بابُ الاستثناءِ
(1) بابُ: تَقَدَّمَ إعرابُهُ، وبابُ مُضَافٌ.
والاستثناءِ: مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ، وعلامةُ جَرِّهِ كسرةٌ ظاهرةٌ في آخِرِهِ.
(وحروفُ): الواوُ للاستئنافِ.
حُرُوفُ مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ، وعلامةُ رفعِهِ ضَمَّةٌ ظاهرةٌ في آخِرِهِ، وحروفُ مُضَافٌ.
و(الاستثناءِ): مُضَافٌ إليهِ.
(ثمانيَةٌ): خبرٌ مرفوعٌ.
(وهيَ): ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ رفعٍ.
(إلاَّ)، وما عُطِفَ عليها: في مَحَلِّ رَفْعٍ خبرٌ.
(وغيرٌ وسِوًى) بكسْرِ السينِ.
(وسُوًى) بضَمِّها، مَقْصُورَيْنِ.
(وسواءٌ): بالفتحِ والكسرِ ممدودًا.
فالأوَّلُ: كَـ رِضًا.
والثاني: كَـ هُدًى.
والثالثُ: كـ سَمَاءٌ.
والرابعُ: كـ بِنَاءٌ.
(وَخَلا وعَدَا وحَاشَا): هذهِ الأدواتُ معطوفةٌ على مَحَلِّ إلاَّ.
واعْلَمْ أنَّ الاستثناءَ مأخوذٌ مِن الثَّنْيِ، وهوَ الرجوعُ؛ فإنَّ فيهِ رُجوعًا إلى الْحُكْمِ السابقِ؛ إذْ هوَ إخراجُ ما بعدَ إلاَّ أوْ إحدى أخواتِها؛ أيْ: نظائرِها، مِنْ حُكْمِ ما قَبْلَها، وإدخالُهُ في النفْيِ أو الإثباتِ.
وحروفُهُ؛ أيْ: أدواتُهُ الدَّالَّةُ عليهِ، ثمانيَةٌ.
وسُمِّيَت الأدواتُ حُروفًا تَغليبًا لـ إِلاَّ على غيرِها؛ لأنَّها الأصلُ في عَمَلِ هذا البابِ؛ إذْ هيَ في الحقيقةِ ثلاثةُ أقسامٍ:
-حَرْفٌ اتِّفَاقًا، وهوَ إلاَّ.
-واسمٌ اتِّفاقًا، وهوَ الأربعةُ التي بعدَها.
-ومُتَرَدِّدٌ بينَ الحرفيَّةِ والفعليَّةِ، وهيَ الثلاثةُ الباقيَةُ.
وإذا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ حُكْمِ كلٍّ منها:
(2) (فالمُسْتَثْنَى): الفاءُ فاءُ الفصيحةِ.
والمستثنَى مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ، وعلامةُ رفعِهِ ضَمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألِفِ مَنَعَ مِنْ ظُهورِها التَّعَذُّرُ. (بِإِلاِّ): الباءُ حرفُ جَرٍّ، وإلاَّ في مَحَلِّ جرٍّ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بالمستثنَى.
(يُنْصَبُ): فعلٌ مضارِعٌ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ في مَحَلِّ رفعٍ تقديرُهُ هوَ يعودُ على المستثنَى.
(إذا): ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِن الزمانِ خافضٌ لشرطِهِ منصوبٌ بجوابِهِ المحذوفِ المدلولِ عليهِ بالفعلِ قَبْلَهُ.
و(كانَ): فعلٌ ماضٍ ناقصٌ يَرْفَعُ الاسمَ ويَنْصِبُ الخبرَ.
(الكلامُ): اسْمُها مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ ضَمَّةٌ ظاهرةٌ في آخِرِهِ.
(تامًّا): خبرُها منصوبٌ.
والجملةُ مِنْ كانَ واسمِها وخبرِها في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ إذا إليها.
(مُوجَبًا): خبرٌ ثانٍ منصوبٌ، أوْ نعتٌ لـ تَامًّا.
يَعْنِي أنَّهُ يَجِبُ نَصْبُ المستثنَى بـ إلاَّ عندَ تَمامِ الكلامِ بذِكْرِ المستثنَى منهُ، وإيجابِهِ؛ أيْ: إثباتِهِ، بأنْ لمْ يَتَقَدَّمْهُ نفيٌ أوْ شَبَهُهُ، سواءٌ كانَ الاستثناءُ مُتَّصِلاً بأنْ كانَ المستثنَى مِنْ جِنسِ المستثنَى منهُ. (نحوُ): خبرٌ لِمُبتدأٍ محذوفٍ؛ أيْ: وذلكَ نحوُ، كما تَقَدَّمَ.
(قامَ): فعلٌ ماضٍ.
(القومُ): فاعلٌ مرفوعٌ.
(إلاَّ): أداةُ استثناءٍ.
(زيدًا): مَنصوبٌ على الاستثناءِ بـ إِلاَّ؛ لأنَّها في معنى الفعلِ.
(وخَرَجَ الناسُ إلاَّ عَمْرًا): إعرابُهُ على وِزَانِ ما قَبْلَهُ.
فالاستثناءُ في هذَيْنِ المثالَيْنِ منْ كلامٍ تامٍّ: لِذِكْرِ المستثنَى منهُ الذي هوَ القومُ في الْمِثالِ الأوَّلِ والناسُ في الْمِثالِ الثاني، ومُوجَبٌ: لِعَدَمِ تَقَدُّمِ النفيِ وشَبَهِهِ.
والمستثنَى هوَ زيدًا في المثالِ الأوَّلِ، وعَمْرًا في الْمِثالِ الثاني مِنْ جِنسِ المستثنَى منهُ.
ويُؤَوَّلُ قولُهُ تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ}، بِرَفْعِ قليلٌ.
وقولُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ))، الروايَةُ برفْعِ أربعةٌ، وقولُهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((النَّاسُ هَلْكَى إِلاَّ الْعَالِمُونَ، وَالْعَالِمُونَ هَلْكَى إِلاَّ الْعَامِلُونَ، وَالْعَامِلُونَ هَلْكَى إِلاَّ الْمُخْلِصُونَ، وَالْمُخْلِصُونَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ))، بأنَّ النفيَ مُقَدَّرٌ، والتقديرُ واللهُ أعلَمُ: لمْ يُطَاوِعُوهُ إلاَّ قليلٌ، ولا يَتَخَلَّفُ إلاَّ أرْبَعَةٌ، ولا يَنْجُو إلاَّ العاملونَ.
أوْ مُنْقَطِعًا، نحوُ: (قامَ القومُ إلاَّ حِمارًا)؛ فإنَّهُ تامٌّ مُوجَبٌ، والحمارُ ليسَ مِنْ جِنْسِ المستثنَى منهُ. وتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لأنَّهُ خِلافُ الأصلِ.
(وإنْ): حرفُ شرطٍ جازمٌ يَجْزِمُ فعلَيْنِ؛ الأوَّلُ فعلُ الشرطِ، والثاني جوابُهُ وجزاؤُهُ.
(كانَ): فعلٌ ماضٍ ناقصٌ يَرْفَعُ الاسمَ ويَنْصِبُ الخبرَ في مَحَلِّ جَزْمٍ فِعْلُ الشرطِ.
(الكلامُ): اسمُ كانَ مرفوعٌ.
(مَنْفِيًّا): خبرُها منصوبٌ.
(تامًّا): خبرٌ ثانٍ أوْ صِفَةٌ.
(جازَ): فعلٌ ماضٍ في مَحَلِّ جَزْمٍ جوابُ الشرطِ.
(فيهِ): في حرفُ جَرٍّ، والهاءُ مَبْنِيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ جرٍّ.
(البدَلُ): فاعلُ جازَ مرفوعٌ.
(والنَّصْبُ): معطوفٌ على البدَلُ.
(على الاستثناءِ): على حرفُ جَرٍّ، والاستثناءِ مجرورٌ بِعَلَى، وعلامةُ جَرِّهِ كسرةٌ ظاهرةٌ في آخِرِهِ، والجارُّ والمجرورُ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحالِ مِن النَّصْبُ.
يَعْنِي أنَّ الكلامَ التامَّ إذا تَقَدَّمَهُ نفيٌ أوْ شَبَهُهُ جازَ في المستثنَى النصْبُ والإِتْبَاعُ على البَدَلِيَّةِ، وهوَ المختارُ.
فالنفيُ (نحوُ): خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ؛ أيْ: وذلكَ نحوُ، كما تَقَدَّمَ.
(ما): حرفُ نفيٍ.
(قامَ القومُ): فعلٌ وفاعلٌ.
(إلاَّ): حرفُ استثناءٍ.
و(زيدٌ): بالرفعِ بَدَلٌ مِن القومُ بَدَلُ بعضٍ مِنْ كُلٍّ، والعائدُ مُقَدَّرٌ؛ أيْ: منْهُم.
(وزيدًا): بالنصبِ على الاستثناءِ.
ومِثالُ شَبَهِ النفيِ مِنْ نَهْيٍ أو استفهامٍ قولُهُ تعالى: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ}.
فلا: ناهيَةٌ، ويَلتَفِتْ: فعلٌ مُضَارِعٌ مجزومٌ بلا الناهيَةِ، وعلامةُ جَزْمِهِ السكونُ، ومِنْ: حرفُ جَرٍّ، والكافُ في مَحَلِّ جرٍّ، وامرأتُكَ: بالرفعِ على البدليَّةِ مِنْ أَحَدٌ كما قَرَأَ بهِ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو، وقرأَ الباقونَ بالنَّصْبِ على الاستثناءِ.
وقولُهُ تعالى: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}.
وهذا في الاستثناءِ المُتَّصِلِ، وإلاَّ تَعَيَّنَ النصْبُ عندَ الحجازيِّينَ.
وجازَ بمَرْجُوحِيَّةٍ إبدالُهُ إنْ أَمْكَنَ تَسَلُّطُ العاملِ على المستثنَى، نحوُ: (ما قامَ القومُ إلاَّ حِمارٌ).
وإلاَّ وَجَبَ النصبُ اتِّفاقًا، نحوُ: (ما زادَ هذا المالُ إلاَّ النَّقْصَ).
فما: نافيَةٌ.
وزاد: فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الفتحِ.
وهذا: الهاءُ للتنبيهِ.
وذا :اسمُ إشارةٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ فاعلٌ.
والمالُ: بَدَلٌ مِن اسمِ الإشارةِ أوْ عطفُ بيانٍ؛ لأنَّهُ مُحَلًّى بأَلْ بعدَهُ.
وإلاَّ: أداةُ استثناءٍ.
والنقْصَ: منصوبٌ على الاستثناءِ.
ولا يَجوزُ رفعُهُ؛ إذْ لا يَصِحُّ أنْ يُقَالَ: ما زادَ النقْصُ.
(3) (وإنْ كانَ الكلامُ ناقصًا): إعرابُهُ نظيرُ ما تَقَدَّمَ.
(كانَ): فعلٌ ماضٍ ناقصٌ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ جوابُ الشرطِ، وهوَ يَرْفَعُ الاسمَ ويَنْصِبُ الخبرَ، واسمُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ في مَحَلِّ رفعٍ تقديرُهُ:هوَ يعودُ على المستثنَى.
(على): حرفُ جَرٍّ.
(حَسَبِ): مجرورٌ بعلى، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ كانَ، وحَسَبُ مُضَافٌ.
و(العواملِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ.
يَعْنِي أنَّ الكلامَ إذا كانَ ناقصًا بعدَمِ ذِكْرِ المستثنَى منهُ كانَ المستثنَى على حَسَبِ العوامِلِ التي قَبْلَهُ مِنْ:
رَفْعٍ على الفاعليَّةِ:نحوُ: (ما قامَ إلاَّ زيدٌ)وحمارٌ.
ما: نافيَةٌ.
وقامَ: فعلٌ ماضٍ.
وإلاَّ: أداةُ استثناءٍ مُلغاةٌ لا عَمَلَ لها.
وزيدٌ وحِمارٌ مَرفوعانِ على الفاعليَّةِ بـ قامَ.
أوْ نَصْبٍ على المفعوليَّةِ: (و) ذلكَ نَحْوُ: (مَا ضَرَبْتُ إلاَّ زيدًا) وحمارًا.
فما: نافيَةٌ.
وضَرَبَ: فعلٌ ماضٍ.
والتاءُضميرُ المتكلِّمِ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ رَفْعٍ فاعلٌ.
وإلاَّ: أداةُ استثناءٍ مُلغاةٌ لا عَمَلَ لها.
وزيدًا وحمارًا مَنصوبانِ على المفعوليَّةِ بـ ضَرَبَ.
أوْ جَرٍّ:(و) ذلكَ نحوُ: (ما مَرَرْتُ إلاَّ بزَيْدٍ).
ما نافيَةٌ، ومرَّ: فعلٌ ماضٍ.
والتاءُ فاعلٌ.
وإلاَّ: أداةُ استثناءٍ مُلغاةٌ لا عَمَلَ لها.
والباءُ حرفُ جَرٍّ.
وزيدٍ: مجرورٌ بالباءِ.
والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بـ مَرَرْتُ.
ويُسَمَّى الاستثناءُ حينئذٍ مُفَرَّغًا؛ لأنَّ ما قَبْلَ إلاَّ تَفَرَّغَ للعملِ فيما بعدَها، ولاأثَرَ لها في العملِ دونَ المعنى.
هذا حُكْمُ المستثنَى بـ إلاَّ.
(4) (والمستثنَى): مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ، وعلامةُ رفعِهِ ضَمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألِفِ مَنَعَ ظهورَها التعذُّرُ.
(بغيرٍ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بهِ.
(وسِوًى) بِكَسْرِ السينِ.
(وسُوًى) بضَمِّها مَقْصُورَيْنِ: عطْفٌ على غيرٍ، وعَلامةُ جَرِّهما كَسرةٌ مُقَدَّرَةٌ.
(وسواءٍ): بالفتحِ والكسرِ مَمْدُودًا مَجْرُورًا مَعطوفٌ على غيرٍ.
(مَجْرُورٌ): خبرٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
(لا غيرُ): لا نافيَةٌ تَعملُ عَمَلَ ليسَ.
وغيرُ: اسْمُها مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ؛ تَشبيهًا بـ قَبْلُ وَبَعْدُ في الإبْهَامِ إذا حُذِفَ المضافُ إليهِ ونُوِيَ معناهُ، في مَحَلِّ رفعٍ، والخبرُ محذوفٌ.
والأصلُ:(لا غَيْرُهُ جائزًا).
وفيهِ إيذانٌ بجوازِ دُخولِ لا على غَيْرُ.
ومَنَعَهُ ابنُ هشامٍ وقالَ: (إنَّما يُقَالُ: ليسَ غَيْرَ). وَرُدَّ بأنَّهُ سُمِعَ:
لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لا غَيْرُ تُسْأَلُ
يَعْنِي:
أنَّ المستثنى بهذهِ الأدواتِ الأربعةِ يَجِبُ جَرُّهُ بإضافتِها إليهِ.
وأمَّا هيَ فَلَهَا حُكْمُ المستثنَى بإلاَّ السابقِ مِنْ وُجوبِ النصْبِ معَ التمامِ والإيجابِ، نحوُ: (قامَ القومُ غَيْرَ زيدٍ).
فقامَ: فعلٌ ماضٍ.
والقومُ: فاعلٌ.
وغيرَ: منصوبٌ على الحالِ منهُ.
وغيرَ :مُضَافٌ.
وزيدٍ: مُضَافٌ إليهِ.
وأَرْجَحِيَّةِ الإِتْبَاعِ
معَ التمامِ والنفيِ في الْمُتَّصِلِ، نحوُ: (ما قامَ القومُ غيرُ زيدٍ).
بالرَّفْعِ بَدَلٌ مِن القومُ، وبالنصبِ حالٌ منهُ.
وَوُجوبِهِ في المنقطِعِ المنفيِّ، نحوُ: (ما قامَ القومُ غَيْرَ حِمَارٍ)، فيَجِبُ نصبُ غيرَ على الحالِيَّةِ.
ومِن الإجْرَاءِ على حَسَبِ العوامِلِ في الناقصِ المَنْفِيِّ أوْ شَبَهِهِ.
(5) (والمستثنَى): الواوُ حرفُ عطفٍ، المستثنى مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ، وعلامةُ رفعِهِ ضَمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألِفِ مَنَعَ مِنْ ظُهورِها التَّعَذُّرُ.
(بِخَلاَ وعَدَا وحَاشَا): الباءُ حرفُ جَرٍّ، والكلî3اتُ الثلاثُ في مَحَلِّ جرٍّ.
(يَجُوزُ): فعلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ؛ لِتَجَرُّدِهِ مِن الناصبِ والجازِمِ.
و(نَصْبُهُ): فاعلٌ مرفوعٌ، نَصْبُ مُضَافٌ.
والهاءُ :مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ جرٍّ.
والجملةُ مِن الفعلِ والفاعلِ في مَحَلِّ رفعٍ خبرُ المبتدأِ.
(وجَرُّهُ): معطوفٌ على نَصْبُهُ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(نحوُ: قامَ القومُ): خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ؛ أيْ: وذلكَ نحوُ.
وإعرابُهُ نظيرُ ما تَقَدَّمَ في مِثْلِهِ مِن الأمثلةِ.
(وقامَ القومُ): فعلٌ وفاعلٌ.
(خَلا): فعلٌ ماضٍ جامدٌ، وفاعلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ: هوَ يعودُ على البعضِ المدلولِ عليهِ بِكُلِّهِ السابقِ، أوْ على اسمِ الفاعلِ المفهومِ مِن الفعلِ، أوْ مَصْدَرِ الفعلِ؛ أي: القائمُ أو القيامُ، أوْ حرفِ جَرٍّ.
و(زَيْدًا): بالنَّصْبِ على الأوَّلِ مفعولٌ بهِ.
والجملةُ مِن الفعلِ والفاعلِ:
-على الأوَّلِ والثاني في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحالِ؛ أيْ: (مُجاوِزًا زَيْدًا).
-والظَرفيَّةِ على الثالثِ؛ أيْ: (وَقْتَ خُلُوِّ زَيْدٍ). (وزيدٍ): بالجَرِّ، على الثاني مجرورٌ بِخَلاَ، والجارُّ والمجرورُ لا مُتَعَلِّقَ لهُ؛ لأنَّ ما اسْتُثْنِيَ بهِ كحَرْفِ الجرِّ الزائدِ لا يَتَعَلَّقُ بشيءٍ. (وَعَدَا عَمْرًا): بالنصبِ.
(و) عَدَا (عَمْرٍو): بالجَرِّ. (وحَاشَا زيدًا): بالنصبِ.
(و): حَاشَا. (زيدٍ): بالجَرِّ.
والإعرابُ في هذَيْنِ المثالَيْنِ نَظيرُ الأَوَّلِ.
يَعْنِي أنَّ المستثنَى بهذهِ الكلماتِ الثلاثِ يَجوزُ نَصْبُهُ بها على تقديرِ الفِعليَّةِ، وجَرُّهُ على تقديرِ الحرفيَّةِ.
هذا عندَ عَدَمِ الاقترانِ بمَا، ولا يكونُ إلاَّ في خَلاَ وعَدَا دُونَ حَاشَا.
فإن اقْتَرَنَتَا بها وَجَبَ النَّصْبُ لِتَعَيُّنِ الفعليَّةِ؛ فإنَّ ما الدَّاخِلَةَ عليهما مَصدريَّةٌ فلا تَدْخُلُ إلاَّ على الجملةِ الفعليَّةِ، وتقديرُ الزيادةِ بَعِيدٌ؛ إذْ لا يُزادُ قَبلَ الجارِّ والمجرورِ بلْ بينَهما.
-كما في قولِهِ تعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}.
ومنهُ قولُ الشاعرِ:
أَلاَ كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ باطِلُ ** وكلُّ نعِيمٍ لا مَحالةَ زائلُ
فَأَلا: أداةُ استفتاحٍ.
وكلُّ: مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ.
وكلُّ مُضَافٌ.وشَيْءٍ: مُضَافٌ إليهِ.
وما: مَصدريَّةٌ.
وخلا: فعلٌ ماضٍ مُتَعَيِّنُ الفعليَّةِ، وفاعلُهُ مستترٌ فيهِ وُجوبًا على ما عَرَفْتَ.
واللهَ: منصوبٌ بهِ وُجوبًا.
والجملةُ:
-في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحالِ؛ أيْ: مُتجاوِزَ اللهِ.
-أوْ على الظَرفيَّةِ؛ أَيْ: وَقْتَ مُجاوَزَتِهِ، وباطلٌ: خَبَرٌ.
والبيتُ مُشْكِلٌ؛ فإنَّ الاستثناءَ إنْ كانَ مِنْ كُلٍّ فالابتداءُ لا يكونُ عاملاً النَّصْبَ في مَحَلِّ الجملةِ، وإنْ كانَ الضميرَ المُسْتَتِرَ في الخبرِ فالاستثناءُ لا يَتَقَدَّمُ على عامِلِهِ، تَأَمَّلْ.
وقولُهُ:
تَمَلُّ النَّدَامَى ما عَدَانِي فإنَّنِي ** بكلِّ الذي يَهْوَى نَدِيمِي مُولَعُ
فعَدَا:فعلٌ ماضٍ مُتَعَيِّنُ الفعليَّةِ؛ بدليلِ اقترانِهِ بنونِ الوِقايَةِ، والياءُ في مَحَلِّ نَصْبٍ.
وبَقِيَ مِنْ أدواتِ الاستثناءِ ليسَ ولا يكونُ، والمستثنَى بهما مَنصوبٌ على الخبرِيَّةِ.
واسمُهما فيهِ الكلامُ السابقُ في فاعلِ عَدَا وأَخَوَاتِها، تقولُ: (قَامُوا لَيْسَ زيدًا)، و(لا يكونُ عَمْرًا).
رُوِيَ أنَّ سِيبويهِ قَرَأَ على حَمَّادِ بنِ الأكوعِ قولَهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((مَا مِنْ أَصْحَابِي إِلاَّ مَنْ لَوْ شِئْتُ لأََخَذْتُ عَنْهُ عِلْما، لَيْسَ أَبَا الدَّرْدَاءِ)).
فقالَ سيبويهِ: أبو الدرداءِ.
فصاحَ بهِ حَمَّادٌ: لَحَنْتَ يا سِيبَوَيْهِ، ومَنَعَهُ مِنْ قراءةِ الحديثِ.
فقالَ: واللهِ لا أَطْلُبُ عِلْمًا لا يُلَحِّنَنِي معهُ أحدٌ.
فكان سببًا لاشتغالِهِ بالعربيَّةِ.