دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:10 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 9: قصيدة متمم بن نويرة: صَرمتْ زنيبةُ حبلَ مَن لا يقطعُ = حبلَ الخللِ ولَلأَمانَةَ تَفجعُ

قال متمم بن نويرة:

صَرَمَتْ زُنَيْبَةُ حَبْلَ مَن لا يَقْطَعُ = حَبْلَ الخَليلِ ولَلأَمانَةَ تَفْجَعُ
ولقدْ حَرَصْتُ علي قليلِ مَتاعِها = يومَ الرَّحيلِ فدَمعُها المُسْتَنْفَعُ
جُذِّى حِبالَكِ يا زُنَيْبَ فإِنني = قد أَستبِدُّ بوصلِ مَن هو أَقطعُ
ولقدْ قطعتُ الوصلَ يومَ خِلاَجِهِ = وأَخو الصَّريمةِ في الأُمورِ المُزْمِعُ
بمُجِدَّةٍ عنْسٍ كأَنَّ سَرَاتَها = فَدَنٌ تُطيفُ به النَّبيطُ مُرَفَّعُ
قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلاَ وتَرَبَّعَتْ = بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ
حتى إِذا لَقِحَتْ وعُولِىَ فَوْقَها = قَرِدٌ يُهِمُّ بهِ الغُرَابَ المَوقِعُ
قرَّبتُها للرَّحلِ لمَّا اعتادَنِي = سَفَرٌ أَهُمُّ بهِ وأَمْرٌ مُجْمَعُ
فكأَنَّها بعدَ الكَلالةِ والسُّرَى = عِلْجٌ تُغَالِيهِ قَذُورٌ مُلْمِعُ
يَحتازُها عن حَجْشِها وتَكفُّهُ = عن نَفْسِها، إِنَّ اليتمَ مُدَفَّعُ
ويَظَلُّ مُرْتَبِئاً عليها جاذِلاً = في رأس مَرْقَبةٍ ولأَْياً يَرْتَعُ
حتَّى يُهَيٍّجَها عَشِيَّةَ خِمْسِها = لِلْوَرْدِ جَأْبٌ خَلْفَها مُتَتَرِّعُ
يَعْدُو تُبادِرُهُ المَخَارِمَ سَمْحَجٌ = كالدَّلْوِ خانَ رِشاؤُها المُتَقَطَّعُ
حتَّى إِذَا ورَدَا عُيوناً فَوقَها = غَابٌ طِوَالٌ نابِتٌ ومُصَرَّعُ
لا قَى على جَنْبِ الشَّريعَةِ لاَطِئاً = صَفْوَانَ في نامُوسِهِ يَتَطَّلَعُ
فَرَمى فأَخطأَها وصادف سهمُه = حَجَراً ففُلِّلَ، والنَّضِيُّ مُجَزَّعُ
أَهْوَى ليَحْمِيَ فَرْجَها إِذْ أَدبرتْ . = زَجِلاً كما يَحمي النَّجِيدُ المُشْرِعُ
فَتَصُكُّ صَكًّا بِالسَّنابِكِ نَحْرَهُ = وبِجَنْدَلٍ صُمٍّ ولاَ تَتَوَرَّعُ
لا شيءَ يَأْتُو أَتْوَهُ لمَّا عَلاَ = فَوْقَ القَطَاةِ ورأَسُهُ مُسْتَتْلِعُ
وَلقد غَدوتُ على القَنِيصِ وصاحبِي = نَهْدٌ مَرَاكِلُهُ مِسَحٌّ جُرْشُعُ
ضافِى السَّبِيبِ كأَنَّ غُصْنَ أَباءَةٍ = رَيَّانَ يَنْفُضُها إِذا ما يَقْدَعُ
تَئِقٌ إِذا أَرْسَلْتُهُ مُتَقَاذِفٌ = طَمَّاحُ أَشْرَافٍ إِذا ما يُنْزَعُ
وكأَنه فَوْتَ الجَوالِبِ جَانِئاً = رِئْمِ، تَضَايَفَهُ كِلاَبٌ، أَخَضَعُ
داويتُهُ كلِّ الدَّوَاءِ وزدْتُه = بَذْلاً كما يُعطِي الحبيبُ الْمُوسِعُ
فَلَهُ ضَرِيبُ الشَّوْلِ إِلاَّ سُؤْرَهُ = والْجُلُّ فهْو مُرَبَّبٌ لا يُخْلَعُ
فإذا نُرَاهِنُ كانَ أَوَّلَ سابِقٍِ = يَختالُ فارسُهُ إِذَا ما يُدْفَعُ
بلْ رُبَّ يومٍ قدْ حَبَسْنَا سَبْقهُ = نُعْطِي ونُعْمِرُ فى الصَّدِيق ونَنَفْعُ
ولقد سَبقتُ العاذِلاتِ بشَرْبَةٍ = رَيَّا، وراوُوقى عظيمٌ مُتْرَعُ
جَفْنٌ من الغِرْبِيب خالِصُ لَوْنِهِ = كَدِمِ الذَّبيحِ إِذا يُشَنُّ مُشَعْشَعُ
أَلْهُو بها يوماً وأُلْهِي فِتْيةً = عن بَثِّهم إِذْ أُلْبِسُوا وتَقَنَّعُوا
يَا لَهْفَ مِن عَرْفَاءَ ذاتِ فَلِيلَةٍ = جاءَتْ إِليَّ على ثَلاثٍ تَخْمَعُ
ظَلَّتْ تُرَاصِدُنِى وتَنظرُ حَولَها = ويُرِيبُها رَمَقٌ وأَنِّي مُطْمِعُ
وتَظَلُّ تَنْشِطُنِي وتُلْحِمُ أَجْرِياً = وَسْطَ العَرِينِ وليس حَيٌّ يَدفعُ
لو كانَ سَيْفِي باليمينِ ضَربتُها = عنِّي ولم أُوكَلْ وجَنْبِي الأَضْيَعُ
ولقد ضَربتُ به فَتُسْقِطُ ضَرْبتِي = أَيْدِي الْكُماةِ كأَنَّهنَّ الخِرْوَعُ
ذاكِ الضَّياعُ، فإِنْ حَزَزتُ بمُدْيَة = كَفِّي فقُولِي: مُحْسِنٌ ما يَصْنَعُ
ولقد غُبِطْتُ بما أُلاقِى حِقْبَةً = ولقد يَمُرُّ عليَّ يوْمٌ أَشْنَعُ
أَفَبَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ نُسَيْبَةُ أَشْتَكِي = زَوَّ المَنِيَّةِ أَو أُرَى أَتَوَجَّعُ
ولقد علمتُ، ولا محالة، أَنني = لِلحادِثاتِ، فهلْ تَرَيْنِي أَجْزَعُ
أَفْنَيْنَ عاداً ثُمَّ آلَ مُحَرِّقٍ = فَتَرَكْنَهُمْ بَلداً وما قد جَمَّعُوا
ولَهُنَّ كانَ الحارثانِ كلاهُما = ولهنَّ كانَ أَخُو المَصَانِع تُبَّعُ
فَعدَدْتُ آبابِي إِلى عِرْقِ الثَّرَى = فدَعَوْتُهُمْ فعلمتُ أَنْ لم يَسْمَعُوا
ذَهبُوا فلم أُدرِكهمُ ودَعَتْهُمُ = غُولٌ أَتَوْها والطَّرِيقُ المَهْيَعُ
لابُدَّ مِن تَلَفٍ مُصيبٍ فانتظِرْ = أَبِأَرْضِ قومِكَ أَم بأُخرَى تُصْرَعُ
ولَيأْتينَّ عليكَ يومٌ مَرَّةً = يُبكي عليك مُقَنَّعاً لا تَسْمَعُ


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 05:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

9

وقال متمم بن نويرة







1: صَرَمَتْ زُنَيْبَةُ حَبْلَ مَن لا يَقْطَعُ = حَبْلَ الخَليلِ ولَلأَمانَةَ تَفْجَعُ
2: ولقدْ حَرَصْتُ على قليلِ مَتاعِها = يومَ الرَّحيلِ فدَمعُها المُسْتَنْفَعُ
3: جُذِّي حِبالَكِ يا زُنَيْبَ فإِنني = قد أَستبِدُّ بوصلِ مَن هو أَقطعُ
4: ولقدْ قطعتُ الوصلَ يومَ خِلاَجِهِ = وأَخو الصَّريمةِ في الأُمورِ المُزْمِعُ
5: بمُجِدَّةٍ عنْسٍ كأَنَّ سَرَاتَها = فَدَنٌ تُطيفُ به النَّبيطُ مُرَفَّعُ
6: قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلاَ وتَرَبَّعَتْ = بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ
7: حتى إِذا لَقِحَتْ وعُولِيَ فَوْقَها = قَرِدٌ يُهِمُّ بهِ الغُرَابَ المَوقِعُ
8: قرَّبتُها للرَّحلِ لمَّا اعتادَنِي = سَفَرٌ أَهُمُّ بهِ وأَمْرٌ مُجْمَعُ
9: فكأَنَّها بعدَ الكَلالةِ والسُّرَى = عِلْجٌ تُغَالِيهِ قَذُورٌ مُلْمِعُ
10: يَحتازُها عن حَجْشِها وتَكفُّهُ = عن نَفْسِها، إِنَّ اليتمَ مُدَفَّعُ
11: ويَظَلُّ مُرْتَبِئاً عليها جاذِلاً = في رأس مَرْقَبةٍ ولأَْياً يَرْتَعُ
12: حتَّى يُهَيٍّجَها عَشِيَّةَ خِمْسِها = لِلْوَرْدِ جَأْبٌ خَلْفَها مُتَتَرِّعُ
13: يَعْدُو تُبادِرُهُ المَخَارِمَ سَمْحَجٌ = كالدَّلْوِ خانَ رِشاؤُها المُتَقَطَّعُ
14: حتَّى إِذَا ورَدَا عُيوناً فَوقَها = غَابٌ طِوَالٌ نابِتٌ ومُصَرَّعُ
15: لاقَى على جَنْبِ الشَّريعَةِ لاَطِئاً = صَفْوَانَ في نامُوسِهِ يَتَطَّلَعُ
16: فَرَمى فأَخطأَها وصادف سهمُه = حَجَراً ففُلِّلَ، والنَّضِيُّ مُجَزَّعُ
17: أَهْوَى ليَحْمِيَ فَرْجَها إِذْ أَدبرتْ = زَجِلاً كما يَحمي النَّجِيدُ المُشْرِعُ
18: فَتَصُكُّ صَكًّا بِالسَّنابِكِ نَحْرَهُ = وبِجَنْدَلٍ صُمٍّ ولاَ تَتَوَرَّعُ
19: لا شيءَ يَأْتُو أَتْوَهُ لمَّا عَلاَ = فَوْقَ القَطَاةِ ورأَسُهُ مُسْتَتْلِعُ
20: وَلقد غَدوتُ على القَنِيصِ وصاحبِي = نَهْدٌ مَرَاكِلُهُ مِسَحٌّ جُرْشُعُ
21: ضافِي السَّبِيبِ كأَنَّ غُصْنَ أَباءَةٍ = رَيَّانَ يَنْفُضُها إِذا ما يَقْدَعُ
22: تَئِقٌ إِذا أَرْسَلْتُهُ مُتَقَاذِفٌ = طَمَّاحُ أَشْرَافٍ إِذا ما يُنْزَعُ
23: وكأَنه فَوْتَ الجَوالِبِ جَانِئاً = رِئْمِ، تَضَايَفَهُ كِلاَبٌ، أَخَضَعُ
24: داويتُهُ كلِّ الدَّوَاءِ وزدْتُه = بَذْلاً كما يُعطِي الحبيبُ الْمُوسِعُ
25: فَلَهُ ضَرِيبُ الشَّوْلِ إِلاَّ سُؤْرَهُ = والْجُلُّ فهْو مُرَبَّبٌ لا يُخْلَعُ
26: فإذا نُرَاهِنُ كانَ أَوَّلَ سابِقٍِ = يَختالُ فارسُهُ إِذَا ما يُدْفَعُ
27: بلْ رُبَّ يومٍ قدْ حَبَسْنَا سَبْقهُ = نُعْطِي ونُعْمِرُ في الصَّدِيق ونَنَفْعُ
28: ولقد سَبقتُ العاذِلاتِ بشَرْبَةٍ = رَيَّا، وراوُوقى عظيمٌ مُتْرَعُ
29: جَفْنٌ من الغِرْبِيب خالِصُ لَوْنِهِ = كَدِمِ الذَّبيحِ إِذا يُشَنُّ مُشَعْشَعُ
30: أَلْهُو بها يوماً وأُلْهِي فِتْيةً = عن بَثِّهم إِذْ أُلْبِسُوا وتَقَنَّعُوا
31: يَا لَهْفَ مِن عَرْفَاءَ ذاتِ فَلِيلَةٍ = جاءَتْ إِليَّ على ثَلاثٍ تَخْمَعُ
32: ظَلَّتْ تُرَاصِدُنِي وتَنظرُ حَولَها = ويُرِيبُها رَمَقٌ وأَنِّي مُطْمِعُ
33: وتَظَلُّ تَنْشِطُنِي وتُلْحِمُ أَجْرِياً = وَسْطَ العَرِينِ وليس حَيٌّ يَدفعُ
34: لو كانَ سَيْفِي باليمينِ ضَربتُها = عنِّي ولم أُوكَلْ وجَنْبِي الأَضْيَعُ
35: ولقد ضَربتُ به فَتُسْقِطُ ضَرْبتِي = أَيْدِي الْكُماةِ كأَنَّهنَّ الخِرْوَعُ
36: ذاكِ الضَّياعُ، فإِنْ حَزَزتُ بمُدْيَة = كَفِّي فقُولِي: مُحْسِنٌ ما يَصْنَعُ
37: ولقد غُبِطْتُ بما أُلاقِى حِقْبَةً = ولقد يَمُرُّ عليَّ يوْمٌ أَشْنَعُ
38: أَفَبَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ نُسَيْبَةُ أَشْتَكِي = زَوَّ المَنِيَّةِ أَو أُرَى أَتَوَجَّعُ
39: ولقد علمتُ، ولا محالة، أَنني = لِلحادِثاتِ، فهلْ تَرَيْنِي أَجْزَعُ
40: أَفْنَيْنَ عاداً ثُمَّ آلَ مُحَرِّقٍ = فَتَرَكْنَهُمْ بَلداً وما قد جَمَّعُوا
41: ولَهُنَّ كانَ الحارثانِ كلاهُما = ولهنَّ كانَ أَخُو المَصَانِع تُبَّعُ
42 فَعدَدْتُ آبائِي إِلى عِرْقِ الثَّرَى = فدَعَوْتُهُمْ فعلمتُ أَنْ لم يَسْمَعُوا
43: ذَهبُوا فلم أُدرِكهمُ ودَعَتْهُمُ = غُولٌ أَتَوْها والطَّرِيقُ المَهْيَعُ
44: لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُصيبٍ فانتظِرْ = أَبِأَرْضِ قومِكَ أَم بأُخرَى تُصْرَعُ
45: ولَيأْتينَّ عليكَ يومٌ مَرَّةً = يُبكي عليك مُقَنَّعاً لا تَسْمَعُ




ترجمته: هو متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر. وهو صحابي: وله في أخيه مالك قصائد يرثيه بها، من غرر الشعر. وسيأتي منها القصيدتان 67، 68 وبعض الرواة يروي هذه القصيدة رقم 9 لمالك أخيه. وفي الشرح ص 565 نسب البيتين 42، 43 لمالك.
جو القصيدة: بدأها بعتاب خليلته، ثم أخبر عن مجازاته القطيعة بمثلها. وعرج على وصف ناقته، وشبهها بالحمار الوحشي، مطنبا في نعته. ثم أخذ يتحدث عن فرسه، وعن الشراب والندمان. وانتقل إلى صفة الضبع وكيف لاقاها، واستطرد إلى وصف سيفه. ثم قال في ريب الدهر وما أفنى من الأمم والأرهاط. وعبر عن ترقبه للشدائد تعبيرا صادقا.
تخريجها: البيت 6 في اللسان 10-265 والأساس 1: 303 منسوبا فيهما لمالك بن نويرة. والبيت 23 في اللسان 1: 43 غير منسوب. والبيتان 37، 38 فيه 10: 53، 19: 84. والأبيات 39-43 في حماسة البحتري 85 منسوبة لمالك. والبيتان 44، 45 فيها 92 لمتمم. والأبيات 4-8 في البلدان 1: 107. والبيتان 24، 25 في الخيل لأبي عبيدة 12 والأبيات 20، 21، 24، 25 فيه أيضا 173 ونسبها لمالك. وانظر الشرح 63-79.
(1) صرمت: قطعت. الحبل هنا: الوصل. وللأمانة: اللام لام التأكيد، أي أنها تفجع أمانة نفسها أن قطعت حبلي. أو هي واقعة في جواب القسم.
(2) المستنفع: المطلوب نفعه. يقول: حرصت على أن تمتعني، وكان ما متعتني به أن دمعت عيناها.
(3) أستبد: أنفرد، يقال: أبد بينهم العطاء، أي أعطى كل واحد على حدة. أقطع: تفضيل على بابه، أي أقطع مني، أو على غير بابه: أي قاطع. يقول: فإنني أستبد بوصلي دون من يقطعني، أحوزه دونه فلا أطلب وصاله.
(4) الخلاج: الجذب والمخالفة، أو الشك. الصريمة: العزيمة. المزمع: المجمع على الشيء.
(5) المجدة: التي تجد في سيرها. العنس: الصلبة. سراتها، بفتح السين: أعلاها. الفدن: القصر المشيد. تطيف: تدور حوله. المرفع: المعلى. قطع الوصل راحلا على ناقته، وشبه ارتفاعها بقصر عال.
(6) أثال، بضم الهمزة وتخفيف الثاء، والملا، بفتح الميم مقصور، والحزن، بفتح الحاء: كلها مواضع، قاظت وتربعت: أقامت فصلي القيظ والربيع. عازبة: بعيدة في مرعاها. تسن: من قولهم سن فلان إبله إذا أحسن القيام عليها؟ تودع: من الإيداع، وهو كالتوديع: جعلها في دعة وراحة. وهذا التفسير ليس في المعاجم.
(7) الناقة إذا لقحت كانت أول لقحتها أشد ما تكون وأحده نفسا. القرد، بفتح القاف وكسر الراء: السنام المجتمع بعضه إلى بعض، و(عولي فوقها) نما فرفعت طبقاته بعضها فوق بعض. الموقع: مصدر ميمي بمعنى الوقوع. أي: فلا يقدر الغراب أن يقع على سنامها لامتلائه وانملاسه، فيهمه ذلك.
(8) مجمع: من قولهم: أجمع فلان على الأمر، إذا عزم عليه.
(9) الكلالة: الكلال والتعب. العلج: الحمار الوحشي الشديد الغليظ. القذور: السيئة النفور، يريد أتانا. الملمع: التي أشرق ضرعها للحمل. وتغاليه: تباريه في السير.
(10) يحتازها: يحوزها ويعزلها عنه، وتكفه عن ذلك. وجعل جحشها يتيما لأنه ليس منه، غلب أباه على أمه. واليتم في جميع غير الناس من قبل الأم، وفي الناس من قبل الأب.
(11) مرتبئا عليه: عاليا عليها مثل الربيئة، وإنما يربؤها من الفحول أن لا تدنو منها. الجاذل: الفرح النشيط. المرقبة: الموضع الذي يرقب عليه. لأيا: بطيئا، فلا يرتع إلا قليلا لئلا يدعها وحدها.
(12) الخمس، بكسر الخاء: أن تشرب الإبل يوما ثم ترعى ثلاثة أيام وترد الماء في اليوم الرابع، فهو خامس أيامها من ورودها الأول. الجأب: الحمار الغليظ. المتترع: المتسرع. أي: حتى يهيجها جأب للورد.
(13) المخارم: الطرق: في الجبال وأفواه الفجاج. السمحج: الصلبة القوية. شبهها في سرعتها بالدلو حين انقطع رشاؤه فسقطت في البئر، فهو يعدو والأتان تسابقه.
(14) أصل الغاب القصب، ثم قيل لكل ملتف غاب. وإذا كان الماء في دغل كان أهيب لوروده.
(15) الشريعة: الموضع الذي ينحدر إلى الماء منه. لاطئا: لاصقا، وهو حال مقدم من (صفوان) وهو اسم قانص. الناموس: بيت الصائد.
(16) رمى صفوان الأتان فأخطأها. فلل: أي سهمه. والتفليل: التثليم. النضي: السهم بلا ريش ولا نصل. المجزع: المكسر. قال الأنباري: (وإنما قال رمى فأخطأ، لأنه أشد لذعر الحمار، وإذا ذعر كان أشد لعدوه).
(17) الفرج: موضع المخافة، أي ليحمي الموضع الذي يخاف عليها منه. زجلا: ذا زجل، بفتح الجيم، وهو الصوت المرتفع. النجيد: ذو النجدة. وهو الشجاع. المشرع: الذي أشرع نفسه في الحرب، أي قدمها.
(18) الصك: الضرب. السنبك: مقدم الحافر. الجندل: الحجارة. الواحدة جندلة، شبه حوافرها بالجندل في الصلابة. الصم: الصلاب. لا تتورع: لا تكف.
(19) الأتو: العمل وحسن الأخذ. القطاة هنا قطاة الأتان، وهو موضع الردف منها. المستتلع، بكسر اللام: المتقدم. وقد ضبط في الشرح بالفتح أيضا.
(20) القنيص: الصيد. صاحبه: فرسه. النهد: التام. المراكل: جمع (مركل) بفتح الميم والكاف، وهو موضع رجل الفارس من جنب الفرس. المسح: السريع العدو. جرشع: غليظ منتفخ.
(21) الضافي: السابغ الطويل. السبيب: شعر الذنب والناصية. الأباءة: القصبة. جمعها (أباء). يقدع: يكف. شبه خصائل عرف الفرس إذا نفضها بقصبة رطبة.
(22) تئق: حديد ممتلئ جريا إذا أرسلته يتفجر به. المتقاذف الذي يقذف بنفسه في الجري. الأشراف: الأشواط. ينزع: من قولهم (نزع القوس) إذا مدها، كأنه أراد: إذا حض على العدو.
(23) فوت: فائتا الجوالب، مصدر وقع حالا. والجوالب: من قولهم (جلب الفارس على الفرس) إذا أرصد له قوما في طريقه يصيحون به في الرهان. جانئا: مكبا، يقال جنأ في عدوه: إذا ألح وأكب. الرئم: الظبي الخالص البياض. تضايفه الكلاب: أخذن بضيفيه بكسر الضاد أي بناحيتيه، جئنه من ههنا وههنا. وهن كلاب الصائد. أخضع: متطامن الرقبة، وهو من الخضوع. وتقدير البيت: كأنه رئم أخضع تضايقه كلاب. و(فوت الجوالب جائنا) حالان.
(24) الدواء: بالفتح والكسر: ما داويت به، والمراد هنا ما يضمر به الفرس ويصلح. ويجوز أن يراد بالكسر هنا مصدر داوى. وانظر الاقتضاب لابن السيد ص323.
(25) الضريب: اللبن الخالص. الشول: الإبل التي شولت ألبناها. أي: ارتفعت. يريد أنه يبقى اللبن الخالص، وما بقي من سؤره لا يرده عليه، بل يشربه هو وأهله. الجل: غطاء الفرس. المربب: الذي يغذونه في بيوتهم. وضمير (لا يخلع) للجل.
(26) نراهن: من الرهان. يختال: يتكبر. يدفع: يرسل في الجري.
(27) السبق: ما يؤخذ في الرهان. نعمر: من (العمري) وهو أن يعطي الرجل صاحبه الشيء يكون له عمره ثم يرجع إليه. يقول: نفعل ذاك من فضل ما تجيء به المراهنة على هذا الفرس
(28) العاذلات: اللائمات على إتلاف ماله. بشربة ريا: تروي صاحبها، ويريد شربة الخمر. الراووق: أصله الخرقة التي على فم الإناء يصفي بها، ثم كثر استعماله حتى أطلق على الباطية. مترع: ملآن.
(29) الجفن: الكرم. الغربيب: الأسود، أي: خمر من العنب الأسود. يشن: يصب. مشعشع: مرقق بالماء. فإذا مزجت بالماء، صفا لونها، فصارت بلون الدم.
(30) البث: الحزن والغم. ألبسوا وتقنعوا: صار لهم من الهم لباس وقناع.
(31) بدأ في وصف الضبع. عرفاء: لها عرف من الشعر في قفاها. الفليلة: القطعة من الشعر. تخمع: تظلع، وكذلك الضبع وخلقتها لأنها عرجاء. يأسف على نفسه أن يموت وتأكله الضبع.
(32) تراصده الضبع: ترصده ليموت فتأكله، لأنه مثقل بالجراح. الرمق: البقية من العيش. المطمع هنا: المرجو موته. عنى أنه قد صرع فجاءته الضبع لتأكله.
(33) النشط: الجذب، أي تجذب لحمه. تلحم أجريا: تطعم جرءها اللحم. العرين: الأجمة.
(34) الأضيع: الضائع، لأنه لم يجد من يدافع عنه.
(35) إنما شبه بالخروع لأنه شجر لين.
(36) هبت المرأة تلومه على إنفاق ماله. فأجابها بأن الضياع أن يموت فتأكله الضبع، فإن حز كفه بمدية فلتدعه وشأنه. يريد أن تدعه يعيش في ماله وينفقه كيف يشاء.
(37) يقول: كنت أغبط بما يمر في من الرخاء والظفر. ويأتي علي بعد ذلك البؤس فأصبر. أشنع وشنيع بمعنى واحد. وانظر الأبيات 20 من المفضلية 27 و60 من المفضلية 126.
(38) نسيبة، بلفظ التصغير، هي أمه، وهي بنت شهاب بن شداد، بنت عم أبيه نويرة. زو المنية: القدر. يقول: قد مات هؤلاء ولا بقاء لي بعدهم. وهذا البيت قد يرجح أن الكلمة لمتمم، إذ عرف برثاء أخيه مالك.
(39) للحادثات: أي غرض للحادثات، فلست أجزع لنزولها.
(40) أي ذهب الحادثات بهم وبأموالهم فصاروا بلدا. أي ترابا.
(41) لهن: أي للحادثات. الحارثان: الحرث الأصغر، والحرث الأكبر الأعرج. المصانع: القصور. تبع: ملك من ملوك اليمن.
(42) عرق الثرى: أراد به آدم، صلى الله عليه، لأنه الأصل القديم خلق من طين عد آباءه أي: الأصل الذي خلقوا منه. ومثله قول الفرزدق لجرير:
أبي مالك ما من أب تعرفونه.......لكم دون أعراق التراب يعادله
قال أبو عبيدة في النقائض (ص 629) (دون أعراق التراب: يعني آدم، لأن الله خلقه من تراب).
(43) الغول: ما اغتال الشيء وذهب به، والغول: المنية. المهيع: البين الواضح، عنى به طريق الموت.
(44) التلف: الهلاك. أي لا بد للإنسان من التلف، مقيما أو مسافرا.
(45) مقنع: ملفف في أكفانه.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 04:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري



وقال متمم بن نويرة:

1: صرمت زنيبة حبل من لا يقطع.......حبل الخليل وللأمانة تفجع
(الصرم): القطع، و(الحبل) الوصل، و(اللام) لام التأكيد، أي أنها تفجع أمانة نفسها أن قطعت حبلي كقولك إنما تضر بنفسك أن فعلت ذاك، وهذه اللام لام توكيد، قال أبو بكر وهي عندي لام اليمين، قال أحمد متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار، قال أحمد وبعض الرواة يرويها لمالك أخي متمم، ويروى ولا (الأمانة يفجع)، أي لا يخونها، جعل الفعل لمن، أي صرمت (حبل من لا يقطع الحبل ولا يفجع الأمانة).
ويروى وصل (من لا يقطع)، ويروى وللأمانة تفجع.
2: ولقد حرصت على قليل متاعها.......يوم الرحيل فدمعها المستنفع
ويروى على قليل نوالها، أي حرصت على أن تنولني يوم الوداع شيئًا، يقول حرصت على أن تمتعني، وكان ما متعتني به أن دمعت عيناها، ويروى (فدمعها المستمتع)، أي لا يستمتع منها إلا بالبكاء، ويروى (فدمعها المستنقع)، أي لم يكن عندها ما تنولني به إلا استنقاع دموعها في عينيها، لم تسل، والمعنى لم يحمد ما كان منها، ويروى فذمها المستمتع أي ما حمدها على متاع متعته، أي جعلت بكاءها زادًا زودتنيه فلم تزدني إلا غمًا.
3: جذي حبالك يا زينب فإنني.......قد أستبد بوصل من هو أقطع
أي (من هو قاطع)، ويروى بصرم من هو أقطع، ويروى (جذي وصالك يا زينب)، (أستبد) أنفرد، يقال أبد بينهم العطاء، أي أعطي كل واحد على حدته، ومثله قول أبي ذؤيب يصف الثور والكلاب:
فأبدهن حتوفهن فهارب.......بذمانه أو بارك متجعجع
كأن الثور في طعنه الكلاب أبدهن حتوفهن دفع إلى كل واحد بدته أي حتفه أي قتله، أبو عمرو: بدته بضم الباء أي نصيبه، والكسر ليس بشيء، وقوله (من هو أقطع)، أي (من هو أقطع) مني، قال أحمد المعنى فإنني (أستبد بوصلي دون من يقطعني)، أحوذه دونه ولا أطلب وصاله إذا قطعني وصرمني، ويروى فذمها المستمتع، أي لم يكن عندها من النوال إلا ما تذمها عليه.
4: ولقد قطعت الوصل يوم خلاجه.......وأخو الصريمة في الأمور المزمع
ويروى (ولقد) صرمت يريد مقطوع الصريمة، و(خلاجه) الذي لا يعرف الصواب منه، ويروى الأمر يوم خلاجه، و(الخلاج) الشك، يقول لما شككت في وصالها قطعتها، أحمد، ويروى ولقد قطعت الأمر، وأصل الخلاج الجذب والمخالفة، ومن هذا سميت الخلجان لأنها تنقطع من الماء الأعظم فتفرد، و(الصريمة) العزيمة، و(المزمع) المجمع على الشيء.
5: بمجدة عنس كأن سراتها.......فدن تطيف به النبيط مرفع
(مجدة) في السير التي تجد في سيرها، و(عنس) صلبة، و(سراتها) أعلاها، ويروى (بمجدة) مفعلة من الجد، (تطيف) تدور حوله النبيط، يريد قصرًا من بناء العجم، شبه ارتفاع الناقة به كما قال طرفة:
كقنطرة الرومي أقسم ربها.......لتكتنفن حتى تشاد بقرمد
وقال آخر:
كأن تحت الرحل والقرطاط.......منها وتحت الأدم الأطاط.......قنطرة من صنعة الأنباط
6: قاظت أثال إلى الملا وتربعت.......بالحزن عازبة تسن وتودع
قال حنيف الحناتم وكان من آبل الناس، أي من أحسن الناس قيامًا على الإبل، وكان أحد بني ثعلبة بن عكابة: من قاظ الشرف وتربع الحزن وتشتى الصمان فقد أصاب المرعى، ويقال (سن )فلان إبله إذا أحسن القيام عليها، وكذا يقال صقل فرسه إذا أراد أن يبلغ من ضمره ما يبلغ الصيقل من السيف.
وهذا مثل قول العجاج: عشرًا وشهرين يسن عزبًا، أي يسن رعيته ويصلحها، ويصقلها في المرعى، أثال والملا موضعان، وتربعت بالحزن أقامت به، وقال النابغة:
ضلت حلومهم عنهم وغرهم.......سن المعيدي في رعي وتعزيب
(وتودع) تودع، معيدي تصغير معدي، الرعي المصدر والرعي الاسم، والتعزيب أن يبعد بها في المرعى يطلب الخصب.
7: حتى إذا لقحت وعولي فوقها.......قرد يهم به الغراب الموقع
قوله (حتى إذا لقحت)، وذلك أنها في أول لقحتها أشد ما تكون وأحده نفسًا، وعولي رفع، و(القرد) السنام أي اجتمع بعضه إلى بعض، وقوله (يهم به الغراب الموقع) أي لا يقدر الغراب أن يقع عليه لامتلائه وانملاسه، وهذا كقول الراعي:
بنيت مرافقهن فوق مزلة.......لا يستطيع بها القراد مقيلا
يقول فمغرز المرافق ليس به ضاغط ولا ناكت ولا حاز ولا عيب، فآباطهن ملس لا يثبت بها القراد لانملاسها، أي لا يجد ما يقيل فيه يزل عن موضعه لملاسته وامتلائه، وكقول امرئ القيس في صفة الفرس:
يزل الغلام الخف عن صهواته.......ويلوي بأثواب العنيف المثقل
وكقول الكلابي:
دلنظ يزل القطر عن صهواته.......هو الليث في الجمازة المتحرد
الدلنظ: السمين، قال أبو عمرو وإنما هو دلنظى وهو القصير السمين.
8: قربتها للرحل لما اعتادني.......سفر أهم به وأمر مجمع
يقال أجمع فلان على الأمر إذا عزم عليه، ومنه قول الله عز وجل: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم}، ويروى أمر مزمع، وأنشد:
يا ليت شعري والمنى لا تنفع.......هل أغدون يومًا وأمري مجمع
9: فكأنها بعد الكلالة والسرى.......علج تغاليه قذور ملمع
(الكلالة) الكلال (والسرى) السير بالليل، و(العلج) العير والعير الحمار الشديد الخلق، ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عن أنه قال لرجلين إنكما علجان فعالجا عن دينكما، و(القذور) السيئة الخلق يعني أتانًا، و(تغاليه) تباريه في السير، وأصل المغالاة المرافعة في السير، يقال قد غلا فلان فلانًا إذا أبر عليه، ومنه غلاء السعر وهو ارتفاعه، و(الملمع) التي أشرق ضرعها للحمل قال الأعشى:
(ملمع) لاعة الفؤاد إلى جحش فلاهه عنها فبئس الفالي
قوله لاعة الفؤاد أراد لائعة فحذف العين من الفعل فقال لاعة الفؤاد أي ذاهبة الفؤاد إلى جحشها، والقذور الظريفة الحسناء سميت بذلك لأنها كثيرة التقذر للأشياء والنفور عنها، ومنه قولهم رجل قاذورة إذا كان متبرمًا بالناس، والأتان القذور النفور.
10: يحتازها عن جحشها وتكفه.......عن نفسها إن اليتيم مدفع
(يحتازها) يعني العير يحوزها ويعزلها عنه، (وتكفه) عن ذلك، وجعل (جحشها يتيمًا) لأنه ليس منه، غلب أباه على أمه، ومثله قول رؤبة: ألف شتى ليس بالراعي الحمق، هذا قول ابن الأعرابي،، وقال الأصمعي (جحشها )هو ابنه، ولكنه ينفي جحاشه عن أمها من فرط غيرته وأنشد:
أفز عن قمر محملجات.......توالب الأبناء والبنات
وقال أحمد ربما انتسف مذاكير ابنها منه من شدة غيرته، ويروى ويكفها من دونه أي يمنعها منه، ويمنعه منها أي يعزلها وينحيها وإنما جعل (الجحش يتيمًا) لضعفه، وقوله (محملجات) أي مفتولات الخلق، أفز فرق وطرد عنهن توالب الأبناء والبنات، و(المدفع) المهان ولهوانه أيضًا سمي مدقعًا، ويكون أيضًا لما نحيت عنه أمه، ونحي عنها، وصار وحده سمي لذلك يتيمًا، و(اليتيم) في جميع غير الناس من قبل الأم، وفي الناس من قبل الأب.
11: ويظل مرتبئًا عليها جاذلاً.......في رأس مرقبة ولأيا يرتع
(مرتبئًا) أي عاليًا عليها مثل الربيئة مخافة السباع والقناص ينتظر غروب الشمس لأنه لا يوردها إلا ليلاً، كقول ذي الرمة:
حتى إذا اصفر قرن الشمس أو كربت.......أمسى وقد جد في حوبائه القرب
حوبائه نفسه، وهو كقول الضبي:
ظل وظلت حوله صيمًا.......يراقب الجونة كالأحول
والجونة الشمس، و(الجاذل) الفرح النشيط، و(المرقبة) الموضع الذي يرقب عليه، (ولأيًا) بطنًا، ويقال التأت علي حاجتي أي أبطأت، قال إنما يربؤها من الفحول ألا تدنو منها، ويروى: في رأس قارته فلأيا (يرتع) والقارة جبل صغير، وجمعها قار، قال الشاعر:
كأن مواقع الظلفات منها.......مواقع مضرحيات بقار
يصف ناقة قد أدبرتها ظلفات الرحل، ثم برأت فعلتها جلدة بيضاء للبرء، فشبهها بخرآن المضرحية وهي الصقور على قار، وهو جمع قارة وهي سود، فإذا وقع الطائر عليها كان خرؤه أبيض، فشبه بياض الدبر ببياضه لبرئه.
12: حتى يهيجها عشية خمسها.......للورد جأب خلفها متترع
أي (يهيجها للورد)، و(الخمس): أن ترعى ثلاثة أيام، وترد في اليوم الرابع، و(الجأب): الحمار الغليظ، و(المتترع): المتسرع، يقال رأيت فلانًا يتترع إلى فلان ورأيته أجد تترعًا إليه أي استعجالاً، وقال أحمد قال الأصمعي:
أول الأظماء الرغرغة، فإذا شربت الإبل كل يوم فذاك الرفه، قال أوس بن حجر:
لا زال مسك وريحان له أرج.......يسقي صداك بصافي اللون سلسال
يسقي صداك بممساه ومصبحه.......رفها ورمسك محفوف بأظلال
ويروى و(ممساه) يعني و(ممسى الصدى ومصبحه)، يقال: إبل فلان رافهة، والواحد رافه، والقوم مرفهون، أي يسقون إبلهم كل يوم، فإذا شربت يومًا وتركت يومًا فذلك الظمء الغب، فإذا شربت يومًا وتركت يومين فذلك الظمء الربع، وإذا شربت يومًا وتركت ثلاثة أيام فذلك الظمء الخمس، وإذا شربت يومًا وتركت أربعة فذلك الظمء السدس، والسبع والثمن والتسع والعشر على هذا، وليس ظمء أطول من العشر، وإنما يطول الظمأ في أيام الربيع والبقل ويقصر لطول النهار وشدة الحر.
13: يعدو تبادره المخارم سمحج.......كالدلو خان رشاؤها المتقطع
(المخارم): منقطع آنف الجبال الواحد مخرم، و(السمحج): الصلبة القوية، شبهها في سرعتها (بالدلو حين انقطع رشاؤها) فهوت في البئر، ومثله قول الزهير:
فشج بها الأماعز وهي تهوي.......هوي الدلو أسلمها الرشاء
قال الأصمعي وأحسن ما قيل في هذا المعنى قول ذي الرمة:
كأنها دلو بئر جد ماتحها.......حتى إذا ما رآها خانها الكرب
لأنها انقطعت في رأس البئر فهوت.
14: حتى إذا وردا عيونًا فوقها.......غاب طوال نابت ومصرع
أصل (الغاب) القصب، ثم قيل لكل ملتف غاب، وإذا كان الماء في دغل كان أهيب لوروده، وأشد لذعر وارده.
15: لاقى على جنب الشريعة لاطئًا.......صفوان في ناموسه يتطلع
ويروى: (لاقى على) دغل الشريعة كارزًا والكارز: الداخل، و(صفوان): اسم قانص، و(الناموس): بيت الصائد، و(يتطلع) إلى الصيد، و(الشريعة) حيث تشرع في الماء (لاطئًا) لاصقًا.
16: فرمى فأخطأها وصادف سهمه.......حجرًا ففلل والنضي مجزع
(النضي): القدح بلا ريش ولا نصل، و(المجزع): المكسر وأصل الجزع القطع، و(التفليل): التثليم، ومثل هذا قول الراعي:
وصادف سهمه أحجار قف.......كسرن العير منه والغرارا
وإنما قال (رمى فأخطأ) لأنه أشد لذعر الحمار وإذا ذعر كان أشد لعدوه كقول ذي الرمة:
يقعن بالسفح مما قد رأين به.......وقعًا يكاد حصى المعزاء يلتهب
وكقول ربيعة بن مقروم:
فأخطأها فمضت كلها.......تكاد من الذعر تفري الأديما
يعني (تفري أديم) نفسها، تفري بالفتح على جهة الإصلاح، وتفري بالضم على جهة الإفساد، فتفري أديم نفسها يعني تشقه، أي تكاد من شدة عدوها تخرج من جلودها:
17: أهوى ليحمي فرجها إذ أدبرت.......زجلاً كما يحمي النجيد المشرع
ويروى (الكمي المشرع)، و(أهوى): اعتمد وقصد، و(الفرج) موضع المخافة أي ليحمي الموضع الذي يخاف عليها منه، قال لبيد بن ربيعة:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه.......مولى المخافة خلفها وأمامها
و(النجيد): الشجاع، و(المشرع): الذي أشرع نفسه في الحرب أي قدمها، و(النجيد): هو ذو النجدة، (هوى) إذا قصد له من قريب كقول زهير:
حتى إذا ما هوت كف الغلام لها.......طارت وفي كفه من ريشها بتك
أخبر أنه تناولها من قرب، و(أهوى) طلب الشيء من بعد كقول زهير يصف القطاة:
أهو لها أسفع الخدين مطرق.......ريش القوادم لم ينصب له الشرك
وقد لقي هوى من بعد، قال الله عز وجل: {والنجم إذا هوى}، وأهوى من قرب، ويقال (أهوى) له بالسيف وبالعصا إذا أشار بهما عليه، وقوله (لم ينصب له الشرك)، قال أبو عمرو لأنه وحشي، يريد البازي، ويروى شرك وشبك، قال أحمد (النجيد) الشجاع، نجد ينجد نجدة إذا صار شجاعًا، ومن العرق والجهد قد نجد فهو منجود، ونجد ينجد نجدًا أيضًا من العرق، قال النابغة:
فهاب ضمران منه حيث يوزعه.......طعن المعارك عند المجحر النجد
وهو العرق يجعله نعتًا للمجحر، ويروى النجد يجعله نعتًا للمعارك، قال أبو زبيد: ولقد كان عصرة المنجود أي المجهود.
18: فتصك صكًا بالسنابك نحره.......وبجندل صم ولا تتورع
(الصك): الضرب، و(السنابك): مقاديم الحوافر الواحد: سنبك، (وبجندل) شبه حوافرها بالجندل في الصلابة، و(الجندل) الحجارة، الواحدة: جندلة، و(الصم): الصلاب، وقوله (ولا تتورع) أي لا تكف والورع الكاف عن المحارم، يقال إنه لورع، ولقد ورع يرع رعة وورعًا، ومن الجبان رجل ورع، ولقد ورع وورع.
19: لا شيء يأتو أتوه لما علا.......فوق القطاة ورأسه مستتلع
(الأتو): العمل وحسن الأخذ يقال ما أحسن أتو يدي الناقة، و(القطاة) موضع الردف قال الجعدي:
كأن قطاتها كردوس فحل.......مقلصة على ساقي ظليم
و(المستتلع) المتقدم يقال لا أتتلع معك خطوة أي لا أتقدم، و(أتوه) رجعه، يقال ما أحسن أتو يديها، أي مجيئها وذهابهما، وبعض العرب يقول أتوته آتوه، وينشد هذا البيت:
يا قوم ما لي وأبا ذؤيب.......كنت إذا أتوته من غيب
يشم عطفي ويبز ثوبي.......كأنما أربته بريب
ويروى أتيته، ويقال أتيته وأتوته.
20: ولقد غدوت على القنيص وصاحبي.......نهد مراكله مسح جرشع
(القنيص): الصيد، (وصاحبه) فرسه، و(النهد): التام، و(المراكل): جمع مركل، وهو موضع رجل الفارس من جنب الفرس، قال النابغة الذبياني:
فيهم بنات العسجدي ولاحق.......ورقًا مراكلها من المضمار
ويروى أرقًا، قال الأصمعي العسجدي، ولاحق فحلان من منجبة فحول الخيل لا أدري لمن كانا في الجاهلية، وقال الأسعر الجعفي:
نهد المراكل ما يزال زميله.......فوق الرحالة ما يبالي ما أتى
(المسح) السريع العدو يسحه سحًا وأصل السح الصب و(المسح) السريع يقال سحت السماء تسح، قال و(جرشع) غليظ منتفخ الجنبين، قال الأسعر يصف فرسه:
تقفي بعيشة أهلها وثابة.......أو جرشع عبل المحازم والشوى
21: ضافي السبيب كأن غصن أباءة.......ريان ينفضها إذا ما يقدع
(الضافي): السابغ، و(السبيب): شعر الذنب والناصية، ومنه قول امرئ القيس:
ضليع إذا استدبرته سد فرجه.......بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
ويروى (ينفضه)، و(الأباءة): الأجمة، وجمعه أباء، و(الأباءة) القصبة أيضًا، شبه غسنه وهي خصائل عرفه إذا نفضها بقصبة رطبة، قال كعب بن مالك في الأباء، وأنه القصب:
من سره ضرب يرعبل بعضه.......بعضًا كمعمة الأباء المحرق
و(يقدع) يكف، والقديع والمقدوع المكفوف الممنوع مثل جريح ومجروح وقتيل ومقتول.
22: تئق إذا أرسلته متقاذف.......طماح أشراف إذا ما ينزع
(التئق) الحديد الممتلئ نشاطًا، والمئق السريع الغضب، و(المتقاذف) الذي يقذف بنفسه في عدوه، و(الطماح): السامي البصر، و(الأشراف): الأطلاق، وهو جمع طلق والأشراف أيضًا جمع شرف، يقال جرى الفرس شرفًا أي طلقًا، وروى أحمد إذا ما ينزع وأنكر ينزع، يقول يعدو هذه الأشراف بعد نزوعه عن العدو لفضل قوته وكثرة جريه، وقال تئق حديد ممتلئ جريًا إذا أرسلته يتفجر به، وكل شيء ممتلئ من شيء فهو تئق، والمئق السريع الغضب، ومنه قول العرب أنا (تئق)، وأنت مئق فكيف نتفق، والمأقة الحدة والأنفة، قالت أم تأبط شرًا: والله ما حملته وضعًا ولا تضعًا، وهو الحمل عند مقبل الحيض عند آخر القرء، ولا ولدته يتنا وهو خروج الرجلين قبل الرأس، ولا أرضعته غيلاً أي وزوجي يأتيني، ولا حرمته قيلاً وهو شرب نصف النهار، ولا أبته على مأقة وهو أن يمنع ما طلب فيبيت باكيًا، وقوله (طماح أشراف) يريد إذا كفه راكب طمح بميعته شرفًا، أي طلقًا، وجعل فرسه كغصن أباءة ريان، يقول هو لين، ويستحب من الفرس أن يكون لين المعطف.
23: وكأنه فوت الجوالب جانئًا.......رئم تضايفه كلاب أخضع
يقال (جلب) الفارس على الفرس يجلب ويجلب جلبًا إذا وطن له قومًا في طريقه يصيحون به، وذلك في رهان، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام))، قال الراجز وهو رجل من غطفان:
وجلبتك جلب لم تجلبه.......وكيف تجري والنصارى تجذبه
و(جانئًا) متقاصرًا للشد، وقد جنأ إذا مر يخب، وقال جانئًا معتمدًا، وأن يغدو الفرس مشترفًا أمدح له.
و(الرئم) وجمعه آرام هو الظبي الأسمر الظهر الأبيض البطن له في جنبه خطتان مسكيتان، والجانئ المنحني.
قال الأصمعي: كان هذا الوصف يرد من قوله وينسب فيه إلى الغلط لأن خير جري الذكور الاشتراف وخير جري النساء الخضوع، وإنما أراد أنه (خضع) ليعتمد في الجري كما يعتمد الظبي، وقوله (تضايفه الكلاب) أي أخذن بضيفيه أي بناحيتيه جئنه من ههنا وههنا، وضيفا النهر جانباه، وأنشد: وبلدة تضيف القفارا، أي تتخذ القفار ناحيتين أي ما حولها قفار، وقوله: (رئم أخضع) لتطأمن عنقه، وكل ظبي أخضع وأدن، والرئم الظبي الأبيض يكون في الرمل، وأما الأدم فإن أحمد بن عبيد حدثني قال: كان أبو أيوب ابن أخت الوزير يجمعنا كثيرًا، فنتجارى بين يديه، ويسألنا عن الشيء بعد الشيء، فقال لنا يومًا: ما تقولون في الأدم من الظباء؟ فقال له يعقوب: هي البيض البطون السمر الظهور يفصل بين لون بطونها، وظهورها جدتان مسكيتان، فقال لي أبو أيوب ما تقول يا أبا جعفر؟ فقلت: أما ما كان منها في الرمال وهي بلاد تميم فهي البيض الخوالص البياض، فإذا ذكرها شاعر من قيس فهي كما وصف، فإذا وصفها شاعر من تميم فهي على ما وصفت فأنكر ذلك يعقوب وأبى أن يقبله، فكنا على ذلك إذ استأذن أبو عبد الله بن الأعرابي، فقال أبو أيوب: قد جاء من يقضي بينكما.
فدخل، فسأله أبو أيوب عن الأدم من الظباء، فكأنما نطق عن لسان يعقوب، فقلت له: يا أبا عبد الله ما تقول في ذي الرمة؟ قال: شاعر، فقلت: ما تقول في قصيدته صيدح، فقال: هو بها أعرف منها به، فقلت: هو الذي يقول فيها:
من المؤلفات الرمل أدماء حرة.......شعاع الضحى في متنها يتوضح
فأطرق مفكرًا، ثم قال: هي العرب تقول ما شاءت، وأما قول أبي عكرمة في الرئم فليس بشيء.
24: داويته كل الدواء وردته.......بذلا كما يعطي الحبيب الموسع
(الدواء): ما يضمر به الفرس ويصلح به كقول الآخر:
وأهلك مهر أبيك الدوا.......ء ليس له من طعام نصيب
أراد أهلكه ترك الدواء، و(الموسع) صاحب السعة في العيش، ومثله في الإضمار:
يا صخر وراد ماء قد تناذره.......أهل الموارد ما في ورده عار
أراد ما في ترك ورده عار، قال أحمد: يريد ترك الدواء والدواء ههنا العلاج، ومنه قول الشاعر:
يقولون مجنون وذاك دواؤه.......علي إذا مشي إلى البيت واجب
وقال الحبيب يروى رفعاً ونصبا.
25: فله ضريب الشول إلا سؤره.......والجل فهو مربب لا يخلع
(الضريب) اللبن الخالص، قال عمرو بن أحمر:
وما كنت أخشى أن تكون منيتي.......ضريب جلاد الشول خمطًا وصافيًا
(الخمط): الذي فيه حموضة، و(الشول): الإبل التي شولت ألبانها، أي ارتفعت واحدتها شائلة على غير القياس، وقوله (إلا سؤره) أي لا يرد عليه سؤره مرة أخرى، لأنا نحن نشربه.
و(المربب) الذي يغذونه في بيوتهم، وقوله (لا يخلع) أي هو مقصور على الغذاء لا يخلعونه ليرود ويرعى، قال أحمد وروى أبو عبيدة ملبث لا يخلع الجل، أي دائم له، قال أحمد (إلا سؤره) أي نسقيه ويكثر له حتى يفضل عنه فيشربه أهله وولده ولا يرده عليه لنفاسته عنده، أي وله الجل يكنه أيضًا مع الضريب الذي يسقاه، قال: والضريب لبن إبل شتى.
26: فإذا نراهن كان أول سابق.......يختال فارسه إذا ما يدفع
(نراهن): من الرهان، و(يختال): يتكبر ويدفع يرسل، ويروى (ما يدفع) أي يرسل، نفسه في الجري.
27: بل رب يوم قد حبسنا سبقه.......نعطي ونعمر في الصديق وننفع
سبقه ما يأخذون في رهانه فيهبون منه، وقوله (نعمر) مأخوذ من العمرى، وهو أن يعطي الرجل صاحبه الشيء يكون له عمره ثم يرجع إليه، فيقول نفعل ذاك من فضل ما تجيء به المراهنة على هذا الفرس، ويروى يعطى ويعمل (في الصديق)، قال سبقه هي الإبل التي أحرزنا من (سبقه).
28: ولقد سبقت العاذلات بشربة.......ريًا وراووقي عظيم مترع
أصل (الراووق) الخرقة التي تجعل على فم الإناء يصفى بها، ثم كثر استعمالهم (الراووق) حتى قيل للباطية راووق، المترع الملآن، قال العاذلات اللائمات على إتلاف المال، وقوله (بشربة ريًا) يريد شربة الخمر، يقال أترعت الإناء إتراعًا فهو (مترع)، يقول سبقت ملامهن وعذلهن بالشرب، بادرته قبل مجيئهن، وشاهده سبق السيف العذل، وقول عمرو بن أحمر:
قد بكرت عاذلتي بكرة.......تزعم أني بالصبى مشتهر
إنما بكرته عند صحوه من شربه وقبل أن يبدأ شربا جديدًا يستأنفه فلا يمكنها ملامه وعذله.
29: جفن من الغربيب خالص لونه.......كدم الذبيح إذا يشن مشعشع
(يشن): يصب يقال شن عليه درعه إذا صبها عليه، أصل (الجفن) الكرم، و(الغربيب) الأسود أي من الخمر التي من العنب الأسود، ثم قال (كدم الذبيح) ثم جعلها حمراء للمزج، و(المشعشع) المرقق بالماء ذهب إلى (الراووق)، أي مزجت ورققت فصارت (كدم الذبيح)، ويقال رجل شعشع وشعشاع إذا كان خفيف الجسم طويلاً، ويقال (جفن من الغربيب) أي خمر جيدة، و(الغربيب) الأسود، والشعراء إنما يذكرون الصفراء، فيقول مزج ورقق حتى صار( كدم الذبيح).
30: ألهو بها يومًا وألهي فتية.......عن بثهم إذ ألبسوا وتقنعوا
يقول أسلو بها وأسلي صحبي، و(البث) الحزن والغم، وقوله (إذ ألبسوا وتقنعوا) أي من شدة همهم كأن لهم منه (لباسًا وقناعًا)، وروى أحمد إذ (أبلسوا وتقنعوا)، يقال أبلس الرجل إذا تقنع فلم يجب، ويروى أبسلوا أي إذا أسلموا بجرائرهم.
31: يا لهف من عرفاء ذات فليلة.......جاءت إلي على ثلث تخمع
يعني ضبعا و(العرفاء) التي لها عرف من الشعر في قفاها، والفلائل قطع الشعر، و(تخمع): نظلع، وكذلك الضبع وخلقتها لأنها عرجاء أحمد: يروى بل لهف من يقول أصرع فتأتيني الضبع لتأكلني، وكل ضبع لها عرف والمعنى يا لهف من الموت أي إن أمت فتأكلني الضبع، يقال (فليلة) من شعر وسبيخة من قطن وعميتة من وبر ويقال من صوف، وأنشد في مثله:
لجاءت جيأل وأبو بنيها.......أحم المأقيين به خماع
وقال الآخر:
دفوع للقبور بمنكبيها.......كأن بوجهها تحميم قدر
32: ظلت تراصدني وتنظر حولها.......ويريبها رمق وإني مطمع
ويروى (ويريبها)، يريد أنه قد صرع فجاءته الضبع لتأكله، فهي (ترصده) ليموت ويمنعها رمق به (ويريبها) ويشككها، يقال أرابني الأمر إذا لم أكن منه على يقين ورابني إذا لم أشك فيه، وقد يقال رابني وأرابني بمعنى واحد وكذلك رواها أبو عمرو ويريبها رمق، قال الهذلي في مثل هذا المعنى يذكر ضبعًا:
تجوب الليل لا يخفى عليها.......حمار حيث مات ولا قتيل
وقال الشاعر:
وجاءت جيأل وأبو بنيها.......أحم المأقيين به خماع
يقول (يريبها رمق تراه بي) أي يشككها فتتقي الإقدام علي ويجرئها علي ما تراه به من قلة الامتناع وأني مطروح، و(الخماع): العرج، و(تراصده) تصده ليموت فتأكله لأنه مثقل بالجراح.
و(الرمق) البقية من العيش.
و(المطمع) ههنا المرجو موته وأنشد يصف الضبع:
دفوع للقبور بمنكبيها.......كأن بوجهها تحميم قدر
33: وتظل تنشطني وتلحم أجريًا.......وسط العرين وليس حي يدفع
يقال (ألحمهم) وأشحمهم إذا أتاهم باللحم والشحم قول أبي عكرمة ألحمهم أطعمهم اللحم ليس بشيء.
(النشط) الجذب أي تجذب لحمه (وتلحم أجريًا) أي تطعم أجريها اللحم، يقال ألحم فلان أصحابه إذا أطعمهم اللحم، وألحم فلان الناس عرضه إذا أباحهم إياه يشتمونه، و(العرين) الأجمة، قال الأصمعي أصل العرين موضع القتال، يقال قد لحم الرجل لحامة وشحم شحامة إذا كان ضخمًا والرجل شحيم لحيم، وقد شحم يشحم ولحم يلحم إذا كان قرمًا إلى الشحم واللحم، وهو شحم لحم، وقد شحم أصحابه ولحمهم يلحمهم إذا أطعمهم ذاك وهو شاحم لاحم، وإذا كثر ذاك عنده فهو مشحم ملحم.
34: لو كان سيفي باليمين ضربتها.......عني ولم أؤكل وجنبي الأضيع
يقول (لو كان سيفي بيميني لضربتها عني)، ولم أتركها تأكلني، (وجنبي الأضيع) إذ لا ذاب له.
35: ولقد ضربت به فتسقط ضربتي.......أيدي الكماة كأنهن الخروع
وإنما خص (الخروع) للينه وهو شجر لين، ويروى: ولقد ضربت به فتسقط دونه أيدي الكماة أي لسرعة مضائه فيها كأني ضربت بضربتي إياها شجر خروع، فلذلك جعله مثلاً.
وكل قصيف ضعيف فهو خروع: والخريع من النساء اللينة، قوله (فتسقط ضربتي أيدي الكماة) لم يحرك الياء كما قال تأبط شرًا:
سدد خلالك من مال تجمعه.......حتى تلاقي الذي كل أمرئ لاق
وكقول الآخر:
كأن أيديهن بالقاع القرق.......أيدي جوار يتعاطين الورق
وهي لغة قوم لا يحركون الياء في النصب كما لا يحركونها في الرفع والخفض.
36: ذاك الضياع فإن حززت بمدية.......كفي فقولي محسن ما يصنع
ويروى ذاك بالفتح أيضًا، (فقولي محسن) أي لا تلوميني على إنفاق مالي ولا إن رأيتني أقطع يدي، فإن مصيري إلى الموت، قال هبت المرأة تلومه على إنفاق ماله، فقال (ذاك الضياع) أي ما أصف لك الضياع أن أموت فتأكلني الضبع، (فإن حززت بمدية كفي فقولي محسن ما يصنع)، أي: دعيني أعيش في مالي وأنفقه كيف شئت، لأني غير باق فعلام أستبقيه فدعيني من ملامك.
37: ولقد غبطت بما ألاقي حقبة.......ولقد يمر علي يوم أشنع
يقول كنت أغبط بما يمر بي من الرخاء والظفر، أي ويأتي بعد ذلك علي البؤس فأصبر، فعندي محتمل لكل ما يمر بي، (يوم أشنع) صعب مشهور.
38: أفبعد من ولدت نسيبة أشتكي.......زو المنية أو أرى أتوجع
(زو المنية): القدر، يقول قد مات هؤلاء ولا بقاء لي بعدهم، يقول هؤلاء ما بقوا، وكذلك أنا لا أبقى، فدعيني أنفق مالي، ويروى رزء المنية أي ما يرزؤني من موت أقاربي وإتلاف مالي أي ما ينقصني، نسيبة بنت شهاب بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة، وكانت امرأة نويرة وهو نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، ويقال زؤ المنية فجعها.
39: ولقد علمت ولا محالة أنني.......للحادثات فهل تريني أجزع
أي (قد علمت) أني غرض للحادثات ولا أخطئها فلست أجزع لنزولها إذ لا بد لي من وقوعها بي.
لم يقل أبو عكرمة في هذا شيئًا، أراد (فهل ترينني أجزع)، فكأنه شدد وأدغم ثم خفف فأسقط النون كما قال الآخر:
رأته كالثغام يعل مسكًا.......يسوء الفاليات إذا فليني
كأنه قال فلينني، فاجتمعت نونان متحركتان، فأدغم ثم خفف، وإلى هذا تصرف قراءة أهل المدينة: (تشاقونِ فيهم)، ويروى (فهل ترينن أجزع)، اكتفى بالكسرة من الياء.
40: أفنين عادًا ثم آل محرق.......فتركنهم بلدًا وما قد جمعوا
أي ذهب الحادثات بهم وبأموالهم، (فتركنه بلدًا)، أي فصاروا مثل البلد الأملس لا شيء فيه.
ضربه مثلاً لفنائهم وخلاء الأرض منهم، أحمد: ذهبوا فلم يبق منهم أحد، وبقيت الأرض بعدهم، ومثله: وأمسى ترابًا فوقه الأرض بلقعا.
41: ولهن كان الحارثان كلاهما.......ولهن كان أخو المصانع تبع
(لهن) أي للحادثات (الحارثان) الحارث الأصغر، والحارث الأكبر الأعرج:
42: فعددت آبائي إلى عرق الثرى.......فدعوتهم فعلمت أن لم يسمعوا
هذا مثل قول امرئ القيس إلى عرق الثرى وشجت عروقي، (عرق الثرى) آدم صلى الله عليه، يقول لم يبق منهم أحد ذهبوا كلهم، ويروى لدن (عرق الثرى)، وجعله عرق الثرى لأنه الأصل القديم الذي خلق من طين أي عددتهم إلى الأصل الذي خلقوا منه
43: ذهبوا فلم أدركهم ودعتهم.......غول أتوها والطريق المهيع
ويروى والسبيل (المهيع)، وأصل (الغول) ما اغتال الشيء وذهب به، و(الغول) المنية، (المهيع) البين الواضح، يريد (طريق) الموت، ويقال الغضب (غول) الحلم، و(المهيع) الواسع.
44: لا بد من تلف مصيب فأنتظر.......أبأرض قومك أم بأخرى تصرع
أي لا بد لك من (التلف) مقيمًا أو مسافرًا و(التلف) الهلاك والذهاب، تضرع تموت.
45: وليأتين عليك يوم مرة.......يبكي عليك مقنعًا لا تسمع
ويروى ما تسمع، وقوله (مقنعًا) أي: ملففًا بأكفانك.
[شرح المفضليات: 63-79]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
9, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir