دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > لمعة الاعتقاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 ذو القعدة 1429هـ/1-11-2008م, 12:22 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي عذاب القبر ونعيمه وفتنة القبر

وَعَذَابُ القَبْرِ وَنَعِيمُهُ حَقٌّ، وَقَدِ اسْتَعَاذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، وَأَمَرَ بِهِ في كُلِّ صَلاةٍ.
وَفِتْنَةُ القَبْرِ حَقٌّ، وسُؤالُ مُنْكَرٍوَنَكِيرٍ حَقٌّ،

  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 10:50 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ ابن عثيمين

(10)
عذابُ القَبْرِ أوْ نَعِيمُهُ:

عذابُ القَبْرِ أوْ نَعِيمُهُ حَقٌّ ثَابِتٌ بظاهِرِ القرآنِ وصَرِيحِ السُّنَّةِ وإجْمَاعِ أهْلِ السُّنَّةِ، قالَ اللهُ تعالى في سُورَةِ الواقِعَةِ:
{فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ}[الواقعة: 83، 84] إلى قولِهِ: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ}[الواقعة: 88، 89] إلخ السورةِ.

(11)
وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ باللهِ مِنْ عَذابِ القَبْرِ، وأَمَرَ أُمَّتَهُ بذلكَ.
وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديثِ
الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ المشهورِ في قِصَّةِ فِتْنَةِ القَبْرِ، قالَ في المُؤْمِنِ: ((فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي؛ فَافْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ رِيحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ)).
وقالَ في الكافِرِ:
((فيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ عَبْدِي؛ فَافْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ)) الحديثَ، رواهُ أحمدُ وأبو دَاودَ.
وقد اتَّفَقَ السَّلَفُ وأهلُ السُّنَّةِ على إثباتِ عذابِ القَبْرِ ونَعِيمِهِ، ذَكَرَهُ
ابنُ القَيِّمِ في كِتابِ (الرُّوحِ).

وأَنْكَرَ الملاحِدَةُ عذابَ القَبْرِ
مُتَعَلِّلِينَ بأنَّنَا لوْ نَبَشْنَا القَبْرَ لَوَجَدْنَاهُ كَمَا هوَ، وَنَرُدُّ عليهم بأمريْنِ:

1-
دَلالةُ الكتابِ والسُّنَّةِ وإجْمَاعِ السَّلَفِ على ذلكَ.

2-
أنَّ أحوالَ الآخِرَةِ لا تُقَاسُ بأحوالِ الدُّنيا، فلَيْسَ العذابُ أو النعيمُ في القَبْرِ كالْمَحْسُوسِ في الدُّنْيا.

هلْ عذابُ القبرِ أوْ نعيمُهُ على الرُّوحِ أوْ على البَدَنِ؟
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: (مذهَبُ سَلَفِ الأُمَّةِ وأَئِمَّتِها أنَّ العذابَ أو النعيمَ يَحْصُلُ لروحِ المَيِّتِ وبَدَنِهِ، وأنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بعدَ مُفَارَقَةِ البَدَنِ مُنَعَّمَةً أوْ مُعَذَّبَةً، وأنَّها تَتَّصِلُ بالبدنِ أحْيَانًا فيَحْصُلُ لهُ معَها النعيمُ أو العذابُ). (12)الفتنةُ لُغَةً: الاخْتِبَارُ، وفِتْنَةُ القَبْرِ: سُؤَالُ المَيِّتِ عنْ رَبِّهِ ودِينِهِ ونبِيِّهِ.
وهيَ ثابِتَةٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ، قالَ اللهُ تعالى:
{يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}[إبراهيم: 27].
وقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}))[إبراهيم: 27]، مُتَّفَقٌ عليهِ.

والسَّائِلُ مَلَكَانِ؛ لِقَوْلِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، قَالَ: يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ)). رواهُ مسلمٌ. (13) واسْمُهُما: (مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ)(13)، كما رواهُ التِّرْمِذِيُّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وقالَ: حَسَنٌ غَريبٌ.
قالَ
الأَلْبَانِيُّ: وسَنَدُهُ حَسَنٌ، وهوَ على شَرْطِ مُسْلِمٍ.
والسؤالُ عامٌّ للمُكَلَّفِينَ مِن المؤمنينَ والكافِرينَ، ومِنْ هذهِ الأُمَّةِ وغيرِهِم على القولِ الصحيحِ.
وفي غيرِ المُكَلَّفِينَ خِلافٌ، وظاهِرُ كلامِ
ابنِ القَيِّمِ في كتابِ (الرُّوحِ) تَرْجِيحُ السُّؤَالِ.
ويُسْتَثْنَى منْ ذلكَ الشهيدُ؛ لحديثٍ رَوَاهُ
النَّسَائِيُّ، ومَنْ مَاتَ مُرَابِطًا في سبيلِ اللهِ؛ لحديثٍ رواهُ مُسْلِمٌ.

----------------------------
حاشية الشيخ صالح العصيمي

(13) ويصح فيهما دخول (أل) فيقال: المنكر والنكير، وتفتح كاف الأول وتكسر.


  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 11:06 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ ابن جبرين

(11)مِن الإيمانِ بالغيبِ: الإيمانُ بعذابِ القبرِ، معَ أنَّ القبرَ مُشاهَدٌ نُشاهِدُهُ ونَرَاهُ، ولكنَّنا لا نُشاهِدُ عَذابَهُ ولا نَعِيمَهُ، ولكنْ لمَّا وَرَدَتْ بهِ الأدِلَّةُ الصَّحيحةُ في السُّننِ وفي الصِّحاحِ آمَنَّا بهِ، وأَيْقَنَّا وصَدَّقْنا بما جاءَ في الأحاديثِ، واعْتَقَدْنا أنَّ ذلكَ مِن الأمورِ الغيبيَّةِ.
وقدْ أَطَالَ العُلَمَاءُ في ذِكْرِ هذا الرُّكْنِ الَّذي هوَ مِن الإيمانِ بالغيبِ، وأَوْرَدُوا فيهِ الأحاديثَ الَّتي صَحَّتْ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَقَرُّوها، وتَكَلَّمَ عليها العُلماءُ المُتَقَدِّمُونَ والمُتَأَخِّرونَ.
وممَّن اشْتُهِرَ بتَتَبُّعِ الأخْبارِ في ذلكَ مِن المُتَقَدِّمِينَ:
ابنُ أَبي الدُّنيا، ولهُ كُتُبٌ كثيرةٌ مَطْبوعةٌ في هذا، لكنَّ أَكْبَرَ كُتُبِهِ كِتابُ (الْقُبُورِ)، وكِتابُ (مَنْ عَاشَ بَعْدَ الْمَوْتِ).
ثمَّ كَتَبَ بعدَ ذلكَ
ابنُ القَيِّمِ كِتابَ (الرُّوحِ)، وتَكَلَّمَ فيهِ عنْ عَذابِ القبرِ، وأَطَالَ فيهِ إلى أنْ ذَكَرَ قِصصًا وذَكَرَ أَحْكامًا وأَحادِيثَ، وذَكَرَ فُصولاً مُنَوَّعةً، وتَكَلَّمَ عليهِ أيضًا تِلْمِيذُهُ ابنُ رَجَبٍ في كِتابِهِ الَّذي سَمَّاهُ (أَهْوالُ القُبورِ في أَحْوالِ أهلِها إلى النُّشُورِ)، وغَيْرُهم، وهكذا في كُتُبِ (الزُّهْدِ) وكتُبِ (المَوَاعِظِ) يَذْكُرُونَ عَذابَ القبرِ ونَعِيمَهُ.

والخُلاصةُ:
أنَّهُ وَرَدَ في الأحادِيثِ أنَّ القبرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ، أوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ، وأنَّهُ يُضَيَّقُ على صاحِبِهِ إنْ كانَ شَقِيًّا حتَّى تَخْتَلِفَ فيهِ أَضْلاعُهُ، أوْ يُوَسَّعُ عليهِ إنْ كانَ سَعِيدًا حتَّى يَكونَ مَدَّ بَصَرِهِ، وأنَّهُ يَأْتِيهِ المَلَكَانِ فيهِ، فإنْ كانَ سَعِيدًا بَشَرَّاهُ بخيرٍ، ويَسْأَلانِهِ: مَنْ ربُّكَ، ومَنْ نبيُّكَ، وما دِينُكَ؟ فَيُجِيبُهم.
وإنْ كانَ شَقِيًّا لا يُجِيبُهم، بلْ يَقولُ: هاهْ هاهْ، لا أَدْرِي، وأنَّهما يَضْرِبانِ الشَّقِيَّ ضَرْبةً بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَديدٍ لوْ ضُرِبَ بها جَبَلٌ لَصَارَ تُرابًا، وأنَّهُ يَصِيحُ صَيْحةً يَسْمَعُها كلُّ شيءٍ إلاَّ الثَّقَلَيْنِ، ولوْ سَمِعَها الإنسانُ لَصَعِقَ.
وأنَّهُ يَأْتِيهِ رَجُلٌ -إنْ كانَ سَعِيدًا- طَيِّبُ الرِّيحِ طَيِّبُ الثِّيابِ فيَقولُ: أَبْشِرْ باليومِ الَّذي يَسُرُّكَ، هذا يومُكَ الَّذي كُنْتَ تُوعَدُ، فيَقولُ: مَنْ أنتَ، فوجْهُكَ الَّذي يَجِيءُ بالخيرِ؟ فيَقولُ: أنا عَمَلُكَ الصَّالحُ، فيَقولُ: رَبِّ أَقِم السَّاعةَ، وأنَّهُ يُفْتَحُ لهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ فيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِها ورَيْحانِها.
ونحوُ ذلكَ مِن الأحاديثِ الكثيرةِ الَّتي تَبْلُغُ حَدَّ التَّوَاتُرِ.

وقدْ ذَكَرْنَا فيما سَبَقَ أنَّ الفلاسفةَ ونحوَهم اسْتَبْعَدُوا عَذابَ القبرِ
، قالُوا أوَّلاً: إنَّهُ لمْ يُذْكَرْ في القرآنِ، وقالُوا ثانيًا: إنَّ العقولَ تُنْكِرُهُ.
وذَكَروا أنَّهم وَضَعوا الإنسانَ في قبرِهِ، وحَفَرُوا بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ فوَجَدُوهُ على حالِهِ، ووَضَعوا الزِّئْبَقَ على صَدْرِهِ فوَجَدُوهُ كما هوَ لمْ يتَغَيَّرْ، والزِّئْبَقُ أَخَفُّ وأَسْرَعُ حَرَكةً، ومعَ ذلكَ لمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ مَكانِهِ، فكيفَ يَكونُ معَ مَنْ يُجْلَسُ ويُسْأَلُ، ويُضْرَبُ ويُنَعَّمُ وأشباهُ ذلكَ؟!

فأَجَابَهم العلماءُ:
إنَّ هذا مِنْ أمرِ الغيبِ، وعلينا أنْ نُؤْمِنَ بهِ، وإنَّ ما بعدَ الموتِ فهوَ مِن الآخِرةِ، ونحنُ مِنْ أهلِ الدُّنيا، ولسْنَا بمُطَّلِعِينَ، ولا مُطْلِعُنا اللهُ على أمرِ الآخرةِ ونحنُ في الدُّنيا، وإنَّ الأحكامَ بعدَ الموتِ تَتَعَلَّقُ بالأرواحِ؛ فإنَّ الأرواحَ هيَ الَّتي تَتَنَعَّمُ، وهيَ الَّتي تَتَأَلَّمُ، وهيَ الَّتي تَصْعَدُ وتَنْزِلُ، وهيَ الَّتي تُسْأَلُ وتُجِيبُ، وهيَ الَّتي تُنَعَّمُ أوْ تُعَذَّبُ، وتَجْرِي هذهِ الأحكامُ عليها.
وقدْ ذَكَرَ
ابنُ القَيِّمِ أنَّ الرُّوحَ لها بالبدنِ خمسُ اتِّصالاتٍ:

الاتِّصالُ الأوَّلُ:
عندَما يَكونُ جَنِينًا في بَطْنِ أُمِّهِ، فاتِّصالُهَا بهِ قليلٌ، ولكنْ يَتَحَرَّكُ الجنينُ في بطنِ أمِّهِ قليلاً.

الاتِّصالُ الثَّاني:
بعدَما يَخْرُجُ إلى الدُّنيا، فهوَ اتِّصالٌ كاملٌ، وإنْ كانَ يَعْتَرِيهِ نَقْصٌ.

الاتِّصالُ الثَّالثُ:
عندَما يَكونُ الإنسانُ نائمًا؛ فإنَّ رُوحَهُ تُفارِقُ بَدَنَهُ، ولكنَّها لا تَكونُ مُفارَقةً كاملةً.

الاتِّصالُ الرَّابعُ:
في البَرْزَخِ الَّذي هوَ في القبرِ، فهوَ اتِّصالٌ ضعيفٌ، ولكنْ ليسَ بمُسْتَحِيلٍ.

الاتِّصالُ الخامسُ والأَكْمَلُ:
الاتِّصالُ في الآخرةِ بعدَما تُعادُ الأرواحُ إلى أجسادِها، وتتَّصلُ بها اتِّصالاً كُلِّيًّا كاملاً.
والأحكامُ في الدُّنيا على الأجسادِ، وتَتْبَعُها الأرواحُ، والأحكامُ في البَرْزَخِ على الأرواحِ، وتَتْبَعُها الأجسادُ، والأحكامُ يومَ القيامةِ على الأرواحِ وعلى الأجسادِ.

وأمَّا قولُهم:
لم يُذْكَرْ في القرآنِ عذابُ القبرِ، فأَجَابَ عنهُ ابنُ القَيِّمِ وغيرُهُ وقالوا: (إنَّهُ قدْ ذُكِرَ في السُّنَّةِ، ونحنُ نُؤْمِنُ بالسُّنَّةِ وبما جاءَ بالقرآنِ، وأيضًا فقدْ وَرَدَ في القرآنِ إشاراتٌ ودَلالاتٌ وفُسِّرَتْ بعذابِ القبرِ؛ فذَكَرَ اللهُ أنَّ آلَ فِرْعَوْنَ يُغْدَى بِهِمْ ويُراحُ على النَّارِ في قولِهِ تَعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: 46]، والغُدُوُّ والعَشِيُّ في هذهِ الدُّنيا يَعْنِي أنَّهم يُعْرَضُونَ؛ أيْ: أرواحُهم تُعَذَّبُ في النَّارِ.
كما ذَكَرَ اللهُ أنَّهم سَيُعَذَّبُونَ مَرَّتَيْنِ في قولِهِ تعالى:
{سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}[التَّوْبَة: 101]، المرَّتانِ قِيلَ: إنَّهُ مَرَّةٌ في الدُّنيا، ومرَّةٌ في البَرْزَخِ، {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}، هذا في النَّارِ بعدَ البَعْثِ، وفُسِّرَ بذلكَ أيضًا قولُهُ تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ}[الطُّور: 47]؛ يَعْنِي: عذابَ القبرِ).
هذهِ إشاراتٌ إلى أنَّ عذابَ القبرِ قدْ ثَبَتَ، وأنَّ الإنسانَ عليهِ أنْ يُكْثِرَ الاسْتِعاذةَ مِنْ عذابِ القبرِ، وعليهِ أنْ يُصَدِّقَ بهِ وإنْ لمْ يُدْرِكْهُ إحساسُهُ.

ولكنْ قدْ تَقولُ:
إنَّهُ قدْ يَبْقَى غيرَ مَقْبورٍ مُدَّةً طويلةً.

فنَقُولُ:
الَّذي يَبْقَى هوَ الجُثَّةُ، والعذابُ والنَّعيمُ على الأرواحِ.

  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 11:14 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ صالح آل الشيخ

عذابُ القبرِ ونعيمُهُ حقٌّ، وفتنةُ القبرِ حقٌّ،
ونعني بفتنةِ القبرِ: سؤالَ الملكين الميِّتَ عن ربِّهِ، وعن دينِهِ، وعن نبيهِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّا المؤمنُ فيجيبُ فيقول: (ربِّيَ اللهُ) يعني: معبودي اللهُ، فإنَّ الرَّبَّ ههنا بمعنى المعبودِ، لأنَّ الابتلاءَ وقع في العبادةِ لم يقع في توحيدِ الرُّبوبيّةِ، ويقولُ: (محمَّدٌ جاءنا بالبيِّناتِ والهدى) ويقول: (ديني الإسلامُ فـ{يثبِّتُ اللهُ الَّذين آمنوا بالقولِ الثَّابتِ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ} قولُهُ هنا(في الآخرةِ) يعني عند المماتِ، يعني حين سؤالِ الملكين.
فعذابُ القبرِ ونعيمُهُ حقٌّ، وما يجري في القبرِ من النَّعيمِ والعذابِ حقٌّ يثبته أهلُ السّنَّةِ، ونفاه مَنْ نفاه من أهلِ البدعِ والضَّلالاتِ، قال -جلَّ وعلا- في سورة غافر:
{النَّارُ يُعرَضُون عليها غدوّاً وعشيّاً ويومَ تقومُ السَّاعةُ أدخلوا آلَ فرعونَ أشدَّ العذابِ} فجعل العذابَ بالنَّارِ على قسمين:

-
يُعرَضُ أولئك على النَّارِ غدوّاً وعشيّاً.

-
ويوم القيامةِ يُدخلون أشدَّ العذابِ.

وهذا نفهم منه أنه يعني
بالغدوِّ والعشيِّ: عذابَ القبرِ، ولهذا استدلَّ أهلُ السّنَّةِ والجماعةِ على عذابِ القبرِ بالقرآنِ، وبالسّنَّةِ، وبما يدلُّ عليه العقلُ أيضاً.

فعذابُ القبرِ حقٌّ،
وما يحصلُ فيه من نعيمٍ وبسطٍ وسعةٍ في قبرِ المؤمنِ، وضيقٍ وحسرةٍ ونارٍ في قبرِ الكافرِ، هذا كلُّهُ حقٌّ، ولا نعلم كيفيَّةَ حصولِ ذلك، كذلك ضغطةُ القبرِ حقٌّ ولا يسلَمُ منها أحدٌ، لا المسلمُ ولا غيرُ المسلمِ، فالكافرُ يُضغَطُ حتَّى تختلفَ أضلاعُهُ عذاباً.

وأمَّا المؤمنُ فيضغطُهُ القبرُ، قال أهلُ العلمِ: ضمَّةُ القبرِ للمسلمِ كضمَّةُ الحبيبِ للحبيبِ، يصله منها بعضُ الأذى، ولكنَّها ضمَّةُ حبيبٍ لحبيبِهِ، يعني: أنَّ ضمَّة القبرِ حقٌّ، ولكنَّهَا للمؤمنِ ضمَّةُ حُبٍّ، وللكافرِ ضمَّةُ بُغضٍ وعذابٍ، وهذا كلُّهُ يضعهُ اللهُ -جلَّ وعلا- ويخلقُهُ -جلَّ وعلا- في الأرضِ، فتضمُّ هذا وتضمُّ هذا، وفرق بين تلك الضَّمّةِ وتلك الضَّمَّةِ.

  #5  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 11:27 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ:صالح الفوزان .حفظه الله (مفرغ)

المتن: وعذاب القبر ونعيمه حق.
الشرح: وكذلك من الأمور التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: عذاب القبر ونعيمه. تواترت الأحاديث في ذلك, وأنكر المعتزلة عذاب القبر ونعيم القبر؛ بناء على عقولهم الفاسدة, ويقولون: إنا لا نشاهد في القبر شيئاً , فنقول لهم: هل الأمور مبنية على مشاهدتكم، وعلى ما تحسونه أنتم ؛ (أم)على قدرة الله جل وعلا؟!ما لعقولكم ولا لإحساسكم دخل في هذا. فأنكرت المعتزلة عذاب القبر ونعيمه؛ بناء على عقولهم الفاسدة.
وعذاب القبر ثابت بالكتاب، وبالسنة,وبإجماع أهل السنة والجماعة, قال الله جل وعلا: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قالوا: العذاب الأدنى: هو عذاب القبر, أو هو ما يصيبهم في الدنيا من المحن والمصائب, ففيه قولان: "العذاب الأدنى" قيل: هو عذاب القبر, وقيل: هو ما يصيبهم في الحياة من المصائب والنكبات, وتسلط المسلمين عليهم بالقتل والسبي وغير ذلك.
وكذلك قوله تعالى في آل فرعون _وهو أصرح _: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب},فقوله جل وعلا: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً} هذا في عذاب القبر,ثم قال: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون}.
فدل على أن عذاب الغدو والعشي يكون في الدنيا,وذلك في القبر, وإذا قامت الساعة فإنهم يصيرون إلى أشد العذاب؛ والعياذ بالله. فهذا في الآية, دليل على عذاب القبر, مع الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.


المتن: وعذاب القبر ونعيمه حق؛
فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه، وأمر به في كل صلاة.

الشرح: استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر,فدل على أنه حق, وعلى أنه واقع وثابت, وإلا لم يستعذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم, وأمر بالاستعاذة منه في كل صلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: استعيذوا بالله من أربع: من عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ومن عذاب جهنم.
فالشاهد: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالاستعاذة من عذاب القبر, فدل على أنه عذاب واقع وحاصل, وأن المؤمن يستعيذ منه. وعذاب القبر له أسباب، ويصيب حتى المؤمنين، فإن بعض المؤمنين يعذب في قبره؛ لأسباب ارتكبها؛منها الغيبة والنميمة, ومنها عدم الاستنزاه من البول. فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: ((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير,أما إنه كبير؛أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله, أما الآخر فكان يمشي بالنميمة)).
فدل على أن عذاب القبر يحصل للمؤمن؛ بسبب ذنوب ارتكبها في الدنيا, وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((إن الميت ليعذب في قبره بما نيح عليه)) النياحة على الميت سبب من أسباب تعذيبه في قبره.



المتن: وفتنة القبر حق,
وسؤال منكر ونكير حق.

الشرح: فتنة القبر، وسؤال منكر ونكير حق. مما يجري في القبر أيضاً: سؤال منكر ونكير من الملائكة, فإذا وضع الميت في قبره، وسوي عليه القبر,وتولى عنه المشيعون _وإنه ليسمع قرع نعالهم _يأتيه ملكان, فتعاد روحه في جسمه, وهذه حياة برزخية, ما هي بمثل إعادتك إلي الحياة على الأرض, هذه حياة برزخية, لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى, فتعاد روحه في جسمه, ويجلسانه, فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
فالمؤمن يقول: ربي الله,والإسلام ديني, ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم.لا يتلعثم, ولا يتردد؛لأنه كان مؤمنا في هذه الدنيا, مؤمناً بالله، ومؤمناً بالرسول صلى الله عليه وسلم, ومتمسكاً بدين الإسلام, فلا يتلجلج في السؤال, ولا يتردد.
أما المنافق الذي كان يعيش في هذه الدنيا على الشك, يدعي الإسلام بلسانه, وهو منكر في قلبه؛ فإنه يعجز إذا سئل في القبر, ويتحير ويقول: ها، ها، لا أدري, سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
فالأول ينعم, ويفتح له باب إلى الجنة, وهذا يعذب، ويضيق عليه في قبره، حتى تختلف أضلاعه, ويفتح له باب إلى النار.
هذا سؤال منكر ونكير في القبر, نسأل الله الثبات. ولهذا يقول جلَّ وعلا: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}.
فهذا فيه دليل على ثبوت عذاب القبر, وسؤال الملكين منكر ونكير, ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف على قبره هو وأصحابه, وقال: ((استغفروا لأخيكم,واسألوا له التثبيت؛فإنه الآن يسأل)).
فيستحب للمسلمين إذا فرغوا من دفن الميت؛ أن يقفوا على قبره، ولا يستعجلوا بالإنصراف, ويسألون له التثبيت, ويستغفرون له؛ فإن الله ينفعه بذلك؛ لأن دعوة المسلمين مستجابة.
ومما يؤمن به أهل السنة والجماعة ما يكون بعد الموت, والإنتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة، وذلك يحصل لكل إنسان, لكل بشر من الرسل والأنبياء والصالحين والعلماءوالمؤمنين والكفار والملاحدةوسائر البشر، كلهم يتوفاهم ملك الموت عند نهاية آجالهم, وينتقلون إلى الدار الآخرة، فيحلون في القبور.
والمراد بالقبور:البرزخ الذي يكون بين الدنيا وبين الآخرة، فالقبر يسمى بالبرزخ؛ لأنه فاصل بين الحياة الدنيا وبين الدار الآخرة والبعث،
{ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} سواء كانوا في القبور,
أو في غير القبور,كل ما بين الموت والبعث يسمى بالبرزخ, سواءً دفن الميت أو لم يدفن، حتى لو كان ألقي في البحر أو أكلته السباع أو أكلته الطيور, أو تمزق جسمه وتلاشى فإنه لا بد أن يواجه حالة البرزخ.

ومما يكون في القبر أو في البرزخ بعد الموت سؤال منكر ونكير,ملكان يأتيان إلى الميت حين يوضع في قبره بعد الدفن مباشرة, ملكان يأتيانه فتعاد روحه في جسده إعادة برزخية, ليست كدخول روحه في الدنيا، بل هي إعادة الله أعلم بها, لكن ثبتت في الحديث: تعاد روحه في جسده، ويجلسانه فيسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟.
فأما المؤمن فيقول: ربي الله, والإسلام ديني، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي, فينادي منادٍ أن صدق عبدي,فأفرشوه من الجنة, وافتحوا له باباً إلى الجنة, ويوسع له في قبره مد بصره فيصبح في روضة من رياض الجنة, إلى أن يبعثه الله سبحانه وتعالى في نعيم.
وأما المنافق والمرتاب, الذي كان يظهر الإيمان في الدنيا ويبطن الكفر والإلحاد، فهذا لا يستطيع الجواب، فإذا قيل له: من ربك؟ يقول: هاهاها
, لا أدري, سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

المعنى: أنه مجرد مقلد للناس من غير إيمان في قلبه, وإنما يتلفظ بما يتلفظون به, ويعمل ما يعملون به من غير إيمان في قلبه؛ وإنما يقولهالمصالح واعتبارات دنيوية, ويقال له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه, لا أدري, سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته. من نبيك؟ هاه هاه, لا أدري. مع أنه في الدنيا يشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله, لكن لما لم يكن هذا عن إيمان فإنه لا يستطيع الإجابة ويتلجلج عند السؤال.
ومصداق ذلك في قوله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}.
فينادي مناد أن كذب عبدي فأفرشوه من النار, وافتحوا له باباً إلى النار,ويضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه, ولا يزال في عذاب إلى أن يبعثه الله إلى منزله في الآخرة.
فالقبر إما روضة من رياض الجنة, وإما حفرة من حفر النار، وقد يعذب المؤمن في قبره؛ فعذاب القبر ليس خاصاً بالمنافق، قد يعذب المؤمن في قبره بسبب معاصٍ ارتكبها في الدنيا,مثل: الغيبة والنميمة وعدم إسباغ الوضوء,كما في الحديث: ((إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله)).
يعذب الإنسان في قبره ولو كان من أهل الإيمان لكن لا يدوم عليه العذاب, يعذب بقدر ذنبه, ثم يرفع عنه العذاب.
أما المنافق, والعياذ بالله, فهذا يدوم عذابه في القبر إلى أن يبعث, أما المؤمن إذا عُذب في قبره فإنه لا يدوم, وقد يرفعه الله لأسباب؛منها دعاء الصالحين له, والإستغفار لهوغير ذلك, ومنها رحمة أرحم الراحمين.
فالمؤمن قد يعذب في قبره، ولكن لا يدوم عذابه كعذاب المنافق، فهذا حق, يؤمن أهل السنة والجماعة بعذاب القبر أو نعيمه, تواترت الأحاديث في ذلك، ومن القرآن, استدلوا بقوله تعالى في آل فرعون:{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} فهذه الآية أصل عظيم في الإستدلال على عذاب القبر.
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} هذا عذاب القبر, {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}.
وفي قوله تعالى: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر},قالوا: المراد بالعذاب الأدنى عذاب القبر, العذاب الأكبر عذاب يوم القيامة,
هذا أحد التفسيرات للآية.

وأما الأحاديث فكثيرة في الصحاح وغيرها, تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعذاب القبر حق, ولا ينكره إلا ملحد, قد أنكرته المعتزلة بناء على عقولهم الفاسدة؛ لأنهم يقدمون العقل على النقل، فلما كانت عقولهم لا تدرك عذاب القبر نفوه وكذبوا بالأحاديث, نسأل الله العافية. وأمور الغيب وأمور الآخرة لا دخل للعقول فيها، لا تدركها العقول، وإنما تبنى على الأخبار الصادقة, فنؤمن بها بناء على الأخبار الصادقة, ولا نقول بشيء إلا ما دل عليه الدليل من أمور الآخرة, وأمور القبر, لا أحد يتكلم أو يثبت شيئا إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة؛ لأنه من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى, هذا من الإيمان باليوم الآخر؛ لأن القبر أول منازل الآخرة.


  #6  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 11:39 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post تيسير لمعة الاعتقاد للشيخ :عبد الرحمن بن صالح المحمود .حفظه الله ( مفرغ )

ثم قال الشيخ: (( وعذاب القبر ونعيمه حق )) عذاب القبر ونعيمه دلت عليه الأدلة القرآنية, ودلت عليه أيضاً أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى عن فرعون وقومه : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [غافر:46]فالمراد بقوله : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا) عذاب القبر لأنه قال بعد ذلك : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا) الآية, فدل ذلك على أن العذاب الأول إنما يكون في البرزخ قبل قيام الساعة .
أما الأدلة من السنة على عذاب القبر ونعيمه فهي كثيرة جداً ثابتة وصحيحة ؛ بل متواترة , كحديث البراء بن عازب رضي الله عنه (1) في الموت , حينما ذكر النبي الموت وشدته وكيفية خروج روح المؤمن والكافر في
حديث طويل , وفيه أن المؤمن يفسح لـه في قبره وينعم فيه , ويفتح لـه باب إلى الجنة , ويأتيه من نعيمها وروحها وريحانها , إلى آخره .
أما الكافر والعياذ بالله فإنه يفتح له باب الى النار وياتيه من سموهمها وحميمها .
كذلك أيضاً من أدلة عذاب القبر حديث النبي صلى الله عليه وسلم لما مر على قبرين فقا ل: (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة , وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله))(2) فهذا دليل على عذاب القبر ونعيمه .
وعذاب القبر ونعيمه من الأمور الغيبية التي نؤمن ونصدق بها , وعقيدة أهل السنة والجماعة أن هذا العذاب والنعيم يكون على الروح والجسد معاً, وهذا أيضاً امر غيبي نؤمن به ونسلم ولا اعتراض على ذلك بإنسان أكلته السباع وتحول إلى طعام في بطونها ثم أخرجته بولاً وروثاً فيقول: كيف يعذب هذا في قبره أو ينعم؟
فنحن نؤمن أن كل أحد سيحاسب في قبره ويأتيه ملكان ويسالانه عن ربه ودينه ونبيه وإنه بحسب إجابته سيعذب أو ينعم حتى ولو لم يدفن في قبرحتى ولو أكلته السباع أو أحرق في النار , ومن الأمم من تتعمد إحراق اتباعها كما هو موجود عند الهندوس وغيرهم حتى أنه لما ماتت إنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند, قام ولدها بإحراقها تبعاً لطقوسهم الوثنية , وقد اكلتها النار فلم يبق منها إلارفات ومع ذلك فنحن نؤمن بأنها ستحاسب في قبرها وهذا من الأمور الغيبية التي نصدق بها ولا نعلم كيفيتها ؛ لأن أمور البرزخ تختلف عن
أحوال الحياة الدنيا, ولله تعالى على كل شيئ قدير .
ثم قال الشيخ رحمه الله (( وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه)) وهذا في الأحاديث الصحيحة أنه كان يستعيذ دبر كل صلاة من عذاب القبر , ومن المسيح الدجال (3), وأمر بذلك كما ثبت في الحديث(4).
ثم قال الشيخ رحمه الله: (( وفتنة القبرحق , وسؤال منكر ونكير حق )) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة تفتن في قبورها وهذه الفتنة هي فتنة السؤال , فكل إنسان سيسأل في قبره ويقال لـه : من ربك ؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فالمؤمن يجيب إجابات صحيحة والكافر والمنافق يقولان: هاه هاه لا أدري يقول الله تعالى : (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) [ ابراهيم: من الآية27].
فالثبات في الدنيا يؤدي إلى الثبات عند السؤال في القبر والى الثبات يوم القيامة وسؤال منكر ونكير أيضاً حق وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما يسألان العبد فيوفق الله تعالى الذين آمنوا لحسن الإجابة, ويضل أهل الزيغ والضلال فيقول الواحد منهم: هاه هاه لاأدري.
وتسمية الملكين أحدهما منكر والآخر نكير ورد في حديث رواه الترمذي وغيره(5) , ومن ثم فلا مانع من أن نقول: يأتيه ملكان أحدهما منكر والآخر نكير.(6)
وهنا مسألة هي أنه ورد في بعض الأحاديث أن الشهيد في سبيل الله إذا مات لا يفتن في قبره(7) , وورد أيضاً أن المرابط في سبيل الله إذا مات وهو ماربط لا يفتن في قبره(8) فهؤلاء يستثنون من فتنة القبر نسأل الله الكريم من فضله .



(1) حديث البراء الطويل اخرجه احمد في المسند وابو داود كتاب السنة وهو حديث صحيح صححه جمع من االأئمة
(2) اخرجه البخاري رقم(1378) كتاب الجناءز ومسلم رقم (292) كتاب الطهارة
(3) اخرجه البخاري رقم ( 6364 – 6377 ) كتاب الدعوات .
(4) كما في حديث البراء السابلق اخرجه احمد في المسند وابو داود كتاب السنة والحاكم
(5) اخرجه الترمذي كتاب الجنائز من حديث ابلي هرير قال :قال رسول الله ((إذا قبر الميت او قال: أحدكم اتاه ملكان اسودان ازرقان يقال لأحدهما : المنكر والآخ النكير))
وقال لترمذي : حسن غريب

(6) قال الحافظ في الفتح : وذكر بعض الفقهاء أن اسم اللذين يسألان المذنب منكر ونكير وان اسم اللذين يسألان المطيع مبشر وبشير قلت: والحديث ترد ذلك

(7) لحديث راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي قال: يارسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قورهم إلا الشهيد ؟ فقال رسول الله : ((كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة )) أخرجه النسائي كتاب الجنائز

(8) لحديث فضالة بن عبيد أن رسول الله قال: (( كل الميت يختم عل عمله إلا المرابط فإنه ينموا له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القرر)) اخرجه أبو داود كتاب الجهاد والترمذي كتاب فضائل الجهاد وقال: حسن صحيح


  #7  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 04:17 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي شرح لمعة الاعتقاد,الشيخ الغفيص

عذاب القبر ونعيمه حق بإجماع أهل السنة وبصريح الكتاب والسنة، وهو يقع على الجسد والروح، خلافاً لبعض المبتدعة الذين قصروا عذاب القبر ونعيمه على الروح دون الجسد.
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه

قال الموفق رحمه الله: [وعذاب القبر ونعيمه حق] . عذاب القبر ونعيمه حق بإجماع أهل السنة وبصريح الكتاب والسنة، وهو على الجسد والروح، ومن قال: إن العذاب يكون على الروح فقط، وأن الجسد بعد الموت لا يمسه شيء من العذاب؛ فهذا من أقوال أهل البدع،
وأصله من أقوال المعتزلة، وإن زعمه بعض أصحاب الأئمة قولاً لطائفة من أهل السنة فهذا غلط عليهم، بل الصواب المجمع عليه بين الصحابة والتابعين والأئمة: أن عذاب القبر ونعيمه على الروح والجسد، وإن كان ماهية الاتصال للروح بالجسد بعد الموت ليست كماهية اتصال الروح بالجسد قبل الموت. فإذا قال قائل: وكيف تتصل الروح بالجسد بعد الموت؟ قيل له: وهل أنت أدركت كيف تتصل الروح بالجسد قبل الموت؟ الذي يدركه الناس أن الروح موجودة وأنها محركة للجسد، هذا علم ضروري حسي، أما ماهية هذه الروح وكيف تتصل، وكيف تفارق... إلخ فكما قال الله تعالى: (قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) [الإسراء:85]. وفوق ذلك: الآيات المشاهدة في يقظة الإنسان وفي منامه تدل على صدق الآيات الغيبية مما قضى به الله سبحانه وتعالى مما يكون في القبر من النعيم والعذاب على الروح والجسد. قال الموفق رحمه الله: [وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه، وأمر به في كل صلاة] . قوله: (وأمره به في كل صلاة) أي: أمر بالاستعاذة من عذاب القبر،
وهل ذلك على سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب؟ الجمهور على أنه مستحب، وهو الصحيح، وهناك رواية عن الإمام أحمد وهي المرجحة عند متأخري أصحابه أن ذلك على الوجوب. قال الموفق رحمه الله: [وفتنة القبر حق] . فتنة القبر هي ابتلاء الإنسان في قبره بالسؤال، يسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالمؤمن يجيب جواباً حقاً، والمنافق والكافر يتعذر عليه الجواب. قال الموفق رحمه الله:
[وسؤال منكر ونكير حق] . هذان هما الملكان، وقد سميا في حديث جاء في المسند وغيره بهذا الاسم، وقد ذكر الإمام أحمد ذلك واحتج به.
وأما لماذا سموا بذلك. فلأن يقال: هذا مبني على ثبوت النص بذلك، فإن بعض أهل العلم لا يصحح هذه التسمية بثبوتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان ثبوت أمر الملكين ثبوت بين صريح، لكن هل يسمى منكر ونكير؟ هذه مسألة أخرى. وإذا كان كذلك؛ فلِمَ سموا بذلك؟ يقال: الله أعلم بذلك. ويمكن أن يقال: إن هذا من باب ما يقع في مقامهما من الشدة والفتنة وما إلى ذلك.


مما يتعلق بالإيمان باليوم الآخر: الإيمان بالبعث والنشور بعد الموت، والنفخ في الصور، ونصب الموازين، والحوض، والصراط والمرور عليه، والإيمان بالشفاعة، وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي أنواع، أعظمها: الشفاعة العظمى، وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم.


  #8  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 04:17 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي

عناصر
ذكر موجز لبعض أشراط الساعة الأخرى
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه
- الأدلة من القرآن على ثبوت عذاب القبر
- الإيمان بفتنة القبر
- عذاب القبر على البدن والروح
- الرد على من أنكر عذاب القبر
- أنواع اتصالات البدن بالروح
- حال غير المقبور كالمقبور بالنسبة لعذاب القبر ونعيمه


  #9  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 04:17 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي

الأسئلة


س1: من عقيدة أهل السنة والجماعة: " الإيمان بعذاب القبر ونعيمه "، اذكر ما يدل على ذلك من القرآن والسنة؟
س2: كيف ترد على من أنكر عذاب القبر؟
س3: اذكر أقسام الفلاسفة.
س4: من هم " السمنيَّة " وما مذهبهم؟
س5: ما معنى الإيمان بالغيب؟
س6: اذكر أنواع اتصالات الروح بالبدن.
س7: ما المراد بفتنة القبر؟ وهل حال غير المقبور كحال المقبور في ذلك؟ وضح إجابتك


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القبر, عذاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir