التعريف بمقرر الرسائل التفسيرية

[عبد العزيز الداخل]

التعريف بمقرر الرسائل التفسيرية

الحمد لله حمداً كثيراً طيّبا مباركاً فيه، والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وتابعيه
أما بعد:
فإنّ لكلّ علمٍ أئمّته وهداة طريقه، وكل طالب صنعة إذا أراد أن يتمهّر فيها؛ فلا بدّ له من معرفة أساتذتها وخبرائها، وأن يتعرّف على آثار علمهم وخبرتهم، حتى تتبيّن له معالم الصنعة التي يطلبها.
وإن مما ينبغي أن يتبيَّنه طالب علم التفسير؛ تفاوت مراتب أئمّة المفسّرين في تحرير مسائله، واستيفائه مباحثه، وتقرير أدلة الأقوال، وأوجه الحجج والاستدلالات، وكشف علل الأقوال والمرويات، واستخراج الأحكام والفوائد والهدايات، وغير ذلك من الأوجه التي يتفاضل بها أهل العلم في الدراية بمسائل التفسير.
وهذه الأوجه المهمّة لا يكفي طالبَ العلم في استجلائها اطّلاعه على كتب التفسير المشتهرة ولو كثرت، ذلك أن كثيراً من الأئمة الأعلام لم يكتبوا تفاسير تامّة للقرآن، ولبعضهم من الكلام في التفسير في بعض مؤلفاتهم ورسائلهم التفسيرية ما لا يوجد مثله في كتب التفسير من جودة التحرير، وحسن التعبير، وقوّة الحجة، والقدرة العالية على تمحيص الأقوال وكشف عللها إلى غير ذلك من الأوجه التي يتبيّن بها طالب العلم اللبيب تفاوت مراتب المفسّرين في تناول مسائل التفسير، وما اختصّ الله به بعض العلماء من بلوغ درجة عالية في حسن الفهم والبيان.

ومن المعلوم أنَّه لا يُشترط في وصف المفسّر أن يؤلّف كتاباً جامعاً في تفسير القرآن؛ كما لا يشترط في وصف الفقيه أن يؤلّف كتاباً جامعاً في مسائل الفقه، إذ التفسير عِلْمٌ وملَكَةٌ من حصَّلهما، وكانت له مهارة بهما، وعناية ببيان معاني القرآن؛ فهو من أهل التفسير، وإن لم يؤلّف كتاباً جامعاً في التفسير.
وكثير من الأئمة الأعلام لم يؤلفوا في التفسير، وهم من أحسن الناس فهماً للقرآن، وقد نقلت عنهم آثار متفرفة في التفسير تدل على غزارة علمهم، وحسن درايتهم؛ فالإمام مالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم ومحمد بن نصر المروزي وابن خزيمة وأضرابهم ليس لهم تفاسير تامة للقرآن، وهم من أوسع العلماء معرفة وأحسنهم فهماً.
وبعدهم الطحاوي وأبو سليمان الخطابي والبيهقي وابن عبد البرّ والنووي وابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن الجزري وابن حجر وغيرهم من العلماء الكبار الذين لم يؤلفوا تفاسير تامّة للقرآن، وكلامهم في التفسير من أنفع الكلام وأحسنه، ولبعضهم رسائل مطبوعة في التفسير غزيرة العلم عظيمة النفع؛ لا ينبغي لطالب علم التفسير أن يجهل قدرها، ولا أن يغفل عن الانتفاع بها.
ولبعض المفسّرين الذين ألّفوا في التفسير رسائل أخرى في غير تفاسيرهم نجد كلامهم فيها أجود وأنفع من كلامهم الذي كتبوه في تفاسيرهم، ذلك أن المفسّر حين يتصدّى للتأليف في مسألة في التفسير أو بيان معاني آية يجد من الفُسْحة في الإسهاب والتحرير ما لا يجده حال كتابته تفسيراً جامعاً؛ وذلك بسبب ما يلتزمه من المنهج الذي يسير عليه في تفسيره الجامع، ومع ذلك نجد لبعض المفسّرين في مواضع مما كتبوه في تفاسيرهم الجامعة ما يستحقّ الإفراد والتنويه به لجودة تحريره وحسن تحبيره وتمام بحثه.

ومقرر الرسائل التفسيرية انتقيت فيه جُملة من الرسائل المفيدة لبعض الأئمة الأعلام ومعها بعض التطبيقات التي فيها محاولة محاكاة لرسائلهم ليتبيّن طالب العلم أن التعليم بالمحاكاة إذا أحسنه الطالب من أنفع وسائل التعلّم.

وقد قسمت مقرر الرسائل التفسيرية إلى قسمين:
القسم الأول: رسائل تفسيرية غير مطوَّلة، وأسلوبها ميسّر في الغالب، يدرسها الطالب في أسبوعين.
والقسم الثاني: رسائل تفسيرية فيها شيء من الطول النسبي، ولغتها العلمية عالية، وتتطلّب قراءتها تأهيلاً علمياً حسناً.
ولذلك قُرّرَ بعد رسائل القسم الأول تدريس ثلاث دورات مهمّة لتعين على دراسة رسائل القسم الثاني بيسر بإذن الله تعالى.
الدورة الأولى: دورة أساليب التفسير، ويتعرّف فيها على تنوّع أساليب المفسّرين في بيان معاني القرآن وعرض مسائل التفسير وتحريرها.
والدورة الثانية: دورة أصول دراسة مسائل التفسير، ويدرس فيها الطالب خطوات التحرير العلمي لمسائل التفسير بتفصيل وتطبيق على أمثلة.
والدورة الثالثة: دورة إعداد دروس التفسير [المستوى الأول].
ثمّ يدرس بعد ذلك القسم الثاني من الرسائل التفسيرية إن شاء الله تعالى، والله الموفّق والمعين.


وصايا لطالب علم التفسير:
أوصي طالب علم التفسير أن يعتني بهذا المقرر عناية حسنة، وأن لا يكون غرضه مجرّد الاطلاع على الرسائل التفسيرية، وحلّ الواجبات المتعلقة بها، بل ينبغي أن يعلم أنه يراد تأهيله ليسلك سبيل أهل العلم، ويتبع طريقتهم، ويحاكي أساليبهم ؛ حتى يكتسب المعرفة والملكة التي تمكّنه بإذن الله تعالى من كتابة الرسائل التفسيرية كتابة محررة وافية نافعة بإذن الله تعالى.
ولذلك أودّ أن يركّز الطالب نظره على الأمور التالية:
الأمر الأول: التعرّف على أسباب القوّة العلمية لدى أولئك المفسّرين ومظاهرها في رسائلهم.
والأمر الثاني: التعرّف على تنوّع أساليبهم.
والأمر الثالث: التعرّف على الأدوات العلمية التي استعملوها في التحرير العلمي لمسائل التفسير.
والأمر الرابع: محاولة محاكاتهم في رسائل يكتبها الطالب لنفسه، ويحتفظ بها؛ لأنه سيحتاج إليها بعد مدة ليعاود تحريرها وتحبيرها وينشرها بعد ذلك، وهذه الرسائل التي يكتبها الطالب مهمة جداً في تنمية ملكَته العلمية، ولو ظهر له في أوّل الأمر
التفاوت الكبير بين كتابته وكتابة هؤلاء الأئمة فلا ينبغي أن يحمله ذلك على اليأس، ولا يجلب له الإحباط، لأنّ البدايات غالباً ما تكون ضعيفة ناقصة، فإذا اجتهد الطالب في الترقي في العلم واكتساب المهارات العلمية وتحصيل المعارف التي يحتاجها
وتوظيفها في بحوثه وكتاباته فإنّ مستواه العلمي يتحسّن كثيراً ؛ حتى يصل إلى مرتبة عالية بإذن الله تعالى من التحرير العلمي.

وتذكّروا أنّ العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية، ومن رام التمام من أوّل الأمر فقد تمنّى المحال.

روابط الرسائل التفسيرية :
- تفسير آية الكرسي للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
- الفوائد المستفادة من قول الله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} لابن القيّم رحمه الله.
- تفسير المثل الأعلى لعبد العزيز الداخل حفظه الله.
- تفسير آية الوضوء للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.
- تفسير قول الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم ...} لابن القيم
- تأملات في قول الله تعالى:{بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}
- تفسير الباقيات الصالحات للحافظ العلائي
- آداب الدعاء لشيخ الإسلام ابن تيمية


- تفسير صدر سورة العنكبوت من كتاب الفوائد لابن القيم
- تفسير قول الله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله...} لشيخ الإسلام ابن تيمية
- تفسير قول الله تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن...} لشيخ الإسلام ابن تيمية
- مسائل التفسير المستخلصة من كتاب "شفاء العليل" لابن القيم رحمه الله
- رسالة في تفسير قول الله تعالى: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} للحافظ ابن رجب الحنبلي
- تفسير قول الله تعالى: {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
- تفسير قول الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم} لابن القيم رحمه الله
- تفسير قول الله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة...}
- تفسير الوصيّة الأولى
- رسالة في تفسير قول الله تعالى: {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً}
- فوائد سلوكية من تفسير قول الله تعالى: {للذين استجابوا لربهم الحسنى...}
- فوائد سلوكية من قوله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}

أسأل الله تعالى أن يوفّقكم بتوفيقه، وأن يملأ قلوبكم حكمة وإيماناً، وأن يؤيّدكم بروحٍ منه، ويفتح لكم أبواب فضله ورحمته وبركاته.

وصلى الله وسلم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[ابتسام الرعوجي]

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل وأجزل لكم ربي المثوبة والأجر وفريق العمل المساند لكم