المجموعة الثانية:
س: التابعون على ثلاث طبقات اذكرها، واذكر ثلاثة من من أصحاب كلّ طبقة.
التابعون على ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: طبقة كبار التابعين، الذين عاصروا كبار الصحابة رضي الله عنهم، وتلقوا عنهم العلم، ومنهم: الربيع بن خثيم الثوري، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وعلقمة بن قيس النخعي.
والطبقة الثانية: طبقة أواسط التابعين، ومنهم: سعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ومجاهد بن جبر.
والطبقة الثالثة: طبقة صغار التابعين، ومنهم: ابن شهاب الزهري، وأبو إسحاق السبيعي، وعبد الله بن عون.
س: بيّن تعظيم التابعين لشان التفسير
كان التابعون ممن يعظم القول في القران حق التعظيم ويظهر ذلك من أحوالهم :
- قال عامر بن شراحيل الشعبي: « أدركت أصحاب عبد الله، وأصحاب علي وليسوا هم لشيءٍ من العلم أكرَه منهم لتفسير القرآن ». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال عبيد الله بن عمر: « لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع». رواه ابن جرير.
- وقال إبراهيم النخعي:« كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه». رواه أبو عبيد.
- وقال يزيد بن أبي يزيد:« كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع».
قال ابن كثير: (فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب سكوت المرء عما لا علم له به، فكذلك يجب عليه القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}، ولما جاء في الحديث المروى من طرق: ((من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار)).
س: متى يكون تفسير التابعين حجّة؟
الحجة المعتبرة من قولهم فهو في حال اتّفاقهم وعدم اختلافهم في التفسير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا اجتمعوا على شيء فلا يرتاب في كونه حجة).
والإجماع يُعرف بشهرة الأقوال وعدم المخالف.
وأما غيرهم فقد يكون من المرجحات التي يستفاد بها ترجيح قول على قول ، أو يكون محل اعتبار ونظر.
س: تحدّث عن عناية الصحابة والتابعين بالتفسير اللغوي.
اعتنى المفسرون بتفسير القرآن بلغة العرب، فكانوا يستعينون به على التفسير وعلى إعراب القرآن وحسن تلاوته ويظهر ذلك من أحوالهم:
قال عمر بن زيد: كتب عمر [بن الخطاب] إلى أبي موسى [الأشعري]: « أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم معديون». رواه ابن أبي شيبة.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر، فإنه ديوان العرب» رواه الحاكم والبيهقي من طريق أسامة بن زيد الليثي عن عكرمة عن ابن عباس، وهذا إسناد صحيح.
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «شهدت ابن عباس، وهو يُسأل عن عربية القرآن، فينشد الشعر» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، وأبو عبيد في فضائل القرآن.
قال أبو عبيد: (يعني أنه كان يستشهد به على التفسير).
ومعرفة العلماء المتقدّمين من الصحابة والتابعين بفنون العربية تتفاضل، فبعضهم أوسع معرفة بها من بعض، وأكثر تمكناً من شواهدها وأدوات الاجتهاد فيها.
فالصحابة رضي الله عنهم كانوا عرباً فصحاء وتفسيرهم القرآن بلغة العرب حجّة لغوية إذا صحّ الإسناد إليهم وأُمن لحن الرواة، وكذلك كبار التابعين وأوساطهم ممن لم يعرف منهم اللحن.
قال عاصم بن أبي النجود: (كان زرّ بن حبيش أعرب الناس، وكان عبد الله [بن مسعود] يسأله عن العربية). رواه ابن سعد.
ومن أنواع عنايتهم بذلك :
* بيان معاني المفردات والأساليب القرآنية،و بيان معاني الحروف.
س: بيّن أهمية التفسير البياني وما يلزم من يسلك هذا المسلك.
تظهر أهميته من خلال التعريف به :
الذي يُعنى بالكشف عن حسن بيان القرآن، ولطائف عباراته، وحِكَم اختيار بعض الألفاظ على بعض، ودواعي الذكر والحذف، ولطائف التشبيه والتمثيل، والتقديم والتأخير، والإظهار والإضمار، والتعريف والتنكير، والفصل والوصل، واللف والنشر، وتنوّع معاني الأمر والنهي، والحصر والقصر، والتوكيد والاستفهام إلى غير ذلك من أبواب البيان الكثيرة.
*الاحتراز من الجزم بما لا دليل عليه سوى ذوقه وتأمّله واجتهاده؛ فكثيراً ما يغيب عن بعض المتأملين معارضة بعض الأوجه التي استخرجوها لنصّ صحيح أو إجماع، وكل تفسير عارض نَصّاً أو إجماعاً فهو تفسير باطل.
س: تحدّث عن الانحراف في التفسير اللغوي وبيّن أسبابه ومظاهره وآثاره.
أن الانحراف اللغوي من المزالق العظيمة التي على طالب العلم أن يحذرها :
أسبابه :
*أعظمها الإعراض عن النصوص المحكمة وإجماع السلف، واتّباع المتشابه لهوى في النفس
كما قال الله تعالى: {فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}.
* الاستناد إلى مُستند لغويّ متوهم يكون حُجّة لهم في تسويغ بِدَعِهم وتزيينها، والتشكيك في بعض مسائل الاعتقاد الصحيح.
وأمّا مظاهر الانحراف منها:
1. التشكيك في دلالة نصوص الاعتقاد، وإقامة الاحتمالات اللغوية الباردة لتشتيت النظر فيها.
2. والتمحّل لنصرة أقوال أهل الأهواء بأدنى الحجج اللغوية وأوهاها.
3. وإقامة دعاوى التعارض بين النصوص ليبتغي بالجمع بينها مسلكاً لترويج بدعته.
4. وضعف العناية بالسنّة، وازدراء أهل الحديث، ورميهم بسوء الفهم، وضعف الحجة.
5. ودعوى التجديد القائم على نبذ أقوال السلف.
آثار هذا الانحراف :
أن من وقع فيه فهو في ضلال مبين، وقد ورد في وعيده ما هو معلوم في نصوص الكتاب والسنّة.، ومن صدّق هذا الباطل، واتّبعه عليه؛ فهو متّبع لأئمة ضلالة؛ والمرء مع من اتّبع، غير أنّه ينبغي أن يُعلم أنّ البدع على درجات، ولها أحكام؛ فمستقلّ ومستكثر.
س: بيّن مراتب دلالات طرق التفسير، وأهميّة معرفة هذه المراتب.
مراتب دلالات طرق التفسير
فالأصل الأول: ما تحصل به الدلالة النصية من الكتاب والسنة على معاني الآيات.
والأصل الثاني: دلالة الإجماع ، فإذا أجمع الصحابة والتابعون على تفسير آية فإجماعهم حجّة لا تحلّ مخالفته.
وهذا الأصل ينبني على ما قبله؛ إذ لا يُمكن أن يقع الإجماع على مخالفة دليل صحيح غير منسوخ من الكتاب والسنة.
والأصل الثالث: دلالة الأثر، والمراد به : ما تحصّل للمفسّر من أقوال الصحابة والتابعين في تفسير الآية مما لم يتحقق فيه الإجماع؛ فهذه الدلالة أقل مرتبة من سابقتيها، وهي مترتّبة عليهما.
غير أنّ مخالفة الصحابي إذا صحّ الإسناد إليه ولم يتبيّن لقوله علة يُعرف بها أنه أخطأ في ذلك القول أو أنه اعتمد على نصّ منسوخ ولم يقع إنكار من علماء الصحابة لقوله فإن تلك المخالفة ترفع دعوى الإجماع؛ فتكون المسألة مسألة خلاف وليست مسألة إجماع.
وأما مخالفة أحد التابعين لقول وقع الاتّفاق عليه فلا ترفع الإجماع على الصحيح بشرط أن لا يُتابَع على قوله؛ فإذا تابعه بعض العلماء على قوله كانت المسألة مسألة خلاف، وإما إذا هُجر قوله ولم يُتابعه عليه أحد لم تكن مخالفته قادحة في انعقاد الإجماع؛ لأن هجران العلماء لقوله دليل على إجماعهم على خطئه.
والأصل الرابع: دلالة اللغة،ويراد به تفسير الآية بالمعاني اللغوية، وهذه الدلالة مترتّبة على ما قبلها؛ فيُشترط لقبولها أن لا تخالف النص ولا الإجماع ولا أقوال السلف.
والأصل الخامس: دلالة الاجتهاد، وهي دلالة مترتّبة على ما سبق من الأصول، لا يجوز أن تخرج عنها، فكلّ تفسير اعتمد فيه صاحبه على اجتهاد خالف فيه نصّاً أو إجماعاً أو أقوال السلف أو الدلالة اللغوية الصحيحة فهو تفسير مردود.
وبهذا يُعلم أن التفسير بالاجتهاد له حدود وضوابط ينبغي مراعاتها والحذر من مخالفتها.
ومن تلك الضوابط:
تحريم القول على الله تعالى بغير علم، ووجوب اتّباع الرسول صلى الله عليه وسلم و اتّباع سبيل المؤمنين من المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان، وتحريم مخالفة سبيلهم، وأنّ القرآن نزل بلسان عربيّ مبين لتفهم آياته وتعقل معانيه.