دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > أصول التفسير البياني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 8 رمضان 1441هـ/30-04-2020م, 04:29 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي

(2) التعريف بالتفسير البياني:
التفسير البياني هو التفسير الذي يُعنى فيه بالكشف عن حسن التعبير القرآني، والتعريف بسمو ألفاظه، وسعة معانيه، وائتلافها وعدم اختلافها، وتناسب الألفاظ والمعاني، واستخراج الحكم من اختيار بعض المفردات والتراكيب والأساليب على بعض.
والعناية ببيان القرآن مزامنة لنزوله؛ فمنذ أن نزل القرآن وهو يبهر العرب بحسن بيانه، وسموّ ألفاظه واتساقها، وسعة معانيه، وحسن دلالاته.
وذلك أن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وقد بعث إلى قوم بلغوا منزلة عالية في العناية بلسانهم العربي وتفننهم في الخطاب؛ فكانوا يدركون بما يعرفون من فنون الخطاب من معاني القرآن ودلائله ما لا يتحصّل لمن بعدهم إلا بكثير من الدراسة والتعلّم.
وأخبارهم في ذلك كثيرة مشتهرة.
قال عكرمة مولى ابن عباس: (جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: اقرأ علي، فقرأ عليه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}.
قال: أعد، فأعاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: « والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما يقول هذا بشر»). رواه البيهقي في دلائل النبوة من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة، وهذا إسناد جيد مع إرساله فإنّ عكرمة كان من علماء التابعين في السير مع تقدّمه في التفسير، وأصل هذه الحادثة مشهور عند علماء السير.
وقد فسّرت الطلاوة بالحسن والبهجة والوضاءة.

- وذكر جماعة من العلماء أنّ أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيّا} فأقسم أنّه لا يقوله بشر.
وذلك أنّ أهل كلّ صنعة أدرى بحدود ما يبلغه البشر في تلك الصنعة؛ فإذا رأوا أمراً خارقاً للعادة في تلك الصنعة انبهروا له، ودهشوا منه.
وضعيف الملًكة في تلك الصنعة لا يدرك ما يدركه أهلها وحذاقها.
ونحن قد نقرأ بعض الآيات مراراً ولا نُدرك كثيراً مما فيها من حسن البيان لقصور الآلة العلمية وضعف الملكة، ومن أدرك شيئاً منها فبمبلغه من المعرفة والفطنة والإدراك والذوق.
ولفهم ذلك انظر إلى ما يقابله كحال من لا يحسن النحو إذا سمع خطبة من خطيب كثير اللحن؛ فإنه لا يتفطن للحنه، وربما تأثر بخطبته واعتقد في الخطيب من الكمال وحسن الخطابة ما ليس له بأهل؛ لأن المعرفة إذا ضعفت ضعفت أدوات التقويم فيها.
وكذلك من لا يحسن معرفة الشعر إذا سمع قصيدة فيها إخلال بالوزن والقافية فإنها ربما اعتقد فيها الصحة والجزالة؛ فإذا تعلّم الشعر والعروض والنحو عرف ما في القصيدة من خلل، وما في الخطبة من لحن.
ويقال نظير ذلك في إدراك جوانب الإجادة والإحسان إذا كانت القصيدة حسنة بديعة والخطبة جيدة بليغة.
وكذلك الذين أحرزوا حظا من المعرفة وكانت لهم ملكة جيّدة في علوم التفسير واللغة يتفاوتون في معارفهم وملَكاتهم، فيتفاوت إدراكهم للطائف البيان القرآني تفاوتاً كثيراً.
- قال أبو منصور الأزهري: (نزلَ القرآنُ الكريمُ والمخاطَبون بِهِ قومٌ عَرَبٌ، أولو بَيانٍ فاضلٍ، وفهمٍ بارع، أنزلهُ جَلّ ذِكْره بلسانهم، وَصِيغَة كَلَامهم الَّذِي نشؤوا عَلَيْهِ، وجُبِلوا على النُّطْق بِهِ، فتدَرّبوا بِهِ يعْرفُونَ وُجُوه خطابه، ويفهمون فنون نظامه، وَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تعلُّم مُشْكِلِه وغريب أَلْفَاظه حاجةَ المولَّدين الناشئين فِيمَن لَا يعلم لسانَ الْعَرَب حَتَّى يُعَلَّمَه، وَلا يَفهم ضُروبه وَأَمْثَالَه، وطُرَقه وأساليبَه حتّى يُفَهَّمَها)ا.هـ.

والعرب الذي عاصروا التنزيل لم يكونوا على مرتبة واحدة في العربية؛ بل كان بعضهم أعرب من بعض، ولأفذاذ منهم مزيد عناية وتقدّم في علوم العربية، وكانوا يتعلمون فنون الخطاب بما يناسب أحوالهم.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir