61- احذر اللحن:
ابتعد عن اللحن في اللفظ والكتب، فإن عدم اللحن جلالة، وصفاء ذوق، ووقوف على ملاح المعاني لسلامة المباني: فعن عمر رضي الله عنه أنه قال :«تعلموا العربية، فإنها تزيد في المروءة». وقد ورد عن جماعة من السلف أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن. وأسند الخطيب. عن الرحبي قال: «سمعت بعض أصحابنا يقول: إذا كتب لحان، فكتب عن اللحان لحان آخر، صار الحديث بالفارسية» ! وأنشد المبرد.
النحو يسبط من لسان الألكن = والمرء تكرمه إذا لم يلحن
فإذا أردت من العلوم أجلها = فأجلها منها مقيم الألسن
وعليه، فلا تحفل بقول القاسم بن مخيمرة- رحمه الله تعالى-: «تعلم النحو: أوله شغل، وآخره بغي».
ولا بقول بشر الحافي- رحمه الله تعالى-: «لما قيل له: تعلم النحو قال: أضل.
قال: قل ضرب زيد عمرا. قال بشر: يا أخي! لم ضربه؟ قال: يا أبا نصر ! ما ضربه وإنما هذا أصل وضع. فقال بشر: هذا أوله كذب، لا حاجة لي فيه». رواهما الخطيب في «اقتضاء العلم العمل».
اللحن معناه: الميل سواء كان في قواعد التصريف أو في قواعد الإعراب. قواعد الإعراب يمكن الإحاطة بها، فيعرف الإنسان القواعد ويطبق لفظه أو كتابته عليها.
قواعد التصريف هي المشكلة، أحيانا يأتي الميزان الصرفي على غير قياس، يأتي سماعيا بحتا، وحينئذ لا يخلو إنسان في الغلط فيه.
عندك جموع التكسير، تحتاج إلى ضبط. عندك أبنية المصادر تحتاج إلى ضبط، ومع هذا لو ضبطها سوف تجد شاذا كثيرا عنها، ولكن نقول: سدد وقارب. فعليك بأن تعدل لسانك وأن تعدل بنانك، وأن لا تكتب إلا بعربية، ولا تنطق إلا بعربية، فإن عدم اللحن جلالة وصفاء لون ووقوف على ملامح المعاني لسلامة المباني. كلما سلم المبنى اتضح المعنى.
وعن عمر رضي الله عنه قال :«تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة». هذه يقولها في عهده، يأمر بتعلم العربية خوفا من أن تتغير بلسان الأعاجم بعد الفتوحات.
لكن مع الأسف أننا في هذا الزمن- الذي ليس لنا شخصية وصرنا أذيالا وأتباعا لغيرنا- صار منا من يرى أن من تكلم بالإنجليزية أو بالفرنسية هو ذو مروءة، ويفخر إذا كان الإنجليزية أو الفرنسية، بل إن بعضنا يعلم أولاده اللغة غير العربية.
بعض الصبيان يأتي يقول مع السلامة، فيقول : باي باي.
في الهاتف يقول: آلو. لماذا لم تقل: السلام عليكم، لأنك الآن تستأذن، فهذه أشياء – مع الأسف- لما كنا ليس لنا شخصية، ويجب أن يكون لنا شخصية، لأننا والحمد لله أهل دين وشريعة، لكن صار بعضنا أذيالا.
عمر يقول : «تعلموا العربية فإنها تزيدكم مروءة»، وبناء على ذلك : كلما كان الإنسان أعلم بالعربية صار أكبر مروءة وأكثر.
قال: «وقد ورد عن جماعة من السلف أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن، واللحن قليل في ذلك الوقت، ومع ذلك يضربونهم عليه. عندنا الآن لا أحد يضرب على اللحن ولا أولاده ولا تلاميذه ولا غيره، على الأقل بالنسبة للتلاميذ إذا أخطأ الإنسان في العربية فرد عليه حتى لا يكون أخطأ، وظن أن سكوتك يدل على صحة ما نطق به.
تم التهذيب بواسطة زمزم