دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 06:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي الإقامة

وهي إحدى عشرةَ يَحْدُرُها ويُقيمُ مَن أَذَّنَ في مكانِه إن سَهُلَ، ولا يَصِحُّ إلا مُرَتَّبًا متوالِيًا من عَدْلٍ ولو مُلْحِنًا أو مَلحونًا، ويُجْزِئُ من مُمَيِّزٍ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 05:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 05:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وهي)- أي: الإقامَةُ- (إِحْدَى عَشْرَةَ) جُمْلَةً بِلا تَثْنِيَةٍ، وتُبَاحُ تَثْنِيَتُهَا, (يَحْدُرُهَا)؛ أي: يُسْرِعُ فيها، ويَقِفُ على كُلِّ جُمْلَةٍ؛ كالأذانِ، (ويُقِيمُ مَن أَذَّنَ) استِحْبَاباً، فلو سُبِقَ المُؤَذِّنُ بالأذانِ, فأرَادَ المُؤَذِّنُ أن يُقِيمَ؛ فقالَ أَحْمَدُ: لَو أعادَ الأذَانَ كمَا صَنَعَ أَبُو مَحْذُورَةَ؟!
فإِنْ أَقَامَ مِن غَيْرِ إعادَةٍ؛ فلا بَأْسَ. قالَهُ في(المُبْدِعِ).
(فِي مَكَانِهِ أي: يُسَنُّ أن يُقِيمَ فِي مَكَانِ أَذَانِه (إِن سَهُلَ)؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الإعلامِ، فإنْ شَقَّ؛ كأنْ أَذَّنَ في مَنَارَةٍ أو مَكَانٍ بَعِيدٍ عَن المَسْجِدِ, أَقَامَ في المَسْجِدِ؛ لئَلاَّ يَفُوتَهُ بَعْضُ الصَّلاةِ، لكنْ لا يُقِيمُ إلا بإِذْنِ الإمامِ.
(ولا يَصِحُّ) الأذانُ (إلا مُرَتَّباً)؛ كأَرْكَانِ الصَّلاةِ, (مُتَوَالِياً) عُرْفاً؛ لأنَّه لا يَحْصُلُ المَقْصُودُ مِنْهُ إلاَّ بذلكَ، فإنْ نَكَّسَهُ, لم يُعْتَدَّ بهِ، ولا تُعْتَبَرُ المُوَالاةُ بَيْنَ الإقَامَةِ والصَّلاةِ إذا أقَامَ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّخُولِ فيها.
ويَجُوزُ الكَلامُ بينَ الأذانِ وبَعْدَ الإقامَةِ قبلَ الصَّلاةِ، ولا يَصِحُّ الأذانُ إِلاَّ (مِن) وَاحِدٍ, ذَكَرٍ, (عَدْلٍ), ولو ظَاهِراً، فلو أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْضَهُ, وكَمَّلَهُ آخَرُ، أو أَذَّنَتِ امْرَأَةٌ خُنْثَى أو ظَاهِرُ الفِسْقِ, لم يُعْتَدَّ به، ويَصِحُّ الأذانُ (ولو) كانَ (مُلْحِناً)؛ أي: مُطْرِباً بهِ, (أو) كانَ (مَلْحُوناً) لَحْناً لا يُحِيلُ المَعْنَى، ويُكْرَهَانِ مِن ذِي لُثْغَةٍ فَاحِشَةٍ، وبَطَلَ إن أُحِيلَ المَعْنَى، (ويَجْزِي) أَذَانٌ (مِن مُمَيِّزٍ)؛ لصِحَّةِ صَلاتِه, كالبَالغِ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 02:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وهي) أي الإقامة (إحدى عشرة) جملة بلا تثنية([1]).
وتباح تثنيتها([2]) (يحدرها) أي يسرع فيها([3]) ويقف عند كل جملة كالأذان([4]).


(ويقيم من أذن) استحبابا([5]) فلو سبق المؤذن بالأذان فأراد المؤذن أن يقيم، فقال أحمد: لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة([6]) فإن أقام من غير إعادة فلا بأس، قاله في المبدع([7])(في مكانه) أي يسن أن يقيم في مكانه أذانه (إن سهل)([8]) لأنه أبلغ في الإعلام([9]) فإن شق كأن أذن في منارة أو مكان بعيد عن المسجد أقام في المسجد لئلا يفوته بعض الصلاة([10]).


لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام([11]) (ولا يصح) الأذان (إلا مرتبا) كأركان الصلاة([12]) (متواليا) عرفا لأنه لا يمكن المقصود منه إلا بذلك([13]) فإن نكسه لم يعتد به([14]) ولا تعتبر الموالاة بين الإقامة والصلاة، إذا أقام عند إرادة الدخول فيها([15]).


ويجوز الكلام بين الأذان وبعد الإقامة قبل الصلاة([16])، ولا يصح الأذان إلا (من) واحد ذكر (عدل) ولو ظاهرا([17]) فلو أذن واحد بعضه وكمله آخر([18]) أو أذنت امرأة([19]) أو خنثى([20]) أو ظاهر الفسق لم يعتد به([21]) ويصح الأذان (ولو) كان (ملحنا) أي مطربا به([22]).


(أو) كان (ملحونا) لحنا لا يحيل المعنى([23]) ويكرهان([24]) ومن ذي لثغة فاحشة([25]) وبطل إن أحيل المعنى([26]) (ويجزئ) أذان (من مميز) لصحة صلاته كالبالغ([27]).



([1]) أي الإقامة المختارة لا تكرر ألفاظها مرتين مرتين، بخلاف الأذان لحديث عبد الله بن زيد وكان بلال يؤذن بذلك، ويقيم حضرا وسفرا، وعليه عمر أهل المدينة، وفي الصحيحين: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة، قال الترمذي: وهو قول بعض أهل العلم من الصحابة والتابعين، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال البغوي: هو قول أكثر العلماء، وعن ابن عمر: كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن خزيمة وغيره، وشفع الأذان وإيتار الإقامة قد بلغ حد التواتر في الجملة، ولا يخفى أن كلمة التوحيد في آخر الأذان مفردة بالاتفاق، فهو خارج عن الحكم بشفع الأذان،والحكمة في تكرير الأذان وإفراد الإقامة أن الأذان لإعلام الغائبين، فاحتيج إلى التكرير، كما شرع فيه رفع الصوت والمحل، بخلاف الإقامة فإنها لإعلام الحاضرين، فلا حاجة إلى تكرار ألفاظها، وقوله: بلا تثنية يعني في الجملة وإلا فهو يثني قوله: قد قامت الصلاة، وقال غير واحد: الثانية منهما تأكيد للأولى.

([2]) لأنه فعل أبي محذورة، وعليه عمل أهل مكة، وعن أبي محذورة أنه صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة صححه الترمذي، قال الشيخ: فسواء أفرد الإقامة أو ثناها فقد أحسن واتبع السنة وبأيها أقام صحت إقامته عند عامة علماء الإسلام، ومن قال: إن إفراد الإقامة مكروه أو تثنيتها مكروه فقد أخطأ، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا بإفراد الإقامة، وأمر أبا محذورة بشفعها، والضلالة حق الضلالة أن ينهى عما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأما اختيار أحدهما فمن مسائل الاجتهاد.

([3]) بلا نزاع وأصل الحدر في الشيء الإسراع، قال الجوهري وغيره: حدر في أذانه يحدر حدرا إذا أسرع، وقد روى الترمذي عن بلال وإذا أقمت فاحدر ولأبي عبيدة عن عمر نحوه، ولأن الإقامة إعلام للحاضرين فلا حاجة فيها إلى الترسل.

([4]) أي كما يقف عند كل جملة منه، وتقدم قول النخعي: شيئان مجزومان، الأذان والإقامة.

([5]) لقوله من أذن فهو يقيم رواه أحمد وأبو داود والترمذي، قال: وفيه ضعف، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، ولا يؤذن غير الراتب إلا بإذنه إلا إن خيف فوت وقت التأذين، كما أذن زياد حين غاب بلال فأما مع حضوره فلا يجوز فإن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أحد ليسبقهم بالأذان كالإمام وجزم بتحريمه أبو المعالي، لأن الأذان منوط بنظر المؤذن.

([6]) يعني لكان أولى، فروى عبد العزيز بن رفيع، قال: رأيت رجلا أذن قبل أبي محذورة، فجاء أبو محذورة فأذن ثم أقام، رواه الأثرم وغيره، قال في الإنصاف: ومتى جاء وقد أذن قبله استحب أن يعيده.

([7]) أي فإن أقام المؤذن من غير إعادة الأذان، لحديث عبد الله بن زيد لما أذن بلال قال عبد الله: أنا رأيته وأنا كنت أريده، قال: فأقم أنت فلا فرق بينه وبين غيره قال الوزير: واتفقوا في الرجل يؤذن ويقيم غيره أن ذلك جائز.

([8]) أي يقيم الصلاة في الموضع الذي يؤذن فيه إن لم يشق عليه قال أحمد: أحب إلي أن يقيم في مكانه، ولم يبلغني فيه شيء.

([9]) أي إعلام المصلين بالقيام إلى الصلاة.

([10]) وقال في النصيحة، السنة أن يؤذن بالمنارة، ويقيم أسفل، قال في الإنصاف: وهو الصواب، والعمل عليه في جميع الأمصار والأعصار.

([11]) لما في الصحيحين أن المؤذن كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ولمسلم أن بلالا لا يقيم حتى يخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم قال في المجمع: وينبغي للمؤذن أن لا يقيم حتى يحضر الإمام ويأذن له في الإقامة نص عليه، ولأن الإقامة منوط وقتها بنظر الإمام، لأنها للقيام إلى الصلاة، فلا تقام إلا بإشارته، فإن أقيمت بغير إشارة أجزأت لقوله: فلا تقوموا حتى تروني.

([12]) أي كترتيب أركان الصلاة، وفاقا، لأنه ذكر معتد به، فلا يجوز الإخلال بنظمه، ولأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك الأذان، ولا يصح إلا منويا وفاقا لمالك لحديث إنما الأعمال بالنيات.

([13]) أي لا يحصل المقصود وهو الإعلام بدخول الوقت من الأذان إلا بالترتيب والتوالي، لأن مشروعيته كانت كذلك، قال في الإنصاف، ولا يصح الأذان إلا مرتبا متواليا بلا نزاع.

([14]) لعدم ترتيب الجمل بأن قدم بعضها على بعض، قال في الإنصاف: بغير خلاف نعلمه، وسمي بذلك لأنه نكس أي قلب عما هو السنة، قال الجوهري: نكسه بمعنى قلبه.

([15]) لأنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر أنه جنب ذهب فاغتسل ولم يعدها، وظاهر طول الفصل، قال شيخنا: هذا والله أعلم ما لم يخرج من المسجد، أو يشتغل بغير الصلاة، ويستحب الإحرام بعد فراغه من الإقامة، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده، واستمر عمل المسلمين عليه.

([16]) لأنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يكلم الرجل بعدما تقام الصلاة، وهو مذهب الشافعي، لكن الأولى تركه إلا لحاجة، ولو عبر بالفاء الدالة على التفريع لكان أصوب.

([17]) فيصح أذان مستور الحال: قال في الشرح: بغير خلاف علمناه، وزاد في الإقناع، وتشترط ذكوريته وعقله وإسلامه.

([18]) لم يعتد به، قال في الإنصاف: بغير خلاف أعلمه، ولو كان ذلك لعذر بأن مات أو جن ونحوه من شرع فيه فكمله الثاني.

([19]) للرجال لم يصح ولم يعتد به، إجماعا، حكاه الوزير وغيره، للنهي عن رفع صوتها، فإن أذنت للنساء فلا بأس لقصة عائشة.

([20]) مشكل لاحتمال أن يكون أنثى لم يعتد به، فإن اتضحت ذكوريته صح.

([21]) قال الشيخ: وفي إجزاء الأذان من الفاسق روايتان: أقواهما عدمه، لمخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما نصب الفاسق مؤذنا فلا ينبغي قولا واحدا.

([22]) لحصول المقصود به، يقال: لحن في قراءته، إذا طرب وغرد، وفي التعريفات، اللحن في القرآن والأذان التطويل فيما يقصر، والتقصير فيما يطول اهـ، والتطريب تقطيع الصوت وترديده، وأصله خفة تصيب المرء من شدة الفرح، أو من شدة التحزين، من الإطراق أو الطربة.

([23]) كرفع تاء الصلاة ونصبها، وحاء الفلاح، لأن ذلك لا يمنع إجزاء القراءة في الصلاة فهنا أولى: (ولحن القارئ في القراءة يلحن لحنا ولحونا ولحانة ولحانية ولحنا) أخطأ في الإعراب، وخالف وجه الصواب، فهو لاحن ولحان ولحانة.

([24]) أي الملحن والملحون، قال أحمد: كل شيء محدث أكرهه، مثل التطريب،وسمع عبد الله بن عمر رجلا يطرب في أذانه، فقال: لو كان عمر حيا لفك لحييك، لأنه ينافي الخشوع والوقار، وينحو إلى الغناء، ويكره ما فيه غلظه وفضاضة، أو تكلف أو زيادة، قال عمر بن عبد العزيز، أذن أذان سمحا، وإلا فاعتزلنا.

([25]) أي ويكرهان من صاحب لثغة وزن غرفة، حبسه في اللسان حتى تصبر الراء لاما أو غبنا، أو السين تاء ونحو ذلك، أو أن لا يتم رفع لسانه، وقال الأزهري: اللثغة أن يعدل بحرف وكذا اللكنة، (وفاحشة) أي مجاوزة الحد، فإن لم تكن اللثغة واللكنة فاحشتين لم يكره، فقد روي أن بلالا كان يبدل الشيء سينا، والفصيح أكمل، وعند المالكية والحنفية إن أدى إلى تغيير الكلمات حرم.

([26]) أي بطل الأذان إن أحيل معناه باللحن أو اللثغة أو اللكنة، ومثال الأول مد همزة: الله أكبر أو بائه ومثال الثاني إبدال الكاف فاء أو همزة وفي المبدع: إن فتح لام رسول الله بطل، ومعناه في الشرح، لإيهامه البدلية فلا يتم الكلام.

([27]) أي فيصح أذانه لصحة صلاته، كما تصح صلاة البالغ، لقول عبد الله بن أبي بكر بن أنس: كان عمومتي يأمرونني أن أؤذن لهم وأنا غلام لم أحتلم، وأنس ابن مالك شاهد لم ينكر ذلك، وهذا مما لا يخفى ولم ينكر فكان كالإجماع
وهو مذهب مالك وغيره، إذا اعتمد على بالغ، وحكى في كتاب (رحمة الأمة) الإجماع عليه، قال الشيخ: واختاره أكثر الأصحاب، وقال: والأشبه أن الأذان الذي يسقط به الفرض عن أهل القرية، ويعتمد في وقت الصلاة والصيام لا يجوز أن يباشره صبي قولا واحدا، ولا يسقط ولا يعتمد في مواقيت الصلوات وأما الأذان الذي يكون سنة مؤكدة في مثل المساجد التي في المصر ونحو ذلك ففيه روايتان، والصحيح جوازه، وفي الاختيارات: وأما صحة أذانه في الجملة وكونه جائزا إذا أذن غيره فلا خلاف في جوازه، وحكى الوزير وغيره الإجماع على استحباب أن يكون بالغا.



  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 02:37 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَهِيَ إِحْدى عَشْرَةَ يَحْدُرُها، وَيُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ في مَكَانَه إِنْ سَهُلَ.
قوله: «وهي إحدى عشرة يَحْدُرُها» ، و«هي» أي: الإقامة إحدى عشرة جملة، وحذفَ التَّمييز؛ لأنه ذُكِرَ في الأذان.
وقوله: «يحدُرُها»، أي: يُسرع فيها فلا يرتِّلها، وكانت إحدى عشرة؛ لأنَّ «التكبير» في أوَّلاها مرَّتان، و«التَّشهد» للتَّوحيد والرِّسالة مرَّة مرَّة، و«الحيعلتان» مرَّة مرَّة، و«قد قامت الصَّلاة» مرَّتان، و«التكبير» مرَّتان، و«التوحيد» مرَّة، فهذه إحدى عشرة، وهذا ما اختاره الإمام أحمد رحمه الله
ومن العلماء من اختار سوى ذلك، وقال إنها: سبعَ عَشْرَة ، فيجعل «التكبير» أربعاً، و«التشهدين» أربعاً، و«الحيعلتين» أربعاً، و«قد قامت الصلاة» اثنتين، و«التكبير» مرَّتين، و«التوحيد» مرَّة، فيكون المجموع سَبْعَ عَشْرَة.
ومنهم من قال: إنها على جُملة جُملة إلا «قد قامت الصلاة»، فتكون تسع جُمَل، وهذا هو ظاهر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: أُمِرَ بلالٌ أنْ يشفعَ الأذانَ ويُوتِرَ الإقامةَ.
ولكن المشهور من المذهب ما ذهب إليه المؤلِّف. وأجابوا عن قوله: «يوتر الإقامة» بأنَّ تكرار التَّكبير في أوَّلها مَرَّتين بمنزلة الوتر بالنسبة لتكراره أربعاً في الأذان. وينبغي أن يُعلم «قاعدة» أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم: «بأن العبادات الواردة على وجوه متنوِّعة؛ ينبغي أن تُفعل على جميع الوجوه؛ هذا تارة وهذا تارة، بشرط ألا يكون في هذا تشويش على العامة أو فتنة».
قوله: «ويقيم من أذَّن» ، أي: يتولَّى الإقامةَ من يتولَّى الأذان؛ لأن بلالاً رضي الله عنه كان هو الذي يتولَّى الإقامة وهو الذي يؤذِّن، وهذا دليل من السُّنَّة.
وأما من النَّظر: فإنه ينبغي لمن تولَّى الأذان وهو الإعلام أولاً أن يتولَّى الإعلام ثانياً، حتى لا يحصُل التباس بين النَّاس في هذا الأمر، وحتى يعلم المؤذِّن أنَّه مسؤول عن الإعلامين جميعاً. لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام أو عُذْره؛ لأن بلالاً رضي الله عنه كان لا يقيم حتى يخرج النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، وحتى كانوا يُراجعونه إذا تأخَّرَ يقولون: «الصَّلاةَ، يا رسولَ الله».
وظاهرُ كلام المؤلِّف: أنَّ المؤذِّنَ يتولَّى الإقامة؛ وإن كان نائباً عن المؤذِّن الرَّاتب، مثل أنْ يوكِّلَ الرَّاتب من يؤذِّن عنه لعُذرٍ ثم يحضُرُ قبل الإقامة فيتولَّى الإقامة المؤذِّن دون الراتب. وقد ورد في ذلك حديث إنْ صَحَّ فهو هو؛ وإن لم يصحَّ فيحتمل أن يتولَّى الإقامة المؤذِّن الرَّاتب؛ لأنَّه أصلٌ والوكيل فرع ناب عنه لغيبته، فإذا حَضَرَ زال مقتضى الوكالة.
قوله: «في مكانه إن سَهُلَ» ، أي: يقيم في مكان أذانه. نَصَّ عليه الإمام أحمد رحمه الله، واستدلَّ بقول بلالٍ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسبقني بآمين».وهو حديثٌ في صحَّته نظر؛ لكن يؤيِّده ظاهر قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصَّلاة...» الحديث. وقيَّد المؤلف رحمه الله ذلك بقوله: «إن سَهُلَ» فعُلِمَ منه أنَّه لو صَعُبَ؛ كما لو أذَّن في منارة فإنه يُقيم حيث تيسَّر.
وفي وقتنا الحاضر يمكن أن يكون من أقام في مكبِّر الصَّوت كمن أقام في مكان أذانه؛ لأنَّ صوته يُسمع من سمَّاعات المنارة، فيكون إسماع الإقامة من المنارة بمكبر الصَّوت جارياً على ما قاله الفقهاء رحمهم الله: إنه يقيم في مكانه ليُسمعَ النَّاس الإقامة فيحضروا.

وَلاَ يَصِحُّ إِلا مُرَتَّباً مُتَوَاليِاً ................
قوله: «ولا يصحُّ إلا مرتَّباً» ، أي: لا يصحُّ الأذان إلا مرتَّباً، والترتيب أن يبدأ بالتكبير، ثم التَّشهُّد، ثم الحيعلة، ثم التَّكبير، ثم التَّوحيد، فلو نَكَّسَ لم يجزئ.
والدَّليل: أنَّ الأذان عبادة وردت على هذه الصِّفة؛ فيجب أنْ تُفعَلَ كما وردت؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «من عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ».
وقوله: «لا يصحُّ إلا مرتَّباً» يفيد أنَّه لا يصحُّ إلا بهذا اللفظ، فلو قال: «الله أجلُّ» أو «الله أعظمُ» لم يصحَّ؛ لأنَّ هذا تغيير لماهيَّة الأذان، فإذا كان وصفه ـ وهو التَّرتيب ـ لا بُدَّ منه، فكذلك ماهيَّته لا بُدَّ منها، فعُلِمَ من قوله: «لا يصحُّ إلا مرتَّباً» أنه لو لم يأتِ به على الوجه الوارد مثل أن يقول: «الله الأكبر» فإنه لا يصحُّ، ولو قال: «أُقِرُّ أنْ لا إله إلا الله» لا يصحُّ، وكذلك لو قال: «أَقبِلُوا إلى الصَّلاة» بدل «حَيَّ على الصَّلاة» فإنه لا يصحُّ.
قوله: «متوالياً» ، يعني: بحيث لا يَفْصِلُ بعضَه عن بعض، فإن فَصَلَ بعضَه عن بعض بزمن طويل لم يجزئ، فلا بُدَّ أن يكون متوالياً؛ لأنَّه عبادة واحدة، فلا يصحُّ أن تتفرَّق أجزاؤها، فإن حَصَل له عُذر مثل إن أصابه عُطاس أو سُعَال، فإنه يبني على ما سبق؛ لأنه انفصل بدون اختياره.

من عَدْل ................
قوله: «من عَدْل» ، هذه الكلمة صفة لموصوف محذوف، والتقدير: «من رَجُلٍ واحد عدل» فلا يصحُّ من امرأة، ولا من اثنين فأكثر، ولا يُكمِلُ الأذان إذا حصَل له عُذر بل يستأنف.
واستفدنا من قوله: «عدل» أنه لا بُدَّ أن يكون مسلماً، فلو أذَّنَ الكافر لم يصحَّ؛ لأن الأذان عبادة فاشتُرطَ فيه الإسلام، ولو أذَّن المعلنُ بفسقه كحالق اللحية ومن يشرب الدُّخان جهراً، فإنه لا يَصِحُّ أذانه على كلام المؤلِّف.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد صحَّة أذان الفاسق؛ لأن الأذان ذِكْرٌ؛ والذِّكْرُ مقبولٌ من الفاسق؛ لكن لا ينبغي أن يتولَّى الأذان والإقامة إلا من كان عدلاً.
وكذلك الأذان بالمُسجِّل غير صحيح؛ لأنَّه حكاية لأذان سابق، ولأنَّ الأذان عبادة، وسَبَقَ أنه أفضل من الإمامة، فكما أنَّه لا يصحُّ أن نسجِّل صلاة إمام ثم نقول للناس ائتمُّوا بهذا «المسجِّل»، فكذلك لا يصح الاعتماد على «المسجِّل» في الأذان، فمن اقتصر عليه لم يكن قائماً بفرض الكفاية.
وأفاد قوله: «عدل» على اشتراط العقل؛ لأن العدالة تستلزم العقل، والمجنون رُفِعَ عنه القلم، فلا يُوصفُ بعدالة ولا فسق.
فكلمة «عدل» تضمَّنت أن يكون مسلماً عاقلاً ذَكَراً واحداً عدلاً.

وَلَو مُلَحَّناً أَوْ مَلْحُوناً ..............
قوله: «ولو مُلَحَّناً» ، الملحن: المطرَّب به، أي: يؤذِّنُ على سبيل التطريب به كأنما يجرُّ ألفاظ أغنية، فإنه يجزئ لكنه يُكره.
وفي قوله «لو» إشارة إلى الخلاف، فإن من العلماء من قال: لا يصحُّ الأذان الملحَّن\؛ لأنَّ الأذان عبادة، والتَّلحين يخرجه عن ذلك، ويميل به إلى الطَّرب والأغاني.
قوله: «أو مَلْحُوناً» ، الملحون: هو الذي يقع فيه اللَّحن، أي: مخالفة القواعد العربية. ولكن اللَّحن ينقسم إلى قسمين:
1- قسم لا يصحُّ معه الأذان، وهو الذي يتغيَّر به المعنى.
2- وقسم يصحُّ به الأذان مع الكراهة، وهو الذي لا يتغيَّر به المعنى، فلو قال المؤذَّن: «الله أكبار» فهذا لا يصحُّ، لأنه يُحيل المعنى، فإن «أكبار» جمع «كَبَر» كأسباب جمع «سبب» وهو الطَّبل.
ولو قال: «الله وكبر» فإنَّه يجوز في اللغة العربية إذا وقعت الهمزة مفتوحة بعد ضَمٍّ أن تَقلب واواً، ولو قال: «أشهد أن محمداً رسولَ الله» بنصب «رسول» فهو لا شكَّ أنَّه لَحْنٌ يُحيل المعنى على اللُّغة المشهورة؛ لأنه لم يأتِ بالخبر، لكن هناك لغة أن خبر «أن» يكون منصوباً فيُقبل هذا. قال عمر بن أبي ربيعة وهو من العرب العرباء:




إذا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيلِ فَلْتَأْتِ ولْتَكُنْ
=
خُطَاكَ خِفَافاً، إنَّ حُرَّاسنا أُسْدَا

وعلى هذه اللُّغة لا يضرُّ نصب «رسول» إذا اعتقد القائل أنها خبر «إن»، والمؤذِّنون يعتقدون أن «رسول الله» هو الخبر.
ولو قال: «حيَّا على الصَّلاة» فعلى اللُّغة المشهورة ـ وهي أنَّ اسم الفعل لا تلحقه العلامات ـ فهذا لا يتغيَّر به المعنى فيما يظهر، وحينئذ يكون الأذان صحيحاً؛ لأنَّ غايته أنه أشبع الفتحة حتى جعلها ألفاً.

وَيُجْزِئُ مِنْ مُمَيِّزٍ .................
قوله: «ويُجْزِئُ من مُمَيِّز» ، يُجزئ: الفاعل يعود على الأذان.
والمميِّز: من بلغ سبعاً إلى البلوغ، وسُمِّيَ مميِّزاً لأنه يميِّز فيفهم الخطاب ويردُّ الجواب. وقال بعضُ العلماء: إن المميِّز لا يتقيَّد بسنٍّ، وإنما يتقيَّد بوصف.
فالذين قالوا: إنه يتقيد بسنٍّ؛ استدلوا بقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مُرُوا أبناءَكم بالصَّلاة لسبعِ، واضربُوهم عليها لعشرٍ»، فجعل أوَّلَ سِنٍ يُؤمر به الصبيُّ سبعَ سنين، وهذا يدلُّ على أنه قبل ذلك لا يصحُّ توجيه الأمر إليه، فقد يُقال: لأنه لا يفهم الأمر، وقد يُقال: لأنه لا يحتمل الأمر، فإن قلنا بالعِلَّة الأُولى صارت سبعَ السنين هي الحَدُّ للتَّمييز، وإن قلنا بالثَّانية لم يكن ذلك حَدًّا للتَّمييز.
والذين قالوا: إنه يتقيَّد بالوصف قالوا: لأن كلمة «مميِّز» اسم فاعل مشتق من التَّمييز، وإذا كان مشتقاً من ذلك، فإذا وُجِدَ هذا المعنى في طفل ثَبَتَ له الوصف، فالمُميِّز هو الذي يفهم الخطاب ويردُّ الجواب. لكن سبع السَّنوات غالباً هي الحدُّ، والمراد: الذي يفهم المعنى بأن تطلب منه شيئاً ـ كماء ـ فيذهب ويحضره لك. وسبق شيءٌ من ذلك في أوَّل كتاب الصَّلاة..
فهل يصحُّ أذان المُميِّز أو لا يصحُّ؟
قال المؤلِّف: إنَّه يصحُّ، فلو لم يوجد في البلد إلا هذا الصبيُّ المميِّز وأذَّن فإنه يُكتفى به.
ووجه الإجزاء: أنَّ هذا ذِكْر، والذِّكْر لا يُشترط فيه البلوغ، فإن الصبيَّ يُكْتَبُ له ولا يُكْتَبُ عليه، فإذا ذَكَرَ اللَّهَ، كتبَ اللَّهُ له الأجرَ وصحَّ منه الذِّكْرُ، فإذا أذَّن المُميِّز فإنه يُكتفى بأذانه.
وقال بعض العلماء: لا يجزئ أذان المُميِّز؛ لأنه لا يُوثق بقوله ولا يُعتمد عليه، فقد لا يعرف متى تزول الشَّمس، ومتى يكون ظلُّ كلِّ شيء مثله وغير ذلك.
وفَصَّلَ بعض العلماء فقال: إنْ أذَّنَ معه غيرهُ فلا بأس، وإن لم يكن معه غيرُه فإِنَّه لا يُعتمد عليه، إلا إذا كان عنده بالغ عاقل عارف بالوقت ينبِّهه عليه . وهذا هو الصَّواب.


  #6  
قديم 21 رجب 1432هـ/22-06-2011م, 09:12 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح الزاد للشيخ حمد الحمد

قال : ( وهي ) - أي الإقامة - إحدى عشر جملة كما هي إقامة بلال الثابتة – كما تقدم – في الصحاح والسنن والمسانيد.
وأما إقامة أبي محذورة فإنها سبع عشرة جملة ، وهي ثابتة في المسند وسنن أبي داود والنسائي وغيرهم بإسناد صحيح .
قال : ( يحدرها )
أي يسرع بها ويتعجل ، فلا يتريث كالأذان بل يحدرها ، ودليل ذلك الحديث المتقدم وقد تقدم تضعيفه لكن العمل عليه .
قال : ( ويقيم من أذن )
لقوله صلى الله عليه وسلم :(( من أذن فهو يقيم )) رواه الترمذي لكن الحديث إسناده ضعيف، وعليه عمل أكثر أهل العلم – كما قال الترمذي – فعليه العمل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فما بعده ، فإن بلالاً هو الذي كان يؤذن وهو الذي كان يقيم ، وإذا أذن ابن أم مكتوم فهو الذي كان يقيم وهكذا .
قال : ( في مكانه إن سهل )
يعني : إن سهل عليه فيقيم في مكانه أي على المنارة .
لكن هذا ضعيف لا دليل عليه .
- لذا ذهب بعض فقهاء الحنابلة : إلى أن المستحب أن يقيم في المسجد .
وقد تقدم أثر عبد الله بن شقيق وهو قوله : " من السنة أن يؤذن في المنارة ويقيم في المسجد" وهذا كذلك الذي عليه العمل سلفاً وخلفاً .
فالمستحب أن تكون الإقامة في المسجد ، والمعنى يدل على ذلك فإن الإقامة شرعت لإعلام الحاضرين بخلاف الأذان فهو لإعلام الغائبين .
والأذان لإعلام من هو خارج المسجد ليحضر إليه أما الإقامة فهي هنا لإعلام من حضر في المسجد فناسب أن تكون فيه لا سيما وأنه قد يكون الأمر على خلاف هذا المعنى تماماً – فقد لا يسمع من في المسجد الإقامة إن كانت على المنارة وهذا يخالف المقصود تماماً .
فالراجح : ما ذهب إليه بعض فقهاء الحنابلة من أن المستحب أن تكون الإقامة في المسجد ؛ لأنها لإعلام الحاضرين وهم في المسجد فناسب أن تكون فيه ، بخلاف الأذان فإنه لإعلام الغائبين فناسب أن يكون على المنارة .
* واعلم أن الإمام أملك بالإقامة كما أن المؤذن أملك بالأذان ، فالمؤذن أملك بالأذان وهو إليه ، وأما الإقامة فلا يشرع له أن يقيم إلا بإذن الإمام فإن فعل ذلك فقد أخطأ السنة ، واستدلوا على ذلك: بما رواه ابن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة )) لكن الحديث إسناده ضعيف ولكنه ثابت عن علي رضي الله عنه – كما في البيهقي بإسناد جيد .
وهو الذي يدل عليه النظر الصحيح فإن الصلاة التي تقام من شؤون الإمام فيما يختاره من الوقت الأنسب لها فيما يوافق السنة وبما فيه الرفق بالمأمومين ، فكان ذلك إلى الإمام بخلاف الأذان فإنه راجع إلى تحرى الوقت فكان راجعاً إلى المؤذن .

قال المؤلف رحمه الله : ( ولا يصح إلا مرتباً متوالياً )
" ولا يصح " : أي الأذان
" إلا مرتباً " : كما ورد " الله أكبر الله أكبر ………الخ
لابد أن يكون مرتباً
" متوالياً " : بحيث لا يكون بين جمله فاصل طويل عرفاً .
ودليل هذه المسألة أن الوارد في الأذان الشرعي أن يكون مرتباً متوالياً ، فلم يثبت التنكيس فيه ولا القطع .
فإذا ثبت ذلك فإن سواه مردود لكونه يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان وكل عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو رد فإذا قدم بعض جمله على بعض فإن الأذان يبطل بذلك ، وكذلك إذا فصله بفاصل طويل عرفاً كسكوت أو كلام طويل قاطع - ومرجع ذلك إلى العرف ؛ لما تقدم - وكل عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو رد .
قال : ( من عدل )
أما إن كان فاسقاً فلا يصح أذانه وهذا رواية عن أحمد وهو المشهور عند الحنابلة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( والمؤذن مؤتمن )) والفسق ضد الأمانة ، فالواجب أن يكون أميناً ومن كان فاسقاً فليس كذلك .
قالوا : ولأن الله سبحانه وتعالى قال : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } وهذا خبر فوجب أن يرد ؛ لأن خبر الفاسق مردود .
- وذهب الشافعي وهو رواية عن الإمام أحمد : إلى صحة أذان الفاسق ؛ لأنه قد قام بوظيفة الأذان وهو مسلم وداخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : (( فليؤذن لكم أحدكم )).
وأما قضية الخبر فهي راجعة إلى السامعين .
ولكن هذا فيه نظر ظاهر ، فالأرجح مذهب أهل القول الأول ، ولكن هذا ليس على الإطلاق ، وإنما ذلك حيث يعتمد على أذانه أما إذا كان في بلدة فيها غيره من المؤذنين الذي يعتمد على أذانهم في الصلاة والصيام فإنه يصح أذانه لأن الله قال : { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } وهنا يتم التبين والتثبت بسماع غيره من المؤذنين الذين هم من أهل العدالة والصدق .
فإذن : إنما يرد ولا يصح أذانه حيث كان في حالة يعتمد على أذانه فيها كأن يكون في قرية أو نحوها هو المؤذن .
أما إذا كان أذانه بمنزلة السنة المؤكدة ، فإنه إذا أذن بعض المؤذنين في البلد وقامت بهم الكفاية فأذان غيرهم من باب السنة المؤكدة لأنه قد قام الفرض بأذان غيره – فعلى ذلك أذانه صحيح لأنه يمكن التبين والتثبت بسماع غيره من المؤذنين .
قال : (( من عدل ولو ملحناً ))
أي ولو كان مطرباً ، أي فيه تطريب وتحسين صوت على هيئة غير شرعية بأن يكون فيه زيادة في المد وفيه شيء من ترديد الصوت أو نحو ذلك مما يخرجه عن هيئته الشرعية إلى أن يكون مشابها للغناء فهذا هو الملحن ، فإنه لو كان ملحنا فالأذان صحيح .
-وهذا أحد الوجهين في مذهب أحمد وهو المشهور .
-وأما الوجه الثاني في المذهب فهو : أن أذان الملحن لا يجزئ .
واستدلوا : بما رواه الدار قطني : أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرب فقال له : (( إن الأذان سهل سمح " أي بغير تكلف " فإن كان أذانك سهلاً سمحاً وإلا فاعتزلنا )) لكن الحديث إسناده ضعيف .
وهو ثابت عن عمر بن عبد العزيز كما رواه البخاري عنه معلقاً مجزوماً به ووصله ابن أبي شيبة .
والذي استدل به أهل القول الأول من صحة الأذان : قالوا : إن الأذان الملحن يحصل به المقصود من إبلاغ السامعين الأذان الشرعي بألفاظه الصحيحة مستقيمة الألفاظ ليس فيها تغيير ، إلا أن التغيير قد طرأ على أدائه أما الألفاظ فإنها هي الألفاظ الواردة ، فعلى ذلك يكون مخطئاً مبتدعاً في فعله ذلك ، وأما الأذان فإنه صحيح - وما ذكره أهل المذهب قول قوي – والعلم عند الله تعالى .
قال : ( أو ملحوناً )
الملحون : الذي فيه خلل في اللغة العربية برفع ما يكون حقه النصب ، أو نصب ما يكون حقه الجزم أو نحو ذلك ويصح أذان الملحون ما لم يحل المعاني ، أما إذا أحال المعاني فإنه يبطل .
مثال غير المحيل للمعاني : إذا قال : " أشهدَِ" فهذا ليس مما يحيل المعنى فهو أذان صحيح لكنه مكروه كما نص عليه أهل المذهب .
وأما مثال ما يحيل المعاني : كقوله : " أشهد أن محمداً رسولَ الله " فهذا الأذان باطل على المذهب ؛ لأنه يحيل المعنى ويبطله فإن المعنى هنا فاقد الخبر .
مثال آخر : " آلله أكبر " فهذا استفهام ، كأنه يستفهم هل الله أكبر أم لا ؟ فالأذان باطل .
أو قال : " الله أكبار " والأكبار هو الطبل وهذا مشهور عندنا فهذه كلها تُبطل الأذان ؛ لأنها تحيل اللفظ عن معناه فتصرفه عن معناه المراد إلى معنى آخر وهذا كالقراءة أي قراءة الفاتحة .
قال : ( ويجزئ من مميز )
اتفق أهل العلم على أن أذان الكافر والمجنون وغير المميز لا يصح ؛ لأنهم لا نية لهم ، وفي الحديث : (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )).
والأذان عبادة يشترط فيها النية ، وهؤلاء لا نية لهم فلم تصح عبادتهم .
وأما الكافر فلقوله تعالى : { وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله }.
وأما أذان المميز وهو من بلغ سن التمييز حيث يفهم الخطاب ويرد الجواب وهذا يكون في الغالب عند تمام سبع سنين فإنه يصح أذانه لذا قال هنا : " ويجزئ من مميز " . وهذا مذهب الجمهور .
قالوا : لصحة صلاته .
-وذهب بعض أهل العلم إلى : أن أذان المميز لا يجزئ .
قالوا : لأنه ليس محلاً لقبول الخبر لذا لا يقبل خبره في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبلغ ، وهو ليس محلاً لقبول الأخبار لكونه غير مكلف فليس محلاً للمحاسبة على الصدق والكذب فلما كان كذلك لم يقبل أذانه .
وفصَّل شيخ الإسلام في هذه المسألة تفصيلاً حسناً حمل عليه قول أهل القول الأول ، فقال – كلاماً معناه : والأشبه أن الأذان الذي يعتمد عليه في الصلاة والصيام لا يقبل من المميز ولا يعتد به قولاً واحداً ، فأهل القول الأول لا يقبلونه في مثل هذه الحال ؛ لأنه ليس أهلاً لذلك فليس بمكلف وليس بمؤاخذ على الكذب وغيره من الأمور المحرمة فلم يكن محلاً لقبول الخبر .
أما إن كان بحيث لا يعتمد عليه – وحينئذ – يكون الأذان سنة مؤكدة كأن يكون في مصر فيه مؤذنون يعتمد عليهم وهو من جملة من يؤذن في هذه البلدة فإن أذانه يصح – وهذا تفصيل حسن من الشيخ رحمه الله – قال : " وفيه روايتان عن الإمام أحمد والصحيح جوازه " .
إذن : في هذه المسألة روايتان عن الإمام أحمد ، وينبغي حمل هاتين الروايتين على المميز حيث لا يعتمد عليه في صلاة الناس وصيامهم ، والصحيح الجواز كما تقدم في مسألة الفاسق ، فهو أولى بقبول الخبر من الفاسق .
وأما إذا كان بحيث يعتمد عليه فحينئذ : لا ينبغي القول بقبول أذانه ولا الاعتماد عليه وينبغي أن يكون هذا قولاً واحداً في المذهب .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإقامة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir