دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجهاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 صفر 1430هـ/17-02-2009م, 09:04 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حُكم الجهاد

وهو فَرْضُ كِفايةٍ، و ( يَجِبُ ) إذا حَضَرَه، أو حَصَرَ بلدَه عَدُوٌّ، أو اسْتَنْفَرَه الإمامُ.


  #2  
قديم 24 صفر 1430هـ/19-02-2009م, 03:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...........................

  #3  
قديم 24 صفر 1430هـ/19-02-2009م, 03:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وهو فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذا قَامَ به مَن يَكْفِي سَقَطَ عَن سائرِ الناسِ، وإلا أَثِمَ الكُّلُ. ويُسَنُّ بتأَكُّدٍ معَ قيامِ مَن يَكْفِي به، وهو أفضلُ مُتَطَوَّعٌ به ثُمَّ النفقةُ فيه. (ويَجِبُ) الجهادُ (إذا حَضَرَه)؛ أي: حَضَرَ صَفَّ القتالَ (أو حَصَرَ بلَدَه عَدُوٌّ) أو احتِيجَ إليه (أو استَنْفَرَه الإمامُ) حيثُ لا عُذْرَ له لقولِه تعَالَى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} وقولِه: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} وإذا نُودِيَ: (الصَّلاةُ جَامِعَةٌ) لحادثةٍ يُشَاوَرُ فيها لم يَتَأَخَّرْ أحدٌ بلا عُذْرٍ.


  #4  
قديم 24 صفر 1430هـ/19-02-2009م, 04:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وهو فرض كفاية)([1]) إذا قام به من يكفي سقط عن سائر الناس([2]) وإلا أثم الكل([3]) ويسن بتأكد مع قيام من يكفي به([4]).
وهو أفضل متطوع به([5]).
ثم النفقة فيه([6]) (ويجب) الجهاد([7]).
(إذا حضره) أي حضر صف القتال (أو حضر بلده عدو) ([8]) أو احتيج إليه([9]) (أو استنفره الإمام) حيث لا عذر له([10]).
لقوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}([11]) وقوله:{مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}([12]) وإذا نودي: الصلاة جامعة([13]) لحادثة يشاور فيها، لم يتأخر أحدٌ بلا عذر([14]).



([1]) إجماعا لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} مالم يحضر العدو فيتعين على كل أحد، وفرض الكفاية ما قصد حصوله من غير شخص معين، فإن لم يوجد إلا واحد تعين عليه، ومعنى الكفاية هنا: نهوض قوم يكفون في قتالهم جندا، كان لهم دواوين أو أعدوا أنفسهم له تبرعًا، بحيث إذا قصدهم العدو حصلت المنعة به، ويكون بالثغور من يدفع العدو عن أهلها.
([2]) أي سقط فرض الجهاد عن باقي الناس الذين لا يقومون به لقوله {فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} وقوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا، ويقيم هو وأصحابه، ولم يخرج قط للغزو إلا ترك بعض الناس، فاقتضى كونه فرض كفاية، إذا قام به البعض يكون سنة في حق الباقين، وإذا فعله الجميع كان كله فرضا، قال الشيخ: لعله إذا فعلوه جميعًا، فإنه لا خلاف فيه.
([3]) أي وإن لم يقم بجهاد الكفار أحد من المسلمين أثم كل المسلمين بتركه.
([4]) باتفاق الأئمة، وقال الوزير وغيره: اتفقوا على أنه يجب على أهل الثغر أن يقاتلوا من يليهم من الكفار، فإن عجزوا ساعدهم من يليهم، ويكون ذلك على الأقرب فالأقرب ممن يلي ذلك الثغر، وصار فرض عين إن لم يكن عذر، والأمر في ذلك مبني على غلبة الظن أن الغير يقوم به.
([5]) قال أحمد: لا أعلم شيئًا من العمل بعد الفرائض أفضل من الجهاد، وقال الشيخ: اتفق العلماء فيما أعلمه أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد، وفي الصحيحين ((لغدوة في سبيل الله أو روحة، خير من الدنيا وما فيها)) وفيهما ((إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض)) فهذا ارتفاع خمسين ألف سنة في الجنة لأهل الجهاد، وقيل: يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: ((مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله)) والأحاديث متظاهرة بذلك.
وهو سنام العبادة، وذروة الإسلام، وهو المحك، والدليل المفرق بين المحب والمدعي، فمن صدق المحب بذل مهجته وماله لربه، حتى يود لو أن له بكل شعرة نفسًا بذلها في مرضاته، ويود أن لو قتل ثم أحيى، ثم قتل ثم أحيي، قد سلم نفسه لمشتريها، وعلم أن لا سبيل إلى أخذ تلك السلعة الغالية إلا ببذل ثمنها{إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} الآية، ففيه خير الدنيا والآخرة، وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة، وفيه إحدى الحسنين، إما النصر والظفر، وما الشهادة والجنة.
وفضله عظيم، كيف وحاصله بذل أعز المحبوبات، وإدخال أعظم المشقات على النفس، ابتغاء مرضاة الله، وتقربا إليه، ونفعه يعم المسلمين كلهم، وغيره لا يساويه في نفعه وخطره، فلا يساويه في فضله، والشهادة فيه تكفر الذنوب غير الدين، لقوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله: أيكفر الله عني خطاياي إن مت صابرا محتبسا في سبيل الله؟ قال: ((نعم إلا الدين)).
وقال الآجري: هذا إنما هو لمن تهاون في قضاء دينه، أما من استدان دينا وأنفقه في واجب عليه، أو في مشروع، من غير سرف ولا تبذير، ثم لم يمكنه قضاؤه بعد ذلك، فإن الله يقضيه عنه، مات أو قتل، قال الشيخ: وغير مظالم العباد
كقتل، وظلم، وزكاة، وحج، وغيرها، ولا يسقط حق الآدمي من دم، أو مال، أو عرض، بالحج إجماعًا، ولا بالجهاد.
([6]) أي في الجهاد، وفي الاختيارات، من عجز عنه ببدنه، وقدر عليه بماله، وجب عليه الجهاد بماله، نص عليه وقطع به القاضي في أحكام القرآن، عند قوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} فيجب على الموسرين النفقة في سبيل الله، وعلى هذا فيجب على النساء الجهاد في أموالهن إن كان فيها فضل، وكذلك في أموال الصغار إذا احتيج إليها، كما تجب النفقات والزكاة.
قال الشيخ: سئلت عمن عليه دين وله ما يوفيه، وقد تعين الجهاد؟ فقلت: من الواجبات ما يقدم على وفاء الدين، كنفقة النفس، والزوجة، والولد الفقير، ومنها ما يقدم وفاء الدين عليه، كالعبادات من الحج والكفارات، ومنها ما يقدم عليه إلا إذا طولب به، كصدقة الفطر، فإن كان الجهاد المتعين لدفع الضرر كما إذا حضره العدو، أو حضر الصف، قدم على وفاء الدين، كالنفقة وأولى، وإن كان استنفار الإمام، فقضاء الدين أولى، إذ الإمام لا ينبغي له استنفار المدين مع الاستغناء عنه، ولذلك قلت: لو ضاق المال عن إطعام جياع، والجهاد الذي يتضرر بتركه، قدمنا الجهاد، وإن مات الجياع، وقلت أيضا: إذا كان الغرماء يجاهدون بالمال الذي يستوفونه، فالواجب وفاؤهم، لتحصيل المصلحتين، الوفاء والجهاد، ونصوص أحمد توافق ما كتبته.
([7]) أي عينا على ذكر، مسلم، حر ، مكلف ، صحيح، ولو أعشى أو أعور، واجد -بملك، أو بذل إمام- ما يكفيه وأهله في غيبته، ومع مسافة قصر ما يحمله بلا خلاف، لقوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ} وقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ}لأن هذه الأعذار تمنع من الجهاد، ولا يجب على أنثى بلا نزاع، ويلزم العاجز ببدنه في ماله، اختاره الشيخ وغيره.
([8]) أي يجب عليه الجهاد عينًا إن لم يكن عذر بلا نزاع، وإن كانت المقاتلة أقل من النصف، فإنهم لو انصرفوا استولوا على الحريم، وهذا وأمثاله قتال دفع لا قتال طلب، لا يجوز الانصراف فيه بحال، قال الشيخ: جهاد الدفع للكفار متعين على كل أحد.
وقال: إذا هجم العدو، فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة، واجب إجماعا وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا، وهو خير مما في المختصرات، لكن هل يجب على جميع أهل المكان النفير إذا نفر إليه الكفاية أولا؟
([9]) أي في القتال والمدافعة، تعين عليه ولو بعد، إن لم يكن عذر، لدعاء الحاجة إليه، وقتال الدفع، مثل أن يكون العدو كثيرا لا طاقة للمسلمين به، لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين، فهنا يجب أن يبذلوا مهجهم ومهج من يخاف عليهم في الدفع حتى يسلموا.
([10]) أي طلبه الإمام أو نائبه للخروج للقتال تعين عليه، ولم يجز لأحد أن يتخلف إلا من يحتاج إليه لحفظ أهل أو مال ونحو ذلك، بلا نزاع، وذكر الشيخ حديث عبادة ((على المرء المسلم السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه، وأثره عليه))، قال: فأوجب الطاعة التي عمادها الاستنفار في العسر واليسر، وهذا نص في وجوبه مع الإعسار، بخلاف الحج، وهذا في قتال الطلب، وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعًا
فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب من دفعه بعد الإيمان فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان.
([11]) أي{إِذَا لَقِيتُمْ} أيها المسلمون {فئة} أي جماعة كافرة{فَاثْبُتُوا} لقتالهم ووطنوا أنفسكم للقائهم،{وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا} أي ادعوه بالنصر والظفر بهم {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}أي كونوا على رجاء الفلاح {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} يعني في أمر الجهاد والثبات{وَلا تَنَازَعُوا} أي لا تختلفوا {فَتَفْشَلُوا} تجبنوا وتضعفوا {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} جرأتكم وجدكم وحدتكم {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } وهذه تعليم من الله لعباده آداب اللقاء، وطريق الشجاعة عند مواجهة العدو.
([12]) {انْفِرُوا} أي اخرجوا {فِي سَبِيلِ اللهِ} لجهاد عدوكم {اثَّاقَلْتُمْ}أي تثاقلتم، وتباطأتم، وتكاسلتم، وملتم (إِلَى) المقام في {الأَرْضِ} في الدعة والخفض وطيب الثمار، وكانت في غزوة تبوك، حين طابت الثمار والظلال {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ}كزاد الراكب، ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر، فهو في سبيل الله، ويجب النفير مع كل أمير، برا كان أو فاجرا بلا نزاع، بشرط أن يحفظ المسلمين.
([13]) بنصبهما على الإغراء والحال، ويرفعهما مبتدأ وخبر، أي قيل في الجيش: الصلاة جامعة.
([14]) لوجوب الجهاد بغاية ما يمكن من بدن، ورأي، وتدبير لا سيَّما العرفاء، ورجال النجدة والرأي، قال الشيـخ: الجهـاد مـنه ما هو باليـد، ومـنه ما هو بالدعوة، والحجة، واللسان، والرأي، والتدبير، والصناعة، فيجب بغاية ما يمكنه
ويجب على القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهليهم ومالهم، قال: ولا غنى لولي الأمر من المشاورة فقد أمر بها تعالى فقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} وقال قتادة: ما شاور قوم قط يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى رشدهم، وما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وتثبت في أمره، ولم يكن أحد أكثر مشاورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قيل: إن الله أمر بها لتأليف قلوب أصحابه، وليقتدي به من بعده، وإذا استشارهم فبين له ما يجب اتباعه من الكتاب والسنة، وإجماع المسلمين فعليه اتباع ذلك، ولا طاعة لأحد في خلاف ذلك، وإن كان عظيما في الدين والدنيا، وإن كان أمرا قد تنازع فيه المسلمون، فينبغي أن يكون مستخرج رأيه ووجهه ما كان أشبه بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتى أمكن معرفة ما دل عليه كان هو الواجب، فإن لم يمكن لضيق الوقت، أو عجزا لطالب أو تكافئ الأدلة عنده، فله أن يقلد من يرتضي عمله ودينه ، هذا أقوى الأقوال.



  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 10:43 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَهُو فَرْضُ كِفَايَة وَيَجِبُ إِذَا حَضَرَهُ أَوْ حَصَرَ بَلَدَهُ عَدَوٌّ أَوْ اسْتَنْفَرَهُ الإِمَامُ
قوله: «وهو فرض كفاية» وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وصار في حقهم سنّة، وهذا حكمه.
أما مرتبته في الإسلام فقد سمَّاه النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ذروة سنام الإسلام)) [(1)]، والسنام هو الشحم النابت فوق ظهر الجمل، وذروته أعلاه، وإنما جعله النبي صلّى الله عليه وسلّم ذروة سنام الإسلام؛ لأنه يعلو به الإسلام ويرتفع به، كما أن سنام البعير كان فوقه مرتفعاً.
وقوله: «وهو فرض كفاية» . لا بد فيه من شرط، وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة، ولهذا لم يوجب الله ـ سبحانه وتعالى ـ على المسلمين القتال وهم في مكة؛ لأنهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا إلى المدينة وكوّنوا الدولة الإسلامية وصار لهم شوكة أُمروا بالقتال، وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛ لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ، وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
قوله: «ويجب إذا حضره» ، هذا هو الموضع الأول من المواضع التي يتعين فيها الجهاد. فيجب الجهاد ويكون فرض عين إذا حضر الإنسان القتال، لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ *وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يُوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ *} [الأنفال] ، وقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم: أن التولي يوم الزحف من الموبقات حيث قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات ـ وذكر منها ـ التولي يوم الزحف)) [(2)]، إلا أن الله تعالى استثنى حالين:
الأولى: أن يكون متحرفاً لقتال بمعنى أن ينصرف؛ ليعمل من أجل القتال، كأن يستطرد لعدوه فإذا لحقه كرّ عليه فقتله.
الثانية: أن يكون منحازاً إلى فئة، بحيث يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم، فيذهب من أجل أن يتحيز إليها تقوية لها، وهذه الحال يشترط فيها ألاَّ يَخَاف على الفئة التي هو فيها، فإن خاف على الفئة التي هو فيها فإنه لا يجوز أن يذهب إلى الفئة الأخرى، فيكون في هذه الحال فرض عين عليه لا يجوز له الانصراف عنه.
قوله: «أو حصر بلده عدو» ، هذا هو الموضع الثاني، إذا حصر بلدَه العدوُّ فيجب عليه القتال دفاعاً عن البلد، وهذا يشبه من حضر الصف في القتال؛ لأن العدو إذا حصر البلد فإنه سيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه، وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف، ففي هذه الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعاً عن بلدهم.
قوله: «أو استنفره الإمام» هذا هو الموضع الثالث.
إذا «استنفره» أي: قال: انفروا.
وقوله: «الإمام» هو ولي الأمر الأعلى في الدولة، ولا يشترط أن يكون إماماً عامّاً للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم عبد حبشي)) [(3)]، فإذا تأمر إنسان على جهةٍ ما، صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً، ومن عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ والأمة الإسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز، وبنو مروان في الشام، والمختار بن عبيد وغيره في العراق، فتفرقت الأمة، وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وإن لم تكن له الخلافة العامة؛ وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول: إنه لا إمام للمسلمين اليوم، فلا بيعة لأحد!! ـ نسأل الله العافية ـ ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟! أم يريدون أن يقال: كل إنسان أمير نفسه؟!
هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية ـ والعياذ بالله ـ؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي، وصار له الكلمة العليا فيها، فهو إمام فيها، وقد نص على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه، وهذا هو الواقع الآن، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحداً إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموماً؟!! هذا لا يمكن.
فإذا استنفره الإمام وجب عليه الخروج؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ *}{إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: 38، 39] ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((وإذا استنفرتم فانفروا)) [(4)]، وهذه أدلة سمعية، والدليل العقلي: هو أن الناس لو تمردوا في هذا الحال على الإمام لحصل الخلل الكبير على الإسلام، إذ أن العدو سوف يُقدم إذا لم يجد من يقاومه ويدافعه.
الموضع الرابع: إذا احتيج إليه صار فرض عين عليه.
مثاله: عندنا دبابات وطائرات لا يعرف قيادتها إلا هذا الرجل، فحينئذ يجب عليه أن يقاتل؛ لأن الناس محتاجون إليه، وربما نقول: إن هذه المسألة الرابعة تؤخذ من قولنا: إنه فرض كفاية؛ لأنه إذا لم يقم به أحد واحتيج إلى هذا الرجل ففرض الكفاية يكون فرض عين عليه، والحاصل أن الجهاد يجب وجوب عين في أربع مسائل:
الأولى: إذا حضر القتال.
والثانية: إذا حصر بلدَه العدوُ.
والثالثة: إذا استنفره الإمام.
والرابعة: إذا احتيج إليه.
وما عدا ذلك فهو فرض كفاية.
مسألة : هل يكون الجهاد بالمال أو بالنفس أو بهما؟.
الجواب: أنه تارة يجب بالمال في حال من لا يقدر على الجهاد ببدنه، وتارة يجب بالبدن في حال من لا مال له، وتارة يجب بالمال والبدن في حال القادر ماليّاً وبدنيّاً، وكما في القرآن الكريم فإن الله ـ عزّ وجل ـ يذكر الجهاد بالمال والجهاد بالنفس، ويقدم الجهاد بالمال في أكثر الآيات؛ لأن الجهاد بالمال أهون على النفوس من الجهاد بالنفس، وربما يحتاج الجند إلى المال أكثر مما يحتاجون إلى الرجال.



[1] أخرجه الإمام أحمد (5/231)؛ والترمذي في الإيمان/ باب ما جاء في حرمة الصلاة (2616)؛ والنسائي في «الكبرى» في التفسير (11330)؛ وابن ماجه في الفتن/ باب كف اللسان في الفتنة (3973) عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ.
وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه الحاكم على شرط الشيخين (2/412) ووافقه الذهبي.
[2] أخرجه البخاري في الوصايا/ باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} (2766)؛ ومسلم في الإيمان/ باب بيان الكبائر وأكبرها (89) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[3] أخرجه البخاري كتاب الأذان/ باب إقامة العبد والمولى (693) عن أنس ـ رضي الله عنه ـ ولفظه: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)).
[4] أخرجه البخاري في الجهاد/ باب لا هجرة بعد الفتح (3077)؛ ومسلم في الإمارة/ باب المبايعة بعد فتح مكة (1353) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجهاد, حُكم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir