سورة النحل
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ): (سورة النحل:
أقول: وجه وضعها بعد سورة الحجر: أن آخرها شديد الالتئام بأول هذه؛ فإن قوله في آخر تلك: {واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين}"الحجر: 99" الذي هو مفسر بالموت، ظاهر المناسبة لقوله هنا: {أتى أمر اللّه}"1"، وانظر كيف جاء في المقدّمة بـ {يأتيك اليقين} [بلفظ المضارع]، وفي المتأخرة بلفظ الماضي؛ لأن المستقبل سابق على الماضي، كما تقرر في المعقول والعربية.
ثم ظهر لي أن هذه السورة شديدة الاعتلاق بسورة إبراهيم؛ وإنما تأخرت عنها لمناسبة الحجر، في كونها من ذوات {الر} .
وذلك: أن سورة إبراهيم وقع فيها ذكر فتنة الميت، ومن هو مثبت وغيره، وذلك أيضًا في هذه بقوله: {الّذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} "28" الآيات، فذكر الفتنة، وما يحصل عندها من الثبات والإضلال، وذكر هنا ما يحصل عقب ذلك من النعيم والعذاب.
ووقع في سورة إبراهيم: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}"إبراهيم: 46"، و [قد] قيل: إنها في الجبار الذي أراد أن يصعد السماء بالنسور، ووقع هنا أيضًا في قوله: {قد مكر الّذين من قبلهم} "26".
ووقع في سورة إبراهيم ذكر النعم، وقال عقبها: {وإن تعدّوا نعمت اللّه لا تحصوها} "إبراهيم: 34"، ووقع هنا ذكر ذلك معقّبًا بمثل ذلك). [تناسق الدرر: ؟؟]