8/1363 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ)). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ.
(وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ).
فِيهِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ تَسْلِيمُ الْوَاحِدِ عَن الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا.
قَالَ النَّوَوِيُّ: يُسْتَثْنَى مِن العُمُومِ بِابْتِدَاءِ السَّلامِ مَنْ كَانَ يَأْكُلُ، أَوْ يَشْرَبُ، أَوْ يُجَامِعُ، أَوْ كَانَ فِي الْخَلاءِ، أَوْ فِي الْحَمَّامِ، أَوْ نَائِماً، أَوْ نَاعِساً، أَوْ مُصَلِّياً، أَوْ مُؤَذِّناً مَا دَامَ مُتَلَبِّساً بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، إلاَّ أَنَّ السَّلامَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ إنَّمَا كُرِهَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إزَارٌ، وَإِلاَّ فَلا كَرَاهَةَ.
وَأَمَّا السَّلامُ حَالَ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ، فَيُكْرَهُ لِلأَمْرِ بِالإِنْصَاتِ، فَلَوْ سَلَّمَ لَمْ يَجِب الرَّدُّ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ قَالَ: الإِنْصَاتُ وَاجِبٌ، وَيَجِبُ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا الْمُشْتَغِلُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: الأَوْلَى تَرْكُ السَّلامِ عَلَيْهِ، فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدٌ كَفَاهُ الرَّدُّ بِالإِشَارَةِ، وَإِنْ رَدَّ لَفْظاً اسْتَأْنَفَ الاسْتِعَاذَةَ وَقَرَأَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلامُ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ.
وَيُنْدَبُ السَّلامُ عَلَى مَنْ دَخَلَ بَيْتاً، وإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} الآيَةَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَابْنُ أبي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " يُسْتَحَبُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ: السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ "، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.
فَإِنْ ظَنَّ الْمَارُّ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَاعِدِ لا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَتْرُكُ ظَنَّهُ وَيُسَلِّمُ، فَلَعَلَّ ظَنَّهُ يُخْطِئُ، وإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ سَلامَهُ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لا يَرُدُّ عَلَيْهِ؛ لأَنَّهُ يَكُونُ سَبَباً لِتَأْثِيمِ الآخَرِ، فَهُوَ كَلامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لأَنَّ الْمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِيَّةَ لا تُتْرَكُ بِمِثْلِ هَذَا، ذَكَرَ مَعْنَاهُ النَّوَوِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ تَوَرِيطَ الْمُسْلِمِ فِي الْمَعْصِيَةِ أَشَدُّ مِنْ مَصْلَحَةِ السَّلامِ عَلَيْهِ، وَامْتِثَالُ حَدِيثِ الأَمْرِ بِالإِفْشَاءِ يَحْصُلُ مَعَ غَيْرِ هَذَا، فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَحْسُنُ أَنْ نَقُولَ: " رُدَّ السَّلامَ؛ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ "؟ قِيلَ: نَعَمْ؛ فَإِنَّهُ مِن الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ، فَيَجِبُ، فَإِنْ لَمْ يَجِبْ حَسُنَ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ حَقِّ الرَّدِّ.