3- كيف ترد على من قال أن { النفاثات } يُراد بها النفس الخبيثة والأرواح الشريرة ؟
هذا بعيد لثلاثة أمور:
أولها: أن هذا غير المتبادر إلى الذهن ، وإنما قاد إليه إرادة الهروب من إشكال ورود اللفظ بصيغة المؤنث.
ولو كان متبادراً إلى الذهن لوجد من المفسرين طيلة خمسة قرون قبل الزمخشري من يتبادر إلى ذهنه هذا المعنى فيقول به أو يذكره.
الأمر الثاني: أن النفث في العقد هنا نظير الحسد من جهة أن التأثير فيهما من قبل الأنفس ، ومع ذلك ورد لفظ (الحاسد) بصيغة المذكر ، وورد النفث بصيغة المؤنث، فيكون في هذا ما يلزم من التفريق بين المتماثلين، وهو باطل.
الأمر الثالث: أن المعهود في خطاب الشرع إسناد الفعل للشخص لا للنفس، وعند إرادة إسناده للنفس يصرح بذكر النفس كما في قوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} ، وقوله: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}.
القول الرابع: {النفاثات} الجماعات التي تنفث، والتأنيث لأجل الجماعة مستعمل في اللغة صحيح، وأوّل من ذكر هذا القول الزمخشري في تفسيره حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر).