مجلس مذاكرة دروس التفسير (الفاتحة(
المجموعة الأولى:
س1: بيّن معنى البسملة باختصار
هي في معنىاها إجمالا الاستعانة و التبرك بالله ذو الرحمة الواسعة الشاملة لعباده أجمعين و الخاصة بأوليائه المؤمنين و أسماء الله الحسنى للشروع في قول أو عمل قد أضمره المبتدأ بالبسملة و يدل على ذلك الباء في كلمة﴿ باسم﴾ و هي هنا للتبرك و الاستعانة و ﴿اسم﴾ مجرور بالباء مشتق من السمة و قيل من السمو وهو العلو و الظهور للتميز عن غيره جاء مفردا مضافا الى اسم الجلالة وهو يفيد العموم ،ف "الاسم "لفظ مفرد يراد به جميع الأسماء الحسنى كلفظ ﴿نعمة ﴾ في قول الله تعالى﴿ و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ﴾ و الجار و المجرور متعلق بمحذوف قدره أهل العلم فعلا متأخرا مناسبا و المعنى هنا أبتدأ )القراءة مثلا( مستعينا ومتبركا بجميع أسماء الله الحسنى.
﴿الله﴾ مضاف إليه مجرور ،علم على ذات الرب سبحانه وهو اسم خاص به جل و علا لا يجوز لأحد التسمي به وهو أعظم أسماء الله الحسنى بل و أصلها فجميع الأسماء تابعة له غالبا وهو مشتق من أله يأله إلاهة و معناه المعبود و المألوه بحق
﴿ الرحمان الرحيم ﴾ اسمان يدلان على ذات الله سبحانه و على صفة الرحمة و أثر ها وهي صفة حقيقية جاءت في إثباتها نصوص الكتاب و السنة فلا تحتمل معها تأويلا و لاتحريفا و كل من هذين الاسمين مفترقين يدل على الوصف و الفعل فلما اجتمعا كان المراد كما اختاره بعض أهل العلم أن الرحمان على وزن فعلان صفة مبالغة تدل على الامتلاء و السعة وهو اسم دال على الوصف القائم بذاته أي ذو الرحمة الواسعة الشاملة وهو اسم لا يجوز لأحد التسمي به و أما الرحيم على وزن فعيل ،صفة تدل علىى وقوع الفعل و أن الله يرحم خلقه رحمة عامة وقيل أن هذا الاسم يحرم الله به خاصة عباده المؤمنين لقول الله تعالى :﴿و كان الله بالمؤمنين رحيما﴾ فكأن الأول وصفه و الثاني فعله و الله تعالى أعلم .
. س2: ما فائدة تقديم المعمول في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين
تقديم المعمول على العامل في قول الله تعالى :﴿إياك نعبد و إياك نستعين﴾ يفيد الحصر و الاختصاص و الاهتمام فهو في قوة قولك لا نعبد إلا الله و لا تستعين إلا بالله فقصر العبادة و الاستعانة بالله وحده.
س3: بيّن الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير سورة الفاتحة.
﴿بسم الله الرحمان الرحيم ﴾
الاستعانة و التبرك و مصاحبة اسم الله في كل أمر ذي بال و البداءة به في الخطابات و الرسائل و المكاتبات كما كان يفعل صلى الله عليه و سلم حين يرسل للملوك مع أنه لم يثثبه في ذلك سنة قولية .
﴿الحمد لله رب العالمين ﴾
الحمد وصف المحمود بالكمال مع المحبة و التعظيم فإذا تكرر الوصف صار ثناء ,
لما استفتح الله كتابه و تكلم قبل أن يخلق خلقه مدح نفسه فقال : الحمد لله رب العالمين و جعلها كلمة يناجي به العبد ربه في صلاته فقال الله تعالى كما في الحديث القدسي : قسمت الصلاة بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل فأذا قال العبد : الحمد لله قال الله :حمدني عبدي و إنه قد ورد في الحديث "أنه ليس شئ أحب الى الله من ا لمدح" و قد جاءت في الآية خبرا في صورة إنشاء فعلم بذلك أن الله يأمر العبد و يحب منه أن يكثر من الحمد و الثناء على الله بجميل الصفات و جلالها و كمالها و الشكر له سبحانه بالعمل الصالح ،و أن الحمد يكون على كل أحوال العبد فيحمده في السراء و الضراء و في كل خير .
﴿الرحمان الرحيم ﴾
إن الله اتصف بالرحمة و جعلها أوسع صفاته لذلك اشتق منها اسمان بصيغة تفيد الامتلاء و الوسع واستوى على أوسع مخلوقاته باسم الرحمان. قال تعالى :﴿الرحمان على العرش استوى ﴾ و قرنها في كتابه مع العلم بصفة الاتساع كما في قوله تعالى :﴿ربنا وسعت كل شئ رحمة و علما ﴾ و في ذلك دلالة على أن الله يأمرنا بالاتصاف الرحمة كما أراد ذلك لنبيه فقال سبحانه :﴿و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾و يزيد الأمر توكيدا حين تتعلق الرحمة بالعلم فأهل العلم أرحم الخلق بالخلق. كما أن وصف الرحمة وصف لجماله سبحانه و جمال صفاته فيبعث في قلوبنا محبته و الرجاء فينا عنده وهو ركن ركين في العبادة و به يستقيم العبد و يبلغ درجىة الاحسان.
﴿مالك يوم الدين﴾
وصف لجلاله سبحانه وجلال صفاته و في ذلك أثر في قلب العبد و جوارحه في الخوف من الله و من عقابه فيجتنب المحرمات و يحرص على ترك موارد الشبهات . و المالك هو المتصرف في ملكه كيف يشاء بسلطانه وقهره لايرده في ذلك أحد وهو اسم يعين العبد على الزيادة اليقين في قدر الله و تصريفه لأموره وأنه الملك القيوم على أمر السموات والأرض فيطمئن الفقير و المبتلى و المظلوم و ذا الحاجة ويسلم أمره للحي الذي لا يموت .
﴿ إياك نعبد و إياك نستعين﴾
الحصر في تقديم المعمول على العامل في دلالة واضحة وحث شديد لا يقبل الخيار على اخلاص العبادة لله و الاعتناء به فهو من أركان التوحيد بل و أركان العمل عموما فلا يقبل الله عملا بغيره و في هذه الأية دلالة على أن العبد لاتتم له عبادة حتى يطلب العون من الله وحده و أنه بغير عونه لن يشرف بطاعته فيتواضع لله و لايرى نفسه و يقطع بذلك حظ النفس و الشيطان فيقبل بكليته الى الله و يتوكل على الله في كل أمره
﴿ صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين ﴾
و الاية تدعو المسلم سلوك و التماس طريق الأنبياء و المرسلين و أتباعهم الصادقين من الصديقين و الشهداء و الصالحين و الاعتصام بسننهم فهي النجاة عند الفتن من الشهوات و الشبهات و النظر في سيرهم فإنها ذكرى للعبد عون و عون له على الثبات و قديما قيل الحكايات جند من جنود الله و فقد أمر الها نبيه صلى الله عليه و سلم بقوله :﴿فاقصص القصص لعلهم يتذكرون﴾و قال تعالى:﴿و كذلك نقص عليك من أنباء الرسل نا نثبت به فؤادك ﴾.
كما أن في الآية اشارة الى طرق الضلالة و الغواية و قد باء بهما اليهود و النصارى فجمعا أصل الشرور فأما اليهود فقد سلكوا سبل الغي فعصوا الله على علم و عرقوا الحق و تركوا العمل به فحرموا الاخلاص و العمل و استحقوا غضب الله عياذا بالله و أما النصارى فقد استحقوا وصف الضلالة و حرموا العلم و الصواب لأنهم ضلوا و عصوا الله على جهل و المؤمن مدعو للحرص على العلم و العمل و الاخلاص و الصواب .