12/573 - وَعَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ.
(وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ).
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: وَقَد اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحَلِّهَا، وَرَأَى طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لا يُعَجِّلَهَا، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنْ عَجَّلَهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُ، انْتَهَى.
وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَلَّفَ صَدَقَةَ مَالِ الْعَبَّاسِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ. وَلا أَدْرِي أَثَبَتَ أَمْ لا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: عَنَى بِذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَهُوَ مُعْتَضَدٌ بِحَدِيثِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّا كُنَّا احْتَجْنَا فَأَسْلَفَنَا الْعَبَّاسُ صَدَقَةَ عَامَيْنِ))، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلاَّ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ.
وَقَدْ وَرَدَ هَذَا مِنْ طُرُقٍ بِأَلْفَاظٍ مَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ مِن الْعَبَّاسِ زَكَاةَ عَامَيْنِ. وَاخْتَلَفَت الرِّوَايَاتُ هَلْ هُوَ اسْتَلَفَ ذَلِكَ أَوْ تَقَدَّمَهُ، وَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَانِ مَعاً، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَكْثَرُ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ جَوَازُهُ بِالْمَالِكِ، وَلا يَصِحُّ مِن الْمُتَصَرِّفِ بِالْوِصَايَةِ وَالْوِلايَةِ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ التَّعْجِيلَ مُطْلَقاً بِحَدِيثِ: ((إِنَّهُ لا زَكَاةَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ))، كَمَا دَلَّتْ لَهُ الأَحَادِيثُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لا وُجُوبَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَهَذَا لا يَنْفِي جَوَازَ التَّعْجِيلِ، وَبِأَنَّهُ كَالصَّلاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لا قِيَاسَ مَعَ النَّصِّ.