دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 جمادى الآخرة 1432هـ/20-05-2011م, 05:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي 126: قصيدة أبو ذؤيب: أمن المنونِ وريبِها تتوجع = والدهر ليس بِمعتِب من يجزع

قال أبو ذؤيب:


أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِها تَتَوَجَّعُ = والدَّهْرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
قالتْ أُمَيْمَةُ: ما لِجِسْمِكَ شاحِباً = مُنْذُ ابْتُذِلْتَ ومثلُ مالِكَ يَنْفَعُ
أَمْ ما لِجَنْبِكَ لا يُلائِمُ مضْجَعاً = إِلاَّ أَقَضَّ عَليكَ ذَاكَ المضْجَعُ
فأَجَبْتُها: أَمَّا لجِسْمي أَنَّهُ = أَوْدَى بَنِيَّ منَ البلادِ فَوَدَّعُوا
أَوْدَى بَنِيَّ وأَعْقَبونِي غُصَّةً = بَعْدَ الرُّقَادِ وعَبْرَةً لا تُقْلِعُ
سَبَقوا هَوَيَّ وأَعْنقُوا لِهَواهُمُ = فَتُخُرِّموا، ولُكلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
فَغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بِعَيش ٍناصِبٍ = وأَخالُ أَنِّي لاَحِقٌ مُسْتَتْبَعُ
ولقد حَرَصْتُ بأَنْ أُدافِعُ عنهمُ = فإِذا المَنيَّةُ أَقْبَلَتْ لا تُدْفَعُ
وإِذَا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظفارَها = أَلْفَيْتَ كلَّ تَمِيمةٍ لا تَنْفَعُ
فالعَيْنُ بعدَهُمُ كأَنَّ حِدَاقَها = سُلِمَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ
حتى كأَنِّي للحَوادِثِ مَرْوَةٌ = بِصَفا المُشَرَّقِ كُلًّ يوم تُقْرَعُ
وتَجَلُّدِى لِلشَّامِتِينَ أُرِيهِمُ = أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لا أَتضَعْضَعُ
والنَّفْسُ راغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَها = وإِذَا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقْنَعُ
ولَئِنْ بِهِمْ فَجَعَ الزَّمانُ ورَيْبُهُ = إِنِّي بِأَهْلِ مَوَدَّتِي لَمُفْجَّعُ
كَمْ مِنْ جَمِيعِ الشمْلِ مُلْتَئِم القُوَى = كانوا بعَيْشٍ قَبْلَنا فَتَصدَّعُوا
والدَّهْرُ لا يَبْقَى عَلَى حَدَثانِهِ = جَوْنُ السَّرَاةِ لهُ جَدَائِدُ أَرْبَعُ
صَخِبُ الشَّوارِبِ لايَزَالُ كأَنَّهُ = عَبْدٌ لآِلِ أَبي رَبيعَةَ مُسْبَعُ
أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْهُ سَمْحَجٌ = مِثْلُ القَناةِ وأَزْعَلَته الأَمْرُعُ
بِقَرَارِ قِيعانٍ سَقاها وَابِلٌ = وَاهٍ، فَأَثْجَمَ بُرْهَةً لا يُقْلِعُ
فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضِهِ = فَيُجِدُّ حِيناً في العِلاَجِ ويَشْمَعُ
حتَّى إِذَا جَزَرَتْ مِياهُ رُزُونِهِ = وبأَيِّ حِينِ مَلاوَةٍ تَتقَطَّعُ
ذكَرَ الْوُرُودَ بها وشَاقَى أَمْرَهُ = شُؤْمٌ وأَقْبَلَ حَيْنُهُ يَتَتَبَّعُ
فَافْتَنَّهُنَّ مِنَ السوَاءِ وماؤُهُ = بَثْرٌ، وعانَدَهُ طرِيقٌ مَهْيَعُ
فكأَنَّها بالجِزْعِ بَيْنَ نُبايعٍ = وأُولاَتِ ذِي العَرْجاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ
وكأَنَّهُنَّ رِبابةٌ وكأَنَّهُ = يَسَرٌ يُفِيضُ على القِدَاحِ ويَصْدَعُ
وكأَنَّما هُو مِدْوَسٌ مُتقَلِّبٌ = في الكَفِّ إِلاَّ أَنَّهُ هُوَ أَضْلَعُ
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابىءِ الـ = ضُّرَباءِ فَوقَ النَّظْمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَشَرَعْنَ في حَجَرَات عَذْبٍ بارِدٍ = حَصِبِ البِطاحِ تَغِيبُ فيه الأَكرُعُ
فَشَرِبْنَ ثمَّ سَمِعْنَ حِسًّا دُونَهُ = شَرَفُ الحِجابِ ورَيْبَ قَرْعٍ يُقْرَعُ
ونَمِيمَةً مِنْ قانِصٍ مُتلَبَّبٍ = في كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
فَنَكِرْتَهُ ونَفَرْنَ وامْتَرَسَتْ بهِ = سَطعَاءُ هَادِيةٌ وهادٍ جُرْشَعُ
فَرَمَى فأَنْفَذ مِنْ نَجُودٍ عائِطٍ = سَهْماً، فَخَرَّ ورِيشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَبَدَا لَهُ أَقْرَابُ هَذَا رَائغاً = عَجِلاً، فَعَيَّثَ في الكِنانة يُرْجِعُ
فَرَمَى فأَلْحَقَ صاعِدِيًّا مِطْحَراً = بالكَشْحِ فاشْتَمَلَتْ عليهِ الأَضْلُعُ
فأَبَدَّهُنْ حُتُوفَهُنَّ فَهارِبٌ = بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعْجَعُ
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظُّباتِ كأَنَّما = كُسِيَتْ بُرُودُ بَنِي تَزِيدَ الأَذْرُعُ
والدَّهْرُ لاَ يَبْقَي على حَدَثانِهِ = شَبَبٌ أَفَزَّتْهُ الكِلاَبُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ الكلاَبُ الضَّارِياتُ فُؤَادَهُ = فإِذَا رأَى الصٌّبْحَ المُصَدَّقَ يَفْزَعُ
ويُعوذُ بالأَرْطَى إِذَا ما شَفَّهُ = قَطْرٌ ورَاحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
يَرْمِي بِعَيْنَيْهِ الغُيُوبَ وطَرْفُهُ = مُغْضٍ يُصَدقُ طَرْفُهُ ما يَسْمَعُ
فَغَدَا يَشرِّق مَتْنَهُ فَبدَا لهُ = أُولَى سَوَابِقِها قَرِيباً تُوزَعُ
فاهْتاجَ منْ فَزَعٍ وسَدَّ فُرُوجَهُ = غُبْرٌ ضَوَارٍ وَافيانِ وأَجْدَعُ
يَنْهَشْنَهُ ويذُبُّهُنَ ويَحْتَمِي = عَبْلُ الشَّوَى بالطُّرَّتيْنِ مُوَلَّعُ
فَنَحا لها بِمُذَلَّقَيْنِ كأَنَّما = بِهِما منَ النَّضْجِ المُجَدَّحِ أَيْدعُ
فكأَنَّ سَفُّودَيْن لمَّا يُقْتِرَا = عجِلاَ لهُ بِشِوَاءِ شَرْبٍ يُنْزَعُ
فصَرَعْنَهُ تحتَ الغُبارِ وجَنْبُهُ = مُتتَرِّبٌ، ولكلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
حتَّى إِذا ارتَدَّتْ وأَقْصَدَ عُصْبَةً = منها، وقامَ شرِيدُها يَتضَوَّعُ
فَبدَا لهُ رَبُّ الكِلاَبِ بِكَفِّهِ = بِيضٌ رِهابٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
فَرَمَى لِيُنْقِذَ فَرَّها فَهَوَى لهُ = سَهْمٌ، فأَنْفَذَ طُرَّتَيْهِ المِنْزَعُ
فَكبَا كما يَكْبُو فَنيقٌ تارِزٌ = بالخَبْثِ إِلاَّ أَنَّهُ هُوَ أَبْرَعُ
والدَّهْرُ لا يَبْقَى على حدَثانِهِ = مُسْتَشْعِرٌ حَلَقَ الحديدِ مُقنَّعُ
حَمِيَتْ عليه الدِّرْعُ، حتَّى وَجْهُهُ = منْ حَرِّها يومَ الكرِيهَةِ أَسْفَعُ
تَعدُو بهِ خَوْصاءُ يَفْصِمُ جَرْيُها = حَلَقَ الرِّحَالَةِ فَهْيَ رِخْوٌ تَمْزَعُ
قَصَرَ الصَّبُوحَ لها فَشُرِّجَ لَحْمُها = بالنَّيِّ فَهْيَ تَثُوخُ فيها الإِصْبَعُ
مُتفَلِّقٌ أَنْسَاؤُها عنْ قانِىءٍ = كالقُرْطِ صَاوٍ غُبْرُهُ لاَ بُرْضَعُ
تَأَبَى بِدِرَّتِها إِذا ما اسْتُغْضِبَتْ = إِلاَّ الحَمِيمَ فإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
بَيْنَا تَعَنُّقِهِ الكُماةَ ورَوْغِهِ = يَوْماً أُتِيحَ لهُ جَريءٌ سَلْفَعُ
يَعْدُو بهِ نَهْشُ المُشَاشِ كأَنَّهُ = صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُةْ لاَ يَظْلَعُ
فَتناديَا وتَوَافَقَتْ خَيْلاَهُما = وكِلاَهُما بَطَلُ اللِّقاءِ مُخَدَّعُ
متَحامِيَيْنِ المَجْدَ، كلُّ وَاثِقٌ = بِبلائِهِ، والْيَوْمُ يَوْمٌ أَشْنَعُ
وعليهما مَسْرُودَتانِ قَضَاهُما = دَاوُودُ أَو صَنَعُ السَّوَابِغ تُبَّعُ
وكِلاَهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ = فيها سِنانٌ كالمنارَةِ أَصْلَعُ
وكِلاَهُما مُتَوَشِّحٌ ذَا رَوْنَقٍ = عَضْباً إِذَا مَسَّ الضَّرِيبَةَ يَقْطَعُ
فَتَحَالَسَا َنْفسَيْهِما بِنَوَافِذِ = كَنَوَافِذِ العُبُطِ الَّتي لاَ تُرْقَعُ
وكِلاهُما قد عاشَ عِيشَةَ ماجِدٍ = وجَنَى العَلاَءَ، لَوَ أنَّ شيْئاً يَنْفَعُ


  #2  
قديم 7 رجب 1432هـ/8-06-2011م, 09:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

126


وقال أبو ذؤيب


1: أمن المنون وريبها تتوجع = والدهر ليس بمعتب من يجزع
2: قالت أميمة: ما لجسمك شاحبا = منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
3: أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا = إلا أقض عليك ذاك المضجع
4: فأجبتها: أما لجسمي أنه = أودى بني من البلاد فودعوا
5: أودى بني وأعقبوني غصة = بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
6: سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم = فتخرموا، ولكل جنب مصرع
7: فغبرت بعدهم بعيش ناصب = وإخال أني لاحق مستتبع
8: ولقد حرصت بأن أدافع عنهم = فإذا المنية أقبلت لا تدفع
9: وإذا المنية أنشبت أظفارها = ألفيت كل تميمة لا تنفع
10: فالعين بعدهم كأن حداقها = سملت بشوك فهي عور تدمع
11: حتى كأني للحوادث مروة = بصفا المشرق كل يوم تقرع
12: وتجلدي للشامتين أريهم = أني لريب الدهر لا أتضعضع
13: والنفس راغبة إذا رغبتها = وإذا ترد إلى قليل تقنع
14: [ولئن بهم فجع الزمان وريبه = إني بأهل مودتي لمفجع]
15: [كم من جميع الشمل ملتئم القوى = كانوا بعيش قبلنا فتصدعوا]
16: والدهر لا يبقى على حدثانه = جون السراة له جدائد أربع
17: صخب الشوارب لا يزال كأنه = عبد لآل أبي ربيعة مسبع
18: أكل الجميم وطاوعته سمحج = مثل القناة وأزعلته الأمرع
19: بقرار قيعان سقاها وابل = واه، فأثجم برهة لا يقلع
20: فلبثن حينا يعتلجن بروضه = فيجد حينا في العلاج ويشمع
21: حتى إذا جزرت مياه رزونه = وبأي حين ملاوة تتقطع
22: ذكر الورود بها وشاقى أمره = شؤم وأقبل حينه يتتبع
23: فافتنهن من السواء وماؤه = بثر، وعانده طريق مهيع
24: فكأنها بالجزع بين نبايع، = وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
25: وكأنهن ربابة وكأنه = يسر يفيض على القداح ويصدع
26: وكأنما هو مدوس متقلب = في الكف إلا أنه هو أضلع
27: فوردن والعيوق مقعد رابئ الـ = ضرباء فوق النظم لا يتتلع
28: فشرعن في حجرات عذب بارد = حصب البطاح تغيب فيه الأكرع
29: فشربن ثم سمعن حسا دونه = شرف الحجاب وريب قرع يقرع
30: ونميمة من قائص متلبب = في كفه جشء أجش وأقطع
31: فنكرنه ونفرن وامترست به = سطعاء هادية وهاد جرشع
32: فرمى فأنفذ من نجود عائط = سهما، فخر وريشه متصمع
33: فبدا له أقراب هذا رائغا = عجلا، فعيث في الكنانة يرجع
34: فرمى فألحق صاعديا مطحرا = بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
35: فأبدهن حتوفهن فهارب = بذمائه أو بارك متجعجع
36: يعثرن في حد الظبات كأنما = كسيت برود بني تزيد الأذرع
37: والدهر لا يبقى على حدثانه = شبب أفزعته الكلاب مروع
38: شعف الكلاب الضاريات فؤاده = فإذا رأى الصبح المصدق يفزع
39: ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه = قطر وراحته بليل زعزع
40: يرمي بعينيه الغيوب وطرفه = مغض يصدق طرفه ما يسمع
41: فغدا يشرق متنه فبدا له = أولى سوابقها قريبا توزع
42: فاهتاج من فزع وسد فروجه = غبر ضوار وافيان وأجدع
43: ينهشنه ويذبهن ويحتمي = عبل الشوى بالطرتين مولع
44: فنحا لها بمذلقين كأنما = بهما من النضخ المجدح أيدع
45: فكأن سفودين لما يقترا = عجلا له بشواء شرب ينزع
46: فصرعنه تحت الغبار وجنبه = متترب، ولكل جنب مصرع
47: حتى إذا ارتدت وأقصد عصبة = منها، وقام شريدها يتضوع
48: فبدا له رب الكلاب بكفه = بيض رهاب ريشهن مقزع
49: فرمى لينقذ فرها فهوى له = سهم، فأنقذ طرتيه المنزع
50: فكبا كما يكبو فنيق تارز = بالخبت إلا أنه هو أبرع
51: والدهر لا يبقى على حدثانه = مستشعر حلق الحديد مقنع
52: حميت عليه الدرع، حتى وجهه = من حرها يوم الكريهة أسفع
53: تعدو به خوصاء يفصم جريها = حلق الرحالة فهي رخو تمزع
54: قصر الصبوح لها فشرج لحمها = بالني فهي تثوخ فيها الإصبع
55: متفلق أنساؤها عن قانئ = كالقرط صاو غبره لا برضع
56: تأبى بدرتها إذا ما استغضبت = إلا الحميم فإنه يتبضع
57: بينا تعنقه الكماة وروغه = يوما أتيح له جرئ سلع
58: يعدو به نهش المشاش كأنه = صدع سليم رجعه لا يظلع
59: فتناديا وتواقفت خيلاهما = وكلاهما بطل اللقاء مخدع
60: متحاميين المجد، كل واثق = ببلائه واليوم يوم أشنع
61: وعليهما مسرودتان قضاهما = داوود أو صنع السوابغ تبع
62: وكلاهما في كفه يزنية = فيها سنان كالمنارة أصلع
63: وكلاهما متوشح ذا رونق = عضبا إذا مس الضريبة يقطع
64: فتخالسا نفسيهما بنوافذ = كنوافذ العبط التي لا ترقع
65: وكلاهما قد عاش عيشة ماجد = وجنى العلاء، لو أن شيئا ينفع



*ترجمته: أبو ذؤيب كنيته اشتهر بها، واسمه خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. وهو أحد المخضرمين ممن أدرك الجاهلية والإسلام فحسن إسلامه. قال الجمحي 47: "كان شاعرا فحلا، لا غميزة فيه ولا وهن، قال أبو عمرو بن العلاء: سئل حسان: من أشعر الناس؟ قال: حيا أو رجلا؟ قال: حيا، قال: أشعر الناس حيا هذيل، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب وابن سلام يقوله" وقد وضعه في الطبقة الثالثة مع النابغة الجعدي ولبيد والشماخ وفي نقائض جرير والأخطل لأبي تمام 30 عن أبي عبيدة قال: "وجد كتاب يقال له المجلة وإذا فيه ... ألا إن أشعر العرب أبو ذؤيب وما أنت وأبو ذؤيب وأبو ذؤيب بنعمان السحاب" و"نعمان" بفتح النون: جبل بقرب عرفة، وأضافه إلى السحاب لأنه ركد فوقه لعلوه، يريد أن أبا ذؤيب يعلو الشعراء ومات أبو ذؤيب مرجعه من غزو الروم في الطريق، ولموته قصة طريفة في الأغاني 6: 61 ودفعنه أبو عبيد ابن أخيه، وله ابن يقال مازن بن خويلد، ويكنى أبا شهاب، وهو أحد شعراء هذيل.
جو القصيدة: هلك بنوه الخمسة في عام واحد، أصابهم الطاعون، وكانوا رجالا ولهم بأس ونجدة، وكانوا هاجروا إلى مصر. فبكاهم جميعا بهذه القصيدة الرائعة. جعل صدرها حديثا بينه وبين امرأة تسائله عن شحوبه وأرقه، فيروي لها حزنه وألمه لهذه النكبة. والقصيدة من هذا الوجه تشبه مرثية كعب بن سعد الغنوي في جمهرة أشعار العرب 30 الأصمعيات 25 ابن الشجري 8 ومما يسترعي النظر في هذه القصيدة بدؤه الأبيات 16، 37، 51 بمطلع واحد هو *والدهر لا يبقى على حدثانه* ففي الموضع الأول يتحدث عن هلك الحمار حمار الوحش، وينعته نعتا عجيبا. ثم هو الثاني يفيض القول في هلك الثور، وينعته وينعت الصائد والكلاب. وفي الموضع الثالث يتحدث عن مصرع البطل الفارس الكامل السلاح، وينعت هذا البطل وموقفه إزاء بطل آخر، يصطرعان ويتشاجران بالسلاح، فإذا به قد خر صريعا قتيلا. وأبو ذؤيب يتخذ من هذه الألفاظ الثلاثة عزاء لنفسه، وتسلية لها، وحضا على الصبر فهذه الضروب الثلاثة من مظاهر القوى الحيوية، التي تتمثل في الحمار والثور والبطل، لا تجدي شيئا أمام الموت، فهو أقوى وأقدر.
تخريجها: هي في الذروة العليا من الشعر قال الأصمعي وأبو عمرو وغيرهما: "أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب: والنفس راغبة" البيت 13. وقالوا أيضا: "أحسن ما قيل في الصبر قوله: وتجلدي للشامتين" البيتان 12، 11 وفي الأغاني 6: 59 أن المنصور لما مات ابنه الأكبر جعفر طلب من ينشده هذه القصيدة من أهل بيته حتى يتسلى بها فلم يجد حاجبه في الحاضرين من بني هاشم من يحفظها، ثم وجد له شيخا كبيرا مؤدبا من غيرهم أنشده إياها وأجازه، وقال: "والله لمصيبتي بأهل بيتي أن لا يكون فيهم أحد يحفظ هذا، لقلة رغبتهم في الأدب أعظم وأشد علي من مصيبتي بابني" وهي في جمهرة أشعار العرب 29 باختلاف وزيادة بيتين والأبيات 1-13، 16 في الاستيعاب لابن عبد البر 667. والأبيات 1-4 في الأغاني 6: 58 والأبيات 1، 5، 7-9، 12، 13، 16 في الخزانة 1: 202 والأبيات 1، 5-13، 15، 52، 53، 57 في شواهد المغني 92. والأبيات 1-5، 10، 6-9، 12، 11، 16 في شواهد العيني 3: 493-494. والأبيات 1، 2، 4-13 في العقد 2: 15، والأبيات 1، 12، 9، 13 في الإصابة 7: 63-64 والأبيات 1-3 في سمط اللآلي 449. والبيت 1 في الأغاني 6: 59 وابن السكيت 454 ونظام الغريب 230 وشواهد العيني 2: 472 وصدره في الأغاني 20: 174 وعجزه في ديوان المعاني 1: 141. والبيت 3 في الأمالي 1: 182. والأبيات 5، 10، 8، 9، 12، 11 في معجم البلدان 8: 63 والبيت 6 في شرح الحماسة 1: 51 والأبيات 8، 9، 12 في السمط 888-889 والبيتان 8، 9 في حماسة البحتري 99 والبيت 9 في الأمالي 2: 255 والبيتان 11، 12 في ديوان المعاني 1: 131 وحماسة البحتري 128 وشواهد المغني 94 والبيت 11 في نظام الغريب 222 والشعراء 345 وجمهرة ابن دريد 2: 346 والبيت 13 في الشعراء 7 وديوان المعاني 1: 120 والسمط 844 وشواهد المغني 93 والمؤتلف 119. وعجزه في البيان للجاحظ 1: 140-141. والبيت 16 في الأغاني 6: 59 والبيت 17 في الأغاني 1: 29 والمزهر 1: 35 والجمهرة 1: 236، 258، 285 ونظام الغريب 113 والمخصص 7: 85 والبيت 18 في الأمالي 2: 186 والكنز اللغوي 43 ونظام الغريب 168 والبيت 19 فيه 192 والبيت 22، 35 في الحيوان 6: 64. والبيت 24 في الجمهرة 1: 317، 2: 103 والبيت 25 فيها 1: 28، 3: 492. والبيت 27 في الخزانة 1: 201 والبيت 30 في الجمهرة 2: 98 وعجزه فيها 3: 225. والبيت 32 فيها 3: 77 والبيت 33 فيها 2: 79 وفي نظام الغريب 122 والبيت 35 في ابن السكيت 58 والفصول والغايات 13. والبيت 36 في الجمهرة 3: 492 والفصول والغايات 27 والأبيات 37، 38، 40 في السمط 965-966. والبيت 37 في شرح الحماسة 2: 357 والأمالي 2: 320 والبيت 39 في الجمهرة 3: 210 والبيت 44 في نظام الغريب 115. والبيت 48 في تفسير البحر 1: 18 غير منسوب والبيت 49 في نظام الغريب 101 وآخره في الجمهرة 3: 57 والبيت 51 في الخزانة 3: 184 والبيتان 53، 54 في السمط 448-449، 741 والبيت 54 في الشعراء 414 والأمالي 1: 182، 2: 114 والجمهرة 2: 78 والفصول والغايات 472 والبيت 56 فيها 1: 296 وعجزه في الأمالي 2: 217 والبيت 57 في الخزانة 3: 183 وشرح الحماسة 4: 294. والبيت 59 في الجمهرة 2: 201 والبيت 61 في معاني الشعر 114 ونظام الغريب 98 وابن السكيت 508 وهو أيضا في المخصص 13: 34 والمفصل للزمخشري 117 غير منسوب وانظر الشرح 849-884.
(1) المنون: الدهر، والمنية أيضا وريبها: روى الأصمعي وغيره "وريبه" بمعتب: أي ليس الدهر بمراجع من جزع منه بما يحب، والعتبى. المراجعة.
(2) منذ ابتذلت: أي منذ ابتذلت نفسك ومات من كان يكفيك ضيعتك من بنيك. ومثل مالك: أي تشتري منه من يكفيك ضيعتك ويقوم عليها.
(3) أقض عليك: أي صار تحت جنبك مثل قضيض الحجارة وهي الحجارة الصغيرة.
(4) أما لجسمي: أصلها "أن ما" و"ما" موصولة، أي أن الذي لجسمي إيداء بني. أودى: هلك، يودي إيداء.
(6) هوي: هواي، بلغة هذيل أي ماتوا قبلي وكنت أحب أن أموت قبلهم. أعنقوا: أسرعوا وجعلهم كأنهم هووا الذهاب ولم يهووه وإنما ضربه مثلا. تخرموا: أخذوا واحدا واحدا.
(7) فغبرت: أي بقيت، والغابر الباقي. ناصب: ذو نصب، يقال نصب الرجل ينصب إذا اشتد عليه أمره.
(10) الحداق: جمع حدقة، فجمعها بما حولها. سملت: فقئت.
(11) المروة: واحدة المرو، وهي حجارة بيض يقدح منها النار. المشرق: المصلى يقول: أنا من كثرة المصائب كمروة يقرعها مرور الناس بها، وإنما خص المشرق لكثرة مرور الناس به.
(13) روى ابن قتيبة في الشعراء 10 عن الأصمعي، قال: "هذا أبدع بيت قالته العرب".
(14، 15) البيتان زيادة من نسخة فينا. والبيت يشبه بنصه الأصمعية 27: 10.
(16) جون السراة: عنى حمارا. والسراة: أعلى الظهر، والجون: الأسود إلى حمرة. الجدائد: الأتن اللواتي خفت ألبانهن، واحدتهن جدود.
(17) الصخب: الكثير النهيق. الشوارب: مجاري الماء في الحلق، يعني يردد نهاقه في شواربه. آل أبي ربيعة أبو ربيعة هو ابن ذهل بن شيبان، وقيل إنه أبو ربيعة من بني عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل هو أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم جد عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة الشاعر. وقيل غير ذلك. المسبع: الذي أهمل مع السباع صار كأنه سبع لخبثه، ويقال: الذي قد وقع السباع في غنمه فهو يصيح.
(18) الجميم: النبت الذي يكثر فيصير كأنه جمة. السمحج: الطويلة على وجه الأرض، أراد أتانا. أزعلته: نشطته، والزعل النشاط والمرح. الأمرع: الخصب، فكأن واحده مرع أو مرع.
(19) القرار: جمع قرارة، وهو حيث يستقر الماء. القيعان: جمع قاع. الواهي: المنكسر، فكأن المطر منشق من شدة انصبابه وكثرة مائه. أثجم: أقام وثبت.
(20) لبثن: يعني الحمير. يعتلجن: يعض بعضهن بعضا ويرمحه ويعارضه، وكل ذلك من فرط النشاط. يشمع: يلعب ويمزح.
(21) جزرت: نقصت وغارت. الرزون: أماكن في الجبل يكون فيها الماء. الملاوة: الزمن والدهر.
(22) أي ذكر الحمار الورود بهذه العيون، وإنما يصف حين انقطعت عنه مياه السماء فاحتاج إلى العيون القديمة، فقال "بها" ولم يتقدم للعيون ذكر، وهذا كثير في كلام العرب. ويقال "بها" أي بالأثرة شاقى أمره فاعله من الشقاء. الحين: الهلاك، بالرفع فاعل "أقبل" وبالنصب مفعول مقدم لـ "يتتبع".
(23) افتنهن: فرقهن يطردهن فنونا من الطرد، من قولك افتن فلان في كلامه. السواء: رأس الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود. بثر: كثير. عانده: عارضه. المهيع: البين الواضح.
(24) الجزع: منقطع الوادي. نبايع: موضع. العرجاء: أكمة أو هضبة، وأولاتها: قطع حولها من الأرض أي كأن العير والأتن وهو يطردها في هذه الأماكن نهب مجمع، أي إبل انتهت فأجمعت فجعلت شيئا واحدا وإذا جمعت أشياء من أماكن مختلفة النجر والمواضع فهي مجموعة، وإذا جمعت شيئا تحت يدك فصررته فهو مجمع قاله الأنباري وهذه التفرقة بدقتها ليست في المعاجم.
(25) أصل الربابة، بكسر الراء: رقعة تجمع فيها قداح الميسر، والمراد بها هنا القداح. وإنما شبه الحمار باليسر، وهو صاحب الميسر، وشبه الأتن بالقداح لاجتماعهن. يفيض: يدفع، ومنه الإفاضة في عرفات. على: بمعنى الباء، وحروف الخفض يخلف بعضهن بعضا. يصدع: يشق ويفرق.
(26) المدوس: مسن الصيقل يجلو به السيف، شبهه به في الصلابة. أضلع: أغلظ وأوثج.
(27) العيوق: كوكب يطلع بحيال الثريا، وطلوعه قبل الجوزاء. مقعد: ظرف منصوب. الضرباء: قوم يضربون بالقداح، الواحد ضريب، ورابئهم: رجل يقعد فوق القوم الذين يضربون بالقداح ينظر ما يعملون، ويحفظ ما ينهد منها مخافة أن يبدل، وهو مأخوذ من الربيئة. النظم: نظم الجوزاء. لا يتتلع: لا يتقدم ولا يرتفع وإنما وصف أن الحمير وردن في شدة الحر، لأن العيوق لا يكون على ما وصف إلا في شدة الحر في آخر الليل.
(28) شرعن: مدت الحمير أعناقهن ليشربن. الحجرات: النواحي، الواحد حجرة. الحصب: الذي فيه حصباء. البطاح: بطون الأودية، وإذا كان الماء على حصباء كان أعذب له وأمرأ. الأكرع: جمع كراع، يعني أكرع الحمير.
(29) الحجاب: الحرة. وشرفها: ما ارتفع منها عند منقطعها ريب قرع يقرع: أي سمعن ما يريبهن من قرع قوس وصوت وتر.
(30) نميمة القانص: أي ما نم عليه من حركة أو رائحة دسم استروحتها الحمير. المتلبب: المتحزم بثوبه، أو المتقلد كنانته. الجشء: القضيب الخفيف من النبع تعمل منه القوس. الأجش: الذي في صوته جشة كالحشة في حلق الإنسان. أقطع: جمع قطع، وهو النصل العريض القصير.
(31) السطعاء: الطويلة العنق. الهادية: المتقدمة. الجرشع: الغليظ المنتفخ الجنبين. امترست: دنت ولزقت يعني: نكرت الحمير الصائد، فلزمت الحمار أتان سطعاء هادية، وهو هاد جرشع، وامترس هو أيضا بها.
(32) أي رمى الصائد أتانا نجودا، وهي العبلة المشرفة. العائط: التي اعتاطت رحمها فبقيت أعواما لا تحمل. متصمع: منضم من الدم، كالأذن الصمعاء، وهي الصغيرة المنضمة.
(33) أي ظهر للصائد أقراب هذا الحمار، أي خواصره، وإنما بدا له قرب أي خصر واحد، فجمعه بما حوله. رائغا: عادلا. عيث: مد يده إلى كنانته ليأخذ سهما. قال الأصمعي: "إذا مد يده إلى شيء يطلبه قيل قد أرجع، فإذا انصرف بجسده كله قيل قد رجع، بغير ألف" وقيل إن أرجع بمعنى رجع لغة هذيل.
(34) الصاعدي: المرهف "منسوب إلى قرية باليمن يقال لها صعدة". كذا نقل أبو عكرمة عن ابن الأعرابي، وهذه النسبة سماعية لم ينص عليها في المعاجم. المطحر، بكسر الميم: السهم البعيد الذهاب، وبضمها: الذي ألزقت قذذه أي ريشه أدقت جدا. الكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف. وإنما رمي الكشح لحذقه بالرمي لأنه ليس بينه وبين الجوف عظم يرد السهم. عليه: على السهم.
(35) أبدهن حتوفهن: أعطى كل واحدة منهن حتفها على حدة، لم يقتل اثنتين بسهم واحد ولم يقتل واحدا ويدع واحدا. الذماء: بقية النفس. المتجعجع: الساقط المتضرب.
(36) أي تعثر الحمير والسهام فيهن، كقولك "صلى فلان في سيفه" أي وعليه سيفه. تزيد: هو ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، تنسب إليهم البرود شبه طرائق الدم على أذرعها بطرائق في تلك البرود لأن فيها حمرة.
(37) الشبب: المسن من الثيران. أفزته: طردته وأفزعته.
(38) قال الأصمعي: كل شيء ذهب بالفؤاد من خير أو شر "شاعف". الصبح المصدق: المضيء، ولم يذكر في المعاجم. وإنما يفزع الثور عند الصبح لأن الصياد يباكرونه بالكلاب.
(39) الأرطى: شجر يعتاده البقر. شفه: آذاه وجهده. راحته الريح: أصبته. البليل: الريح الباردة. الزعزع: الشديدة التي تزعزع الشجر.
(40) الغيوب: جمع غيب، وهو المكان المطمئن، فالثور يرمي بطرفه إلى الغيوب لما يأتيه منها. المغضي: الذي له بين كل نظرتين إغضاء، وكذلك الثور، وهو أقوى لبصره. يصدق إلخ: يقول إذا سمع شيئا رمى ببصره فصار ذلك تصديقا له يريد أنه لا يغفل عما يسمع.
(41) يشرق متنه: يظهره للشمس ليذهب ما عليه من المطر وندى الليل. فبدا للثور سوابق الكلاب توزع وتكف على ما تخلف منها، لأنها إذا لقيت الثور فرادى لم تقو وقتلها واحدا بعد واحد، وإذا اجتمعت أعان بعضها بعضا.
(42) سد فروجه: ملأ فروجه عدوا وشدة جري، حين رأى الكلاب، وفروجه: ما بين قوائمه وأراد بالغبر الكلاب التي بهذا اللون، ونسب الفعل إليها لأنها سبب فزعه وجريه. وافيان: كلبان سالما الأذنين. والأجدع. مقطوع الآذن، وتلك علامة يعلم بها الكلاب.
(43) عبل الشوى: غليظ القوائم. الطرتان: الخطتان في الجنبين، فيقول: به توليع بالخطين اللتين في جنبيه، والتوليع ألوان مختلفة.
(44) نحا: تحرف ليكون أمكن له، والتحرف في الرمي والطعن أشد ما يكون. المذلقان: المحددان، وأراد قرنيه. النضخ، بالخاء المعجمة: الرش بما ثخن، مثل الدم وأنواع الطيب، وبالمهملة: بما رق، كالماء ونحوه، المجدح: يريد تحريك قرنيه في أجوافها كتجديح السويق، فلذلك تلطخا بالدم. الأيدع: صبغ أحمر.
(45) شبه قرني الثور، وهما يكفان بالدم، بسفودي شرب نزعا قبل أن يدرك الشواء، فهما يكفان بالدم، لم يظهر منهما ريح قتار اللحم، وإنما خص جماعة الشاربين لأنهم لا ينتظرون بالشواء أن يدرك عجلا له: عجل القرنان إلى الكلب.
(47) أقصد: قتل. شريدها: ما بقي منها. يتضوع: يعوي من الفرق.
(48) رهاب: رقاق مرهفة، يعني نصالا، واحدها "رهيب" وهذا المفرد ليس في المعاجم، بل فيها أنه "رهب". المقزع: المنتف من كثرة ما رمي به.
(49) أي رمى الصائد الثور ليشغله عن باقي الكلاب، وفرها: ما فر منها، الواحد "فار" كصاحب وصحب. طرتاه: الخطتان في جنبيه. المنزع: السهم، لأنه ينزع به.
(50) كبا: يعني الثور، سقط لوجهه. الفنيق: فحل الإبل. التارز: اليابس. الخبت: المطمئن من الأرض ليس به رمل. أبرع: أكمل وأتم.
(51) مستشعر: اتخذه شعارا، وهو الثوب الذي يلي البدن. حلق الحديد: حلق الدروع. المقنع: اللابس المغفر.
(52) الأسفع: الأسود.
(53) الخوصاء: الغائرة العينين، أراد فرسه. يفصم: يكسر من شدته. الرحالة: السرج. رخو: سهلة مسترسلة، وتذكير اللفظ بتقدير فهي شيء رخو. تمزع: تمر مرا سريعا.
(54) قصر: حبس. الصبوح: شرب الغداة. شرج: خلط. الني: الشحم. تثوخ: تغيب. أراد أنه حبس اللبن لفرسه ليسقيها، فسمنت واختلط لحمها بالشحم، فلو غمزت فيه الأصبع لم تبلغ العظم، ولم يرد أن الإصبع تغيب فيه. قال الأصمعي: "هذا من أخبث ما نعتت به الخيل، لأن هذه لو عدت ساعة لانقطعت لكثرة شحمها، وإنما توصف الخيل بصلابة اللحم! أبو ذؤيب لم يكن صاحب خيل".
(55) الأنساء: جمع "نسا" مقصور، وهو عرق في الورك والفخذ. أراد أن موضع النسا انشق اللحم فيه فرقتين حتى بدا العرق، فاللفظ على النسا والمعنى على ما حوله. عن قانئ: أراد أن الضرع كان أبيض فاحمر ثم دخله شيء من سواد فجعله قانئا حين طال عليه العهد وذهب اللبن. و"عن" بمعنى "مع" كالقرط: شبه به لصغره. الصاوي: اليابس. الغبر: بقية اللبن. أراد أنها ذاوية الضرع لم تحمل زمانا فهو أشد لها.
(56) يتبضع: يرشح جلدها بالعرق. يقول: إذا حميت في الجري وحمي عليها لم تدر بعرق كثير، ولكنها تبتل، وهو أجود لها.
(57) السلفع: الجريء الواسع الصدر. يقول: بينا هو في تعنق الكماة وروغ منهم أتح له، أي قدر له فارس جريء.
(58) نهش المشاش: خفيف القوائم. الصدع، بفتح الدال، من الحمر والظباء والوعول: وسط منها ليس بالعظيم ولا الصغير، والفرس يشبه به. رجعه: عطفه بيديه. لا يظلع: لا يعرج.
(59) بطل اللقاء: بطل عند اللقاء. المخدع: المجرب، قد خدع مرة بعد مرة وقد حذر وفهم.
(60) أي كل واحد منهما يحمي المجد لنفسه، يطلب أن يغلب فيذكر بالغلبة.
(61) مسرودتان: يعني درعين. قضاهما: أحكمها. الصنع: الحاذق في العمل قال الأصمعي: سمع بأن الحديد سخر لداوود عليه السلام، وسمع بالدروع التبعية، فظن أن تبعا عملها، وكان تبع أعظم شأنا من أن يصنع شيئا بيده، وإنما عملت بأمره وفي ملكه. (62) اليزنية: قناة نسبها إلى ذي يزن شبه السنان الذي فيها بالمنارة، وهي الشمعة ذات السراج، أو الشيء الذي يوضع عليه السراج، فأراد بها السراج نفسه، فأوقع اللفظ على المنارة لما لم يستقم بيته على السراج.
(63) الرونق: ماء السيف. العضب: القاطع. الضريبة: ما وقع عليه السيف من كل شيء.
(64) تخالسا: جعل كل واحد منهما يختلس نفس صاحبه بالطعن. النوافذ: جمع نافذة، وهي الطعنة تنفذ حتى يكون لها رأسان. عبط: جمع عبيط، وأصل العبط شق الجلد الصحيح ونحر البعير من غير علة.
(65) جنى: كسب. العلاء والعلى: الشرف، إذا فتحت مددت، وإذا ضممت قصرت.


  #3  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال أبو ذؤيب

وهو خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل أخو بني مازن بن معاوية بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. وهلك له خمسة بنين في عامٍ واحدٍ أصابهم الطاعون. وكان ممن هاجر إلى مصر. ومات أبو ذؤيب في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه في طريق مصر: ودفنه ابن الزبير وكان معه. وقال غير أبي عمرو الشيبانى: مات في طريق إفريقية.
1: أمن المنون وريها تتوجع.......والدهر ليس بمعتب من يجزع
قال الضبي: (المنون الدهر) سمي منونا لأنه يبلي ويضعف ويذهب بمنة الأشياء: و(المنة): القوة والمنة أيضًا الضعف عن أبي عبيدة ومنه قولهم حبل منين أي ضعيف: قال ذو الرمة:
ترى الناشئ الغريد يضحي كأنه.......على الرحل مما منه السير عاصد
أي: مما أضعفه. والعاصد: اللاوي عنقه. وأنشد في المنة أنها القوة لبشامة بن عمرو:
ولا تقعدوا وبكم منة.......كفى بالحوادث للمرء غولا
و(المنون) أيضًا يكون المنية: وتكون واحد وجمعا: قال عدي بن زيد:
من رأيت المنون عدين أم من.......ذا عليه من أن يضام خفير
فجعلها منايا. وروى الأصمعي: أمن المنون وريبه تتوجع، ذهب إلى أنه الدهر: وهي رواية أبي جعفر: ولذلك قال: و(الدهر ليس بمتعب). ويقال رابني الشيء ريبا إذا أتتك منه الريبة واستيقنت بحلولها: قال حميد بن ثور:
أرى بصري قد رابني بعد صحة.......وحسبك داء أن تصح وتسلما
وقالت الخنساء:
يا عين ما لك لا تبكين تسكابا.......إذ راب دهر وكان الدهر ريابا
وقال آخر:
ومن لم يزل يستودع الناس ما له.......تربه على بعض الأمور الودائع
يرى الناس إما جاعلوه وقاية.......لا موالهم أو تاركوه فضايع
وقوله: (والدهر ليس بمعتب من يجزع)، أي ليس الدهر بمراجع من جزع منه بما يحب: والعتبى المراجعة ومنه قولهم: لك العتبى: أي: الرجوع لما تحب: ومنه قولهم أعتب فلان فلانا: ومنه قولهم إنما يعاتب الأديم ذو البشرة: أي إنما يرجع في الدباغ الأديم الصحيح البشرة. وقال بعضهم: رواها الأصمعي: وريبها: وقال المنون المنية: وقال أبو عبيدة: المنون المنية أيضًا ورواها وريبها.
2: قالت أميمة ما لجسمك شاحبا.......منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
قال الضبي: (الشحوب) التغير والهزال يقال شحب يشحب شحوبا. ويروى: ما لجسمك سائيا: أي يسوء من رآه ورواها أبو عبيدة: (منذ ابتذلت): وقال: أي منذ ابتذلت نفسك ومات من كان يكفيك ضيعتك من بنيك. (ومثل مالك ينفع) أي مثل مالك كفى صاحبه البذلة والامتهان: أي: تشتري منه من يكفيك ضيعتك ويقوم عليها. و(الجسم) والجسمان والجرم والتجاليد والأجلاد واحد. وقوله (منذ ابتذلت) أي منذ امتهنت يريد أنه امتهن نفسه في الأسفار والأعمال لأنه ذهب من كان يكفيه: ويقال ابتذلت الشيء ابتذالا أي امتهنته وهي البذلة: والمبذل الشيء الذي يبتذل: قال ربيعة بن مقروم:
إن الشباب كمبذل أنضيته.......والدهر يبذل كل جدة مبذل
قال الأصمعي: قوله (ومثل مالك ينفع) أي تشتري منه من يكفيك ضيعتك ويقوم بمهنتك فاتخذ من يكفيك وأقم مودعا لنفسك. وقال أبو عمرو: يقول مالك كثير فما لي أراك شاحبا.
3: أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا.......إلا أقض عليك ذاك المضجع
قال الضبي: (لا يلائم) لا يوافق: هذا يلائم هذا أي يوافقه ويصلح له و(الملائمة) الموافقة وهذا لا يلائمني منه. قال (إلا أقض عليك) أي صار تحت جنبك مثل قضيض الحجارة وهي الحجارة الصغار: ويقال قضت البضعة من اللحم إذا وقعت في الأرض فأصابها القضض: ويقال طعام فيه قضض. يقول كأن تحت جنبك حصى يقلقك ويمنعك النوم. قال: وسئل أعرابي عن المطر فقال: لو ألقيت بضعة لم تقض: أي: لم يصبها القضض لكثرة العشب: وأنشد لرجل من قريش:
ولولا تأسينا وحد رماحنا.......لجر الأعادي لحمنا تربا قضا
ومثله قول النابغة في قول بعض الرواة:
فبت كأن العائدات فرشنني.......هراسا به يعلى فراشي ويقشب
ويروى: أم ما لجسمك.
4: فأجبتها أما لجسمي أنه.......أودى بني من البلاد فودعوا
ويروى: (أما بجسمي): وموضع ما رفع بمعنى الذي يريد الذي بجسمي إيداء بني: فموضع أن الأولى خفض في قول الكسائي ونصب في قول الفراء: يقول فأجبتها بأن. والثانية رفع. ويروى: أنني (أودى بني). (أودى) هلك يودي إيداء: قال الشاعر:
يودي الكريم فيحيى بعد إيداء.......دهرا طويلا يمشي بين أحياء
ويروى: مقيما بين أحياء. قوله: (فودعوا) هذا مثل أي: كان آخر عهدهم بي وعهدي بهم: فلما كان كذلك جعله كالوداع منهم.
5: أودى بني وأعقبوني غصة.......بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
ويروى: (ما تقلع). قوله (بعد الرقاد) أي: بعد رقاد الناس. ويروى: حسرة. قال الضبي: قال أبو عبيدة: كل خلف بعد شيء فهو عاقب له وقد عقب يعقب عقبا وعقوبا ولهذا قيل لولد الرجل بعده عقبه وكذلك آخر كل شيء عقبه: ومنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أحمد والماحي يمحو الله بي الكفر والحاشر أحشر الناس على قدمي والعاقب)): يريد أنه عاقب الأنبياء. ومنه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سافر في عقب رمضان فقال: إن الشهر قد تسعسع فلو صمنا بقيته. قال الأصمعي: ومن هذا قولهم فرس ذو عقب إذا كان يأتي بجري بعد جري: وأنشد قول البعيث الدارمي:
لزاز حضار يسبق الخيل عفوه.......على الوقعة الأولى وفي العقب مرجما
أي قويا عليه شديدا: يقال فلان لزاز خصومات إذا كان موكلا بها يقدر عليها: وأصل اللزاز الذي يترس به الباب: والملز الشديد اللزوم إذا لزم: وقال امرؤ القيس:
على العقب جياش كأن اهتزامه.......إذا جاش فيه حميه علي مرجل
وعاقبة كل شيء آخره وهو عواقب الأمور. قال الأصمعي: ويروى عن أبي حازم أنه قال: ليس لملول صديق ولا لحسود غنى والنظر في العواقب تلقيح للعقول. و(العبرة) والعبرة سخنة العين. ومعنى أعقبوني حسرة أي ورثوني. ويروى: وعبرة ما ترجع: أي تكف. وقال الأصمعي: قال يعقوب: يقال أتيتك في عقب الشهر أي في أيام بقين من آخر الشهر: وأتيتك في عقب الشهر وفي عقبان الشهر: وهي عقب الرجل ويخفف فيقال عقب: وهي من القدم موضع الشراك من مؤخر النعل: ويقال فلان لا عقب له أي لا نسل له وعقب لغة: ويقال قد عقبه يعقبه عقبا إذا شد عليه العقب: قال الراجز:
كأن مهوى قرطها المعقوب.......على دباة أو على يعسوب
قوله معقوب أي شد طرفاه بعقبة: ويقال عقبه إذا جاء بعده: ويقال قد عقب في الغزو يعقب إذا قفل من غزوه ثم عاد فغزا: والعقاب الراية والعقاب صخرة نادرة في بئر: وعقبة الرجل أن يكون الراحلة بين رجلين أو ثلاثة يركبونها لكل رجل وقت فذلك عقبته يقال أعقبني فقد دنت عقبني: وقول طفيل:
كريمة حر الوجه لم تدع هالكا.......من القوم هلكا في غد غير معقب
ويروى لم تبك هالكا: أي: لم تبك إلا سيدا قد أعقب بعده سيدا أي: لم تنتقل منهم السيدودة فتصير إلى غيرهم: يقول لم تندب من لا يعقب إذا هلك: واليعقوب ذكر القبج: ويقال قد عاقبه يعاقبه عقابا ومعاقبة والعقوبة الاسم وعقيبك الذي يعاقبك: ويقال عقاب عقبناة وبعنقاة وهي الطويلة الأظافر الحديدتها: قال جران العود:
عقاب عقنباة كأن وظيفها.......وخرطومها الأعلى بنار ملوح
ويقال قد تعقبت الخبر أي: سألت غير من كنت سألت أول مرة: قال طفيل:
تتابعن حتى لم يكن لي ريبة.......ولم يك عما خبروا متعقب
وقال الراجز:
كأنها بين السجوف معقب.......أو شادن مكحل مربب
يعني نجما يعقب به يسوق الرجل بالقوم فإذا طلع ذلك النجم ساق آخر: ويقال قد أعقب فلان إذا ترك ولدا. قال سلامة بن جندل:
ولى حثيثا وهذا الشيب يطلبه.......لو كان يدركه ركض اليعاقيب
أي لو كان يدركه ركض اليعاقيب في طيرانها لطلبناه ولكنا لا نطمع في إدراكه: وأنشد الفراء:
إن تبغضوني فقد بدلت أيكتكم.......زرق الدجاج بحفان اليعاقيب
أي بعد أن كانوا اهل بدو صاروا إلى القرى والريف. ويقال أعقبوني حسرة أي صارت عقباي منهم حسرة بعد رقاد الناس أي ينام الناس وأنا في حسرة.
6: سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم.......فتخرموا ولكل جنب مصرع
قال الضبي: قال الأصمعي: (هوي) لغة هذيل يريد هواي: أي ماتوا قبلي وكنت أحب أن أموت قبلهم: وجعلهم كأنهم هووا الذهاب ولم يهووه وإنما ضربه مثلا. وقوله (تخرموا) أي أخذوا واحدا واحدا: يقول مضوا للموت وتخرمتهم المنية وكل إنسان يموت: وكذلك قوله (ولكل جنب مصرع) لأنهم أرادوا الهجرة والجهاد فهاجروا وكان هواه أن يقيموا معه. ويروى: وأعنقوا لسبيلهم أي أسرعوا. ويروى لهواهم * ففقدتهم ولكل جنب مصرع.
7: فغبرت بعدهم بعيش ناصب.......وإدخال أني لاحق مستتبع
قال الأصمعي: (فغبرت) أي بقيت الغابر الباقي. و(الناصب) ذو النصب ولو كان على القياس لكان منصبا لأنه من أنصبت: ولكنه جعله ذا نصب: ومثله قد أمحل البلد فهو ماحل وأعشب فهو عاشب وأورس الرمث فهو وارس وأبقل فهو باقل وأغضى الليل فهو غاض وأيفع الغلام فهو يافع وأصبح الرجل فهو صابح:
قال أبو زبيد:
أي ساع سعى ليقطع شربي.......حين لاحت للصابح الجوزاء
فالصابح بمعنى المصبح الذي قد أصبح: كقولهم موت مائت أي مميت ولمح باصر أي مبصر وهم ناصب أي منصب وقال النابغة: كليني لهم يا أميمة ناصب، أي منصب: ومنه قول الله عز وجل: {في عيشة راضية} أي: ذات رضى ويقال هي في معنى مَرضيَّة ومُرضيَة: و{ماء دافق} أي: مدفوق. ويقال نصب الرجل ينصب نصبا ونصوبا إذا اشتد عليه أمره. وأخال أي أظن ويقال إخال بكسر الهمزة.
8: ولقد حرصت بأن أدافع عنهم.......فإذا المنية أقبلت لا تدفع
قوله: (عنهم) أي عن بنيه: أي لا يقدر أحد على دفع المنية إذا أقبلت.
9: وإذا المنية أنشبت أظفارها.......ألفيت كل تميمة لا تنفع
قال الضبي: قال الأصمعي: هذا مثل وليس للمنية أظفار: يقول إذا علقت المنية لم تغن التميمة شيئا و(التميمة) المعاذة والجمع تمائم: وقال الفرزدق:
وكيف يضل العنبرى ببلدة.......بها قطعت عنه سيور التمائم
وتجمع (التميمة) تميما: قال سلمة بن الخرشب الأنماري يذكر فرسا:
تعوذ بالرقى من غير خبل.......وتعقد في قلائدها التميم
وأنشدني أحمد بن يحيى:
ويهماء مهياف شديد ضريرها.......تحل لراميها عقود التمائم
وإنما قال: أنشبت أظفارها تشبيها بالسبع لا تفارقه حتى تقتله: يقال نشب الشيء بالشيء إذا علق فيه فلم يقدر على إخراجه يمنع من المنشوب فيه: وكذلك اللحج يقال لحج فلان يلحج لحجا إذا نشب.
10: فالعين بعدهم كأن حداقها.......سلمت بشوك فهى عور تدمع
قال الضبي: أراد (بالعين) العينين جميعا لأنه إذا كانت اثنتان لا تفترقان من خلق أو غيره أجزأ من ذكرهما ذكر أحدهما مثل العين: يقال كحلت عيني وعين مكحولة وكحيل يريد العينين: من ذلك قول عمرو بن الأحمر:
تساءل بابن أحمر من رآه.......أعارت عينه أم لم تعارا
ويداي قويتان ويدي قوية: وقال امرؤ القيس:
وعين لها حدرة بدرة.......شقت مآقيهما من أخر
فهذا أحد القولين في هذا البيت: ومثل العينين المنخران والرجلان والخفان والنعلان: يقال لبست خفي وخفي ونعلي ونعلي. و(الحداق) جمع حدقة فجمعها بما حولها: وهذا مطرد في كلام العرب مثل قول الأسود بن يعفر:
ولقد أروح إلى التجار مرجلا.......مذلا بمالي لينا أجيادي
وإنما له جيد: ومثله قول ذي الرمة:
براقة الجيد واللبات واضحة.......كأنها ظبية أفضى بها لبب
وقال زهير:
وعالين أنماطا عتاقا وكلة.......وراد الحواشي لونها لون عندم
وإنما لها حاشيتان: ومنه قولهم رجل ذو مناكب وجمل غليظ المشافر وامرأة عظيمة المآكم. قال الحطيئة:
كطعم شمول طعم فيها وفارة.......من المسك منها في المفارق ذرت
سملت فقئت والسمل أن يحمى ميل أو حديدة ثم يدنى من العين فتسيل الحدقة: وربما سملت العين بمرآة محماة. ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمل أعين قوم وألقاهم في الحرة حتى ماتوا. قال الأصمعي: حدثني رجل من أهل البادية قال: لطم جدنا رجلا ففقأ عينه فسمينا بني السمال. وقال أبو عبيدة: يقال سملت وسمرت باللام والراء. وروى الأصمعي: فالعين ساهرة. وقال أبو عبيدة: (سملت) وسمرت سواء أي: فقئت.
11: حتى كأني للحوادث مروة.......بصفا المشرق كل يوم تقرع
قال الضبي: (المشرق) المصلى: يقول أنا من كثرة المصائب كمروة يقرعها مرور الناس بها: وإنما خص المشرق لكثرة مرور الناس به. قال الأصمعي: حدثني شعبة بن الحجاج قال: خرجت أقود سماك بن حرب فقال لي: أين المشرق؟ يعني مسجد العيدين. ورواها أبو عبيدة: بصفا المشقر: يعني سوق الطائف: يقول كأني مروة في السوق يمر الناس بها يقرعها واحد بعد واحد. والمروة واحد المرو وهي حجارة بيض يقدح منها النار: ويقال لمن كثرت مصائبه قرعت مروته: وأنشد لعبيد الله بن قيس الرقيات:
إن الحوادث بالمدينة قد.......أوجعنني وقرعن مروتيه
ومعنى كل يوم كل حين.
12: وتجلدي للشامتين أريهم.......أني لريب الدهر لا أتضعضع
يقول (أريهم) أني لا يكسرني ممر المصائب بي.
13: والنفس راغبة إذا رغبتها.......وإذا ترد إلى قليل تقنع
قال الضبي: (تقنع) ترضى و(القناعة) الرضى بما قسم البارئ جل وعلا: يقال قنع الرجل يقنع قناعة: ومن القنوع وهو المسألة قد قنع يقنع قنوعا: قال الشماخ بن ضرار:
لمال المرء يصلحه فيغني.......مفاقره أعف من القنوع
أي: أعف من المسألة. وربما جعل الشاعر القنوع في موضع القناعة: قال الشاعر:
ثق بالإله ورد النفس عن طمع.......إلى القنوع ولا تحسد أخا المال
فإن بين الغنى والفقر منزلة.......مقرونة بجديد ليس بالبالي
يقول النفس تسمو إذا سموت بها ورغبتها في كثرة المال: وإذا منعت وقصرتها قنعت وصبرت.
14: والدهر لا يبقى على حدثانه.......جون السراة له جدائد أربع
قال الأصمعي: يقول لئن هلك بني وتواترت علي المصائب بعدهم فإن الدهر لا يبقى على حدثانه شيء والجون السراة يعني حمارا و(السراة) أعلى الظهر وسراة كل شيء أعلاه ومنه سرو حمير لأعلى بلادهم ومنه قيل للأشراف سراة. و(الجون) الأسود إلى حمرة. و(الجدائد): الأتن اللواتي خفت ألبانهن واحدتهن جدود: ومن هذا قيل فلاة جداء إذا لم يكن بها ماء وامرأه جداء لا لبن بها وقيل لا ثدي لها. وأصل الجد القطع ومنه سمي صرام النحل جداده وجداده: وأنشد الأصمعي:
كأن المشرفية تختليهم.......مخالب خيبر بعد الجداد
والمخالب: المناجل.
15: صخب الشوارب لا يزال كأنه.......عبد لآل أبي ربيعة مسبع
قال الضبي: (الصخب) الكثير النهيق ويقال الكثير الصوت. و(الشوارب) مجاري الماء في الحلق ومخارج الصوت في الحلق. قال خالد: أبو ربيعة بن ذهل بن شيبان: وحكى عن الكلبي أنه قال: أبو ربيعة من بني عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة: وقال أبو عبيدة: أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد الله المخزومي. و(المسبع) المهمل: وقال أبو عبيدة أيضًا: (المسبع) الذي قد أهمل مع السباع فصار كأنه سبع لخبثه: ويقال (المسبع) الذي قد وقع السبع في غنمه فهو يصيح: ويقال (المسبع) ولد الزنا.
16: أكل الجميم وطاوعته سمحج.......مثل القناة وأزعلته الأمرع
قال الضبي: (الجميم): النبت الذي يكثر فيصير كأنه جمة عن الأصمعي: وقال أبو عبيدة: حين جم واجتمع و(السمحج): الطويلة على وجه الأرض ليس بارتفاع إلى السماء. (وأزعلته): نشطته و(الزعل): النشاط وهو المرح والأرن والهبص: يقال هبص هبصا وأرن أرنا وزعل زعلا وكل هذا النشاط والمرح. ويروى: وأسعلته الأمرع: أي صيرته مثل السعلاة وهي المتمردة من الجن. و(الأمرع): الخصب يقال قوم ممرعون إذا كانوا مخصبين. ويروى: وصاحبته سمجح. ويقال الجميم نبت أول ما يخرج ويستمكن منه: وروي عن الأصمعي أيضًا الجميم أول البهمى قبل أن تتم. وعن أبي عبيدة قال: (الأمرع) الخصب يقال مكان مريع أي: مخصب فكأن واحد الأمرع مرع أو مرع: ويقال (السمحج) الطويلة الظهر.
17: بقرار قيعان سقاها وابل.......واه فأثجم برهة لا يقلع
قال الضبي: (القرار) جمع قرارة وهو حيث يستقر الماء. و(القيعان) جمع قاع وهو القطعة من الأرض الصلبة الطيبة الطين وتجمع القاع قيعة: قال الله جل وعز: {كسراب بقيعة}. والوابل: المطر العظيم القطر يقال وبلت الأرض فهي موبولة إذا أصابها الوبل. ويروى: (سقاها) صيف: وهو مطر الصيف. و(الواهي) كأنه منشق من شدة انصبابه وكثرة مائه يقال قد وهى يهي وهيا وكل منكسر فهو واه. و(أثجم) أقام وثبت. و(البرهة) الحين والزمان. وأنجم: أقلع.
18: فلبثن حينا يعتلجن بروضه.......فيجد حينا في العلاج ويشمع
ويروى بروضة. قوله (فلبثن) يعني الحمير. و(يعتلجن) يعض بعضهن بعضا ويرمحه ويعارضه وكل ذلك من فرط النشاط. (ويشمع) يلعب والمرأه الشموع اللعوب المزاحة اشتق للحمار من ذلك: فمرة يأخذ مع الأتن ويعاضهن بجد ومرة يشمع لا يجد: ويقال امرأة شموع أي لعوب مزاحة. قال الشاعر:
تقول هند يوم قامت تشمع.......ما لك قد أزرى بك التسعسع
ومنه اشتق للحمار. و(الروضة) البقعة يجتمع فيها الماء ينبت فيها البقل والعشب ولا تسمى روضة إذا كان بها شجر يقال قد أراض هذا المكان وأروض واستروض: وتجمع الروضة روضات وروضا ورياضا: وقال أبو عمرو: (الروضة) من الماء أيضًا يكون نحوا من نصف الحوض: وأنشد لهميان بن قحافة السعدي:
وروضة في الحوض قد سقيتها.......نضوي وأرض قفرة طويتها
ويروى: في العراك. وقيل (يعتلجن) يلعبن ويتمرغن بروضه أي: بروض ذلك القرار الذي أمطره هذا الغيث. فيجد يعني العير. وقال أحمد بن عبيد: لا تسمى الروضة روضة إلا باجتماع ماء ونبت ولا تسمى روضة بأحدهما.
19: حتى إذا جزرت مياه رزونه.......وبأي حين ملاوة تتقطع
(جزرت): نقصت وغارت وقد جزر الماء يجزر جزورا. و(مياه) جمع مآء ويجمع الماء أمواها وأصل الماء ماه يدل على ذلك الجمع أمواه ومياه. و(الرزون) أماكن في الجبل يكون فيها الماء الواحد رزن ورزن والجمع رزون ورزان مثل فرخ وفراخ وفروخ: وأنشد:
وما خفت وشك البين حتى رأيتها.......ميممة رزن القرية عيرها
ويروى: (مياه رزانه). ويروى: حتى إذا نشحت ونشحت بكسر الشين وفتحها معناه نقصت. و(ملاوة) زمن ودهر من قولهم تمليت العيش وملاك الله النعمة أي أمتعك بها زمانا. وحكى أبو عبيدة ملاوة وملاوة وملاوة بضم الميم وفتحها وكسرها: يقال للدهر الملا والليل والنهار الملوان. وروى الأصمعي: وبأي حز ملاوة أي: في وقت شديد من قولهم جاءنا في حزة منكرة: أي: انقطعت هذه المياه عن الحمير في شدة الحر حين لا يصبرن عن الماء وتنقطع الرزون. وروى الأصمعي: رزانه: و(الرزان) الأماكن المرتفعة. قال أبو عبيدة: الرزان مناقع الماء واحدها رزنة. و(الملاوة) والملاوة والملاوة ثلاث لغات عن أبي عبيدة الدهر وروى الأصمعي: بأي حز ملاوة. ويقال مكث ملاوة طويلة أي زمانا طويلا: ومن ثم قيل: تمليت حبيبا. أي طال عمره. ويقال جئتنا على حزة منكرة يقول. في أي حين تنقطع هذه المياه يتعجب من شدة الحر. وقوله (وبأي) حز ملاوة ليس باستفهام هو خبر فيه تعجب كقولك: أي حين دهر انقطع عنه الماء حين لا يصبر عنه. كما تقول: بأي حين مات ابنه حين رق عظمه وكبرت سنه.
20: ذكر الورود بها وشاقى أمره.......شؤم وأقبل حينه يتتبع
أي ذكر الحمار الورود بهذه العيون ويقال بها بالأتن: وإنما يصف حين انقطعت عنه مياه السماء فاحتاج إلى العيون القديمة: فقال بها ولم يتقدم لها ذكر وهذا كثير في كلام العرب. (وشاقى أمره) فاعله من الشقاء وقد روي شؤما بالنصب. وإنما مشاقاته أنه لم يزل يرى شيئا ينكره ويخيل إليه فهو يتقدم ضرورة قال الأصمعي: وروى ابن أبي طرفة الهذلي: (وأقبل حينه) بالرفع يجعل الفعل للحين. ويروى (يتنبع): أي يجيء حينه قليلا قليلا وهي رواية ابن الأعرابي. و(الحين) في هذه الرواية الماء يظهر للحمار: يقال نبع ينبع نبعا ونبوعا: فإذا رآه الحمار اشتد عطشه: كما قال ذو الرمة وهو يذكر ورود الحمير الماء:
فعرضت طلقا أعناقها فرقا.......ثم اطباها حرير الماء ينسكب
21: فافتنهن من السواء وماؤه.......بثر وعانده طريق مهيع
قال الضبي: (افتنهن) فرقهن يطردهن فنونا من الطرد من قولك: افتن فلان في كلامه إذا أخذ في فنونه وهي ضروبه: ويقال (افتنهن) أي أقبل بهن وهو الافتنان: وقال أبو ذؤيب:
فافتن بعد تمام الظمء ناجية.......مثل الهراوة ثنيا بكرها أبد
أي مستوحش وهو مأخوذ من الأوابد وهي الوحش ومنه قولهم جاء فلان بآبدة أي بكلمة لا تعرف ومنه أوابد الشعر وهو ما لا تعرف معانيه لغموضه وهي المؤبدات. والثني من الإبل والخيل والحمر التي قد وضعت بطنين. وروى أبو عبيدة. فاحتطهن من السواء. ويروى: فاحتثهن. والسواء رأس الحرة: وقال عدي بن زيد يصف المنايا:
وأية أرض لا أطفن بأهلها.......بلغن السواء وارتقين المصانعا
عني المنايا أنها لا تدع سهلا ولا جبلا. ويقال السواء من الأرض ما استوى وامتد. والمصانع القصور فوق الجبال: قال الله عز وجل: {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون}. ويقال السواء محرم قاله أبو عبيدة. وبثر موضع وأنشد الأصمعي:
إلى أي نساق وقد بلغنا.......ظماء عن مسيحة ماء بثر
قال أحمد بن عبيد: يقول إلى أين نساق عن هذا الماء الرواء ونحن في حال ظماء. ويقال بثر كثير. وقال ابن الأعرابي: بثر ماء يعرف بذات عرق. وعانده عارضه ومنه المعاندة بين الناس أن يفعل الرجل خلاف فعل صاحبه: ومنه بعير عنود وهو الذي لا يسير مع الإبل إنما يسير في أعراضها. والمهيع: الطريق البين الواضح وأنشد:
فعددت آبائي إلى عرق الثرى.......فدعوتهم فعلمت أن لم يسمعوا
ذهبوا فلم أدركهم ودعتهم.......غول أتوها والطريق المهيع
كل ما اغتال الإنسان فذهب به فهو غول ومنه يقال الجهل غول الحلم. وعرق الثرى يقال هو آدم ويقال إبراهيم عليهما السلام. ويقال افتنهن اشتق بهن وهو الافتنان أي أخذ بهن في شق ومضى. وبثر ههنا موضع وهو في موضع آخر ماء.
22: فكأنها بالجزع بين نبايع.......وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
أي كأن العير والأتن وهو يطردها بالجزع (وأولات ذي العرجاء نهب مجمع) أي إبل انتهبت فأجمعت فجعلت شيئا واحدا من قولك: أجمع فلان أمره: قال الله جل وعز: {فأجمعوا أمركم}: يريد أنها ليست بمجموعة من أماكن شتى: وإذا جمعت من أماكن مختلفة النجر والمواضع فهي مجموعة: وإذا جمعت شيئا تحت يدك فصررته فهو مجمع. وقال أبو عبيدة: إذا جمع المال وسيق فهو مجمع وإذا لم يسق فهو مجموع. ويقال المجمع ههنا المطرود: ويقال أجمع إبله إذا طردها: شبه هذه الحمير بإبل سرقت فطردت. والجزع بكسر الجيم منقطع الوادي: والجزع بفتح الجيم القطع يقال جزعت الوادي جزعا إذا قطعته: قال زهير:
ظهرن من السوبان ثم جزعنه.......على كل قيني قشيب ومفأم
و(الجزع) بالفتح أيضًا الحزز: وأنشد لامرئ القيس:
كأن عيون الوحش حول خبائنا.......وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
و(نبايع) موضع. والعرجاء أكمة أو هضبة وأولاتها قطع حولها من الأرض ومنه قوله: بأولات ذات الضال والسدر. وروي عن أبي زيد أنه قال: ذو العرجاء ماء لمزينة: وكذلك حكاه الباهلي. وقال الأصمعي: يقال نهبت الشيء فرقته وأنهبته صيرته نهى أي: أمرت بانتهابه وانتهبته كنت فيمن ينتهبه فيأخذه. وقال يعقوب: ناهبت طلبت النهاب الغنيمة وهو جمع نهب: قال: ويقال أنهب ماله إذا أمر أن خذوه وانتهبت ماله إذا أخذته وأنهبته إذا جعلت أفرقه بينهم. ويقال أولات ذي العرجاء أماكن: يقول فكأن الحمر بهذه المواضع إبل انتهبت وكف نواحيها وكف بعضها إلى بعض: وهو من قولك: أجمع أمرك ولا تتركه منتشرا: وليست بمجموعة من ههنا وههنا. ونبايع طريق.
23: وكأنهن ربابة وكأنه.......يسر يفيض على القداح ويصدع
قال الضبي: (وكأنهن) يعني الأتن. قال الأصمعي: أصل الربابة رقعة تجمع فيها القداح سميت ربابة من قولك فلان يرب أمره أي يجمعه ويصلحه: ومن ذلك سميت الرباب لاجتماعهم وتحالفهم وهم ضبة بن أد وتيم وعدي وعكل وثور وبنو عبد مناة بن أد: و(الربابة) ههنا القداح سميت بالرقعة التي تضمها وإنما شبه الحمار (باليسر) وهو صاحب الميسر وشبه الأتن (بالقداح) لاجتماعهن. و(يفيض) يدفع ومنه الإفاضة في عرفات. وقوله: (على القداح) أي: بالقداح. وحروف الخفض يخلف بعضهن بعضا. شبه الحمار باليسر يقول يصك الحمار بالأتن كيف يشاء كما يصك اليسر القداح: كما قال أبو النجم:
هيجها مروحا ترويحا.......كما يفيض اليسر القدوحا.......صكا معلاهن والمنيحا
ويقال شبه الأتن في اجتماعهن باجتماع القداح في اليد والحمار منكب عليها كانكباب اليسر. وقوله على القداح أي: هو يضرب بالقداح كما يقال روي عن الماء أي: وهو يشرب الماء ويسكر عن الشرب أي وهو يشربه. ويصدع يشق ويبين: وقال أبو عبيدة: يصدع أي يفرق من قول الله عز وجل: {فاصدع بما تؤمر}: أي: افرق به أي بالحق. ويقال يصدع أي: يصيح بأعلى صوته يقول هذا قدح فلان وفاز قدح فلان: وهذا القول منسوب إلى الخليل بن أحمد. وقال ابن الأعرابي: هو يصدع أي يخرج القداح فيفرقها. ويقال جعل أتنه كالقداح يجيلها كيف شاء فالحمار يصكها ويدفعها كما يفيض اليسر بالقداح.
24: وكأنما هو مدوس متقلب.......في الكف إلا أنه هو أضلع
قال الضبي: شبه الحمار لاجتماعه وصلابته لسمنه بالمدوس وهو مسن الصيقل وجمعه مداوس. وقال الأصمعي: (المدوس) الخشبة التي يجلو بها الصيقل: ثم كره أن يتركه مثل المدوس فقال: إلا أنه هو أضلع: أي أعظم وأجمع: يقال رجل ضليع بين الضلاعة ورجل ضليع الفم إذا كان عظيمه. غير الضبي: (المدوس) حجر يدوس به الصيقل السيف ودوسه إياه إذا جلاه. و(أضلع) أغلظ وأوثج: وأراد بقوله (مدوس) أنه صلب كذلك الحجر: وإنما يعني الفحل: ومعنى يدوس أي يصقل به. و(متقلب) يعني المدوس: فأراد أن الفحل شديد كهذا المدوس.
25: فوردن والعيوق مقعد رابئ الضـ.......ـرباء فوق النظم لا يتتلع
قال الضبي: ويروى فوق النجم: والنجم: الثريا. و(العيوق): كوكب يطلع بحيال الثريا وطلوعه قبل الجوزاء. و(النظم) نظم الجوزاء. و(الضرباء) قوم يضربون بالقداح: شبه مكان العيوق من الجوزاء بمقعد رابئ الضرباء وهو رجل يقعد فوق القوم الذين يضربون بالقداح ينظر ما يعملون وهو مأخوذ من ربيئة القوم وهو طليعتهم يقال ربأت القوم أربأهم ربئا. قال ابن الأعرابي: الرابئ الذي يقعد خلف ضارب القداح فإذا نهد قدح حفظه مخافة أن يبدل: وإنما وصف أن الحمير وردن في شدة الحر وذلك أن العيوق لا يكون على ما وصف إلا في شدة الحر في آخر الليل. وقوله لا يتتلع أي لا يتقدم ولا يرتفع: يقال ما تلع معي فلان خطوة ونصب مقعد لأنه صفة. وقال الضبي: فوردن يعني الحمر. والعيوق من النظم نظم الجوزاء مقعد رابئ الضرباء أي في مقعده: ومقعده خلفهم. والرابئ أمينهم. وواحد الضرباء ضريب كقولك نبيل ونبلاء وكريم وكرماء. وقال أحمد بن عبيد: يعني أنه ورد الماء في السحر وهو وقت تميل فيه الثريا للغروب والعيوق خلفها قريبا كقرب القيب من الحرضة: والحرضة الذي يفيض بالقداح. قال أحمد: و(العيوق) نجم يتلو الثريا.
26: فشعرن في حجرات عذب بارد.......حصب البطاح تغيب فيه الأكرع
قال الضبي: أي فشرعت الحمير: وشروعهن مدهن أعناقهن ليشربن. و(الحجرات) النواحي الواحدة حجرة: ومثل من الأمثال: تأكل وسطا وتربض حجرة يضرب مثلا للكثير المؤونة القليل المعونة. و(الحصب) الذي فيه حصباء. و(البطاح) بطون الأودية. وإذا كان الماء على حصباء كان أعذب له وأمرأ: وأنشد لجرير:
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة.......تدع الحوائم لا يجدن غليلا
بالعذب في رصف القلات مقيله.......قض البطاح ولا يزال ظليلا
قوله (تغيب فيه) يريد في البطاح. و(الأكرع): جمع كراع يعني أكرع الحمير. غير الضبي: (البطاح): الرمل ويقال أرض فيها رمل: و(حصب البطاح) أي بطاحه ذات حصباء أي ذات حصى.
27: فشربن ثم سمعن حسا دونه.......شرف الحجاب وريب قرع يقرع
أي شربت الحمير ثم سمعت حسا دون ذلك الحس شرف الحجاب. و(الحجاب) الحرة وشرفها ما ارتفع منها عند منقطعها: وأنشد للمرار:
ألم تر أنا أهل سوداء جونة.......وأهل سوام في حجاب موقر
وقال أمية بن أبي عائد الهذلي:
فما ذا تخرف من حالق.......ومن حدب وحجاب وجال
ويقال أراد شرف حجاب الصائد. وقوله (وريب قرع يقرع) أي وسمعن ما يريبهن من قرع قوس وصوت وتر قال الأصمعي: إذا شبه الشاعر ناقته بالحمار لم يصفه إلا بقلة الشرب كما قال ذو الرمة:
حتى إذا زلجت عن كل حنجرة.......إلى الغليل ولم يقصعنه نغب
والنغب الجرع. ويقصعنه يقتلنه. وقال غير الضبي: وقول ذي الرمة أجود من قول رؤبة حين يقول: حتى إذا ما عيرها تحببا، وقول أوس أجود من قول ذي الرمة حيث يقول:
فخاض إليه الماء حتى كأنه.......معاطي يد من جمة الماء غارف
[شرح المفضليات: 849-866]


  #4  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 10:18 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تابع شرح المفضليات لابن الأنباري

28: ونميمة من قانص متلبب.......في كفه جشء أجش وأقطع
قال الضبي: يعني (نميمة القانص) أي ما نم عليه من حركة أو رائحة دسم استروحتها الحمير: ويقال (النميمة) ههنا صوت الوتر. وروى ابن الأعرابي: وهماهما من قانص: والأصمعي رد هذه الرواية وقال: (القانص) أشد حذرا من أن يهمهم وأنشد قول رؤبة في وصف القانص:
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق.......سرا وقد أون تأوين العقق
العقق: جمع عقوق وهي الحامل: وأون امتلأن ريا من الماء حتى خرجت خواصرهن:

في الزرب لو يمضغ شريا ما بصق

والشري الحنظل: وأنشد قول الراجز:
وصاحب لا يشتكي الإعوازا.......غمزت أم رأسه فرازا.......أسهمه ثم غدا ممازا
يريد أنه لما رأى الصيد كره أن يتكلم فغمز رأس صاحبه يؤذنه بالصيد. وقوله فرازا أي راز أسهمه تخبرها. وأنشد في مثل ذلك لزهير:
فينا نبغي الصيد جاء غلامنا.......يدب ويخفي شخصه ويضائله
و(الجشء): القضيب الخفيف من النبع تعمل منه القوس. و(الأجش): الذي في صوته جشة كالجشة في حلق الإنسان. (وأقطع) جمع قطع والجمع الكثير القطاع وهو النصل العريض القصير: والمعابل السهام العراض النصول: وأنشدني الضبي:
لها عكن ترد النبل خنسا.......وتهزاء بالمعابل والقطاع
يصف فرسا. والمتلبب المتحزم بثوبه: وقال أبو عمرو: هو المتقلد كنانته: وفي هذا الموضع هو المتسلح غير الضبي: جعله أجش يقول ليس بصوت دقيق ولكنه بمنزلة الجشة في الحلق وهو الغلظ كالبحة: والقطع نصل بين النصلين.
29: فنكرنه ونفرن وامترست به.......سطعاء هادية وهاد جرشع
قال الضبي: أي نكرت الحمير النميمة والصوت. وقال الأصمعي: (الإمتراس): الدنو واللزوق يقال مرس فلانا بفلان إذا لزق به وتمارس الرجلان في الصراع و(الإمراس) أن يخرج الحبل إذا مرس وهو وقوعه بين القعو وخد البكرة: قال الحطيئة:
وقد مدحتكم عمدا لأرشدكم.......كيما يكون لكم متحي وإمراسي
وقال الراجز:
درنا ودارت بكرة نخيس.......لا كرة المجرى ولا مروس
و(الهادية) المتقدمة ومن هذا سميت الأعناق الهوادي و(هوادي) كل شيء أوائله: ومنه قول الآخر:
إذا لم يجتزر لبنيه لحما.......غريضا من هوادي الوحش جاعوا
غير الضبي: فنكرنه يعني الحمير نكرن الصائد. (وامترست به) أي صارت هذه الأتان صاحبة الفحل تلازمه. وبه الهاء للحمار. ويروى هوجاء: أي فيها هوج من سرعتها: و(سطعاء) رواية أبي عبيدة: أي: امترست هذه الأتان بالفحل تكاده وتحكك به وتسير معه والمعنى امترست به أتان سطعاء هادية وهو هاد جرشع وامترس هو أيضًا بها كما امترست به.
30: فرمى فأنفذ من نجود عائط.......سهما فخر وريشه متصمع
وقال الضبي: أي رمى الصائد أتانا نجودا وهي العبلة المشرفة أخذت من النجد وهو ما أشرف من الأرض ومنه سميت بلاد نجد لارتفاعها ومنه قيل رجل نجد إذا كان عالي الأخلاق شريفها. ويروى: من نحوص عائط: وجمع النحوص نحص وهي الحائل. و(العائط): التي اعتاطت رحمها فبقيت أعواما لا تحمل قال الأسعر الجعفي:
فمنحت رمحي عائط مبسورة.......كوماء أطراف العضاه لها خلا
قال أبو عبيدة: (العائط) التي لم تحمل سنتها وجمعها عيط وعيط وعوائط. و(متصمع) منضم من الدم كالأذن الصمعاء وهي الصغيرة المنضمة: ومنه سميت الصومعة وهي فوعلة منه لأنها منضمة: وإنما جعله متصمعا لأنه انضم من الدم: ومنه قيل بعرات متصمعات أي عطاش ملتزقات أي فيهن صمع. وقيل (النجود) المتقدمة الجريئة الطويلة من الأرض وهو قول الأصمعي.
31: فبدا له أقراب هذا رائغا.......عجلا فعيث في الكنانة يرجع
قال الضبي: (أقراب) جمع قرب: وإنما بدا له قرب واحد فجمعه بما حوله: و(بدا) ظهر كقول ذي الرمة:
براقة الجيد واللبات واضحة.......كأنها ظبية أفضى بها لبب
و(رائغا) عادلا. و(عيث في الكنانة) أي أدخل يده فيها يأخذ سهما: وقال الأصمعي: عيث طلب: ويقال عيث مد يده إلى كنانته: ومنه قولهم عاث في الأرض إذا مد يده فيها إلى فساد يعيث: وعثى يعثى: ومنه قوله جل وعز: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}: ومنه قول الشاعر:
فعيث في السنام غداة قر.......بسكين موثقة النصاب
أي مد يده فيه بما أفسده. ويقال أرجع يرجع إذا مد يده إلى خلفه: وقال الأصمعي: إذا مد يده إلى شيء يطلبه قيل قد أرجع: فإذا انصرف بجسده كله قيل قد رجع بغير ألف. وقال غير الضبي: فبدا له الهاء للصائد أي ظهر له أقراب هذا الحمار أي خواصره حين راغ: فعيث الصائد بيده إلى كنانته أي أهوى بها ليأخذ سهما: ومنه عاث الذئب في الغنم إذا مد يده فأخذ شاة. وكذلك يرجع يقال أرجع بيده إلى كنانته فأخذ منها سهما. ويقال الأقراب الخواصر وما بينها واحدها قرب. وعيث في الكنانة أدخل يده فيها يختار سهما آخر. وقيل إن يرجع لغة هذيل يقولون رجعت الشيء وأرجعته. ويروى: فبدا له أقراب هذا رائغًا * عنه: يريد حمارا آخر يقول لما أصاب هذا بدا له آخر فرد يده إلى كنانته ليأخذ سهما آخر وقيل الأقراب ما فوق الخواصر والآباط. والعرب تقول: لأوجعن قربيك أي خاصرتيك إلى الإبط منك.
32: فرمى فألحق صاعديا مطحرا.......بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
قال الضبي: (الصاعدي) منسوب إلى قرية باليمن يقال لها صعدة عن ابن الأعرابي. و(المطحر): السهم البعيد الذهاب يقال طحره عنه طحرا إذا أبعده عنه: ومنه قول طرفة وهو يذكر عيني ناقته:
طحوران عوار القذى فتراهما.......كمكحولتي مذعورة أم فرقد
و(المطحر) الذي قد ألزق قذذه: فيقال قد أطحرت ختانه الصبي إذا استقصي فيها. وقوله (فاشتملت عليه) أي اشتملت الضلوع على السهم: وإنما رمى الكشح لحذقه بالرمي لأنه ليس بينه وبين الجوف عظم يرد السهم: كما قال الأعشى:
قد نخضب العير في مكنون فائله.......وقد يشيط على أرماحنا البطل
وقال الأصمعي: القانص الحاذق بالرمي إذا رمى يتعمد الخربة وهي نقرة في الورك ليس بينها وبين الجوف عظم وكذلك الطاعن يتعمد ذلك الموضع ولذلك فخر به الأعشى يقول إنا بصراء بالطعن. والفائل: عرق يخرج من الجوف في الخربة فيجري في الفخذ: ومكنون الفائل دمه فأراد من الدم المكنون في ذلك الموضع وقال غير الضبي: يروى مطحرا ومطحرا: فمن كسر الميم أراد البعيد الذهاب: ومن ضم الميم أراد الذي ألزقت قذذه أي ريشه أدقت جدا: قال: وكذلك أطحرت ختانته إذا أخذت جدا. قال: واشتملت عليه أي على السهم أي: التحفت عليه: ومعناه تغيب فيها السهم: ويقال أطحرت السهم وطحر هو وسهم طاحر نافذ: وهذه لغتهم: وكان الأصمعي يقول المطحر الذي قد ألزقت قذذه: قال: والصاعدي المرهف: ولا أدري إلى من نسبه.
33: فأبدهن حتوفهن فهارب.......بذمائه أو بارك متجعجع
(أبدهن حتوفهن) أعطى كل واحدة منهن حتفها على حدة لم يقتل اثنين بسهم واحد ولم يقتل واحدا ويدع واحدا: ويقال أبد الخليفة الناس أعطياتهم أي أعطى كل واحد منهم على حدته ويروى أن أعرابيا دعى على قوم فقال: اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبقى منهم أحدا لا والدا ولا ولدا: ويقال أبدت القوم السؤال إذا سألت كل واحد منهم على حدته: وأنشد أبو عبيدة:
قلت من أنت يا ظعين فقالت.......أمبد سؤالك العالمينا
أي أتسأل كل انسان على حدته. و(الذماء) بقية النفس. و(المتجعجع) الساقط المتضرب. ويروى: بدمائه رواه أبو عمرو. وقال غير أبي عكرمة في روايته: فطالع بذمائه: أي: مشرف ببقية نفسه وحشاشتها. ويروى أو ساقط متجعجع: والجعجاع المحبس: ومنه قول الآخر:
من يذق الحرب يجد طعمها.......مرا وتحبسه بجعجاع
34: يعثرن في حد الظبات كأنما.......كسيت برود بني تزيد الأذرع
قال الضبي: أي تعثر الحمير (في حد الظبات): وهي جمع ظبة وهي حد النصل أي يعثرن والسهام فيهن كقولك صلى فلان في سيفه أي: وعليه سيفه. وقال أبو عبيدة: يعثرن في حد الظبات من كثرتهن كما قال: والخيل تعثر في القنا المتحطم. وروى الأصمعي: يعثرن في علق النجيع: والعلق قطع الدم. والنجيع الطري. و(تزيد) ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ينسب إليهم البرود التزيدية وقال ابن الأعرابي: تزيد وعريد وعريب ومهرة وجنادة بنو حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وروى أبو عبيدة: برود أبي يزيد: قال: وكان تاجرا يبيع العصب بمكة: شبه طرائق الدم على أذرعها بطرائق في تلك البرود لأن فيها حمرة. وقال غير الضبي: الظبة طرف النصل وحده. وقال: تزيد من قضاعة: وأبى ذلك الأصمعي: والناس يروونه بني يزيد.
35: والدهر لا يبقى على حدثانه.......شبب أفزته الكلاب مروع
قال الضبي: (الشبب) والشبوب والمشب المسن من الثيران: وقال أبو عبيدة: هو الذي انتهى شبابه بمنزلة البازل من الإبل والقارح من الخيل والصالغ من الغنم. و(أفزته) طردته: قال الشاعر:
أفز عن قمر محملجات.......توالب الأبناء والبنات
يصف حمارا يطرد ذكور أولاده عن أمهاتها: يقال: إنه لأغير من حمار: قال الشاعر:
لو أبصرتني أخت جيراننا.......إذ أنا في الحي كأني حمار
إذ أحمل الوطب على آلة.......تحلب لي فيها اللجاب الغزار
ومن غيرة الحمار أنه ربما جب ذكور ولده. ويروى: مفزع.
36: شعف الكلاب الضاريات فؤاده.......فإذا رأى الصبح المصدق يفزع
قال الأصمعي: كل شيء ذهب بالفؤاد من خير أو شر شاعف: وأنشد لامرئ القيس:
ليقتلني وقد شعفت فؤادها.......كما شعف المهنوءة الرجل الطالي
و(الصبح المصدق) المضيء: يقال صبح صادق وصبح كاذب: وإنما يفزع الثور عند الصبح لأن الصياد يباكرونه بالكلاب.
37: ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه.......قطر وراحته بليل زعزع
قال الضبي: يقال عاذ به (يعوذ) عوذا ولاذ به يلوذ لوذا ولاوذه لواذا إذا لجأ إليه. و(الأرطى) شجر يعتاده البقر. و(شفه) آذاه وجهده. و(البليل) الريح الباردة. و(الزعزع) الشديدة التي تزعزع الشجر والأبنية لشدة هبوبها. وقال غير الضبي: (يعوذ) يعني الثور بالأرطى ليمتنع بها وعاذ ولاذ واحد أي لجأ. و(شفه) جهده. (وراحته) أي: أصابته ريح بليل أي شمال باردة تنضح الماء. و(زعزع) شديدة تحرك كل شيء. وروى أبو عبيدة: (ورائحة بليل). (وراحته) من الريح: ومنه قول صخر الغي الهذلي:
وماء وردت على زورة.......كمشي السبنتى يراح الشفيفا
ويقال غصن مروح إذا كانت الريح تصيبه. ويروى: ويلوذ بالأرطى ويقال يلوذ يستتر. و(شفه) شق عليه وبرح به. و(البليل الريح) التي كأنها تنضح الماء من بردها.
38: يرمي بعينيه الغيوب وطرفه.......مغض يصدق طرفه ما يسمع
قال الضبي: (الغيوب) جمع غيب وهو المكان المطمئن: فالثور يرمي بطرفه إلى الغيوب لما يأتيه منها. و(المغضي) الذي له بين كل نظرتين إغضاء وكذلك الثور وهو أقوى لبصره. وقوله (يصدق طرفه ما يسمع) يقول إذا سمع شيئا رمى ببصره فصار ذلك تصديقا له: يريد أنه لا يغفل عما يسمع. وروى أبو جعفر أحمد بن عبيد: (طرفه) نصبا وجعل ما فاعلة: وقال: الوحش أنفها أصدق عندها من سمعها وبصرها وسمعها أصدق عندها من نظرها والغيوب التي لا ترى ما وراءها: فيقول ينظر إلى الغيوب خوفا أن يأتيه منها ما يخاف ويحذر: وله إغضاء فيما بين نظره وقتا بعد وقت.
39: فغدا يشرق متنه فبدا له.......أولى سوابقها قريبا توزع
قال الضبي: (يشرق متنه) يظهره للشمس ليذهب ما عليه من المطر وندى الليل. و(بدا) ظهر للثور سوابق الكلاب. و(توزع) تحبس وتكف على ما تخلف منها لأنها إذا لقيت الثور فرادى لم تقو وقتلها واحد بعد واحد وإذا اجتمعت أعان بعضها بعضا: ويقال توزع تغرى: قال النابغة الذبياني:
فكان ضمران منه حيث يوزعه.......طعن المعارك عند المجحر النجد
يوزعه يغريه: يقال هو يوزع بالشيء إذا كان مولعا به ومنه قول الله جل وعز: {أوزعني أن أشكر نعمتك}: فيقول كان الكلب من الثور بحيث يكون المطاعن من صاحبه أي: بحيث ينال كل واحد منهما صاحبه في القرب: والمعارك المقاتل الذي لا يبرح: والمجحر الملجأ المدرك: والنجد والنجيد الشجاع وقد نجد ينجد إذا صار شجاعا: ويروى النجد يريد العرق المكروب: وقد نجد ينجد فهو منجود ونجد ينجد نجدا من الكرب أيضا: وقال أبو زبيد:
صاديا يستغيث غير مغاث.......ولقد كان عصرة المنجود
أي الملهوف. فمن قال النجد فضم الجيم جعله نعتا للمعارك ومن كسر الجيم جعله نعتا للمجحر. ويروى: فهاب ضمران منه: وهو اسم الكلب أي خاف من الثور طعنا كطعن المعارك: فترك الطعن وأقام كطعن المعارك مقامه. ومن روى: فكان ضمران منه: جعل خبر كان حيث ورفع طعن المعارك بقوله يوزعه.
40: فاهتاج من فزع وسد فروجه.......غبر ضوار وافيان وأجدع
ويروى: فانصاع من فزع. ويروى: فارتاع من فزع. قال الأصمعي: انصاع أخذ في شق فذهب: قال أبو عبيدة: إذا ذهب فقد انصاع: وأنشد الأصمعي قول ذي الرمة:
فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت.......يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب
قال الأصمعي: (وسد فروجه) أي ملأ فروجه حضرا وشدة عدو: وقال أراد أن يقول فملأ فروجه غبر فقال وسد لما لم يؤت له ذلك: و(الغبر) هي التي فعلت ذلك به لأنه من أجلها أحضر. وروى الأصمعي: فسد فروجه غبس. ويروى: غضف. وقال أبو عبيدة: وسد فروجه غبر أي: دخلن بين قوائمه. والغبس: الكلاب تضرب غبرتها إلى السواد. و(وافيان) كلبان سالما الأذنين و(الأجدع) مقطوع الأذن وتلك علامة يعلم بها الكلاب. قال الأصمعي: (غبر ضوار) هي الباقية: ذهب به إلى الغبرة وهي البقية تبقى. قال أحمد بن عبيد: قال الأصمعي: (وسد فروجه) أي: أتينه من وجوهه كلها فلم يدعن له وجها ينفذ منه: وكذلك قول أبي عمرو وهو قريب منه أي: دخلن تحت قوائمه وبطنه: قال الجحاشي: فبعضها يأخذ طفطفته وبعضها أذنه وبعضها كاذته وبعضها ربلته. قوله فاهتاج يعني من الفزع. وفروجه ما بين قوائمه. يقول عدا الثور عدوا شديدا فكأن ذلك العدو سد فروجه إلا أن اللفظ للغبس والمعنى للعدو فكأن المعنى: ملأ فروجه عدوا حين رأى الكلاب.
41: ينهشنه ويذبهن ويحتمي.......عبل الشوى بالطرتين مولع
قال الضبي: روى أبو عبيدة: ويذودهن. قال الأصمعي: (النهش) تناول اللحم أو الشيء من غير تمكن شبيها بالاختلاس: والنهس أن يأخذ الشيء متمكنا بمقدم الأسنان: وقال الأصمعي: يقال نكزته الحية ووكزته ووخزته ونهشته وعضته ولسعته: ولدغته العقرب وأبرته ووكعته ولسبته فهي تلسبه لسبا: ولسبت العسل بالكسر ألسبه لسبا إذا لعقته. ويذودهن يمنعهن ويردهن. وعبل (الشوى) غليظ القوائم: والشوى ما لم يكن مقتلا مثل اليدين والرجلين و(الشوى) أيضا جمع شواة وهي جلدة الرأس و(الشوى) لحم الساقين و(الشوى) رذال المال: قال الشاعر:
أكلنا الشوى حتى إذا لم ندع شوى.......أشرنا خيراتها بالأصابع
و(الطرتان) الخطتان في الجنبين: فيقول به توليع بالخطتين اللتين في جنبيه والتوليع ألوان مختلفة: والطرتان والجدتان واحد. ويروى: ينهسنه.
42: فنحا لها بمذلقين كأنما.......بهما من النضخ المجدح أيدع
قال الضبي: (فنحا) أي فتحرف من قول امرئ القيس: فتنحى النزع في يسره، أي: تحرف ليكون أمكن له: والتحرف في الرمي والطعن أشد ما يكون. ويروى: فحبا لها: أي تقاصر ليطعنها. و(المذلقان) قرناه وكل محدد مذلق. وقال الأصمعي: التجديح أراد به حيث حرك قرنه في أجوافها فكأنه جدح أي حرك كما يحرك السويق واللبن بالمجدح: ويقال (المجدح) المخلوط يقال جدحت الشيء بالشيء وشبته وعلثته وغلثته إذا خلطته. و(الأيدع) دم الأخوين ويقال هو الزعفران ويقال شجر يصبغ به الصباغون: وأنشد قول رؤبة: كما اتقى محرم حج أيدعا، وقال الأصمعي: بين النضخ والنضح فرق فالنضخ بالخاء المعجمة لما ثخن مثل الدم وأنواع الطيب والنضح لما رق: ويقال النضح ما سقط من فوق إلى أسفل مثل الرش و(النضخ) ما ارتفع من أسفل إلى فوق. وقال غير الضبي: كأنما بهما أي بالقرنين من تلطخ الدم أيدع و(مجدح) يريد تحريك قرنه في أجوافها فلذلك تلطخا بالدم. ويروى: فحنا لها: وهو مثل حبا.
43: فكأن سفودين لما يقترا.......عجلا له بشواء شرب ينزع
قال الضبي: قال الأصمعي: (كأن سفودين لما يقترا بشواء شرب قط) أي هما جديدان لم يستعملا وذلك أحد لهما وأجدر أن يبلغا وينفذا شبه القرنين بهما. وقال أبو عبيدة: شبه قرني الثور وهما يكفان بالدم بسفودي شرب نزعا قبل أن يدرك الشواء فهما يكفان بالدم: وإنما خص الشرب لأنهم لا ينتظرون بالشواء أن يدرك: ومثله قول النابغة:
كأنه خارجا من جنب صفحته.......سفود شرب نسوه عند مفتأد
وقال ابن الأعرابي: لما يفترا أي لم يبردا هما حاران فهو أسرع لنفاذهما. (عجلا له) أي للثور. وقال غير الضبي: شبه القرنين وقد نفذا من جنبي الكلب بسفودين من حديد لم يقترا بشواء شرب أي هما جديدان لم يصبهما ريح قتار اللحم أي لم يشو بهما فهو أحد لهما. ثم قال عجلا له يعني القرنين عجلا إلى الكلب. والباء في بشواء صلة ليقتروا وليست الباء بصلة لعجلا. و(الشرب) القوم يشربون واحدهم شارب ومثله صاحب وصحب وراكب وركب. ومعنى لما لم أراد لم يقترا بشواء ينزع من السفود أي ليس ثمة شواء فينزع. ولم يعرف أبو عبيدة هذا البيت وفسره فقال: إنما شبه قرني الثور وهما يكفان بالدم حيث طعن الكلاب بسفودي شرب نزعا قيل أن يدرك الشواء فهما يكفان بالدم.
44: فصرعنه تحت الغبار وجنبه.......متترب ولكل جنب مصرع
قال الضبي: لم يرو هذا البيت أبو عبيدة يعني فصرعنه: يقول فصرع الكلاب الثور تحت الغبار. وقال: (ولكل جنب مصرع) أي كل من ترى يموت.
45: حتى إذا ارتدت وأقصد عصبة.......منها وقام شريدها يتضوع
أبو عمرو: (يتضوع) (وغيره يتضرع) أي: يعوي من الفرق. قال الضبي: أقصد الثور الكلاب والإقصاد أن يبلغ منها ما لا تنجو منه بعده والإقصاد القتل. و(شريدها) ما بقي منها. يتضرع يتصاغر ويتحاقر وقيل يتضاعف ويقال للرجل إذا ذل قد ضرع. ويتضوع يعوي من الفرق من الثور. و(عصبة) جماعة. (وأقصد) قتل وارتدت رجعت. ويروى: وأقصر عصبة منها.
46: فبدا له رب الكلاب بكفه.......بيض رهاب ريشهن مقزع
وروى أبو عبيدة: بيض رهاء: وهي المتلألئة. وروى ابن الأعرابي: بيض صوائب. قال الأصمعي: (رهاب) رقاق مرهفة واحدها رهيب يعني نصالا. و(المقزع) المنتف من كثرة ما رمي به. غير الضبي: (فبدا له) ظهر للثور. وبيض سهام نصالهن إلى البياض والبريق. و(رهاب) رقاق الشفرات والشفرة حد النصل. و(مقزع) محذف مخفف. ويروى: فدنا له رب الكلاب أي صاحبها. ويروى رهاف أي: رقاق.
47: فرمى لينقذ فرها فهوى له.......سهم فأنفذ طرتيه المنزع
أي: رمى الصائد الثور ليشغله عن باقي الكلاب. و(فرها) ما فر منها الواحد فار مثل صاحب وصحب. و(منزع سهم). وطرتاه الخطتان في جنبيه. قال أبو عمرو: فرها بقية الكلاب. فأنفذ طرتيه ناحيته. و(المنزع سهم) لأنه ينزع به ومعناه أن الثور قتل الكلاب بالطعن فبقيت منها بقية فرماه الصائد ليشغله عنها لينقذها منه ففرت منه. و(هوى) قصد. ويقال في فرها قولان: قال أبو عمرو والباهلي: (فرها) بقيتها، وقال غيرهما: فرها ما فر منها واحدها فار.
48: فكبا كما يكبو فنيق تارز.......بالخبت إلا أنه هو أبرع
(الفنيق): فحل الإبل. و(التارز): اليابس. و(الخبت): المطمئن من الأرض ليس به رمل. وقال الأصمعي: (أبرع) أكمل وأتم يقال أمر بارع أي تام وقد برع الرجل براعة إذا عظم شأنه: قال الشاعر:
صرى الفحل مني أن ضئيل سنامه.......ولم يصر ذات الني مني بروعها
الني الشحم. وصرى قطع وأنجى. وقال غير الضبي: (الخبت): البطن من الأرض وليس بالمطمئن جدا. وقال أبو عبيدة: (الخبت) المطمئن الذي فيه رمل: ويقال كبا يعني الثور سقط لوجهه لما رماه.
49: والدهر لا يبقى على حدثانه.......مستشعر حلق الحديد مقنع
قال الضبي: (مستشعر) اتخذه شعارا وهو الثوب الذي يلي الجسد. ويروى متسربل أي: يتخذه سربالا و(المقنع) اللابس المغفر: والمغفر ثوب تغطى به البيضة. ويروى: سميدع: وهو السيد. والمقنع الشاك السلاح التامه. و(حلق الحديد) حلق الدروع.
50: حميت عليه الدرع حتى وجهه.......من حرها يوم الكريهة أسفع
ويروى صدئت عليه الدرع. و(الأسفع) الأسود وأصل السفعة السواد أسفل العينين على الخد: والشاة سفعاء إذا كان في وجهها خطان أسودان والصقر أسفع: وأنشد قول زهير:
أهوى لها أسفع الخدين مطرق.......ريش القوادم لم تنصب له الشرك
وقال أبو عبيدة: (السفعة) سواد يضرب إلى حمرة وأسفع أسود. وقوله (من حرها) يعني الدرع.
51: تعدوبه خوصاء يفصم جريها.......حلق الرحالة فهي رخو تمزع
ويروى و(هي رخو). والخوصاء الغائرة العينين. و(يفصم) يكسر من شدته والفصم قال أبو زيد: أن يتصدع الشيء من غير أن يبين: قال ذو الرمة ووصف خشف ظبية:
كأنه دملج من فضة نبه.......في ملعب من عذارى الحي مفصوم
وإنما جعله مفصوما لتثنيه. و(الرحالة) سرج من جلود يشد فيه خيوط كانوا يعدونه للجري [السريع]: وقال غير الأصمعي الرحالة السرج: وقال خالد بن كلثوم كانوا يركبون برحائل صغار ولم تكن لهم سروج: وأنشد قول الأسعر الجعفي:
نهد المراكل ما يزال زميله.......فوق الرحالة ما يبالي ما أتى
وزميله راكبه. وقوله (فهي رخو تمزع) أراد فهي شيء رخو فلذلك ذكر. و(تمزع) تمر مرا سريعا والمزع المر السريع على مثل مر الغزال: وأنشد: شديد الركض يمزع كالغزال، وقال ابن الأعرابي: رخو مسترسلة: وقال خالد: رخو متراخية في سيرها. ويروى يقطع جريها. وقوله (تعدو) أي بهذا المستشعر. ويفصم يفك ويفصل: يقول تعدو فتزفر فإذا زفرت انقطع حلق الحزام. وقيل: إن الراحالة سرج من جلود ليس فيه خشب مانوا يعدونه للجري البعيد والحلق حلق الحزام وقال أبو عبيدة: المزع أول العدو وآخر المشي.
52: قصر الصبوح لها فشرج لحمها.......بالني فهي تثوخ فيها الإصبغ
ويروى: (قصر الصبوح لها فشرج لحمها). ويروى: رصن الصبوح لها: أي أحكم. و(قصر) حبس: وأنشد أبو عمرو بن العلاء:
قصرنا عليها بالمقيظ لقاحنا.......رباعية وبازلا وسديسا
وأصل (القصر) الحبس. و(الصبوح): شرب الغداة. و(شرج لحمها) أي: خلط بشحم والتشريج: الخلط. و(الني): الشحم. و(تثوخ): تغيب أراد أن عليها من الشحم واللحم ما لو غمرت فيه الإصبع لم تبلغ العظم: ولم يرد أن الإصبع تغيب فيه. وقال الأصمعي: هذا من أخبث ما نعتت به الخيل لأن هذه لو عدت ساعة لانقطعت لكثرة شحمها: وإنما توصف الخيل بصلابة اللحم كما قال امرؤ القيس:
بعجلزة قد أترز الجري لحمها.......كميت كأنها هراوة منوال
وقال: أبو ذؤيب لم يكن صاحب خيل. وقصر الصبوح لها أي صاحب الغرس حبس اللبن لها ليسقيها فشرج ذلك لحمها. ومن روى فشرج لحمها أي جعل فيه لونان من الشحم واللحم. ومن روى رصن الصبوح لها أي أقيم لها وأحكم أمرها: ومنه يقال: رماه بقول رصين أي محكم.
53: متفلق أنساؤها عن قانئ.......كالقراط صاو غبره لا يرضع
أراد (بالنسا) موضع النسا والنسا لا يتفلق وإنما يتفلق موضعه يريد انفلقت فخذها عن موضع النسا بلحمتين: يقال فرس منشقة النسا فيريد أن موضع النسا انشق اللحم فيه فرقتين حتى بدا النسا: و(النسا) عرق يخرج من فوارة الورك ويستبطن الفخذ ثم يخرج في الساق فينحرف عن الكعب ثم يجري في الوظيف حتى يبلغ الحافر. فاللفظ على النسا والمعنى على ما حوله كما يقال: فلان شديد الأخدع أي شديد الظهر: وشديد الأبهر مثله والأبهر عرق في الظهر: وأنشد للمتنخل الهذلي:
ولكنه هين لين.......كعالية الرمح عرد نساه
يريد (بالنسا) الرجل. وقوله (عن قانئ) أراد أن الضرع كان أبيض فاحمر ثم دخله شيء من سواد: فجعله قانئا حين طال عليه العهد وذهب اللبن. وقوله (كالقرط) شبهه لصغره بالقرط. وقوله (عن قانئ) أراد مع قانئ والصاوي اليابس. و(الغبر) بقية اللبن أراد أنها ذاوية الضرع لم تحمل زمانا فهو أشد لها: وقال الأصمعي في قوله (غبره لا يرضع) أي: ليس ثم غبر فيرضع لأنها لم تحمل، قال: وهذا مثل قولهم فلان لا يرجى خيره أي ليس عنده خير فيرجى: ومثله قول امرئ القيس:
على لاحب لا يهتدى بمناره.......إذا سافه العود الديافي جرجرا
أي ليس فيه منار، ومثله قول عمرو بن أحمر:
لا تفزع الأرنب أهوالها.......ولا ترى الضب بها ينجحر
أي ليس ثم ضب: ومثله قول النابغة:
يحفه جانبا نيق وتتبعه.......مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
أي ليس بها رمد فتكحل منه. والأنساء جمع نسا مقصور وإنما يعني أنها لم تحمل فهو أسمن لها وأقوى: أي تفلقت اللحمة عن النسا ولها ضرع هذه حاله.
54: تأبى بدرتها إذا ما استغضبت.......إلا الحميم فإنه يتبضع
قال الضبي: قال الأصمعي تأبى أن تدر بما عندها من الجري إلا الحميم وهو العرق. فإنه يتبضع أي يتبزل يرشح به جلدها قال: وغلط أبو ذؤيب في هذا البيت لأنه لم يكن صاحب خيل. وقال أبو عبيدة: أراد أنه لا درة بها من لبن ولا غيره إلا العرق فإنه يقطر. وقال غيره: الفرس الجواد إذا حركته أعطاك ما عنده: فإذا حملته على أكثر من ذلك وحركته بسوط أو رجل حملته عزة نفسه على ترك العدو والأخذ في المرح وقال خالد بن كلثوم: تأبى العدو إلا عرقا. وقال ابن الأعرابي: يقول إذا حميت في الجري وحمي عليها لم تدر بعرق كثير ولكنها تبتل وهو أجود لها.
55: بينا تعنقه الكماة وروغه.......يوما أتيح له جريء سلفع
قال الضبي: قال الأصمعي: يقول بينا هو في تعنق الكماة (وروغ) منهم أتيح له أي قدر له: و(بينا) في موضع بين والألف زائدة أراد بين تعنقه وروغانه. و(السلفع) الجريء الواسع الصدر يقال للمرأة إذا كانت جريئة بذيئة سلفع وكذلك يقال ناقة سلفع. ويروى: بينا تعانقه الكماة وروغه. وروى أبو عبيدة: فيما تعنقه الكماة (وروغه): جعل ما زائدة صلة في الكلام أي بينا يقتل ويراوغ إذ قتل. و(أتيح) قدر يقول قدر له رجل جريء سلفع: و(السلفع الجريء) الصدر.
56: بعدو به نهش المشاش كأنه.......صدع سليم رجعه لا يظلع
قال الضبي: قال الأصمعي: (النهش) الخفيف وأنشد للراعي:
متوضح الأقراب فيه شهبة.......نهش اليدين تخاله مشكولا
قال: وهو من نهش الحية: ويقال (نهش المشاش) خفيف اليدين. ويروى: عظمه لا يظلع. قال الأصمعي: (الصدع) من الحمر والظباء والوعول وسط منها ليس بالعظيم ولا الصغير. وقال غيره. أكثر ما يقال في الوعول لخفة لحومها: والفرس يشبه بالصدع: وأنشد لدريد بن الصمة:
حرب عوان ليتني فيها جذع.......أخب فيها وأضع.......كأنني شاة صدع
و(رجعه) عطفة يديه. و(سليم لا يظلع). ويروى يعدو به غوج اللبان: واللبان الصدر والغوج الواسع يقال فرس غوج موج إذا كان سريعا لين الرأس عند العطف يتثنى: ويقال لكل ما تثنى ولان غوج وقد غاج يغوج. ويروى: (نهش المشاش): ومعناه خفيف القوائم في العدو.
57: فتناديا وتوافقت خيلاهما.......وكلاهما بطل اللقاء مخدع
قال الضبي: روى أبو عبيدة: فتناذرا: قال الأصمعي: تناذرا للنزال. وقوله (بطل اللقاء) أي بطل عند اللقاء. و(المخدع) المجرب المجرس: وقال أبو عبيدة: المخدع في الحرب، وقال غيره: قد خدع مرة بعد مرة وقد حذر وفهم. وروى ابن الأعرابي مخذع بالذال معجمة أي: مقطع قال: والتخذيع ضرب لا ينفذ. ويروى مشيع وهو الذي معه من الصرامة والجرأة ما يشبعه. ويقال بطل بين البطولة وقد بطل الرجل إذا كان بطلا وما أبين البطولة في فلان إذا كان شجاعا: فإذا أردت الفراغ قلت ما أبين البطالة في فلان. ويروى: فتنازلا وتواقفت: المنازلة إذا ترجلوا للقتال ترجلا. وخيلاهما خيل ذا وخيل ذا: وقفت خيلاهما وأسلمتهما ويقال المخدع الذي قد قاتل وقوتل. وتناذرا أنذر كل واحد منهما صاحبه يخوفه نفسه.
58: متحاميين المجد كل واثق.......ببلائه واليوم يوم أشنع
أي: كل واحد منهما يحمي المجد لنفسه يطلب أن يغلب فيذكر بالغلبة وكل قد علم من نفسه بلاء حسنا فيما قد تقدم منه من اللقاء وكل واحد منهما مقتدر في نفسه وذلك أشد لقتاله. و(الأشنع) الكريه والشناعة الكراهة ومنه الشنعة والشنيع. وقال غير الضبي: (متحاميين المجد) كل واحد يريده لنفسه. و(يوم أشنع) كريه السمع والمنظر. ويروى: يتناهبان المجد: يتخذانه نهبا ببلائهما في الحرب.
59: وعليهما مسرودتان قضاهما.......داوود أو صنع السوابغ تبع
ويروى وعليهما ماذيتان. وروى التوزي: وتعاورا: يعني رجلين. و(مسرودتان) يعني درعين. تعاورا بالطعن والتعاور لا يكون إلا من اثنين وهو أن يفعل كل واحد منهما مثل فعل صاحبه: وأصل العارية تحويلك الشيء من موضع إلى موضع: وقد تعاورنا فلانا ضربا إذا ضربته أنت ثم صاحبك: ومنه أعرني دابتك أي حولها إلى: وأنشد:
فأخلف وأتلف إنما المال عارة.......وكله مع الدهر الذي هو آكله
وقال الأصمعي: (السرد) الخزز في الأديم: وأظنه أراد في الدرع مثل ذلك. و(قضاهما) فرغ منهما. و(الصنع) الحاذق في العمل والصنع ههنا تبع وهو من حمير وكان ملكا: قال: سمع بأن الحديد سخر لداوود عليه السلام وسمع بالدروع التبعية فظن أن تبعا عملها: وكان تبع أعظم شأنا من أن يصنع شيئا بيده وإنما عملت بأمره وفي ملكه. وقضاهما أحكمهما: قال: وهذا مثل قول الأعشى:
فإني وثوبي راهب اللج والتي.......بناها قصي وحده وابن جرهم
لم يدر كيف بنيت الكعبة ولا من بناها فقال على التوهم بناها قصي: وقصي لم يبن الكعبة: ونحوه قول الآخر: مثل النصارى قتلوا المسيحا، والنصارى ما قتلوا المسيح: وقال الاعشى:
تطوف العفاة بأبوابه.......كطوف النصارى ببيت الوثن
والنصارى ليسوا من الوثن في شيء ولكنه على الغلط. والماذي: السهل الخالص يعني به حديد الدرع وكل لين سهل ماذي.
60: وكلاهما في كفه يزينة.......فيها سنان كالمنارة أصلع
قال الضبي: ويروى: فتشاجرا بمذلقين كلاهما * فيه شهاب. و(اليزنية) قناة: قال الأصمعي: نسبها إلى ذي يزن: يقال رمح يزني وأزني ويزأني وأزأني. و(المنارة) المصباح نفسه: وقال أبو عمرو: المنارة المسرجة وهي مفعلة من النور: وأنشد بيت امرئ القيس:
تضيء الظلام بالعشاء كأنها.......منارة ممسى راهب متبتل
وقال ابن الأعرابي: أراد (بالمنارة) منارة النار التي ينور بها بالليل. وقوله (أصلع) يريد أنه يبرق لا صدأ عليه قال يقال انصلعت الشمس إذا بدا ضوءها ومنه الصلع في الرجال انكشاف الشعر عن بياض البشرة. وقوله: تشاجرا تطاعنا واختلفت رماحهما: ومنه التشاجر بين الناس وهو الاختلاف في الكلام. والمذلقان سنانان محددان وإنما يريد الرمحين. وقال كفه للفظ كل. ورفع كلا بالهاء. وقال غيره: اليزنية القناة: ثم شبه السنان الذي فيها بالمنارة والمنارة ههنا السراج فأوقع اللفظ على المنارة لما لم يستقم بيته على السراج.
61: وكلاهما متوشح ذا رونق.......عضبا إذا مس الضريبة يقطع
قال الضبي: (ذو رونق) سيف و(الرونق) ماؤه. و(العضب): القاطع ومنه قيل رجل عضب اللسان إذا كان حديد اللسان. و(الضريبة) ما وقع عليه السيف من كل شيء. ويروى (إذا مس) الكريهة يقطع. والكريهة: الضربة الشديدة ومنه يقال للسيف ذو الكريهة: ويقال الكريهة ما أكره عليه من الضرب. ويروى: إذا مس الأيابس: وهو جمع أيبس وهو ما كان عاريا من اللحم من عظم الساق أسفل من العضل: وأنشد أبو عبيدة: وعضل عن أيبسيه قالص، ومنه قول الراعي:
فقلت له ألزق بأيبس ساقها.......فإن يرقأ الظنبوب لا يرقأ النسا
والظنبوب: حرف عظم الساق: قال سلامة بن جندل:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع.......كان الصراخ له قرع الظنابيب
وقال تأبط شرا:
عاري الظنابيب ممتد نواشره.......مدلاج أدهم واهي الماء غشاق
وقيل الكريهة الضريبة والضريبة ما وقع عليه السيف. والأيبسان: عظما الوظيف من اليدين والرجلين.
62: فتخالسا نفسيهما بنوافذ.......كنوافذ العبط التي لا ترقع
قال الضبي: أي جعل كل واحد منهما يختلس نفس صاحبه بالطعن. و(النوافذ) جمع نافذة وهي الطعنة تنفذ حتى يكون لها رأسان. و(عبط) جمع عبيط وأصل العبط شق الجلد الصحيح ونحر البعير من غير علة: ويقال للرجل إذا مات من غير علة اعتبط اعتباطا: وأنشد لأميه بن أبي الصلت:
من لم يمت عبطة يمت هرما.......للموت كأس فالمرء ذائقها
ويقال (كنوافذ العبط) كثياب شقت غير مرقعة فهو أصلب لها. وقال الأصمعي: لم يرد بقوله (لا ترقع) أنهم لا يقدرون على رقعها ولكن كثرت فلا ترقع. ويروى: العطب التي لا ترقع: يقال أعطني عطبة أنفخ فيها ناري يعني خرقة من قطن. وقوله (لا ترقع) أي تترك فلا ترقع أبدا. قال الباهلي: من قال العطب عنى موضع الجيب والكم شبه العطب بهما: ومن قال العبط عنى المناحر. وقال غير الضبي: كان الأصمعي يقول: هو من قولك عبط الأديم عبطا شقه صحيحا: يقول طعنه الفارس في موضع صحيح لم يكن أصابه فيه شيء: وليس هذا كذا: إنما هو العبيط وقد تقدم ذكره يقال عبطه يعبطه عبطا إذا نحره من غير علة: وجمع العبيط عبط فشبه كل طعنة وقعت بأحدهما من صاحبه بهذه العبط. والأكثر في الكلام فتخالسا أنفسهما لأن كل شيئين من شيئين يثنيان بلفظ الجمع كقولك ضربت صدورهما وظهورهما: قال الله تعالى: {فقد صغت قلوبكما}.
63: وكلاهما قد عاش عيشة ماجد.......وجنى العلاء لو أن شيئا ينفع
قال الضبي: (وجنى) كسب وهو من اجتنيت أي كسبت وأخذت: وأنشد الأصمعي:
هذا جناي وخياره فيه.......إذ كل جان يده إلى فيه
وهذا يقوله عمرو ذو الطوق لخاله جذيمة الأبرش وتمثل به الناس بعد: قال: ومثله قول امرئ القيس:
فقلت لها سيري وأرخي زمامه.......ولا تبعديني من جناك المعلل
أي: ما أجتنيه منك. والعلاء والعلى الشرف إذا فتحت مددت وإذا ضممت قصرت. قال ابن الأعرابي: الماجد الذي قد أخذ ما يكفيه من الشرف والسودد: وهو من قولهم: في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار: أي أخذ ما يكفيه: واستنجد المرخ بالنون كما قال الراجز:
كل قتيل في كليب حلان.......حتى ينال القتل آل همام
وقال غيره: لو أن شيئا ينفع أي من الموت أي ينجي منه لنفع هاذين ما نالا من العيش والشرف ولكن لا يدفع الموت دافع من رجلة ولا شرف.

تمت القصائد المفضليات وهذا آخر ما صنعه أبو محمد القاسم بن بشار


الأنباري رحمه الله

[شرح المفضليات: 866-884]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
126, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir