المجموعة الثانية:
س1: اشرح قول المؤلف: (والعامي من الموحدين يغلب ألفا من علماء هؤلاء المشركين).
أن العامي الموحد هو الذي ليس عنده علم بدقائق العلوم , فليس لديه أهلية ولا أرضية يبني عليها , لكنه صاحب الفطرة السليمة والمحكمات المستقيمة، فهو من اعتقد وأقر يقينا بأنواع التوحيد الثلاثة ( الألوهية – الربوبية – الأسماء والصفات) , فيعرف معنى لا إله إلا الله ويعرف مقتضاها, فكانت هذه المقومات بمثابة السلاح في القدرة على رد شبهات المشركين ، الذين كانوا لا يقرون إلا بتوحيد الربوبية فقط , و حتى أن إقرارهم بتوحيد الربوبية كان مجملا لا تفصيلا .
س2: اذكر الآية الدالة على أن كلام الله تعالى لا يتناقض.
قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيْهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}.
س3: ما المراد بالشرك في قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}؟
المراد بالشرك بهذه الآية كان على قولين بين أهل العلم:
- أن الشرك بهذه الآية يشمل الشرك الأكبر والأصغر , فكلمة { يشرك } جاءت نكرة في سياق النفي فتفيد العموم , فيعم الشرك بنوعيه ( الأكبر والأصغر), فمن مات دون أن يتوب لله تعالى مصرا على الشرك فلن يغفر له , فكانت الآية دليلا على أن الشرك الأكبر والأصغر لا يقع تحت المشيئة.
- وقال آخرون : أن قوله تعالى :{ لا يغفر أن يشرك به } دال على العموم , لكنه عموم مراد به خصوص الشرك الأكبر فقط دون غيره ,وأما ما دون الشرك الأكبر فإنه يكون داخلا تحت المشيئة .
س4: هل يقع من لديه علوم وحجج في الشرك؟
قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِنَ العِلْمِ وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}.
هناك من لديه الكثير من العلوم المختلفة والفنون المتنوعة كالفقه والحديث والتفسير وغيرها من العلوم , وعلمهم إما من جهة الإلهيات قال تعالى : {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً}، أو من جهة الشرعيات قال تعالى : {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}, فهذه العلوم قد توقعه بالشرك , كأن ينافح عن الشرك , ويبذل الوسع في الرد على أهل التوحيد , والتلبيس والتدليس على الناس وإضلالهم , وعنده من الحجج التي يجادل بها أهل الحق , والعبرة بالعلوم النافعة , فعلومهم ضارة وليست نافعة, كما هو الحال عند داود بن جرجيس صنف كتابا سماه: (صلح الإخوان) نقل فيه عن شيخ الإسلام وابن القيم نقولا، ونقل عن أقوال المفسرين وأقوال كثير من العلماء.
س5: اذكر الشبهة الأولى التي احتج بها المشركون وبيّن جوابها.
الشبهة الأولى :
قَولُهُم: نَحْنُ لا نُشْرِكُ بِاللهِ شيئاً، بَلْ نَشْهَدُ أنَّهُ لا يَخْلُقُ وَلا يَرْزُقُ ولا يحُيْي ولا يُمِيْتُ وَلا يُدَبِّرُ الأمْرَ وَلا يَنْفعُ ولا يَضُرُّ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعاً وَلا ضَرّاً، فَضْلاً عن عَبْدِ القَادِرِ أَوْ غَيْرِهِ.
وَلَكِنْ أَنا مُذْنِبٌ، وَالصَّالِحُونَ لَهُم جاهٌ عِنْدَ اللهِ، وَأَطْلُبُ مِنَ اللهِ بِهِمْ.
و جوابها كما قال الشيخ محمد عبد الوهاب – رحمه الله - : قال: (فجاوبه بما تقدم وهو: أن الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقرون بما ذكرت، ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة، واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه ووضحه).
- إن توحيد الربوبية : هو إفراد اله تعالى بأفعاله , الخلق , والرزق , والتدبير والملك .
وضده شرك الربوبية , اعتقاد شريك لله في أفعاله, قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}
وكان مشركو قريش يقرون بأصل توحيد الربوبية , كما قال تعالى :{ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}.
- وأما توحيد الألوهية : إفراد الله تعالى بأفعال العباد , قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }.
وضده شرك الألوهية : صرف العباد لغير الله تعالى , قال تعالى : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}.
ولم يكن مشركو قريش مقرون بتوحيد الألوهية , فصرفوا العبادة لغير الله تعالى , وعبدوا الأوثان لتقربهم إلى الله زلفى , كما قال تعالى : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} . فاتخذوا أوثانهم وسائط بينهم وبين الله , فقال تعالى : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
الله كفرهم بشركهم في الإلهية, فهذه الحالة التي كان عليها المشركون , لم تعصم دماءهم , ولا نساءهم ولا أموالهم , فقاتلهم النبي عليه الصلاة والسلام , وهكذا هي أيضا حال المشركون في العصور من بعدهم .
- إن حقيقة كلمة التوحيد : لا إله إلا الله , أي لا معبود بحق إلا الله , قالَ تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هفُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}.
فكان هناك من فسر معنى الإله :
* هو القادر على الاختراع.
* هو المستغني عما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه.
* المتحير في حقيقته.
فأخرجوا معنى العبودية من كلمة التوحيد , ففسروا الألوهية بالربوبية .
فكان قولهم : ( لا نشرك بالله ) حسب اعتقادهم الفاسد أن الشرك في الربوبية وليس في الألوهية, وهذا باطل.