دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 محرم 1430هـ/10-01-2009م, 07:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي كتاب الزكاة (14/17) [جواز تقدير الزروع واستحباب ترك ثلث أو ربع الزكاة لأصحاب المال]

وعن سَهْلِ بن أبي حَثْمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: أَمَرَنَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبْعَ)). رواهُ الخمسةُ إلا ابنَ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والحاكمُ.
وعن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: أَمَرَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا)). رواهُ الخمسةُ، وفِيهِ انقطاعٌ.

  #2  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 10:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


18/579 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ, فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ)) رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلاَّ ابْنَ مَاجَهْ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ.
(وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ) بِفَتْحِ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ المُثَلَّثَةِ (قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ) لِأَهْلِ المَالِ (فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلاَّ ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ) وَفِي إسْنَادِهِ مَجْهُولُ الحَالِ, كَمَا قَالَ ابْنُ القَطَّانِ.
لَكِنْ قَالَ الحَاكِمُ: لَهُ شَاهِدٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ " أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِهِ " كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ " أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: دَعْ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ وَقَدْرَ مَا يَقَعُ " وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعاً: ((خَفِّفُوا فِي الخَرْصِ فَإِنَّ فِي المَالِ العَرِيَّةَ وَالوَطِيَّةَ وَالأُكْلَةَ)) الحَدِيثَ.
وَقَد اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الحَدِيثِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُتْرَكَ الثُّلُثُ أَو الرُّبُعُ مِن العُشْرِ.
وَثَانِيهِمَا: أَنْ يُتْرَكَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُعَشَّرَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ أَنْ يَدَعَ ثُلُثَ الزَّكَاةِ أَوْ رُبُعَهَا؛ لِيُفَرِّقَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ. وَقِيلَ: يَدَعُ لَهُ وَلِأَهْلِهِ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ وَلا يَخْرُصُ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالأَوْلَى الرُّجُوعُ إلَى مَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ جَابِرٍ,وَهُوَ التَّخْفِيفُ فِي الخَرْصِ وَيَتْرُكُ مِن العُشْرِ قَدْرَ الرُّبُعِ أَو الثُّلُثِ؛ فَإِنَّ الأُمُورَ المَذْكُورَةَ قَدْ لا تُدْرِكُ الحَصَادَ فَلا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ.
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إنَّ الحَدِيثَ جَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَمَحَاسِنِهَا, مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ فِي الخَضْرَوَاتِ صَدَقَةٌ))؛ لأَنَّهُ قَدْ جَرَتِ العَادَةُ أَنَّهُ لا بُدَّ لِرَبِّ المَالِ بَعْدَ كَمَالِ الصَّلاحِ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ وَيُطْعِمُوا النَّاسَ مَا لا يُدَّخَرُ وَلا يَبْقَى, فَكَانَ مَا جَرَى العُرْفُ بِإِطْعَامِهِ وَأَكْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الخَضْرَوَاتِ الَّتِي لا تُدَّخَرُ. وَضَّحَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا العُرْفَ الجَارِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لا يُمْكِنُ تَرْكُهُ, فَإِنَّهُ لا بُدَّ لِلنُّفُوسِ مِن الأَكْلِ مِن الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ وَلا بُدَّ مِن الطَّعَامِ بِحَيْثُ يَكُونُ تَرْكُ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهَا وَشَاقًّا عَلَيْهَا. انْتَهَى.


19/580 - وَعَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرَصَ العِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيباً.رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ.
(وَعَنْ عَتَّابِ) بِفَتْحِ المُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ المُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّةِ آخِرَهُ مُوَحَّدَةٌ (ابْنِ أَسِيدٍ) بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ المُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرَصَ العِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيباً. رَوَاهُ الخَمْسَةُ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ)؛ لأَنَّهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ عَنْ عَتَّابٍ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الصَّحِيحُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ,أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَتَّاباً (مُرْسَلٌ).
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلاً فَهُوَ يَعْتَضِدُ بِقَوْلِ الأَئِمَّةِ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ خَرْصِ التَّمْرِ وَالعِنَبِ؛ لأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي:َمَرَ". يُفْهِمُ مِنْهُ أَنَّهُ أَتَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيغَةٍ تُفِيدُ الأَمْرَ, وَالأَصْلُ فِيهِ الوُجُوبُ، وَبِالوُجُوبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَتِ الهَادَوِيَّةُ: إنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ لأَنَّهُ رَجْمٌ بِالغَيْبِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالظَّنِّ وَرَدَ بِهِ أَمْرُ الشَّارِعِ وَيَكْفِي فِيهِ خَارِصٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ؛ لأَنَّ الفَاسِقَ لا يُقْبَلُ خَبَرُهُ, عَارِفٌ؛ لأَنَّ الجَاهِلَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَحْدَهُ يَخْرُصُ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ؛ وَلأَنَّهُ كَالحَاكِمِ يَجْتَهِدُ وَيَعْمَلُ، فَإِنْ أَصَابَت الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ بَعْدَ الخَرْصِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: أَجْمَعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ العِلْمُ أَنَّ المَخْرُوصَ إذَا أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ قَبْلَ الجِذَاذِ فَلا ضَمَانَ. وَفَائِدَةُ الخَرْصِ أَمْنُ الخِيَانَةِ مِنْ رَبِّ المَالِ؛ وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ البَيِّنَةُ فِي دَعْوَى النَّقْصِ بَعْدَ الخَرْصِ, وَضَبْطُ حَقِّ الفُقَرَاءِ عَلَى المَالِكِ, وَمُطَالَبَةُ المُصَّدِّقِ بِقَدْرِ مَا خَرَصَهُ، وَانْتِفَاعُ المَالِكِ بِالأَكْلِ وَنَحْوِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِخَرْصِ النَّخْلِ وَالعِنَبِ, قِيلَ: وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ وَإِحَاطَةُ النَّظَرِ بِهِ وَقِيلَ: يَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ, وَهُوَ الأَقْرَبُ؛لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَى العِلَّةِ.
وَعِنْدَ الهَادَوِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لا خَرْصَ فِي الزَّرْعِ؛لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ لِاسْتِتَارِهِ بِالقِشْرِ، وَإِذَا ادَّعَى المَخْرُوصُ عَلَيْهِ النَّقْصَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ إقَامَةُ البَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَجَبَ إقَامَتُهَا وَإِلاَّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَصِفَةُ الخَرْصِ أَنْ يَطُوفَ بِالشَّجَرَةِ وَيَرَى جَمِيعَ ثَمَرَتِهَا وَيَقُولَ: خِرْصُهَا كَذَا وَكَذَا رَطْباً, وَيَجِيءُ كَذَا وَكَذَا يَابِساً.

  #3  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 10:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


509- وعن سَهْلِ بن أبي حَثْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: أَمَرَنَا رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبْعَ)) رواه الخمسةُ إلا ابنَ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والحاكمُ.
درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صَحَّحَه الحاكمُ وابنُ حِبَّانَ.
قالَ في (التلخيصِ): رواه أحمدُ وأصحابُ السُّنَنِ الثلاثِ، وابنُ حِبَّانَ، والحاكِمُ مِن حديثِ ابنِ أبي حَثْمَةَ، وفي إسنادِه عبدُ الرحمنِ بنُ مسعودِ بنِ نِيَارٍ الراوي عن سَهْلٍ، قالَ البَزَّارُ: وقد تَفَرَّدَ به، وقالَ ابنُ القَطَّانِ: لا يُعْرَفُ حالُه، قالَ الحاكِمُ: وله شاهِدٌ بإسنادِه مُتَّفَقٌ على صِحَّتِه أنَّ عمرَ بنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ به.
مفرداتُ الحديثِ:
-إذا خَرَصْتُمْ: أيُّها السُّعاةُ والعُمَّالُ.
-خَرَصْتُمْ: بفْتَحِ الخاءِ الْمُعْجَمَةِ وفَتْحِ الراءِ الْمُهْمَلَةِ وبعدَها صادٌ مُهْمَلَةٌ ساكنةٌ، مِن بابِ نَصَرَ يَنصُرُ، وضَرَبَ يَضْرِبُ -هو تقديرُ الشيءِ وخَرَّصَه بالظنِّ والتخمينِ والْحَزَرِ.
يقالُ: خَرَصَ النخْلَ والكَرْمَ: حَزَرَ ما عليهما مِن الرُّطَبِ تَمْراً، ومِن العِنَبِ زَبِيباً.
إذا خَرَصْتُم: "إذا" شَرْطِيَّةٌ، "خَرَصْتُمْ" فعْلُ الشرْطِ، وجوابُه "فخُذُوا"، و"دَعُوا" عَطْفٌ عليه.
-دَعُوا الثُّلُثَ: اتْرُكوا لأهْلِ المالِ الثلُثَ بقَدْرِ ما خَرَّصْتُم.
* * *
510- وعن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَمَرَ رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا)). رواه الخمسةُ وفِيهِ انقطاعٌ.
درجةُ الحديثِ:
الراجحُ أنَّ الحديثَ مُرْسَلٌ.
قالَ في (التلخيصِ): راوه أبو داودَ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُ وابنُ حِبَّانَ والدارقُطنيُّ مِن حديثِ عَتَّابِ بنِ أُسيدٍ، ومَدارُه على سعيدِ بنِ المسيِّبِ عَن عَتَّابٍ، فقدْ قالَ أبو داودَ: لم يَسْمَعْ منه، وقالَ الْمُنذريُّ: انقطاعُه ظاهرٌ؛ لأنَّ مَوْلِدَ سعيدٍ في خِلافةِ عُمَرَ، وماتَ عتَّابٌ في اليومِ الذي ماتَ فيه أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ.
قالَ أبو حاتمٍ: الصحيحُ عن سعيدِ بنِ الْمُسَيِّبِ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَمَرَ عَتَّاباً؛ مُرْسَلٌ.
قالَ النوَوِيُّ: هذا الحديثُ وإنْ كان مُرْسَلاً، لكنه اعْتُضِدَ بقَبولِ الأَئِمَّةِ له.
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ: هذا الحديثُ جاءَ على قواعدِ الشريعةِ وَمَحَاسِنِها.
ما يُؤْخَذُ مِن الحديثينِ:
1-الحديثانِ يَدُلاَّنِ على أنه على الإمامِ أنْ يَبعثَ جُباةَ الزكاةِ وسُعَاتَها لِجَبْيِ زكاةِ الحبوبِ والثمارِ؛ وذلك إظهاراً لهذه الشَّعيرةِ العظيمةِ، فإنَّ الزكاةَ مِن شَعائِرِ الإسلامِ الظاهرةِ.
2-ويَدُلاَّنِ على أنه يَكفِي لِمَعرِفَةِ قَدْرِ الثمرةِ والْحَبِّ خَرْصُه وتقديرُ ما يَحْصُلُ منه؛ إذ في جِذَاذِه وحَصادِه وتقديرِ ذلك بالْمِكيالِ الشرعيِّ مَشَقَّةٌ كبيرةٌ، فاكتفى بتقديرِه وخَرْصِه.
فتقوى اللهِ تعالى وتكاليفُه الشرعيَّةُ تكونُ بقَدْرِ الاستطاعةِ والقُدرةِ.
والقاعدةُ الشرعيَّةُ أنه إذا تَعَذَّرَ الوصولُ إلى اليقينِ، أو تَعَسَّرَ، اكتفى بغَلَبَةِ الظنِّ وأمثلتُه في الشرعِ كثيرةٌ.
3-ويَدُلُّ الحديثُ رقمَ (509) أنَّ على خارِصِ الثَّمَرَةِ والحَبِّ والجابِي ألاَّ يَستَقْصِيَ بأخْذِ كلِّ الزكاةِ، وإنما عليه أنْ يَدْفَعَ لأصحابِ الأموالِ ثُلُثَ الزكاةِ أو رُبُعَها؛ ليُخْرِجَها صاحبُها على أقارِبِه وجِيرانِه ونَحْوِهم مِمَّنْ تَعلَّقَتْ نفُوسُهم بهذه الثمَرَةِ والْحَبِّ، وتخييرُ الخارِصِ بينَ الثلُثِ والربُعِ راجِعٌ إلى نظَرِ الخارِصِ واجتهادِه في تحقيقِ الْمَصْلَحَةِ في ذلك، مِن سخاءِ صاحبِ الثمارِ وعَدَمِه، وكثرةِ أَتْبَاعِه وقِلَّتِهم.
4- قالَ شيخُ الإسلامِ: إنَّ الحديثَ- حديثَ سَهْلٍ- جارٍ على قواعدِ الشريعةِ ومَحَاسِنِها، موافِقٌ لقولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((لَيْسَ فِي الْخُضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ)) رواه التِّرمِذِيُّ (638)، لأنه قد جَرَت العادةُ أنه لا بُدَّ لرَبِّ المالِ بعدَ كَمالِ الصلاحِ أنْ يَأكُلَ هو وعيالُه، ويُطْعِمَ الناسَ ما لا يُدَّخَرُ. ولا يَبْقَى مما جَرَى العُرْفُ بإطعامِه وأَكْلِه، بمنزلةِ الخضرواتِ التي لا تُدَّخَرُ. يُوَضَّحُ ذلك بأن هذا العُرْفَ الجاري بمنزلةِ ما لا يُمْكِنُ ترْكُه، فإنه لا بُدَّ للنفْسِ مِن الأكْلِ مِن الثمارِ الرَّطْبَةِ، ولا بُدَّ أنْ يُشَارِكَه في هذه الثمارِ الرَّطْبَةِ مِن قريبٍ وجارٍ وقائمٍ على صلاحِ الثَّمَرَةِ.
5- قولُه: ((دَعُوا الثُّلُثَ أَوِ الرُّبُعَ)) فيه الأخْذُ بمراعاةِ الأحوالِ، مِن أنه يَجِبُ في وَقْتٍ ما لا يَجِبُ في وقْتٍ غيرِه، ويَجِبُ على شخْصٍ ما لا يَجِبُ على الشخْصِ الآخَرِ، وهذا ومِثْلُه راجِعٌ إلى مُراعاةِ المصالِحِ والأحوالِ.
6- تَقَدَّمَ في الحديثِ رَقْمَ (507) حَصْرُ ما تُؤْخَذُ منه الزكاةُ في أربعةٍ: الشعيرِ، والْحِنطةِ، والزبيبِ، والتمْرِ؛ بمعنى: أنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ إلاَّ في هذه الأربعةِ. ولكنْ هل هذا الحصْرُ هو حصْرُ عَينٍ، بمعنى أنها لا تَجِبُ إلاَّ في هذه الأربعةِ الأصنافِ فقط، أمْ أنه حصْرُ وَصْفٍ، بمعنى أنه فيها، وفيما يُمَاثِلُها مِن الحبوبِ والثمارِ؟
قد تَقَدَّمَ خِلاَفُ العُلماءِ أنَّ الراجِحَ أنَّ هذا حَصْرُ وصْفٍ، وأنها تَجِبُ في كلِّ الحبوبِ والثمارِ الْمُدَّخَرَةِ، وهو مَذْهَبُ جُمهورِ العلماءِ على اختلافٍ بينَهم؛ فيما يَدْخُلُ، وما يَخْرُجُ مِن هذه الأصنافِ الْموصوفةِ، وقد اعْتَمَدُوا في هذا العمومِ على آثارٍ مِن الصحابةِ- رَضِيَ الله عنهم- كما اعتَمَدوا في حصْرِها بالْمُعَشَّرَاتِ الْمُدَّخَرَاتِ على التعليلِ، وقالُوا: إنَّ غيرَ الْمُدَّخَرِ لم تَكْمُلْ فيه النعمةُ، فلا تَجِبُ الزكاةُ فيه، ويَسْتَدِلُّونَ بقولِ معاذٍ: "فأَمَّا القِثَّاءُ والبِطِّيخُ والرُّمَّانُ والقصَبُ فقد عفا عنه رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-" رواه الدارقُطنيُّ (2/97) والحاكِمُ (1/145).
وقد أخَذَ بحصْرِ العينِ جماعةٌ مِن السلَفِ، منهم الحسَنُ والثوريُّ والشَّعْبِيُّ، فحَصَرُوا ما تُؤْخَذُ منه الزكاةُ في الأصنافِ الأربعةِ في الحديثِ.
قالَ في (سُبُلِ السلامِ): قالَ في (الْمَنارِ): إنَّ ما عدا الأربعةَ مَحَلُّ احتياطٍ أَخْذًا وتَرْكًا، والأصْلُ حُرمةُ مالِ المسلِمِ، كما أنَّ الأصْلَ براءةُ الذمَّةِ، وهذانِ الأصلانِ لم يَدْفَعْهُما دليلٌ يُقاوِمُهما.
قرارُ هيئةِ كِبارِ العُلماءِ بشأنِ جِبايةِ الزكاةِ: قالَ مَجْلِسُ هَيئةِ كِبارِ العُلماءِ في قَرارٍ رَقْمَ: (133)، وتاريخ 17/6/1406هـ ما خُلاصتُه:
أوَّلاً: فرْضُ جِبايةِ الأموالِ الظاهرةِ مَظْهَرٌ شَرعيٌّ، دَرَجَ عليه المسلمونَ منذُ عهْدِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وخُلفاؤُه الراشدينَ إلى يَوْمِنا؛ عَمَلاً بقولِه تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] فيَنبغِي للدولةِ الاستمرارُ في القيامِ به، وإيصالُ كلِّ ذي حَقٍّ حَقَّه.
ثانياً: إبقاءُ الأمْرِ على ما هو عليه مِن تشكيلِ لِجانِ خَرْصِ الزروعِ والثمارِ التي تَجِبُ فيها الزكاةُ، وجِبايةُ زَكَاتِها وتَوْزِيعُها.
ثالثاً: لا مانِعَ مِن الاكتفاءِ بلِجانٍ مَحَلِّيَّةٍ، تَتَوَلَّى خَرْصَ وجِبايةَ وتَوزيعَ الزكاةَ.
رابعاً: أمَّا أخْذُ الزكاةِ نَقْدًا، فالأصْلُ أنْ تُدْفَعَ الزكاةُ مِن عينِ المالِ، حَسْبَما جاءتْ به النصوصُ، كما يُقَرِّرُ المجلِسُ بالأكثَرِيَّةِ جوازَ دَفْعِ القِيمةِ عن الزكاةِ إذا شَقَّ على المالِكِ إخراجُها مِن عينِ المالِ، ولم يكُن على الفُقراءِ مَضَرَّةٌ في ذلك.
فوائدُ:
الأولى: يَحْرُمُ على الْمُزَكِّي شِراءُ زَكاتِه أو صَدَقَتُه، ولا يَصِحُّ ذلك بأنْ يَشْتَرِيَها بعدَ دَفْعِها، ولو مِن غيرِ مَن أخَذَها منه؛ لحديثِ عمرَ: "حَمَلْتُ على فرَسٍ في سبيلِ اللهِ، وأرَدْتُ أنْ أشْتَرِيَهُ"، فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ((لاَ تَشْتَرِهْ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ؛ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ)) رواه البخاريُّ (1419) ومسلِمٌ (1620)
الثانيةُ: يُزَكَّى كلُّ نوعٍ مِن الثمارِ والحبوبِ على حِدَتِه، فمِن التمْرِ يُخْرِجُ- مثلاً- عن السُّكَّرِيِّ منه، وعن البَرْنِيِّ منه، وعن الشُّقْرِ منه، وهكذا.
ويُخْرِجُ عن الْحِنْطَةِ منها، وعن اللُّقَيْمِيِّ منه، وهكذا.
وإن أخْرَجَ الوَسَطَ مِن نوعٍ واحدٍ، كفاهُ ذلك.
وقد اختارَ الموفَّقُ وغيرُه: أنه يُجْمَعُ ويُخْرَجُ مِن الوسَطِ بينَ الأعلى والأَدْنَى؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ على حِدَتِه يَشُقُّ، وقد رُفِعَت الْمَشَقَّةُ والحرَجُ شَرْعًا، وإنْ أْخَرَجَ مِن الأَعْلَى فهو أكْمَلُ وأفْضَلُ، قالَ تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92]، وقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267].
الثالثةُ: تَجِبُ الزكاةُ في الثِّمارِ إذا بَدَا صلاحُها وظَهَرَ نُضْجُها، وتَجِبُ في الحَبِّ إذا اشْتَدَّ حَبُّه في سُنْبُلِه، ولكنه لا يَسْتَقِرُّ الوجوبُ إلاَّ بِجَعْلِها في بَيَادِرِها، وهو المكانُ المعَدُّ لتَشميسِها وتَجفيفِها، والبَيَادِرُ هي الْجُرْنُ، وبِناءً عليه فإنه لو قَطَعَها، أو جَزَّها، أو باعَها، أو تَلِفَتْ بغيرِ تَعَدٍّ منه قبلَ وَضْعِها في البَيْدَرِ- سقَطَتْ عنه الزكاةُ، إنْ لم يَقْصِدْ بالبيعِ والقطْعِ الفِرارَ مِن الزكاةِ، وذلك لزوالِ مِلْكِه عنها قَبْلَ الاستقرارِ، وإنْ كان ذلك بعدَ وَضْعِها في الْبَيْدَرِ لم تَسْقُطْ؛ لاستقرارِها بذلك، فالزكاةُ وإنْ وَجَبَتْ في المالِ، إلاَّ أنَّ لها تَعَلُّقًا في الذمَّةِ.
الرابعةُ: قالَ شيخُ الإسلامِ: العِنَبُ الذي لا يَصِيرُ زَبيبًا إذا أُخْرِجَ عنه زَبيبًا بقَدْرِ عُشْرِه لو صارَ زَبيبًا جازَ و أَجْزَأَ بلا رَيبٍ، وأمَّا العِنَبُ الذي يَصيرُ زَبيبًا لكنه قَطَعَه قبلَ أنْ يَصيرَ زَبيبًا، فهنا يَخرجُ زَبيبًا بلا رَيبٍ، فإنْ أَخْرَجَ العُشْرَ عِنَبًا فقولانِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ:
أحدُهما: لا يُجْزِئُه، وهو المشهورُ مِن الْمَذْهَبِ.
الثاني: يُجْزِئُه، وهذا قولُ أكثَرِ العلماءِ، وهو أظْهَرُ.
أمَّا الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ محمَّدٍ فيقولُ: ما أكَلَه أهلُ العِنَبِ رَطْبًا لا زَكاةَ فيه، وأمَّا الباقِي فإنْ بلَغَ نِصابًا وجَبَتْ فيه الزكاةُ.
الخامسةُ: روى الإمامُ أبو داودَ (3410) عن عائشةَ: "أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كان يَبعثُ عبدَ اللهِ بنَ رَواحةَ يَخْرُصُ نَخيلَ خَيْبَرٍ، حينَ يَبْدُو صَلاَحُه، وقبلَ أنْ يُؤْكَلَ منه" وله شواهِدُ تَدُلُّ على مَشروعيَّةِ بعْثِ الإمامِ خارِصًا وقتَ بُدُوِّ صَلاحِ الثمَرِ، وهو مَذهَبُ
مالِكٍ والشافعيِّ وأحمدَ، وجماهيرِ أهْلِ العلْمِ. وفائدةُ الْخَرْصِ أمْنُ الْخِيانةِ مِن رَبِّ المالِ.
قالَ ابنُ القيِّمِ: الصحيحُ الاكتفاءُ بخَارِصٍ واحدٍ، كالمؤَذِّنِ، والْمُخْبِرِ عن القبلةِ ونحوَه.
فالَ الأصحابُ: ويُشْتَرَطُ أنْ يكونَ عالِمًا بالْخَرْصِ، عدْلاً، ويَجِبُ أنْ يَتْرُكَ مِن الْخَرْصِ الثُّلُثَ أو الربُعَ؛ لحديثِ: ((إِذَا خَرَصْتُمْ، فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبُعَ)) رواه أحمدُ وغيرُه، وتَرْكُ هذا القدْرِ تَوسِعَةٌ للمالِكِ، اختارَه الشيخُ وغيرُه.
السادسةُ: قالَ شيخُ الإسلامِ: أوْجَبَ الإمامُ أحمدُ الزكاةَ في العَسَلِ؛ لِمَا فيه مِن الآثارِ التي جَمَعَها، وإنْ كان غيرُه لم تَبْلُغْهُ إلاَّ مِن طريقٍ ضعيفٍ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الزكاة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir