دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الظهار

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ربيع الثاني 1432هـ/2-04-2011م, 07:07 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

ثم انتقل المؤلف من بيان الصيام إلى بيان الإطعام فقال:

وَيُجْزِئُ التَّكْفِيرُ بِمَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ فَقَطْ، وَلاَ يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ، وَلاَ مِنْ غَيْرِهِ أَقَلُّ مِنْ مُدَّيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ، ممَّنْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِمْ،...........................................
«ويجزئ التكفير بما يجزئ في فطرة فقط» وهذه هي المرتبة الثالثة في كفارة الظهار، وهي إطعام ستين مسكيناً، والذي يجزئ البر والتمر والشعير والزبيب والأقط، فلو أطعمناهم من الرز لم يجزئ ولو كان قوت البلد، ولو أطعمناهم من الذرة لم يجزئ، ولو كان قوت البلد، ولو أطعمناهم من الأقط يجزئ ولو كان غير قوت لأهل البلد، حتى لو كان هذا الأقط لا يأكله إلا الصبيان، فلا يجزئ إلا هذه الخمسة على كلام المؤلف.
ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه يجزئ التكفير بما يكون طعاماً للناس، لأن الله قال: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 4] فذكر الإطعام ولم يذكر من أي نوع يكون، فيرجع في ذلك لما جرى به العرف، كما أشار إليه الناظم في قوله:
وكل ما أتى ولم يحدد
بالشرع كالحرز فبالعرف احدد [(129)]
فالذي ما جاء فيه حد في الشرع فإنه يرجع فيه إلى العرف، فيطعمون بما يطعم الناس في وقتهم، وعندنا اليوم الأرز.
قوله: «ولا يجزئ من البر أقل من مُدٍّ، ولا من غيرِهِ أقلُّ من مُدَّيْنِ لكل واحد» المد ربع الصاع بصاع النبي صلّى الله عليه وسلّم، وصاع النبي صلّى الله عليه وسلّم أقل من صاعنا بالخمس، وخمس الخمس، يعني أنك تضيف إلى صاع النبي صلّى الله عليه وسلّم ربعاً وخمس الربع، حتى يكون على مقدار الصاع الموجود في القصيم، وقد حررناه ووجدنا صاع النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ألفين وأربعين جراماً، يعني كيلوين وأربعين جراماً، فإذا أطعم الإنسان ربع هذا القدر من البر كفى، أما غيره فلا بد أن يكون من مدين؛ يعني نصف الصاع، وغير البر كالتمر والشعير والزبيب والأقط، فعلى المذهب نصف صاع، وأما البر فَمُدٌّ، والدليل على هذا التفريق مع أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال لكعب بن عجرة رضي الله عنه: «أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» [(130)]، أن معاوية ـ رضي الله عنه ـ حين قدم المدينة وكثر فيها البُرُّ، قال: «أرى المد من هذا يعدل مُدَّيْنِ من التمر»[(131)]، فأخذ الناس به في عهده، وصاروا يخرجون في الفطرة نصف صاع، فقال الفقهاء: إننا نجعل الواجب من البر على النصف من الواجب من غيره، مع أنهم في باب صدقة الفطر خالفوا معاوية رضي الله عنه، وقالوا: يجب صاع حتى من البر، وهذا فيه شيء من التناقض، ولهذا فالصواب أننا إذا أردنا أن نقدر، إما أن نقدر بنصف الصاع، وإما أن نقدر بما يكفي الفقير من كل الأصناف، يعني من البر ومن غير البر، أما أن نفرق بدون دليل من الشرع فإن هذا لا ينبغي.
ومن الذي يصرف إليه؟ قال المؤلف:
«ممن يجوز دفع الزكاة إليهم» وظاهر كلام الماتن الإطلاق، وأن كل من جاز دفع الزكاة إليه ولو كان غنياً، كالمؤلفة قلوبهم، والغارم لإصلاح ذات البين، فإنها تجزئ، والصحيح أنه يقيد ممن يجوز دفع الزكاة إليهم لحاجتهم؛ لأن الله تعالى قال:{فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً}والذين تدفع إليهم الزكاة مساكين وغير مساكين، فنقيد قوله: «ممن يجوز دفع الزكاة إليهم» لحاجتهم، كما قيده في الروض[(132)] «وهم المساكين والفقراء والغارمون لأنفسهم وابن السبيل».

وإِنْ غَدَّى المَسَاكِينَ أَوْ عَشَّاهُمْ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَتَجِبُ النِّيَّةُ في التَّكْفِيرِ مِنْ صَوْمٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَصَابَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلاً أَو نَهَاراً انْقَطَعَ التَّتابُعُ، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهَا لَيْلاً لَم يَنْقَطِعْ.
قوله: «وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه» الغداء هو الطعام في أول النهار، مأخوذ من الغدوة، والعشاء هو الطعام في آخر النهار، مأخوذ من العشي، فلو غدَّى ستين مسكيناً فإنه لا يجزئه، وكذلك لو عشاهم فإنه لا يجزئه، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وهو المذهب؛ لأنه يشترط تمليكهم، والغداء والعشاء ليس فيه تمليك؛ لأن الإنسان في الغداء والعشاء لا يأخذ إلا ملء بطنه، فلا يستطيع أن يأخذ شيئاً، ولكن نقول: أين الدليل على التمليك، وفي القرآن الكريم إطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين، وإطعام ستين مسكيناً في كفارة الظهار، وحديث كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ خاص، ومن يستطيع أن يقول: إن غداءهم أو عشاءهم ليس إطعاماً؟! ولو قاله لرُدَّ.
فالصواب في هذه المسألة: أنه إذا غداهم أو عشاهم أجزأه؛ لأن الله عزّ وجل قال: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} ولم يذكر قدراً، ولم يذكر جنساً، فما يسمى إطعاماً فإنه يجزئ، وبناءً على ذلك فإذا غدَّاهم أو عشَّاهم أجزأه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ويدل له أن أنس بن مالك رضي الله عنه لمَّا كبر وعجز عن صيام رمضان، صار في آخره يدعو ثلاثين مسكيناً، ويطعمهم خبزاً وأدماً عن الصيام[(133)]، مع أن الله قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] وهذا تفسير صحابي لإطعام المسكين بفعله.
واعلم أن الشرع في باب الإطعام ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما قدر فيه المدفوع والمدفوع إليه.
الثاني: ما قدر فيه المدفوع فقط.
الثالث: ما قدر فيه المدفوع إليه فقط.
فالذي قدر فيه المدفوع والمدفوع إليه فدية الأذى، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» [(134)]، فقدر المدفوع بنصف صاع، والمدفوع إليه ستة.
وما قدر فيه المدفوع دون المدفوع إليه مثل صدقة الفطر، فإنها صاع، ولم يذكر المدفوع إليه، ولهذا يجوز أن تعطي الصاع ـ الفطرة الواحدة ـ عشرة.
وما قدر فيه المدفوع إليه دون المدفوع مثل كفارة الظهار، وكفارة اليمين، وكفارة الجماع في نهار رمضان، وهذا الأخير هو الذي يجزئ فيه إذا غدى المساكين، أو عشاهم، أو أعطاهم خبزاً أيضاً، وكذلك الإطعام بدلاً عن الصوم، كالكبير الذي لا يرجى برؤه، فإنه يجزئ الغداء أو العشاء كما سبق.
قوله: «وتجب النية في التكفير من صوم وغيره» يعني يجب أن ينوي بأن هذا الشيء كفارة عن ذلك الشيء، فمثلاً يعتق رقبة وينويها كفارة عن الظهار، أو يعتق رقبة وينويها عن اليمين.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا بد من التعيين، ولو لم يكن عليه سواها، كرجل عليه كفارة عتق عن ظهار فقط، فأعتق هذا بنية أنه عن الواجب عليه، لكن ما عيَّن أنه عن الظهار، فظاهر كلام المؤلف أن هذا لا يجزئ، ولكن الصحيح أنه يجزئ؛ لأن هذا تعيين إذ لم يكن عليه غيره؛ ولهذا اشترطوا في النكاح أن يعيّن المرأة وأنه لو قال: زوجتك بنتي، وله غيرها لم يصح، وإن لم يكن له غيرها صح؛ لأنه لما لم يكن إلا واحد انصرف الشيء إليه، فإذا نوى عن كفارة، وليس عليه إلا كفارة الظهار أجزأ عنه هذا العتق.
وقوله: «وغيره» كالعتق والإطعام.
مسألة: هل يشترط أن ينوي التتابع في الصوم أو لا؟ ليس بشرط، بل ينوي كل يوم بيومه، ونية التتابع ليست بشرط، كما أنه في رمضان ينوي كل يوم بيومه، ولا يشترط أن ينوي التتابع، فما دام يعرف أنه يشترط التتابع فهو من حين يشرع في الصوم وهو ناوٍ التتابع، لكن إن انقطع التتابع بما لا يقطعه فإنه يجب أن يجدد النية، فمثلاً لو سافر فإذا رجع لا بد أن يجدد النية، وإلا فالأصل التتابع.
وهل يجب أن ينوي لكل يوم؟ نعم، يجب أن ينوي لكل يوم، لكن على القول الصحيح إذا شرع فيه وقد نوى أن يستمر، فالصحيح أنه ليس بلازم أن ينوي كل يوم من ليلته، وينبني على ذلك ما لو نام بعد العصر إلى أن طلعت الشمس من الغد، فإن قلنا بوجوب التعيين في الليل لم يصح صيام ذلك اليوم، وإن قلنا بأنه لا يشترط فإنه يصح، وهذا هو الصحيح.
قوله: «وإن أصاب المُظاهَرَ منها ليلاً أو نهاراً انقطع التتابع» يعني إن أصاب المرأة التي ظاهر منها ليلاً أو نهاراً انقطع التتابع، مثال ذلك: رجل شرع في صيام الشهرين المتتابعين، ولما مضى خمسة أيام جامع الزوجة في الليل فإنه ينقطع التتابع، وعلى هذا فيستأنف، ولو صام شهراً وثمانية وعشرين يوماً ثم جامعها يستأنف، فيصوم الشهرين من جديد؛ لأن الله ـ تعالى ـ يقول: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا} [المجادلة: 4] ، هذا ما مشى عليه المؤلف.
والصحيح أنه إذا أصابها ليلاً فهو آثم، ولكنه لا ينقطع التتابع؛ وذلك لأن استئناف الشهرين لا يرتفع به إثم الإصابة أو مفسدتها، فيقال لمن أصابها في أثناء الشهرين ليلاً: إنك أخطأت وأثمت فعليك أن تتوب، ولكن التتابع لا ينقطع، وهذا مذهب الشافعي، واختيار ابن المنذر، وقواه صاحب المغني.
ولو أصابها ناسياً في الليل ينقطع التتابع أو لا؟ على المذهب ينقطع؛ لأنه أطلق، ولو أصابها في سفر مباح ينقطع، فالمهم أنه إذا أصاب المُظاهَرَ منها ولو في زمن يباح له الفطر فيه، كالليل، والسفر المبيح للفطر، أو ناسياً فإنه ينقطع التتابع، والصحيح أنه إذا أصابها ليلاً لا ينقطع لكنه يأثم، وإن أصابها ناسياً لا ينقطع ولا يأثم؛ لا ينقطع لأنه لم يفطر، ولا يأثم لأنه كان ناسياً.
إذن إذا أصاب المُظاهَر منها في وقت لا يجب فيه الصوم، إما لكونها أيام عيد، أو أيام التشريق، أو كان مسافراً، أو في الليل، فإنه يكون آثماً، ولا ينقطع التتابع؛ لأنه ليس صائماً، وإن أصابها صائماً فإنه ينقطع التتابع، لا لأنه أصابها قبل أن يتم الصوم، ولكن لأنه أفطر أثناء الشهرين، والله ـ عزّ وجل ـ اشترط أن يكون الشهران متتابعين، وبناء على ذلك لو أصابها ناسياً في أيام الصوم، فإن الصحيح فيما نرى أن الصوم لا يبطل ولو بالجماع ناسياً، وإذا لم يبطل الصوم صار التتابع مستمراً، أما لو أصابها وهو صائم بدون عذر فإنه ينقطع التتابع؛ لأنه أفطر.
قوله: «وإن أصاب غيرها ليلاً لم ينقطع» كزوجة أخرى أو مملوكة، فإذا أصاب غيرها فإنه لا ينقطع التتابع إذا كان ليلاً، فإن كان نهاراً فإنه ينقطع؛ لأنه أفطر، وإذا أفطر انقطع التتابع، والصحيح أنه إذا أصاب غيرها جاهلاً أو ناسياً في النهار فإنه لا ينقطع بناء على أنه لا يفطر بذلك، مع أنه في «الروض»[(135)] يقول: «وإن أصاب غيرها أي: غير المظاهَر منها ليلاً أو ناسياً أو مع عذر يبيح الفطر لم ينقطع التتابع» فجعلوه هنا لا يقطع التتابع، والمراد أننا لا نفطره، وقد سبق لنا أن المذهب في باب الصوم في رمضان أن الفطر بالجماع يثبت ولو كان ناسياً.
مسألة: سبق لنا أن العلماء اختلفوا في الإطعام، هل يجوز الوطء فيه أو لا يجوز؟ وبيَّنَّا الخلاف فيه، لكن إذا قيل: إنه لا يجوز الوطء قبل الإطعام، ثم لما أطعم ثلاثين مسكيناً جامع زوجته، فهل يستأنف الإطعام كما يستأنف الصوم أو لا؟
المذهب لا ينقطع التتابع فيما إذا جامع أثناء الإطعام؛ بناء على أنه لا يشترط فيه التتابع، ولهذا لو أطعمهم جميعاً يجزئ، وهذا مما يؤيد القول الثاني.


[129] منظومة أصول الفقه وقواعده لفضيلة شيخنا الشارح رحمه الله ص(8).
[130] أخرجه البخاري في المحصر/ باب الإطعام في الفدية نصف صاع (1816)، ومسلم في الحج/ باب جواز حلق الرأس للمحرم... (1201) (85) عن كعب بن عجرة رضي الله عنه.
[131] أخرجه البخاري في الزكاة/ باب صاع من زبيب (1508)، ومسلم في الزكاة/ باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير (985) (18) وهذا لفظ مسلم.
[132] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (7/25).
[133] أخرجه الدارقطني (2390) ط. الرسالة.
[134] سبق تخريجه ص(275).
[135] الروض المربع مع حاشية ابن قا
سم (7/27).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir