دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 محرم 1430هـ/10-01-2009م, 07:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي كتاب الزكاة (13/17) [زكاة الحبوب والثمار]


وعن سالِمِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عن أبيه، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ الْعُشْرِ)). رواهُ البخاريُّ. ولأبي دَاوُدَ: ((أَوْ كَانَ بَعْلًا: الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ: نِصْفُ الْعُشْرِ)).
وعن أبي موسَى الأشعريِّ؛ ومُعاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما؛ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ لهما: ((لَا تَأْخُذَا فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا مِن هَذِهِ الأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ)). رواهُ الطبرانيُّ والحاكمُ.
وللدارقُطنيُّ، عن مُعاذٍ: فأَمَّا القِثَّاءُ والبِّطِّيخُ، والرُّمَّانُ والْقَصَبُ فقد عَفَا عنه رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. وإسنادُهُ ضَعيفٌ.

  #2  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 10:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


15/576 - وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا، الْعُشْرُ. وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلأَبِي دَاوُدَ: ((إِذَا كَانَ بَعُلاً الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ)).
وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُمَرَ، (عَنْ أَبِيهِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، (عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ)) بِمَطَرٍ أَوْ ثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ أَوْ طَلٍّ (وَالْعُيُونُ): الأَنْهَارُ الْجَارِيَةُ الَّتِي يُسْقَى مِنْهَا بِإِسَاحَةِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ اغْتِرَافٍ لَهُ، (أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا): بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ؛ لأَنَّهُ عَثَرَ عَلَى الْمَاءِ، وَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ قَرِيباً مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ، فَيُغْرَسُ عَلَيْهِ، فَيَصِلُ الْمَاءُ إِلَى الْعُرُوقِ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَقْرَبُهَا.
(الْعُشْرُ): مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: ((فِيمَا سَقَتْ)) أَوْ أَنَّهُ فَاعِلُ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ يَجِبُ، (وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ). النَّضْحُ: بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الضَّادِ المُعْجَمَةِ فَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ: السَّانِيَةُ مِن الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَغَيْرِهَا مِن الرِّجَالِ.
(نِصْفُ الْعُشْرِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلأَبِي دَاوُدَ) مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ (إِذَا كَانَ بَعُلاً) عِوَضاً عَنْ قَوْلِهِ: ((عَثَرِيًّا))، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، كَذَا فِي الشَّرْحِ.
وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ سَاكِنُ الْعَيْنِ، وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ كُلُّ نَخْلٍ وَشَجَرٍ وَزَرْعٍ لا يُسْقَى، أَوْ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ، وَهُوَ النَّخْلُ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، (الْعُشْرُ، وَفِيمَ سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ)، دَلَّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ عَلَى التَّغَايُرِ، وَأَنَّ السَّوَانِيَ الْمُرَادُ بِهَا الدَّوَابُّ، وَالنَّضْحَ مَا كَانَ بِغَيْرِهَا؛ كَنَضْحِ الرِّجَالِ بِالآلَةِ، وَالْمُرَادُ مِن الْكُلِّ مَا كَانَ سَقْيُهُ بِتَعَبٍ وَعَنَاءٍ (نِصْفُ الْعُشْرِ).
وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُسْقَى بالسَّوَانِي وَبَيْنَ مَا يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالأَنْهَارِ، وَحِكْمَتُهُ وَاضِحَةٌ، وَهُوَ زِيَادَةُ التَّعَبِ وَالْعَنَاءِ، فَنَقَصَ بَعْضُ مَا يَجِبُ رِفْقاً مِن اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي قَلِيلِ مَا أَخْرَجَت الأَرْضُ وَكَثِيرِهِ الزَّكَاةُ علَى ما ذُكِرَ، وَهَذَا مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ؛ فَالْجُمْهُورُ أَنَّ حَدِيثَ الأَوْسَاقِ مُخَصِّصٌ لِحَدِيثِ سَالِمٍ، وَأَنَّهُ لا زَكَاةَ فِيمَا لَمْ يَبْلُغ الْخَمْسَةَ الأَوْسَاقِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ؛ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، إِلَى أَنَّهُ لا يُخَصُّ، بَلْ يُعْمَلُ بِعُمُومِهِ، فَيَجِبُ فِي قَلِيلِ مَا أَخْرَجَت الأَرْضُ وَكَثِيرِهِ.
وَالْحَقُّ مَعَ أَهْلِ الْقَوْلِ الأَوَّلِ؛ لأَنَّ حَدِيثَ الأَوْسَاقِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَرَدَ لِبَيَانِ الْقَدْرِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا وَرَدَ حَدِيثُ مِائَتَي الدِّرْهَمِ لِبَيَانِ ذَلِكَ مَعَ وُرُودِ: ((فِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ))، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّهُ يَجِبُ فِي قَلِيلِ الْفِضَّةِ وَكَثِيرِهَا الزَّكَاةُ.
وَإِنَّمَا الْخِلافُ هَلْ يَجِبُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَت النِّصَابَ كَمَا عَرَفْتَ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ حَدِيثُ: ((فِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ)) إلاَّ لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا بَيانُ مَا يَجِبُ فِيهِ فَمَوْكُولٌ إِلَى حَدِيثِ التَّبْيِينِ لَهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَكَذَا هُنَا قَوْلُهُ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ))؛ أَيْ: فِي هَذَا الْجِنْسِ يَجِبُ الْعُشْرُ، وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَجِبُ فِيهِ فَمَوْكُولٌ إِلَى حَدِيثِ الأَوْسَاقِ.
وَزَادَهُ إيضَاحاً قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: ((لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ))، كَأَنَّهُ مَا وَرَدَ إلاَّ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عُمُومِ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ رُبُعُ الْعُشْرِ))، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ((وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقِيَّ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ)). ثُمَّ إذَا تَعَارَضَ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ كَانَ الْعَمَلُ بِالْخَاصِّ عِنْدَ جَهْلِ التَّارِيخِ كَمَا هُنَا؛ فَإِنَّهُ أَظْهَرُ الأَقْوَالِ فِي الأُصُولِ.
16/577 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمَا: ((لا تَأْخُذُوا فِي الصَّدَقَةِ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ الأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ)). رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ.
(وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمَا) حِينَ بَعَثَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ يُعَلِّمَانِ النَّاسَ أَمْرَ دِينِهِمْ: (لا تَأْخُذَا فِي الصَّدَقَةِ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ الأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ) وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَرَ: إنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الأَرْبَعَةِ، فَذَكَرَهَا.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إنَّهُ مُرْسَلٌ، وسَاقَ في البابِ أحاديثَ تُفيدُ ما ذَكَرَ. ثمَّ قالَ؛ أي: البَيْهَقِيُّ: وهذهِ المَرَاسِيلُ طُرُقُها مُخْتَلِفَةٌ، وهِيَ تُؤَكِّدُ بَعْضَها بَعْضاً، ومعَها حديثُ أبِي مُوسَى ومُعاذٍ، ومَعَهُما قولُ عُمَرَ وعَلِيٍّ وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْسَ فِي الخَضْرَوَاتِ زَكَاةٌ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلاَّ فِي الأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ لا غَيْرُ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، وَلا يَجِبُ عِنْدَهُمْ فِي الذُّرَةِ وَنَحْوِهَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَذَكَرَ الأَرْبَعَةَ، وَفِيهِ زِيَادَةُ الذُّرَةِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ دُونِ ذِكْرِ الذُّرَةِ، وَابْنُ مَاجَهْ بِذِكْرِهَا، فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ حَدِيثٌ وَاهٍ، قالَ: لأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَزْرَمِيِّ الكُوفِيِّ، وهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَفِي الْبَابِ مَرَاسِيلُ فِيهَا ذِكْرُ الذُّرَةِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّهُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضاً؛ كَذَا قَالَ. وَالَظَّاهِرُ أَنَّهَا لا تُقَاوِمُ حَدِيثَ الْكِتَابِ وَمَا فِيهِ مِن الْحَصْرِ.
وَقَدْ أَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ الذُّرَةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِجَامِعِ الاقْتِيَاتِ فِي الاخْتِيَارِ، وَاحْتَرَزَ بِالاخْتِيَارِ عَمَّا يُقْتَاتُ فِي الْمَجَاعَاتِ؛ فَإِنَّهَا لا تَجِبُ فِيهِ، فَمَنْ كَانَ رَأْيُهُ الْعَمَلَ بِالْقِيَاسِ لَزِمَهُ هَذَا إنْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الاقْتِيَاتُ، وَمَنْ لا يَرَاهُ دَلِيلاً لَمْ يَقُلْ بِهِ.
وَذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي كُلِّ مَا أَخْرَجَت الأَرْضُ؛ لِعُمُومِ الأَدِلَّةِ؛ نَحْوُ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ))، إلاَّ الْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ))، وَقَاسُوا الْحَطَبَ عَلَى الْحَشِيشِ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ -أَيْ: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى ومُعَاذٍ- وَارِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ، وَالظَّاهِرُ مَعَ مَنْ قَالَ بِهِ.
قُلْتُ: لأَنَّهُ حَصْرٌ لا يُقَاوِمُهُ الْعُمُومُ وَلا الْقِيَاسُ، وَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّهُ لا يُقَاوِمُهُ حَدِيثُ: ((خُذِ الْحَبَّ مِنَ الْحَبِّ))، الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ؛ لأَنَّهُ عُمُومٌ، فَالأَوْضَحُ دَلِيلاً مَعَ الْحَاصِرِينَ لِلْوُجُوبِ فِي الأَرْبَعَةِ. وَقَالَ فِي الْمَنَارِ: إِنَّ مَا عَدَا الأَرْبَعَةَ مَحَلُّ احْتِيَاطٍ أَخْذاً وَتَرْكاً، وَالَّذِي يَقْوَى أَنَّهُ لا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِهَا.
قُلْتُ: الأَصْلُ الْمَقْطُوعُ بِهِ حُرْمَةُ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَلا يُخْرَجُ عَنْهُ إلاَّ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ، وَهذا الْمَذْكُورُ لا يَرْفَعُ ذَلِكَ الأَصْلَ، وَأَيْضاً فَالأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَهَذَانِ الأَصْلانِ لَمْ يَرْفَعْهُمَا دَلِيلٌ يُقَاوِمُهُمَا، فَلَيْسَ مَحَلُّ الاحْتِيَاطِ إلاَّ تَرْكَ الأَخْذِ مِن الذُّرَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَأْتِ بِهِ إلاَّ مُجَرَّدُ الْعُمُومِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ تَخْصِيصُهُ.
17/578 - وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ، عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: فَأَمَّا القِثَّاءُ وَالبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالقَصَبُ، فَقَدْ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
(وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: فَأَمَّا القِثَّاءُ وَالبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالقَصَبُ) بِالقَافِ وَالصَّادِ المُهْمَلَةِ وَالضَّادِ المُعْجَمَةِ مَعاً (فقَدْ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ)؛ لأَنَّ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ العَزْرَمِيَّبِفَتْحِ العَيْنِ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الرَّاءِ, كَذَا فِي حَوَاشِي بُلُوغِ المَرَامِ بِخَطِّ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ المُفَضَّلِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
والَّذِي فِي الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: " سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ نَبَاتِ الأَرْضِ البَقْلِ وَالقِثَّاءِ وَالخِيَارِ, فَقَالَ: لَيْسَ فِي البُقُولِ زَكَاةٌ. فَهَذَا الَّذِي مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العَزْرَمِيِّ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُعَاذٍ الَّتِي فِي الكِتَابِ فَقَالَ المُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ: فِيهَا ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ, إلاَّ أَنَّ مَعْنَاهُ قَدْ أَفَادَ الحَصْرَ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْيَاءِ المَذْكُورَةِ فِي الحَدِيثِ الأَوَّلِ. وَحَدِيثُ: ((لَيْسَ فِي الخَضْرَوَاتِ صَدَقَةٌ)) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَرْفُوعاً مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَمُعَاذٍ.
وَقَوْلُ التِّرْمِذِيِّ:لَمْ يَصِحَّ رَفْعُهُ. إنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,فَمُوسَى بْنُ طَلْحَةَ تَابِعِيٌّ عَدْلٌ يَلْزَمُ مَنْ يَقْبَلُ المَرَاسِيلَ قَبُولُ مَا أَرْسَلَهُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ مَوْقُوفاً وَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ,وَالخَضْرَوَاتُ مَا لا يُكَالُ وَلا يُقْتَاتُ.

  #3  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 10:22 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


505- وله مِن حديثِ أبي سعيدٍ -رَضِيَ اللهُ عنه-: ((لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَلاَ حَبٍّ صَدَقَةٌ)) وأصْلُ حديثِ أبي سعيدٍ مُتَّفَقٌ عليه.
مفرداتُ الحديثِ:
-أوساقٌ: جمْعُ: وَسْقٍ، قالَ في (الْمِصباحِ): حَكَى بعضُهم الوِسْقُ بكسرِ الواوِ لغةً، وجمْعُه أوْسَاقٌ مِثْلُ: حِمْلٍ وأحمالٍ، وأَصْلُ الوَسْقِ: الْحِمْلُ لكلِّ شيءٍ، يُقالُ: وَسَقْتُه؛ أيْ: حَمَلْتُه.
-حَبٌّ: -بفْتَحِ الحاءِ، وتشديدِ الباءِ-: البِذْرُ؛ مثلُ: القمْحِ، أو الشَّعيرِ.

ما يُؤْخَذُ مِن الحديثينِ:
1- الزكاةُ مَبناهَا الْمُواساةُ؛ لذا فإنها لا تَجِبُ في المالِ القليلِ الذي لا يَفِي بضروراتِ صاحبِه، فهو أحَقُّ بهذا القليلِ مِن غيرِه.
2- فليس فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ مِن الوَرِقِ صَدَقَةٌ، وليس فيما دونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِن الإبِلِ صَدقةٌ، وليس فيما دونَ خَمسةِ أوْسُقٍ مِن التَّمْرِ، أو الْحَبِّ صَدقةٌ، فهذه مكاسِبُ قليلةٌ، ومحصولٌ ضئيلٌ، لا تَجِبُ فيها الزكاةُ.
3- فَنِصَابُ الفِضَّةِ مائتا دِرْهَمٍ، وقَدْرُها: (595) غِراماً، ونِصابُ الإبِلِ خمسٌ، وما دونَها ليس فيه زكاةٌ، ونِصابُ الثِّمارِ والحبوبِ هو (300) صاعٍ نَبَوِيٌّ، والصاعُ النبويُّ (3000) ثلاثةُ آلافِ غِرامٍ.
4- هذا كلُّه مِن العدْلِ الربَّانِيِّ بينَ عِبادِه؛ فإنَّ الزكاةَ هي مُواساةٌ ومُساواةٌ، فلا تَجِبُ إلاَّ في أموالِ الأغنياءِ، أمَّا الفقراءُ فلا تَجِبُ عليهم.
فالبَدَوِيُّ الذي لا يَمْلِكُ إلا أربعةَ أَبْعِرَةٍ، والفلاَّحُ الذي لا يُحَصِّلُ إلاَّ أَقَلَّ مِن ثلاثِمائةِ صاعٍ، والتاجِرُ الذي تَقِلُّ أثمانُه وعُروضُه عن مِائَتَيْ دِرْهَمٍ -هؤلاءِ هم مُستحِقُّونَ لإعطائِهم مِن الزكاةِ لتكميلِ نَفَقَاتِهم.
4- قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ والْخَطَّابِيُّ والنوويُّ وغيرُهم: هذا الحديثُ أصْلٌ في مقاديرِ ما تَتَحَمَّلُه الأموالُ مِن المواساةِ، وإيجابِ الصدَقَةِ فيها، وإسقاطِها عن القليلِ الذي لا يَتحَمَّلُها؛ لئلا يُجْحِفَ بأربابِ الأموالِ، ولا يَبْخَسَ الفقراءَ حقوقَهم، فإذا بلَغَه النِّصابُ وَجَبَ الحقُّ، ولا يَجِبُ فيما دونَه، وهو مَذهبُ جماهيرِ العلماءِ، ومنهم الأئمَّةُ: مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ.
6- في الحديثِ أنَّ تقديرَ النِّصابِ والْمُخْرَجِ مَرَدُّه إلى الشرْعِ، لا إلى العُرْفِ، ولو رُدَّ إلى العُرْفِ لانْفَرَطَ زِمامُ الأمْرِ؛ نَظراً لاختلافِ الناسِ، مِن بخيلٍ يَمنعُ القليلَ مِن الكثيرِ.
7- قالَ الْخَطَّابِيُّ وغيرُه: يُسْتَدَلُّ بحديثِ: ((لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ))-: أنها لا تَجِبُ في شيءٍ مِن الخضرواتِ، وعليه عامَّةُ أهْلِ العلْمِ، وتَرَكَها -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وخلفاؤُه مِن بَعْدِه، وهي تُزْرَعُ بِجِوَارِهم، يَدُلُّ على عدَمِ وُجوبِها فيها، وأنَّ تَرْكَها هي السنَّةُ المتَّبَعَةُ.
8- قولُه: ((لَيْسَ دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ)) قالَ شيخُ الإسلامِ وغيرُه: هو نَصٌّ على العَفْوِ فيما دُونَها، وإيجابٌ لها في الخَمْسِ فما فوقَها، وعليه أكثَرُ العُلماءِ.
وفي الصحيحِ: ((فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلاَّ تِسْعِينَ وَمِائَةً، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ))، وفي روايةٍ: ((وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمِائَتَيْنِ زَكَاةٌ)) قالَ البخاريُّ: كِلاهما عِنْدِي صحيحٌ، والزيادةُ فيهما بحسابِه.
* * *
506- وعن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ، عن أبيه، عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ الْعُشْرِ)) رواه البخاريُّ. ولأبي داودَ: ((أَوْ كَانَ بَعْلًا: الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ: نِصْفُ الْعُشْرِ)).
مفرداتُ الحديثِ:
-سَقَت السماءُ: أيْ: المطَرُ، لأنه يَنْزِلُ مِن السماءِ، وتُطْلَقُ السماءُ على كلِّ ما علاكَ.
-العيونُ: جَمْعُ: عينٍ، هي اليَنابيعُ التي تَنْبُعُ مِن الأرضِ، أو مِن سفوحِ الجبالِ.
-عَثَرِيًّا: -بفْتَحِ العينِ المهمَلَةِ وفتْحِ المثلَّثَةِ وكسْرِ الراءِ وتشديدِ الياءِ الْمُثَنَّاةِ التحتيَّةِ- هو الذي يَشْرَبُ بعروقِه مِن غيرِ سَقْيٍ، فهو مِن: عَثَرَ على الشيءِ عُثوراً؛ لأنه تَهَجَّمَ على الماءِ، فتَعَثَّرَ عليه بلا عمَلٍ مِن صاحبِه.
-العُشْرُ: بضَمِّ العينِ مُبتدأٌ، وخبرُه "فيما سَقَت السماءُ"، وتقديرُه: العُشْرُ واجبٌ فيما سقَت السماءُ.
-النَّضْحُ: بفْتَحِ النونِ وسكونِ الضادِ المعجَمَةِ فحاءٍ مهْمَلَةٍ، وأصْلُ النَّضْحِ: رَشُّ الماءِ وإساحتُه، وأريدَ به السقْيُ، والدابَّةُ الناضِحَةُ هي التي تَسْقِي الزرْعَ، قالَ في (الْمِصباحِ): ونَضَحَ البعيرُ الماءَ: حَمَلَه مِن نَهْرٍ، أو بِئْرٍ؛ لسَقْيِ الزرْعِ، فهو ناضِحٌ، والأنثى: ناضِحَةٌ بالهاءِ، والجمْعُ: نَوَاضِحُ، سُمِّيَ: ناضحاً؛ لأنه يَنْضَحُ العطَشَ، أيْ: يَبُلُّه الماءَ الذي يَحْمِلُه، هذا أصلُه، ثم اسْتُعْمِلَ في كلِّ بعيرٍ، وإن لم يَحْمِل الماءَ؛ كحديثِ: ((أَطْعِمْهُ نَاضِحَكَ))؛ أيْ: بعيرَك.
-أو كانَ: الضميرُ فيه يَرْجِعُ إلى لفْظِ مَسْقِيٍّ، وتقديرُه: أو كانَ الْمَسْقِيُّ عَثَرِيًّا.
-بَعْلاً: -بفْتَحٍ فسكونٍ- هو الشجَرُ، أو الزرْعُ الذي يَنْبُتُ بماءِ السماءِ مِن غيرِ سَقْيٍ، وهو مقارِبٌ لِمَعنى العَثَرِيِّ، أو مرادِفٌ له.
-السوانِي: جمْعُ سانيةٍ، هي الدابَّةُ مِن الإِبِلِ، والبقَرِ، أو الْحُمُرِ، ذاهبةً وآيِبَةً، تُخْرِجُ الماءَ مِن البئرِ بالغرْبِ وأدواتِه، فالسانِيَةُ التي يُسْقَى بها، سُمِّيَتْ سانيةً؛ لرَفْعِها الماءَ ليُسْقَى به الشجَرُ والنباتُ.
ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ والإمامُ النوويُّ: قد اتَّفَقَ العُلماءُ على الْمِقدارِ المأخوذِ مِن الْمُعَشَّرَاتِ، للخبَرِ الصحيحِ عن ابنِ عمرَ مَرفوعاً.
2- أنَّ الواجبَ في الْحُبوبِ والثمارِ التي سُقِيَتْ بلا مُؤْنَةٍ، وإنما سَقَتْهَا الأمطارُ، أو العيونُ الجاريةُ، أو البَعْلُ الشاربُ بعُروقِه العُشْرُ، وهو الواحدُ مِن عشرةٍ، ذلك أنه حَصَلَتْ ثَمَرَتُه بلا كُلْفَةٍ، ولا مُؤْنَةٍ؛ لأنَّ أهَمَّ الكُلْفَةِ والمؤْنَةِ هي الماءُ.
2- أنَّ ما سُقِيَ بكُلفةٍ ومُؤنةٍ؛ كالنواضِحِ والدولابِ تُديرُه البقرُ، أو الخيلُ، أو البِغالُ، وكلِّ آلةٍ يُحتاجُ إليها في إخراجِ الماءِ مِن بَطنِ الأرضِ إلى ظاهِرِها، كالمواتيرِ التي تَرفعُ الماءَ مِن باطِنِ الأرضِ إلى ظاهرِها بالبنزينِ، أو الديزيلِ، أو الكهرباءِ -فيه نصْفُ العُشْرِ، وذلك إجماعُ أهْلِ العلْمِ؛ للخبَرِ الصحيحِ في ذلك.
4- ما سُقِيَ بالطريقتينِ إحداهما: بكُلْفَةٍ ومُؤنةٍ، والأخرى: بلا كُلْفَةٍ ولا مؤنةٍ، ففيه ثلاثةُ أرباعِ العُشْرِ، حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ، ولأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لو وُجِدَ في جميعِ السنَّةِ لأوْجَبَ مُقتضاهُ، فإذا وُجِدَ نصْفُه أوْجَبَ نِصْفَه.
5- هذا التقسيمُ في الأحكامِ مراعى فيها حالةُ الْمُزَكِّي، وهو أساسُ العدْلِ والمساواةِ، في أحكامِ اللهِ تعالى.
6- ظاهرُ الحديثِ وُجوبُ الزكاةِ في القليلِ والكثيرِ، في الخارجِ مِن الأرضِ، ولكنَّ الحديثَ مُخَصَّصٌ بالحديثِ السابقِ في البخاريِّ عن ابنِ عمرَ مَرفوعاً، فإنه إذا تعارَضَ العمَلُ بالعامِّ والخاصِّ، كان العمَلُ بالخاصِّ في أظْهَرِ أقوالِ الأُصُولِيِّينَ.
7- ظاهرُ الحديثِ أنَّ الدَّيْنَ لا يَمْنَعُ وُجوبَ الزكاةِ في الأموالِ الظاهرةِ، وهي الْمَواشِي والحبوبُ والثمارُ؛ لأمرينِ:
الأَوَّلُ: أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لم يَأْمُر السُّعاةَ والْجُباةَ أنْ يَسألوا صاحبَ المالِ، هل هو مَدينٌ أمْ لا؟ والغالِبُ أنهم مَدينونَ.
الثاني: أنَّ الأموالَ الظاهرةَ يُشاهِدُها الفقراءُ والمستَحِقُّونَ، فأنْفُسُهم متَعَلِّقَةٌ بها، فمِن الْمُواساةِ ألاَّ يُحْرَمُوا منها، وهذا القولُ أَعْدَلُ الأقوالِ الثلاثةِ: في مَنْعِ الدَّيْنِ مِن وُجوبِ الزكاةِ، أو عدَمِه.
* * *
507- وعن أبي موسى الأشعريِّ؛ ومُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما؛ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ لهما: ((لَا تَأْخُذَا فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا مِن هَذِهِ الأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ)). رواه الطبرانيُّ والحاكمُ.
درجةُ الحديثِ:
الحديثُ حسَنٌ.
وقد أخرَجَهُ الدارقطنيُّ (2/98)، والحاكمُ، وقالَ: إسنادُه صحيحٌ، ووَافَقَه الذهبيُّ، وأقَرَّه الزَّيْلَعِيُّ، قالَ الشيخُ الألبانيُّ: وأخرَجَهُ أبو عُبيدٍ في (الأموالِ) مِن طُرُقٍ عن عمرَ بنِ عثمانَ قالَ: سَمِعْتُ موسى بنَ طلحةَ يقولُ: "أمَرَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- معاذَ بنَ جَبَلٍ حينَ بَعَثَه إلى اليمنِ أنْ يَأخُذَ الصدقةَ مِن الْحِنطةِ والشعيرِ، والنخْلِ والعِنَبِ" وهذا سَنَدٌ صحيحٌ مُرْسَلٌ، وهو صريحٌ في الرفْعِ، ولا يَضُرُّ إرسالُه؛ لأنه صَحَّ مَوصولاً عن معاذٍ.
قالَ في (التلخيصِ): رواه الحاكمُ والبَيهقِيُّ مِن حديثِ أبي موسى ومعاذٍ.
قالَ البَيهقيُّ (7242): ورُواتُه ثِقاتٌ، وهو متَّصِلٌ.
مفرداتُ الحديثِ:
-الشعيرُ: نباتٌ عُشْبِيٌّ حَبِّيٌّ مِن الفَصيلةِ النجليَّةِ، وهو دونَ البُرِّ في الغذاءِ، فيُقالُ: ((فلانٌ كالشعيرِ يُؤْكَلُ ويُذَمُّ)).
-الْحِنطةُ: -بكسْرِ الحاءِ-: القمْحُ، جَمْعُه: حُنُطٌ.
-الزبيبُ: جَمْعُ: زبيبةٍ، وهو ما جُفِّفَ مِن العِنَبِ.
* * *
508- وللدارقُطنيُّ، عن مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه: فأَمَّا القِثَّاءُ والبِّطِّيخُ، والرُّمَّانُ والْقَصَبُ فقد عَفَا عنه رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-. وإسنادُه ضَعيفٌ.
درجةُ الحديثِ:
الحديثُ ضعيفٌ.
قالَ في (التلخيصِ): رواه الدارقُطنيُّ والحاكمُ (1458) والبَيهقِيُّ (7268) مِن حديثِ مُعاذٍ، وفيه ضَعْفٌ. اهـ. وفيه انقطاعٌ بينَ موسى بنِ طلحةَ ومعاذِ بنِ جَبلٍ، ولكنه انقطاعٌ مُغْتَفَرٌ؛ ذلك أنَّ موسى يَرْوِيهِ عن كتابِ معاذٍ، وهو حُجَّةٌ عندَ عُلماءِ أصولِ الحديثِ، ولذا صَحَّحَه بعضُ العُلماءِ.
مفرداتُ الحديثِ:
-قِثَّاءُ: بكسْرِ القافِ وضَمِّها مَمدودٌ، واحدتُه: قِثَّاءَةٌ؛ نوْعٌ مِن الخيارِ، لكنه أطوَلُ.
-البِطِّيخُ: -بكسْرِ الباءِ-: نباتٌ عُشْبِيٌّ حَوْلِيٌّ يَنْبُتُ في المناطِقِ المعتَدِلَةِ والدافئةِ، وهو مِن الفَصيلةِ القَرْعِيَّةِ، وثَمَرَتُه كبيرةٌ كُرَوِيَّةٌ، أو مُستطيلةٌ، وهو أصنافٌ وأنواعٌ.
-الرُّمَّانُ: بضَمِّ الراءِ وتشديدِ الميمِ، واحدتُه: رُمَّانَةٌ، ثَمَرٌ معروفٌ، وشَجَرُه مِن الفَصيلةِ الأَتْنِيَّةِ.
-القَصَبُ: كلُّ نباتٍ كانت سوقُه أنابيبَ وكعوبًا، ومنه قَصَبُ السكَّرِ، وقَصَبُ الذُّرَةِ وغيرُها.
-عفا عنه رسولُ اللهِ: قالَ القُرطبيُّ: العفوُ بمعنى الترْكِ، أيْ تَرَكَها، ولم يُعْرَفْ بها فهو مَعْفُوٌّ عنها، فلا تَبْحَثُوا عنها، فقد قالَ (: وسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا. فهذا معنى العفوِ عنها.
ما يُؤخَذُ مِن الحديثينِ:
1- حديثُ (507) فيه دليلٌ على أنَّ الزكاةَ تَجِبُ في الحبوبِ كلِّها، وتَجِبُ في الثمارِ التي تُكالُ وتُدَّخَرُ، ومَثَّلَ لذلك بالشعيرِ والْحِنطةِ والزَّبيبِ والتَّمْرِ؛ لأنَّ ما يُقتاتُ ضروريٌّ في الحياةِ، فأوْجَبَ فيه الشارِعُ الزكاةَ نَصيباً مَفروضاً لأصحابِ الضروراتِ.
أمَّا الحبوبُ فشَرْطٌ لوُجوبِ الزكاةِ فيها الكيْلُ، لأنه يَدُلُّ على صِحَّةِ إناطةِ الحكْمِ به، كما شرَطَ للوجوبِ فيها صلاحِيَّتَها للادِّخارِ، فما لا يُدَّخَرُ لم تَكْمُلْ فيه النعمةُ لعدَمِ الانتفاعِ به.
2- قالَ شيخُ الإسلامِ: أمَّا أحمدُ وغيرُه مِن فقهاءِ الحديثِ فيُوجِبُونَ الزكاةَ في الحبوبِ، كالثمارِ التي تُدَّخَرُ، وإن لم تكنْ تَمْراً ولا زَبيباً، جَعْلاً للبقاءِ في الْمُعَشَّرَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْحَوْلِ، ويُفَرِّقونَ بينَ الخضرواتِ وبينَ الْمُدَّخَرَاتِ؛ لِمَا في ذلك مِن الآثارِ عن الصحابةِ، فرَجَّحَ شيخُ الإسلامِ أنَّ المعتبَرَ لوُجوبِ زكاةِ الخارجِ مِن الأرضِ هو الادِّخارُ، لا غيرَ؛ لوجودِ المعنى المناسِبِ لإيجابِ الزكاةِ فيه، بخِلافِ الْكَيْلِ؛ فإنه تقديرٌ مَحْضٌ، فالوزنُ في معناه.
3- أمَّا الفواكهُ والخضرواتُ والبُقولُ فلا تَجِبُ فيه الزكاةُ؛ لأنها ليستْ مُدَّخَرَةً، وليستْ مَكيلةً، ومثلُ هذه الأشياءِ إنما هي ذاتُ مَنفَعَةٍ عاجلةٍ، والحاجةُ إليها مُؤَقَّتَةٌ، وليستْ مِن الغذاءِ الضروريِّ، وإنما هي للتَّنَعُّمِ والتفَكُّهِ، فهي مِن مأكولاتِ الأغنياءِ دونَ الفُقراءِ: {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل:71] فلذا لم تَجِبْ فيها الزكاةُ، على قولِ جُمهورِ العلماءِ.
4- الحديثُ الْمُتَقَدِّمُ الذي رواه البخاريُّ (1366) ((لِيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ حَبٍّ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ الثَّمَرِ -بالثاءِ المثلَّثَةِ- صَدَقَةٌ))- دليلٌ على أنَّ الزكاةَ تَجِبُ في عمومِ الثمارِ الْمُعَدَّةِ للادِّخارِ والكَيْلِ، وأنها تَجِبُ في كلِّ الحبوبِ؛ لأنه أَطْلَقَ اسمَ الْحَبِّ والثمَرِ، فهو يَشملُ كلَّ حَبٍّ وثَمَرٍ، وقَيَّدَ الثمَرَ بما صَلَحَ للادِّخارِ، وضُبِطَ بالْكَيْلِ.
5- قالَ في (الفروعِ): ولو مَلَكَ ثَمَرَةً قَبْلَ صَلاحِها، ثم صَلَحَتْ بيدِه -لزِمَتْه زكاتُها؛ لوجودِ السببِ في مِلْكِه، ومتى صَلَحَتْ بيدِ مَن لا زكاةَ عليه، فلا زكاةَ فيها.
6- قالَ غيرُ واحدٍ مِن أهْلِ العلْمِ: لا تَجِبُ زكاةُ الْمُعَشَّرَاتِ بعدَ الْحَوْلِ الأوَّلِ، ولو ادَّخَرَها للتجارةِ؛ لأنها لا تَصِيرُ لها إلاَّ بعدَ الْبَيْعِ، كعَرَضِ القِنْيَةِ.
خِلاَفُ العُلماءِ:
اختلَفَ العلماءُ فيما تَجِبُ فيه الزكاةُ مِن الخارجِ مِن الأرضِ:
فذَهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى: أنها تَجِبُ في القليلِ والكثيرِ، مما أَخْرَجَتْهُ الأرضُ مِن الحبوبِ كلِّها، والثمارِ كُلِّها، والفواكِهِ، والخضرواتِ، والبُقولِ، والزهورِ.
واسْتَدَلَّ على ذلك: بحديثِ ابنِ عمرَ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ...)) إلخ... رواه البخاريُّ (1412) فعَمَّمَ الواجِبَ في كلِّ خارجٍ مِن الأرضِ.
وذَهَبَ الأئِمَّةُ الثلاثةُ إلى: أنها َتِجُب فيما يَدْخُلُه الكَيْلُ، ولو لم يَكُنْ قُوتاً؛ كحَبِّ الكَمُّونِ، وحَبِّ الكُرَّاتِ، وحَبِّ اللَّوْزِ، ونحوَه، ودليلُهم ما تَقَدَّمَ مِن حديثِ: ((لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ حَبٍّ صَدَقَةٌ)).
والحديثُ يَدُلُّ على وُجُوبِها في الثمارِ والحبوبِ فقط.
أمَّا الخارِجُ مِن الأرضِ مِن غيرِ الحبوبِ والثمارِ: فهي حاصلاتٌ عاجلةٌ، ومنافعُها حاضرةٌ، وخارجُها غالباً قليلٌ، وهي تُرادُ للتنَعُّمِ، مع ما في هذا مِن النصِّ: "فأمَّا القِثَّاءُ والبِطِّيخُ والرُّمَّانُ والقَصَبُ، فقد عفا عنه رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-" والحديثُ وإن كانَ ضَعيفاً إلاَّ أنه جاءَ على وَفْقِ الأصْلِ، في عدَمِ الوُجوبِ في المسكوتِ عنه، فهو مِن الْمَعْفُوِّ عنه.
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ، فَلاَ تَسْأَلُوا عَنْهَا)) رواه الطبرانيُّ في (الأوسَطِ) (8938)، والدارَقُطْنِيُّ (4/298). وقد حَسَّنَه النوَوِيُّ والسمعانيُّ وقالَ الحاكِمُ: صحيحُ الإسنادِ، وله شواهدُ في لفْظِه ومعناهُ.
وقد قَدَّرْتُ ما تَجِبُ فيه الزكاةُ مِن الخارجِ مِن الأرضِ بِمِكْيَالِها الشرعيِّ، أمَّا الفواكِهُ والخضرواتُ والبُقولُ ونحوَها، فهي مِن المعدوداتِ فلا تكونُ داخلةً فيما تَجِبُ فيه الزكاةُ.
قالَ الْخَطَّابِيُّ: يُسْتَدَلُّ بالحديثِ (508) على أنها لا تَجِبُ في شيءٍ مِن الخضرواتِ والفواكهِ ونحوِها، وعليه عامَّةُ أهلِ العَمَلِ، فتَرْكُه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إيَّاها، وتَرْكُ خُلَفَائِه، وهي تُزْرَعُ بِجِوارِهم، ولا تُؤَدَّى زَكَاتُها لهم -يَدُلُّ على عَدَمِ وُجوبِها فيها، وإن تَرْكَها لهو السُّنَّةُ الْمُتَّبَعَةُ.
ذهَبَ الإمامانِ: مالِكٌ والشافعيُّ إلى: أنها لا تَجِبُ في الثمارِ، إلاَّ في التمْرِ والزبيبِ، ولا تَجِبُ في الْحَبِّ إلاَّ ما كان قُوتاً.
أمَّا الإمامُ أحمدُ: فذَهَبَ إلى وُجُوبِها في الثمارِ التي تُكالُ وتُدَّخَرُ، وإلى وُجُوبِها في جميعِ الحبوبِ، ولو لم تكنْ قُوتاً.
وتَقَدَّمَ قولُ شيخِ الإسلامِ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ لوجوبِ زكاةِ الخارجِ مِن الأرضِ هو الادِّخارُ؛ لوجودِ المعنى المناسِبِ لإيجابِ الزكاةِ فيه، بخِلافِ الكَيْلِ فإنه تقديرٌ مَحْضٌ، فالوزْنُ في معناه.
قرارُ هيئةِ كِبارِ العُلماءِ بشأنِ إخراجِ زكاةِ الحبوبِ والثمارِ نَقْداً:
(قرارٌ رقمَ: 98، وتاريخ: 6/11/1402هـ):
الحمدُ للهِ وَحْدَه، والصلاةُ والسلامُ على نَبِيِّنَا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصَحْبِه،
وبَعْدُ:
فإنَّ مَجْلِسَ هيئةِ كِبارِ العُلماءِ في دَورتِه العشرينَ الْمُنعَقِدَةَ في مدينةِ الطائفِ في الفترةِ التي بينَ يومِ 24/10/1402هـ ويوم 7/11/1402هـ، قد اطَّلَعَ على كتابِ صاحبِ السُّمُوِّ الملَكِيِّ نائبِ رئيسِ مجلِسِ الوزراءِ، رَقْمَ (22848)، وتاريخ 27/9/1402هـ، الذي طلَبَ فيه سُمُوُّه إبداءَ الرأيِ الشرعيِّ في جوازِ دَفْعِ زكاةِ الحبوبِ والثمارِ نقداً، بَدَلَ دَفْعِها مِن عينِ المالِ أو جِنْسِه، كما اطَّلَعَ المجلِسُ على كتابِ سُمُوِّ نائبِ وزيرِ الداخليَّةِ رقمَ (42234)، وتاريخ 22/9/1402هـ، حَوْلَ ما أَفْتَى به فضيلةُ قاضِي الغاط مِن جوازِ أخْذِ النقودِ عن زكاةِ الحبوبِ والثمارِ، واطَّلَعَ أيضاً على كتابِ مَعالِي وزيرِ العدْلِ رقمَ (258/1/ف)، وتاريخ 26/6/1402هـ، المتعلِّقِ بالمعامَلَةِ الْمُحَالَةِ إلى مَعالِيهِ مِن فَضيلةِ رئيسِ محاكِمِ القصيمِ بشأنِ الموضوعِ.
وبَعْدَ اطِّلاعِ الْمَجْلِسِ على ما ذُكِرَ، وعلى بعضِ النقولِ مِن كلامِ أهْلِ العلْمِ، والنظَرِ إلى أنَّ الزكاةَ شُرِعَتْ لِمَصالِحَ كثيرةٍ، منها مواساةُ الفُقراءِ، وسَدُّ حاجتِهم، وتطهيرُ الأغنياءِ وتزكيتُهم، وبعدَ تَدَاوُلِ الرأيِ، وتأمُّلِ ما كان عليه العمَلُ في صدْرِ الأُمَّةِ في عهْدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وعهْدِ خُلفائِه الراشدينَ -رَضِيَ اللهُ عنهم- وأتباعِهم، ووجودِ حالاتٍ أُخِذَتْ فيها بعضُ قِيَمِ الزكاةِ عندَ فقْدِ الواجبِ في الزكاةِ- فإنَّ مَجْلِسَ هيئةِ كِبَارِ العُلماءِ يُقَرِّرُ بالإجماعِ:
أنَّ الأصْلَ أنْ تُدْفَعَ الزكاةُ مِن عينِ المالِ حسْبَ ما جاءتْ به النصوصُ عن الرسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في تفصيلِ الأموالِ الزَّكَوِيَّةِ، وبيانِ مِقدارِ الواجبِ فيها ما أمْكَنَ ذلك.
كما يُقَرِّرُ بالأكثريَّةِ جوازُ دَفْعِ القِيمَةِ في الزكاةِ إذا شَقَّ على المالِكِ إخراجُها مِن عينِ المالِ، ولم يكنْ على الفقراءِ مَضَرَّةٌ في ذلك، كمَنْ وَجَبَتْ عليه زكاةُ الغنَمِ في الإبِلِ وليس عندَه غَنَمٌ، ويَشُقُّ عليه طَلَبُها، وهكذا إذا اقْتَضَتْ مَصلحةُ الفقراءِ إخراجَ القِيمةِ؛ كأنْ يَشُقَّ عليهم أخذُها مِن عينِ المالِ لكونِهم في مكانٍ يَشُقُّ عليهم أخْذُها فيه، وكما لو باعَ الفلاَّحُ ثَمَرَتَه كلَّها، فإنه يَجوزُ أنْ يُعْطِيَ الزكاةَ مِن الثَّمَنِ. هذا وباللهِ التوفيقِ وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على نَبِيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الزكاة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir