بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال الأول:
ما حكم طلب العلم؟
حكم طلب العلم على قسمين:
فرض عين.
فرض كفائي.
أما الأول فهو تعلم ما لا يسع المسلم جهله, وهذا كما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى:"يجب أن يَطلُبَ من العلم ما يقُوم به دينُه؛ قيل له: مثل أي شيء؟ قال: الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه ونحو ذلك".
ككيفية الوضوء للصلاة والغسل الواجب, وطريقة إقامة الصلاة كما وردت عن الرسول عليه الصلاة والسلام, كذلك تعلم ما يقوم به دينه من معرفة الحلال والحرام في الأمور اليومية التي تصادفه.
وقد يكون بعض العلم فرض عين بالنسبة لشخص ولا يكون كذلك بالنسبة لآخر, فمن ملك النصاب في ماله مثلا وحال عليه الحول, وجب عليه معرفة ما عليه من زكاة في أمواله, كذلك التاجر عليه تعلم الأحكام المتعلقة بالبيع والشراء والصحة والفساد بالنسبة للعقود وغيره مما يلزمه لتوخي الحرام في مهنته, لكن لغيره ممن لا يمارس التجارة والبيع يكون تعلم هذه التفاصيل ليس على وجه الوجوب.
أما ما تعلمه فرض على الكفاية, فهو ما لا يجب على الجميع عينا, فإن تعلمه البعض سقط عن الباقي, لكن إن خلت الأمة منه أثم الجميع.
مثل تعلم علم الفرائض والحدود وتوزيع الغنائم وغيره من العلوم التي تحتاج الأمة لها ولا يجوز خلوها ممن يتقنها ويفتي للناس بها.
كما قال سفيان بن عُيَينة: "طلب العلم والجهاد فريضة على جماعتهم، ويُجزئ فيه بعضهم عن بعض، وتلا هذه الآية: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لعلهم يَحذَرُون".
السؤال الثاني:
بين عناية السلف الصالح بطلب العلم.
لما أدرك السلف الصالح أهمية طلب العلم وفضله وعظم الأجور المترتبة على هذا, جعلوا الدنيا وراء ظهورهم وشمروا السواعد وسلكوا الطريق الذي أخبرهم نبيهم عليه الصلاة والسلام عنه بأنه طريق يسهل الله به طريقا إلى الجنة, وصبروا على ما كان فيه من مشاق ومصاعب.
وجاءت عنهم عبارات وأقوال كثيرة تؤكد هذا المعنى, كما ورد عن الزهري رحمه الله تعالى أنه قال:"ما عًبد الله بمثل الفقه".
وقال سفيان الثوري: "ما أعلم عملًا أفضل من طلب العلم وحفظه لمن أراد الله به خيرًا"
وإنما كان هذا لأن عبادة الله عز وجل لا تصح بدون علم, فالعقول قاصرة عن إدراك هذا.
فمن عبد الله عز وجل عن جهل كان كالضالين النصارى الذين جهلوا فابتدعوا وجاؤوا بما لم يأذن به الله.
ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:"طلب العلم لا يعدله شيئ لمن صحت نيته".
وونقل النووي في المجموع اتفاق السلف على أن الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغال بنوافل الصوم، والصلاة، والتسبيح ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن.
وبناء على إدراكهم هذه الحقيقة, صنفوا وألفوا عن فضل العلم وأهميته وكيفية طلبه وشروطه وآداب الطالب مع نفسه وشيخه وفي مجلس العلم, وغيره الكثير.
وقد أفرد الإمام البخاري في صحيحه كتاب العلم وضمنه بابًا في فضل العلم، وكذلك فعل الإمام مسلم، وكتب ابن رجب رحمه الله تعالى "فضل علم السلف على علم الخلف", وكتب ابن عبد البر "جامع بيان العلم وفضله"، وغيرهم كثير ممن أفرد للموضوع كتابا مستقلا أو ضمنه لكتاب ألفه, وهذا إن دل على شيئ, فيدل على عظم شأن طلب العلم وفقه السلف الذي حملهم على العناية به عناية كاملة شاملة فحفظوه ونقلوه لمن بعدهم وخير شاهد على هذا اننا اليوم وبعد قرون متطاولة إنما نتعلم العلم مما ورّثوه لنا من العلم رواية ودراية، فعنهم نتلقى مسائل الاعتقاد، والفقه ومعرفة صحيح الحديث من ضعيفه وغير ذلك من مهمات المسائل.
ولا توجد أمة من الأمم اعتنت بتعلم أحكام دينها كعناية هذه الأمة المباركة؛ التي هي خير أمة أخرجت للناس، فإنها قد بلغت فيه غاية لم تبلغها أمة من الأمم قبلها، واختصها الله فيه بخصائص لم تُعط لأمة قبلها.
السؤال الثالث:
اذكر بعض الأمثلة للعلوم التي لا تنفع وبيّن خطر الاشتغال بها وضرر تعلّمها بإيجاز.
العلوم التي لا تنفع متعددة تحيط بنا من كل جهة, وأصبح الوصول إليها سهل يسير مما زاد من خطر الإشتغال بها,
فمنها: السحر والكهانة والتنجيم وعلم الكلام والفلسفة وما جاء من الأديان الوثنية القديمة في طرق تطوير الذات ومعالجة النفس وغيرها من الخرافات والأكاذيب.
وقد حذر العلماء من خطر تعلمها والإشتغال بها, فهذا مما تذهب معه الأوقات التي هي رأس مال المسلم, كما يذهب معه دين المرء أو يكون سببا لدخول الشبهات إلى قلبه, خاصة إن لم يكن معه علم كاف لرد الشبهات ولا إيمان قوي لرد الشهوات, فيعرض نفسه للفتنة من حيث لا يدري خاصة إن المروجين لهذه العلوم يزينون ما معهم من باطل ويلبسونه ثياب الحق ليرغب فيه الناس وتقبل عليه القلوب ظنا منها إن ما تراه حقا لا ضرر منه. فإن تمكن منهم فلا سبيل للنجاة منه.