فتوح اليمن:
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد بشّر أصحابه بفتح اليمن في غير ما حديث، ووقع ما بشّر به النبي صلى الله عليه وسلم في عهده:
- قال إسماعيل بن أبي خالد البجلي: حدثنا قيس، عن خباب بن الأرت، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟
قال: «كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون». رواه أحمد والبخاري في صحيحه.
- وقال معتمر بن سليمان: سمعت عوفاً قال: سمعت ميموناً، يحدث عن البراء بن عازب قال: لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفر الخندق عرض لنا فيه حجر لا يأخذ فيه المعول؛ فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى ثوبه، وأخذ المعول وقال: «بسم الله » فضرب ضربة؛ فكسر ثلث الصخرة
قال: «الله أكبر، أعطيت مفاتح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحُمْر الآن من مكاني هذا».
قال: ثم ضرب أخرى وقال: «بسم الله » وكسر ثلثاً آخر، وقال: «الله أكبر، أعطيت مفاتح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن».
ثم ضرب الثالثة، وقال: «بسم الله» فقطع الحجر، قال: «الله أكبر، أعطيت مفاتح اليمن، والله إني لأبصر باب صنعاء» رواه أحمد وابن أبي شيبة والنسائي في السنن الكبرى والسياق له.
- وقال مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشأم، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون». رواه البخاري ومسلم.
وقد أسلمت أكثر قبائل اليمن طوعاً بعد فتح مكة ودخلوا في دين الله أفواجاً كما دخلت كثير من قبائل العرب، وأرسلوا وفودهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتمنّعت بعض القبائل مع إسلام بعض أفرادها؛ فبعث النبي صلى الله عليه سراياه إلى اليمن، وكان ممن بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى الإسلام وقتال الممتنعين: خالد بن الوليد، وعلي بن أبي طالب، وجرير بن عبد الله البجلي، وغيرهم.
وكان خالد من أوّل من بُعث إلى اليمن؛ فمكث أشهراً غزا فيها وقاتل وغنم، ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب، وعقد له لواءً على سرية وأمره بالرفق بهم، وأن لا يبدأهم بقتال حتى يقاتلوه، وأن يدعوهم إلى الإسلام؛ ففتح الله لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فكانت القبيلة تسلم بأسرها طواعيةً، ولم يلبث إلا يسيراً حتى فتح الله اليمن كلها.
- قال إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق: حدثني أبي، عن أبي إسحاق، سمعت البراء رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليمن،
قال: ثم بعث علياً بعد ذلك مكانه فقال: «مُرْ أصحاب خالد، من شاء منهم أن يعقّب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل»
فكنت فيمن عقّب معه، قال: (فغنمت أواقيَ ذوات عدد). رواه البخاري في صحيحه.
ورواه الروياني في مسنده والبيهقي في السنن الكبرى ودلائل النبوة من طرق عن إبراهيم بن يوسف وفيه: قال البراء: (فكنتُ ممن عقب معه، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلّى بنا عليُّ رضي الله عنه وصفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعاً، فكتب عليّ رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خرَّ ساجداً، ثم رفع رأسه فقال: (السلام على همدان، السلام على همدان).
قال أبو بكر البيهقي: (أخرج البخاري صدر هذا الحديث، عن أحمد بن عثمان، عن شريح بن مسلمة، عن إبراهيم بن يوسف، فلم يسقه بتمامه، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه).
- وقال الفضل بن دكين: حدثنا أبان بن عبد الله البجلي، قال: حدثني إبراهيم بن جرير، عن جرير، قال: (إن نبي الله بعثني إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم، فإذا قالوا: لا إله إلا الله، حرمت عليكم أموالهم ودماؤهم). رواه ابن أبي شيبة.