دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المعلقات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 ذو الحجة 1429هـ/12-12-2008م, 04:45 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي معلقة عمرو بن كلثوم

أَلَا هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِينَا = وَلَا تُبْقِي خُمُورَ الأَنْدَرِينَا (1)
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحَصَّ فِيهَا = إِذَا مَا المَاءُ خَالَطَهَا سَخِينَا (2)
تَجُورُ بِذِي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ = إِذَا مَا ذَاقَهَا حتَّى يَلِينَا
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إِذَا أُمِرَّتْ = عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيهَا مُهِينَا (3)
صَدَدْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو = وَكَانَ الكَأَسُ مَجْرَاهَا اليَمِينَا (4)
وَمَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ أُمَّ عَمْرٍو = بِصَاحِبِكِ الذِي لا تَصْبَحِينَا (5)
وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَايَا = مُقَدَّرَةً لَنَا وَمُقَدَّرِينَا
قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينَا = نُخَبِّرْكِ اليَقِينَ وَتُخْبِرِينَا
بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْبًا وَطَعْنًا = أَقَرَّ بِهِ مَوَالِيكِ العُيُونَا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْمًا = لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِينَا (1)
وَإِنَّ غَدًا وَإِنَّ اليَوْمَ رَهْنٌ = وَبَعْدَ غَدٍ بِمَا لا تَعْلَمِينَا
تُرِيكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى خَلَاءٍ = وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الكَاشِحِينَا
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بَكْرٍ = تَرَبَّعَتِ الأَجَارِعَ وَالمُتُونَا (2)
وَثَدْيًا مِثْلَ حَقِّ العَاجِ رُخْصًا = حَصَانًا مِن أَكُفِّ اللَامِسِينَا
وَوَجْهًا مِثْلَ ضَوْءِ البَدْرِ وَافَى = بِإِتْمَامٍ أُنَاسًا مُدْجِنِينَا (3)
وَمَتْنَىْ لَدْنَةٍ طَالَتْ وَلَانَتْ = رَوَادِفُهَا تَنُوءُ بِمَا يَلِينَا (4)
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا = رَأَيْتُ حُمُولَهَا أُصُلًا حُدِينَا (5)
وَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَرَّتْ = كَأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا
فَمَا وَجَدْتُ كَوَجْدِي أُمُّ سَقْبٍ = أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الحَنِينَا
وَلَا شَمْطَاءُ لَمْ يَتْرُكْ شَقَاهَا = لَهَا مِنْ تِسْعَةٍ إِلَّا جَنِينَا
أَبَا هِنْدٍ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْنَا = وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا
بِأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضًا = وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْرًا قَدْ رُوِينَا
وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ = عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا (1)
وَسَيِّدِ مَعْشَرٍ قَدْ تَوَّجُوهُ = بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِينَا (2)
تَرَكْنَا الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ = مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَهَا صُفُونَا (3)
وَقَدْ هَرَّتْ كِلَابُ الحَيِّ مِنَّا = وَشَذَّبْنَا قَتَادَةَ مَنْ يَلِينَا (4)
مَتَى نَنْقُلِ إِلَى قَوْمٍ رِحَانَا = يَكُونُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِينَا
يَكُونُ ثِفَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ = وَلُهْوَتُهَا قُضَاعَةَ أَجْمَعِينَا (5)
وَإِنَّ الضِّغْنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَبْدُو = عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينَا
وَرِثْنَا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ = نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينَا (1)
وَنَحْنُ إِذَا عَمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ = عَلَى الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَا يَلِينَا (2)
نُدَافِعُ عَنْهُمُ الأَعْدَاءَ قُدُمًا = وَنَحْمِلُ عَنْهُمْ مَا حَمَّلُونَا
نُطَاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّا = وَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ إِذَا غُشِينَا
بِسُمْرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّىِّ لُدْنٍ = ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيضٍ يَعْتَلِينَا (3)
نَشُقُّ بِهَا رُؤُوسَ القَوْمِ شَقًّا = وَنُخْلِيهَا الرِّقَابَ فَيَخْتَلِينَا (4)
تَخَالُ جَمَاجِمَ الأَبْطَالِ فِيهَا = وَسُوقًا بِالأَمَاعِزِ يَرْتَمِينَا
نَحُزُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ = فَمَا يَدْرُونَ مَاذَا يَتَّقُونَا؟(5)
كَأَنَّ سُيُوفَنَا فِينَا وَفِيهِمْ = مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لَاعِبِينَا (6)
كَأَنَّ ثِيَابَنَا مِنَّا وَمِنْهُمْ = خُضِبْنَ بِأَرْجُوَانٍ أَوْ طُلِينَا
إِذَا مَا عَيَّ بِالإِسْنَافِ حَيٌّ = مِن الهَوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُونَا
نَصَبْنَا مِثْلَ رَهْوَةَ ذَاتَ حَدٍّ = مُحَافَظَةً وَكُنَّا السَّابِقِينَا
بِفِتْيَانٍ يَرَوْنَ القَتْلَ مَجْدًا = وَشَيْبٍ فِي الحُرُوبِ مُجَرِّبِينَا (7)
حُدَيَّا النَّاسِ كُلِّهِمُ جَمِيعًا = مُقَارِعَةً بَنِيهِمْ عَنْ بَنِينَا
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنَا عَلَيْهِمْ = فَنُصْبِحُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينَا (1)
وَأَمَّا يَوْمَ لَا نَخْشَى عَلَيْهِمْ = فَنُصْبِحُ فِي مَجَالِسِنَا ثَبِينَا (2)
بِرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ = نَدُقُّ بِهَا السُّهُولَةُ والحُزُونَا
بَأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ = تُطِيعُ بِنَا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِينَا (3)
بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ = نَكُونُ لِقَيْلِكُمْ فِيهَا قَطِينَا
تَهَدِّدْنَا وَأَوْعِدْنَا رُوَيْدًا = مَتَى كُنَّا لِأُمِّكَ مَقْتَوِينَا (4)
فَإِنَّ قَنَاتَنَا يَاعَمْرُو أَعْيَتْ = عَلَى الأَعْدَاءِ قَبْلَكَ أَنْ تَلِينَا
إِذَا عَضَّ الثِّقَابُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ = وَوَلَّتْهُمْ عَشَوْزَنَةَ زَبُونَا
عَشَوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ = تَدُقُّ قَفَا المُثَقَّفِ وَالجَبِينَا
فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمَ بْنِ بَكْرٍ= بِنَقْصٍ فِي خُطُوبِ الأَوَّلِينَا
وَرِثْنَا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بْنِ سَيْفٍ = أَبَاحَ لَنَا حُصُونَ المَجْدِ دِينَا
وَرِثْتُ مُهَلْهَلًا وَالخَيْرَ مِنْهُ = زُهَيْرًا نِعْمَ ذُخْرُ الذَّاخِرِينَا
وَعَتَّابًا وَكُلْثُومًا جَمِيعًا = بِهِمْ نِلْنَا تُرَاثَ الأَكْرَمِينَا
وَذَا البُرَّةِ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ = بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي المُلْجِئِينَا
وَمِنَّا قَبْلَهُ السَّاعِي كُلَيْبٌ = فَأَيُّ المَجْدِ إِلَّا قَدْ وَلِينَا
مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنَا بِحَبْلٍ = نَجُذُّ الحَبْلَ أَوْ نَقُصُّ القَرِينَا
وَنُوجَدُ نَحْنُ أَمْنَعُهُمْ ذِمَارًا = وَأَوْفَاهُمْ إِذَا عَقَدُوا يَمِينَا
وَنَحْنُ غَدَاةَ أُوقِدَ فِي خَزَازَى = رَفَدْنَا فَوْقَ رَفْدِ الرَّافِدِينَا (1)
وَنَحْنُ الحَابِسُونَ بِذِي أرَاْطَى = تَسُفُّ الجِلَّةُ الخُورُ الدَّرِينَا
وَنَحْنُ الحَاكِمُونَ إِذَا أَطَعْنَا = وَنَحْنُ العَازِمُونَ إِذَا عُصِينَا (2)
وَنَحْنُ التَّارِكُونَ لِمَا سَخِطْنَا = وَنَحْنُ الآخِذُونَ لِمَا رَضِينَا
وَكُنَّا الأَيْمَنَيْنِ إِذَا الْتَقَيْنَا = وَكَانَ الأَيْسَرِينَ بَنُو أَبِينَا
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ = وَ‍صُلْنَا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِينَا
فَآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا = وَأُبْنَا بِالمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
إِلَيْكُمْ يَابَنِي بَكْرٍ إِلَيْكُمْ = أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا اليَقِينَا
أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنَّا وَمِنْكُمْ = كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرْتَمِينَا (3)
عَلَيْنَا البِيضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِي = وَأَسْيَافٌ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِينَا
عَلَيْنَا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلَاصٍ = تَرَى فَوْقَ النِّجَادِ لَهَا غُضُونَا (4)
إِذَا وُضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْمًا = رَأَيْتُ لَهَا جُلُودَ القَوْمِ جُونَا
كَأَنَّ مُتُونَهُنَّ مُتُونَ غُدْرٍ = تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَا (5)
وَتَحْمِلُنَا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُرْدٌ = عُرِفْنَ لَنَا نَقَائِذَ وَافْتُلِينَا
وَرَدْنَ دَوَارِعًا وَخَرَجْنَ شُعْثًا = كَأَمْثَالِ الرَّصَائِعِ قَدْ بَلِينَا (1)
وَرِثْنَاهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ = وَنُورِثُهَا إِذَا مُتْنَا بَنِينَا
وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ مِنْ مَعَدٍّ = إِذَا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينَا (2)
بِأَنَّا العَاصِمُونَ بِكُلِّ كَحْلٍ = وَأَنَّا البَاذِلُونَ لِمُجْتَدِينَا (3)
وَأَنَّا المَانِعُونَ لِمَا يَلِينَا = إِذَا مَا البِيضُ زَايَلَتِ الجُفُونَا (4)
وَأَنَّا المُنْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا = وَأَنَّا المُهْلِكُونَ إِذَا أَتِينَا (5)
وَأَنَّا الشَّارِبُونَ المَاءَ صَفْوًا = وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدْرًا وَطِينَا (6)
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي الطَّمَّاحِ عَنَّا = وَدُعْمِيًّا فَكَيْفَ وَجَدْتُمُونَا (7)
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الآضْيَافِ مِنَّا = فَعَجَّلْنَا القَرَى أَنْ تَشْتُمُونَا
قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنَا قِرَاكُمْ = قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُونَا
عَلَى آثَارِنَا بِيضٌ حِسَانٌ = نُحَاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهُونَا (1)
ظَعَائِنَ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ بَكْرٍ = خَلَطْنَ بِمَيْسَمٍ حَسَبًا وَدِينَا
أَخَذْنَ عَلَى بُعُولَتِهِنَّ عَهْدًا = إِذَا لَاقُوا كَتَائِبَ مُعْلَمِينَا (2)
لَيَسْتَلِبُنَّ أَبْدَانًا وَبِيضًا = وَأَسْرَى فِي الحَدِيدِ مُقَرَّنِينَا
إِذَا مَا رُحْنَ يَمْشِينَ الهُوَيْنَى = كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينَا
يَقُتْنَ جِيَادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ = بُعُولَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعُونَا
إِذَا لَمْ نَحْمِهِنَّ فَلَا بَقِينَا = لِشَيْءٍ بَعْدَهُنَّ وَلَا حَيِينَا (3)
وَمَا مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ = تَرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كالقُلِينَا
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفًا = أَبَيْنَا أَنْ يَقِرَّ الخَسْفُ فِينَا
أَلَا لَا يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا = فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا
لَنَا الدُّنْيَا وَمَا أَمْسَى عَلَيْهَا = وَنَبْطِشُ حِينَ نَبْطِشُ قَادِرِينَا (4)
نُسَمَّى ظَالِمِينَ وَمَا ظَلَمْنَا = وَلَكِنَّا سَنَبْدَأُ ظَالِمِينَا (5)
مَلَأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا = وَظَهْرَ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِينَا (1)
إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ = تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِدِينَا (2)
كَأَنَّا وَالسُّيُوفُ مُسَلَّلَاتٌ = وَلَدْنَا النَّاسَ طُرًّا أَجْمَعِينَا (3)
تَرَانَا بَارِزِينَ وَكُلُّ حَيٍّ = قَدِ اتَّخَذُوا مَخَافَتَنَا قَرِينَا (4)




(1)وَيُرْوَى (وَلَا تُبْقِنَّ ) اللسانُ (صحن).

(2)وَيُرْوَى (شَحِينَا).

(3)وَيُرْوَى بَعْدَهُ فِي الجَمْهَرَةِ:
كَأَنَّ الشُّهْبَ فِي الآذَانِ مِنْهَا إِذَا قَرَعُوا بِحَافَّتِهَا الجَبِينَا

(4)وَيُرْوَى (صَبَنْتِ الكَأْسَ) وَالبَيْتُ لَمْ يَرْوِهِ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ.

(5)لَمْ يَرْوِهِ ابْنُ الأَبْنَارِيِّ أَيْضًا.
وقالَ التِّبْرِيزِيُّ: (بَعْضُهُمْ يَرْوِي هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ) لِعَمْرِو ابْنِ أُخْتِ جَذِيمَةَ الأَبْرَشِ. شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (324)
وَيُرْوَى بَعْدَهُ فِي الجَمْهَرَةِ الأَبْيَاتُ الثلاثةُ التاليةُ:
وَكَأْسٌ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكَّ وَأُخْرَى فِي دِمِشْقٍ وَقَاصِرِينَا
&إِذَا صَمَدْتَ حمياها أَرِيبًا مِنَ الفِتْيَانِ خِلْتَ بِهِ جُنُونًا
فَمَا بَرَحَتُ مَجَالَ الشُّرْبِ حَتَّى تَغَالُوهَا وَقَالُوا: قَدْ رُوِينَا
والبيتُ الأوَّلُ مِنْهَا رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ والزُّوزَنِيُّ، وَلَمْ يَرْوِهِ ابنُ الأَبْنَارِيِّ وَلا التِّبْرِيزِيُّ. وَيُرْوَى بَعْدَهُ فِي الجَمْهَرَةِ (273).
عَقَارًا عُتِّقَتْ مِنْ عَهْدِ نُوحٍ بِبَطْنِ الدَّنِّ تَبْتَذِلُ السِّنِينَا

(1)وَيُرْوَى (هَلْ أَحْدَثْتِ وَصْلًا) شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (377).
وَيُرْوَى بَعْدَهُ البيتُ التالي:
أَفِي لَيْلَى يُعَاتِبُنِي أَبُوهَا وَإِخْوَتُهَا وَهُمْ لِي ظَالِمُونَا
انْفَرَدَ بِرِوَايَتِهِ أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ وَأَنْكَرُهُ غَيْرُهُ.

(2)وَيُرْوَى (هِجَانُ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا) شَرْحُ الزُّوزَنِيِّ (120)، وَشَرْحُ الشَّنْقِيطِيِّ (139).

(3)وَيُرْوَى:
وَنَحْرًا مِثْلَ ضَوْءِ البَدْرِ وَافَى بِإِتْمَامٍ أُنَاسًا مُدْلِجِينَا
الجَمْهَرَةُ (صادر) (140)، والبَيْتُ المُثْبَتُ فِي المَتْنِ فِي حَاشِيَةِ التِّبْرِيزِيِّ ص (327) نَقْلًا عَنْ حَاشِيَةِ النَّحَّاسِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ، وَلَمْ يَرْوِهِ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ وَلَا الزُّوزَنِيُّ.

(4)وَيُرْوَى (سَمَقَتْ وَطَالَتْ) شَرْحُ الزُّوزَنِيِّ (121).
وَرَوَى الزُّوزَنِيُّ بَعْدَهُ البَيْتَيْنِ التَّالِيَيْنِ:
وَمَأْكَمَةً يَضِيقُ البَابُ عَنْهَا وَكَشْحًا قَدْ جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَا
&وَسَارِيَتِي بِلَنْطٍ أو رُخَامٍ يَرِنُّ خَشَاشَ حُلِيِّهِمَا رَنِينَا
وَيُرْوَى (وَسَالِفَتِي رُخَامٌ) الجَمْهَرَةُ (صَادِر) (140).

(5)وَيُرْوَى (وَرَاجَعْتُ الصِّبَا).

(1)وَيُرْوَى (وَأَيَّامٍ لَنَا وَلَهُمُ طِوَالٍ ) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (232).
وَشَرْحُ ابنِ الأَنْبَارِيِّ (389).

(2)وَيُرْوَى (قَدْ عَصَّبُوهُ).

(3)وَيُرْوَى (عَاطِفَةً عَلَيْهِ).

(4)وَيُرْوَى (هَرَّتْ كِلَابُ الجِنِّ) انْظُر الحَيَوَانَ (6 / 229).
وَيُرْوَى بَعْدَهُ البَيْتَانِ التَّالِيَانِ:
وَأَنْزَلْنَا البُيُوتَ بِذِي طَلُوحٍ إِلَى الشَّامَاتِ تَنْفِي المُوعِدِينَا
نَعُمُّ أُنَاسَنَا وَنَعِفُّ عَنْهُمْ وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُونَا
رَوَاهُمَا أَبُو زَيْدٍ والزُّوزَنِيُّ والشَّنْقِيطِيُّ وَسَقَطَ البَيْتَانِ مِنْ رِوَايَةِ الخَطِيبِ
وَرَوَى ابْنُ الأَنْبَارِيِّ البيتَ الثانيَ بِشَيْءٍ مِن الاختلافِ (شَرْحُهُ 394)
وَسَيَرِدُ في سياقِ القصيدةِ.

(5)وَيُرْوَى (شَرْقِيَّ سُلْمَى) شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ ص (391).

(1)وَيُرْوَى (حَتَّى نَبِينَا)، وَيُرْوَى (حتى يَلِينَا)، وَيُرْوَى (حَتَّى يَبِينَا).

(2)رَوَى الزُّوزَنِيُّ (عَن الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِينَا).

(3)وَيُرْوَى (أَوْ بِبِيضٍ يَخْتَلِينَا) شَرْحُ الزُّوزَنِيِّ (125).

(4)رَوَاهُ الزُّوزَنِيُّ (وَنَخْتَلِبُ الرِّقَابَ فَيَخْتَلِينَا).

(5)رَوَى الزُّوزَنِيُّ (نَجُذُّ رُؤُوسَهُمْ) وَيُرْوَى (نَجُزُّ رُؤُوسَهُمْ) وَ (تَخِرُّ رُؤُوسُهُمْ).

(6)رَوَى الزُّوزَنِيُّ ( مِنَّا وَمِنْهُمْ).

(7)رَوَى الزُّوزَنِيُّ (بِشُبَّانٍ) وَيُرْوَى البيتُ لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ
انْظُر الجَمْهَرَةَ (186).
وَيُرْوَى بَعْدَهُ فِي الجَمْهَرَةِ:
&يُدْهِدُونَ الرُّؤُوسَ كَمَا تَدَهْدَى حَزَاوِرَةُ بِأَبْطَحِهَا الكَرِينَا
وَيُرْوَى (يُدَهْدِهْنَ الرُّؤُوسَ) اللسانُ: (دَهْدَهَ).
وَقَدْ رَوَاهُ الزُّوزَنِيُّ والشَّنْقِيطِيُّ وَلَمْ يَرْوِهِ ابنُ الأَنْبَارِيِّ وَلَا التِّبْرِيزِيُّ.

(1)وَرَوَاهُ الزُّوزَنِيُّ هَكَذَا:
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنَا عَلَيْهِمْ فَتُصْبِحُ خَيْلُنَا عُصُبًا ثَبِينَا

(2)وَرَوَاهُ الزُّوزَنِيُّ هكذا:
وَأَمَّا يَوْمَ لَا نَخْشَى عَلَيْهِمْ فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينَا

(3)وَيُرْوَى قَبْلَهُ البيتُ التالي:
بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ تَرَى أَنَّا نَكُونُ الأَرْذَلِينَا
انْفَرَدَ أَبُو زَيْدٍ بِرِوَايَتِهِ فِي الجَمْهَرَةِ.

(4)رَوَى أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ (تُهَدِّدُنَا وَتُوعِدُنَا رُوَيْدًا).

(1)رَوَى الزُّوزَنِيُّ (فِي خَزَازَى).

(2)وَيُرْوَى:
بِأَنَّا العَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنَا وَأَنَّا الغَارِمُونَ إِذَا عُصِينَا
انْظُر الجَمْهَرَةَ لِأَبِي زَيْدٍ.

(3)وَيُرْوَى بَعْدَهُ البَيْتُ التالي:
&تَقُودُ الخَيْلَ دَامِيَةً كِلَاهَا إِلَى الأَعْدَاءِ لَاحِقَةٌ بُطُونَا
انْفَرَدَ أَبُو زَيْدٍ بِرِوَايَتِهِ فِي الجَمْهَرَةِ.

(4)رَوَى الزُّوزَنِيُّ (فَوْقَ النِّطَاقِ).

(5)رَوَى الزُّوزَنِيُّ (كَأَنَّ غُضُونَهُنَّ) أَيْ: تُكَسِّرُهُنَّ.

(1)رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ والزُّوزَنِيُّ وَلَمْ يَرْوِهِ ابنُ الأَنْبَارِيِّ وَلَا التِّبْرِيزِيُّ.

(2)رَوَى أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ (وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ غَيْرَ فَخْرٍ).

(3)لَمْ يَرْوِهِ أَبُو زَيْدٍ وَلَا الزُّوزَنِيُّ.

(4)رَوَى ابنُ الأَنْبَارِيِّ (فَارَقَتِ الجُفُونَا) وَلَمْ يَرْوِهِ أَبُو زَيْدٍ وَلَا الزُّوزَنِيُّ.

(5)رَوَى ابنُ الأَنْبَارِيِّ: (وَأَنَّا المَانِعُونَ إِذَا قَدَرْنَا)، وَرَوَى الزُّوزَنِيُّ:
(بِأَنَّا المُطْعِمُونَ).
وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ بَعْدَهُ فِي الجَمْهَرَةِ الأَبْيَاتَ الأَرْبَعَةَ التَّالِيَةَ:
وَأَنَّا الحَاكِمُونَ بِمَا أَرَدْنَا وَأَنَّا النَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينَا
وَأَنَّا التَّارِكُونَ لِمَا سَخِطْنَا وَأَنَّا الآخِذُونَ لِمَا هَوِينَا
وَأَنَّا الطَّالِبُونَ إِذَا نَقِمْنَا وَأَنَّا الضَّارِبُونَ إِذَا ابْتُلِينَا
وَأَنَّا النَّازِلُونَ بِكُلِّ ثَغْرٍ يَخَافُ النَّازِلُونَ بِهِ المَنُونَا
وَيُرَجَّحُ أَنْ يَكُونَ البَيْتُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَةِ أَبِي زَيْدٍ رِوَايَةً أُخْرَى لِلْبَيْتَيْنِ (58-59) وَأَمَّا البَيْتُ الرَّابِعُ فَيُرْوَى فِي مُجَمْهَرَةِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ هَكَذَا:
وَأَنَّا النَّازِلُونَ بِكُلِّ ثَغْرٍ وَأَنَّا الضَّارِبُونَ إِذَا التُّقِينَا
الجَمْهَرَةُ لِلْقُرَشِيِّ (186).

(6)وَرَوَى الزُّوزَنِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ (وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْوًا).

(7)رَوَى ابنُ الأَنْبَارِيِّ وَأَبُو زَيْدٍ (أَلَا سَائِلٌ بَنِي الطِّمَاحِ).

(1)رَوَى التِّبْرِيزِيُّ: (نُحَاذِرُ أَنْ تُفَارِقَ أَوْ تَهُونَا).

(2)رَوَى التِّبْرِيزِيُّ: (إِذَا لَاقُوا فَوَارِسَ مُعْلَمِينَا).

(3)رَوَاهُ التِّبْرِيزِيُّ وَابنُ الأَنْبَارِيِّ وَأَبُو زَيْدٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ الزُّوزَنِيُّ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا البَيْتَ مَنْحُولٌ.
انْظُر ابْنَ الأَنْبَارِيِّ (424) وَفِيهِ رِوَايَةٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا الصَّدَدِ.

(4)رَوَى التِّبْرِيزِيُّ (مَنْ أَضْحَى) وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا البيتَ، وَلَمْ يَرْوِهِ الزُّوزَنِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ.

(5)رَوَى ابنُ الأَنْبَارِيِّ (بُغَاةٌ ظَالِمِينَا)، وَقَالَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا البَيْتَ أ‍ََيْضًا.

(1)رَوَى ابنُ الأَنْبَارِيِّ (وَنَحْنُ البَحْرَ نَمْلَؤُهُ سَفِينَا).
وَرَوَى الزُّوزَنِيُّ: (وَمَاءَ البَحْرِ).
وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ: (كَذَاكَ البَحْرِ).

(2)رَوَاهُ الزُّوزَنِيُّ، والتِّبْرِيزِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ ابنُ الأَنْبَارِيِّ.

(3)هَذَا البَيْتُ وَالَّذِي يَلِيهِ رَوَاهُمَا أَبُو زَيْدٍ وَالزُّوزَنِيُّ وَسَقَطَا مِنْ رِوَايَةِ ابنِ الأَنْبَارِيِّ وَالتِّبْرِيزِيِّ.

(4)وَيُرْوَى لَهُ الأَبْيَاتُ الثَّلَاثَةُ التَّالِيَةُ:
وَنَعْدُو حَيْثُ لَا يُعْدَى عَلَيْنَا وَنَضْرِبُ بِالمَوَاسِي مَنْ يَلِينَا
تَنَادَى المُصْعَبَانِ وَ آلُ بَكْرٍ وَنَادَوْا يَا لِكِنْدَةَ أَجْمَعِينَا
فَإِنْ نَغْلِبْ فَغَلَّابُونَ قُدُمًا وَإِنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينَا
انْفَرَدَ أَبُو زَيْدٍ بِرِوَايَتِهَا فِي الجَمْهَرَةِ.

  #2  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 03:05 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح القصائد السبع الطوال لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري

........................

  #3  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 03:13 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح المعلقات العشر للخطيب: محمد بن عبد الله التبريزي

وقالَ عَمْرُو بنُ كُلْثُومِ

ابنِ مَالِكِ بنِ عَتَّابِ بنِ سَعْدِ بنِ زُهَيْرِ بنِ جُشَمَ بنِ بَكْرِ بنِ حَبِيبِ بنِ عَمْرِو بنِ غَنْمِ بنِ تَغْلِبَ بنِ وَائِلِ بنِ قَاسِطِ بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيِّ بنِ جَدِيلَةَ بنِ أَسَدِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ.
قالَ أبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: كانَتْ بَنُو تَغْلِبَ بنِ وَائِلٍ مِنْ أَشَدِّ الناسِ في الجاهليَّةِ.وقَالُوا: لوْ أَبْطَأَ الإسلامُ قليلاً لأَكَلَتْ بَنُو تَغْلِبَ الناسَ. ويُقَالُ: جاءَ ناسٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ إلى بَكْرِ بنِ وَائِلٍ يَسْتَسْقُونَهُم، فطَرَدَتْهُم بَكْرٌ للحِقْدِ الذي كانَ بينَهم، فرَجَعُوا، فماتَ مِنهم سَبْعُونَ رَجُلاً عَطَشاً، ثمَّ إنَّ بني تَغْلِبَ اجْتَمَعُوا لِحَرْبِ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، واسْتَعَدَّتْ لَهم بَكْرٌ، حتَّى إذَا الْتَقَوْا كَرِهَ كُلٌّ صَاحِبَهُ، وخَافُوا أنْ تَعُودَ الحربُ بينَهم كما كانَتْ، فدعا بعضُهم بعضاً إلى الصُّلْحِ، فتَحَاكَمُوا في ذلكَ إلى المَلِكِ عَمْرِو بنِ هِنْدٍ، فقالَ عَمْرٌو: ما كُنْتُ لأَحْكُمَ بينَكُم حتَّى تَأْتُونِي بسبعينَ رَجُلاً مِنْ أشرافِ بَكْرِ بنِ وائلٍ، فأَجْعَلَهُم في وَثاقٍ عِنْدِي، فإنْ كانَ الحَقُّ لِبَنِي تَغْلِبَ دَفَعْتُهُم إليهم، وإنْ لم يَكُنْ حَقٌّ خَلَّيْتُ سَبِيلَهُم. ففَعَلُوا وتَوَاعَدُوا لِيَوْمٍ بِعَيْنِهِ يَجْتَمِعُونَ فيهِ.
فقالَ المَلِكُ لِجُلَسَائِهِ: مَنْ تَرَوْنَ تَأْتِي بهِ تَغْلِبُ لِمَقَامِها هذا؟ فَقَالُوا: شاعِرُهم وسَيِّدُهم عَمْرُو بنُ كُلْثُومٍ. قالَ: فَبَكْرُ بنُ وَائِلٍ؟ فَاخْتَلَفُوا عليهِ، وذَكَرُوا غيرَ واحدٍ مِنْ أشرافِ بَكْرِ بنِ وائلٍ.قالَ: كَلاَّ واللَّهِ لا تَفْرُجُ بَكْرُ بنُ وَائِلٍ إلاَّ عن الشيخِ الأَصَمِّ، يَعْثُرُ في رَيْطَتِهِ، فيَمْنَعُهُ الكَرَمُ مِنْ أنْ يَرْفَعَها قَائِدُهُ فيَضَعَها على عاتِقِهِ.
فلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءَتْ تَغْلِبُ يَقُودُهَا عَمْرُو بنُ كُلْثُومٍ، حَتَّى جَلَسَ إلى المَلِكِ.
وقالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ لِقَوْمِهِ: إنِّي قدْ قُلْتُ خُطْبَةً، فمَنْ قامَ بها ظَفِرَ بحُجَّتِهِ وفَلَجَ على خَصْمِهِ. فَرَوَّاها نَاساً منهم، فلَمَّا قَامُوا بينَ يَدَيْهِ لم يَرْضَهُم.فحينَ عَلِمَ أنَّهُ لا يَقُومُ بها أحدٌ مَقَامَهُ قالَ لهم: واللَّهِ إنِّي لأَكْرَهُ أنْ آتِيَ المَلِكَ، فيُكَلِّمَنِي منْ وَرَاءِ سَبْعَةِ سُتُورٍ، ويَنْضَحَ أَثَرِي بالماءِ إذا انْصَرَفْتُ عنهُ -وذلكَ لِبَرَصٍ كَانَ بهِ- غيرَ أَنِّي لا أَرَى أحداً يقومُ بها مَقَامِي، وأنا مُحْتَمِلٌ ذلكَ لَكُمْ. فانْطَلَقَ حتَّى أتَى المَلِكَ.
فلَمَّا نَظَرَ إليهِ عمرُو بنُ كُلْثُومٍ قالَ للمَلِكِ: أَهَذَا يُنَاطِقُنِي، وهوَ لا يُطِيقُ صَدْرَ رَاحِلَتِهِ؟!فأَجَابَهُ المَلِكُ حتَّى أَفْحَمَهُ.وأَنْشَدَ الحارِثُ قَصِيدَتَهُ:(آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ)، وهوَ مِنْ وَرَاءِ سَبْعَةِ سُتُورٍ، وهِنْدٌ تَسْمَعُ. فلَمَّا سَمِعَتْهَا قالَتْ: تاللَّهِ ما رَأَيْتُ كاليومِ قَطُّ رَجُلاً، يقولُ مِثْلَ هذا القولِ، يُكَلَّمُ مِنْ وَرَاءِ سَبْعَةِ سُتُورٍ.
فقالَ المَلِكُ: ارْفَعُوا سِتْراً،وَدَنَا. فما زَالَتْ تَقُولُ ويُرْفَعُ سِتْرٌ فَسِتْرٌ، حتَّى صَارَ معَ المَلِكِ على مَجْلِسِهِ، ثمَّ أَطْعَمَهُ مِنْ جَفْنَتِهِ، وأَمَرَ ألاَّ يُنْضَحَ أَثَرُهُ بالماءِ، وجَزَّ نَوَاصِيَ السَّبْعِينَ الذينَ كَانُوا في يَدَيْهِ مِنْ بَكْرٍ، ودَفَعَها إلى الحارِثِ، وأَمَرَهُ ألاَّ يُنْشِدَ قَصِيدَتَهُ إلاَّ مُتَوَضِّئاً، فلم تَزَلْ تلكَ النَّوَاصِي في بَنِي يَشْكُرَ بعدَ الحارِثِ، وهوَ مِنْ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمٍ منْ بَنِي مَالِكِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
وأَنْشَدَ عَمْرُو بنُكُلْثُومٍ قَصِيدَتَهُ:
1- أَلا هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِينَا = وَلا تُبْقِي خُمُورَ الأَنْدَرِينَا
َلا) تَنْبِيَةٌ، وهوَ افتتاحُ الكلامِ.و(هُبِّي) معناهُ: قُومِي مِنْ نَوْمِكِ، يُقَالُ: هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ هَبًّا، إذا انْتَبَهَ وقامَ مِنْ مَوْضِعِهِ. و(الصَّحْنُ): القَدَحُ الواسِعُ الضَّخْمُ. و(الصَّبُوحُ): شُرْبُ الغَدَاةِ. و(الأَنْدَرِينَ): قريَةٌ بالشَّامِ كثيرةُ الخمرِ. ويقالُ: إنَّما أَرَادَ: أَنْدَرَ، ثمَّ جَمَعَهُ بما حَوَالَيْهِ. ويقالُ: إنَّ اسمَ المَوْضِعِ: أَنْدَرُونَ. وفيهِ لُغَتَانِ: مِنهم مَنْ يَجْعَلُهُ بالواوِ في موضِعِ الرفعِ، وبالياءِ في موضِعِ النصبِ والجرِّ، وبفتحِ النونِ في كُلِّ ذلكَ.ومنهم مَنْ يَجْعَلُ الإعرابَ في النونِ، ولا يُجِيزُ أنْ يَأْتِيَ بالواوِ.
وقالَ أبو إِسْحَاقَ: يَجُوزُ أنْ يَأْتِيَ بالواوِ ويَجْعَلَ الإعرابَ في النونِ، ويكونُ مِثْلَ زَيْتُونٍ، يَجْرِي إعرابُهُ في آخِرِ حرفٍ منهُ. قالَ أبو إسحاقَ: خَبَّرَنَا بهذا أبو العبَّاسِ، ولا أَعْلَمُ أحداً سَبَقَنا إلى هذا.
2- مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الْحُصَّ فِيهَا = إِذَا مَا الْمَاءُ خَالَطَهَا سَخِينَا
(المُشَعْشَعَةُ): الرقيقةُ مِن العَصْرِ، أوْ مِن المَزْجِ. و(الحُصُّ): الوَرْسُ.و(فِيهَا)؛ أيْ: في الخَمْرِ.ويقالُ في الحُصِّ: إنَّهُ الزَّعْفَرَانُ، شَبَّهَ صُفْرَتَهَا بصُفْرَتِهِ.وقولُهُ: (سَخِينَا)، قالَ أبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: كَانُوا يُسَخِّنُونَ لها الماءَ في الشتاءِ، ثمَّ يَمْزِجُونَهَا بهِ. وهوَ على هذا منصوبٌ على الحالِ؛ أيْ: إذا خَالَطَهَا الماءُ في هذهِ الحالِ.وقيلَ: هوَ نعتٌ لمحذوفٍ، والمعنى: فاصْبَحِينَا شَرَاباً سَخِيناً، ثمَّ أَقَامَ الصفةَ مُقَامَ الموصوفِ.وقِيلَ: (سَخِينَا) فِعْلٌ؛ أيْ: إذا شَرِبْنَاها سَخِيناً؛ كما قالَ:

ونَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكاً = وأُسْداً مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ
فأمَّا قولُهُ:ُشَعْشَعَةً)؛ فإنَّهُ منصوبٌ على الحالِ. وإنْ شِئْتَ رَفَعْتَ بمعنى: هيَ مُشَعْشَعَةٌ. وقدْ قيلَ: إنَّ مُشَعْشَعَةً منصوبةٌ بقولِهِ:َاصْبَحِينَا).
3- تَجُورُ بِذِي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ = إِذَا مَا ذَاقَهَا حَتَّى يَلِينَا
َجُورُ): تَعْدِلُ. و(اللُّبَانَةُ): الحاجَةُ؛ أيْ: تَعْدِلُ بصاحِبِ الحاجةِ عنْ هَوَاهُ، حتَّى يَلِينَ لأصحابِهِ، ويَجْلِسَ معَهم، ويَتْرُكَ حَاجَتَهُ.وقيلَ: حتَّى يَلِينَ عنْ هَوَاهُ فيَسْكَرَ عنهُ.
4- تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إِذَا أُمِرَّتْ = عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيهَا مُهِينَا
(اللَّحِزُ): الضيِّقُ البَخِيلُ. وقيلَ: هوَ السَّيِّئُ الخُلُقِ اللئيمُ.ويقالُ: هيَ مِن الأشياءِ التي تَجْمَعُ كثيراً من الشُّرُورِ؛ مثلُ الهِلْبَاجَةِ. ورَوَى بعضُ أهلِ اللغةِأنَّهُ قيلَ لأعرابيٍّ: ما الهِلْبَاجَةُ؟ فقالَ: السيِّئُ الخُلُقِ،ثمَّ قالَ: والأحمقُ،ثمَّ قالَ: والطَّيَّاشُ، ثمَّ قالَ بِيَدَيْهِ: احْمِلْ عليهِ من الشَّرِّ ما شِئْتَ.
و(الشَّحِيحُ): البَخِيلُ. وقولُهُ: (إِذَا أُمِرَّتْ * عَلَيْهِ)؛ أيْ: إذا أُدِيرَتْ.والمعنى: أنَّ الخمرَ إذا كَثُرَ دَوَرَانُها عليهِ أَهانَ مالَهُ. يُقَالُ: فلانٌ مُهِينٌ لمالِهِ، إذا كانَ سَخِيًّا.وفلانٌ مُعِزٌّ لِمَالِهِ: إذا كانَ بَِخيلاً.
5- صَدَدْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو = وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا الْيَمِينَا
6- وَمَا شَرُّ الثلاثةِ أُمَّ عَمْرٍو = بِصَاحِبِكِ الذي لا تَصْبَحِينَا
بعضُهم يَرْوِي هذَيْنِ البيتيْنِ لعمرٍو ابنِ أُخْتِ جُذَيْمَةَ الأَبْرَشِ، وذلكَ لَمَّا وَجَدَهُ مالِكٌ وعقيلٌابْنَا فارِحٍ في البَرِّيَّةِ، وَكَانَا يَشْرَبانِ. و(أُمُّ عَمْرٍو) هذهِ المذكورةُ تَصُدُّ عنهُ الكأسَ، فلَمَّا قالَ هذا الشعرَ سَقَيَاهُ وحَمَلاهُ إلى خَالِهِ جُذَيْمَةَ، ولَهُمَا حديثٌ.
7- وإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنَا الْمَنَايَا =مُقَدَّرَةً لَنَا وَمُقَدَّرِينَا
(المَنَايَا): جَمْعُ مَنِيَّةٍ، ويقالُ: المَنَايَا: الأَقْدَارُ، منْ قولِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}، معناهُ: إذا تُقَدَّرُ. وقولُهُ: (مُقَدَّرَةً لنا ومُقَدَّرِينَا)؛ أيْ: نحنُ مُقَدَّرُونَ لأَوْقَاتِهَا، وهيَ مُقَدَّرَةٌ لَنَا.و(مُقَدَّرَةً) منصوبةٌ على الحالِ.وكذلكَُقَدَّرِينَا)؛ أيْ: تُدْرِكُنا في هذهِ الحالِ.ومعنى هذا البيتِ في اتِّصَالِهِ بما قبلَهُ، أنَّهُ لَمَّا قالَ: ُبِّي بِصَحْنِكِ) حَضَّها على ذلكَ، فالمعنى: فاصْبَحِينَا مِنْ قَبْلِ حُضُورِ الأَجَلِ؛ فإنَّ المَوْتَ مُقَدَّرٌ لنا، ونحنُ مُقَدَّرُونَ لهُ.

8-قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينَا =نُخَبِّرْكِ الْيَقِينَ وتُخْبِرِينَا
(يا ظَعِينَا) معناهُ: يا ظَعِينَةُ، فرَخَّمَ وحَذَفَ الهاءَ، وأَشْبَعَ الفتحةَ فصارَتْ أَلِفاً. أيْ: قِفِي نُخْبِرْكِ ما لا تَشُكِّينَ فيهِ مِنْ حُرُوبِنا معَ أَهْلِكِ.والمعنى: قبلَ أنْ يُفَارِقَنَا أهلُكِ. وقيلَ: المعنى: قبلَ أنْ يُفَرِّقَ بينَنا الموتُ. والأوَّلُ أَصَحُّ.
9- بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً = أَقَرَّ بِهِ مَوَالِيكِ الْعُيُونَا
ِيَوْمِ كَرِيهَةٍ)؛ أيْ: بِيَوْمِ وَقْعَةٍ كَرِيهَةٍ.وإنَّما ثَبَتَت الهاءُ في (كَرِيهَةٍ)، وهيَ في تأويلِ مفعولةٍ؛ لأنَّها جُعِلَت اسماً؛ مِثْلَ: النَّطِيحَةِ والذَّبِيحَةِ. والكَرِيهَةُ: اسمٌ لشِدَّةِ البَأْسِ في الحربِ. و(المَوَالِي) هنا: العَصَبَةُ. وقيلَ: يُرِيدُ بهم: بَنِي العَمِّ.
وقولُهُ: (طَعْناً وضَرْباً) مَصْدَرَانِ؛ أيْ: نَطْعَنُ طَعْناً، ونَضْرِبُ ضَرْباً.ويَجُوزُ أنْ يكونَ مفعولاً بِهِمَا، ويكونَ الفاعلُ مُضْمَراً، ويكونُ المَعْنَى: بيومٍ يُكْرَهُ الضربُ والطعنُ فيهِ. والباءُ في قَوْلِهِ: ِيَوْمِ) مُتَعَلِّقَةٌ بقولِهِ: ِفِي).ويَجُوزُ أنْ تكونَ مُتَعَلِّقَةً بقولِهِ: (نُخَبِّرْكِ).
فإذا كانَتْ مُتَعَلِّقَةً بقولِهِ: (قِفِي) فالمَعْنَى: قِفِي بهذا اليومِ الكَرِيهِ الذي كانَ بَيْنَنَا وبينَ أَهْلِكِ فيهِ حَرْبٌ؛ لأَنْظُرَ: أَغَيَّرَكِ ذلكَ أمْ لا؟ ثمَّ بَيَّنَ بالذي بعدَهُ فقالَ:
10- قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صُرْماً = لِوَشْكِ الْبَيْنِ أمْ خُنْتِ الأَمِينَا؟
ويُرْوَى: (هلْ أَحْدَثْتِ وَصْلاً). و(الصُّرْمُ): القَطِيعَةُ. و(وَشْكُ البَيْنِ): سُرْعَتُهُ. والمعنى: هلْ أَحْدَثْتِ قَطِيعَةً لِقُرْبِ الفِرَاقِ؟ وجَعَلَ ما تُخْبِرُهُ بهِ كأنَّهُ خِيَانَةٌ، وجَعَلَ نفسَهُ بمنزلةِ الأمينِ الذي يَحْفَظُ السِّرَّ؛ أيْ: لم يُغَيِّرْنِي شيءٌ من الحروبِ التي كانَتْ بيني وبينَ أهلِكِ، وأنا لكِ بمنزلةِ الأمينِ.
11- تُرِيكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَلاءٍ = وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الْكَاشِحِينَا
(الكاشِحُ): العَدُوُّ. وإنَّما قيلَ لهُ:كاشِحٌ؛ لأنَّهُ يُعْرِضُ عنكَ ويُوَلِّيكَ كَشْحَهُ، وهوَ الجَنْبُ.وقيلَ: إنَّما قِيلَ لهُ:كاشِحٌ؛ لأنَّهُ يُضْمِرُ العداوةَ في كَشْحِهِ. و(خَلاءٌ): خَلْوَةٌ مِن الرُّقَبَاءِ.
12- ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ = تَرَبَّعَتِ الأَجَارِعَ وَالمُتُونَا
أيْ: تُرِيكَ ذِرَاعَيْ (عَيْطَلٍ)، وهيَ الطويلةُ. وقيلَ: الطويلةُ العُنُقِ. و(الأَدْمَاءُ): البيضاءُ.و(البِكْرُ): التي وَلَدَتْ وَلَداً واحداً، وَتَكُونُ التي لم تَلِدْ. و(تَرَبَّعَتْ): رَعَتْ نَبْتَ الرَّبِيعِ. و(الأَجَارِعُ): جمعُ أَجْرَعَ وجَرْعَاءَ، وهوَ من الرَّمْلِ ما لم يَبْلُغْ أنْ يكونَ جَبَلاً.و(المُتُونُ): جَمْعُ مَتْنٍ، وهوَ ما غَلُظَ من الأرضِ. ورَوَى أبو عُبَيْدَةَ:
ذِرَاعَيْ حُرَّةٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ = هِجانِ اللَّوْنِ لمْ تَقْرَأْ جَنِينَا
أيْ: لم تَضُمَّ في رَحِمِها وَلَداً قَطُّ.يقالُ: ما قَرَأَت الناقةُ سَلًى قَطُّ؛ أيْ: لم تَرْمِ بِوَلَدٍ. وقالَ: وسُمِّيَ كِتَابُ اللَّهِ قُرْآناً؛ لأنَّ القارِئَ يُظْهِرُهُ ويُبَيِّنُهُ ويُلْقِيهِ مِنْ فِيهِ.
13- وَثَدْياً مِثْلَ حُقِّ الْعَاجِ رَخْصاً =حَصَاناً مِنْ أَكُفِّ اللاَّمِسِينَا
أيْ: تُرِيكَ ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ، وتُرِيكَ ثَدْياً كَحُقِّ العَاجِ في بَيَاضِهِ ونُتُوئِهِ.و(الرَّخْصُ): اللَّيِّنَةُ. و(الحَصَانُ): العَفِيفَةُ. وقيلَ: التي قدْ تَحَصَّنَتْ مِن الرَّيْبِ بزَوْجٍ. و(اللاَّمِسُونَ): أهلُ الرِّيبَةِ. وقولُهُ:َصَاناً) يَجُوزُ أنْ يكونَ مِنْ نَعْتِ الثَّدْيِ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ حَالاً من المُضْمَرِ الذي في (تُرِيكَ).

14- وَمَتْنَيْ لَدْنَةٍ طَالَتْ وَلانَتْ = رَوَادِفُهَا تَنُوءُ بِمَا يَلِينَا
ويُرْوَى: (بِمَا وَلِينَا). (اللَّدْنَةُ): اللَّيِّنَةُ. و(رَوَادِفُهَا): أَعْجَازُها. و(تَنُوءُ): تَنْهَضُ؛ أيْ: تَنُوءُ بما يَلِيهِنَّ؛ أيْ: بما يَقْرُبُ مِنْ أَعْجَازِهِنَّ. و(المَتْنُ): جَانِبُ الصُّلْبِ.
15- تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا = رَأَيْتُ حُمُولَهَا أُصُلاً حُدِينَا
ويُرْوَى: (وَرَاجَعْتُ الصِّبَا)؛ أيْ: رَجَعْتُ إلى ما كُنْتُ عليهِ مِن اللَّهْوِ في شَبِيبَتِي. و(الاشْتِيَاقُ): رِقَّةُ القَلْبِ لِلِقَاءِ المحبوبِ. و(الحُمُولُ): الأثقالُ.والحُمُولُ: الإِبِلُ التي تُحْمَلُ عليها الأثقالُ. و(الأُصُلُ): جمعُ أَصِيلٍ.و(أُصُلاً) نَصْبٌ على الظرفِ، و(حُدِينَ) معناهُ: قدْ حُدِينَ، وتأويلُهُ الحالُ.
16- وأَعْرَضَت اليَمَامَةُ وَاشْمَخَرَّتْ = كَأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا
َعْرَضَتْ) معناهُ: ظَهَرَتْ وبَدَتْ. وأَعْرَضَ وعَرَضَ: إذا بَدَا.قالَ ابنُ كَيْسَانَ: أَحْسَنُ ما في هذا أنْ يكونََعْرَضَ) بمعنى بَدَا بعضُهُ كأنَّهُ بَدَا عُرْضُهُ؛ أيْ:نَاحِيَتُهُ،وعَرَضَ: إذا بَدَا كُلُّهُ. و(اشْمَخَرَّتْ): طَالَتْ، والمعنى: بَدَتْ مُسْتَطِيلَةً. والكافُ في قَوْلِهِ: َأَسْيَافٍ) في موضِعِ نصبٍ على أنَّها نَعْتٌ لمصدرٍ محذوفٍ.و(المُصْلِتُ): الشاهِرُ سيفَهُ.
والمعنى: أنَّ اليَمَامَةَ ظَهَرَتْ فتَبَيَّنْتُهَا كما تَتَبَيَّنُ السيوفُ إذا شُهِرَتْ، فاشْتَقْتُ لِذَلِكَ لَمَّا رَأَيْتُ مَوْضِعَهَا الذي تَصِيرُ إليهِ، وكانَ ذلكَ أَشَدَّ لِوَلَهِي.
17- فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقْبٍ =أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الْحَنِينَا
ُمُّ سَقْبٍ): ناقةٌ.وسَقْبُها: وَلَدُها الذَّكَرُ. و(أَضَلَّتْهُ): ضَلَّ منها. (فَرَجَّعَتِ الحَنِينَ)؛ أيْ:رَدَّدَتْهُ حُزْناً على وَلَدِها.
18- ولا شَمْطَاءَ لم يَتْرُكْ شَقَاهَا = لها مِنْتِسْعَةٍ إلاَّ جَنِينَا
(الشَّمْطَاءُ): التي لَيْسَتْ بشابَّةٍ، وهوَ أشدُّ لِحُزْنِهَا.و(الشَّمْطَاءُ) نَسَقٌ على (أُمِّ سَقْبٍ).يَقُولُ: وَجْدِي على هذهِ المَرْأَةِ أَشَدُّ مِنْ حُزْنِ هذهِ الناقةِ التي أَضَلَّتْ وَلَدَها، والمرأةِ التي فَقَدَتْ تِسْعَةَ أَوْلادٍ، فَمَا مِنْ وَلَدِها إلاَّ جَنِينٌ؛ أيْ: قدْ أَجَنَّتْهُ الأرضُ تَحْتَها.و(جَنِينٌ): بمعنى مُجَنٍّ؛ أيْ: لم يَتْرُكْ شَقَاها لها إلاَّ مَقْبُوراً. وحُزْنِي علَى هذهِ المرأةِ أَشَدُّ مِنْ حُزْنِها.
19- وإنَّ غَداً وإنَّ اليَوْمَ رَهْنٌ = وَبَعْدَ غَدٍ بما لا تَعْلَمِينَا
معناهُ: يَأْتِيكِ بما لا تَعْلَمِينَ مِن الحوادِثِ وغَيْرِها؛ أي: الأيَّامُ مُرْتَهِنَةٌ بالأقدارِ، فهيَ تُوَافِينَا مِنْ حيثُ لا نَعْلَمُ. ونظيرُ هذا قولُهُ:
وأَعْلَمُ ما في اليومِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ = ولَكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِي
ومعنى هذا البيتِ في إِثْرِ تلكَ الأبياتِ: إنِّي قدْ عَلَّقْتُ قَلْبِي بهذهِ المرأةِ، والأقدارُ تَأْتِي ولا أَدْرِي ما يكونُ مِنْ أَمْرِها.
20- أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْنَا = وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينَا
(أَبُو هِنْدٍ): عَمْرُو بنُ المُنْذِرِ، وهوَ أَبُو المُنْذِرِ أَيْضاً. و(أَنْظِرْنَا): انْتَظِرْنَا. ويَجُوزُ أنْ يكونَ معناهُ:أَخِّرْنَا.
21- بِأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضاً = وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِينَا
(الرَّايَاتُ): الأعلامُ.و(بِيضاً وحُمْراً) منصوبانِ على الحالِ.وهذا تمثيلٌ، مَثَّلَ الراياتِ بالإبلِ، والدمَ بالماءِ، فَكَأَنَّ الراياتِ تَرْجِعُ وقدْ رُوِيَتْ مِن الدَّمِ، كما تَرْجِعُ الإبلُ وقدْ رُوِيَتْ من الماءِ.

22- وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍّ طُوَالٍ = عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أنْ نَدِينَا
ويُرْوَى: (وأيَّامٍ لَنَا ولَهُمْ طُوَالٍ).يقولُ: وأيَّامٍ لنا بِيضٍ مشهورةٍ. وواحِدُ (الغُرِّ): أَغَرُّ. قالَ أبو عُبَيْدَةَ: إنَّما سَمَّى الأيَّامَ غُرًّا طُوالاً؛ لِعُلُوِّهِم على المَلْكِ، وامْتِنَاعِهم منهُ لِعِزِّهِم، فأيَّامُهُم غُرٌّ لَهُم طُوَالٌ على أعدائِهم. وقولُهُ: (وأيَّامٍ) معطوفٌ على قولِهِ:ِأَنَّا)، والمعنى: وبِأَيَّامٍ. ويَجُوزُ أنْ تَجْعَلَ الواوَ بدلاً مِنْ (رُبَّ). ومَنْ رَوَى: (لَنَا وَلَهُمْ) أرادَ: القبائلَ، ولم يَجْرِ لها ذِكْرٌ، إلاَّ أنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الراياتِ وإِصْدَارَها عُلِمَ أنَّ ثَمَّ مُقَاتِلِينَ، فحُمِلَ الضميرُ على المعنى.
وقولُهُ: (أَنْ نَدِينَا)؛ أيْ: أنْ نُطِيعَ.والدِّينُ: الطاعةُ. و(أنْ) في مَوْضِعِ نصبٍ؛ أيْ: في أَنْ نَدِينَا، ثُمَّ حَذَفَ (فِي) فتَعَدَّى الفِعْلُ، وهذا مُطَّرِدٌ: أنْ تُحْذَفَ حروفُ الجرِّ معَ (أَنْ)؛ لِطُولِ الاسمِ.وقالَ بعضُ النَّحْويِّينَ: إنَّ (أَنْ) في موضِعِ خَفْضٍ على حَذْفِ الخافِضِ.
23- وسَيِّدِ مَعْشَرٍ قَدْ تَوَّجُوهُ = بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي الْمُحْجَرِينَا
ويُرْوَى: (قدْ عَصَّبُوهُ * بتاجِ المُلْكِ). و(يَحْمِي) مَعْنَاهُ: يَمْنَعُ.و(الْمُحْجَرُونَ): الذينَ قدْ أُلْجِئُوا إلى المَضِيقِ.و(يَحْمِي المُحْجَرِينَا) صِفَةٌ لـ(سَيِّدٍ).
24- تَرَكْنَا الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ = مُقَلَّدَةً أَعِنَّتُهَا صُفُونَا
ويُرْوَى: (عَاطِفَةً عليهِ). و(عاكِفَةٌ): مُقِيمَةٌ.وواحِدِ (الصُّفُونِ): صَافِنٌ،وهوَ القائمُ.وقيلَ: هوَ الذي رَفَعَ إحدَى قَوَائِمِهِ للتَّعَبِ. و(تَرَكْنَا الخَيْلَ) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أحدُهما: أنْ يُرِيدَ خَيْلَهُ وخيلَ أصحابِهِ، يقولُ: أَحَطْنَا بهِ لأَخْذِ سَلَبِهِ؛ فَقَدْ نَزَلَ الرجالُ عن الخيلِ، فقَلَّدُوهَا الأَعِنَّةَ، يَأْخُذُونَ السَّلَبَ.وإذا أرادَ مَعْشَرَهُ فالمعنى: أنَّ أَصْحَابَهُ لم يُغْنُوا عنهُ شيئاً، وهم حَوَالَيْهِ، لا يَرُدُّونَ عنهُ.
25- وَقَدْ هَرَّتْ كِلابُ الحَيِّ مِنَّا = وشَذَّبْنَا قَتَادَةَ مَنْ يَلِينَا
ويُرْوَى: (وقدْ هَرَّتْ كِلابُ الجِنِّ مِنَّا).والمعنى: أنَّا قدْ غَلَبْنَا كلَّ أحدٍ، حتَّى قدْ كَرِهَنا كِلابُ الحَيِّ.و(كلابُ الجِنِّ) شَبَّهَ مَنْ كَانَ شديدَ البأسِ (بالجِنِّ)؛ أيْ: مَنْ كانَ شديدَ البأسِ قدْ أَخَذْنَاهُ، فكيفَ بِغَيْرِهِ؟
و(شَذَّبْنَا): فَرَّقْنَا. و(القَتَادَةُ): شَجَرَةٌ بها شَوْكٌ. والتشْذِيبُ: قَطْعُ الأغصانِ وشَوْكِها. ومعناهُ: أنَّا فَرَّقْنَا جُمُوعَهُم وأَذْهَبْنَا شَوْكَتَهُم، فَصَارُوا بمَنْزِلَةِ هذهِ الشَّجَرَةِ التي قُطِعَتْ أَغْصَانُها.
وقولُهُ: (مَنْ يَلِينَا)؛ أيْ: مَنْ وَلِيَ حَرْبَنَا.ويَجُوزُ أنْ يكونَ معناهُ: مَنْ يَقْرُبُ مِنَّا مِنْ أَعْدَائِنَا.
26- مَتَى نَنْقُلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَا = يَكُونُوا في اللِّقَاءِ لَهَا طَحِينَا
أيْ: مَتَى حَارَبَنَا قَوْمٌ كَانُوا لنا كالطَّحِينِ للرَّحَى؛ أيْ: كالحِنْطَةِ.والمعنى: أنَّا نَقْتُلُهم ونَأْخُذُ أَمْوَالَهم، فيَكُونُونَبمنزلةِ ما دَارَتْ عليهِ الرَّحَى في الهلاكِ؛ أيْ: نَنَالُ منهم ما نُرِيدُ.
27- يَكُونُ ثِفَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ = وَلُهْوَتُهَا قُضَاعَةُ أَجْمَعِينَا
ويُرْوَى: (شَرْقِيَّ سَلْمَى). (الثِّفَالُ): جِلْدَةٌ أوْ خِرْقَةٌ أو كِسَاءٌ يُجْعَلُ تَحْتَ الرَّحَى؛ لِيَسْقُطَ عليهِ الطَّحِينُ.أرادَأنَّ شَرْقِيَّ سَلْمَى للحربِ بمنزلةِ الثِّفالِ للرَّحَى. و(اللُّهْوَةُ): قَبْضَةٌ تُلْقَى في الرَّحَى.والمعنى: أنَّ كَيْدَنَا وحَرْبَنَا تُشْبِهُ الرَّحَى، وهذهِ الرَّحَى تَسْتَوْعِبُ هذا الموضِعَ العظيمَ، وتُهْلِكُ هذا الحيَّ الكبيرَ، فيكونُ بمنزلةِ هذهِ القبضةِ التي تُلْقَى في الرَّحَى في هلاكِهِم.

28- وإِنَّ الضِّغْنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَفْشُو =عَلَيْكَ ويُخْرِجُ الداءَ الدَّفِينَا
ويُرْوَى: (يَبْدُو).و(الضِّغْنُ): الحِقْدُ الذي يَخْفَى ولا يَظْهَرُ إلاَّ بالدلائلِ.و(الداءُ) يعني بهِ: الحِقْدَ.وأرادَ بـ(الدَّفِينِ) المُسْتَتِرَ في القلبِ.
29- وَرِثْنَا الْمَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ = نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينَا
(المَجْدُ): الشرَفُ والرِّفْعَةُ.وقولُهُ: (حتَّى يَبِينَا) معناهُ: حتَّى يَظْهَرَ. ويُرْوَى: (حتَّى نُبِينَا) بضمِّ النونِ؛ أيْ: حتَّى نُبِينَ مَجْدَنَا وفَضْلَنا.ويُرْوَى: (حتَّى يَلِينَا)؛ أيْ: حتَّى يَنْقَادَ لَنَا.وقالَ أبو جعفرٍ أحمدُ بنُ عُبَيْدٍ: الروايَةُ: (حتَّى يَبِينَا) بفتحِ الياءِ؛ أيْ:يَنْقَطِعَ منهم ويَصِيرَ إلينا. يقولُ: إنَّ لآبَائِنَا فِعَالاً صَالِحاً، فَنَحْنُ نَرِثُهُ؛ لأنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْنَا ولا يَسْتَتِرُ.
30- ونحنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ = عَلَى الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِينَا
ويُرْوَى: (عن الأَحْفَاضِ). (العِمَادُ): جَمْعُ عَمُودٍ. و(الأحفاضُ): واحِدُها حَفَضٌ، وهوَ مَتَاعُ البيتِ. ويُسَمَّى البَعِيرُ الذي يَحْمِلُ المَتَاعَ حَفَضاً. فمَنْ رَوَى: (عن الأحفاضِ) أرادَ: عن الإبلِ. ومَنْ رَوَى: (عَلَى الأحفاضِ) أرادَ: على المَتَاعِ.
وقولُهُ: (نَمْنَعُ مَنْ يَلِينَا) يُرِيدُ: مَنْ جَاوَرَنَا.ويَجُوزُأنْ يكونَ معناهُ: مَنْ وَالانَا؛ أيْ: مَنْ كانَ حَلِيفاً لنا.ومعنى البيتِ: أنَّهُ لا يُطْمَعُ فيهم، في إقامةٍ ولا ظَعْنٍ؛ لأنَّ الأساطِينَ إنَّما تَسْقُطُ على المَتاعِ وَقْتَ رَحِيلِهم، وكَانُوا يَرْحَلُون إمَّا لخوفٍ، وإمَّا لنُجْعَةٍ، فأَخْبَرَ أنَّهُ لا يُطْمَعُ فيهم، ويَمْنَعُونَ مَنْ يُجَاوِرُهُم.وبَيَّنَ ذلكَ فقالَ:
31- نُدَافِعُ عَنْهُمُ الأَعْدَاءَ قِدْماً = وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُونَا
ِدْماً)؛ أيْ: قَدِيماً.وقُدْماً؛ أيْ: تَقَدُّماً. و(ما حَمَّلُونَا)؛ أيْ: ما جَنَوْا عَلَيْنَا مِنْ حَمَالَةٍ أوْ غَيْرِها.
32- نُطَاعِنُ مَا تَرَاخَى الناسُ عَنَّا = وَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ إِذَا غُشِينَا
ويُرْوَى: (مَا تَرَاخَى الصَّفُّ عَنَّا)؛ أيْ: تَبَاعَدَ.يُقَالُ: تَرَاخَتْ دَارُهُ؛ أيْ: بَعُدَتْ.و(غُشِينَا)؛ أيْ: دَنَا بَعْضُنَا منْ بعضٍ.

  #4  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 03:27 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي (تابع ) شرح المعلقات العشر للخطيب: محمد بن عبد الله التبريزي

33- بِسُمْرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّيِّ لُدْنٍ = ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيضٍ يَعْتَلِينَا
الباءُ في قَوْلِهِ: ِسُمْرٍ) مُتَعَلِّقَةٌ بقولِهِ: ُطَاعِنُ). والسُّمْرُ مِن الرِّمَاحِ أَجْوَدُها.و(لُدْنٌ): لَيِّنَةٌ.و(ذَوَابِلُ): فيها بعضُ اليُبْسِ.يقولُ: لم تَجِفَّ كُلَّ الجُفُوفِ، فتَنْشَقَّ إذا طُعِنَ بها وتَنْدَقَّ. و(يَعْتَلِينَ)؛ أيْ: يَعْلُونَ رُؤُوسَهُم.
34- نَشُقُّ بِهَا رُؤُوسَ الْقَوْمِ شَقًّا = ونُخْلِيهَا الرِّقَابَ فَيَخْتَلِينَا
(بِهَا)؛ أيْ: بالسُّيُوفِ.و(نُخْلِيهَا الرِّقَابَ)؛ أيْ: نَجْعَلُ الرقابَ لها كَالْخَلَى، وهوَ الحشيشُ.يَصِفُ حِدَّةَ السُّيُوفِ وسُرْعَةَ قَطْعِها فَكَأَنَّهُم يقْطَعُونَ بها حَشِيشاً.
35- تَخَالُ جَمَاجِمَ الأَبْطَالِ فِيهَا = وُسُوقاً بالأَمَاعِزِ يَرْتَمِينَا
(الأماعِزُ): جَمْعُ أَمْعَزَ، وهيَ الأرضُ الصُّلْبَةُ الكثيرةُ الحَصَى. و(الوُسُوقُ): جَمْعُ وَسْقٍ، وهوَ الحِمْلُ. ويُرْوَى: (وَسُوقاً) جَمْعُ: سَاقٍ، وأصلُهُ: سُوُوقٌ، إلاَّ أنَّ الواوَ إذا انْضَمَّ ما قَبْلَها لم تُكْسَرْ ولم تُضَمَّ؛ لأنَّ ذلكَ يُسْتَثْقَلُ فيها، فوَجَبَ أنْ تُسَكَّنَ، ولا يَجْتَمِعُ ساكنانِ، فحُذِفَتْ إحدَى الواويْنِ، فعلَى قياسِ قولِ سِيبَوَيْهِ أنَّ المحذوفةَ الثانيَةُ؛ لأنَّها زائدةٌ، فهيَ أَوْلَى بالحذفِ.وعلى قياسِ قولِ الأخفشِ أنَّ المحذوفةَ الأولى؛ لأنَّ الثانيَةَ علامةٌ، فلا يَجُوزُ حَذْفُها.

36- نَحُزُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ = فَمَا يَدْرُونَ مَاذَا يَتَّقُونَا؟
ويُرْوَى: (نَجُذُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ)؛ أيْ: في غيرِ بِرٍّ مِنَّا بهم، ولا شَفَقَةٍ عليهم، فما يَدْرُونَ كيفَ يَرُدُّونَ عنْ أنفسِهم.ويُرْوَى: (نَجُزُّ رُؤُوسَهُم)؛ أيْ: نَجُزُّ نَوَاصِيَهُم إذا أَسَرْنَاهُم ونَمُنُّ عليهم.وقالُوا: (فِي غَيْرِ بِرٍّ)؛ أيْ: لا نَتَقَرَّبُ إلى اللَّهِ بذلكَ كما نَتَقَرَّبُ بالنُّسْكِ. ويُرْوَى: (في غيرِ نُسْكٍ).
وقولُهُ: (ماذا يَتَّقُونَا)؛ أيْ: ماذا الذي يَتَّقُونَ؟ ويَجُوزُ أنْ يكونَ (مَاذَا) حرفاً واحداً منصوباً بـ(يَتَّقُونَ)؛ أيْ: أَيَّ شيءٍ يَتَّقُونَ؟ ويُرْوَى: (تَخِرُّ رُؤُوسُهُمْ فِي غَيْرِ بَرٍّ)؛ أيْ: تَقَعُ في بَحْرٍ مِن الدِّمَاءِ.
37- كَأَنَّ سُيُوفَنَا فِينَا وَفِيهِمْ =مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لاعِبِينَا
قيلَ: (المَخَارِيقُ): ما مُثِّلَ بالشيءِ وليسَ بهِ؛ نَحْوُ ما يَلْعَبُ بهِ الصبيانُ يُشَبِّهُونَهُ بالحديدِ. قالَ ابنُ كَيْسَانَ: فيهِ معنًى لطيفٌ؛ لأنَّهُ وَصَفَ السيوفَ وجَوْدَتَها، ثُمَّ خَبَّرَ أنَّها في أَيْدِيهِم بمنزلةِ المخاريقِ في أَيْدِي الصِّبيانِ. وقيلَ: إنَّهُ أرادَ سيوفَ أَصْحَابِهِ وسيوفَ أعدائِهِ. وعندَ بعضِهم سُمِّيَتْ هذهِ القصيدةُ المُنْصِفَةَ لِهَذَا.
وقيلَ: بلْ يَصِفُ سيوفَ أصحابِهِ، لا سُيُوفَ أعدائِهِ. ومَعْنَى (فِينَا وفِيهِمْ) علَى هذا: أنَّ السيوفَ مَقَابِضُها في أَيْدِينَا، ونحنُ نَضْرِبُهُم بها.
38- كَأَنَّ ثِيَابَنَا مِنَّا ومِنْهُمْ = خُضِبْنَ بِأُرْجُوانٍ أَوْ طُلِينَا
(الأُرْجُوَانُ): صِبْغٌ أَحْمَرُ، فشَبَّهَ كثرةَ الدِّماءِ على الثيابِ بصِبْغٍ أحمرَ.ومَنْ قالَ: إنَّهُ يَصِفُ سُيُوفَهُ وسيوفَ أعدائِهِ احْتَجَّ بهذا البيتِ.ومَنْ قالَ: إنَّما يَصِفُ سيوفَ أصحابِهِ يقولُ: إذا قَتَلُوهم كانَ عليهم مِنْ دِمَائِهم.
39- إِذَا ما عَيَّ بِالإِسْنَافِ حَيٌّ = مِن الهَوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُونَا
(الإِسْنَافُ): التَّقَدُّمُ في الحروبِ.و(عَيَّ): مِن العِيِّ في الحربِ لِهَوْلِها.و(المُشَبَّهُ): أنْ يَشْتَبِهَ الأمرُ عليهم، فلم يَعْلَمُوا كيفَ يَتَوَجَّهُونَ لهُ. وقولُهُ: (أنْ يكونَ) أرادَ: كَرَاهَةَ أنْ يكونَ، ثُمَّ حَذَفَ (كَرَاهَةَ) وأقامَ (أنْ) مُقَامَها. ومعنى البيتِ: إذا تَحَيَّرَ الحيُّ وتَوَقَّفُوا كَرَاهَةَ أنْ يَكُونَ الهَوْلُ، تَقَدَّمْنَا ونَصَبْنَا الكَتَائِبَ.
40- نَصَبْنَا مِثْلَ رَهْوَةَ ذَاتَ حَدٍّ =مُحافَظَةً وكُنَّا السَّابِقِينَا
ويُرْوَى: (وكُنَّا المُسْنِفِينَا)؛ أي: المُتَقَدِّمِينَ.َهْوَةُ): جَبَلٌ، ويُقَالُ: رَهْوَةُ: أَعْلَى الجَبَلِ. وقولُهُ: (ذَاتَ حَدٍّ)؛ أيْ: كَتِيبَةً ذاتَ شوكةٍ، كأَنَّهُ قالَ: نَصَبْنَا كَتِيبَةً ذَاتَ حَدٍّ. وقيلَ: المعنى: نَصَبْنَا حَرْباً ذاتَ حَدٍّ مِثْلَ رَهْوَةَ. و(مُحافظةً) منصوبٌ على أنَّهُ مَصْدَرٌ.وإنْ شِئْتَ كانَ في مَوْضِعِ الحالِ. والمعنى: مُحَافَظَةً على أَحْسَابِنا.
41- بِفِتْيَانٍ يَرَوْنَ الْقَتْلَ مَجْداً =وشِيبٍ في الحُرُوبِ مُجَرَّبِينَا
(المَجْدُ): الحَظُّ الوافِرُ الكافي من الشَّرَفِ والسُّودَدِ. وأصلُ المجدِ في الكثرةِ.
42- حُدَيَّا النَّاسِ كُلِّهِمِ جَمِيعاً =مُقَارَعَةً بَنِيهِمْ عَنْ بَنِينَا
قالوا: مَعْنَى (حُدَيَّا الناسِ) كما تقولُ: واحِدُ الناسِ. وقيلَ: حُدَيَّا الناسِ معناهُ: نحنُ أشرفُ الناسِ. يقالُ: أَنَا حُدَيَّاكَ في الأمرِ؛ أيْ: فَوْقَكَ. والحُدَيَّا: الغايَةُ.وقالُوا: حُدَيَّا معناهُ: أَحْدُو الناسَ، أَسُوقُهم وأَدْعُوهم كُلَّهم إلى المُقارَعَةِ، لا أَهَابُ أَحَداً فأَسْتَثْنِيَهُ. وحُدَيَّا: تصغيرُ حَدْوَى، ويكونُ مِنْ قَوْلِهِم: تَحَدَّيْتُ؛ أيْ: قَصَدْتُ، فيكونُ المعنى علَى هذا: أَقْصِدُ الناسَ.
وَُقَارَعَةٌ): مُرَاهَنَةٌ.َنِيهِمْ عَنْ بَنِينَا)؛ أيْ: أُقَارِعُهُم على الشرفِ والشدَّةِ.وقيلَ: معناهُ: نُقَارِعُ بَنِيهم؛ أيْ: نُقَارِعُ بالرِّمَاحِ.

وقيلَ: الروايَةُ: ُقَارَعَةً بَنِيهِم أوْ بَنِينَا)؛ أيْ: نَقْتُلُ بَنِيهِم أوْ يَقْتُلُونَ بَنِينَا، ويكونُ قولُهُ: (مُقَارَعَةً) يَدُلُّ على القتلِ، و(بَنِيهِم) في مَوْضِعِ نصبٍ؛ أيْ: نُقَارِعُ.و(حُدَيَّا) يَجُوزُ أنْ يكونَ رَفْعاً على أنَّهُ خبرُ مبتدأٍ؛ أيْ: نحنُ حُدَيَّا الناسِ، ويَجُوزُأنْ يكونَ منصوباً على المَدْحِ.
43- فأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنَا عَلَيْهِمْ = فنُصْبِحُغَارَةً مُتَلَبِّبِينَا
(التَّلَبُّبُ): التَّحَزُّمُ بالسلاحِ.ويُرْوَى: (فَتُصْبِحُ خَيْلَنَا عُصَباً ثُبِينَا).قولُهُ: (فَنُصْبِحُ غَارَةً)؛ أيْ: فنُصْبِحُ مُتَيَقِّظِينَ مُسْتَعِدِّينَ.و(العُصَبُ): الجماعاتُ، الواحدةُ: عُصْبَةٌ.و(الثُّبُونَ): الجماعاتُ في تَفْرِقَةٍ، ويُقالُ: ثِبُونَ بكسرِ الثاءِ في الجمعِ، كما كُسِرَت السينُ في قَوْلِهِم: سِنُونَ؛ لِيَدُلَّ الكسرُ على أنَّهُ جَمْعٌ، على خِلافِ ما يَجِبُ لهُ.ويقالُ: ثُبَاتٌ، وإنَّما جُمِعَ بالواوِ والنونِ؛ لأنَّهُ قدْ حُذِفَ منهُ آخِرُهُ. فقيلَ: المحذوفُ مِنه ياءٌ. وقيلَ: واوٌ. وأمَّا الفَرَّاءُ فيَذْهَبُ إلى أنَّ هذهِ المحذوفاتِ ما كانَ منها أَوَّلُهُ مَضْمُوماً فالمحذوفُ منهُ واوٌ، وما كانَ أوَّلُهُ مكسوراً فالمحذوفُ منهُ الياءُ، ويقولُ في بِنْتٍ وأُخْتٍ مِثْلَ هذا.
44- وأمَّا يَوْمَ لا نَخْشَى عَلَيْهِمْ = فَنُصْبِحُ فِي مَجَالِسِنَا ثُبِينَا
يقولُ: إذا خَشِينَا اجْتَمَعْنَا، فإذا لم نَخْشَ تَفَرَّقْنَا. وقدْ تَقَدَّمَ الكلامُ في (ثُبَةٍ)، وبَقِي فيها أنَّكَ إذا صَغَّرْتَهَا قُلْتَ في تصغيرِها: ثُبَيَّةٌ، تَرُدُّ إليها ما حُذِفَ منها. ومنهُ:ثَبَّيْتُ الرجلَ، إذا أَثْنَيْتَ عليهِ في حياتِهِ، كأنَّكَ جَمَعْتَ مَحَاسِنَهُ. فأمَّا قَوْلُهُم لِوَسَطِ الحَوْضِ: ثُبَةٌ، فليسَ مِنْ هذا،وإنَّما هوَ مِنْ: ثَابَ يَثُوبُ، إذا رَجَعَ، كَأَنَّ الماءَ يَرْجِعُ إليها.
والدليلُ على أنَّهُ ليسَ مِنْ ذلكَ أنَّ العربَ تقولُ في تصغيرِهِ:ثُوَيْبَةٌ، فالمحذوفُ منهُ عينُ الفعلِ، ومِنْ ذلكَ لامُهُ. ومَنْ رَوَى في البيتِ الأوَّلِ: (فَتُصْبِحُ خَيْلُنا عُصَباً ثُبِينَا) رَوَى هذا البيتَ:
وأمَّا يَوْمَ لا نَخْشَى عليهم فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينَا
و(غارَةً) منصوبٌ على المصدرِ؛ لأنَّ معنى (نُمْعِنُ) ونُغِيرُ واحدٌ. ويَجُوزُ أنْ يكونَ المعنى: وَقْتَ الغارَةِ، ثمَّ حَذَفَ وَقْتاً، وأَعْرَبَ غارَةً بإعرابِهِ؛ كما قالَ:
* تَبْكِي عَلَيْكَ نُجُومَ اللَّيْلِ وَالْقَمَرَا *

معناهُ: وَقْتَ نُجُومِ الليلِ والقَمَرِ.
45- بِرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ بنِ بَكْرٍ = نَدُقُّ بهِ السُّهُولَةَ والحُزُونَا
(الرَّأْسُ): الحيُّ العظيمُ. ويقالُ للحيِّ الذينَ لا يَحتاجُونَ إلى إعانةِ أَحَدٍ: رَأْسٌ.و(جُشَمُ): فُعَلُ مِنْ جَشِمْتُ الأمرَ، إذَا تَكَلَّفْتَهُ. ومعنى البيتِ: أنَّا نَدُقُّ كلَّ صَعْبٍ ولَيِّنٍ؛ لِقُوَّتِنَا.
46- بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ = تُطِيعُ بِنَا الوُشَاةَ وتَزْدَرِينَا؟
َشِيئَةٌ): مِنْ شاءَ يَشَاءُ. وإنْ شِئْتَ لَيَّنْتَ الهمزةَ فَقُلْتَ: مَشِيَّةٌ. و(عَمْرَو) منصوبٌ على أنَّهُ إتباعٌ لقولِهِ (بْنَ هِنْدٍ)؛ كما قيلَ: مِنْتِنٌ، فأَتْبَعُوا الميمَ التاءَ.والقياسُ أنْ يُقَالَ: عَمْرُو بنَ هندٍ، إلاَّ أنَّ الأوَّلَ أَكْثَرُ. و(الوُشَاةُ): جَمْعُ وَاشٍ، وهذا جمعٌ يَخْتَصُّ بهِ المُعْتَلُّ؛ كقاضٍ وقُضَاةٍ، وفي غيرِ المعتَلِّ يَجِيءُ على (فَعَلَةٍ)؛ ككاتِبٍ وكَتَبَةٍ.
وقولُهُ: (تَزْدَرِينَا) فيهِ ضرورةٌ قَبِيحةٌ، على أنَّ هذا البَيْتَ لم يَرْوِهِ ابنُ السِّكِّيتِ.والضرورةُ التي فيهِ أنَّهُ إنَّما يُقالُ: زَرَيْتُ على الرَّجُلِ؛ إذا عِبْتَ عليهِ فِعْلَهُ، وأَزْرَيْتُ بهِ إذا قَصَّرْتَ بهِ، فإذا لم يُسْتَعْمَلْ في الثلاثيِّ إلاَّ بالجَرِّ كانَ أَجْدَرَ ألاَّ يُسْتَعْمَلَ في (افْتَعَلْتُ) منهُ. إلاَّ أنَّهُ يَجُوزُ على قُبْحٍ في الشعْرِ أنْ تَحْذِفَ الحرفَ وتُعَدِّيَهُ في بعضِ المواضِعِ، وكأنَّهُ جازَ هَهُنَا؛ لأنَّهُ قالَ قَبْلَهُ: (تُطِيعُ بِنَا).ويُرْوَى: (وتَزْدَهِينَا).وفيهِ من الضرورةِ ما في الأوَّلِ؛ لأنَّهُ يُقَالُ: زُهِيَ عَلَيْنَا فلانٌ، إذا تَكَبَّرَ، وزَهَاهُ اللَّهُ: إذا جَعَلَهُ مُتَكَبِّراً.
47- بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ = نَكُونُ لِقَيْلِكُمْ فِيهَا قَطِينَا؟
ويُرْوَى: (نَكُونُ لِخَلْفِكُمْ). والخَلْفُ: الرَّدِيءُ مِنْ كلِّ شيءٍ،والمرادُ بهِ هنا: العَبِيدُ والخَدَمُ.و(القَطِينُ): المُتَجَاوِرُونَ.وقيلَ: القَطِينُ اسمٌ للجَمْعِ، كما يُقالُ: عَبِيدٌ، وإنَّما اسْتُعْمِلَ للواحِدِ، ويقالُ في الجمعِ: قُطَّانٌ.ويُقَالُ: قَطَنَ في المكانِ، إذا قَامَ بهِ.
48- تَهَدَّدْنَا وأَوْعِدْنَا رُوَيْداً = مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينَا؟
ويُرْوَى: (تُهَدِّدُنَا وَتُوعِدُنَا)، قالُوا: وَعَدْتُهُ في الخيرِ والشرِّ. فإذا لم تَذْكُرِ الخيرَ قُلْتَ: وَعَدْتُهُ، وإذا لم تَذْكُرِ الشرَّ قُلْتَ: أَوْعَدْتُهُ.وذَكَرَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ أنَّهُ يُقَالُ: وَعَدْتُ الرجلَ خَيْراً وشَرًّا، وأَوْعَدْتُهُ خَيْراً وشَرًّا، فإذا لم تَذْكُرِ الخَيْرَ قُلْتَ: وَعَدْتُهُ، وإذا لم تَذْكُرِ الشرَّ قُلْتَ: أَوْعَدْتُهُ.
و(رُوَيْداً) منصوبٌ على أنَّهُ مصدرٌ.وقولُهُ: (مَقْتَوِينَا) بفتحِ الميمِ، كَأَنَّهُ نُسِبَ إلى مَقْتًى، وهوَ مَفْعَلٌ مِن القَتْوِ. والقَتْوُ: الخِدْمَةُ، خِدْمَةُ الملوكِ خَاصَّةً.
وقالَ الخَلِيلُ: (المَقْتَوُونَ) مِثْلُ الأَشْعَرِينَ، يَعْنِي:أنَّهُ يُقالُ: أَشْعَرِيٌّ وأَشْعَرُونَ. ومَقْتَوِيٌّ ومَقْتَوُونَ، فتُحْذَفُ ياءُ النِّسْبَةِ مِنهما في الجَمْعِ.وفي (المُقْتَوِينَ) عِلَّةٌ أُخْرَى، وهيَ أنَّهُ يُقَالُ في الواحدِ: مَقْتَوِيٌّ، ثمَّ تُحْذَفُ ياءُ النِّسْبَةِ فتَصِيرُ الواوُ طَرَفاً وقَبْلَها فتحةٌ، فيَجِبُ أنْ تُقْلَبَ ألفاً، فتصيرُ مُقْتًى مِثْلَ مَلْهًى، ثُمَّ يَجِبُ أنْ يُجْمَعَ على مَقْتَيْنَ؛ مِثْلُ: مُصْطَفَيْنَ.
هذا القِيَاسُ، غيرَ أنَّ العربَ اسْتَعْمَلَتْهَا على خِلافِ هذا، فقالُوا في الرفعِ: مَقْتَوُونَ،وفي النَّصْبِ والخَفْضِ: مَقْتَوِينَ، وتَقْدِيرُهُ:أنَّهُ جاءَ على أصلِهِ، فكأنَّهُ يَجِبُ على هذا أنْ يُقالَ في الواحِدِ: مَقْتَوٌ، ثمَّ يُجْمَعُ فَيُقَالُ: مَقْتَوُونَ.
49- فَإِنَّ قَنَاتَنَا يَا عَمْرُو أَعْيَتْ = عَلَى الأَعْدَاءِ قَبْلَكَ أَنْ تَلِينَا
أرادَ بـ(القَنَاةِ): الأصلَ؛ أيْ: نَحْنُ لا نَلِينُ لأَحَدٍ.ومَوْضِعُ (أنْ) نَصْبٌ على معنى: بِأَنْ تَلِينَا، ولأنْ تَلِينَا.
50- إذا عَضَّ الثِّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ = وَوَلَّتْهُمْ عَشَوْزَنَةً زَبُونَا
(الثِّقَافُ): ما تُقَوَّمُ بِهِ الرِّمَاحُ.و(اشْمَأَزَّتْ): نَفَرَتْ. و(عَشَوْزَنَةٌ): صُلْبَةٌ شَدِيدَةٌ.و(الزَّبُونُ): الدَّفُوعُ.والزَّبْنُ: الدَّفْعُ.والزَّبَانِيَةُ عندَ العربِ: الأَشِدَّاءُ.سُمُّوا زَبَانِيَةً؛ لأنَّهم يَعْمَلُونَ بأَرْجُلِهِم كما يَعْمَلُونَ بأَيْدِيهِم.(وعَشَوْزَنَةً) منصوبةٌ بـ(وَلَّتْ).
51- عَشَوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ = تَدُقُّ قَفَا المُثَقِّفِ والجَبِينَا
قولُهُ: (أَرَنَّتْ) يقولُ: إذا انْقَلَبَتْ في ثِقَافِها صَوَّتَتْ وشَجَّتْ قَفَا مَنْ يُثَقِّفُها.
52- فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمَ بنِ بَكْرٍ =بِنَقْصٍ فِي خُطُوبِ الأَوَّلِينَ
ويُرْوَى: (عَنْ جُشَمَ)، وإنَّما يُخَاطِبُ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ، يَقُولُ: هلْ حُدِّثْتَ أنَّ أحداً اضْطَهَدَنَا في قَدِيمِ الدَّهْرِ؟ و(الخُطُوبُ): الأُمُورُ، واحِدُها: خَطْبٌ.
53- وَرِثْنَا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بنِ سَيْفٍ =أَبَاحَ لَنَا حُصُونَ الْمَجْدِ دِينَا
ويُرْوَى: (حُصُونَ الحَرْبِ دِينَا). الدِّينُ: الطاعَةُ. و(عَلْقَمَةُ): رَجُلٌ منهم. وقولُهُ:َبَاحَ لَنَا حُصُونَ الحَرْبِ) معناهُ: أنَّهُ كانَ قَاتَلَ حَتَّى غَلَبَ عليها، ثُمَّ تَرَكَها مُباحَةً لنا.و(دِينَا) معناهُ: خَاضِعاً ذَلِيلاً.و(دِينَا) منصوبٌ على الحالِ.ويُرْوَى: (حُصُونَ المَجْدِ حِينَا).ويقالُ: إنَّ عَلْقَمَةَ هذا هوَ الذي أَنْزَلَ بَنِي تَغْلِبَ الجَزِيرَةَ.
54- وَرِثْتُ مُهَلْهِلاً وَالخَيْرَ مِنْهُمْ = زُهَيْراً نِعْمَ ذُخْرُ الذَّاخِرِينَا
يقالُ: إنَّ مُهَلْهَلاً كانَ صَاحِبَ حَرْبِ وائلٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وهوَ جَدُّ عَمْرِو بنِ كُلْثُومٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ. و(زُهَيْرٌ) جَدُّهُ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ. فذَكَرَهُما يَفْتَخِرُ بهما.
55- وعَتَّاباً وكُلْثُوماً جَمِيعاً = بِهِمْ نِلْنَا تُرَاثَ الأَكْرَمِينَا
ويُرْوَى: (تُرَاثَ الأَجْمَعِينَا)؛يعني جَمَاعَتَهم.وليسَتْ هذهِ (أَجْمَعِينَ) التي تَكُونُ للتأكيدِ؛ لأنَّ أجمعينَ لا تُفْرَدُ، ولا يَدْخُلُها الألفُ واللامُ؛ لأنَّها معرفةٌ. ويُرْوَى: (مَسَاعِي الأَكْرَمِينَا). و(جَمِيعاً) نَصْبٌ على الحالِ.
56- وذَا البُرَةِ الذي حُدِّثْتَ عَنْهُ = بِهِ نُحْمَى ونَحْمِي المُلْجَئِينَا
ُو البُرَةِ): رَجُلٌ مِنْ بني تَغْلِبَ بنِ رَبِيعَةَ.وقيلَ: هوَ كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ، وإنَّما قيلَ لهُ:(ذُو البُرَةِ)؛ لأنَّهُ كانَ على أَنْفِهِ شَعَرٌ خَشِنٌ، فشُبِّهَ بالبُرَةِ.
57- ومِنَّا قَبْلَهُ السَّاعِي كُلَيْبٌ = فَأَيَُّ المَجْدِ إِلاَّ قَدْ وَلِينَا؟
الروايَةُ عندَ أكثرِ أهلِ اللغةِ بنصبَِيَّ) على أنْ تُنْصَبَ بـ(وَلِينَا).وزَعَمَ بعضُ النحْويِّينَ أنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ تُنْصَبَ أيٌّ هنا؛ لأنَّهُ لا يَعْمَلُ ما كانَ في حَيِّزِ الإيجابِ فيما كانَ قبلَهُ.وقولُهُ: (وَلِينَا) مِن الوِلايَةِ؛ أيْ: صارَ إِلَيْنَا، فصِرْنَا وُلاةً عليهِ.وقالَ هِشامُ بنُ مُعَاوِيَةَ: أَنْشَدَ الكِسَائِيُّ هذا البيتَ بِرَفْعِ (أَيٍّ) بما عادَ من الهاءِ المضمَرَةِ، أرادَ: فَأَيُّ المجدِ إلاَّ قدْ وَلِينَاهُ.
58- مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنَا بِحَبْلٍ =نَجُذِّ الْوَصْلَ أوْ نَقِصِ القَرِينَا
ويُرْوَى: (مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنَا بقومٍ * نَحُزِّ الحَبْلَ).ويُرْوَى: َجُدِّ الحَبْلَ). و(القَرِينَةُ): التي تُقْرَنُ إلى غَيْرِها.يقولُ: مَتَى نُقْرَنْ إلى غَيْرِنا؛ أيْ: مَتَى نُسَابِقُ قَوْماً نَسْبِقْهُمْ، ومَتَى قَارَنَّا قَوْماً في حربٍ صَابَرْنَاهُم حتَّى نَقِصَ مَنْ يُقْرَنُ بِنَا؛ أيْ: نَدُقَّ عُنُقَهُ. و(نَجُذُّ): نَقْطَعُ. وأصلُ (القَرِينَةِ) الناقةُ والجَمَلُ تكونُ فيهما خُشُونَةٌ، يُرْبَطُ أَحَدُهما إلى الآخَرِ حتَّى يَلِينَ أَحَدُهما.
59- ونُوجَدْ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَاراً = وَأَوْفَاهُمْ إِذَا عَقَدُوا يَمِينَا
(الذِّمَارُ): حَرِيمُ الرَّجُلِ، وما يَحِقُّ على الرَّجُلِ أنْ يَحْمِيَهُ. و(ذِمَاراً ويَمِينَا) منصوبانِ على التفسيرِ.ويَجُوزُ أنْ يُرْوَى: (ونُوجَدْ نَحْنُ أَمْنَعُهُم) على أنْ يكونَ خَبَرَ (نحْنُ)، والجملةُ في موضِعِ نَصْبٍ. ومَنْ نَصَبَ فـ(نَحْنُ) على معنييْنِ: أَحَدِهما: أنْ يكونَ صفةً للمُضْمَرِ، وفيها معنى التوكيدِ.والآخَرِ: أنْ تَكُونَ فاصلةً، قالَ اللَّهُ تعالى: َمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً}.ويَجُوزُ الرفعُ في غيرِ القرآنِ على ما تَقَدَّمَ.
ويُقَالُ: وَفَى وأَوْفَى. و(أَوْفَى) أَفْصَحُ، إلاَّأنََّوْفَاهُم) لا يَجُوزُ أنْ تكونَ مِنْ (أَوْفَى)؛ لأنَّ الفعلَ إذا جاوَزَ ثلاثةَ أَحْرُفٍ لم يُقَلْ فيهِ: هذا أَفْعَلُ منْ هذا. ويُقالُ: (عَقَدْتُ) إلى فُلانٍ في كذا وكذا؛ أيْ: أَلْزَمْتَهُ إيَّاهُ.وإذا قْلُتَ: عَاقَدْتُهُ، فمعناهُ: أَلْزَمْتَهُ إيَّاهُ باسْتِيثَاقٍ.
60- وَنَحْنُ غَدَاةَ أُوقِدَ فِي خَزَازٍ = رَفَدْنَا فَوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِينَا
ويُرْوَى: (فِي خَزَازَى)، وهوَ جَبَلٌ. ويقالُ: مَوْضِعٌ. يقولُ: أُوقِدَتْ نارُ الحربِ في خَزَازٍ.و(رَفَدْنَا): أَعْطَيْنَا.ومَعْنَاهُ هُنَا: أَعَنَّا فَوْقَ عَوْنِ مَنْ أَعَانَ.

61- ونَحْنُ الحَابِسُونَ بِذِي أُرَاطَى = تَسَفُّ الجِلَّةُ الخُورُ الدَّرِينَا
ُرَاطَى): مكانٌ. وقيلَ: ماءٌ. و(الجِلَّةُ): العِظَامُ مِن الإبلِ.و(الخُورُ): الغِزَارُ الكثيرةُ الألبانِ،وبَنَى وَاحِدَتَها على خَوْرَاءَ، والمُسْتَعْمَلُ في كلامِ العربِ: خَوَّارَةٌ. و(تَسَفُّ): تَأْكُلُ، و(الدَّرِينُ): حَشِيشٌ يَابِسٌ. يَقُولُ: حَبَسْنَا إِبِلَنَا على الدَّرِينِ صَبْراً، حتَّى ظَفِرْنَا، ولم يَطْمَعْ فِينَا عَدُوٌّ.
62- وَنَحْنُ الْحَاكِمُونَ إِذَا أُطِعْنَا = ونحنُ العازِمُونَ إِذَا عُصِينَا
ويُرْوَى: (ونَحْنُ العاصِمُونَ إذا أُطِعْنَا). و(الحَاكِمُونَ): المانِعُونَ. والمعنى: أنَّا نَمْنَعُ مَنْ أَطَاعَنَا.و(نَعْزِمُ)؛ أيْ: نَثْبُتُ على قِتالِ مَنْ عَصَانَا.
63- ونحنُ التارِكُونَ لِمَا سَخِطْنَا = ونحنُ الآخِذُونَ لِمَا رَضِينَا
يقولُ: إذا كَرِهْنَا شَيْئاً تَرَكْنَاهُ، ولم يَسْتَطِعْ أَحَدٌ إِجْبَارَنَا عليهِ، وإذا رَضِينَا أَخَذْنَاهُ ولم يَحُلْ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ أَحَدٌ؛ لِعِزِّنَا وارتفاعِ شَأْنِنَا. و(ما) في معنى: الذي.
64- وكُنَّا الأَيْمَنِينَ إذا الْتَقَيْنَا = وكانَ الأَيْسَرِينَ بَنُو أَبِينَا
قالَ أبو العبَّاسِ ثَعْلَبٌ: أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ: أصحابُ التَّقَدُّمِ. وأصحابُ المَشْأَمَةِ: أصحابُ التَّأَخُّرِ.يُقالُ: اجْعَلْنِي في يَمِينِكَ، ولا تَجْعَلْنِي في شِمَالِكَ؛ أي: اجْعَلْنِي مِن المُتَقَدِّمِينَ عِنْدَكَ، ولا تَجْعَلْنِي مِن المُؤَخَّرِينَ. وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: أيْكُنَّا يَوْمَ خَزَازَى في الميمنةِ، وكانَ بَنُو عَمِّنَا في المَيْسَرَةِ.
65- فَصَالُوا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ = وَصُلْنَا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِينَا
َالَ) فلانٌ على فلانٍ: تَرَفَّعَ عليهِ.يقولُ: حَمَلُوا حَمْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ، وحَمَلْنَا حَمْلَةً فِيمَنْ يَلِينَا.وقالَ: (فِيمَنْ يَلِيهِم) على لَفْظَِن)، ولوْ كانَ على المعنى لقالَ: يَلُونَهُم.
66- فَآبُوا بالنِّهَابِ وبِالسَّبَايَا = وأُبْنَا بالمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
(آبُوا): رَجَعُوا. و(النِّهَابُ): جَمْعُ نَهْبٍ. و(المُصَفَّدُونَ): المُغَلَّلُونَ بالأصفادِ، الواحِدُ: صَفَدٌ، وهوَ الغُلُّ.يقولُ: ظَفِرْنَا بِهِم، فلم نَلْتَفِتْ إلى أَسْلابِهِم ولا أموالِهِم، وعَمِدْنَا إلى مُلُوكِهِم فصَفَّدْنَاهُم في الحديدِ.
67- إِلَيْكُمْ يا بَنِي بَكْرٍ إِلَيْكُمْ = أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا الْيَقِينَا؟
قولُهُ: (إلَيْكُمْ)، إليكَ: اسمٌ للفِعْلِ، فإذا قالَ القائِلُ: إليكَ عَنِّي، فمعناهُ: ابْعُدْ. و(إلَى) في الأصلِ لانتهاءِ الغايَةِ، فكأنَّ معنى قولِهِ: (إلَيْكُمْ يا بَنِي بَكْرٍ): تَبَاعَدُوا إلى أَقْصَى ما يكونُ مِن البُعْدِ. ولا يَجُوزُ أنْ يَتَعَدَّى (إلَيْكُم) عندَ البَصْرِيِّينَ، لا يُقالُ: إلَيْكَ زَيْداً؛ لأنَّ معناهُ: تَبَاعَدْ. وقولُهُ:َلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا الْيَقِينَا)؛ أيْ: أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا الجِدَّ في الحَرْبِ عِرْفَاناً يَقِيناً؟ والفَرْقُ بينَ (لَمَّا) و(لَمْ) أنََّمَّا) نَفِيُ: قدْ فَعَلَ، و(لَمْ) نفيُ: فَعَلَ.ومِن الفرقِ بينَهما أنَّ (لَمْ) لا بُدَّ أنْ يَأْتِيَ معَها الفعلُ، و(لَمَّا) يَجُوزُ حذفُ الفعلِ مِنهُ.
68- أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنَّا ومِنْكُمْ =كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ ويَرْتَمِينَا؟
(الكتائِبُ): الجماعاتُ، واحِدَتُها: كَتِيبَةٌ.وسُمِّيَتْ كَتِيبَةً لاجتماعِ بعضِها إلى بعضٍ.
69- عَلَيْنَا البَيْضُ واليَلَبُ اليَمَانِي =وأَسْيَافٌ يَقُمْنَ ويَنْحَنِينَا
ويُرْوَى: (يُقَمْنَ). و(البَيْضُ): جَمْعُ بَيْضَةِ الحديدِ.و(اليَلَبُ): قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: هوَ الدِّرْعُ. وقيلَ: الدِّيبَاجُ. وقيلَ: تِرَسَةٌ تُعْمَلُ في اليمنِ مِنْ جُلُودِ الإبلِ، لا يَكَادُ يَعْمَلُ فيها شيءٌ. و(يَنْحَنِينَ)؛ أيْ: يَنْثَنِينَ مِنْ كَثْرَةِ الضِّرَابِ.وقالَ الأصمعيُّ: الْيَلَبُ: جلودٌ يُخْرَزُ بعضُها إلى بعضٍ، تُلْبَسُ على الرُّؤُوسِ خاصَّةً، وليسَتْ على الأجسادِ. وقالَ أبو عُبَيْدَةَ: هيَ جُلُودٌ تُعْمَلُ مِنها دُرُوعٌ فتُلْبَسُ، ولَيْسَتْ بِتِرَسَةٍ. وقيلَ: اليَلَبُ: جلودٌ تُلْبَسُ تحتَ الدُّرُوعِ.
70- عَلَيْنَا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاصٍ = تَرَى فَوْقَ النِّجَادِ لَهَا غُضُونَا
(السابِغَةُ): التامَّةُ مِن الدُّرُوعِ. و(الدِّلاصُ): اللَّيِّنَةُ التي تَزِلُّ عنها السيوفُ.و(النِّجَادُ): حَمَائِلُ السيفِ. و(الغُضُونُ): التكسُّرُ، ويُقَالُ: إنَّهُ جَمْعُ غَضْنٍ، كَفَلْسٍ وفُلُوسٍ.
71- إِذَا وُضِعَتْ عن الأبطالِ يَوْماً = رَأَيْتَ لَهَا جُلُودَ القَوْمِ جُونَا
ويُرْوَى: (إِذَا وُضِعَتْ على الأَبْطَالِ).و(الجُونُ): السُّودُ؛ أيْ: تَسْوَدُّ جُلُودُهُم مِنْ صَدَأِ الحَدِيدِ.ويقالُ: إنَّ الجُونَ جَمْعُ جَوْنٍ، والأصلُ فيهِ على هذا أنْ يكونَ على (فَعُولٍ)، حُذِفَتْ منهُ الواوُ لالتقاءِ الساكنيْنِ. وقيلَ: إنَّما بَنَى الواحِدَ على (أَفْعَلَ)، ثُمَّ جَمَعَهُ على (فُعْلٍ).
72- كأَنَّ مُتُونَهُنَّ مُتُونُ غُدْرٍ =تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَا
ويُرْوَى: (كَأَنَّ غُضُونَهُنَّ مُتُونُ غُدْرٍ).(المُتُونُ): الأَوْسَاطُ. و(الغُدْرُ): جَمْعُ غَدِيرٍ. قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: شَبَّهَ الدُّرُوعَ في صَفَائِها بالماءِ في الغُدْرِ. وقيلَ: شَبَّهَ تَشَنُّجَ الدُّرُوعِ بالماءِ في الغَدِيرِ إذا ضَرَبَتْهُ الرياحُ فصَارَتْ لهُ طَرَائِقُ.
وقولُهُ:ِذَا جَرَيْنَا) سِنادٌ؛ لأنَّ الياءَ إذا انْفَتَحَ ما قبلَها لم يَتِمَّ لِينُها.فقولُهُ: (جَرَيْنَا) معَ قولِهِ:َنْدَرِينَا) عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الشِّعْرِ.
73- وَتَحْمِلُنَا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُرْد = عُرِفْنَ لَنَا نَقَائِذَ وَافْتُلِينَا
(الأَجْرَدُ) مِن الخيلِ: القصيرُ الشَّعَرِ الكريمُ.وطولُ الشعَرِ هُجْنَةٌ.وقولُهُ:َقَائِذَ)؛ أي: اسْتَنْقَذْنَاهُنَّ، الواحدةُ: نَقِيذَةٌ.والنَّقِيذَةُ أيضاً: المُخْتَارَةُ. و(النَّقَائِذُ): ما اسْتُنْفِذَتْ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ.
74- وَرِثْنَاهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ = ونُورِثُهَا إِذَا مِتْنَا بَنِينَا
75- وقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ مِنْ مَعَدٍّ = إِذَا قُِبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينَا
ويُروَى: (وقدْ عَلِمَ القبائلُ غَيْرَ فَخْرٍ). يقولُ: قدْ عَلِمَ القبائلُ إذا ضُرِبَت القِبَابُ أنَّا سَادَةُ العربِ وأَشْرَافُهم.َيْرَ فَخْرٍ) يُريُد: ما نَفْخَرُ بهِ؛ لأنَّ عِزَّنَا وشَرَفَنا أعظمُ مِنْ أنْ نَفْخَرَ بهذا. و(الأَبْطَحُ) والبَطْحَاءُ: بَطْنُ الوادي يكونُ فيهِ رَمْلٌ وحَصًى، كأنَّهُ المكانُ المُنْبَطِحُ.
فـ(أَبْطَحُ) بمعنى المكانِ، وبَطْحَاءُ بمعنى البُقْعَةِ.ويُقالُ: قُبَّةٌ وقُبَبٌ وقِبَابٌ وقِبَبٌ، وكذلكَ جُبَّةٌ وجُبَبٌ وجِبَابٌ وجِبَبٌ.والأصلُ في قِبَبٍ وجِبَبٍ الضَّمُّ؛ لأنَّ الواحدةَ مضمومةٌ، إلاَّ أنَّ: فُعْلَةَ وفِعْلَةَ يَتَضَارَعَانِ في الجَمْعِ؛ ألا تَرَى أنَّكَ تقولُ: رُكْبَةٌ ورُكُبَاتٌ، وكِسْرَةٌ وكِسِرَاتٌ،ثُمَّ يُسَكَّنَانِ فيُقَالُ: رُكْبَاتٌ وكِسْرَاتٌ؛ اسْتِثْقَالاً للضمَّةِ والكسرةِ؟ فلَمَّا تَضَارَعَا هذهِ المُضَارَعَةَ أُدْخِلَتْ إحدَاهُما على صاحِبَتِها، فَقِيلَ: كِسْوَةٌ وكُسًى، وقُبَّةٌ وقِبَبٌ.
76- بِأَنَّا العَاصِمُونَ بِكُلِّ كَحْلٍ = وأنَّا البَاذِلُونَ لِمُجْتَدِينَا
(العَاصِمُونَ): المَانِعُونَ،يقالُ: عَصَمَ اللَّهُ فُلاناً؛ أيْ: مَنَعَهُ مِن التعرُّضِ لِمَا لا يَحِلُّ لهُ. و(كَحْلٌ): سَنَةٌ شَدِيدَةٌ.قالَ الفَرَّاءُ: هيَ أُنْثَى تُجْرَى ولا تُجْرَى، والوجهُ ألاَّ تُجْرَى. و(المُجْتَدِي): الطالِبُ.
77- وأنَّا المانِعُونَ لِمَا يَلِينَا = إذا ما البِيضُ زَايَلَتِ الجُفُونَا
78- وأنَّا المُنْعِمُونَ إذَا قَدَرْنَا =وأنَّا المُهْلِكُونَ إذَا أُتِينَا
أيْ: نُنْعِمُ على مَنْ أَسَرْنَا بالتَّخْلِيَةِ، ونُهْلِكُ مَنْ أَتَانَا يُغِيرُ عَلَيْنَا.
79- وأنَّا الشَّارِبُونَ المَاءَ صَفْواً = ويَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدَراً وطِينَا
ويُرْوَى: (ونَشْرَبُ إنْ وَرَدْنَا الماءَ صَفْواً).يقولُ: لِعِزَّتِنَا نَشْرَبُ الماءَ صَفْواً إنْ وَرَدْنَا.وجوابُ الشرطِ فيهِ قولانِ:
أَحَدُهما: أنَّهُ: (وَنَشْرَبُ)، وهذا لا يَقَعُ إلاَّ في الماضي، إلاَّ في الشِّعْرِ على قَوْلِ بعضِ النحْويِّينَ. فأمَّا أكثرُهم فلا يُجِيزُهُ في الشعرِ ولا غيرِهِ، وذلكَ قَوْلُكَ: أُكَلِّمُكَ إِنْ تُكَلِّمْنِي. فأمَّا في الماضي فجائزٌ عندَ جميعِ النحْويِّينَ أنْتقولَ: أُكَلِّمُكَ إنْ كَلَّمْتَنِي. وأُكَلِّمُكَ: في مَوْضِعِ الجوابِ.
والقولُ الآخَرُ: أنَّ الجَوَابَ محذوفٌ، كأنَّكَ قُلْتَ: إنْ كَلَّمْتَنِي أُكَلِّمْكَ، وحَذَفْتَ (أُكَلِّمْكَ)؛ لِمَا في الكلامِ من الدَّلالةِ.
80- أَلا أَبْلِغْ بَنِي الطَّمَّاحِ عَنَّا = ودُعْمِيًّا: فكيفَ وَجَدْتُمُونَا؟
ويُرْوَى: (ألا أَرْسِلْ بَنِي الطَّمَّاحِ).قالَ ابنُ الأنباريِّ: (الطَّمَّاحُ ودُعْمِيٌّ) حَيَّانِ مِنْ إِيَادٍ. والمعنى: فقُلْ لهم: كيفَ وَجَدْتُمْ مُمَارَسَتَنَا؟ فأَضْمَرَ القولَ لبيانِ المعنى.ومَوْضِعُ (كيفَ) نَصْبٌ بـ(وَجَدْتُمْ).قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: بَنُو الطَّمَّاحِ: منْ بَنِي وَائِلٍ، وهم منْ بَنِي نُمَارَةَ. ودُعْمِيٌّ: ابنُ جَدِيلَةَ مِنْ إِيَادٍ.
81- نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا = فَعَجَّلْنَا الْقِرَى أَنْ تَشْتِمُونَا
أيْ: نَزَلْتُمْ حيثُ تَنْزِلُ الأضيافُ؛ أيْ: جِئْتُمْ للقتالِ فعَاجَلْنَاكُم بالحربِ، ولم نَنْتَظِرْكُم أنْ تَشْتِمُونَا.ويقالُ: معناهُ:عاجَلْنَاكُم بالقتالِ قبلَ أنْ تُوقِعُوا بِنا، فتَكُونُوا سَبَباً لِشَتْمِ الناسِ إيَّانَا. ومعنى (إنْ تَشْتُمُونَا) على مَذْهَبِ الكُوفِيِّينَ: لِئَلاَّ تَشْتِمُونَا، ثُمَّ حَذَفَ (لا).ولا يَجُوزُ عندَ البَصريِّينَ حذفُ (لا)؛ لأنَّ المعنى يَنْقَلِبُ، والتقديرُ على مَذْهَبِهِم: فعَجَّلْنَا الحربَ؛ مَخَافَةَ أنْ تَشْتِمُونَا، وَحَذَفَ (مَخَافَةَ) وأقامَ (أنْ تَشْتِمُونَا) مُقَامَها.
82- قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنَا قِرَاكُمْ = قُبَيْلَ الصبحِ مِرْدَاةً طَحُونَا
ِرْدَاةً): صَخْرَةٌ، شَبَّهَ الكَتِيبَةَ بها، فقالَ: جَعَلْنَا قِرَاكُم الحربَ لَمَّا نَزَلْتُم بنا، ولَقِينَاكُم بكَتِيبَةٍ تَطْحَنُكُمْ طَحْنَ الرَّحَى.
83- عَلَى آثَارِنَا بِيضٌ كِرَامٌ = نُحَاذِرُ أَنْ تُفَارِقَ أوْ تَهُونَا
ويُرْوَى: (نُحَاذِرُ أنْ تُقَسَّمَ)؛ أيْ: نساؤُنا خَلْفَنَا، نُقَاتِلُ عَنْهُنَّ، ونَحْذَرُ أنْ نُفَارِقَهُنَّ، أوْ يَصِرْنَ إلى غَيْرِنا فَيَهُنَّ.
84- ظَعَائِنُ مِنْ بَنِي جُشَمَ بنِ بَكْرٍ = خَلَطْنَ بِمِيسَمٍ حَسَباً ودِينَا
(المِيسَمُ): الحُسْنُ، وهوَ مِفْعَلٌ مِنْ وَسَمْتُ؛ أيْ: لَهُنَّ معَ جَمَالِهِنَّ حَسَبٌ ودِينٌ.
85- أَخَذْنَ على بُعُولَتِهِنَّ عَهْداً = إذا لاقَوْا فَوَارِسَ مُعْلِمِينَا
ويُرْوَى:
أَخَذْنَ على بُعُولَتِهِنَّ نَذْراً = إذا لاقَوْا كَتَائِبَ مُعْلِمِينَا
(البَعْلُ): الزَّوْجُ. وأصلُهُ في اللُّغَةِ: ما عَلا وارْتَفَعَ، ومنهُ قِيلَ للسَّيِّدِ: بَعْلٌ.قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ}؛ أيْ: أَتَدْعُونَ ما سَمَّيْتُمُوهُ سَيِّداً؟ ومِنهُ قيلَلِمَا رُوِيَ بالمَطَرِ: بَعْلٌ.
86- لَيَسْتَلِبُنَّ أَبْدَاناً وبَِيضاً =وأَسْرَى في الحَدِيدِ مُقَرَّنِينَا
ويُرْوَى: (وأَسْرَى في الحديدِ مُقَنَّعِينَا).واللامُ في قَوْلِهِ: َيَسْتَلِبُنَّ) جوابٌ لأَخْذِ العَهْدِ؛ لأنَّهُ يَمِينٌ.وقالَ الفَرَّاءُ: قالَ المُفَضَّلُ: هذا البيتُ ليسَ منْ هذهِ القصيدةِ. قالَ الفَرَّاءُ: فَجَوَابُ أخذِ العَهْدِ محذوفٌ لِبَيَانِ معناهُ. قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: َإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ}، فجوابُهُ محذوفٌ: إنِ اسْتَطَعْتَ فافْعَلْ.
وقالَ أبو جَعْفَرٍ في قَوْلِهِ: َخَذْنَ عَلَى بُعُولَتِهِنَّ عَهْداً): معناهُ أنَّ الواجبَ علينا أنْ نَحْمِيهِنَّ، فصارَ كالعَهْدِ. وعَهْدُهُنَّ: ما لَهُنَّ في قُلُوبِهِم مِن المَحَبَّةِ، لا أَنَّهُنَّ أَخَذْنَ علَيْهِم عَهْداً.
و (الأَبْدَانُ): الدُّرُوعُ، واحِدُها: بَدَنٌ.و(البَيْضُ): بَيْضُ الحديدِ، ومَنْ كَسَرَ الباءَ فالمرادُ بهِ: السُّيُوفُ. ويُرْوَى أنَّأَحَدَهم كَانَ في الحربِ إذا لم يَكُنْ معَهُ سلاحٌ وَثَبَ على آخَرَ وأَخَذَ سِلاحَهُ. والمرادُ في البيتِ: سَلَبُ الأعداءِ. و(أَسْرَى) وأُسَارَى بمعنًى واحدٍ.وقالَ أبو زَيْدٍ: الأَسْرَى: مَنْ كانَ في وقتِ الحربِ، والأُسَارَى: مَنْ كانَ في الأَيْدِي.
87- إذا مارُحْنَ يَمْشِينَ الهُوَيْنَى = كما اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينَا
معناهُ: إذا راحَ النِّسَاءَُمْشِينَ الهُوَيْنَى)؛ أيْ: لا يَعْجَلْنَ في مَشْيِهِنَّ. (كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينَا)؛ أيْ: يَتَثَنَّيْنَ في مَشْيِهِنَّ ويَتَمَايَلْنَ كما تَفْعَلُ السَّكَارَى، وإنَّما يَصِفُ نَعْمَتَهُنَّ.
88- يَقُتْنَ جِيَادَنَا ويَقُلْنَ: لَسْتُمْ = بُعُولَتَنَا إذَا لم تَمْنَعُونَا
َقُتْنَ): مِن القُوتِ. يقالُ: قَاتَ أهلَهُ يَقُوتُهُم قِياتَةً وقَوْتاً.والقُوتُ الاسْمُ. ويُرْوَى: (يَقُدْنَ). وَكَانُوا لا يَرْضَوْنَ للقيامِ على الخَيْلِ إلاَّ بأَهْلِيهِمْ؛ إِشْفَاقاً عليها. و(الجِيَادُ): الخيلُ، واحِدُها: جَوَادٌ. فإذا قُلْتَ: رَجُلٌ جَوَادٌ جَمَعْتَهُ على: أَجْوَادٍ؛ للفَرْقِ.
89- إذا لم نَحْمِهِنَّ فَلا بَقِينَا = لِشَيْءٍ بَعْدَهُنَّ ولا حَيِينَا
ويُرْوَى: (إذا لم نَحْمِهِنَّ فلا تُرِكْنَا * لِشَيْءٍ بَعْدَهُنَّ)
90- وما مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ =تَرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كَالْقُلِينَا
(القُلُونَ): جَمْعُ قُلَةٍ، وهيَ الخَشَبَةُ التي يَلْعَبُ بها الصبيانُ، يَضْرِبُونَها بالمِقْلاءِ، وهيَ أطولُ مِن القُلَةِ.
91- لَنَا الدُّنْيَا ومَنْ أَضْحَى علَيْهَا = ونَبْطِشُ حِينَ نَبْطِشُ قَادِرِينَا
92- إذا ما المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفاً = أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينَا
(الخَسْفُ) ههنا: الظلمُ والنُّقْصَانُ.وإنَّما يَصِفُ عِزَّتَهُم وأنَّ المُلُوكَ لا تَصِلُ إلى ظُلْمِهِم.
93- نُسَمَّى ظَالِمِينَ وما ظَلَمْنَا = ولَكِنَّا سَنَبْدَأُ ظَالِمِينَا
ويُرْوَى: (بُغَاةً ظالمينَ وما ظَلَمْنَا).
94- إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ = تَخِرُّ لَهُ الْجَبَابِرُ سَاجِدِينَا
95- مَلأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا = وظَهْرَ الْبَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِينَا
َهْرَ) منصوبٌ على إضمارِ فِعْلٍ؛لِتَعْطِفَ على ما عَمِلَ فيهِ الفعلُ.وإنْ شِئْتَ رَفَعْتَهُ على الابتداءِ، وعَطَفْتَ جُمْلَةً على جُمْلَةٍ. ويُرْوَى: (وَسْطَ البحرِ)، ويُرْوَى: (ونَحْنُ البَحْرَ).
96- أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا = فَنَجْهَلَ فوقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا
معناهُ: نُهْلِكُهُ ونُعاقِبُهُ بما هوَ أعظَمُ مِنْ جَهْلِهِ.فنَسَبَ الجهلَ إلى نفسِهِ، وهوَ يُرِيدُ الإهلاكَ والمعاقبَةَ؛ لِتَزْدَوِجَ اللَّفْظَتَانِ، فتكونَ الثانيَةُ على مِثْلِ لفظةِ الأُولَى، وهيَ تُخَالِفُها في المعنَى؛ لأنَّ ذلكَ أَخَفُّ على اللسانِ وأَخْصَرُ على اخْتِلافِهِما.

  #5  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 01:59 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح القصائد السبع للقاضي: الحسين بن أحمد الزوزني

عمرو بن كلثوم
هو (عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن زهير التغلبي) من (بني تغلب بن وائل) وينتهي نسبه إلى (معد بن عدنان) وأمه هي (ليلى) بنت (مهلهل) الذي هو أخو (كليب) المشهور.
وقد ساد (عمرو بن كلثوم) قومه وهو ابن خمسة عشر عاما، ومات وله من العمر مائة وخمسون سنة (150).
وكان فارسا أبيا جريئا، حتى بلغ من أمره أن فتك بالطاغية (عمرو بن هند) في بلاط سلطانه.
وكان (عمرو بن كلثوم) شجاعا مظفرا مقداما فتاكا. وبه يضرب المثل في الفتك. فيقال: أفتك من (عمرو بن كلثوم) لفتكه بعمرو بن هند.
وكانت وفاته سنة (600) لميلاد المسيح عليه السلام، وسنة (52) قبل الهجرة النبوية. وله من العمر خمسون سنة ومائة (150).
كان شاعرا فحلا مطبوعا، صافي الديباجة، كثير الطلاوة، حسن السبك واضح المعاني شديد الفخر، قوي الشكيمة في الحماسة.
معلقة (عمرو بن كلثوم) أشهر شعره وأشعره. وهي حماسية فخرية. وما وصل إلينا منها هو جزء يسير منها.
وقد قام (عمرو) بها خطيبا في (سوق عكاظ) وقام بها في موسم (مكة). و(بنو تغلب) تعظمها جدا، ويرويها صغارهم وكبارهم.
والخطب الذي دعا إلى نظمها ليس واحد على ما يتراءى لمن يتتبع أبيات القصيدة، ويفهم ذلك من اختلاف الرواة في سبب نظمها. ففي كتاب (الأغاني) يصرح أنه قالها على أثر ما جرى لأمه عند (عمرو بن هند) وفي كتاب (خزانة الأدب) أنه أنشدها بحضرة الملك (عمرو بن هند) فلعله نظمها في الواقعتين.
معلقة عمرو بن كلثوم
1 - ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا
هب من نومه يهب هبا: إذا استيقظ. الصحن: القدح العظيم، والجمع الصحون. الصبح: سقي الصبوح، والفعل صبح يصبح. أبقيت الشيء وبقيته بمعنى. الأندرون: قرى بالشام.
يقول: ألا استيقظي من نومك أيتها الساقية واسقيني الصبوح بقدحك العظيم، ولا تدخري خمر هذه القرى.
2 - مشعشعة كأن الحص فيها إذا ما الماء خالطها سخينا
شعشعت الشراب: مزجته بالماء، الحص: الورس نبت له نوار أحمر يشبه الزعفران، ومنهم من جعل سخينا صفة ومعناه الحار، من سخن يسخن سخونة، ومنهم من جعله فعلا من سخي يسخى سخاء، وفيه ثلاث لغات: إحداهن ما ذكرنا، والثانية سخو يسخو، والثالثة سخا يسخو سخاوة.
يقول: اسقينيها ممزوجة بالماء كأنها من شدة حمرتها بعد امتزاجها بالماء ألقي فيها نور هذا النبت الأحمر وإذا خالطها الماء وشربناها وسكرنا جدنا بعقائل أموالنا وسمحنا بذخائر أعلاقنا هذا إذا جعلنا سخينا فعلا، وإذا جعلناه صفة كان المعنى. كأنها حال امتزاجها بالماء وكون الماء حارا، نور هذا النبت، ويروى شحينا. بالشين المعجمة، أي إذا خالطها الماء مملوءة به.
والشحن: الملء، والفعل شحن يشحن، والشحين بمعنى المشحون كالقتيل بمعنى المقتول، يريد أنها حال امتزاجها بالماء وكون الماء كثيرا تشبه هذا النور.
3 - تجور بذي اللبانة عن هواه إذا ما ذاقها حتى يلينا
يمدح الخمر ويقول: تميل صاحب الحاجة عن حاجته وهواه إذا ذاقها حتى يلين، أي هي تنسي الهموم والحوائج أصحابها، فإذا شربوها لانوا ونسوا أحزانهم وحوائجهم.
4 - ترى اللحز الشحيح إذا أمرت عليه لماله فيها مهينا
اللحز: الضيق الصدر. الشحيح: البخيل الحريص، والجمع الأشحة والأشحاء، والشحاح أيضا مثل الشحيح، والفعل شح يشح، والمصدر الشح وهو البخل معه حرص.
يقول: ترى الإنسان الضيق الصدر البخيل الحريص مهينا لماله فيها، أي في شربها، إذا أمرت الخمر عليه، أي إذا أديرت عليه.
5 - صبنت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا
الصبن: الصرف، والفعل صبن يصبن. يقول: صرفت الكأس عنا يا أم عمرو، وكان مجرى الكأس على اليمين فأجريتها على اليسار.
6 - وما شر الثلاثة أم عمرو بصاحبك الذي لا تصبحينا
يقول: ليس بصاحبك الذي لا تسقينه الصبوح شر هؤلاء الثلاثة الذين تسقينهم، أي لست شر أصحابي فكيف أخرتني وتركت سقيي الصبوح؟
7 - وكأس قد شربت ببعلبك وأخرى في دمشق وقاصرينا
يقول: ورب كأس شربتها بهذه البلدة، ورب كأس شربتها بتينك البلدتين.
8 - وإنا سوف تدركنا المنايا مقدرة لنا ومقدرينا
يقول: سوف تدركنا مقادير موتنا، وقد قدرت تلك المقادير لنا وقدرنا لها، المنايا: جمع المنية وهي تقدير الموت.
9 - قفي قبل التفرق يا ظعينا نخبرك اليقين وتخبرينا
أراد يا ظعينة فرخم، والظعينة: المرأة في الهودج، سميت بذلك لظعنها مع زوجها، فهي فعيلة بمعنى فاعلة، ثم كثر استعمال هذا الاسم للمرأة حتى يقال لها ظعينة وهي في بيت زوجها.
يقول: قفي مطيتك أيتها الحبيبة الظاعنة نخبرك بما قاسينا بعدك، وتخبرينا بما لاقيت بعدنا.
10 - قفي نسألك هل أحدثت صرما لوشك البين أم خنت الأمينا
الصرم: القطيعة، الوشك: السرعة، والوشيك: السريع. الأمين: بمعنى المأمون.
يقول: قفي مطيتك نسألك هل أحدثت قطيعة لسرعة الفراق، أم هل خنت حبيبك الذي تؤمن خيانته؟ أي هل دعتك سرعة الفراق إلى القطيعة أو إلى الخيانة في مودة من لا يخونك في مودته إياك؟
11 - بيوم كريهة ضربا وطعنا أقر به مواليك العيونا
الكريهة: من أسماء الحرب، والجمع الكرائه، سميت بها لأن النفوس تكرهها، وإنما لحقتها التاء لأنها أخرجت مخرج الأسماء مثل: النطيحة والذبيحة، ولم تخرج مخرج النعوت مثل: امرأة قتيل وكف خضيب، ونصب ضربا وطعنا على المصدر أي يضرب فيه ضربا ويطعن فيه طعنا.
قولهم: أقر الله عينك، قال الأصمعي: معناه أبرد الله دمعك، أي سرك غاية السرور، وزعم أن دمع السرور بارد ودمع الحزن حار، وهو عندهم مأخوذ من القرور وهو الماء البارد، ورد عليه أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب هذا القول وقال: الدمع كله حار جلبه فرح أو ترح، وقال أبو عمرو الشيباني: معناه أنام الله عينك وأزال سهرها لأن استيلاء الحزن داع إلى السهر، فالإقرار على قوله إفعال من قر يقر قرارا، لأن العيون تقر في النوم وتطرف في السهر. وحكى ثعلب عن جماعة من الأئمة أن معناه: أعطاك الله مناك ومبتغاك حتى تقر عينك عن الطموح إلى غيره، وتحرير المعنى: أرضاك الله، لأن المترقب للشيء يطمح ببصره إليه فإذا ظفر به قرت عينه عن الطموح إليه.
يقول: نخبرك بيوم حرب كثر فيه الضرب والطعن، فأقر بنو أعمامك عيونهم في ذلك اليوم، أي فازوا ببغيتهم وظفروا بمناهم من قهر الأعداء.
12 - وإن غدا وإن اليوم رهن وبعد غد بما لا تعلمينا
أي بما لا تعلمين من الحوادث.
يقول: فإن الأيام رهن بما لا يحيط علمك به أي ملازمة له.
13 - تريك إذا دخلت على خلاء وقد أمنت عيون الكاشحينا
الكاشح: المضمر العداوة في كشحه وخصت العرب الكشح بالعداوة لأنه موضع الكبد، والعداوة عندهم تكون في الكبد، وقيل: بل سمي العدو كاشحا لأنه يكشح عن عدوه أي يعرض عنه فيوليه كشحه، يقال: كشح عنه يكشح كشحا.
يقول: تريك هذه المرأة إذا أتيتها خالية وأمنت عيون أعدائها.
14 - ذراعي عيطل أدماء بكر هجان اللون لم تقرأ جنينا
العيطل: الطويلة العنق من النوق. الأدماء: البيضاء منها والأدمة البياض في الإبل. البكر: الناقة التي حملت بطنا واحدا، ويروى بكر، بفتح الباء وهو الفتي من الإبل، وبكسر الباء أعلى الروايتين، ويروى: تربعت الأجارع والمتونا، تربعت: رعت ربيعا. الأجارع: جمع الأجرع وهو المكان الذي فيه جرع، والجرع: جمع جرعة، وهي دعص من الرمل غير منبت شيئا. المتون: جمع متن وهو الظهر من الأرض. الهجان: الأبيض الخالص البياض يستوي فيه الواحد والتثنية والجمع، وينعت به الإبل والرجال وغيرهما، لم تقرأ جنينا أي لم تضم في رحمها ولدا.
يقول: تريك ذراعين ممتلئتين لحما كذراعي ناقة طويلة العنق لم تلد بعد أو رعت أيام الربيع في مثل هذا الموضع، ذكر هذا مبالغة في سمنها، أي ناقة سمينة لم تحمل ولدا قط بيضاء اللون.
15 - وثديا مثل حق العاج رخصا حصانا من أكف اللامسينا
رخصا: لينا. حصانا: عفيفة. يقول: وتريك ثديا مثل حق من عاج بياضا واستدارة محرزة من أكف من يلمسها.
16 - ومتني لدنة سمقت وطالت روادفها تنوء بما ولينا
اللدن: اللين، والجمع لدن، أي ومتني قامة لدنة. السموق: الطول، والفعل سمق يسمق، الرادفتان والرانفتان: فرعا الأليتين، والجمع الروداف والروانف. النوء: النهوض في تثاقل. الولي: القرب، والفعل ولي يلي.
يقول: وتريك متني قامة طويلة لينة تثقل أردافها مع ما يقرب منها، وصفها بطول القامة وثقل الأرداف.
17 - ومأكمة يضيق الباب عنها وكشحا قد جننت به جنونا
المأكَمة والمأكِمة: رأس الورك، والجمع المآكم.
يقول: وتريك وركا يضيق الباب عنها لعظمها وضخمها وامتلائها باللحم، وكشحا قد جننت بحسنه جنونا.
18 - وساريتي بلنط أو رخام يرن خشاش حليهما رنينا
البلنط: العاج. السارية: الأسطوانة، والجمع السواري. الرنين: الصوت. يقول: وتريك ساقين كأسطوانتين من عاج أو رخام بياضا وضخما يصوت حليهما، أي خلاخيلهما، تصويتا.
19 - فما وجدت كوجدي أم سقب أضلته فرجعت الحنينا
قال القاضي أبو سعيد السيرافي: البعير بمنزلة الإنسان، والجمل بمنزلة الرجل والناقة بمنزلة المرأة، والسقب بمنزلة الصبي، والحائل بمنزلة الصبية، والحوار بمنزلة الولد، والبكر بمنزلة الفتى، والقلوص بمنزلة الجارية. الوجد: الحزن، والفعل وجد يجد، الترجيع: ترديد الصوت.
الحنين: صوت المتوجع.
يقول: فما حزنت حزنا مثل حزني ناقة أضلت ولدها فرددت صوتها مع توجعها في طلبها، يريد أن حزن هذه الناقة دون حزنه لفراق حبيبته.
20 - ولا شمطاء لم يترك شقاها لها من تسعة إلا جنينا
الشمط: بياض الشعر. الجنين: المستور في القبر هنا.
يقول: ولا حزنت كحزني عجوز لم يترك شقاء جدها لها من تسعة بنين إلا مدفونا في قبره، أي ماتوا كلهم ودفنوا، يريد أن حزن العجوز التي فقدت تسعة بنين دون حزنه عند فراق عشيقته.
21 - تذكرت الصبا واشتقت لما رأيت حمولها أصلا حدينا
الحمول: جمع حامل، يريد إبلها. يقول: تذكرت العشق والهوى واشتقت إلى العشيقة لما رأيت حمول إبلها سيقت عشيا.
22 - فأعرضت اليمامة واشمخرت كأسيافٍ بأيدي مصلتينا
أعرضت: ظهرت، وعرضت الشيء أظهرته، ومنه قوله عز وجل: {وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا} وهذا من النوادر، عرضت الشيء فأعرض، ومثله كببته فأكب ولا ثالث لهما فيما سمعنا. اشمخرت: ارتفعت، أصلت السيف: سللته.
يقول: فظهرت لنا قرى اليمامة وارتفعت في أعيننا كأسياف بأيدي رجال سالين سيوفهم، شبه ظهور قراها بظهور أسياف مسلولة من أغمادها.
23 - أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
يقول: يا أبا هند لا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك باليقين من أمرنا وشرفنا, يريد عمرو بن هند فكناه.
24 - بأنا نورد الرايات بيضا ونصدرهن حمرا قد روينا
الراية: العلم، والجمع الرايات والراي.
يقول: نخبرك باليقين من أمرنا بأنا نورد أعلامنا الحروب بيضا، ونرجعها منها حمرا قد روين من دماء الأبطال. هذا البيت تفسير اليقين من البيت الأول.
25 - وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا
يقول: نخبرك بوقائع لنا مشاهير كالغر، من الخيل عصينا الملك فيها كراهية أن نطيعه ونتذلل له. الأيام: الوقائع هنا. الغر بمعنى المشاهير كالخيل الغر لاشتهارها فيما بين الخيل. قوله: أن ندين، أي كراهية أن ندين، فحذف المضاف هذا على قول البصريين، وقال الكوفيون: تقديره أن لا ندين، أي لئلا ندين، فحذف لا.
26 - وسيد معشر قد توجوه بتاج الملك يحمي المحجرينا
يقول: ورب سيد قوم متوج بتاج الملك حام للملجئين قهرناه. أحجرته: ألجأته.
27 - تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا
العكوف: الإقامة، والفعل عكف يعكف، الصفون: جمع صافن، وقد صفن الفرس يصفن صفونا إذا قام على ثلاث قوائم وثنى سنبكه الرابع.
يقول: قتلناه وحبسنا خيلنا عليه وقد قلدناها أعنتها في حال صفونها عنده.
28 - وأنزلنا البيوت بذي طلوح إلى الشامات ننفي الموعدينا
يقول: وأنزلنا بيوتنا بمكان يعرف بذي طلوح إلى الشامات ننفي من هذه الأماكن أعداءنا الذين كانوا يوعدوننا.
29 - وقد هرت كلاب الحي منا وشذبنا قتادة من يلينا
القتاد: شجر ذو شوك، والواحدة منها قتادة. التشذيب: نفي الشوك والأغصان الزائدة والليف عن الشجر، يلينا أي يقرب منا.
يقول: وقد لبسنا الأسلحة حتى أنكرتنا الكلاب وهرت لإنكارها إيانا وقد كسرنا شوكة من يقرب منا من أعدائنا، استعار لفل الغرب وكسر الشوكة تشذيب القتادة.
30 - متى ننقل إلى قوم رحانا يكونوا في اللقاء لها طحينا
أراد بالرحى رحى الحرب وهي معظمها. يقول: متى حاربنا قوماً قتلناهم، لما استعار للحرب اسم الرحى استعار لقتلاها اسم الطحين.
31 - يكون ثفالها شرقي نجد ولهوتها قضاعة أجمعينا
الثفال: خرقة أو جلدة تبسط تحت الرحى ليقع عليها الدقيق. اللهوة: القبضة من الحب تلقى في فم الرحى، وقد ألهيت الرحى ألقيت فيها لهوة.
يقول: تكون معركتنا الجانب الشرقي من نجد، وتكون قبضتنا قضاعة أجمعين، فاستعار للمعركة اسم الثفال وللقتلى اسم اللهوة ليشاكل الرحى والطحين.
32 - نزلتم منزل الأضياف منا فأعجلنا القرى أن تشتمونا
يقول: نزلتم منزلة الأضياف فعجلنا قراكم كراهية أن تشتمونا ولكي لا تشتمونا، والمعنى: تعرضتم لمعاداتنا كما يتعرض الضيف للقرى فقتلناكم عجالا كما يحمد تعجيل قرى الضيف، ثم قال تهكما بهم واستهزاء: أن تشتمونا، أي قريناكم على عجلة كراهية شتمكم إيانا إن أخرنا قراكم.
33 - قريناكم فعجلنا قراكم قبيل الصبح مرداة طحونا
المرداة: الصخرة التي يكسر بها الصخور، والمرداة أيضا الصخرة التي يرمى بها، والردي الرمي والفعل ردى يردي، فاستعار المرداة للحرب. الطحون: فعول من الطحن. مرداة طحونا أي حربا أهلكتهم أشد إهلاك.
34 - نعم أناسنا ونعف عنهم ونحمل عنهم ما حملونا
يقول: نعم عشائرنا بنوالنا وسيبنا ونعف عن أموالهم ونحمل عنهم ما حملونا من أثقال حقوقهم ومؤنتهم، والله أعلم.
35 - نطاعن ما تراخى الناس عنا ونضرب بالسيوف إذا غشينا
التراخي: البعد. الغشيان: الإتيان.
يقول: نطاعن الأبطال ما تباعدوا عنا، أي وقت تباعدهم عنا، ونضربهم بالسيوف إذا أتينا، أي أتونا، فقربوا منا، يريد أن شأننا طعن من لا تناله سيوفنا.
36 - بسمر من قنا الخطي لدن ذوابل أو ببيض يختلينا
اللدن: اللين، والجمع لدن.
يقول: نطاعنهم برماح سمر لينة من رماح الرجل الخطي، يريد سمهرا أي نضاربهم بسيوف بيض يقطعن ما ضرب بها، توصف الرماح بالسمرة لأن سمرتها دالة على نضجها في منابتها.
37 - كأن جماجم الأبطال فيها وسوق بالأماعز يرتمينا
الأبطال: جمع بطل وهو الشجاع الذي يبطل دماء أقرانه الوسوق: جمع وسق وهو حمل بعير. الأماعز: جمع الأمعز وهو المكان الذي تكثر حجارته.
يقول: كأن جماجم الشجعان منهم أحمال إبل تسقط في الأماكن الكثيرة الحجارة شبه رؤوسهم في عظمها بأحمال الإبل. والارتماء لازم ومتعد، وهو في البيت لازم.
38 - نشق بها رؤوس القوم شقا ونختلب الرقاب فتختلينا
الاختلاب: قطع الشيء بالمخلب وهو المنجل الذي لا أسنان له. الاختلاء: قطع الخلا وهو رطب الحشيش.
يقول: نشق بها رؤوس الأعداء شقا ونقطع بها رقابهم فيقطعن.
39 - وإن الضغن بعد الضغن يبدو عليك ويخرج الداء الدفينا
يقول: وإن الضغن بعد الضغن تفشو آثاره ويخرج الداء المدفون من الأفئدة، أي يبعث على الانتقام.
40 - ورثنا المجد قد علمت معد نطاعن دونه حتى يبينا
يقول: ورثنا شرف آبائنا قد علمت ذلك معد، نطاعن الأعداء دون شرفنا حتى يظهر الشرف لنا.
41 - ونحن إذا عماد الحي خرت عن الأحفاض نمنع من يلينا
الحفض: متاع البيت، والجمع أحفاض، والحفض البعير الذي يحمل خرثي البيت، والجمع أحفاض. من روى في البيت: على الأحفاض، أراد بها الأمتعة، ومن روى: عن الأحفاض أراد بها الإبل.
يقول: ونحن إذا قوضت الخيام فخرت على أمتعتها، نمنع ونحمي من يقرب منا من جيراننا، أو ونحن إذا سقطت الخيام عن الإبل للإسراع في الهرب نمنع ونحمي جيراننا إذا هرب غيرنا حمينا غيرنا.
42 - نجذ رؤوسهم في غير بر فما يدرون ماذا يتقونا
الجذ: القطع, يقول: نقطع رؤوسهم في غير بر، أي في عقوق، ولا يدرون ماذا يحذرون منا من القتل وسبي الحرم واستباحة الأموال.
43 - كأن سيوفنا منا ومنهم مخاريق بأيدي لاعبينا
المخراق: معروف، والمخراق أيضا سيف من خشب.
يقول: كنا لا نحفل بالضرب بالسيوف كما لا يحفل اللاعبون بالضرب بالمخاريق أو كنا نضرب بها في سرعة كما يضرب بالمخاريق في سرعة.
44 - كأن ثيابنا منا ومنهم خضبن بأرجوان أو طلينا
يقول: كأن ثيابنا وثياب أقراننا خضبت بأرجوان أو طليت.
45 - إذا ما عي بالإسناف حي من الهول المشبه أن يكونا
الإسناف: الإقدام. يقول: إذا عجز عن التقدم قوم مخافة هول منتظر متوقع يشبه أن يكون ويمكن.
46 - نصبنا مثل رهوة ذات حد محافظة وكنا السابقينا
يقول: نصبنا خيلا مثل هذا الجبل، أو كتيبة ذات شوكة محافظة على أحسابنا وسبقنا خصومنا، أي غلبناهم، وتحرير المعنى: إذا فزع غيرنا من التقدم أقدمنا مع كتيبة ذات شوكة وغلبنا، وإنما نفعل هذا محافظة على أحسابنا.

  #6  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 02:01 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي (تابع) شرح القصائد السبع للقاضي: الحسين بن أحمد الزوزني

47 - بشبان يرون القتل مجدا وشيب في الحروب مجربينا
يقول: نسبق ونغلب بشبان يعدون القتال في الحروب مجدا، وشيب قد مرنوا على الحروب.
48 - حديا الناس كلهم جميعا مقارعة بنيهم عن بنينا
حديا: اسم جاء على صيغة التصغير مثل ثريا وحميا وهي بمعنى التحدي.
يقول: نتحدى الناس كلهم بمثل مجدنا وشرفنا، ونقارع أبناءهم ذابين عن أبنائنا، أي نضاربهم بالسيوف حماية للحريم وذبا عن الحوزة.
49 - فأما يوم خشيتنا عليهم فتصبح خيلنا عصبا ثبينا
العصب: جمع عصبة وهي ما بين العشرة والأربعين. الثبة: الجماعة، والجمع الثبات، والثبون في الرفع، والثبين في النصب والجر.
يقول: فأما يوم نخشى على أبنائنا وحرمنا من الأعداء تصبح خيلنا جماعات، أي تتفرق في كل وجه لذب الأعداء عن الحرم.
50 - وأما يوم لا نخشى عليهم فنمعن غارة متلببينا
الإمعان: الإسراع والمبالغة في الشيء. التلبب: لبس السلاح. يقول: وأما يوم لا نخشى على حرمنا من أعدائنا فنمعن في الإغارة على الأعداء لابسين أسلحتنا.
51 - برأس من بني جشم بن بكر ندق به السهولة والحزونا
الرأس: الرئيس والسيد. يقول: نغير عليهم مع سيد من هؤلاء القوم ندق به السهل والحزن، أي نهزم الضعاف والأشداء.
52 - ألا لا يعلم الأقوام أنا تضعضعنا وأنا قد ونينا
التضعضع: التكسر والتذلل، ضعضعته فتضعضع أي كسرته فانكسر. الونى: الفتور.
يقول: لا يعلم الأقوام أننا تذللنا وانكسرنا وفترنا في الحرب، أي لسنا بهذه الصفة فتعلمنا الأقوام بها.
53 - ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أي لا يسفهن أحد علينا فنسفه عليهم فوق سفههم، أي نجازيهم بسفههم جزاء يربي عليه، فسمي جزاء الجهل جهلا لازدواج الكلام وحسن تجانس اللفظ، كما قال الله تعالى: {الله يستهزئ بهم} وقال الله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} وقال جل ذكره: {ومكروا ومكر الله} وقال جلا وعلا: {يخادعون الله وهو خادعهم} سمي جزاء الاستهزاء والسيئة والمكر والخداع استهزاء وسيئة ومكرا وخداعا لما ذكرنا.
54 - بأي مشيئة عمرو بن هند نكون لقيلكم فيها قطينا
القطين: الخدم، القيل: الملك دون الملك الأعظم. يقول: كيف تشاء يا عمرو بن هند أن نكون خدما لمن وليتموه أمرنا من الملوك الذين وليتموهم؟ أي أي شيء دعاك إلى هذه المشيئة المحالة؟ يريد أنه لم يظهر منهم ضعف يطمع الملك في إذلالهم باستخدام قيله إياهم.
55 - بأي مشيئة عمرو بن هند تطيع بنا الوشاة وتزدرينا
ازدراه وازدرى به: قصر به واحتقره. يقول: كيف تشاء أن تطيع الوشاة بنا إليك وتحتقرنا وتقصر بنا؟ أي: أي شيء دعاك إلى هذه المشيئة؟ أي لم يظهر منا ضعف يطمع الملك فينا حتى يصغي إلى من يشي بنا إليه ويغريه بنا فيحتقرنا.
56 - تهددنا وأوعدنا رويدا متى كنا لأمك مقتوينا
القتو: خدمة الملوك، والفعل قتا يقتو، والمقتى مصدر كالقتو، تنسب إليه فتقول مقتوي، ثم يجمع مع طرح ياء النسبة فيقال مقتوون في الرفع، ومقتوين في الجر والنصب، كما يجمع الأعجمي بطرح ياء النسبة فيقال أعجمون في الرفع، وأعجمين في النصب والجر.
يقول: ترفق في تهددنا وإيعادنا ولا تمعن فيهما، فمتى كنا خدما لأمك؟ أي لم نكن خدما لها حتى نعبأ بتهديدك ووعيدك إيانا، ومن روى: تهددنا وتوعدنا كان إخبارا ثم قال: رويدا أي دع الوعيد والتهديد وأمهله.
57 - فإن قناتنا يا عمرو أعيت على الأعداء قبلك أن تلينا
العرب تستعير للعز اسم القناة. يقول: فإن قناتنا أبت أن تلين لأعدائنا قبلك، يريد أن عزهم أبى أن يزول بمحارب أعدائهم ومخاصمتهم ومكايدتهم، يريد أن عزهم منيع لا يرام.
58 - إذا عض الثقاف بها اشمأزت وولته عشوزنة زبونا
الثقاف: الحديدة التي يقوم بها الرمح، وقد ثقفته: قومته، العشوزنة: الصلبة الشديدة الزبون: الدفوع، وأصله من قولهم: زبنت الناقة حالبها، إذا ضربته بثفنات رجليها أي بركبتيها ومنه الزبانية لزبنهم أهل النار، أي لدفعهم.
يقول: إذا أخذها الثقاف لتقويمها نفرت من التقويم، وولت الثقاف قناة صلبة شديدة دفوعا جعل القناة التي لا يتهيأ تقويمها مثلا لعزتهم التي لا تضعضع، وجعل قهرها من تعرض لهدمها كنفار القناة من التقويم والاعتدال.
59 - عشوزنة إذا انقلبت أرنت تشج قفا المثقف والجبينا
أرنت: صوتت، والإرنان هنا لازم وقد يكون متعديا ثم بالغ في وصف القناة بأنها تصوت إذا أريد تثقيفها، ولم تطاوع الغامز بل تشج قفاه وجبينه، كذلك عزتهم لا تضعضع لمن رامها بل تهلكه وتقهره.
60 - فهل حدثت في جشم بن بكر بنقص في خطوب الأولينا
يقول: هل أخبرت بنقص كان من هؤلاء في أمور القرون الماضية أو بنقض عهد سلف.
61 - ورثنا مجد علقمة بن سيف أباح لنا حصون المجد دينا
الدين: القهر، ومنه قوله عز وجل: {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي غير مقهورين.
يقول: ورثنا مجد هذا الرجل الشريف من أسلافنا وقد جعل لنا حصون المجد مباحة قهرا وعنوة، أي غلب أقرانه على المجد ثم أورثنا مجده ذلك.
62 - ورثت مهلهلا والخير منه زهيرا نعم ذخر الذاخرينا
يقول: ورثت مجد مهلهل ومجد الرجل الذي هو خير منه وهو زهير فنعم ذخر الذاخرين هو، أي مجده وشرفه للافتخار به.
63 - وعتابا وكلثوما جميعا بهم نلنا تراث الأكرمينا
يقول: وورثنا مجد عتاب وكلثوم وبهم بلغنا ميراث الأكارم أي حزنا مآثرهم ومفاخرهم فشرفنا بها وكرمنا.
64 - وذا البرة الذي حدثت عنه به نحمى ونحمي المحجرينا
ذو البرة: من بني تغلب، سمي به لشعر على أنفه يستدير كالحلقة.
يقول: وورثت مجد ذي البرة الذي اشتهر وعرف وحدثت عنه أيها المخاطب، وبمجده يحمينا سيدنا وبه نحمي الفقراء الملجئين إلى الاستجارة بغيرهم.
65 - ومنا قبله الساعي كليب فأي المجد إلا قد ولينا
يقول: ومنا قبل ذي البرة الساعي للمعالي كليب يعني كليب وائل، ثم قال: وأي المجد إلا قد ولينا، أي قربنا منه فحويناه.
66 - متى نعقد قرينتنا بحبل تجذ الحبل أو تقص القرينا
يقول: متى قرنا ناقتنا بأخرى قطعت الحبل أو كسرت عنق القرين، والمعنى: متى قرنا بقوم في قتال أو جدال غلبناهم وقهرناهم، الجذ: القطع، والفعل جذ يجذ. الوقص: دق العنق والفعل وقص يقص.
67 - ونوجد نحن أمنعهم ذمارا وأوفاهم إذا عقدوا يمينا
يقول: تجدنا أيها المخاطب أمنعهم ذمة وجوارا وحلفا وأوفاهم باليمين عند عقدها. الذمار: العهد والحلف والذمة، سمي به لأنه يتذمر له أي يتغضب لمراعاته.
68 - ونحن غداة أوقد في خزازى رفدنا فوق رفد الرافدينا
الرفد: الإعانة، والرفد الاسم. يقول: ونحن غداة أوقدت نار الحرب في خزازى أعنا نزارا فوق إعانة المعينين يفتخر بإعانة قومه بني نزار في محاربتهم اليمن.
69 - ونحن الحابسون بذي أراطى تسف الجلة الخور الدرينا
تسف أي تأكل يابسا، والمصدر السفوف. الجلة: الكبار من الإبل الخور: الكثيرة الألبان. وقيل: الخور الغزار من الإبل، والناقة خوراء. الدرين: ما اسود من النبت وقدم.
يقول: ونحن حبسنا أموالنا بهذا الموضع حتى سفت النوق الغزار قديم النبت وأسوده لإعانة قومنا ومساعدتهم على قتال أعدائهم.
70 - ونحن الحاكمون إذا أطعنا ونحن العازمون إذا عصينا
71 - ونحن التاركون لما سخطنا ونحن الآخذون لما رضينا
72 - وكنا الأيمنين إذا التقينا وكان الأيسرين بنو أبينا
يقول: كنا حماة الميمنة إذا لقينا الأعداء وكان إخواننا حماة الميسرة، يصف غناءهم في حرب نزار واليمن عندما قتل كليب وائل لبيد بن عنق الغساني عامل ملك غسان على تغلب حين لطم أخت كليب وكانت تحته.
73 - فصالوا صولة فيمن يليهم وصلنا صولة فيمن يلينا
يقول: فحمل بنو بكر على من يليهم من الأعداء، وحملنا على من يلينا.
74 - فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا
النهاب: الغنائم، الواحد نهب. الأوب: الرجوع. التصفيد: التقييد، يقال: صفدته وصفدته أي قيدته وأوثقته.
يقول: فرجع بنو بكر بالغنائم والسبايا ورجعنا مع الملوك مقيدين، أي اغتنموا الأموال وأسرنا الملوك.
75 - إليكم يا بني بكر إليكم ألما تعرفوا منا اليقينا
يقول: تنحوا وتباعدوا عن مساماتنا ومباراتنا يا بني بكر، ألم تعلموا من نجدتنا وبأسنا اليقين؟ أي قد علمتم ذلك لنا فلا تتعرضوا لنا، يقال: إليك إليك، أي تنح.
76 - ألما تعلموا منا ومنكم كتائب يطعن ويرتمينا
يقول: ألم تعلموا كتائب منا ومنكم يطعن بعضهن بعضا، ويرمي بعضهن بعضا؟ وما في قوله ألما صلة زائدة، الاطعان والارتماء: مثل التطاعن والترامي.
77 - علينا البيض واليلب اليماني وأسياف يقمن وينحنينا
اليلب: نسيجة من سيور تلبس تحت البيض.
يقول: وكان علينا البيض واليلب اليماني وأسياف يقمن وينحنين لطول الضراب بها.
78 - علينا كل سابغة دلاص ترى فوق النطاق لها غضونا
السابغة: الدرع الواسعة التامة. الدلاص: البراقة، الغضون: جمع غضن وهو التشنج في الشيء.
يقول: وكانت علينا كل درع واسعة براقة ترى أيها المخاطب فوق المنطقة لها غضونا لسعتها وسبوغها.
79 - إذا وضعت عن الأبطال يوما رأيت لها جلود القوم جونا
الجون: الأسود، والجون الأبيض، والجمع الجون. يقول: إذا خلعها الأبطال يوما رأيت جلودهم سودا للبسهم إياها، قوله: لها أي للبسها.
80 - كأن غضونهن متون غدر تصفقها الرياح إذا جرينا
الغدر: مخفف غدر وهو جمع غدير. تصفقه: تضربه، شبه غضون الدرع بمتون الغدران إذا ضربتها الرياح في جريها، والطرائق التي ترى في الدروع بالتي تراها في الماء إذا ضربته الريح.
81 - وتحملنا غداة الروع جرد عرفن لنا نقائذ وافتلينا
الروع: الفزع ويريد به الحرب هنا. الجرد: التي رق شعر جسدها وقصر، والواحد أجرد والواحدة جرداء. النقائذ: المخلصات من أيدي الأعداء، واحدتها نقيذة، وهي فعيلة بمعنى مفعلة، يقال: انقذتها، أي خلصتها فهي منقذة ونقيذة. الفلو والافتلاء: الفطام.
يقول: وتحملنا في الحرب خيل رقاق الشعور قصارها، عرفن لنا وفطمت عندنا وخلصناها من أيدي أعدائنا بعد استيلائهم عليها.
82 - وردن دوارعا وخرجن شعثا كأمثال الرصائع قد بلينا
رجل دراع: عليه درع، ودروع الخيل تجافيفها، الرصائع: جمع الرصيعة وهي عقدة العنان على قذال الفرس.
يقول: وردت خيلنا وعليها تجافيفها، وخرجن منها شعثا قد بلين بلى عقد الأعنة لما نالها من الكلال والمشاق فيها.
83 - ورثناهن عن آباء صدق ونورثها إذا متنا بنينا
يقول: ورثنا خيلنا من آبار كرام شأنهم الصدق في الفعال والمقال ونورثها أبناءنا إذا متنا، يريد أنها تناتجت وتناسلت عندهم قديما.
84 - على آثارنا بيض حسان نحاذر أن تقسم أو تهونا
يقول: على آثارنا في الحروب نساء بيض حسان نحاذر عليها أن يسبيها الأعداء فتقسمها وتهينها، وكانت العرب تشهد نساءها الحروب وتقيمها خلف الرجال ليقاتل الرجل ذبا عن حرمها فلا تفشل مخافة العار بسبي الحرم.
85 - أخذن على بعولتهن عهدا إذا لاقوا كتائب معلمينا
يقول: قد عاهدن أزواجهن إذا قاتلوا كتائب من الأعداء قد أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها في الحروب أن يثبتوا في حومة القتال ولا يفروا والبعول والبعولة جمع بعل، يقال للرجل: هو بعل المرأة، وللمرأة هي بعله وبعلته، كما يقال: هو زوجها وهي زوجه وزوجته.
86 - ليستلبن أفراسا وبيضا وأسرى في الحديد مقرنينا
أي ليستلب خيلنا أفراس الأعداء وبيضهم وأسرى منهم قد قرنوا في الحديد.
87 - ترانا بارزين وكل حي قد اتخذوا مخافتنا قرينا
يقول: ترانا خارجين إلى الأرض البراز، وهي الصحراء التي لا جبل بها، لثقتنا بنجدتنا وشكوتنا، وكل قبيلة تستجير وتعتصم بغيرها مخافة سطوتنا بها.
88 - إذا ما رحنا يمشين الهوينى كما اضطربت متون الشاربينا
الهوينى: تصغير الهونى وهي تأنيث الأهون، مثل الأكبر والكبرى. يقول: إذا مشين يمشين مشيا رفيقا لثقل أردافهن وكثرة لحومهن، ثم شبههن في تبخترهن بالسكارى في مشيهم.
89 - يقتن جيادنا ويقلن لستم بعولتنا إذا لم تمنعونا
القوت: الإطعام بقدر الحاجة، والفعل قات يقوت، والاسم القوت والقيت، والجمع الأقوات.
يقول: يعلفن خيلنا الجياد ويقلن لستم أزواجنا إذا لم تمنعونا من سبي الأعداء إيانا.
90 - ظعائن من بني جشم بن بكر خلطن بميسم حسبا ودينا
الميسم: الحسن وهو من الوسام والوسامة وهما الحسن والجمال، والفعل وسم يوسم، والنعت وسيم. الحسب: ما يحسب من مكارم الإنسان ومكارم أسلافه، فهو فعل في معنى مفعول مثل النفض والخبط والقبض واللقط في معنى المنفوض والمخبوط والمقبوض والملقوط فالحسب إذن في معنى المحسوب من مكارم آبائه.
يقول: هن نساء من هذه القبيلة جمعن إلى الجمال الكرم والدين.
91 - وما منع الظعائن مثل ضرب ترى منه السواعد كالقلينا
يقول: ما منع النساء من سبي الأعداء إياهن شيء مثل ضرب تندر وتطير منه سواعد المضروبين كما تطير القلة إذا ضربت بالمقلى.
92 - كأنا والسيوف مسللات ولدنا الناس طراً أجمعينا
يقول: كأنا حال استلال السيوف من أغمادها، أي حال الحرب، ولدنا جميع الناس، أي نحميهم حماية الوالد ولده.
93 - يدهدون الرؤوس كما تدهدي حزاورة بأبطحها الكرينا
الحزور: الغلام الغليظ الشديد، والجمع الحزاورة. يقول: يدحرجون رؤوس أقرانهم كما يدحرج الغلمان الغلاظ الشداد الكرات في مكان مطمئن من الأرض.
94 - وقد علم القبائل من معد إذا قبب بأبطحها بنينا
يقول: وقد علمت قبائل معد إذا بنيت قبابها بمكان أبطح. القبب والقباب جمعا قبة.
95 - بأنا المطعمون إذا قدرنا وأنا المهلكون إذا ابتلينا
يقول: قد علمت هذه القبائل أنا نطعم الضيفان إذا قدرنا عليه، ونهلك أعدائنا إذا اختبروا قتالنا.
96 - وأنا المانعون لما أردنا وأنا النازلون بحيث شينا
يقول: وأنا نمنع الناس ما أردنا منعه إياهم، وننزل حيث شئنا من بلاد العرب.
97 - وأنا التاركون إذا سخطنا وأنا الآخذون إذا رضينا
يقول: وأنا نترك ما نسخط عليه ونأخذ إذا رضينا، أي لا نقبل عطايا من سخطنا عليه ونقبل هدايا من رضينا عليه.
98 - وأنا العاصمون إذا أطعنا وأنا العازمون إذا عصينا
يقول: وأنا نعصم ونمنع جيراننا إذا أطاعونا ونعزم عليهم بالعدوان إذا عصونا.
99 - ونشرب إن وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا
يقول: ونأخذ من كل شيء أفضله وندع لغيرنا أرذله، يريد أنهم السادة والقادة وغيرهم أتباع لهم.
100 - ألا أبلغ بني الطماح عنا ودعميا فكيف وجدتمونا
يقول: سل هؤلاء كيف وجدنا شجعانا أم جبناء؟
101 - إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن نقر الذل فينا
الخسف والخسف، بفتح الخاء وضمها: الذل، السوم: أن تجشم إنسانا مشقة وشرا، يقال: سامه خسفا، أي حمله وكلفه ما فيه ذل.
يقول: إذا أكره الملك الناس على ما فيه ذلهم أبينا الانقياد له.
102 - ملأنا البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفينا
يقول: عممنا الدنيا برا وبحرا فضاق البر عن بيوتنا والبحر عن سفننا.
103 - إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا
يقول: إذا بلغ صبياننا وقت الفطام سجدت لهم الجبابرة من غيرنا.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معلقة, عمرو

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir