الشيخ :
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أما بعد :
فلا زلنا في سياق الكلام عن آداب طلب العلم حيث بحثنا عشرة آداب في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، ولعلنا إن شاء الله جل وعلا نواصل الحديث في ذلك ، نعم
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :......
الإعراض عن مجالس اللغو:
لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر ، ويهتكون أستار الأدب ، متغابياً عن ذلك ، فإن فعلت ذلك ، فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة.
الشيخ :
إذن هذا هو الأدب الحادي عشر الإعراض عن مجالس اللغو ، والمراد باللغو ما يشين الإنسان من أنواع الكلام ، قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ، و بعض أهل العلم يقول : إنّ المراد باللغو مالا فائدة له من الكلام ، وكلاهما قد يكون مرادا هنا فطالب العلم يحفظ وقته؛ ومن حفظه لوقته أن يعرض عن مجالس اللغو ليستعمل وقته في طاعة الله جل وعلا .
قال المؤلف : (لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر) المراد بالمنكر المعصية فإنه لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس يعصى الله فيه وهو قادر على ترك ذلك المجلس ، قال تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) ، وقال جل وعلا : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) ، وجاء في سنن أبي داود : (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس المؤمن على مائدة يدار فيها الخمر) ، وهكذا بقية أنواع المعاصي ، قال المؤلف : (متغابياً عن ذلك) يعني : لا تجلس في ذلك المجلس الذي فيه معصية وفيه هتك لستر الأدب (متغافلا عنه) غير ملتفت إليه ، فإن فعلت ذلك فجلست في هذه المجالس فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة ، لأنّ الناس يزدرون يهتكون أستار الأدب مع أهل العلم ولا يقيمون لهم وزنا ، ويكون ذلك سببا من أسباب انتشار المعاصي والمنكرات لأنهم إذا رَأَوْا طلبة العلم يجلسون في مجالس المعصية ولا ينكرونها فعل أهل المعاصي تلك المعاصي في الظاهر ولم يختفوا بها ، و من قواعد الشريعة الترغيب في عدم إظهار المنكرات وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كل أمتي معافى إلا المجاهرون).