دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > حلية طالب العلم

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 11:12 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي التحلي برونق العلم [حسن السمت ، والهدي الصالح]

التَّحَلِّي برَوْنَقِ العِلْمِ :
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ الصالحِ ، من دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .
وعن ابنِ سيرينَ رَحِمَه اللهُ تعالى قالَ : ( كَانُوا يَتَعَلَّمُون الْهَدْيَ كما يَتَعَلَّمُون العِلْمَ ) وعن رجاءِ بنِ حَيْوَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ لرَجُلٍ : (حَدِّثْنَا ، ولا تُحَدِّثْنا عن مُتَمَاوِتٍ ولا طَعَّانٍ ) رواهما الخطيبُ في ( الجامِعِ ) وقالَ :( يَجِبُ على طالبِ الحديثِ أن يَتَجَنَّبَ : اللعِبَ ، والعَبَثَ ، والتبَذُّلَ في المجالِسِ بالسُّخْفِ والضحِكِ والقَهْقَهَةِ وكثرةِ التنادُرِ وإدمانِ الْمِزاحِ والإكثارِ منه ، فإنما يُستجازُ من الْمِزاحِ بيَسيرِه ونادِرِه وطَريفِه والذي لا يَخْرُجُ عن حدِّ الأَدَبِ وطَريقةِ العلمِ ، فأمَّا متَّصِلُه وفاحِشُه وسخيفُه وما أَوْغَرَ منه الصدورَ وجَلَبَ الشرَّ فإنه مَذمومٌ وكثرةُ الْمِزاحِ والضحِكِ يَضَعُ من القدْرِ ويُزيلُ الْمُروءةَ ) اهـ .
وقد قيلَ : ( مَنْ أَكْثَرَ مِن شيءٍ عُرِفَ به ) فتَجَنَّبْ هاتِيكَ السقَطَاتِ في مُجالَسَتِكَ ومُحادَثَتِك .وبعضُ مَن يَجْهَلُ يَظُنُّ أنَّ التبَسُّطَ في هذا أَرْيَحِيَّةٌ .
وعن الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قالَ : ( جَنِّبُوا مَجالِسَنَا ذِكْرَ النساءِ والطعامِ ، إني أَبْغَضُ الرجلَ يكونُ وَصَّافًا لفَرْجِه وبَطْنِه ) وفي كتابِ المحدَّثِ الملْهَمِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في القَضاءِ : ( وَمَن تَزَيَّنَ بما ليس فيه ، شانَه اللهُ ) .وانْظُرْ شَرْحَه لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .


  #2  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 02:41 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي الشرح الصوتي للشيخ : محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

  #3  
قديم 26 محرم 1430هـ/22-01-2009م, 10:56 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

القارئ :

الأمر السابع
التَّحَلِّي برَوْنَقِ العِلْمِ :
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ الصالحِ ، من دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .
الشيخ :
هذا قد يكون فرعا مما سبق؛ فإن حسن السمت، والهدي الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، قد سبق الإشارة إليه وأنه ينبغي لطالب العلم أن يكون أسوة صالحة في هذه الأمور .
القارئ :

وعن ابنِ سيرينَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ : ( كَانُوا يَتَعَلَّمُون الْهَدْيَ كما يَتَعَلَّمُون العِلْمَ ) وعن رجاءِ بنِ حَيْوَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ لرَجُلٍ : (حَدِّثْنَا ، ولا تُحَدِّثْنا عن مُتَمَاوِتٍ ولا طَعَّانٍ ) رواهما الخطيبُ في ( الجامِعِ ) وقالَ : ( يَجِبُ على طالبِ الحديثِ أن يَتَجَنَّبَ : اللعِبَ ، والعَبَثَ ، والتبَذُّلَ في المجالِسِ بالسُّخْفِ والضحِكِ والقَهْقَهَةِ وكثرةِ التنادُرِ وإدمانِ الْمِزاحِ والإكثارِ منه ، فإنما يُستجازُ من الْمِزاحِ بيَسيرِه ونادِرِه وطَريفِه والذي لا يَخْرُجُ عن حدِّ الأَدَبِ وطَريقةِ العلمِ ، فأمَّا متَّصِلُه وفاحِشُه وسخيفُه وما أَوْغَرَ منه الصدورَ وجَلَبَ الشرَّ فإنه مَذمومٌ وكثرةُ الْمِزاحِ والضحِكِ يَضَعُ من القدْرِ ويُزيلُ الْمُروءةَ ) اهـ .
الشيخ :
هذا من أحسن ما قيل في آداب طالب العلم , أن يتجنب اللعب والعبث , إلا ما جاءت به الشريعة , كاللعب برمحه وسيفه وفرسه , لأن ذلك يعينه على الجهاد في سبيل الله, وكذلك في الوقت الحاضر اللعب بالبنادق الصغيرة, هذا لا بأس به كذلك ، العبث هو أن يفعل فعلا لا داعي له , أو يقول قولا لا داعي له . كذلك التبذل في المجالس , بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، لا سيما عند عامة الناس , أما عند أصحابك وأقرانك فالأمر أهون , لكن عند عامة الناس إياك أن تفتح باب الامتهان فإن ذلك يذهب الهيبة من قلوب الناس , فلا يهابونك ولا يهابون العلم الذي تأتي به .

القارئ :
وقد قيلَ : ( مَنْ أَكْثَرَ مِن شيءٍ عُرِفَ به ) فتَجَنَّبْ هاتِيكَ السقَطَاتِ في مُجالَسَتِكَ ومُحادَثَتِك . وبعضُ مَن يَجْهَلُ يَظُنُّ أنَّ التبَسُّطَ في هذا أَرْيَحِيَّةٌ .
وعن الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قالَ : ( جَنِّبُوا مَجالِسَنَا ذِكْرَ النساءِ والطعامِ ، إني أَبْغَضُ الرجلَ يكونُ وَصَّافًا لفَرْجِه وبَطْنِه )
الشيخ :
الله المستعان , صحيح , لأن هذا يشغل عن طلب العلم , مثل أن يقول أكلت البارحة أكلا حتى ملأت البطن , وما أشبه ذلك , من الأشياء التي لا داعي لها , أو يتكلم بما يتعلق بالنساء .
أما أن يكون الرجل مع أهله ثم يصبح يحدث الناس بما فعل , فإن هذا من أشر الناس منزلة عند الله عز وجل .

القارئ :
وفي كتابِ المحدَّثِ الملْهَمِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في القَضاءِ : ( وَمَن تَزَيَّنَ بما ليس فيه ، شانَه اللهُ ) . وانْظُرْ شَرْحَه لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
الشيخ :
يقول رحمه الله : وفي كتاب المحدث الملهم .
المحدَّث : يعني به عمر بن الخطاب رضي الله عنه , لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ((إن يكن فيكم محدثون فعمر))
والمراد الملهم : الذي يلهمه الله عز وجل . وكأنه يُحدَّث بالوحي .
وقد أشكل هذا على بعض العلماء , حيث قالوا أن هذا يقتضي أن عمر أفضل الصحابة, لأنه قال : ((إن يكن فيكم محدثون فعمر)) .
لكن أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بأن عمر إنما يتلقى الإصابة بواسطة , أما أبو بكر فيتلقاها بلا واسطة.
وعلى هذا فيكون أفضل من عمر , ومن رأى تصرف أبو بكر رضي الله عنه في مواقع الشدة , علم أنه أقرب إلى الصواب من عمر .
ففي كتاب الصلح , الذي وقع بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقريش , وراجع عمر فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم , وأجابه , ثم راجع أبا بكر , فأجابه بما أجابه به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم حرفا بحرف .
وفي قتال أهل الردة , وكذلك في تنفيذ جيش أسامة بن زيد , وكذلك في تثبيت الناس يوم وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم , كل هذا يدل على أن أبا بكر أصوب رأيا من عمر .
لكن الذي أظهر عمر رضي الله عنه , هو طول خلافته , وتفرغه لأمور المسلمين العامة والخاصة , فكان مشتهرا بذلك رضي الله عنه .
ولهذا نحن نقول , أيما أكثر رواية للحديث أبو هريرة أو أبو بكر ؟
أبو هريرة , هل يعني ذلك أن أبا هريرة أكثر تلقيا للحديث من الرسول عليه الصلاة والسلام من أبي بكر ؟
لا , لكن أبو بكر لم يحدث بما روى عن الرسول , وإلا فأبو بكر صاحب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم , صيفا وشتاء , ليلا ونهارا , سفرا وإقامة .
فهو أكثر الناس تلقيا عنه , وأعلم الناس بأحواله , لكن لم يتفرغ ليجلس إلى الناس ليحدثهم بما رواه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
الحاصل : أن بهذا يتبين الجواب عن الحديث (( إن يكن فيكم محدثون فعمر )).
يقول في الكتاب الذي كتبه إلى أبي موسى في القضاء :
من تزين بما ليس فيه شانه الله .
هذا حقيقة , إذا تزين الإنسان بأنه طالب علم , وقام يضرب الجبلين بعضهما ببعض , وكلما أتته مسألة من مسائل العلم شمر عن أكمامه , وقال أنا صاحبها , هذا حلال وهذا حرام وهذا واجب وهذا فرض كفاية وهذا فرض عين وهذا يشترط فيه كذا وكذا وهذا ليس له شروط وقام يفصل ويجمل , ولكن يأتيه طالب علم صغير , ويقول أخبرني عن كذا , فإذا بالله يفضحه ويبين أنه ليس بعالم .
وكذلك من تزين بعبادة وأظهر للناس أنه عابد , فلا بد أن يكشفه الله عز وجل لا بد أن ينكشف , أعاذنا الله وإياكم من الرياء .
ومهما تكن عند امرئ من خليقة = وإن خالها تخفى على الناس تعلم .
ومهما يكتم الناس فالله يعلمه , وسيفضح من لا يعمل لأجله .
فهذه العبارة من عمر زن بها جميع أعمالك , " من تزين بما ليس فيه شانه الله "
قال الشيخ بكر أبو زيد : وانظر شرحه لابن القيم رحمه الله .
شرحه ابن القيم في كتاب : (إعلام الموقعين) . شرحا طويل طويلا, حتى تكاد أن تقول: إن جميع الكتاب الذي هو ثلاث مجلدات كبار كان شرحا لهذا الحديث .
وإن لم يكن شرحا لألفاظه , لكنه شرح لألفاظه بوجه , وشرح لمعانيه وحكمه .
فلهذا أشار بكر أبو زيد إلى أن ننظر إلى هذا الشرح .


تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد

تم التهذيب بواسطة زمزم


  #4  
قديم 30 رجب 1430هـ/22-07-2009م, 07:33 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)




القارئ:
قال رحمه الله:
التحلي برونق العلم:
التحلي بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها.وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال:"كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم".
وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل:"حدثنا، ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعان".
رواهما الخطيب في "الجامع"، وقال :
"يجب على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصله وفاحشه وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة" اهـ.
وقد قيل: "من أكثر من شيء، عرف به". فتجنب هاتيك السقطات في مجالستك ومحادثتك.
وبعض من يجهل يظن أنَّ التبسط في هذا أريحية.
وعن الأحنف بن قيس قال:
"جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام، إني أبغض الرجل يكون وصَّافاً لفرجه وبطنه". وفي كتاب المحدث الملهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في القضاء : "ومن تزين بما ليس فيه، شانه الله". وانظر شرحه لابن القيم رحمه الله تعالى.
الشيخ:
هذا هو الأدب السابع من آداب طالب العلم ، بحيث أن يكون ظاهر طالب العلم موافقًا للعلم الذي يطلبه بحيث يكون (حَسُنَ السمت) ، وحُسن السمت قلنا أنَّ السمت فيما سبق هو الصورة الظاهرة ، بحيث تكون أخلاقه الظاهرة وكلامه وملبسه ، دالاً على كونه من طلبة العلم ، فيكون هديه الظاهر موافقًا لهدي أهل الصلاح ، ومن ثَمَّ يلازم (السكينة) وهو طمأنينة النفس (والوقار) ، بحيث يكون ظاهره غيرَ مُنبِئٍ عن خلاف هذه ، وكذلك يتصف (بالخشوع) ، فليس متسرعًا ولا متبادراً لما لا ينبغي ، وليس متكلمًا بما لا يناسب حاله ، وكذلك يتصف بصفة (التواضع) ، وهو ينافي التكبر ، ويكون (ملازمًا للمَحجَّة) ، المراد بالمحجة : وسط الطريق الموصل إلى المُراد بحيث لا يكون ممن يميل جهة اليمين ولا جهة الشمال ، ويَعمُر ظاهره وباطنه بعبادة الله تعالى وذكره والتخلِّي عن نواقض ذلك .
(قال ابن سيرين كانوا يتعلمون الهَدي - وهو الصفة الظاهرة - كما يتعلمون العلم) ، بحيث تكون ظواهرهم موافقة لبواطنهم ، ظواهرهم متحلية بالأوصاف الشرعية والأخلاق المَرعية.
(قال رجاء بن حيوة لرجلٍ : حدِّثنا ولا تحدِّثنا عن مُتماوِتٍ ولا طعَّان) ، والمتماوت: هو من كان متصفا بصفة موت القلب ، بحيث لا يكون باطنه معمورا لله جل وعلا ، ولا طعان : وهو الذي يبذل لسانه في القدح في الآخرين والسب منهم.
(قال الخطيب: يجب على طالب الحديث أن يَتجنب اللعب) ، ما المراد باللعب؟ العمل الذي ليس له ثمرة ، هذا هو اللعب ، من أمثلته: هذه الألعاب التي في زماننا وعصرنا سواء في الانترنت أو في السوني أو في غيرها.
كذلك يتجنب (العبث) ، مثل أن يحرك يديه حركات لا فائدة منها ، كذلك يتجنب (التبذُل في المجالس) ، التبذل في المجالس الحديث في كل ما يقصد الناس الحديث فيه ، بحيث لا يوجد له ضوابط في حديثه ، ومن ثم تجده يتكلم (بالسُّخف) ، والمراد بالسخف الأمور التوافه ، التي لا قيمة لها ولا منزلة ، أو يتكلم بأمورٍ مضحِكة التي ينتج عنها القهقهة ، (وكثرة التَنَدُّر) ، والتنكيت على الآخرين ، وكذلك على طالب الحديث أن يتجنب (إدمان المزاح والإكثار منه) ، لو مزح مرةً جاز ولم يُنافي ذلك آداب طالب العلم ، لكن أن يكون ذلك دأَبَه في كل حديثه وفي كل أموره ، فهذا ليس من شأن طالب العلم ، (إنما يُستجاز من المزاح الشيء اليسير النادر القليل والطريف ، الذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم) ، أما أن يكون كل حديثه وكل مجالسه على المزاح ، ويتكلم بالأمور الفاحشة في المزاح التي تكون كبيرة ، وتكون عظيمة أن تصدر من إنسان ، أو يتكلم في الأمور السخيفة التافهة التي لا قيمة لها ، أو يتكلم من المزاح بما يوغر الصدور ، بحيث يُعلِّق على هذا ، ويُنكِّت على هذا ، فهذا يورد القطيعة ، ويورد غِل القلوب ويجلب الشر ، هذا كله مذموم. وأصل كثرة المزاح حتى ولو لم تكن بهذه الأمور؛ بالفاحش والسخيف والمورد للعداوة ، كثرة المزاح تضع من قدر الإنسان وتُزيل صفة المروءة منه ، ما هي صفة المروءة؟ المروءة المراد بها اجتناب الإنسان مالا يُثنى عليه من الأوصاف عند الناس ، وبعضهم يقول المروءة اجتناب الإنسان الصفات غير المرغوب فيها ، مثال هذا: مما يُرغب فيه أن يكون الإنسان في مجتمعاتنا لابسًا للثياب ، فإذا لبس البنطلونات لم يُعدَّ حينئذ ممن اتصف بصفات المروءة ؛ لأنَّ الناس لا يُثنون على من ترك هذه الثياب المعتادة. وقد (قيل من أكثر من شيء) من مزاح أو ضحك ، (عُرف به) ، بحيث يكون موصوفًا به ، فلان المزاح ، (فتجنب هاتيك السقطات في مُجالستك ومٌحادثتك ، وبعض من يجهل يظن أنَّ التبسط في هذا أرِيحية) ، الأريحية يعني ما يكون مُنتجا لراحة النفس ، بعض الناس يعد الضحك والتبذل وكثرة المزاح من الأريحية التي ترتاح لها النفوس ، وهذا ليس من ذلك في شيء بل إنَّ الناس إذا وجدوا شخصا يُكثر من المزاح والتعليق على الآخرين ، فإنه حينئذ تنفر منه نفوسهم ، ولذلك (قال الأحنف بن قيس : جنِّبوا مجالسنا ذكرَ النساء والطعام) ، وذلك لأنَّ هذه الأمور ليست من الأمور التي تَقصدها نفوس العقلاء ، وترتفع نفوسهم بها ، وإنما ينبغي أن تكون مجالسنا فيها ذكر الآداب ، فيها ذكر الأحكام الشرعية.
كذلك من الأمور التي تتعلق بهذا أن لا يظهر الإنسان صفة ليس متصفًا بها حقيقة ، كأن يُظهر للآخرين أنه يقوم الليل وليس كذلك ، أو يُظهر للآخرين أنه يقرأ القرآن أو يحفظ كتاب الله ، وليس فيه تلك الصفة ، (قال عمر رضي الله عنه : من تزين بما ليس فيه شانه الله) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ)) المُتَشبِّع بما لم يعط: الذي يقول أنا مُتصفٌ بالصفة الفلانية ، ومتصف بالصفة الفلانية ومتصف بالصفة الفلانية ، هذا كلابس ثوبي زور ، الزور: هو الكذب وتمويه الحقائق ، وجَعَلَها كالثوبين لأنها أولاً : قد كذب عن نفسه بحيث يُظهر أنه مُتصف بهذه الصفة وليس كذلك ، وكذلك قد زوَّر صورته في نفوس الآخرين ، ولذلك جعله كلابس ثوبي زورٍ.نعم


  #5  
قديم 30 رجب 1430هـ/22-07-2009م, 07:33 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول : ما معنى كلمة ( السمت ) ..؟ هل هي بـمعنى السمات والصفات ؟
الجواب : السمت في اللغة له معانٍ ، والمراد هنا هيئة أهل الخير وطريقتهم ، يقال: ما أحسن سمته !
إذا كانت هيئته حسنة على هيئة أهل الخير والصلاح وطريقتهم .



السؤال الثاني : ما المقصود بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بأن عمر إنما يتلقى الإصابة بواسطة ، أما أبو بكر فيتلقاها بلا واسطة ؟
الجواب : نص كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله كما في الرد على المنطقيين: (فأما درجة السابقين الأولين كأبي بكر وعمر فتلك لا يبلغها أحد، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( قد كان في الامم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر )).
وفي حديث آخر : (( إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه ))
وقال علي: (كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر).
وفي الترمذي وغيره: (( لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر ، ولو كان بعدي نبي ينتظر لكان عمر )).
ومع هذا فالصديق أكمل منه فإن الصديق كمل في تصديقه للنبي فلا يتلقى إلا عن النبي، والنبي معصوم، والمحدَّث كعمر يأخذ أحيانا عن قلبه ما يلهمه ويحدَّث به، لكن قلبه ليس معصوما؛ فعليه أن يعرض ما أُلقي عليه على ما جاء به الرسول فإن وافقه قبله، وإن خالفه رده، ولهذا قد رجع عمر عن أشياء، وكان الصحابة يناظرونه ويحتجون عليه فإذا بينت له الحجة من الكتاب والسنة رجع إليها وترك ما رآه، والصديق إنما يتلقى عن الرسول لا عن قلبه، فهو أكمل من المحدث، وليس بعد أبي بكر صديق أفضل منه، ولا بعد عمر محدَّث أفضل منه). ا.هـ

ومراده أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أكمل فهماً وعلماً ويقيناً من عمر بن الخطاب؛ فقوة يقينه وفهمه للكتاب والسنة بلغت منزلة أعلى من منزلة المحدَّث الملهم الذي يستدل على الحق بواسطة ما يلقى في روعه.
وقلوب المحدَّثين غير معصومة فقد يلقى فيها الحق وهو الغالب، وقد يكون معه ما يلقيه الشيطان ابتلاء وامتحاناً، فوجب أن يعرضوا ما ألقي في قلوبهم على نصوص الكتاب والسنة فما خالف النصوص رجعوا عنه، وما وافقها قبلوه.
ولذلك لما ارتد من ارتد من العرب وعزم أبو بكر على قتالهم قال له عمر : يا أبا بكر كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ودمه ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله )).
فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم على منعه.
قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق).
أخرجه البخاري ومسلم.
فكان أبو بكر أكثر علماً وأحسن فهماً من عمر حتى رجع عمر إلى قوله، وهما من علماء الصحابة، بل نقل شيخ الإسلام اتفاق أهل العلم على أن أعلم هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.


السؤال الثالث :
قول ابن سيرين رحمه الله (كانوا يتعلمون الهدي كما كانو يتعلمون العلم) في وقتنا الحاضر كيف نتعلم الهدي في ظل الغياب الكبير للقدوات خصوصا ان جل دراساتنا الشرعية ان لم يكن كلها هي دراسة عن بعد اي اننا لانكاد تلتقي بقدوات في هذا المجال ولايخفى على فضيلتكم ان لسان الحال ليس كلسان المقال اي اننا مهما قرانا في الكتب عن سير الاعلام فان هذا ليس كرؤية احوالهم ومعاشرتها؟ فكيف السبيل الى ذلك .
الجواب :
لا يخلو زمان من صالحين متمسكين بالهدي الصحيح، وإن ندروا وكانوا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، ومَن كان صاحب تأسٍّ بأهل الخير والصلاح كفاه أن يحثه على ذلك ما يراه من جوانب الخير والصلاح لديهم، فرُبَّ عمل يراه المرء من أحدهم فينتفع به زمناً طويلاً، ولا يشترط في القدوة أن يكون كاملاً في جميع الجوانب، بل النقص من طبيعة البشر، حتى الصالحين يقع منهم تقصير وقصور في جوانب وإجادة وإحسان في جوانب أخرى.
فمن فتح له في العلم والتعليم ونشر العلم قد يقع منه قصور وتقصير في جوانب أخرى.
ومن فتح له في التعبد والتهجد وكثرة الصلاة والصيام والتلاوة وكثرة الذكر قد يقع منه قصور وتقصير في جوانب أخرى.
ومن فتح له في أعمال البر والإحسان ونفع الناس قد يقع منه تقصير في غير ذلك من الأمور.
ومن فتح له في الجهاد والنصيحة والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورعاية حدود الله وحرماته فكذلك.
وأما من كان ذا حظ في هذه الأعمال كلها فهو إمام من الأئمة الأبدال.
ذكر ابن عبد البر في التمهيد والاستذكار أن عبد الله بن عبد العزيز العُمَري العابد كتب إلى الإمام مالك بن أنس يحضُّه على الانفراد والعمل وترك مجالسة الناس في العلم وغيره فكتب إليه مالك:
(إن الله تعالى قسم بين عباده الأعمالَ كما قسمَ الأرزاقَ؛ فرُبَّ رجل فُتِحَ له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح الله له في الجهاد، ولم يفتح له في الصلاة، وآخر فتح له في الصدقة، ولم يفتح له في الصيام.
وقد علمتُ أنَّ نشر العلم وتعليمَه من أفضل الأعمال، وقد رضيتُ بما فَتَحَ الله لي فيه، وقسم لي منه، وما أظنُّ ما أنا فيه بدون ما أنت فيه من العبادة، وكلانا على خير إن شاء الله)

ومن فتح الله له باباً من أبواب الخير فليعتنِ بالاتساء بأئمة ذلك الباب من الصالحين، وينتفع من هديهم ودلّهم وسمتهم في غير مخالفة لهدي الكتاب والسنة.
وبهذا يُعلم أن الاقتداء يتجزأ ويتنوَّع ، فما يُرى عند بعض الصالحين من تقصير وقصور في جوانب لا يمنع من الاقتداء بهم فيما أحسنوا فيه.
ومن تطَلَّب قدوة تاماً في جميع هذه الأبواب أعياه ذلك.
ومن تأمل أحوال من حوله وجد من بعضهم إجادة وبراعة في بعض أمور الخير، فليكن ذلك حافزاً له على الاتساء بهم بما يتيسر له.
والآثار عن السلف في الاتساء ببعض أحوال الناس وأقوالهم كثيرة مبثوثة في سيرهم.
قال أصبغ المالكي لعون بن عبد الله : (سمعت من أبيك كلاماً نفعني الله تعالى به وهو: لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)
وقال زبيد بن الحارث اليامي: (سمعت كلمة فنفعني الله عزَّ وجلَّ بها ثلاثين سنة)
بل إن بعضهم يرى موقفاً أمامه فيعتبر به مدة طويلة من الزمن.
وهذا هو مقصود الاقتداء أن ينتفع المقتدي بما يسمع ويرى.

ومن الدعاء الذي أرشد الله إليه عباده المؤمنين أن يقولوا: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}
وهو يشمل الإمامة على اختلاف درجاتها، فقد يفتح لعبد من عباد الله في عمل من الأعمال فيكون فيه إماماً يقتدى به فيه ، ولو كان لديه ضعف في أبواب أخرى من أبواب الخير.
واللبيب الذي يحاسب نفسه ويزن عمله بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة يعرف من نفسه ما هو مقصّر فيه في من أبواب الخير، ويعرف ما فتح له فيه مما يحسنه؛ فيعتني أولاً بالقدر الواجب من كل ذلك، وهو أمر متيسّر لا حرج فيه على المرء؛ لأن الواجبات الشرعية هي من تكاليف الدين، وما جعل لله علينا في الدين من حرج.
ثم يعتني بالاجتهاد فيما فتح له فيه، وليعلم أن قيمة كل امرئ ما يحسنه كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومما يعينه على الإحسان في ذلك الأمر النظر إلى سير المحسنين فيه فيعتني بآثارهم ومآثرهم سواء أكانوا من الأموات أم الأحياء
فمن مات يعتني بسيرهم ويتعرف على طرائقهم وأسباب تفوقهم وتمكنهم وانتفاع الناس بهم.
والأحياء منهم يحرص على الاستفادة منهم بما يتيسر له، فقد ينتفع من مجالستهم ومراسلتهم والعرض عليهم ما لا يستفيده من القراءة والدراسة مدة طويلة.
وقد قال النووي في شرح صحيح مسلم: (ومذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياماً)
فإذا كان هذا نفع مذاكرة ساعة؛ فما الظن بملازمتهم والعرض عليهم والتخرج على أيديهم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التحلي, برونق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir