المجموعة الثالثة
س1: بيّن أثر فهم القرآن في الازدياد من العلم.
إن من فهم القرآن فهما صحيحا فقد حصل على معين لا ينضب يمكنه من استخراج الكثير من العلوم المباركة من هذا المعين, والناس فى فهم كلام الله والاستفادة من ذلك الفهم متفاوتون تفاوتا كبيرا بحسب قربهم من الله ومن كلام الله, ويقول بن القيم (والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص وأن منهم منيفهم من الآية حكما أو حكمين ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر من ذلك ومنهممن يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتبارهوأخص من هذا وألطف ضمه إلى نص آخر متعلق به فيفهم من اقترانه به قدرا زائدا على ذلكاللفظ بمفرده وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يتنبه له إلا النادر من أهل العلم فإنالذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به وهذا كما فهم ابن عباس من قوله وحملهوفصاله ثلاثون شهرا مع قوله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين أن المرأة قد تلدلستة أشعر وكما فهم الصديق من آية الفرائض في أول السورة وآخرها أن الكلالة من لاولد دله ولا والد).
وفهم كلام الله يفتح لطالب العلم ما لا يفتحه الله لغيره من أبواب العلم بل ربما سمع كلمة من رجلفتذكره بآية كان يتأملها فينفتح له بذلك أبواب من العلم, ففهم القرآن يجعل لطالب العلم بصرا يبصر به ما لا تراه أبصار غيره ويجعل له بصيرة تمكنه من فهم مراد الله فى آياته حيث لا يتمكن غيره من ذلك وهذا كله ببركة القرآن وفهمه عن الله وعن رسوله كما قال عكرمة مولى ابن عباس (إني لأخرج إلى السوق ، فأسمعالرجل يتكلم بالكلمة فينفتح لي خمسون بابا من العلم)رواه ابن سعد فيالطبقات من طريق ابن علية عن أيوب عن عكرمة، وهذا إسناد صحيح.
س2: بيّن حاجةالمعلّم والداعية إلى علم التفسير.
إن حاجة المعلم والداعية إلى الله إلى علم التفسير بقدر حاجة الأمة إلى ذلك فالأمة, بل العالم كله فى حاجة ماسة إلى علم تفسير القرآن الكريم وبيان معانيه حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم (بلغوا عنى ولو آية) والتبليغ الصحيح للآية هو تفهيمها وشرحها وتفسيرها للناس والعوام من المسلمين وغير المسلمين وهذه المهمة يتكفل بها المعلمين والدعاة فمن لها إلا هم؟. فالأمة بحاجة إلى من يفسر لها القرآن ويبين لهم معانيه وبحاجة إلى دعوتهم به وتذكيرهم بما فيه من الأحكام وإنذارهم بما فيه من الوعيد وتبشيرهم بما فيه من البشريات وإرشادهم لما فيه من الهدى ليفرقوا به بين الحق والباطل ويخرجوا به من الظلمات إلى النور كما قال تعالى (الر . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذنربهم إلى صراط العزيز الحميد . الله الذي له ما في السموات وما في الأرض) وقال تعالى (وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرناما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولـكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادناوإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ . صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألاإلى الله تصير الأمور) وقال أيضا (قد جاءكممن الله نور وكتاب مبين . يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم منالظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراطٍ مستقيمٍ) وقال (هو الذي ينزل على عبده آياتٍ بيناتٍ ليخرجكم من الظلماتإلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم) وقال جل وعلا (فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكمذكرًا . رسولًا يتلو عليكم آيات الله مبيناتٍ ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحاتمن الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحًا يدخله جناتٍ تجري من تحتهاالأنهار خالدين فيها أبدًا قد أحسن الله له رزقًا)
فكم من فتنة ضل بها من كانوا قبلنا وقد نضل بها ومَن بعدنا وذلك إن لم نتمسك بهدى الله وما قد بينه لنا فى القرآن فقد قال تعالى (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) وقال جل وعلا (فمن اتبع هداي فلا يضل ولايشقى) وقال أيضا فى نفس المعنى (فمن تبع هداي فلا خوف عليهمولاهم يحزنون) فمعرفة العبد لما بيَّنه الله تعالى فى كتابه وإتباعه لهذا الهدى وحذَره مما حذر الله منه أهم للعبد من الطعام والهواء والشراب, فالموت هو أول الحياة الأبدية أما الضلال فهو تخريب وتجريف لهذه الحياة الأبدية لمن ضل عما بينه الله ووقع فيما حذر الله منه فه كتابه فسيكون مصيره النار وساءت مصيرا, أعاذنا الله وإياكم منها, فقد قال تعالى (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوايعلمون) وقال جل وعلا (يومئذ يتذكر الإنسان وأنى لهالذكرىيقول يا ليتني قدمت لحياتي) وهنا يبين لنا المولى عز وجل أهمية الآخرة وأنها هى الحياة الحقيقية ولا يجب أن يفرط العبد فيها بعدم إتباعه لهدى الله الذى بينه لنا فى القرآن.
ومن المعلوم أننا نحن المسلمون فى هذه الحياة لا نتعامل مع مسلمين صالحين فقط بل العالم فيه مئآت من المِلَل والنِحَل وكثير من الديانات الأخرى والأدهى من ذلك والأكثر تأثيرا بالسلب والسوء على حياة المسلمين هم المنافقين اللذين يقولون أنهم مسلمون ولكنهم يكيدون للدين أكثر من غيرهم, فلذم لنا فهم كلام الله ومعرفة كيفية التعامل فى مختلف هذه الأحوال ومنها:
1. معاملة الأعداء على إختلاف أنواعهم فقد قال تعالى (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً) والضمير فى (به) يعود على القرآن الكريم وهنا يطلب المولى عز وجل من رسوله الكريم ومن تبعه وأهتدى بهداه إلى أن يجاهد الكفار بالقرآن وألا نتبعهم, فبجهادهم بالقرآن يندفع عن الأمة شرور كثيرة لا يعلمها إلا الله حيث حذرنا الله من مخالفة أمره فى ذلك حيث قال (فليحذرالذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) ويتضح لنا شرف هذا الجهاد فهو جهاد بسيف لا يقاومه سيف وهو كلام الله, وبهداه يظهر الحق وحسنه والسوء وقبحه وتثبت به حجة الله على العباد.
2. ومن الأمور التى نحن فى أمس الحاجة إليها هى معرفة المنافقين وعلاماتهم وحيلهم ومعرفة الطرق الصحيحة للتعامل معهم فخطرهم على الأمة أكبر من غيرهم فقد قال تعالى لرسوله فيهم (هم العدو فاحذرهم) والحافظ لكتاب الله يدرى كم عدد الآيات التى ذكرهم الله فيها وذلك لعظم خطرهم حتى لا نكون ضحية لضلالاتهم وأفكارهم التى تدعوا لهدم الدين فكم فشلت مشاريع إصلاحية بسببهم, والاهتداء بالقرآن الكريم وفهمه فى معاملتهم هو السبيل الوحيد للتصدي لهم ولخطرهم والنجاة من شرورهم.
3. فى العصر الحديث أصبح شيئا طبيعيا ومنتشرا أن يعيش المسلم فى مجتمع غير مسلم أو العكس ومع الاختلاف الكبير بين الملل والنحل الكثيرة وبين الديانات السماوية الأخرى والإسلام ما يجعل المسلم حذرا من انتشار الفتن والمنكرات فى هذه المجتمعات وهذا الحذر لا يأتى إلا بالاقتداء بكتاب الله وفهم ما فيه حتى يتثنى لطالب العلم الحفاظ على نفسه والدعوة إلى الله فى نفس الوقت فقد قال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسولوإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم). وكذلك المرأة فى التجمعات النسائية, فهى على إطلاع بأحوال النساء والفتن التى قد يفتنون بها والمنكرات التى قد يقعوا فيها أكثر من غيرها من الرجال, فالرجال لا يبصرون أحوال النساء فى تجمعاتهم مثل النساء وعلى ذلك وجب على المرأة المسلمة أن تتسلح بكتاب الله وفهمه فى مقاومة مثل هذه الفتن والمنكرات ودعوة غيرها من النساء بكشف زيف الباطل ونصرة الحق ووعظ من فى إيمانها ضعف أو فى قلبها مرض.
فالدعوة بالقرآن أثرها عظيم وبركتها كبيرة جدا لمن قام بها فهى تتعلق بكلام الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد قال أبو وائل شقيق بن سلمة(استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ فيخطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والتركوالديلم لأسلموا). ذكره ابن كثير في تفسيره. وقال بن حجر (وروى يعقوب أيضابإسناد صحيح عن أبي وائل قال قرأ بن عباس سورة النور ثم جعل يفسرها فقال رجل لوسمعت هذا الديلم لأسلمت ورواه أبو نعيم في الحلية من وجه آخر بلفظ سورة البقرة وزادانه كان على الموسم يعني سنة خمس وثلاثين كان عثمان أرسله لما حصر).
س3: ما هي فوائد معرفة فضل علمالتفسير؟
من المؤكد أن علم طالب العلم بفضل العلم الذى يتعلمه معينا له على إقبال نفسه والاجتهاد فى طلب هذا العلم, وكذلك علم طالب علم التفسير بفضل علم التفسير وعلو شأنه وجلالة قدره وعظم منفعته فى الدنيا والآخرة لهو خير معين على إقبال نفس المتعلم على تعلمه وأن يأخذ نفسه بقوة وجد وإجتهاد على تعلم علم التفسير والنهم فيه.
وفضائل علم التفسير متعدية فهى تفيد طالب العلم فى الدنيا والآخرة وتفيد أمته الإسلامية فائدة عظيمة وجليلة فقد قال تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبلالسلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) وقال أيضا (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكموأنزلنا إليكم نورًا مبينًا . فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فيرحمةٍ منه وفضلٍ ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا).
وكيف لا تكون فضائل علم التفسير عظيمة وهو المعين على فهم كلام الله وهو أشرف العلوم بأشرف الكلام وأحسنه وأصدقه وأعظمه بركة وفضلا وهو الجامع لأفضل العلوم النافعة وهو الذى يدل صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة وصاحبه وارث للنبى صل الله عليه وسلم فى أعظم إرثه ويجعل صاحبه مصاحبا لكلام الله ومشتغلا به عما سواه ويدفع صاحبه لأن يكون فى زمرة خير هذه الأمة.