سورة الزّمر
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الزّمر
قوله تعالى: {والّذي جاء بالصّدق} [الزمر: 33].
ظاهرٌ في الإفراد.
وقوله: {أولئك هم المتّقون} [الزمر: 33]، يدلّ على خلاف ذلك.
وقد قدّمنا وجه الجمع محرّرًا بشواهده في سورة «البقرة» في الكلام على قوله تعالى: {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا} الآية [البقرة: 17].
قوله تعالى: {قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم} الآية [الزمر: 53].
هذه الآية الكريمة تدلّ على أمرين:
الأوّل: أنّ المسرفين ليس لهم أن يقنطوا من رحمة الله. مع أنّه جاءت آيةٌ تدلّ على خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} [غافر: 43].
والجواب: أنّ الإسراف يكون بالكفر، ويكون بارتكاب المعاصي دون الكفر، فآية: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} [غافر: 43] في الإسراف الّذي هو كفرٌ، وآية: {قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم} في الإسراف بالمعاصي دون الكفر.
ويجاب أيضًا بأنّ آية: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} فيما إذا لم يتوبوا، وأنّ قوله: {قل يا عبادي الّذين أسرفوا} فيما إذا تابوا.
والأمر الثّاني: أنّها دلّت على غفران جميع الذّنوب.
مع أنّه دلّت آياتٌ أخر على أنّ من الذّنوب ما لا يغفر، وهو الشّرك بالله تعالى.
والجواب: أنّ آية: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} [النساء: 48]، مخصّصةٌ لهذه.
وقال بعض العلماء: هذه مقيّدةٌ بالتّوبة؛ بدليل قوله تعالى: {وأنيبوا إلى ربّكم}[الزمر: 54]، فإنّه عطف على قوله: {لا تقنطوا}، وعليه فلا إشكال. وهو اختيار ابن كثيرٍ). [دفع إيهام الاضطراب: 272-273]