دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:50 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة الضّحى

سورة الضّحى
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الضّحى
قوله تعالى: {ووجدك ضالاًّ فهدى} [الضحى: 7].
هذه الآية الكريمة يوهم ظاهرها أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان ضالاًّ قبل الوحي، مع أنّ قوله تعالى: {فأقم وجهك للدّين حنيفاً فطرت الله الّتي فطر النّاس عليها} [الروم: 30] يدلّ على أنه صلّى الله عليه وسلّم فطر على هذا الدين الحنيف. ومعلومٌ أنه لم يهوّده أبواه ولم ينصّراه ولم يمجّساه، بل لم يزل باقياً على الفطرة حتى بعثه الله رسولاً. ويدلّ لذلك ما ثبت من أنّ أوّل نزول الوحي كان وهو يتعبّد في غار حراءٍ، فذلك التّعبّد قبل نزول الوحي دليلٌ على البقاء على الفطرة.
والجواب: أنّ معنى قوله: {ضالاًّ فهدى} أي: غافلاً عمّا تعلمه الآن من الشرائع وأسرار علوم الدين التي لا تعلم بالفطرة ولا بالعقل، وإنما تعلم بالوحي، فهداك إلى ذلك بما أوحى إليك.

فمعنى الضلال على هذا القول الذّهاب عن العلم.
ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} [البقرة: 282]، وقوله: {لا يضلّ ربّي ولا ينسى} [طه: 52]، وقوله: {قالوا تالله إنّك لفي ضلالك القديم}[يوسف: 95]، وقول الشاعر:
وتظنّ سلمى أنّني أبغي بها ... بدلاً أراها في الضّلال تهيم
ويدلّ لهذا قوله تعالى: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} [الشورى: 52]؛ لأنّ المراد بالإيمان: شرائع دين الاسلام، وقوله: {وإن كنت من قبله لمن الغافلين} [يوسف: 3]، وقوله: {وعلّمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113]، وقوله: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً من ربّك} [القصص: 86].
وقيل: المراد بقوله: {ضالاًّ} ذهابه وهو صغيرٌ في شعاب مكّة، وقيل: ذهابه في سفره إلى الشام. والقول الأول هو الصحيح.

والله تعالى أعلم. ونسبة العلم إلى الله أسلم). [دفع إيهام الاضطراب: 368-369]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة التين

سورة التين
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة التين
قوله تعالى: {وهذا البلد الأمين} [التين: 3].
تقدّم وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد} [البلد: 1].


قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ} [التين: 4].
هذه الآية الكريمة توهم أنّ الإنسان ينكر أنّ ربّه خلقه، لما تقرّر في فنّ المعاني من أنّ خالي الذهن من المتردّد والإنكار لا يؤكّد له الكلام، ويسمّى ذلك ابتدائيًّا. والمتردّد يحسن التوكيد له بمؤكّدٍ واحدٍ، ويسمّى طلبيًّا. والمنكر يجب التّوكيد له بحسب إنكاره، ويسمّى إنكاريًّا.
والله تعالى في هذه الآية أكّد إخباره بأنه خلق الإنسان في أحسن تقويمٍ بأربعة أقسامٍ، وباللام، وبقد، فهي ستّة تأكيداتٍ. وهذا التوكيد يوهم أنّ الإنسان منكرٌ لأنّ ربّه خلقه.

وقد جاءت آياتٌ أخرى صريحةٌ في أنّ الكفار يقرّون بأنّ الله هو خالقهم، وهي قوله: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ الله} [الزخرف: 87].
والجواب من وجهين:
الأول: هو ما حرّره علماء البلاغة من أنّ المقرّ إذا ظهرت عليه أمارة الإنكار، جعل كالمنكر، فأكّد له الخبر، كقول حجل بن نضلة:
جاء شقيقٌ عارضاً رمحه ... إنّ بني عمّك فيهم رماح

فشقيقٌ لا ينكر أنّ في بني عمّه رماحاً، ولكن مجيئه عارضاً رمحه، أي: جاعلاً عرضه جهتهم من غير التفاتٍ، أمارة أنّه يعتقد أن لا رمح فيهم، فأكّد له الخبر.

فإذا حقّقت ذلك، فاعلم أنّ الكفار لمّا أنكروا البعث ظهرت عليهم أمارة إنكار الإيجاد الأول؛ لأنّ من أقرّ بالأول لزمه الإقرار بالثاني؛ لأنّ الإعادة أيسر من البدء، فأكّد لهم الإيجاد الأول.
ويوضّح هذا: أنّ الله بيّن أنه المقصود بقوله: {فما يكذّبك بعد بالدّين} [التين: 7]. أي: ما يحملك أيّها الإنسان على التكذيب بالبعث والجزاء، بعد علمك أنّ الله أوجدك أوّلاً؟ فمن أوجدك أوّلاً قادرٌ على أن يوجدك ثانياً، كما قال تعالى: {قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّةٍ} الآية [يس: 79]، وقال: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده}الآية [الأنبياء: 104]، وقال: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده} الآية [الروم: 27]، وقال: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ} [الحج: 5]، والآيات بمثل هذا كثيرةٌ.

ولذا ذكر تعالى أنّ من أنكر البعث فقد عسى إيجاده الأول، بقوله: {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميمٌ} [يس: 78]، وبقوله: {ويقول الإنسان أإذا ما متّ لسوف أخرج حيًّا * أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً} [مريم: 66-67].

وقال البعض: معنى {فما يكذّبك}: فمن يقدر على تكذيبك يا نبيّ الله بالثواب والعقاب، بعد ما تبيّن له أنّا خلقنا الإنسان على ما وصفنا، وهو في دلالته على ما ذكرنا كالأول؟

فظهرت النّكتة في جعل الابتدائيّ كالإنكاريّ.
الوجه الثاني: أنّ القسم شاملٌ لقوله: {ثمّ رددناه أسفل سافلين} أي: إلى النّار. وهم لا يصدّقون بالنار؛ بدليل قوله تعالى: {هذه النار الّتي كنتم بها تكذّبون} [الطور: 14].
وهذا الوجه في معنى قوله: {أسفل سافلين} أصحّ من القول بأنّ معناه: الهرم والردّ إلى أرذل العمر؛ لكون قوله: {إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ} [التين: 6] أظهر في الأول من الثاني.

وإذا كان القسم شاملاً للإنكاريّ فلا إشكال؛ لأنّ التوكيد منصبٌّ على ذلك الإنكاريّ.

والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 370-372]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة العلق

سورة العلق
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة العلق
قوله تعالى: {ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ} الآية [العلق: 16].
أسند الكذب في هذه الآية الكريمة إلى ناصية هذا الكافر، وهي مقدّم شعر رأسه، مع أنه أسنده في آياتٍ كثيرةٍ إلى غير الناصية، كقوله: {إنّما يفتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون} [النحل: 105].
والجواب ظاهرٌ، وهو: أنه هنا أطلق الناصية وأراد صاحبها، على عادة العرب في إطلاق البعض وإرادة الكلّ. وهو كثيرٌ في كلام العرب، وفي القرآن.

فمن أمثلته في القرآن هذه الآية الكريمة، وقوله تعالى: {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1] يعني: أبا لهبٍ، وقوله: {ذلك بما قدّمت أيديكم} [آل عمران: 182] يعني: بما قدّمتم.

ومن ذلك تسمية العرب الرّقيب عيناً.

وقوله: {خاطئةٍ} لا يعارضه قوله تعالى: {وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به} [الأحزاب: 5]؛ لأنّ الخاطئ هو فاعل الخطيئة أو الخطء -بكسر الخاء- وكلاهما الذّنب، كما بيّنه قوله تعالى: {ممّا خطيآتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً} [نوح: 25]، وقوله: {إنّ قتلهم كان خطئاً كبيراً} [الإسراء: 31].
فالخاطئ: المذنب عمداً، والمخطئ: من صدر منه الفعل من غير قصدٍ، فهو معذورٌ). [دفع إيهام الاضطراب: 373]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة القدر

سورة القدر
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة القدر
قوله تعالى: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 1].
لا تعارض بينه وبين قوله تعالى: {إنّا أنزلناه في ليلةٍ مباركةٍ} [الدخان: 3]؛ لأنّ الليلة المباركة هي ليلة القدر، وهي من رمضان بنصّ قوله تعالى: {شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن} [البقرة: 185].

فما يزعمه كثيرٌ من العلماء من أن الليلة المباركة ليلة النّصف من شعبان تردّه هذه النّصوص القرآنية.
والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 374]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة الزّلزلة

سورة الزّلزلة
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الزّلزلة
قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره* ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} [الزلزلة: 7-8].
هذه الآية الكريمة تقتضي أنّ كلّ إنسانٍ -كافراً كان أو مسلماً- يجازى بالقليل من الخير والشرّ.
وقد جاءت آياتٌ أخر تدلّ على خلاف هذا العموم:

أمّا ما فعله الكافر من الخير، فالآيات تصرّح بإحباطه، كقوله: {أولئك الّذين ليس لهم في الآخرة إلاّ النّار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون} [هود: 16]،وقوله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً} [الفرقان: 23]، وكقوله: {أعمالهم كرمادٍ}الآية [إبراهيم: 18]، وقوله: {أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ} الآية [النور: 39]، إلى غير ذلك من الآيات.

وأمّا ما عمله المسلم من الشرّ، فقد صرّحت الآيات بعدم لزوم مؤاخذته به؛ لاحتمال المغفرة أو لوعد الله بها، كقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]، وقوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيّئاتكم} [النساء: 31]، إلى غير ذلك من الآيات.
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجهٍ:
الأول: أنّ الآية من العامّ المخصوص. والمعنى: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره} إن لم يحبطه الكفر؛ بدليل آيات إحباط الكفر عمل الكفار. {ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} إن لم يغفره الله له؛ بدليل آيات احتمال الغفران والوعد به.
الثاني: أنّ الآية على عمومها، وأنّ الكافر يرى جزاء كلّ عمله الحسن في الدنيا، كما يدلّ عليه قوله تعالى: {نوفّ إليهم أعمالهم فيها}
الآية [هود: 15]، وقوله: {ومن كان يريد حرث الدّنيا} الآية [الشورى: 20]، وقوله تعالى: {ووجد الله عنده فوفّاه حسابه} [النور: 39]، والمؤمن يرى جزاء عمله السّيّئ في الدنيا بالمصائب والأمراض والآلام.
ويدلّ لهذا ما أخرجه الطّبرانيّ في (الأوسط) والبيهقيّ في (الشّعب)، وابن أبي حاتمٍ، وجماعةٌ، عن أنسٍ قال: بينا أبو بكرٍ رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ نزلت عليه: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ} الآية، فرفع أبو بكرٍ يده وقال: يا رسول الله، إنّي لراءٍ ما عملت من مثقال ذرّةٍ من شرٍّ؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((يا أبا بكرٍ، أرأيت ما ترى في الدّنيا ممّا تكره فبمثاقيل ذرّ الشّرّ)) الحديث.
الوجه الثالث: أنّ الآية أيضاً على عمومها، وأنّ معناها: أنّ المؤمن يرى كلّ ما قدّم من خيرٍ وشرٍّ، فيغفر الله له الشرّ ويثيبه بالخير. والكافر يرى كلّ ما قدّم من خيرٍ وشرٍّ، فيحبط ما قدّم من خيرٍ ويجازيه بما فعل من الشرّ). [دفع إيهام الاضطراب: 375-376]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة العاديات

سورة العاديات
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة العاديات
قوله تعالى: {إنّ الإنسان لربّه لكنودٌ * وإنّه على ذلك لشهيدٌ} الآية [العاديات: 6-7].
هذه الآية تدلّ على أنّ الإنسان شاهدٌ على كنود نفسه، أي: مبالغته في الكفر.
وقد جاءت آياتٌ أخر تدلّ على خلاف ذلك، كقوله: {وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً} [الكهف: 104]، وقوله: {ويحسبون أنّهم مهتدون} [الزخرف: 37]، وقوله: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} [الزمر: 47].
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجهٍ:
الأول: أنّ شهادة الإنسان بأنه كنودٌ هي شهادة حاله بظهور كنوده، والحال ربّما تكفي عن المقال.
الثاني: أنّ شهادته على نفسه بذلك يوم القيامة، كما يدلّ له قوله: {وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين} [الأنعام: 130]، وقوله: {فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السّعير} [الملك: 11]، وقوله: {قالوا بلى ولكن حقّت كلمة العذاب على الكافرين} [الزمر: 71].
الوجه الثالث: أنّ الضمير في قوله: {وإنّه على ذلك لشهيدٌ} راجعٌ إلى ربّ الإنسان، المذكور في قوله: {إنّ الإنسان لربّه لكنودٌ}.

وعليه فلا إشكال في الآية، ولكنّ رجوعه إلى الإنسان أظهر؛ بدليل قوله: {وإنّه لحبّ الخير لشديدٌ} [العاديات: 8]

والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 377-378]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة القارعة

سورة القارعة
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة القارعة
قوله تعالى: {وأمّا من خفّت موازينه * فأمّه هاويةٌ} [القارعة: 8-9].
هذه الآية الكريمة تدلّ على أنّ الهاوية وصفٌ لا علمٌ للنّار، إذ تنوينها ينافي كونها اسماً من أسماء النار؛ لأنها على تقدير كونها من أسماء النار يلزم فيها المنع من الصرف للعلميّة والتأنيث.

وقوله تعالى: {وما أدراك ما هيه * نارٌ حاميةٌ} [القارعة: 10-11] يدلّ على أنّ الهاوية من أسماء النار.
اعلم أوّلاً: أنّ في معنى قوله تعالى: {فأمّه هاويةٌ} ثلاثة أوجهٍ للعلماء، اثنان منها لا إشكال في الآية عليهما، والثالث هو الذي فيه الإشكال المذكور.

أما اللذان لا إشكال في الآية عليهما، فالأوّل منهما: أنّ المعنى: {فأمّه هاويةٌ} أي: أمّ رأسه هاويةٌ في قعر جهنّم؛ لأنه يطّرح فيها منكوساً، رأسه أسفل ورجلاه أعلى.

وروي هذا القول عن قتادة وأبي صالحٍ وعكرمة والكلبيّ وغيرهم.

وعلى هذا القول فالضمير في قوله: {وما أدراك ما هيه} عائدٌ إلى محذوفٍ دلّ عليه المقام، أي: أمّ رأسه هاويةٌ في نارٍ، وما أدراك ما هيه، نارٌ حاميةٌ.
والثاني: أنه من قول العرب إذا دعوا على الرجل بالهلكة، قالوا: هوت أمّه؛ لأنه إذا هوى -أي: سقط وهلك- فقد هوت أمّه ثكلاً وحزناً.

ومن هذا المعنى قول كعب بن سعدٍ الغنويّ:

هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا ... وماذا يرد اللّيل حين يؤوب
وهذا القول روايةٌ أخرى عن قتادة.

وعلى هذا القول فالضمير في قوله: {هيه} للداهية التي دلّ عليها الكلام.

وذكر الألوسيّ في تفسيره أنّ صاحب الكشاف قال: إنّ هذا القول أحسن. وأنّ الطّيّبيّ قال: إنّه أظهر، وقال هو: وللبحث فيه مجالٌ.
الثالث: الذي فيه الإشكال، أنّ المعنى: {فأمّه هاويةٌ} أي: مأواه الذي يحيط به وبضمّه هاويةٌ، وهي النار؛ لأنّ الأمّ تؤوي ولدها وتضمّه، والنار تضمّ هذا العاصي، وتكون مأواه.
والجواب على هذا القول: هو ما أشار له الألوسيّ في تفسيره من أنّه نكّر الهاوية في محلّ التعريف لأجل الإشعار بخروجهم عن المعهود؛ للتّفخيم والتهويل، ثم بعد إبهامها لهذه النكتة قرّرها بوصفها الهائل بقوله: {وما أدراك ما هيه * نارٌ حاميةٌ}.
قال مقيّده -عفا الله عنه-: هذا الجواب الذي ذكره الألوسيّ يدخل في حدّ نوعٍ من أنواع البديع المعنويّ، يسمّيه علماء البلاغة: التّجريد.

فحدّ التجريد عندهم: هو أن ينتزع من أمرٍ ذي صفةٍ آخر مثله فيها، مبالغةً في كمالها فيه.

وأقسامه معروفةٌ عند البيانيّين.

فمنه ما يكون التجريد فيه بحرفٍ، نحو قولهم: لي من فلانٍ صديقٌ حميمٌ، أي: بلغ من الصّداقة حدًّا صحّ معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها، مبالغةً في كمالها فيه. وقولهم: لئن سألته لتسألنّ به البحر بالغ في اتّصافه بالسماحة حتى انتزع منه بحراً في السماحة.

ومن التجريد بواسطة الحروف قوله تعالى: {لهم فيها دار الخلد} [فصلت: 28]، وهو أشبه شيءٍ بالآية التي نحن بصددها؛ لأنّ النار هي دار الخلد بعينها، لكنّه انتزع منها داراً أخرى وجعلها معدّةً في جهنّم للكفار؛ تهويلاً لأمرها، ومبالغةً في اتّصافها بالشدّة.

ومن التجريد ما يكون من غير توسّط الحرف، نحو قول قتادة بن سلمة الحنفيّ:

ولئن بقيت لأرحلنّ بغزوةٍ ... تحوي الغنائم أو يموت كريم
يعني: نفسه؛ انتزع من نفسه كريماً، مبالغةً في كرمه.

فإذا عرفت هذا، فالنار سمّيت الهاوية لغاية عمقها، وبعد مهواها؛ فقد روي أنّ داخلها يهوي فيها سبعين خريفاً. وخصّها البعض بالباب الأسفل من النار، فانتزع منها هاويةً أخرى مثلها في شدّة العمق، وبعد المهوى، مبالغةً في عمقها، وبعد مهواها.

والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 379-382]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة العصر

سورة العصر
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة العصر
قوله تعالى: {والعصر * إنّ الإنسان لفي خسرٍ} [العصر: 1-2].
هذه الآية الكريمة يدلّ ظاهرها على أنّ هذا المخبر عنه أنّه في خسرٍ إنسانٌ واحدٌ؛ بدليل إفراد لفظة الإنسان.

واستثنائه من ذلك الإنسان الواحد لفظاً بقوله: {إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [العصر: 3] يقتضي أنه ليس إنساناً واحداً.

والجواب عن هذا: هو أنّ لفظ الإنسان وإن كان واحداً فالألف واللام للاستغراق، يصير المفرد بسببهما صيغة عمومٍ.

وعليه، فمعنى {إنّ الإنسان} أي: إنّ كلّ إنسانٍ؛ لدلالة (ال) الاستغراقية على ذلك.
والعلم عند الله تعالى). [دفع إيهام الاضطراب: 383]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 شوال 1442هـ/30-05-2021م, 06:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سورة الماعون

سورة الماعون
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الماعون
قوله تعالى: {فويلٌ للمصلّين} الآية [الماعون: 4].
هذه الآية يتوهّم منها الجاهل أنّ الله توعّد المصلّين بالويل. وقد جاء في آيةٍ أخرى أنّ عدم الصلاة من أسباب دخول سقر، وهي قوله تعالى: {ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلّين} [المدثر: 42-43].
والجواب عن هذا في غاية الظّهور، وهو: أنّ التّوعّد بالويل منصبٌّ على قوله: {الّذين هم عن صلاتهم ساهون * الّذين هم يرآؤون} الآية [الماعون: 5-6]، وهم المنافقون، على التّحقيق.

وإنّما ذكرنا هذا الجواب مع ضعف الإشكال، وظهور الجواب عنه؛ لأنّ الزّنادقة الذين لا يصلّون يحتجّون لترك الصلاة بهذه الآية.
وقد سمعنا من ثقاتٍ وغيرهم: أنّ رجلاً قال لظالمٍ تاركٍ لصلاةٍ: ما لك لا تصلّي؟ فقال: لأنّ الله توعّد على الصلاة بالويل في قوله: {فويلٌ للمصلّين}. فقال له: اقرأ ما بعدها، فقال: لا حاجة لي فيما بعدها، فيها كفايةٌ في التحذير من الصلاة.

ومن هذا القبيل قول الشاعر:

دع المساجد للعبّاد تسكنها ... وسر إلى حانة الخمّار يسقينا
ما قال ربّك ويلٌ للأولى سكروا ... وإنّما قال ويلٌ للمصلّينا
فإذا كان الله تعالى توعّد بالويل المصلّي الذي هو ساهٍ عن صلاته ويرائي فيها، فكيف بالذي لا يصلّي أصلاً، فالويل كلّ الويل له، وعليه لعائن الله إلى يوم القيامة ما لم يتب). [دفع إيهام الاضطراب: 384-385]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
دفع, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir