هو (عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن زهير التغلبي) من (بني تغلب بن وائل) وينتهي نسبه إلى (معد بن عدنان) وأمه هي (ليلى) بنت (مهلهل) الذي هو أخو (كليب) المشهور.
وقد ساد (عمرو بن كلثوم) قومه وهو ابن خمسة عشر عاما، ومات وله من العمر مائة وخمسون سنة (150).
وكان فارسا أبيا جريئا، حتى بلغ من أمره أن فتك بالطاغية (عمرو بن هند) في بلاط سلطانه.
وكان (عمرو بن كلثوم) شجاعا مظفرا مقداما فتاكا. وبه يضرب المثل في الفتك. فيقال: أفتك من (عمرو بن كلثوم) لفتكه بعمرو بن هند.
وكانت وفاته سنة (600) لميلاد المسيح عليه السلام، وسنة (52) قبل الهجرة النبوية. وله من العمر خمسون سنة ومائة (150).
كان شاعرا فحلا مطبوعا، صافي الديباجة، كثير الطلاوة، حسن السبك واضح المعاني شديد الفخر، قوي الشكيمة في الحماسة.
معلقة (عمرو بن كلثوم) أشهر شعره وأشعره. وهي حماسية فخرية. وما وصل إلينا منها هو جزء يسير منها.
وقد قام (عمرو) بها خطيبا في (سوق عكاظ) وقام بها في موسم (مكة). و(بنو تغلب) تعظمها جدا، ويرويها صغارهم وكبارهم.
والخطب الذي دعا إلى نظمها ليس واحد على ما يتراءى لمن يتتبع أبيات القصيدة، ويفهم ذلك من اختلاف الرواة في سبب نظمها. ففي كتاب (الأغاني) يصرح أنه قالها على أثر ما جرى لأمه عند (عمرو بن هند) وفي كتاب (خزانة الأدب) أنه أنشدها بحضرة الملك (عمرو بن هند) فلعله نظمها في الواقعتين.
1 - ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا
هب من نومه يهب هبا: إذا استيقظ. الصحن: القدح العظيم، والجمع الصحون. الصبح: سقي الصبوح، والفعل صبح يصبح. أبقيت الشيء وبقيته بمعنى. الأندرون: قرى بالشام.
يقول: ألا استيقظي من نومك أيتها الساقية واسقيني الصبوح بقدحك العظيم، ولا تدخري خمر هذه القرى.
2 - مشعشعة كأن الحص فيها إذا ما الماء خالطها سخينا
شعشعت الشراب: مزجته بالماء، الحص: الورس نبت له نوار أحمر يشبه الزعفران، ومنهم من جعل سخينا صفة ومعناه الحار، من سخن يسخن سخونة، ومنهم من جعله فعلا من سخي يسخى سخاء، وفيه ثلاث لغات: إحداهن ما ذكرنا، والثانية سخو يسخو، والثالثة سخا يسخو سخاوة.
يقول: اسقينيها ممزوجة بالماء كأنها من شدة حمرتها بعد امتزاجها بالماء ألقي فيها نور هذا النبت الأحمر وإذا خالطها الماء وشربناها وسكرنا جدنا بعقائل أموالنا وسمحنا بذخائر أعلاقنا هذا إذا جعلنا سخينا فعلا، وإذا جعلناه صفة كان المعنى. كأنها حال امتزاجها بالماء وكون الماء حارا، نور هذا النبت، ويروى شحينا. بالشين المعجمة، أي إذا خالطها الماء مملوءة به.
والشحن: الملء، والفعل شحن يشحن، والشحين بمعنى المشحون كالقتيل بمعنى المقتول، يريد أنها حال امتزاجها بالماء وكون الماء كثيرا تشبه هذا النور.
3 - تجور بذي اللبانة عن هواه إذا ما ذاقها حتى يلينا
يمدح الخمر ويقول: تميل صاحب الحاجة عن حاجته وهواه إذا ذاقها حتى يلين، أي هي تنسي الهموم والحوائج أصحابها، فإذا شربوها لانوا ونسوا أحزانهم وحوائجهم.
4 - ترى اللحز الشحيح إذا أمرت عليه لماله فيها مهينا
اللحز: الضيق الصدر. الشحيح: البخيل الحريص، والجمع الأشحة والأشحاء، والشحاح أيضا مثل الشحيح، والفعل شح يشح، والمصدر الشح وهو البخل معه حرص.
يقول: ترى الإنسان الضيق الصدر البخيل الحريص مهينا لماله فيها، أي في شربها، إذا أمرت الخمر عليه، أي إذا أديرت عليه.
5 - صبنت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا
الصبن: الصرف، والفعل صبن يصبن. يقول: صرفت الكأس عنا يا أم عمرو، وكان مجرى الكأس على اليمين فأجريتها على اليسار.
6 - وما شر الثلاثة أم عمرو بصاحبك الذي لا تصبحينا
يقول: ليس بصاحبك الذي لا تسقينه الصبوح شر هؤلاء الثلاثة الذين تسقينهم، أي لست شر أصحابي فكيف أخرتني وتركت سقيي الصبوح؟
7 - وكأس قد شربت ببعلبك وأخرى في دمشق وقاصرينا
يقول: ورب كأس شربتها بهذه البلدة، ورب كأس شربتها بتينك البلدتين.
8 - وإنا سوف تدركنا المنايا مقدرة لنا ومقدرينا
يقول: سوف تدركنا مقادير موتنا، وقد قدرت تلك المقادير لنا وقدرنا لها، المنايا: جمع المنية وهي تقدير الموت.
9 - قفي قبل التفرق يا ظعينا نخبرك اليقين وتخبرينا
أراد يا ظعينة فرخم، والظعينة: المرأة في الهودج، سميت بذلك لظعنها مع زوجها، فهي فعيلة بمعنى فاعلة، ثم كثر استعمال هذا الاسم للمرأة حتى يقال لها ظعينة وهي في بيت زوجها.
يقول: قفي مطيتك أيتها الحبيبة الظاعنة نخبرك بما قاسينا بعدك، وتخبرينا بما لاقيت بعدنا.
10 - قفي نسألك هل أحدثت صرما لوشك البين أم خنت الأمينا
الصرم: القطيعة، الوشك: السرعة، والوشيك: السريع. الأمين: بمعنى المأمون.
يقول: قفي مطيتك نسألك هل أحدثت قطيعة لسرعة الفراق، أم هل خنت حبيبك الذي تؤمن خيانته؟ أي هل دعتك سرعة الفراق إلى القطيعة أو إلى الخيانة في مودة من لا يخونك في مودته إياك؟
11 - بيوم كريهة ضربا وطعنا أقر به مواليك العيونا
الكريهة: من أسماء الحرب، والجمع الكرائه، سميت بها لأن النفوس تكرهها، وإنما لحقتها التاء لأنها أخرجت مخرج الأسماء مثل: النطيحة والذبيحة، ولم تخرج مخرج النعوت مثل: امرأة قتيل وكف خضيب، ونصب ضربا وطعنا على المصدر أي يضرب فيه ضربا ويطعن فيه طعنا.
قولهم: أقر الله عينك، قال الأصمعي: معناه أبرد الله دمعك، أي سرك غاية السرور، وزعم أن دمع السرور بارد ودمع الحزن حار، وهو عندهم مأخوذ من القرور وهو الماء البارد، ورد عليه أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب هذا القول وقال: الدمع كله حار جلبه فرح أو ترح، وقال أبو عمرو الشيباني: معناه أنام الله عينك وأزال سهرها لأن استيلاء الحزن داع إلى السهر، فالإقرار على قوله إفعال من قر يقر قرارا، لأن العيون تقر في النوم وتطرف في السهر. وحكى ثعلب عن جماعة من الأئمة أن معناه: أعطاك الله مناك ومبتغاك حتى تقر عينك عن الطموح إلى غيره، وتحرير المعنى: أرضاك الله، لأن المترقب للشيء يطمح ببصره إليه فإذا ظفر به قرت عينه عن الطموح إليه.
يقول: نخبرك بيوم حرب كثر فيه الضرب والطعن، فأقر بنو أعمامك عيونهم في ذلك اليوم، أي فازوا ببغيتهم وظفروا بمناهم من قهر الأعداء.
12 - وإن غدا وإن اليوم رهن وبعد غد بما لا تعلمينا
أي بما لا تعلمين من الحوادث.
يقول: فإن الأيام رهن بما لا يحيط علمك به أي ملازمة له.
13 - تريك إذا دخلت على خلاء وقد أمنت عيون الكاشحينا
الكاشح: المضمر العداوة في كشحه وخصت العرب الكشح بالعداوة لأنه موضع الكبد، والعداوة عندهم تكون في الكبد، وقيل: بل سمي العدو كاشحا لأنه يكشح عن عدوه أي يعرض عنه فيوليه كشحه، يقال: كشح عنه يكشح كشحا.
يقول: تريك هذه المرأة إذا أتيتها خالية وأمنت عيون أعدائها.
14 - ذراعي عيطل أدماء بكر هجان اللون لم تقرأ جنينا
العيطل: الطويلة العنق من النوق. الأدماء: البيضاء منها والأدمة البياض في الإبل. البكر: الناقة التي حملت بطنا واحدا، ويروى بكر، بفتح الباء وهو الفتي من الإبل، وبكسر الباء أعلى الروايتين، ويروى: تربعت الأجارع والمتونا، تربعت: رعت ربيعا. الأجارع: جمع الأجرع وهو المكان الذي فيه جرع، والجرع: جمع جرعة، وهي دعص من الرمل غير منبت شيئا. المتون: جمع متن وهو الظهر من الأرض. الهجان: الأبيض الخالص البياض يستوي فيه الواحد والتثنية والجمع، وينعت به الإبل والرجال وغيرهما، لم تقرأ جنينا أي لم تضم في رحمها ولدا.
يقول: تريك ذراعين ممتلئتين لحما كذراعي ناقة طويلة العنق لم تلد بعد أو رعت أيام الربيع في مثل هذا الموضع، ذكر هذا مبالغة في سمنها، أي ناقة سمينة لم تحمل ولدا قط بيضاء اللون.
15 - وثديا مثل حق العاج رخصا حصانا من أكف اللامسينا
رخصا: لينا. حصانا: عفيفة. يقول: وتريك ثديا مثل حق من عاج بياضا واستدارة محرزة من أكف من يلمسها.
16 - ومتني لدنة سمقت وطالت روادفها تنوء بما ولينا
اللدن: اللين، والجمع لدن، أي ومتني قامة لدنة. السموق: الطول، والفعل سمق يسمق، الرادفتان والرانفتان: فرعا الأليتين، والجمع الروداف والروانف. النوء: النهوض في تثاقل. الولي: القرب، والفعل ولي يلي.
يقول: وتريك متني قامة طويلة لينة تثقل أردافها مع ما يقرب منها، وصفها بطول القامة وثقل الأرداف.
17 - ومأكمة يضيق الباب عنها وكشحا قد جننت به جنونا
المأكَمة والمأكِمة: رأس الورك، والجمع المآكم.
يقول: وتريك وركا يضيق الباب عنها لعظمها وضخمها وامتلائها باللحم، وكشحا قد جننت بحسنه جنونا.
18 - وساريتي بلنط أو رخام يرن خشاش حليهما رنينا
البلنط: العاج. السارية: الأسطوانة، والجمع السواري. الرنين: الصوت. يقول: وتريك ساقين كأسطوانتين من عاج أو رخام بياضا وضخما يصوت حليهما، أي خلاخيلهما، تصويتا.
19 - فما وجدت كوجدي أم سقب أضلته فرجعت الحنينا
قال القاضي أبو سعيد السيرافي: البعير بمنزلة الإنسان، والجمل بمنزلة الرجل والناقة بمنزلة المرأة، والسقب بمنزلة الصبي، والحائل بمنزلة الصبية، والحوار بمنزلة الولد، والبكر بمنزلة الفتى، والقلوص بمنزلة الجارية. الوجد: الحزن، والفعل وجد يجد، الترجيع: ترديد الصوت.
الحنين: صوت المتوجع.
يقول: فما حزنت حزنا مثل حزني ناقة أضلت ولدها فرددت صوتها مع توجعها في طلبها، يريد أن حزن هذه الناقة دون حزنه لفراق حبيبته.
20 - ولا شمطاء لم يترك شقاها لها من تسعة إلا جنينا
الشمط: بياض الشعر. الجنين: المستور في القبر هنا.
يقول: ولا حزنت كحزني عجوز لم يترك شقاء جدها لها من تسعة بنين إلا مدفونا في قبره، أي ماتوا كلهم ودفنوا، يريد أن حزن العجوز التي فقدت تسعة بنين دون حزنه عند فراق عشيقته.
21 - تذكرت الصبا واشتقت لما رأيت حمولها أصلا حدينا
الحمول: جمع حامل، يريد إبلها. يقول: تذكرت العشق والهوى واشتقت إلى العشيقة لما رأيت حمول إبلها سيقت عشيا.
22 - فأعرضت اليمامة واشمخرت كأسيافٍ بأيدي مصلتينا
أعرضت: ظهرت، وعرضت الشيء أظهرته، ومنه قوله عز وجل: {وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا} وهذا من النوادر، عرضت الشيء فأعرض، ومثله كببته فأكب ولا ثالث لهما فيما سمعنا. اشمخرت: ارتفعت، أصلت السيف: سللته.
يقول: فظهرت لنا قرى اليمامة وارتفعت في أعيننا كأسياف بأيدي رجال سالين سيوفهم، شبه ظهور قراها بظهور أسياف مسلولة من أغمادها.
23 - أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
يقول: يا أبا هند لا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك باليقين من أمرنا وشرفنا, يريد عمرو بن هند فكناه.
24 - بأنا نورد الرايات بيضا ونصدرهن حمرا قد روينا
الراية: العلم، والجمع الرايات والراي.
يقول: نخبرك باليقين من أمرنا بأنا نورد أعلامنا الحروب بيضا، ونرجعها منها حمرا قد روين من دماء الأبطال. هذا البيت تفسير اليقين من البيت الأول.
25 - وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا
يقول: نخبرك بوقائع لنا مشاهير كالغر، من الخيل عصينا الملك فيها كراهية أن نطيعه ونتذلل له. الأيام: الوقائع هنا. الغر بمعنى المشاهير كالخيل الغر لاشتهارها فيما بين الخيل. قوله: أن ندين، أي كراهية أن ندين، فحذف المضاف هذا على قول البصريين، وقال الكوفيون: تقديره أن لا ندين، أي لئلا ندين، فحذف لا.
26 - وسيد معشر قد توجوه بتاج الملك يحمي المحجرينا
يقول: ورب سيد قوم متوج بتاج الملك حام للملجئين قهرناه. أحجرته: ألجأته.
27 - تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا
العكوف: الإقامة، والفعل عكف يعكف، الصفون: جمع صافن، وقد صفن الفرس يصفن صفونا إذا قام على ثلاث قوائم وثنى سنبكه الرابع.
يقول: قتلناه وحبسنا خيلنا عليه وقد قلدناها أعنتها في حال صفونها عنده.
28 - وأنزلنا البيوت بذي طلوح إلى الشامات ننفي الموعدينا
يقول: وأنزلنا بيوتنا بمكان يعرف بذي طلوح إلى الشامات ننفي من هذه الأماكن أعداءنا الذين كانوا يوعدوننا.
29 - وقد هرت كلاب الحي منا وشذبنا قتادة من يلينا
القتاد: شجر ذو شوك، والواحدة منها قتادة. التشذيب: نفي الشوك والأغصان الزائدة والليف عن الشجر، يلينا أي يقرب منا.
يقول: وقد لبسنا الأسلحة حتى أنكرتنا الكلاب وهرت لإنكارها إيانا وقد كسرنا شوكة من يقرب منا من أعدائنا، استعار لفل الغرب وكسر الشوكة تشذيب القتادة.
30 - متى ننقل إلى قوم رحانا يكونوا في اللقاء لها طحينا
أراد بالرحى رحى الحرب وهي معظمها. يقول: متى حاربنا قوماً قتلناهم، لما استعار للحرب اسم الرحى استعار لقتلاها اسم الطحين.
31 - يكون ثفالها شرقي نجد ولهوتها قضاعة أجمعينا
الثفال: خرقة أو جلدة تبسط تحت الرحى ليقع عليها الدقيق. اللهوة: القبضة من الحب تلقى في فم الرحى، وقد ألهيت الرحى ألقيت فيها لهوة.
يقول: تكون معركتنا الجانب الشرقي من نجد، وتكون قبضتنا قضاعة أجمعين، فاستعار للمعركة اسم الثفال وللقتلى اسم اللهوة ليشاكل الرحى والطحين.
32 - نزلتم منزل الأضياف منا فأعجلنا القرى أن تشتمونا
يقول: نزلتم منزلة الأضياف فعجلنا قراكم كراهية أن تشتمونا ولكي لا تشتمونا، والمعنى: تعرضتم لمعاداتنا كما يتعرض الضيف للقرى فقتلناكم عجالا كما يحمد تعجيل قرى الضيف، ثم قال تهكما بهم واستهزاء: أن تشتمونا، أي قريناكم على عجلة كراهية شتمكم إيانا إن أخرنا قراكم.
33 - قريناكم فعجلنا قراكم قبيل الصبح مرداة طحونا
المرداة: الصخرة التي يكسر بها الصخور، والمرداة أيضا الصخرة التي يرمى بها، والردي الرمي والفعل ردى يردي، فاستعار المرداة للحرب. الطحون: فعول من الطحن. مرداة طحونا أي حربا أهلكتهم أشد إهلاك.
34 - نعم أناسنا ونعف عنهم ونحمل عنهم ما حملونا
يقول: نعم عشائرنا بنوالنا وسيبنا ونعف عن أموالهم ونحمل عنهم ما حملونا من أثقال حقوقهم ومؤنتهم، والله أعلم.
35 - نطاعن ما تراخى الناس عنا ونضرب بالسيوف إذا غشينا
التراخي: البعد. الغشيان: الإتيان.
يقول: نطاعن الأبطال ما تباعدوا عنا، أي وقت تباعدهم عنا، ونضربهم بالسيوف إذا أتينا، أي أتونا، فقربوا منا، يريد أن شأننا طعن من لا تناله سيوفنا.
36 - بسمر من قنا الخطي لدن ذوابل أو ببيض يختلينا
اللدن: اللين، والجمع لدن.
يقول: نطاعنهم برماح سمر لينة من رماح الرجل الخطي، يريد سمهرا أي نضاربهم بسيوف بيض يقطعن ما ضرب بها، توصف الرماح بالسمرة لأن سمرتها دالة على نضجها في منابتها.
37 - كأن جماجم الأبطال فيها وسوق بالأماعز يرتمينا
الأبطال: جمع بطل وهو الشجاع الذي يبطل دماء أقرانه الوسوق: جمع وسق وهو حمل بعير. الأماعز: جمع الأمعز وهو المكان الذي تكثر حجارته.
يقول: كأن جماجم الشجعان منهم أحمال إبل تسقط في الأماكن الكثيرة الحجارة شبه رؤوسهم في عظمها بأحمال الإبل. والارتماء لازم ومتعد، وهو في البيت لازم.
38 - نشق بها رؤوس القوم شقا ونختلب الرقاب فتختلينا
الاختلاب: قطع الشيء بالمخلب وهو المنجل الذي لا أسنان له. الاختلاء: قطع الخلا وهو رطب الحشيش.
يقول: نشق بها رؤوس الأعداء شقا ونقطع بها رقابهم فيقطعن.
39 - وإن الضغن بعد الضغن يبدو عليك ويخرج الداء الدفينا
يقول: وإن الضغن بعد الضغن تفشو آثاره ويخرج الداء المدفون من الأفئدة، أي يبعث على الانتقام.
40 - ورثنا المجد قد علمت معد نطاعن دونه حتى يبينا
يقول: ورثنا شرف آبائنا قد علمت ذلك معد، نطاعن الأعداء دون شرفنا حتى يظهر الشرف لنا.
41 - ونحن إذا عماد الحي خرت عن الأحفاض نمنع من يلينا
الحفض: متاع البيت، والجمع أحفاض، والحفض البعير الذي يحمل خرثي البيت، والجمع أحفاض. من روى في البيت: على الأحفاض، أراد بها الأمتعة، ومن روى: عن الأحفاض أراد بها الإبل.
يقول: ونحن إذا قوضت الخيام فخرت على أمتعتها، نمنع ونحمي من يقرب منا من جيراننا، أو ونحن إذا سقطت الخيام عن الإبل للإسراع في الهرب نمنع ونحمي جيراننا إذا هرب غيرنا حمينا غيرنا.
42 - نجذ رؤوسهم في غير بر فما يدرون ماذا يتقونا
الجذ: القطع, يقول: نقطع رؤوسهم في غير بر، أي في عقوق، ولا يدرون ماذا يحذرون منا من القتل وسبي الحرم واستباحة الأموال.
43 - كأن سيوفنا منا ومنهم مخاريق بأيدي لاعبينا
المخراق: معروف، والمخراق أيضا سيف من خشب.
يقول: كنا لا نحفل بالضرب بالسيوف كما لا يحفل اللاعبون بالضرب بالمخاريق أو كنا نضرب بها في سرعة كما يضرب بالمخاريق في سرعة.
44 - كأن ثيابنا منا ومنهم خضبن بأرجوان أو طلينا
يقول: كأن ثيابنا وثياب أقراننا خضبت بأرجوان أو طليت.
45 - إذا ما عي بالإسناف حي من الهول المشبه أن يكونا
الإسناف: الإقدام. يقول: إذا عجز عن التقدم قوم مخافة هول منتظر متوقع يشبه أن يكون ويمكن.
46 - نصبنا مثل رهوة ذات حد محافظة وكنا السابقينا
يقول: نصبنا خيلا مثل هذا الجبل، أو كتيبة ذات شوكة محافظة على أحسابنا وسبقنا خصومنا، أي غلبناهم، وتحرير المعنى: إذا فزع غيرنا من التقدم أقدمنا مع كتيبة ذات شوكة وغلبنا، وإنما نفعل هذا محافظة على أحسابنا.