فصل في الاستعاذة
ذكر ابن كثير : ثلاث آيات في القرآن أمرت لمصارعة العدو الإنسي والإحسان إليه ، وأمرت بالاستعانة من العدو الشيطاني .
وعند الجمهور أن الاستعاذة قبل التلاوة تكون لدفع الوسواس فيها، وذلك فيما رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبر قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ، ويقول : لا إله إلا الله - ثلاثا ، ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفسه
وهمزه : الموتة ، نفخه : الكبر ، نفسه : الشعر
وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة وليست محتمة
والاستعاذة : هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر ، أما اللياذ فهو لطلب جلب الخير
معنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : أستجير بجناب الله من الشيطان أن يضرني في ديني أو دنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرت به ، أو يحثني فعل ما نهيت عنه
والشيطان لغة : من شطن أي بعد ، ومن شاط : أي احترق وكلاهما صحيح والأول أصح
والرجيم : بمعنى مفهوم أي مرحوم مطرود من رحمة الله
وقيل رجيم بمعنى راجم : لأنه يرجم الناس بالوسواس
في معنى ( إياك نعبد وإياك نستعين)
العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة كما ذكره السعدي وقال الأشقر : هي تجمع كمال المحبة والخضوع والخوف
وهي عند ابن كثير : توحيد الله والخوف منه ورجاؤه سبحانه
وقدم المفعول وكرر للاهتمام والحصر كما ذكره ابن كثير ووافقه السعدي وقال : للحصر ونفي الحكم للمذكور ونفيه عما عداه - الحصر ،و زاد فقال : وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص ، واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده ، وبهذا قال ابن كثير أن العبادة هي المقصودة وهي الأهم والاستعانة وسيلة إليها
وقال في زيدة التفسير أن النون للتعظيم ، ووجه هذا ابن كثير فقال : العبد إذا كان في العبادة فله شرفه وواجهته فيحق له أن يقول بنون التعظيم ، أما خارج العبادة فلا .
وزاد أنها للجمع فهي تعبير عن جنس العباد والمصلي فرد
وقد سمى الله رسوله بعبده في أشرف مقاماته - ليلة الاسراء والمعراج - ( سبحان الذي أسرى بعبده - ، وأرشده إلى القيام بالعبادة في أوقات يضيق صدره من تكذيب المخالفين ، ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )
ويرى ابن كثير - رحمه الله - كون العبادة لله عز وجل لا ينافي أن يطلب معها ثوابا ولا أن يدفع عذابا