17/209 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ: ((فِي الصَّلاةِ)).
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ)، وَفِي رِوَايَةٍ: ((إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ فَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ)).
(وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ مُسْلِمٌ: فِي الصَّلاةِ)، وَهُوَ المُرَادُ مِن السِّيَاقِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِلَفْظِهِ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِمَنْ نَابَهُ فِي الصَّلاةِ أَمْرٌ مِن الأُمُورِ؛ كَأَنْ يُرِيدَ تَنْبِيهَ الإِمَامِ عَلَى أَمْرٍ سَهَا عَنْهُ، وَتَنْبِيهَ المَارِّ، أَوْ مَنْ يُرِيدُ مِنْهُ أَمْراً، وَهُوَ لا يَدْرِي أَنَّهُ يُصَلِّي، فَيُنَبِّهُهُ عَلَى أَنَّهُ فِي صَلاةٍ، فَإِنْ كَانَ المُصَلِّي رَجُلاً قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي البُخَارِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأُطْلِقَ فِيمَا عَدَاهُ، وَإِنْ كَانَت المُصَلِّيَةُ امْرَأَةً نَبَّهَتْ بِالتَّصْفِيقِ.
وَكَيْفِيَّتُهُ، كَمَا قَالَ عِيسَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنْ تَضْرِبَ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى كَفِّهَا اليُسْرَى.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى القَوْلِ بِهَذَا الحَدِيثِ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ، وَبَعْضُهُمْ فَصَّلَ بِلا دَلِيلٍ نَاهِضٍ، فَقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ لِلإِعْلامِ بِأَنَّهُ فِي صَلاةٍ فَلا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا، وَلَوْ كَانَ فَتْحاً عَلَى الإِمَامِ. قَالُوا: لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا عَلِيُّ، لا تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاةِ)).
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ ضَعَّفَهُ بَعْدَ سِيَاقِهِ لَهُ، فَحَدِيثُ البَابِ بَاقٍ عَلَى إطْلاقِهِ، لا تَخْرُجُ مِنْهُ صُورَةٌ إلاَّ بِدَلِيلٍ.
ثُمَّ الحَدِيثُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْبِيحِ تَنْبِيهاً، أَو التَّصْفِيقِ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ، إلاَّ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ الأَمْرِ فِي رِوَايَتِهِ: ((إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ)).
وَقَد اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ العُلَمَاءُ؛ قَالَ شَارِحُ التَّقْرِيبِ: الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا؛ وَمِنْهُم: الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، أَنَّهُ سُنَّةٌ. وَحَكَاهُ عَن الأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلامٍ: وَالحَقُّ انْقِسَامُ التَّنْبِيهِ فِي الصَّلاةِ إلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمُبَاحٌ، بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الحَالُ.