دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > مقدمات المفسرين > مقدمة تفسير ابن جرير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1431هـ/15-04-2010م, 03:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك


القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك

قال أبو جعفر: اختلفت النقلة في ألفاظ الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
حدثني بذلك يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني حيوة بن شريح، عن عقيل بن خالد، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا غير ذلك:
- حدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا عباد بن زكريا، عن عوف، عن أبي قلابة، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل)).
- وروي عن أبي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ما حدثني به أبو كريب، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن جده، عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: اقرأه على حرفين. فقلت: رب خفف عن أمتي. فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف)).
وروي عن ابن مسعود من قيله خلاف ذلك كله.
- وهو ما حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي، عن الأحوص بن حكيم، عن ضمرة بن حبيب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف: حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال. فأحل الحلال، وحرم الحرام، واعمل بالمحكم، وآمن بالمتشابه، واعتبر بالأمثال.
وكل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقاربة المعاني، لأن قول القائل: فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر، وفلان مقيم على وجه من وجوه هذا الأمر، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر - سواء. ألا ترى أن الله تعالى ذكره وصف قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات، فأخبر عنهم أنهم عبدوه على حرف فقال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11]، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك، لا على اليقين به والتسليم لأمره.
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نزل القرآن من سبعة أبواب)) و((نزل على سبعة أحرف)) سواء، معناهما مؤتلف، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه.
ومعنى ذلك كله، الخبر منه صلى الله عليه وسلم عما خصه الله به وأمته، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا في تنزيله.
وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلى الله عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ -إذا أصاب معناه- له مترجما. كما كان التالي بعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد -إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به- له مترجما، لا تاليا على ما أنزله الله به.
فذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الكتاب الأول، نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف)).
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب))، فإنه صلى الله عليه وسلم عنى بقوله: ((نزل الكتاب الأول من باب واحد))، والله أعلم، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود، الذي إنما هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض -دون غيرها من الأحكام والشرائع- وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا، الذي خص الله به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته. فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى ذكره مطلبا ينالون به الجنة، ويستوجبون به منه القربة، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
وخص الله جل وعز نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله، ويدركون بها الفوز بالجنة، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن. لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة، عامل على باب من أبواب الجنة، وطالب من قبله الفوز بها. فالعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه، باب من أبواب الجنة، وترك ما نهى الله عنه فيه؛ باب آخر ثان من أبوابها؛ وتحليل ما حلل الله فيه، باب ثالث من أبوابها؛ وتحريم ما حرم الله فيه، باب رابع من أبوابها؛ والإيمان بمحكمه المبين، باب خامس من أبوابها؛ والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه، باب سادس من أبوابها؛ والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته، باب سابع من أبوابها.
فجميع ما في القرآن -من حروفه السبعة، وأبوابه السبعة التي نزل منها- جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديا، ولهم إلى الجنة قائدا. فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن من سبعة أبواب من الجنة)).
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن: ((إن لكل حرف منه حدا))، يعني الكل وجه من أوجهه السبعة حداً حده الله جل ثناؤه، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا))، فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكل حد من ذلك مطلعا))، فإنه يعني أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه -من حلال وحرام، وسائر شرائعه- مقدارا من ثواب الله وعقابه، يعاينه في الآخرة، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع"، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القول, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir