المجموعة الثانية :
س1: ما معنى الوقف في القرآن؟ وما سبب وقوف بعض أهل الحديث؟
الواقفة هم الذين يقولون : القرآن كلام الله ويقفون ، فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق .
وسبب وقوف بعض أهل الحديث ، أنهم كرهوا الدخول في هذه المسألة من أصلها ،اتباعا لمن كره الكلام فيما ليس تحته عمل من الأئمة ؛ وقد قال بعضهم : أما انا فأقول : كلام الله وأسكت ، وقلبي يميل إلى أنه غير مخلوق ، ولكني أسكت لأنه بلغني عن مالك أنه يقول : الكلام في الدين كله أكرهه ، ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه ، القدر ورأي جهم ، وكل ما أشبهه ، ولا أحب الكلام إلا قيما تحته عمل ، فأما الكلام في الله فأحب إلي السكوت عن هذه الأشياء ، لأن أهل بلدنا ينهون عن الكلام إلا فيما تحته عمل .
وقال آخر : لا أقول كذا ولا كذا ، ولا أقول ذلك على الشك ، ولكني أسكت كما سكت لقوم قبلي .
و كان هذا اجتهادًا منهم أخطئوا فيه رحمهم الله .
س2: بيّن سبب اختلاف في مسألة اللفظ
مسألة اللفظ من المسائل الغامضة لتوقفها على مراد القائل ، ودخول التأول فيها .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( الذين قالوا التلاوة هي المتلو من أهل العلم والسنة قصدوا أن التلاوة هي القول والكلام المقترن بالحركة وهي الكلام المتلو )
وآخرون قالوا : بل التلاوة غير المتلو ، والقراءة غير المقروء ، والذين قالوا ذلك من أهل السنة والحديث أرادوا بذلك أن أفعال العباد ليس هي كلام الله ، ولا أصوات العباد هي صوت الله ، وهو مقصود صحيح .
وسبب ذلك أن لفظ التلاوة والقراءة واللفظ مجمل مشترك : يراد به المصدر ويراد به المفعول .
فمن قال افظ ليس هو الملفوظ ، والقول ليس هو المقول ، وأراد باللفظ والقول المصدر ، كان معنى كلامه أن الحركة ليست هي الكلام المسموع ، وهذا صحيح .
ومن قال اللفظ هو الملفوظ ، والقول هو نفسه المقول ، وأراد باللفظ والقول مسمى المصدر ،صار حقيقة مراده أن أن اللفظ والقول المراد به الكلام المقول الملفوظ هو الكلام المقول الملفوظ وهذا صحيح .
فمن قال اللفظ بالقرآن أو القراءة أو التلاوة ، مخلوقة أو لفظي بالقرآن ، أو تلاوتي دخل في كلامه نفس الكلام المقروء المتلو ،وذلك هو كلام الله تعالى .
وإن أراد بذلك مجرد فعله وصوته كان المعنى صحيحا ، لكن إطلاق اللفظ يتناول هذا وغيره .
س3: ما سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله ؟ وبيّن موقفه من مسألة اللفظ.
سبب محنة الإمام البخاري أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس عليه ؛ فقال لأصحاب الحديث : إن محمد بن إسماعيل يقول : اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه في المجلس ؛ فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال : يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو ام غير مخلوق ؟
فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ، فأعاد عليه الثانية فأعرض عنه ، فأعاد عليه الثالثة ، فالتفت إليه البخاري وقال : القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة ، والامتحان بدعة ، فشغّب الرجل وشغّب الناس ، وتفرقوا عنه ، وقعد البخاري في منزله ، ونقلت مقالته على غير وجهها إلى قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي ؛ فقال في مجلسه فيما قال : ( من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع ، لا يجالس ولا يكلم ،ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل فاتهموه ، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه ) .
وقد قال البخاري عن مسألة أن اللفظ مخلوق :( هذه مسألة مشؤومة رأيت احمد بن حنبل ، وما ناله في هذه المسألة وجعلت على نفسي أن لا اتكلم فيها ).
س4: بيّن سبب نشأة فتنة اللفظية.
كان أول من أشعل فتنة اللفظية حسين بن علي الكرابيسي ، وكان رجلا قد أوتي علما ، وتمكن بذكائه وسعة معرفته من إثارة شبهات أراد بها إفحام بعض العلماء والارتفاع عليهم .
ومن ذلك أن الكرابيسي ألّف كتابا حط فيه على بعض الصحابة وزعم فيه أن ابن الزبير من الخوارج ، وأدرج فيه ما يقوّي به جانب الرافضة ببعض متشابه المرويات ، وحط على بعض التابعين كسليمان الأعمش وغيره ، وانتصر للحسن بن صالح بن حيّ وكان يرى السيف .
فقيل له : إن قوما يريدون أن يعرضوا كتابك على أبي عبد الله فأظهر أنك قد ندمت عليه ، فقال : إن أبا عبد الله رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق ، قد رضيت أن يعرض عليه ، لقد سألني أبو ثور أن أمحوه فأبيت .
فلما عرض الكتاب على ابي عبد الله حذّر منه ، فلما حذر منه الإمام أحمد ، ونهى عن الأخذ عنه ، وبلغ ذلك الكرابيسي فغضب وتنمّر ،وقال : لأقولن مقالة حتى يقول ابن حنبل بخلافها فيكفر ؛ فقال : لفظي بالقرآن مخلوق .
س5: لخّص بيان الإمام أحمد والبخاري للحق في مسألة اللفظ.
سئل الإمام أحمد عن الذين يفرقون بين اللفظ والمحكي ، فقال :القرآن كيف تصرف في أقواله وأفعاله ، فغير مخلوق ؛ أما أفعالنا فمخلوقة .
قيل : فاللفظية تعدهم يا أبا عبد الله في جملة الجهمية ؟
فقال : لا الجهمية الذين قالوا : القرآن مخلوق .
وقال البخاري : ( جميع القرآن هو قوله تعالى ، والقول صفة القائل موصوف به ، فالقرآن قول الله عز وجل ،والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله : { فاقرؤوا ما تيسر منه } القراءة فعل الخلق .
س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "مسائل الإيمان بالقرآن"؟
معرفة الطريق للاهتداء بالقرآن والذي يوصل المرء إلى سعادة الدارين .
شدة البلاء الذي وقع على بعض العلماء وصبرهم في سبيل نصرة الحق .
التزام منهج أهل السنة والجماعة وعدم الخروج عن نصح العلماء .
أن العلم قد يكون وبالا على صاحبه إذا لم يوفقه الله لإخلاص النية والتخلص من حظوظ النفس .