باب الجهاد وناسخه ومنسوخه
قال أبو عبيدٍ: " وجدنا نسخ الجهاد في أربع خلالٍ: منها اثنتان في القتال وثالثةٌ في الأسارى ورابعةٌ في المغانم، فأمّا اللّتان في القتال، فإنّ الأولى منهما إذن اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه وللمسلمين في جهاد المشركين بعد أن كان ذلك ممنوعًا منهما عنه قبل الهجرة، ثمّ أذن اللّه عزّ وجلّ فيه بعدها "
354 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن معمر بن راشدٍ، عن الزّهريّ قال: " أوّل آيةٍ نزلت في القتال قول اللّه عزّ وجلّ: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ} [الحج: 39] إلى قوله: {إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 40] قال: ثمّ ذكر القتال في آيٍ كثيرٍ من القرآن "
355 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لست عليهم بمصيطرٍ} [الغاشية: 22] وقوله عزّ وجلّ: {وما أنت عليهم بجبّارٍ} [ق: 45] وقوله
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 190]
عزّ وجلّ: {فاعف عنهم} [آل عمران: 159] وقوله عزّ وجلّ: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} [الجاثية: 14] ، قال: " نسخ هذا كلّه قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] ، وقوله عزّ وجلّ: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر} [التوبة: 29] إلى قوله: {وهم صاغرون} [التوبة: 29] " قال أبو عبيدٍ: «ثمّ ندب اللّه عزّ وجلّ المؤمنين إلى الجهاد وحضّهم عليه بأكثر من الإذن حتّى عاتب أهل التّخلّف عنه، وإن كان تخلّفهم باستئذانٍ منهم النّبيّ صلّى اللّه عليه في ذلك»
356 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إنّما يستأذنك الّذين لا يؤمنون باللّه واليوم الآخر} [التوبة: 45] قال: " هذا تعييرٌ للمنافقين حين استأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذرٍ، وعذر اللّه المؤمنين، فقال: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه} [النور: 62] "
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 191]
357 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ , وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية قال اللّه عزّ وجلّ: {إنّما يستأذنك الّذين لا يؤمنون باللّه واليوم الآخر} [التوبة: 45] قال: نسختها {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه} [النور: 62] الآية قال: «فجعل اللّه عزّ وجلّ النّبيّ صلّى اللّه عليه بأعلى النّظرين في ذلك» قال أبو عبيدٍ: «ثمّ وكّد اللّه عزّ وجلّ الجهاد على المؤمنين حتّى أوجب على كلّ رجلٍ منهم مجاهدة عشرةٍ من الكفّار، فلمّا صار إلى التّخفّف عنهم ووصفهم بالضّعف نسخ ذلك بأن ألزم كلّ رجلٍ من أهل الإيمان لقاء رجلين من أهل الشّرك ولم يرض منهم بأقلّ منه»
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 192]
358 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ , وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} الآية قال: " فنسخها قوله عزّ وجلّ: {الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفًا} [الأنفال: 66] إلى قوله: {مع الصّابرين} [الأنفال: 66] "
359 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية قال: " أمر اللّه عزّ وجلّ الرّجل من المؤمنين أن يقاتل عشرةً من الكفّار، فشقّ ذلك عليهم فرحمهم، فقال: «إن تكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين» الآية
360 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «أيّما رجلٍ فرّ من
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 193]
ثلاثةٍ فلم يفرّ، فإن فرّ من اثنين فقد فرّ» قال أبو عبيدٍ: «معنى هذا الحديث تأويل هذه الآية، ثمّ زاد اللّه الجهاد بعد هذا كلّه تغليظًا وتوكيدًا بأن قطع الموادعات الّتي كانت بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وبين من عاهد من المشركين، فأمره أن يؤذنهم في براءة بالحرب بعد انقضاء المدّة الّتي وقّتها لهم وهي الأربعة الأشهر»
361 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ , وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه} [الأنفال: 61] قال: " نسختها {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه} [التوبة: 29] إلى قوله: {وهم صاغرون} [التوبة: 29]
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 194]
362 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله عزّ وجلّ: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ} [التوبة: 2] قال: " حدّ اللّه عزّ وجلّ للّذين عاهدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه أربعة أشهرٍ يسيحون فيها حيث شاءوا، وأجّل من ليس له عهدٌ انسلاخ الأشهر الحرم خمسين ليلةً، وقال: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فخلّوا سبيلهم} [التوبة: 5] ، قال: وأمره إذا انسلخ الأشهر الحرم أن يضع السّيف، فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإسلام ونقض ما سمّى لهم من العهد والميثاق، فأذهب الشّرط الأوّل ثمّ قال: {إلّا الّذين عاهدتم عند المسجد الحرام} [التوبة: 7] يعني: أهل مكّة، {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إنّ اللّه يحبّ المتّقين} [التوبة: 7] "
363 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في هذه الآية قال: فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه أبا بكرٍ وعليًّا فطافا في النّاس بذي المجاز وأمكنتهم الّتي كانوا فيها يتبايعون فيها كلّها والموسم كلّه، «فآذنوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهرٍ فهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات من عشر ذي الحجّة إلى عشرٍ يخلونّ من ربيعٍ الآخر، ثمّ
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 195]
لا عهد لهم» قال: وهي الحرم من أجل أنّهم أمّنوا فيها حتّى يسيحونها، وآذن اللّه النّاس كلّهم بالقتال إن لم يؤمنوا "
364 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا أبو اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه «أمّر أبا بكرٍ على تلك الحجّة، وأمره أن يؤذّن ببراءة»
قال ابن شهابٍ: فأخبرني حميد بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة قال: " بعثني أبو بكرٍ رضي اللّه عنه في مؤذّنين بعثهم يوم النّحر: ألّا يحجّ بعد العام مشركٌ ولا يطوف بالبيت عريانٌ قال حميدٌ: «ثمّ أردف النّبيّ صلّى اللّه عليه عليًّا رضي اللّه عنه وأمره أن يؤذّن بذلك»
365- أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن المغيرة، عن الشّعبيّ، عن الحّرّر بن أبي هريرة، عن أبيه، نحو ذلك وزاد فيه: «ومن كان بينه وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه عهدٌ فأجله أربعة أشهرٍ، فإذا مضت الأربعة الأشهر، فإنّ اللّه بريءٌ من المشركين ورسوله»
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 196]
366 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ , وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} [النساء: 90] إلى قوله: {فما جعل اللّه لكم عليهم سبيلًا} [النساء: 90] ، وفي قوله: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم} [الممتحنة: 8] قال: " ثمّ نسخت هذه الآيات: {براءةٌ من اللّه ورسوله} [التوبة: 1] إلى قوله: {ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون} [التوبة: 11] " قال أبو عبيدٍ: «فكانت براءة هي النّاسخة للهدنة والقاطعة للعهود والمشخّصة النّاس للجهادٍ، بذلك وصفتها العلماء»
367 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: خرج عبد الرّحمن بن يزيد وهو يريد أنّ يجاعل، في بعثٍ خرج عليه، ثمّ أصبح يتجهّز، فقلت: ألم تكن أردت أن تجاعل قال: بلى،
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 197]
ولكن «قرأت البارحة سورة براءة فسمعتها تحثّ على الجهاد»
368 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ , وأبو اليمان، كلاهما، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن ميسرة، أو ابن بلالٍ عن أبي راشدٍ الحبرانيّ، أنّه وافى المقداد بن الأسود بحمص على تابوتٍ من توابيت الصّيارفة وقد فضل عنه عظمًا قال: فقلت: يا أبا الأسود قد أعذر اللّه إليك أو قال: قد عذرك اللّه، يعني: في القعود عن الغزو، فقال:
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 198]
" أبت علينا سورة براءة {انفروا خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41] "
369 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيّوب، عن ابن سيرين، أنّ أبا أيّوب شهد بدرًا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه ثمّ لم يتخلّف عن غزاةٍ للمسلمين إلّا عامًا واحدًا، فإنّه استعمل على الجيش رجلٌ شابٌّ، ثمّ قال بعد ذلك: " وما على من استعمل عليّ، وكان يقول: قال اللّه عزّ وجلّ: {انفروا خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41] ، فلا أجدني إلّا خفيفًا أو ثقيلًا "
370 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا يزيد، عن حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن أنسٍ، أنّ أبا طلحة، قرأ هذه الآية: {انفروا
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 199]
خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41] ، فقال: ها " أرى اللّه، ألا يستنفرنا إلّا شبابًا وشيوخًا، جهزّوني فجهّزوه فركب البحر، فمات في غزاته تلك قال: فما وجدنا له جزيرةً ندفنه أو قال: يدفنوه فيها إلّا بعد سابعةٍ "
371 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في هذه الآية قال: قالوا: " فينا الثّقيل وذو الحاجة والضّعيف والمتيسّر عليه أمره، فأنزل اللّه: {انفروا خفافًا} [التوبة: 41] وثقالًا "
372 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا يزيد، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: " {انفروا خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41] قال الشّابّ والشّيخ "
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 200]
أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا خالد بن عمرٍو، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم فيها قال: «مشاغيل وغير مشاغيل» قال أبو عبيدٍ: " ثمّ نزل مع براءة آيٌ كثيرٌ كلّها تحضّ على الجهاد وتوجبه على النّاس، منها قوله: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم} [البقرة: 216] وقوله: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون} [محمد: 35] ، وقوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه} [النساء: 75] في آياتٍ يطول ذكرها، ثمّ جاءت السّنّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه ببيان ذلك وتصديقه في آثارٍ متتابعةٍ منها " قوله: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيّةٌ وإذا استنفرتم فانفروا»
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 201]
وقوله: «الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة لا يردّه جور جائرٍ ولا عدل عادلٍ» وقوله: «حتّى يقاتل آخر عصابةٍ من أمّتي الدّجّال» وقوله: «الخيل معقودٌ بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» إنّما تأويله عندنا: خيل الغزاة في سبيل اللّه " والحديث في هذا أكثر من أن يحاط به، ثمّ تكلّمت العلماء بعد من لدن الصّحابة، ومن بعدهم في وجوب الجهاد واختلفوا فيه
378 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عليّ بن معبدٍ، عن أبي المليج الرّقّيّ، عن ميمون بن مهران قال: كنت عند ابن عمر، فجاء رجلٌ على عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فسأله عن الفرائض وابن عمر جالسٌ حيث
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 202]
يسمع كلامه، فقال: الفرائض شهادة ألّا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وحجّ البيت، وصيام رمضان، والجهاد في سبيل اللّه قال: فكأنّ ابن عمر غضب من ذلك، ثمّ قال: «الفرائض شهادة ألّا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وحجّ البيت، وصيام رمضان» وترك الجهاد
379 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن عكرمة بن خالدٍ قال: قال رجلٌ لابن عمر: ألا تغزو قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه يقول: " بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة وصوم رمضان وحجّ البيت "
380- أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا يزيد، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن رجلٍ، عن ابن عمر مثل ذلك غير مرفوعٍ
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 203]
381 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قلت لعطاءٍ: " أواجبٌ الغزو على النّاس؟ فقال هو وعمرو بن دينارٍ: ما علمناه "
382 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال معمرٌ: كان مكحولٌ يستقبل القبلة ثمّ يحلف عشرة أيمانٍ: أنّ " الغزو واجبٌ، ثمّ يقول: إنّ شئتم زدتكم "
383 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن العلاء بن الحارث أو غيره، عن ابن شهابٍ قال: «كتب اللّه الجهاد على النّاس غزوا أو قعدوا، فمن قعد فهو عدّةٌ إن استعين به أعان، وإن استنفر نفر، وإن استغني عنه قعد
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 204]
قال أبو عبيدٍ: " وأحسب قول الأوزاعيّ مثل قول ابن شهابٍ , وأمّا سفيان الثّوريّ، فكان يقول: «ليس بفرضٍ ولكن لا يسع النّاس أن يجمعوا على تركه ويجزئ فيه بعضهم عن بعضٍ» قال أبو عبيدٍ: " وهذا هو القول عندنا في الجهاد؛ لأنّه حقّ لازمٌ للنّاس غير أنّ بعضهم يقضي ذلك عن بعضٍ، وإنّما وسعهم هذا للآية الأخرى، قوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافّةً} [التوبة: 122] ، فإنّها فيما يقال: ناسخةٌ لفرض الجهاد
385 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ , وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {فانفروا ثباتٍ أو انفروا جميعًا} [النساء: 71] وفي قوله: {انفروا خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41] قال: " نسختها: {وما كان المؤمنون لينفروا كافّةً} [التوبة: 122] الآية، قال: تنفر طائفةٌ وتمكث طائفةٌ مع النّبيّ صلّى اللّه عليه قال: فالماكثون هم الّذين يتفقّهون في الدّين وينذرون إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو بما نزل من قضاء اللّه وكتابه وحدوده " أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية قال: يعني " السّرايا كانت ترجع وقد نزل بعدهم قرآنٌ تعلّمه القاعدون من النّبيّ صلّى اللّه عليه، فتمكث السّرايا يتعلّمون ما أنزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه بعدهم، وتبعث سرايا أخرى قال: فذلك قوله: {ليتفقّهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} [التوبة: 122] "،
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 205]
أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ نحو ذلك قال أبو عبيدٍ: " فلولا هذه الآية لكان الجهاد حتمًا واجبًا على كلّ مؤمنٍ في خاصّة نفسه وماله كسائر الفرائض، ولكنّ هذه الآية جعلت للنّاس الرّخصة في قيام بعضهم بذلك عن بعضٍ، ومع هذا أنّا قد وجدنا في الحقوق الواجبة نظائر للجهاد، منها عيادة المريض وحضور الجنائز وردّ السّلام وتشميت العاطس، فهذه كلّها لازمةٌ للمسلمين غير أنّ بعضهم يقوم بذلك دون بعضٍ، ولكنّ الفضيلة والتّبريز لقاضيها دون المقضيّ عنه، فكذلك الجهاد إن شاء اللّه، على أنّ اللّه عزّ وجلّ قد كان اشترط فيه شرطًا حين أمر به، فجعله محظورًا في بعض الشّهور، فقال عزّ وجلّ: {إنّ عدّة الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهرًا في كتاب اللّه يوم خلق السّماوات والأرض منها أربعةٌ حرمٌ ذلك الدّين القيّم فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم} [التوبة: 36] ، وقال عزّ وجلّ: {يسألونك عن الشّهر الحرام قتالٍ فيه قل قتالٌ فيه كبيرٌ} [البقرة: 217] هو في التّفسير أنّ القتال فيه عند اللّه عظيمٌ كبيرٌ، ثمّ اختلف العلماء في نسخ تحريمها وإباحة القتال فيها "
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 206]
388 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قلت لعطاءٍ: ما لهم إذ ذاك لم يكن يحلّ لهم أن يغزوا في الشّهر الحرام، ثمّ غزوهم بعد قال: «فحلف لي باللّه ما يحلّ للنّاس أن يغزوا في الحرم، ولا في الشّهر الحرام إلّا أن يقاتلوا وما نسخت»
389 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ليث بن سعدٍ، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ قال: «لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه يغزو في الشّهر الحرام إلّا أن يغزى وإذا حضر ذلك أقام حتّى ينسلخ» أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن اللّيث، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه مثله غير أنّه قال: إلّا أن يغزى أو يغزو
391 - أخبرنا عليٌّ قال: حدّثنا أبو عبيدٍ قال: حدّثنا أبو الأسود، عن ابن لهيعة، عن مخرمة بن بكيرٍ، عن، أبيه بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ، عن سعيد بن المسيّب، أنّه سئل: " هل يصلح للمسلمين أن يقاتلوا الكفّار في الشّهر الحرام؟ قال: نعم " قال: وقال ذلك سليمان بن يسارٍ
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 207]
قال أبو عبيدٍ: " والنّاس اليوم بالثّغور جميعًا على هذا القول يرون الغزو مباحًا في الشّهور كلّها حلالها وحرامها، لا فرق بين ذلك عندهم، ثمّ لم أر أحدًا من علماء الشّام ولا العراق ينكره عليهم، وكذلك أحسب قول أهل الحجاز , والحجّة في إباحته عند علماء الثّغور قول اللّه تبارك وتعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " قال أبو عبيدٍ: «فهذه الآية هي النّاسخة عندهم لتحريم القتال في الشّهر الحرام، فهذا ناسخ القتال ومنسوخه»
[الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز: 208]