دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ذو القعدة 1429هـ/7-11-2008م, 01:10 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [منع الزكاة]

عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلاَّ أَنْ كانَ فَقِيرًا فَأغْنَاهُ اللهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، فَقَد احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ في سَبيلِ اللهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ: فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا)) ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم: ((يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟)).

  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 09:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)

قولُه : ما يَنْقِمُ .
بكسْرِ القافِ ويَجوزُ فتحُها أي ما يُنْكَرُ ونَكِيرُهُ .
ابنُ جميلٍ بالجيمِ لا يُعرَفُ في كتُبِ المحدِّثين اسمُه .
وحكاه القاضي الحسينُ والروماني من الفقهاءِ عبدُ اللهِ وفي (غريبِ أبي عُبيدٍ) مَنَعَ أبو جَهمٍ وخالدُ بنُ الوليدِ والعبَّاسُ وقد يُؤخَذُ من ذلك أن كُنيةَ ابنِ جميلٍ أو اسمَه أبو جَهْمٍ .
قولُه : ما يَنقِمُ.
أي يُنكِرُ يُقالُ : نَقِمْتُ على الرجُلِ بفتْحِ القافِ وكسْرِها حكاه ابنُ القطاعِ وقُرئَ بهما في قولِه تعالى :{ وَمَا نَقَمُوا}.
الأدراعُ :بالدالِ المهمَلةِ جمْعُ دِرعٍ وهي الزَّرَدِيَّةُ .
الأعتادُ بالتاءِ المثنَّاةِ من فوقَ: ما يُعَدُّ للجهادِ .
قالَ ابنُ حزْمٍ : الذي رُوِّيناه في كتابِ البخاريِّ أعبده بالباءِ الموحَّدةِ ووَقَعَ في أبي داودَ من روايةِ الأعرابيِّ وأَعتادُه وهو وَهْمٌ لأن العتَادَ ما يُعَدُّ للأمْرِ جمْعُه عُتُدٌ وأَعْتِدَةٌ وليس كما قالَ .
الصِّنْوُ: بكسْرِ الصادِ .
الْمِثْلُ أي شقيقُه الذي أصلُه أصلُه وهو واحدُ الصِّنوانِ وهى النَّخْلاتُ التي أصلُها واحدٌ .
قالَ الزمخشريُّ: ((صِنْوُ أبيه )) أي لا تَفاوتَ بينَهما كما لا تَفاوُتَ بينَ صِنْوَيِ النخلةِ .
قالَ الْمُطَرِّزِىُّ : يقالُ : صِنْوُ وصِنوانٌ في التثنيةِ وصِنواتٌ على الجمْعِ ولا يُعرَفُ له نظيرٌ إلا قِنْوٌ .

  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 09:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الْحَدِيثُ التاسعُ والستُّونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: ((بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنْ كانَ فَقِيرًا، فَأغْنَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، وقَد احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ في سَبيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ: فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا)) ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: مَشْرُوعِيَّةُ بعثِ السُّعَاةِ لقبضِ الزكاةِ.
الثَّانِيَةُ: شَكْوَى مَن امْتَنَعَ منْ واجبٍ أوْ فعَلَ مُحَرَّمًا إلى مَنْ يَرْدَعُهُ.
الثَّالِثَةُ: قُبْحُ حالِ مَنْ جَحَدَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ شَرْعًا وَعَقْلًا.
الرَّابِعَةُ: أنَّ الأشياءَ المُوقَفةَ في سبيلِ اللَّهِ والمُعَدَّةَ للاستعمالِ لا زكاةَ فيها.
الْخَامِسَةُ: جوازُ وقفِ الأشياءِ المنقولةِ.
السَّادِسَةُ: جوازُ تَعْجِيلِ الزكاةِ، كما فَعَلَ العبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ.

  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 09:43 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الحديثُ السبعونَ بعدَ المائةِ
عن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلاَّ أنْ كانَ فَقِيراً، فَأغْنَاهُ اللهُ تَعَالى.
وَأَمَّا خَالِدٌ: فإنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِداً، فَقَد احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ في سَبِيلِ اللهِ.
وَأَمَّا الْعَبَّاسُ: فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا)).
ثمَّ قالَ: ((يَا عُمَرُ، أَمَا عَلِمْتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟)) .
(170) الغَريبُ:
" مَا يَنْقِمُ إلاَّ أنْ كانَ فَقِيراً، فَأغْنَاهُ اللهُ " [يَنْقِمُ] بكسرِ القافِ: معناه، ما يُنكِرُ ، وهذا السِّياقُ معناه عندَ البلاغيِّين، تأكيدُ الذَّمِّ بما يُشبِهُ المدْحَ ، وهو من لطيفِ الكلامِ.
" أَعْتَادَهُ " : مفردُه [عَتَادٌ] بفتحِ العينِ ، و[الأعتادُ]: آلاتُ الحربِ من السِّلاحِ وغيرِه.
[صِنْوُ أَبِي]: هذا تشبيهٌ للأخوينِ فأكثرَ من أبٍ واحدٍ، وهم فروعُه، كالنّخلتينِ فأكثرَ، تفترقانِ من أصلٍ واحدٍ، و[الصِّنوُ] بكسرِ الصَّادِ، هو المِثْلُ.
" ابْنُ جَمِيلٍ ": بالجيمِ المفتوحةِ , بعدَها ميمٌ مكسورةٌ ، سمَّاه بعضُهم [حُسيناً] ، وبعضُهم [عبدَ اللهِ].
المعنَى الإجماليُّ:
بعَث النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرَ بْنَ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ لجِبايَةِ الزَّكاةِ كعادتِه في بعْثِ السُّعاةِ، فجاء عمرُ إلى العبَّاسِ بْنِ عبدِ المُطَّلِبِ، وخالدِ بْنِ الوليدِ، وابنِ جميلٍ، يريدُ منهم الزَّكاةَ، فمنَعُوا أداءَها.
فجاء عمرُ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشتكِي هؤلاء الثّلاثةَ.
فقال صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَمَّا ابْنُ جَمِيلٍ، فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْعُذْرِ فِي مَنْعِهَا إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيراً فَأَغْنَاهُ اللهُ، فَقَابَلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً، وَشُكْرَهُ نُكْراً.
وأمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ بِقَوْلِكُمْ: مَنَعَ الزَّكَاةَ , وَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَكَيْفَ يَقَعُ مَنْعُ الزَّكَاةِ مِنْ رَجُلٍ تَقَرَّبَ إِلى اللهِ تَعَالَى بِإِنْفَاقِ مَا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ هُوَ يَمْنَعُ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذَا بَعِيدٌ)).
وإمَّا لأنه جعلَها أدواتِ قُِنْيَةٍ يستعملُها في الجهادِ. والأشياءُ التي للقُِنيةِ ليس فيها زكاةٌ؛ لأنها ليست من الأموالِ النَّاميةِ بالتِّجارةِ وغيرِها.
وأما العبَّاسُ، فقد تحمَّلها صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه.
ويُحتملُ أن ذلك لمقامِه ومنزلتِه. ويدلُّ عليه قولُه: ((أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟)).وإما لأنه قدَّمَ زكاتَه لعامينِ فقدْ تسلَّمها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ويدلُّ عليه ما وردَ بسندٍ ضعيفٍ عن ابنِ مسعودٍ: ((أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجَّلَ مِنَ الْعبَّاسِ صَدقَتَهُ سَنَتَيْنِ)).
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1ـ مشروعيَّةُ بعثِ الإمامِ السُّعاةَ لجِبايَةِ الزَّكاةِ.
2ـ جَوازُ شكوى مَن امتنعَ من الزَّكاةِ إلى مَن يُجبِرُه على أدائِها.
ومثلُه في الشَّكوى كلُّ مُمتنِعٍ عن واجبٍ، أو فاعلٍ مُحرَّماً.
3ـ قُبْحُ مَن جحدَ نعمةَ اللهِ عليه شرعاً، وعقلاً.
4ـ أن الأشياءَ الموقوفةَ في سبيلِ اللهِ، أو المُعدَّةَ للاستعمالِ، ليس فيها زكاةٌ ، وذلك على أن عُذرَه في منعِ الزَّكاةِ هو جعلُها وقفاً في سبيلِ اللهِ ، أو على معنى أنه جعلَها مُعدَّةً للاستعمالِ والقُِنْيَةِ.
5ـ جَوازُ جعلِ الأشياءِ المنقولةِ وقفاً للهِ تعالى وفي سبيلِه.
6ـ أما الاعتذارُ عن العبَّاسِ، فيَحْتَمِلُ إفادةَ جَوازِ تعجيلِ الزَّكاةِ، ويَحْتَمِلُ إفادةَ جَوازِ تحمُّلِ الزَّكاةِ عمَّن وجبت عليه،
ويبعُدُ أن يمنعَ العبَّاسُ الزَّكاةَ لغيرِ عُذْرٍ.
7ـ تعظيمُ العمِّ، وكبيرُ حقِّهِ ؛ لأنه بمنزلةِ الأبِ.

  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 09:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

175 - الحديثُ الخامسُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ، رضي اللهُ عنهُ، على الصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، والعَبَّاسُ عمُّ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلا أَنْ كَانَ فَقِيرًا، فَأَغْنَاهُ اللَّهُ؟ وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، وَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا)) ثم قالَ: ((يَا عُمُرُ، أما شَعَرْتَ أَنَّ عمَّ الرَّجُل صِنْوُ أَبِيِه؟)).

الحديثُ مُشْكِلٌ فِي مواضعَ منهُ، والكلامُ عليهِ مِن وجوهٍ:
الأوَّلُ: قولُه: بعثَ عمرَ على الصَّدقَةِ, الأظهرُ: أنَّ المرادَ على الصَّدقةِ الواجبةِ، وذكرَ بعضُهم: أنْ تكونَ التطوعَ، احتمالاً أو قولاً. وإنما كانَ الظاهرُ أنها الواجبةُ لأنها المعهودةُ. فتصرفُ الألفُ واللامُ إليها، ولأنَّ البعثَ إِنَّمَا يكونُ على الصدقاتِ المفروضةِ.
والثاني: يقالُ: نَقَمَ ينقِمُ - بالفتحِ فِي الماضي والكسرِ فِي المستقبلِ، وبالعكسِ، بالكسرِ فِي الماضي والفتحِ فِي المستقبلِ - والحديثُ يقتضي: أنَّهُ لا عذرَ لَه فِي التَّركِ. فإنَّ ((نَقَم)) بمعنى أنْكَرَ، وإذا لمْ يحصلْ لهُ موجبٌ للمنعِ، إلاَّ أنْ كانَ فقيرًا فأغناه اللهُ، فلا موجبَ للمنعِ، وهذا مِمَّا تقصِدُ العربُ فِي مثلهِ النفيَ على سبيلِ المبالغةِ بالإثباتِ كما قالَ الشاعرُ:

ولاعيبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهم بِهِنَّ فُلُولٌ مِن قِرَاعِ الكَتَائِبِ

لأَنه إنْ لمْ يكنْ فيهم عيبٌ إلا هذا - وهذَا ليسَ بعيبٍ - فلا عيبَ فيهمْ، فكذلكَ هنَا إذا لم يُنكرْ إلا كونَ اللهِ أغناهُ بعدَ فقرهِ، فلم يكن مُنكِرًا أصلاً.

الثالثُ: ((العَتَادُ)) ما أعدَّ الرَّجلُ مِن السِّلاحِ والدوابِّ وآلاتِ الحربِ. وقد وقعَ فِي هذهِ الرِّوايةِ ((أعتَادَهُ)) وَفِي أُخرَى ((أعْتُدَهُ)) واختُلِفَ فيها. فقيل: ((أَعْتُدَه)) بالتاء، وقيل: ((أَعْبُدَهُ)) بالباءِ ثاني الحرُوفِ. وعلَى هذَا اختلَفُوا فالظاهرُ: أنَّ ((أَعْبُدَه)) جمْعُ عَبْدٍ. وهو الحيوَانُ العاقلُ المملوكُ، وقيلَ: إنهُ جمعُ صفةٍ من قولِهِمْ: ((فَرسٌ عَبْدٌ)) وهو الصُّلْبُ. وقيلَ: المُعَدُّ للرُّكوبِ. وقيلَ: السريعُ الوَثْبِ. ورجَّحَ بعضُهُمْ هذا بأنَّ العادةَ لم تَجْرِ بتحبيسِ العبيدِ فِي سبيلِ اللهِ، بخلافِ الخيلِ.

الرابعُ: فيهِ دليلٌ على تحبيسِ المنقولاتِ. واختلفَ الفقهاءُ فِي ذلكَ.

الخامسُ: نشَأَ إشكالٌ مِن كونِهِ لم يؤمرْ بأخذِ الزكاةِ منهُ، وانتزاعِهَا عندَ منعِهِ. فقيلَ فِي جوابِه: يجوزُ أنْ يكونَ عليه السلامُ أجازَ لخالدٍ أنْ يحتَسِبَ ما حَبَّسه من ذلكَ فيمَا يجبُ عليهِ من الزَّكاةِ، لأنهُ فِي سبيلِ اللهِ. حكاهُ القاضي، قال: وهو حُجَّةٌ لمالكٍ فِي جوازِ دفعِهَا لصنفٍ واحدٍ. وهو قولُ كَافَّةِ العلمَاءِ، خلافًا للشافعيِّ فِي وجوبِ قسمتِهَا على الأصنافِ الثمانيةِ. قال: وعلى هذا يجوزُ إخراجُ القِيَمِ فِي الزكاةِ. وقد أدخلَ البخاريُّ هذا الحديثَ فِي ((بابِ أَخْذِ العرْضِ فِي الزكاةِ)) فيدلُّ: أنه ذهبَ إِلَى هذَا التأويلِ، وأقولُ: هذا لا يُزِيلُ الإشكالَ، لأنَّ ما حُبِّسَ على جِهَةٍ معيَّنةٍ تعيَّنَ صرفُه إليهَا، واستحقَّهُ أهلُ تلكَ الجهةِ مُضافًا إِلَى جهةِ الحَبْسِ، فإنْ كانَ قد طلبَ من خالدٍ زكاةَ ما حَبَّسه، فكيفَ يمكَّنُ مِن ذلَكَ مع تَعَيُّنِ ما حبَّسهُ لمصرِفِهِ؟ وإن كانَ قدْ طلبَ منهُ زكاةَ المالِ الذِي لم يحبسْهُ - مِن العينِ والحرثِ والماشيةِ - فكيفَ يحاسَبُ بما وجَبَ عليهِ فِي ذلكَ، وقد تعيَّنَ صرفُ ذلكَ المحبَّسِ إِلَى جهته؟.

وأما الاستدلالُ بذلكَ على أنَّ صرفَ الزكاةِ إِلَى صنفٍ من الثمانيةِ جائزٌ، وأنَّ أَخْذَ القيمِ جائزٌ: فضعيفٌ جدًّا؛ لأنه لو أمكنَ توجيهُ ما قيلَ فِي ذلكَ لكانَ الإجزاءُ فِي المسألتينِ مأخوذاً على تقديرِ ذلكَ التأويلِ. وما ثبتَ على تقديرٍ لا يلزمُ أنْ يكونَ واقعًا إلا إذا ثبتَ وقوعُ ذلكَ التقديرِ. ولم يثبتْ ذلكَ بوجهٍ، ولمَ يبيِّنْ قائلُ هذهِ المقالةِ إلا مجرَّدَ الجوازِ. والجوازُ لا يدلُّ على الوُقوعِ إلا أن يريدَ القاضي: أنَّه حُجَّةٌ لمالكٍ، وأبي حنيفةَ على التقديرِ. فقريبٌ، إلاَّ أنه يجبُ التنبيهُ؛ لأنه لا يفيدُ الحكمَ فِي نفسِ الأمرِ.
وأنا أقولُ: يَحتملُ أنْ يكونَ تحبيسُ خالدٍ لأدراعهِ وأَعْتَادِه فِي سبيلِ اللهِ: إرصادَهُ إياها لذلكَ، وعدمَ تصرُّفِه بهَا فِي غيرِ ذلكَ. وهذا النوعُ حُبسٌ، وإن لم يكنْ تحبيسًا، ولا يبعُدُ أنْ يرادَ مثلُ ذلكَ بهذَا اللَّفظِ. ويكونَ قولُه: ((إنكمْ تظلِمونَ خالدًا)) مصروفًا إِلَى قولِهم: ((مَنَعَ خَالِدٌ)) أي تظلمونَه فِي نسبتِهِ إِلَى منْعِ الواجِبِ، مع كونِهِ صرَفَ مالَهُ فِي سبيلِ اللهِ. ويكونُ المعنى: أنهُ لم يقصدْ منْعَ الواجِبِ، ويُحْمَلُ منعُه على غيرِ ذَلكَ.

السادسُ: أخذَ بعضُهمْ مِن هذَا: وجوبَ زكاةِ التجارةِ. وأنَّ خالدًا طُولِبَ بأثمانِ الأربُعِ والأعتُدِ. قالوا: ولا زكاةَ فِي هذهِ الأشياءِ، إلا أنْ تكونَ للتِّجَارَةِ. وقد استُضعفَ هذا الاستدلالُ، مِن حيثُ إنهُ استدلالٌ بأمرٍ محتملٍ، غيرِ متعيِّنٍ لما ادُّعِيَ.

السابعُ: من قال بأنَّ هذه الصدقةَ تطوُّعٌ ارتفعَ عنهُ هذا الإشكالُ، ويكونُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكتفى بما حَبَّسه خالدٌ على هذه الجهاتِ عن أخذِ شيءٍ آخرَ من صدقةِ التطوُّعِ. ويكونُ مَن طلَبَ منه شيئًا آخرَ - مع ما حبَسه مِن مالهِ وأعتادِه فِي سبيلِ اللهِ - ظالِمًا فِي مجرَى العادَةِ، وعلى سبيلِ التَّوسُّعِ فِي إطلاقِ اسمِ الظُّلمِ.

الثامنُ: قولُه عليه الصلاةُ و السلامُ: ((فهي عَلَيَّ ومثلُها)) فيهِ وجهانِ:
أحدُهما: أنْ يكونَ هذا اللفظُ صيغةَ إنشاءٍ لالتزامِ ما لزِمَ العباسَ، ويرجِّحُه قولُه: ((إنَّ عمَّ الرّجلِ صِنوُ أَبيهِ)) فإنَّ فِي هذه اللفظةِ إشعارًا بما ذكرناهُ، فإنَّ كونَه صِنوَ الأبِ يُناسِبُ تحمُّلَ ما عَليهِ.
الثَّاني: أنْ يكونَ إِخبارًا عن أمرٍ وقعَ ومضَى، وهو تسلُّفُ صدقةِ عامينِ من العباسِ، وقد رُويَ فِي ذلكَ حديثٌ منصوصٌ: ((إنَّا تعجَّلنَا منهُ صدقَةَ عامَيْنِ)) والصِّنْوُ: المثلُ، وأصلُه فِي النَّخلِ: أنْ يَجمَعَ النَّخلتيْنِ أصلٌ واحِدٌ.

  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 09:45 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

والحديث الثالث حديث أبي هريرة في قصة خالد والعباس وابن جميل، كان النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الصدقة فقيل للنبي منع ابن جميل وخالد بن الوليد رضي الله عنه والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بهذا: ما ينقم ابن جميل إلا أن أغناه الله، ما.....؟ الواجب أن يؤدي الزكاة، إن الله لا............... وعليها الزكاة.
أما خالد..... حبس أدراعه، هذه كلها قد وقفها في سبيل الله، ليس عنده شيء، لهذا تظلمون خالدا، ليس من أهل الزكاة، ليس عنده شيء يزكيه.
وأما العباس يعني الرسول سأل عنه عليه الصلاة والسلام وقال إن عم الرجل صنو أبيه.............. وفي رواية.......... قال: إنها علي ومثلها، قد اقترضها من العباس، والمشهور الأول أنه تحملها، ولهذا قال: علي ومثلها، تحملها وقال: تلك لها ما..... وهذه لها.......،............. وقال: أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، هذا يدل على أن....... برا به وصلت له، لأنه صنو الأب.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
منع, الزكاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir