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ} [التوبة: 71].
وفي الحديث: ((مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم كالجسد الواحد، إذا أصيب منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى))، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ((لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه))، والأحاديث في مثل هذا كثيرةٌ جدا. وإذا كان نفس الدّين يوجب هذا بين المسلمين تبيّن أنّه غير عوضٍ عن التّبليغ.
وقال بعض العلماء: الاستثناء منقطعٌ على كلا القولين. وعليه فلا إشكال.
فمعناه على القول الأوّل: لا أسألكم عليه أجرًا، لكن أذكّركم قرابتي فيكم.
وعلى الثّاني: لكن أذكّركم الله في قرابتي فاحفظوني فيهم.
القول الثّالث: وبه قال الحسن: {إلّا المودّة في القربى} أي: إلّا أن تتودّدوا إلى الله وتتقرّبوا إليه بالطّاعة والعمل الصّالح. وعليه فلا إشكال؛ لأنّ التّقرّب إلى الله ليس أجرًا على التّبليغ.
القول الرّابع: {إلّا المودّة في القربى} أي: إلّا أن تتودّدوا إلى قراباتكم وتصلوا أرحامكم. ذكر ابن جريرٍ هذا القول عن عبد الله بن قاسمٍ.
وعليه أيضًا فلا إشكال؛ لأنّ صلة الإنسان رحمه ليست أجرًا على التّبلي.

فقد علمت الصّحيح في تفسير الآية، وظهر لك رفع الإشكال على جميع الأقوال.
وأمّا القول بأنّ قوله تعالى: {إلّا المودّة في القربى}، منسوخٌ بقوله تعالى: {قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم} فهو ضعيفٌ.

والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 261-265]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة فاطرٍ

سورة فاطرٍ
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة فاطرٍ
قوله تعالى: {وما يعمّر من معمّرٍ ولا ينقص من عمره إلّا في كتابٍ} [فاطر: 11].
الضّمير في قوله: {عمره} يظهر رجوعه إلى المعمّر، فيشكل معنى الآية؛ لأنّ المعمّر والمنقوص من عمره ضدّان، فيظهر تنافي الضّمير ومفسّره.
والجواب: أنّ المراد بالمعمّر هنا: جنس المعمّر الّذي هو مطلق الشّخص، فيصدق بالّذي لم ينقص من عمره، وبالّذي نقص من عمره، فصار المعنى: لا يزاد في عمر شخصٍ ولا ينقص من عمر شخصٍ إلّا في كتابٍ.
وهذه المسألة هي المعروفة عند علماء العربيّة بمسألة: عندي درهمٌ ونصفه، أي نصف درهمٍ آخر.
قال ابن كثيرٍ في تفسيره: الضّمير عائدٌ على الجنس لا على العين؛ لأنّ طويل العمر في الكتاب وفي علم الله لا ينقص من عمره، وإنّما عاد الضّمير على الجنس. انتهى منه.


قوله تعالى: {ومكر السّيّئ} [فاطر: 43].
يدلّ على أنّ المكر هنا شيءٌ غير السّيّئ أضيف إلى السّيّئ؛ للزوم المغايرة بين المضاف والمضاف إليه.
وقوله تعالى: {ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله} [فاطر 43] يدلّ على أنّ المراد بالمكر هنا هو السّيّئ بعينه لا شيء آخر، فالتّنافي بين التّركيب الإضافيّ والتّركيب التّقييديّ ظاهرٌ.
والّذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنّ التّحقيق جواز إضافة الشّيء إلى نفسه إذا اختلفت الألفاظ؛ لأنّ المغايرة بين الألفاظ ربّما كفت في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه، كما جزم به ابن جريرٍ في تفسيره في غير هذا الموضع.
ويشير إليه ابن مالكٍ في الخلاصة بقوله:
وإن يكونا مفردين فأضف ... حتمًا وإلّا أتبع الّذي ردف
وأمّا قوله:
ولا يضاف اسمٌ لما به اتّحد ... معنًى وأوّل موهمًا إذا ورد
فالّذي يظهر فيه بعد البحث أنّه لا حاجة إلى تأويله مع كثرته في القرءان واللّغة العربيّة، فالظّاهر أنّه أسلوبٌ من أساليب العربيّة؛ بدليل كثرة وروده، كقوله هنا: {ومكر السّيّئ}، والمكر هو السّيّئ، بدليل قوله: {ولا يحيق المكر السّيّئ} الآية، وكقوله: {والدّار الآخرة} [الأعراف: 169]، والدّار هي الآخرة. وكقوله: {شهر رمضان} [البقرة: 185]، والشّهر هو رمضان، على التّحقيق. وكقوله: {من حبل الوريد} [ق: 16]، والحبل هو الوريد.
ونظيره من كلام العرب قول عنترة في معلّقته:
ومشكّ سابغةٍ هتكت فروجها ... بالسّيف عن حامي الحقيقة معلم
فأصل المشكّ -بالكسر- السّير الّذي تشدّ به الدّرع، ولكنّ عنترة هنا أراد به نفس الدّرع وأضافه إليها، كما هو واضحٌ من كلامه؛ لأنّ الحكم بهتك الفروج واقعٌ على الدّرع لا على السّير الّذي تشدّ به، كما جزم به بعض المحقّقين، وهو ظاهرٌ، خلافًا لظاهر كلام صاحب تاج العروس، فإنّه أورد بيّت عنترة شاهدًا لأنّ المشكّ السّير الّذي تشدّ به الدّرع. بل المشكّ في بيت عنترة هذا -على التّحقيق- هو الدرع السّابغة، وأضيف إليها على ما ذكرنا.

وقول امرئ القيس:

كبكر المقاناة البياض بصفرةٍ ... غذاها نمير الماء غير المحلّل
فالبكر هي المقاناة، على التّحقيق.

وأمّا على ما ذهب إليه ابن مالكٍ فالجواب تأويل المضاف بأنّ المراد به مسمّى المضاف إليه). [دفع إيهام الاضطراب: 266-268]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
دفع, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir