[توسُّطُ أخبارِ الأفعالِ الناقصةِ]:
148 - وَفِي جَمِيعِهَا تَوَسُّطُ الخَبَرْ = أَجِزْ وَكُلٌّ سَبْقَهُ دَامَ حَظَرْ
(وَفِي جميعِهَا) أيْ: جميعِ هذه الأفعالِ حتَّى "لَيْسَ" و"مَا دَامَ", (توسُّطُ الخبَرْ) بينَها وبينَ الاسمِ (أَجِزْ) إجماعًا نحوُ {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ} وقِرَاءَةِ حَمْزَةَ وحَفْصٍ {لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} بنَصْبِ "البِرَّ" +قولُهُ (وقولُهُ) [مِنَ الطَّوِيلِ]:
184 - سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ = فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ
وقولُهُ [مِنَ البَسِيطِ]:
185 - لَا طِيبَ لِلعَيْشِ مَا دَامَتْ مُنَغَّصَةً = لَذَّاتُهُ بِادِّكَارِ المَوْتِ وَالهَرَمِ
تنبيهانِ:
الأوَّلُ: مَنَعَ ابنُ مُعْطٍ تَوَسُّطَ خبرِ "مَا دَامَ" وهو وهْم؛ إذ لَمْ يَقُلْ بهِ غيرُهُ ونَقَلَ صاحبُ (الإِرْشَادِ) خِلافًا في جوازِ توسُّطِ خبرِ "لَيْسَ" والصوابُ ما ذكَرْتُهُ.
الثانِي: مَحَلُّ جَوَازِ توسُّطِ الخبرِ ما لَمْ يَعْرِضْ مَا يُوجِبُ ذلك أو يَمنعُهُ فمِنَ المُوجِبِ أنْ يكونَ الاسمُ مضافًا إلى ضميرٍ يعودُ على شَيْءٍ في الخبرِ نحوُ: "كَانَ غُلَامَ هِنْدٍ بَعْلُهَا". و"لَيْسَ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ أَهْلُهَا". لِمَا عَرَفْتَ ومِنَ المانِعِ خَوْفُ اللبْسِ نحوُ: "كَانَ صَاحِبِي عَدُوِّي". واقْتِرَانُ الخبرِ بِـ: (إِلَّا) نحوُ {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ البَيْتِ إِلَّا مُكَاءً} وأنْ يكونَ في الخبرِ ضميرٌ يعودُ على شَيْء في الاسمِ؛ نحوُ: "كَانَ غُلَامُ هِنْدٍ مُبْغِضَهَا". لِمَا عَرَفْتَ أيضًا.
[تَقدُّمُ أخبارِ الأفعالِ الناقِصَةِ]:
(وَكُلُّ) أيْ: كُلُّ العَرَبِ أوِ النُّحَاةِ (سَبْقَهُ) أيْ: سَبْقَ الخبرِ (دَامَ حَظَرْ) أيْ: مَنَعَ "سَبْقَ" مصدرٌ نُصِبَ بِـ: حَظَرَ مُضَافٌ إلى فاعلِهِ و"دَامَ" في موضِعِ النصْبِ بالمفعولِيَّةِ والمرادُ أنَّهُمْ أجمعُوا على منْعِ تقديرِ خبرِ "دَامَ" عليهَا وهذا تَحْتَهُ صُورتانِ:
الأُولَى أنْ يتقَدَّمَ على "ما" ودَعْوَى الإجماعِ على منْعِهَا مُسَلَّمَةٌ.
والأُخْرَى: أنْ يتقَدَّمَ على "دَامَ" وحْدَهَا ويتأخَّرَ عَنْ "مَا" وفي دَعْوَى الإجماعِ على منها (مَنْعِهَا) نَظَر؛ٌ لأن المنعَ مُعَلَّلٌ بعِلَّتَيْنِ:
إحدَاهُما: عَدَمُ تَصَرُّفِها، وهذا بعد تَسْلِيمِهِ لا يَنهضُ مانعًا باتفاقٍ؛ بدليلِ اختلافِهِمْ في "لَيْسَ" معَ الإجماعِ على عدمِ تصرُّفِهَا.
والأُخرَى: أنَّ "مَا" موصولٌ حَرْفِيٌّ ولا يُفْصَلُ بينَهُ وبينَ صِلَتِهِ، وهذا أيضًا مختَلَفٌ فيهِ وقدْ أجازَ كثيرٌ الفصْلَ بينَ الموصولِ الحرفيِّ وصِلَتِهِ إذا كانَ غَيْرَ عَامِلٍ كـ"ما" المصدريةِ، لكنَّ الصورةَ الأولى أقربُ إلى كلامِهِ، أَشْعَرَ بذلك قولُهُ:
149 - كَذَاكَ سَبْقُ خَبَرٍ مَا النَّافِيَهْ = فَجِئْ بِهَا مَتْلُوَّةً لَا تَالِيَهْ