دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 03:20 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شروط إقامة حد السرقة: - أن يكون المسروق مالاً محترماً قد بلغ نصابا

و ( يُشْتَرَطُ ) أن يكونَ المسروقُ مالًا مُحْتَرمًا، فلا قَطْعَ بسرِقَةِ آلةِ لهوٍ ولا مُحَرَّمٍ كالخمْرِ، ويُشترَطُ أن يكونَ نِصابًا وهو ثلاثةُ دَراهمَ أو رُبُعُ دِينارٍ , أو عَرَضٌ قِيمتُه كأحدِهما، وإن نَقَصَتْ قيمةُ المسروقِ أو مَلَكَها السارقُ لم يَسْقُطْ القَطْعُ وتُعتبَرُ قِيمتُها وَقتَ إخراجِها من الْحِرْزِ، فلو ذَبَحَ فيه كبشًا أو شَقَّ فيه ثوبًا , فنَقَصَتْ قِيمتُه عن نِصابٍ ثم أَخْرَجَه أو تَلِفَ فيه المالُ لم يُقْطَعْ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.....................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(ويُشْتَرَطُ) للقطعِ في السَّرِقَةِ سِتَّةُ شُرُوطٍ:
أَحَدُها: (أنْ يكونَ المسروقُ مالاً مُحْتَرَماً)؛ لأنَّ ما ليسَ بمالٍ لا حُرْمَةَ له، ومالُ الحربِيِّ تجوزُ سَرِقَتُه بكلِّ حالٍ، (فلا قَطْعَ بِسَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ)؛ لعدمِ الاحترامِ، (ولا) بِسَرِقَةِ (مُحَرَّمٍ كالخمرِ) وصليبٍ وآنيةٍ فيها خَمْرٌ، ولا بِسَرِقَةِ ماءٍ أو إِناءٍ فيه ماءٌ، ولا بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ وأمِّ ولدٍ ومُصْحَفٍ وحُرٍّ، ولو صغيراً، ولا بما عليهما.
الشرطُ الثانِي ما أشارَ إليه بقولِهِ: (ويُشْتَرَطُ) أيضاًً (أنْ يكونَ) المسروقُ (نِصاباً، وهو)؛ أي: نِصَابُ السَّرِقَةِ: (ثَلاثةُ دَرَاهِمَ) خالصةً أو تَخْلُصُ مِن مَغْشُوشَةٍ، (أو رُبُعُ دِينارٍ)؛ أي: مِثْقَالٌ، وإنْ لم يُضْرَبْ، (أو عَرْضٌ قيمتُه كأَحَدِهِما)؛ أي: ثلاثةِ دراهمَ أو رُبُعِ دينارٍ، فلا قَطْعَ بِسَرِقَةِ ما دونَ ذلك؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ تُقْطَعُ الْيَدُ إِلاَّ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً)) رَوَاهُ أحمدُ ومُسْلِمٌ وغيرُهما. وكانَ رُبُعُ الدينارِ يَوْمَئِذٍ ثلاثةَ دَرَاهِمَ، والدينارُ اثنا عَشْرَ دِرْهماً. رَوَاهُ أحمدُ، (وإذا نَقَصَتْ قِيمَةُ المَسْرُوقِ) بعدَ إخراجِهِ، لم يَسْقُطِ القطعُ؛ لأنَّ النُّقْصَانَ وُجِدَ في العينِ بعدَ سَرِقَتِها، (أو مَلَكَها): أي: العينَ المسروقةَ (السارقُ) ببيعٍ أو هِبَةٍ أو غيرِهما، (لم يَسْقُطِ القطعُ) بعدَ الترافُعِ إلى الحاكِمِ، (وتُعْتَبَرُ قِيمَتُها)؛ أي: قيمةُ العينِ المسروقةِ (وقتَ إِخراجِها مِن الحِرْزِ)؛ لأنَّه وقتُ السرِقَةِ التي وَجَبَ بها القطعُ، (فلو ذَبَحَ فيه) أي: الحِرْزِ (كَبْشاً)، فنَقَصَتْ قِيمَتُه، (أو شَقَّ فيه ثوباً فنَقَصَتْ قِيمَتُه عن نصابِ) السَّرِقَةِ، (ثُمَّ أَخْرَجَهُ) مِن الحِرْزِ، فلا قطعَ؛ لأنَّه لم يُخْرِجْ مِن الحرزِ نِصاباً، (أو أَتْلَفَ فيه)؛ أي: في الحِرْزِ (المالَ، لم يُقْطَعْ)؛ لأنَّه لم يُخْرِجْ مِنه شيئاً.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(ويشترط) للقطع في السرقة ستة شروط([1]):

أحدها (أن يكون المسروق ما لا محترما)([2]) لأنه ما ليس بمال لا حرمة له([3]) ومال الحربي، تجوز سرقته بكل حال([4]) (فلا قطع بسرقة آلة لهو) لعدم الاحترام([5]) (ولا) بسرقة (محرم كالخمر)([6]) وصليب([7]) وآنية فيها خمر([8]).

ولا بسرقة ماء([9]) أو إناء فيه ماء([10]) ولا بسرقة مكاتب وأم ولد([11]) ومصحف([12]) وحر ولو صغيرا، ولا بما عليهما([13]).
الشرط الثاني: ما أشار إليه بقوله (ويشترط) أيضا (أن يكون) المسروق (نصابا([14]) وهو) أي نصاب السرقة (ثلاثة دراهم) خالصة، أو تخلص من مغشوشة([15]) (أو ربع دينار) أي مثقال، وإن لم يضرب([16]) (أو عرض قيمته كأحدهما) أي ثلاثة دراهم، أو ربع دينار([17]) فلا قطع بسرقة ما دون ذلك([18]).

لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا» رواه أحمد مسلم وغيرهما([19]) وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم([20]) والدينار اثنا عشر درهما، رواه أحمد([21]).
(وإذا نقصت قيمة المسروق) بعد إخراجه لم يسقط القطع([22]).

لأن النقصان وجد في العين بعد سرقتها([23]) (أو ملكها) أي العين المسروقة (السارق) ببيع أو هبة، أو غيرهما([24]) (لم يسقط القطع) بعد الترافع إلى الحاكم([25]) (وتعتبر قيمتها) أي قيمة العين المسروقة (وقت إخراجها من الحرز)([26]) لأنه وقت السرقة، التي وجب بها القطع([27]) (فلو ذبح فيه) أي في الحرز (كبشا) فنقصت قيمته (أو شق فيه ثوبا، فنقصت قيمته عن نصاب) السرقة (ثم أخرجه) من الحرز

فلا قطع لأنه لم يخرج من الحرز نصابا([28]) (أو أتلف فيه) أي في الحرز (المال لم يقطع) لأنه لم يخرج منه شيئا([29])


([1]) وعدها بعضهم سبعة، وبعضهم ثمانية، ومنها ما هو مختلف في اشتراطه.
([2]) سواء كان مما يسرع إليه الفساد، كالفاكهة أولا، وسواء كان ثمينا كالمتاع والذهب، أولا، كالخشب والقصب، ويقطع بسرقة الأحجار والصيد، والجص والزجاج وغيره، وهو قول مالك والشافعي.
([3]) ولا يساوي المال، فيلحق به.
([4]) أي بكل طريق يتوصل به إليه، وجواز الأخذ منه ينفي وجوب القطع، فليس بملك لهم حقيقة، ولا قطع بسرقة وقف أو غلته على غير معين، ككتب علم وسلاح على طلبة وغزاة، أو على مساجد، لأنه تعيين صفة، لا تعيين أشخاص، لا وقف على معين، وليس من مستحقيه، لأنه مال محترم لغيره، ولا شبهة له فيه.
([5]) آلة اللهو: كطنبور ومزمار، وشبابة وعود، لأنه معصية إجماعا، فلم يقطع بسرقته كالخمر.
([6]) والخنزير والميتة والصنم.
([7]) لأنه مجمع على تحريمه، ولأن للسارق شبهة في أخذه ليكسره، وقال صلى الله عليه وسلم «لا تدع صورة إلى طمستها» وأمر بكسر الصليب، ومحق الأصنام، وهذا مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي.
([8]) للأمر بشق دنان الخمر، ولا تصالها بما لا قطع فيهن وهو وجه، وقول أكثر الأصحاب، ومذهب أبي حنيفة.
([9]) وقال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، ولأن أصله الإباحة، وهو غير متمول عادة.
([10]) قالوا: لاتصاله بما لا قطع فيه، فأشبه ما لو سرق مشتركا بينه وبين غيره، والوجه الثاني: يقطع، لأنه سرق نصابا، من حرز، لا شبهة له فيه أشبه ما لو سرقه فارغا، وهو أظهر.
([11]) أي: ولا قطع بسرقة مكاتب ذكرا كان أو أنثى، لأن ملك سيده ليس تاما عليه لكونه لا يملك منافعه، ولا قطع بسرقة أم ولد، لأنه لا يحل بيعها، ولا نقل الملك فيها، فأشبهت الحرة، بخلاف المدبر، فحكمه حكم القن، لجواز بيعه، ولا قطع بأخذ القن الكبير، لأنه لا يسرق، وإنما يخدع بشيء، وأما القن الصغير فيقطع بسرقته، قال الموفق في قول عامة أهل العلم، وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه، من أهل العلم، والصغير: هو الذي لا يميز، فإن كان كبيرا فلا إلا أن يكون نائما أو مجنونا، أو أعجميا لا يميز بين سيده وغيره في الطاعة فيقطع سارقه.
([12]) أي ولا يقطع بسرقة مصحف، لأن المقصود منه كلام الله تعالى، وهو لا يجوز أخذ العوض عنه، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال الخطابي وغيره: يقطع، وهو ظاهر كلام أحمد، وقول مالك والشافعي، لعموم الآية، وكسرقة كتب الفقه، وسائر كتب العلم، ولا خلاف فيه بين الأصحاب.
([13]) أي ولا قطع بسرقة حر، قولا واحدا، قال: ولو كان الحر صغيرا، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي، لأنه ليس بمال، فلا يقطع بسرقته، كالكبير وعن أحمد يقطع بسرقة الصغير، وهو قول مالك، لأنه غير مميز أشبه العبد
ومشى على الأول في الإقناع وغيره، وفي الإنصاف: ولا قطع بسرقة ما عليهما، أي الحر، والمصحف ونحوه، كثوب صغير وكيس مصحف، ولو بلغت قيمته نصاب السرقة، لأنه تابع لما لا قطع فيه، أشبه ثياب الكبير.

([14]) عند جماهير العلماء، وقال مالك والشافعي وأحمد، يجب القطع، لو فيما يسرع إليه الفساد، إذا بلغ الحد الذي يقطع في مثله بالقيمة.
([15]) واتفق أهل العلم: على أن من سرق نصابا ثلاثة دراهم فما فوق، وجب قطعه بشرطه، وأن يكون النقد المسروق خالصا من الغش، وإلا لم يجب القطع، حتى يبلغ ما فيه من النقد الخالص نصابا، وسواء كان النقد مضروبا، أو تبرا أو حليا، أو مكسرا للعموم، أو تخلص النقد من دراهم مغشوشة، بنحو نحاس فبلغ نصابا خالصا، وعند الشيخ مطلق الدراهم.
([16]) لأنه يقال له دنيار قراضة ومكسور، أو دينار خلاص، لأنه لا يمكنه سرقة ربع دينار مفرد في الغالب، إلا مكسورا، وقد أوجب عليه النبي صلى الله عليه وسلم القطع بذلك.
([17]) صحاحا، لا مكسرة، لأن إطلاقها ينصرف إلى المضروب، دون المكسر.
([18]) عند عامة الفقهاء المعتد بقولهم، ولإجماع الصحابة.
([19]) وهو في الصحيح أيضًا، فدل الحديث على وجوب القطع في السرقة، إذا بلغ المسروق ربع دينار فأكثر، ولأحمد ولا تقطعوا فيما دون ذلك، وفي تخصيص القطع بهذا القدر، حكمة ظاهرة، فإنها كفاية المقتصد في يومه، له ولمن يمونه غالبا، ولأنه لا بد من مقدار يجعل ضابطا لوجوب القطع، وقطعها في ربع دينار، وجعل ديتها خمس مائة دينار، من أعظم المصالح والحكم، فاحتاط للموضعين للأموال والأطراف، قالوا: لما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت قال الشافعي:
وههنا ظلمت هانت على الباري = هناك مظلومة غالبت بقيمتها
([20]) وثبت في الصحيحين: أنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وفي لفظ ثمنه، ودل على أن العرض يقوم بالدراهم، لأن المجن قوم بها، ولأن ما كان الذهب فيه أصلا، كان الورق فيه أصلا.
([21]) ولعله في تساويهما ذلك الوقت، أو في عرف الراوي، أو باعتبار الغلبة وإلا فالمعتبر القيمةن وكلاهما أصل.
([22]) أي وإذا نقصت قيمة المسروق، وهو ما ليس بذهب ولا فضة، بعد إخراج المسروق من الحرز، إذ الاعتبار بوقت السرقة، لأنه وقت الوجوب، لوجوب السبب فيه، لم يسقط القطع، وهو مذهب مالك والشافعي.
([23]) فلم يمنع القطع، كما لو حدث باستعماله، والنصاب شرط لوجوب القطع فلا تجب استدامته.
([24]) كإرث ووصية.
([25]) وهو مذهب مالك الشافعي، لقوله صلى الله عليه وسلم لصفوان: لما قال: ردائي عليه صدقة، «هلا كان قبل أن تأتيني به»، وقال ابن القيم: إذا سرق العين، ثم ملكها إياه بعد ثبوت القطع، لم يسقط، لأنه صلى الله عليه وسلم، لم يسقط القطع عن سارق الرداء، بعدما وهبه إياه صفوان اهـ لا قبل الترافع إلى الحاكم، لتعذر شرط القطع، وهو المطلب، ولخبر صفوان فإنه يدل على أنه لو وجد قبل رفعه إليه لقبل ذلك، ولم يقطعه، وهو مذهب مالك والشافعي، وأصحاب الرأي، وقال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، ولما تقدم من قوله: «إذا بلغت الحدود السلطان، فلعن الله الشافع والمشفع» وغيره.
([26]) حكاه الموفق وغيرهن قولا واحدا.
([27]) فاعتبرت القيمة وقته، لا بعد الإخراج.
([28]) فلم يسرق نصابا، ولم يوجد الشرط، فسقط القطع.
([29]) فسقط القطع، وأما ضمان ما أتلف، فتقدم حكمه.

  #5  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 03:34 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالاً مُحْتَرَماً ، ..
قوله: «وَيُشْتَرطُ» أي: للقطع في السرقة شروط مع الشروط العامة السابقة.
قوله: «أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالاً مُحْتَرَماً» شرط في المسروق شرطين: أحدهما: أن يكون مالاً، فأما ما ليس بمال فلا قطع فيه.
الثاني: أن يكون محترماً، فإن كان مالاً غير محترم فإنه لا يقطع.
مثال المال المحترم: الثياب، والطعام، والدراهم، والدنانير، والكتب... إلخ.
والأموال التي في البنوك محترمة، وفرق بين المحرم لذاته، والمحرم لكسبه، فالمحرم لعينه حرام، ولا حرمة له، والمحرم لكسبه حرام من جهة الكاسب فقط، وأما مال البنك فهو محترم، ومحرز، وعليه حماية.
وأما ما ليس بمال فإنه لا يقطع، كسرقة الخمر مثلاً؛ لأنه ليس بمال أصلاً، ولو سرق حراً صغيراً فلا يقطع؛ لأنه ليس بمال، ولو سرق رقيقاً صغيراً فإنه يقطع به؛ لأن الرقيق مال.
ولو سرق طفلة عليها حليٌّ من الذهب، فهذا اجتمع فيه مال وغير مال، فالمذهب لا يقطع؛ لأنه اجتمع مبيح وحاظر، فالمبيح للقطع سرقة الحلي، والحاظر سرقة الطفلة؛ لأنها حرة.
وقال بعض أهل العلم: إنه يقطع بسرقة الحلي، وبسرقة الطفلة التي عليها حليّ؛ لأن هذا الذي سرقه، سرقه على أنه مال، فهو لم يسرقه إلا ليبيعه فيعامل بقصده؛ حتى لا يعود لمثلها، والأحرار عند أهلهم أغلى من المماليك، ولو قيل لأب هذا الطفل الذي سُرق مع مملوكه: أيهما أحب إليك أن يسرق، ابنك أو مملوكك؟ يقول: المملوك.
ولكن القاعدة تؤيد المذهب؛ لأنه ليس بمال، لكنه يجب أن يعزر تعزيراً بليغاً يردعه وأمثاله عن هذا العمل، وربما يصل الحد إلى أبلغ من قطع اليد، فقد يكون من المفسدين في الأرض الذين قال الله فيهم: {{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ}} [المائدة: 33] .

فَلاَ قَطْعَ بِسَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ وَلاَ مُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِصَاباً وَهُوَ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ، أَوْ عَرَضٌ قِيمَتُهُ كَأَحَدِهِمَا،..............
قوله: «فَلاَ قَطْعَ بسَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ» مع أنها مال، لكنها غير محترمة، وذلك كالمزمار، والكمان، والعود، والربابة، والطبل، وما أشبه ذلك.
وهل المسجل والراديو يدخلان في آلات اللهو؟
الأصل فيهما أنهما محترمان، ثم إن استخدمه صاحبه في صالح فهو صالح، وإن استخدمه في فساد فهو كذلك، لكن ما لا يستعمل إلا في محرم، فهذا لا قطع بسرقته، وأيضاً لا ضمان فيه.
فلو أخذته وكسَّرته قلنا: جزاك الله خيراً، ولا نضمنك، ولا نؤثمك؛ لأنه يجب إتلاف آلة اللهو وجوباً، ولا يحل لمالكه أن يبقيها عنده، بل يجب عليه إتلافها، ويجب على من قدر أن يغيرها بيده أن يتلفها، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه.
فإذا قال قائل: هل يجوز أن أسطو على صاحب آلة اللهو، وآخذها، وأكسرها؟
الجواب: فيه تفصيل، إذا كان لك سلطة فنعم، أما إذا لم يكن لك سلطة فلا تفعل؛ لأن ذلك يسبب فتنة أكبر من بقائها عنده، وقد تتمكن وقد لا تتمكن، فقد يدافع هو ولا تتمكن، ولكن إذا أخذتها خفية وسرّاً على وجه لم يعلم به، وكسرتها، فهذا طيب، ولا إثم عليك، وليس فيه فتنة.
قوله: «وَلاَ مَحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ» أي: لا يقطع بسرقة محرم كالخمر؛ وذلك لأنه غير مال أصلاً، فليس فيه مالية إطلاقاً، بخلاف آلة اللهو ففيها مالية؛ لأنها لو غيرت عن آلة اللهو لأمكن أن ينتفع بها، لكن الخمر لا يمكن أن ينتفع به أبداً؛ لأنه حتى لو خلل فلا يجوز، إلا إذا تخلل بنفسه، وعليه فلو سرق خمراً فلا قطع عليه؛ لأنه ليس بمال.
ولكن كيف يسرق خمراً بلا إناء؟
يمكن أن يدخل الخمارة ـ مثلاً ـ ومعه إناء، ويملأ هذا الإناء من هذا الخمر، فليس عليه قطع.
أما إن سرق الخمر بإنائه، فالمذهب لا يقطع، والإناء يضمن؛ وذلك لأن السرقة اشتملت على مبيح وحاظر، فغلب جانب الحظر الذي يمنع القطع.
ولكن يمكن أن يقال: إن في ذلك تفصيلاً، فإن كان قصده الإناء قطع، وإن كان قصده الخمر لم يقطع، ويعرف ذلك بأن يكون هذا الرجل لا يشرب الخمر، وأنه من حين أخرجه أراقه، فهذا أراد الإناء، وعلى هذا فيقطع، وكذلك لو صب الخمر قبل أن يخرجه من مكانه، ثم خرج بالإناء فعليه القطع؛ لأنه سرق الإناء.
مسألة : لو سرق الأطياب التي فيها كحول، تبلغ حد الإسكار، فهل يقطع أو لا؟
الجواب: إذا قلنا: إنه خمر فلا يقطع، وإذا قلنا: إنه ليس بخمر، وأنه مال يتمول، ويباع ويشترى فإنه يقطع.
وعلى هذا فيرجع إلى رأي الحاكم الشرعي في ذلك، فالقاضي هو الذي يتولى ذلك الأمر؛ لأن المسألة فيها نزاع بين العلماء.
قوله: «وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِصَاباً» هذا هو الشرط الثالث، أي: يشترط للقطع أن يكون المسروق نصاباً، والنصاب في كل موضع بحسبه، ففي باب الزكاة نصاب الفضة مائتا درهم، والذهب عشرون ديناراً، وهنا يختلف.
قوله: «وهو ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ» الدراهم تكون من الفضة، والدرهم سبعة أعشار المثقال، فتكون ثلاثة الدراهم واحداً وعشرين عُشراً، أي: مثقالين وعشر مثقال.
قوله: «أو رُبْعُ دِينَارٍ» وهو مثقال، والمثقال أربعة غرامات وربع، فيكون ربع الدينار واحد غرام، وواحد من ستة عشر، يعني ربع الربع، فإذا سرق الإنسان من الذهب ما يزن غراماً وربع الربع قطع؛ وذلك لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً» ، وهو في الصحيحين[(181)]، وعلى هذا فيكون هذا الحديث مخصصاً لعموم قوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}} [المائدة: 38] ، فيكون ما دون النصاب لا قطع فيه.
قوله: «أَوْ عَرَضٌ قِيمَتُهُ كَأَحَدِهِمَا» العرض هو المتاع، كساعة، وراديو، وثوب، وما أشبه ذلك، فإذا كانت قيمته تساوي ربع دينار، أو ثلاثة دراهم فإنه يقطع، وإلا فلا.
فإذا قال قائل: هناك فرق بين ربع الدينار، وبين ثلاثة الدراهم؛ لأن ثلاثة الدراهم لا تبلغ ربع الدينار، فإذا اختلفت قيمة ربع الدينار، أو قيمة ثلاثة الدراهم، فبأيهما نأخذ؟
نقول: أما المذهب فتأخذ بأقلهما، فإذا سرق الإنسان متاعاً يساوي ثلاثة دراهم، ويساوي ثُمْن دينار، فإنه يقطع على المذهب.
وإذا قدر أن الفضة أغلى من الذهب وسرق شيئاً يساوي ديناراً كاملاً، لكن لا يساوي ثلاثة دراهم فإنه يقطع.
إذاً النصاب متردد بين ربع الدينار وبين ثلاثة دراهم، ونعتبر الأقل.
والقول الثاني في المسألة: إن النصاب ربع دينار فقط، وليس ثلاثة دراهم، فإذا سرق شيئاً يساوي ثلاثة دراهم، لكن لا يساوي ربع دينار، فليس عليه القطع.
وإذا سرق ما يساوي ربع دينار فعليه القطع، وإن كان لا يساوي ثلاثة دراهم، وهذا القول أصح؛ لأن حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ صريح فيه: «لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً» [(182)]، وأما الحديث الآخر أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قطع في مجنٍّ قيمته ثلاثة دراهم[(183)]، فهذا محمول على أن ثلاثة الدراهم تساوي ربع دينار في ذلك الوقت، والدينار اثنا عشر درهماً من الفضة، وهذا القول أصح.
وأما حديث: «لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يدُه، ويسرق الحبل فتقطع يده»[(184)].
فللعلماء فيه قولان: الأول: أن المراد بالبيضة ما يلبسه المقاتل في الرأس لاستقبال السهام، والحبل، أي: الذي له قيمة، كحبل السفن.
الثاني: أن يراد بذلك أن هذا السارق قد يسرق البيضة فتهون السرقة في نفسه، ثم يسرق ما يبلغ النصاب فيقطع؛ وذلك جمعاً بين الأحاديث.
وأما قول من قال: إن هذا على سبيل المبالغة فلا يستقيم؛ لأن الشارع أثبت حكماً، وهو أنه يقطع، فالصواب أنه يحمل على أحد معنيين، وعندي أن الثاني أقرب؛ لأن الأول فيه شيء من التكلف، والبعد والخروج عن الظاهر.

وَإِذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ، أَوْ مَلَكَهَا السَّارِقُ لَمْ يَسْقُطِ القَطْعُ،.........
قوله: «وَإِذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ المَسْرُوقِ، أَوْ مَلَكَهَا السَّارِقُ لَمْ يَسْقُطِ القَطْعُ» يعني أن هذا السارق يسرق هذا الشيء، وهو يساوي ربع دينار، أو ثلاثة دراهم على المذهب، لكنه لما رُفِعَ إلى الحاكم، وإذا قيمته قد نزلت، فصار لا يساوي إلا أقل من ربع دينار، فهل العبرة بالترافع، أو العبرة بالسرقة؟
الجواب: الثاني، ولهذا قال: «وإذا نقصت» يعني عند الترافع إلى الحاكم فإنه لا يسقط القطع؛ لأنه حين سرق سرق نصاباً.
مثال ذلك: سرق قلماً يساوي ربع دينار، ولما رُفع إلى الحاكم صار القلم لا يساوي إلا ثُمْن دينار؛ لأن السعر نقص، أو لأن القلم انكسر، أو ما أشبه ذلك، فإنه هنا لا يسقط القطع، بل القطع ثابت.
وقوله: «ملكها» ظاهر كلامه أنه يعود إلى القيمة؛ لأنه قال: «وإذا نقصت قيمة المسروق، أو ملكها» أي: القيمة، وليس كذلك، بل المراد ملك العين المسروقة، فإن القطع لا يسقط.
مثال ذلك: رجل سرق من شخص ثوباً يساوي ربع دينار، وبعد أن سرقه، ذهب إلى صاحبه فاشتراه فملكه، فهنا إذا كان صاحبه قد طالبه ورُفع إلى الحاكم فإن القطع لا يسقط، وإذا لم يكن قد رفع إلى الحاكم فإن القطع يسقط، لا لأنه ملكه، ولكن لأن من شرط القطع أن يطالب المسروق منه بماله، وإذا باعه أو وهبه فإن المطالبة تسقط حينئذٍ، ويسقط القطع.
الخلاصة:
أولاً: إذا نقصت قيمة المسروق بعد الترافع إلى الحاكم فإن القطع لا يسقط.
ثانياً: إذا ملك العين المسروقة فإن القطع لا يسقط أيضاً، لكن لو ملكها قبل الترافع فإن القطع يسقط، لا لأنه ملكها، ولكن لأن من شرط القطع أن يطالب المسروق منه بماله.
والدليل على ذلك حديث صفوان بن أمية ـ رضي الله عنه ـ في قصة الرجل الذي سرق رداءه، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقطع يده، فقال صفوان: هو له يا رسول الله، قال: «فهلا قبل أن تأتيني به»[(185)]، فدل هذا على أنه لو لم يطالب فلا قطع.

وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَ إِخْرَاجِهَا مِنَ الْحِرْزِ، فَلَوْ ذَبَحَ فِيهِ كَبْشاً، أَوْ شَقَّ فِيهِ ثَوْباً فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ نِصَابٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ، أَوْ أَتْلَفَ فِيهِ الْمَالَ لَمْ يُقْطَعْ .............
قوله: «وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَ إِخْرَاجِهَا مِنَ الحِرْزِ» أي: تعتبر قيمة العين المسروقة التي تبلغ النصاب وقت إخراجها من الحرز.
قوله: «فَلَوْ ذَبَحَ فِيهِ كَبْشاً، أَوْ شَقَّ فِيهِ ثَوْباً فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ نِصَابٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ أَوْ أَتْلَفَ فِيهِ المَالَ لَمْ يُقْطَعْ» القيمة التي هي النصاب تشترط وقت الإخراج، لا وقت السرقة، فلو أن رجلاً دخل على مراح غنم، وأراد أن يسرق شاة، فقال في نفسه: إن خرجت بها حية بلغت النصاب، وإن ذبحتها لم تبلغ النصاب، فأريد أن أذبحها، وأخرج بها مذبوحة، فهل عليه قطع؟
الجواب: ليس عليه قطع؛ لأنه نقصت قيمة هذا الشيء قبل أن يخرجه من حرزه، فهو كما لو أن رجلاً دخل على بيت، وفيه مال فأفسد هذا المال، وخرج من البيت فإنه لا يقطع؛ لأن هذا الرجل أتلف مالية هذا المال المسروق وهو في ملك صاحبه، ولكنه يعتبر متلفاً للمال فيضمنه بما يقتضيه الضمان.
وكذلك لو أن رجلاً دخل على مُتَّجَر، وفيه ثياب، فهتك الحرز، وقال: إن خرجت بالثوب مخيطاً سليماً بلغت قيمته النصاب، فقطعت به، وإن شققته قبل أن أخرج به نقص، فذهب فشقه ثم خرج به لابساً له، فليس عليه قطع؛ لأنه أتلف هذا الشيء قبل إخراجه، فهو كما لو أكل الطعام في محل صاحبه، أو أحرق الثوب، أو ما أشبه ذلك، فعليه ضمان غصب فقط، فهي حيلة تسقط القطع، كما لو أتلفه إتلافاً فإنه لا يقطع، وإذا كان حيلة، فلا يبعد أن يكون فيها خلاف.
وقوله: «أو أتلف فيه المال» أي: أنه أتلف المال في نفس الحرز، فإنه لا يقطع، مثاله: رجل دخل على مكتبة وفيها كتب، فأحرق هذه الكتب، وقيمتها غالية، لو سرق واحداً من هذه الكتب لقطعت يده، لكنه لم يسرق، وإنما أتلف المال، فنقول في هذه الحال: إنه لا قطع عليه، ولكنه يضمن المال، ويعزر بما يراه الإمام؛ لأن هذه معصية.



[181] أخرجه البخاري في الحدود باب قول الله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}} (6789)، ومسلم في الحدود باب حد السرقة ونصاباً (1684) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[182] سبق تخريجه ص(335).
[183] أخرجه البخاري في الحدود باب قول الله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}}، ومسلم في الحدود باب حد السرقة ونصابها (1686) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[184] أخرجه البخاري في الحدود باب لعن السارق إذا لم يسم (6783)، ومسلم في الحدود باب حد السرقة ونصابها (1687) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[185] أخرجه الإمام أحمد (3/104)، وأبو داود في الحدود باب فيمن سرق من حرز (4394)، والنسائي في قطع السارق باب ما يكون حرزاً وما لا يكون (8/69)، وابن ماجه في الحدود باب من سرق من حرز (2595)، وصححه الحاكم (4/380)، ووافقه الذهبي، وانظر: الإرواء (2317).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
شروط, إقامة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir