مقدمة التفسير لابن كثير
المقدمة :
أهمية الحمد : فقد بدأ الله به كتابه بالحمد ، كما بدأ خلقه ونهاه به .
كذلك أمرنا الله سبحانه بتدبر القرآن الكريم وذم أهل الكتاب الذين أعرضوا عما جاءهم من الحق ، وينبغي اجتناب ما ذم الله سبحانه وعدم الإعراض عن كتاب الله .
أحسن طرق التفسير :
1- تفسير القرآن بالقرآن
2- تفسير القرآن بالسنة النبوية ، لأنها تتنزل عليه بالوحي غير أنها لا يتعبد بتلاوتها.
3- التفسير بأقوال الصحابة ، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ، أمثال الخلفاء الراشدين وابن مسعود وابن عباس.
4- ما ورد عن أهل الكتاب (الاسرائيليات) وهي على ثلاثة أقسام :
ما وافق ما بأيدينا من الحق فهو صحيح ، وما خالف فهو كذب ، وما لم يوافق أو يخالف فهو مسكوت عنه لا نصدقه ولا نكذبه ، وغالب الإسرائيليات لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين.
5- إذا لم نجد في الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة نرجع لأقوال التابعين كمجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة ومسروق وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وغيرهم
6- تفسير القرآن باللغة الشرعية واللغوية ، فإن اختلفا فنرجح اللغة الشرعية
حكم التفسير بالرأي :
تفسير القرآن بمجرد الرآي حرام لقوله صلى الله عليه وسلم : (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) .
وقد تحرج السلف الكلام في التفسير بما لا علم لهم به كابن عباس وأبي بكر وعمر وسعيد بن جبير وغيرهم .
أحسن ما يكون في حكاية الخلاف :
استيعاب الأقوال في ذلك المقام ، والتنبيه على الصحيح منها وإبطال الباطل ، وذكر فائدة الخلاف وثمرته حتى لا يطول الخلاف فيما لا فائدة تحته .
فضائل القرآن الكريم :
1- نزوله في مكان شريف وهو البلد الحرام وزمان شريف وهو رمضان ، لقول ابن عباس : أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة .
2- السفير بين الله سبحانه والنبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل عليه السلام وما له من صفات عظيمة تدل على عظمة ما نزل له
3- القرآن له فضيلة عظيمة على كل معجزة قبله ، فهو معجز بأياته الباقية المحتوية على العلوم النافعة والأخبار الصادقة والأحكام العادلة
4- عناية الله برسوله ومحبته له حيث جعل القرآن مفرقا .
وقد نزل القرآن بلسان قريش والعرب ، لهذا قال عمر بن الخطاب لما أراد أن يكتب الإمام (إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوا بلغة مضر ، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر) .
جمع القرآن قبل خلافة عثمان
1- جمع القرآن زمن النبي عليه الصلاة والسلام
جمع القرآن في زمن النبي كثير من الصحابة المهاجرين والأنصار مثل الخلفاء الراشدين وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن حارثة وغيرهم .
2- جمع القرآن في عهد أبي بكر
أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر بجمع القرآن الكريم بعد مقتل كثير من القراء في اليمامة خوفا من ضياعه ، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه ، وكانت الصحف عند أبي بكر ثم بعد وفاته عند عمر ثم عند حفصة بنت عمر .
فضائل أبي بكر : قاتل مانعي الزكاة ، والمرتدين ، كما بعث الجيوش لقتال الفرس والروم ، ورد الأمر إلى نصابه بنشر الأمن ، وجمع القرآن الكريم ، ولم يكن ذلك لأحد إلا أبي بكر .
كيفية الجمع :
جمع زيد القرآن الكريم من العسب واللخاف والرقاع وصدور الرجال ، وكان يأخذ بشهادة رجلين إلا آخر سورة براءة أخذها من أبي خزيمة الأنصاري الذي جعل الرسول شهادته بشهادتين في قصة الفرس المشهورة .
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على أداء الأمانة ، وهذا من أعظم الأمانة ، فرضي الله عنهم أجمعين.
جمع عثمان للمصحف
سبب جمع عثمان للمصحف :
جمع عثمان المصحف ليجمع الناس على قراءة واحدة حتى لا يختلفوا وذلك بعد أن أتى إليه حذيفة بن اليمان من مغازي الشام والعراق وقال له : أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا على كتابهم اختلاف اليهود والنصارى .
فنسخ عثمان المصاحف ووزعها على الأمصار ، وهذه من مناقب عثمان بن عفان أن يجمع الناس على قراءة واحدة بعد أن حفظ أبوبكر وعمر القرآن من الضياع.
الذين كلفهم عثمان بالجمع: أمر عثمان زيد بن ثابت أحد كتاب الوحي ، وسعيد بن العاص وكان من أفصح العرب ، وعبدالله بن الزبير أحد فقهاء المدينة وعبدالرحمن بن الحارث ، فقاموا بجمع المصاحف ونسخها .
موقف الصحابة من الجمع :
وافق جميع الصحابة على هذا الجمع غير ما ذكر عن عبدالله بن مسعود ، وقد قال علي رضي الله عنه : لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
موقف ابن مسعود : روي عنه شيء من التغضب لأنه لم يكن من كتبة المصاحف ، وأمر أصحابه بغل المصاحف وعدم حرقها ، ثم رجع إلى الوفاق .
ترتيب الآيات والسور :
ترتيب الآيات أمر توقيفي من الرسول صلى الله عليه وسلم ، لما ورد عنه أنه إذا نزلت الأية يقول : (ضعوا هذه الآية في السورة كذا وكذا) ، أما ترتيب السور فهو اجتهاد من الصحابة وأقره عثمان ومستحب الأقتداء به .
أما الصحف التي كتبت على عهد أبي بكر فقد ردها عثمان لحفظه بعد أن تعهد لها بذلك ، ثم بعد وفاتها عزم مروان بن عبدالملك على عبدالله بن عمر بأن يرسلها له ففعل ، فحرقها مروان حتى لا يشك الناس بعد ذلك في مصحف عثمان إذا طال الزمان ، وقد كان ما فيها هو ما كتبه عثمان مع اختلاف الترتيب فقط .
نزول القرآن على سبعة أحرف :
روى البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف) .
سبب نزول القرآن على سبعة أحرف :
السبب في ذلك ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي بن كعب عند الإمام أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : يا أبي إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف فرددت أن هون على أمتي ، فأرسل ألي أن اقرأ على حرفين ، فرددت إليه أن هون على أمتي فأرسل إلى أن اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة مسألة تسألنيها.
اختلف العلماء في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا نذكر منها :
الأول : المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة ، ولذلك لما ورد عن أبي بكرة : ( قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
الثاني : المراد أن بعضه يقرأ على حرف وبعضه على حرف آخر وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كقوله (عبد الطاغوت) ، لقوله تعالى : (قرآنا عربيا) أي بلغة العرب جميعا وليس قريشا فقط.
الثالث : لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها
الرابع : قول بعض العلماء إن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء منها ما تتغير حركته أو صورته أو معناه أو بالتقديم والتأخير أو بالزيادة وغير ذلك .
الخامس : المراد هو معاني القرآن وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة ، وقال ابن عطية هذا ضعيف.
فصل :
قال القرطبي : قال كثير من العلماء : إن القراءات السبع ليست هي الأحرف السبعة وإنما هي راجعة لحرف واحد من السبعة التي جمع عليها عثمان المصحف.
تحسين الصوت بالقراءة واستحباب سماع القرآن من الغير وقول المقرئ للقارئ : حسبك
روى الترمذي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود.
وروى الجماعة إلا ابن ماجة : عن عبدالله بن مسعود قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : أقرأ علي القرآن ، فقلت أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : أني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء حتى آية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال : حسبك ، فنظرت فإذا عيناه تذرفان الدموع.
تأليف القرآن
المراد بالتأليف هو ترتيب سوره ، وكان ذلك قبل أن يرسل عثمان رضي الله عنه بالمصاحف للأمصار ، وقد جاء رجل من العراق لعائشة رضي الله عنها يطلب منها مصحفها ليؤلف عليه فقالت ك أنه لا يضره ترتيب السور إذ رغم ان أول ما نزل هو المفضل غير أنه ليس في أوائل المصاحف ، أما ترتيب الآيات فهو توقيفي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز مخالفته .
وقد كان تأليف عبدالله بن مسعود يخالف تأليف عثمان إذ أن عشرون سورة من أول المفصل آخرهن من الحواميم حم الدخان وعم يتسألون .
تحزيب القرآن : وقد ورد عن بعض الصحابة قالوا : كنا نحزب القرآن ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى وعشر سورة وثلاث عشرة سورة وحزب المفصل من قاف حتى يختم.
نقط المصحف وشكله وتقسيمه
يقال أن أول من أمر بنقط المصحف وشكله هو عبدالملك بن مروان وتصدى له الحجاج بن يوسف ، وقال إنه أبو الأسود الدؤلي ، أما كتابة الأعشار والأخماس على الحواشي وفواتح السور فقد كرهها جماعة في أول الأمر إلا في كتب الصغار ، غير أن المسلمين أجمعوا بعد ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في أمهات المصاحف وغيرها.
معارضة النبي جبريل القرآن
عن فاطمة قالت : أسر إلى النبي أن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة مرة وأنه عارضه العام مرتين ولا أراه إلا اقتراب أجلي )
معنى المعارضة :
أي مقابلة جبريل على ما أوحاه إليه عن الله تعالى ليبقى ما بقي ويذهب ما نسخ توكيدا أو استثباتا وحفظا ، وقد جمع عثمان المصحف على العرضة الآخيرة .
فضل شهر رمضان : شهر رمضان كان يعارض فيه جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أول ما بدئ الوحي فيه ، ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه .
القراء من أصحاب النبي
ذكر عبدالله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خذوا القرآن من أربعة : عبدالله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب) ، ومما لا شك فيه أنه قد اشتهر غيرهم بجمع القرآن كأبي بكر الذي اختاره النبي لإمامة المسلمين في مرضه ، وعثمان بن عفان الذي قام به كله في ليلة ، وعلي بن أبي طالب الذي أراد كتابته بترتيب نزوله ، وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وابن عباس وعبدالله بن عمرو وغيرهم .
نزول الملائكة والسكينة عند القراءة
قال تعالى : (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) قال بعض المفسرين : أي تشهده الملائكة .
وروى مسلم عن أبي هريرة ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) .
قد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون))
وعن أسيد بن الحضير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)).
وقد ذكر مثل ذلك عن ثابت بن قيس بن شماس.
الوصايا بكتاب الله
لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يورث عنه ، وما ترك من ماله فهو صدقة فلم يحتج لوصية في ذلك ، ولم يوص إلى خليفة من بعده لوضوح شارته وإيمائه إلى الصديق رضي الله عنه ، وإنما وصى الناس بكتاب الله سبحانه كما ورد عن ابن عباس : ما ترك إلا ما بين الدفتين.
التغن بالقرآن
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغن بالقرآن )
وعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم : (تعلموا كتاب الله واقتنوه وتغنوا به) رواه أحمد والنسائي
وعن سعد بن أبي وقاص قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم : (تغنوا بالقرآن ليس منا من لم يتغن بالقرآن)
معنى التغن بالقرآن : فيه أقوال :
قال سفيان بن عيينه أي يستغني به عن الدنيا ، وقال الشافعي : يتحزن ويترنم به ، وقيل الجهر به .
وقيل الأذن هنا بمعنى الأمر وهذا مردود لأن الأذن هو الاستماع لقوله تعالى (وأذنت لربها وحقت) أي سمعت وطاعت ، فالمراد بالمعنى من الحديث : ما استمع الله لشيء كاستماعه سبحانه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها لأنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت وتمام الخشية .
درجات استماع الله للعباد :
استماع عام لعباده برهم وفاجرهم
استماع الله لقراءة عباده المؤمنين وهو أعظم
استماع الله لقراءة الأنبيائه أبلغ .
أما تصدير البخاري لباب من لم يتغن بالقرآن بقوله تعالى : (أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) ففيه نظر لأن الآية ذكرت للرد على من سألوا النبي عن آيات تدل على صدق النبوة ، وهذا بعيد عن التغن بالقرآن .
فهم السلف معنى التغن بالقرآن :
فهم السلف أنه تحسين الصوت به والتخشع به وتحزينه ، كما ورد عن البراء بن عازب (زينوا القرآن بأصواتكم) ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الناس احسن صوتا بالقرآن فقال : الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله .
خلاصة القول : أن المطلوب شرعا تحسين الصوت به الباغث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والانقياد للطاعة ، أما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والقانون الموسيقائي فقد جاءت السنة بالزجر عنه كما ورد عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين) ، كما نص الأئمة على النهي عنه .
اغتباط صاحب القرآن
عن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا حسد إلا في اثنتين ، رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل ورجل أعطاه الله المال فهو يتصدق به آناء الليل والنهار) ، فصاحب القرآن في غبطة وينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه من النعمة .
الفرق بين الغبطة والحسد :
الغبطة هي تمني مثل ما هو فيه من النعمة يخلاف الحسد وهو تمني زوال النعمه عنه سواء كانت حصل عليها الحاسد أم لا.
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ، وهذه هي صفات المؤمنين التابعين للمرسلين ، الكمل في أنفسهم والمكملون لغيرهم ، وهذا بخلاف صفة الكفار الذين لا ينفعون ولا يتركون أحدهم ينتفع .
القراءة عن ظهر قلب
اختلف العلماء في أيهما أفضل ؟ هل القراءة عن ظهر قلب أم النظر في المصحف .
ذهب البخاري إلى أن القراءة عن ظهر قلب أفضل .
وصرح كثير من العلماء أن النظر في المصحف أفضل لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف ، وورد عن ابن مسعود : أديموا النظر في المصحف ، وعن عمر كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه .
فالأولى : القراءة من المصحف حتى لا يعطل المصحف وحتى لا يقع نسيان أن تحريف أو تقديم أو تأخير .
أما التلقين فيكون من قم الملقن لأن الكتابة لا تدل على كمال الأداء .
وقال البعض : أن المدار في هذه المسألة يتوقف على الخشوع في القراءة فإذا كان الخشوع عند القراءة عن ظهر قلب فهو أفضل وأن كان عند النظر في المصحف فهو الأفضل وإن استويا فالنظر اولى.
استذكار القرآن وتعاهده
روى مسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم : تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقالها .
والتفصي هو التخلص ، والمطلوب هو تلاوة القرآن واستذكاره لئلا يعرض لحافظه النسيان .
الترهيب من نسيان القرآن
ورد عدة احاديث في الترهيب من نسيان القرآن غير أن فيها ضعف ، ولكن بعض المفسرين أدخل نسيان القرآن في قوله تعالى : (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي ...) الآية ، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن ونسيانه وعدم الاعتناء به فيها تهاون وتفريط .
ورد عن ابن مسعود : إني لأمقت القارئ سمينا نسيا للقرآن
وقال اسحاق بن راهويه : يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما ولا يقرأ القرآن كما يكره له أن يقرآ في أقل من ثلاثة أيام .
القراءة على الدابة
أخرج الجماعة سوى ابن ماجة عن عبدالله بن مغفل قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح .
وهذا يدل على تعاهد القرآن وتلاوته سفرا وحضرا .
وقال الشعبي : يكره قراءة القرآن في الحمام وفي الحشوش وفي بيت الرحى وهي تدور .
وخالف كثير من السلف في القراءة في الحمام أنها لا تكره .
تعليم الصبيان القرآن
قال ابن عباس : توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم (أي المفصل) .
وهذا يدل على جواز تعلم الصبيان القرآن حتى إذا بلغوا كان معهم ما يصلون به ، وقد كره بعضهم تعليم القرآن للصبيان وهو لا يعقل ما يقال له ، واستحب عمر بن الخطاب أن يلقن خمس آيات خمس آيات.
نسيان القرآن
عن عائشة قالت سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال (يرحمه الله لقد أذكرني بآية كذا وكذا)
وعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بئس ما لأحدهم أن يقول : نسيت آية كيت وكيت ، بل هو نسي) والمقصود أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص ، وفيه أدب التعبير عن النسيان فلا ينسب إلى الله سبحانه .
هل يقول سورة كذا
ورد عن ابي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الآيتان من أخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه)
وقد كره بعض السلف ذكر اسم السورة وإنما يقال السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ولا شك أن هذا أحوط وأولى ، ولكن صحت الأحاديث بالرخصة في قول سورة كذا وعليه عمل الناس في ترجمة السور في مصاحفهم .
الترتيل في القراءة
قال تعالى : (ورتل القرآن ترتيلا) ، وقال تعالى : (لا تحرك به لسانك لتعجل به) ، فيه دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة ، بل بتأمل وتفكر .
وقد ورد عن أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا) .
مد القراءة والترجيع
روى أهل السنن عن قتادة قال : سئل أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان يمد مدا .
وقد ورد عن عبدالله بن مغفل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع .
والترجيع : الترديد في الصوت ، وكأن هذا من حركة الدابة تحته ، فدل على جواز التلاوة عليها وإن أفضى إلى ذلك للحاجة .
حسن الصوت بالقراءة
عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود) .
من أحب أن يسمع القرآن من غيره
عن عبدالله بن مسعود قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي القرآن قلت : عليك اقرأ وعليك أنزل ؟ قال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال : حسبك الآن فالتفت فإذا عيناه تذرفان .
ففي الحديث السابق : قول المقرئ للقارئ : حسبك
في كم يقرأ القرآن
روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ القرآن في كل شهر ، قلت : اني أجد قوة ، قال : فاقرأه كل سبع ولا تزد على ذلك .
كان ابن مسعود يقرأه من الجمعة للجمعة ، وكان أبي بن كعب يقرأ كل ثمان.
وقد دلت الأحاديث على جواز أقل من ذلك كما ورد عن سعد بن المنذر الأنصاري قال : يارسول الله أقرأ القرآن في ثلاث ؟ قال : نعم .
وقد ترخص بعض السلف في القراءة في أقل من ذلك كعثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم من التابعين ، وهذا محمول إما على أنه لم يبلغهم في ذلك حديث مما تقدم ، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرؤون مع هذه السرعة .
البكاء عند القراءة
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي ، قلت : اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : أني اشتهي أن أسمعه من غيري ، قال فقرأت النساء حتى بلغت : (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال لي : كف أو أمسك ، فرأيت عيناه تذرفان.
من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فجر به
روى البخاري عن علي رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فايما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة .
وهؤلاء هم الخوارج وقد أمر النبي بقتلهم لأنهم مراؤون في أعمالهم ، وإن كان بعضهم لا يقصد ذلك إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح .
كذلك روى أبي موسى عن الفرق بين المؤمن والمنافق ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها حلو وريحها طيب والمنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانه ريحها طيب وطعمها مر.
ففي الحديث شبه المنافق بالريحانة التي لها ريح ظاهر وطعمها مر لأنه المرائي بتلاوته .
اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم
حض النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته متفكرة فيه ، لا في حال انشغالها فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة .
كما ينهى عن الاختلاف والمنازعة في القراءة والمراء فيه كما تقدم .
فضل تلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله
عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).
وعن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلف من بعد الستين سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر)).
قال بشير: فقلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة؟ قال: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يؤمن به.
عن أبي سعيد أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال: ((ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؛ إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله، ولا يرعوي إلى شيء منه)).
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثني عبد الرحمن بن بديل بن ميسرة، حدثني أبي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه)).
عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره)).
عن جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل، ثم قال: ((أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) ثم يرفع صوته وتحمر وجنتاه، ويشتد غضبه إذا ذكر الساعة، كأنه منذر جيش. قال: ثم يقول: ((أتتكم الساعة بعثت أنا والساعة هكذا -وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى- صبحتكم الساعة ومستكم، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي)).
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب))
الدعاء المأثور لحفظ القرآن
عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط)). فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مؤمن ورب الكعبة))، علم أبو الحسن علم أبو الحسن" هذا سياق الطبراني.
قال المصنف : غير أن متن الحديث فيه غرابة بل نكارة والله أعلم
بعض الآثار المروية عن عبدالله بن مسعود في فضل تلاوة القرآن
قال عبدالله بن مسعود : كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض
وقال : من أراد العلم فليثور من القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين
وقال : أديمو النظر في المصحف ، وإذا اختلفتم في تا أو يا فاجعلوها يا ، ذكروا القرآن فإنه مذكر .
المكي والمدني وعدد كلمات القرآن
المكي والمدني
عن قتادة قال: "نزل في المدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم، إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائر السور نزل بمكة".
عدد آيات القرآن :
عدد آيات القرآن ستة آلاف آية
الأقوال التي وردت في الزيادة على ذلك :
ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية، وقيل: ومائتان وتسع عشرة، وقيل: ومائتان وخمس وعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل: مائتان وست وثلاثون آية. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان.
وأما كلماته، فقال الفضل بن شاذان، عن عطاء بن يسار: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.
وأما حروفه، فقال عبد الله بن كثير، عن مجاهد: هذا ما أحصينا من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا.
وقال الفضل، عن عطاء بن يسار: ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.
وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس
تحزيب الصحابة : عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى تختم.
معني السورة والآية والكلمة
اختلف في معنى السورة: مم هي مشتقة؟ فقيل: من الإبانة والارتفاع. فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة. وقيل: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان. وقيل: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية. وقيل: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
قلت: ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.
وجمع السورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات.
وأما الآية فمن العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه} [البقرة: 248]،
وقيل: لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم.
وقيل: سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها..
وأما الكلمة فهي اللفظة الواحدة، وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك، وقد تكون أكثر. وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل: {ليستخلفنهم} [النور: 55]، و {أنلزمكموها} [هود: 28]، {فأسقيناكموه} [الحجر: 22]، وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى: {مدهامتان} بسورة الرحمن.
قال القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط، واختلفوا: هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية؟ فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهو من باب ما توافقت فيه اللغات.