دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > أصول التفسير البياني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #10  
قديم 10 رمضان 1441هـ/2-05-2020م, 12:51 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي الدرس الثاني: دلالات المفردات اللغوية

أمثلة من أقوال المفسرين في بيان معاني المفردات

المثال الأول: معنى الإلّ في قول الله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً}
- قال محمد الأمين الشنقيطي(ت:1393هـ): (اعلموا أن المراد بـ (الإلّ) هنا فيه لعلماء التفسير أقوالٌ متقاربة:
القول الأول: قال بعض العلماء: (الإلُّ) اسم الله بالعبرانية. واستأنسوا لهذا ببعض القراءات الشاذة: (لا يرقبوا فيكم إِيْلاً ولا ذمة) والإيل من أسماء الله بالعبرية. فجبرائيل معناه: عبد الله، وإسرافيل: عبد الله، وإسرائيل: عبد الله. وهذا القول قال به جماعة من العلماء، أن (الإيل والإلّ) تطلق على الله، ومعروفٌ في قصة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) أنه لما جاءه قوم من أصحاب مسيلمة الكذَّاب وقال لهم: اقرؤوا علي مما يدّعي أنه ينزل عليه. فقرءوا عليه شيئاً مِنْ تُرَّهَاتٍ مسيلمة الكذَّاب، فقال: أنتم تعلمون أن هذا لم يخرج من إلّ، أن هذا كلام لم يصدر من الله. وعلى هذا القول فالمراد: إن يظهروا عليكم ويغلبوكم لا يراقبوا فيكم الله، ولا يراعوا فيكم الله، ولا العهود. هذا قال به قوم.

القول الثاني: وقالت جماعات من العلماء: (الإلّ) هنا المراد به القرابة، أي: لا يراعون فيكم قرابة، بل يقتلونكم وإن كنتم من قراباتهم. وبهذا قال جماعات من علماء التفسير، وإطلاق الإلِّ على القرابة
معنى معروف في كلام العرب مشهور، ومنه قول تميم بن مقبل:
أَفْسَدَ النَّاسَ خُلُوفٌ خَلَفُوا ... قَطَّعُوا الإِلَّ وأَعْرَاقَ الرَّحِمْ
أي: قطعوا القرابات ولم يصلوها، ومنه بهذا المعنى قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
لَعَمْرُكَ إنَّ إلَّكَ في قُرَيْشٍ ... كَإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رأْلِ النَّعَامِ

يعني: إنّ قرابتك في قريش كذب كقرابة السقب الذي هو الحوار -أعني ولد الناقة- من رألِ النعام، ولا قرابة بين أولاد الإبل وأولاد النعام، ومن هذا المعنى قول يزيد بن مفرغ الحميري في شعره الذي ينفي به نسب زياد بن أبيه عن قريش، ويعاتب معاوية في استلحاقه له؛ لما كان بينه وبين عبّاد بن زياد من العداوة، وما أهانه به عبّاد بن زياد كما هو معروف، قال يزيد بن مفرّغ الحميريُّ في ذلك أبياته المشهورة التي يقول فيها:

ألاَ أبْلِغْ معاويةَ بْنَ حَرْبٍ ... مُغَلْغَلَة مِنَ الرَّجُلِ اليَمَانِي
أَتَغْضَب أن يُقالَ أَبُوكَ عَفٌّ ... وَتَرْضَى أَنْ يُقَالَ أَبُوكَ زَانِي

إلى أن قال في ابن زياد:
فَأَشْهَدُ أَنَّ إِلَّكَ مِنْ قُرَيْشٍ ... كَإِلِّ الفيلِ مِنْ وَلَدِ الأَتَانِ

أَيْ: إِنَّ قَرَابَتَكَ فِي قُرَيْش، وهذا معنى معروف في كلام العرب، وعلى هذا القول {لاَ يَرْقُبُواْ} أي: لا يُرَاعُون ولا يحْفَظُون فيكم {إِلاًّ} أي: قرابة {وَلاَ ذِمَّةً} أي: لا قرابة ولا عهداً.

القول الثالث: وقال بعض العلماء: الإلّ هو الحِلْفُ، فالعَرَبُ تقول: بَيْنِي وبين فلانٌ إِلٌّ: إذا كان بَيْنَكُمَا حِلْفٌ.
قالوا: واشتقاق (الإِلُّ) أنهم كانوا إذا تَحَالَفُوا وتَمَاسَحُوا بالأَيْدِي عند الحلف رفعوا أصواتهم، والعرب تقول: «ألَّ، يَؤُلُّ» إِذَا صَرَخَ ورَفَعَ صوته، ومنه: أَلِيلُ المَرِيضِ؛ أي: أَنِينُ المَرِيضِ المُرْتَفِع، والعرب تقول: «دعت الجارية أَلَلَيْهَا» إذا وَلْوَلَتْ؛ لأن الأليل صراخٌ وصوت.
ومن قولهم: دَعَتِ الجارية ألليها إذا وَلْوَلَتْ قَولُ الكميت:
وأنتَ ما أنت في غَبْراءَ مُظْلمةٍ ... إذا دَعَتْ أَلَلَيْها الكَاعِبُ الفُضُلُ

القول الرابع: وقال قومٌ آخرون: إن (الإلّ) معناه العهد. وعلى هذا القول فهو شيءٌ معطوف على نفسه باختلاف اللفظين، وقد قدّمنا في هذه الدروس مراراً أن عطف الشيء على نفسه بلفظين مختلفين أنه أسلوبٌ عربي معروف؛ لأن المغايرة في اللفظ ربما نزلتها العرب كمغايرة المعنى.
وهذا الأسلوب في اللغة العربية وفي القرآن، فمن أشهر أمثلته في القرآن قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)} لأن (الذي) و (الذي) كلها واقعة على شيء واحد هو الله (جلّ وعلا)، إلا أنه لما اختلفت الألفاظ صار العطف بسبب اختلافها، وهو أسلوب معروف في العربية، ومن شواهده المشهورة قول الشاعر:
إلى المَلِكِ القَرْمِ وابْنِ الهُمَامِ ... ولَيْثِ الكَتِيبَةِ فِي المُزْدَحَم
وهو كثير في كلام العرب، ومما أنشده له صاحب اللسان قول الشاعر:
إِنِّي لأعظم في صدر الكَميِّ على ... ما كان في زَمَنِ التَّجْدِيرِ والقِصَرِ
وقول عنترة في معلقته:
حُيِّيتَ من طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ ... أَقْوَى وأَقْفَرَ بَعْدَ أُمّ الهَيْثَمِ
لأن (الإقواء) و (الإقفار) معناهما واحد. و (التجدير) و (القصر) معناهما واحد.

واختار كبير المفسرين أبو جعفر بن جرير الطبري -رحمه الله- أن هذه المعاني كلها يجب حمل (الإلِّ) عليها؛ لأنه شاملٌ لِلْعَهْدِ، والقرابة، والحِلْف؛ أي: لا يُرَاعُونَ فِيكُمْ عَهْداً، ولا قرابة، ولا حِلْفاً، ولا يُرَاعُونَ اللهَ فِيكُمْ.
وهَذَا الذي ذهب إليه هو مِنْ حَمْلِ المُشْتَركِ على مَعَانيه، وحمل المشترك على معنييه أو معانيه مما اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَماء الأصُول، والذي حَرَّرَهُ المحققون من أصوليّي أصحاب المذاهب الأربعة هو جواز حمل المشترك على مَعْنَيَيْهِ أو معانيه، فيجوز أن تقول مثلاً: عدا اللصوص البارحة على عين زيد، تعني: أنهم عَوَّروا عَيْنَهُ الباصرة، وغَوَّروا عينه الجارية، وسَرقوا عينه التي هي ذهبه وفِضَّتُه؛ فتحمله على الجميع إذا قَصَدْتَ ذَلِكَ، وكان في كلامه ما يَدُلُّ عَلَيْهِ، وهذا معنى قوله: {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً}).
[/color][/size][/font]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir