الكفر

[ريم الحربي]

2 - الكفر

وأما قوله: الكفر على كذا وجه، فالكفر: هو الغطاء،يقال في اللغة: «كفرت الشيء» أي: غطيته، ومنه سميت «كفارة» في حنث اليمين، والكفارة للذنوب، لأن في ذلك تغطية للذنوب والحنث.
[تحصيل نظائر القرآن: 24]
1- التكذيب: وإنما صار الكفر «تكذيبا» لأنه لما رده بلسانه، فقد غطى برده ذلك النور الذي جاء به من عند الله.
2- الظلم: وإنما صار الكفر «ظلما» في مكان آخر، لأنه لما أنكر النعمة أنها من ولى النعمة: فقد ظلم نفسه.
3- الجحود: وإنما صار الكفر «جحودا» في مكان آخر، لأنه عرفه معرفة الذهن، لا معرفة العقل، فاستنار بمعرفة الذهن كالبرق، ثم ذهب فأظلم بما هاج من النفس من الحسد والبغي وطلب العلو، فجحده ومعه معرفة الذهن، ولم يكن معه معرفة العقل: فيثبت النور، ويستنير الصدر على الدوام، فجحد لما صار غطاء على القلب، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}.
فهذا: يقين النفس، لا يقين القلب، لأن يقين القلب من معرفة العقل، ويقين النفس من معرفة الذهن.
4- كفران النعمة: وإنما صار الكفر «كفران النعمة» في مكان آخر، لأنه غطى منة الله عليه، بترك الشكر، لأن الشكر انفتاح غطاء القلب لرؤية النعم من المنعم، والكفر: غطاؤه.
[تحصيل نظائر القرآن: 25]
5- التبري: وإنما صار الكفر «التبري» في مكان آخر، لأنه إذا صار القلب في غطاء: اقترفت الأبدان بالأهواء التي فيها، وتبرأ بعضهم من بعض: تعاديا وتباغضا، وإذا انكشف الغطاء: استنارت القلوب بنور الله وائتلفت القلوب بروحه، لأنهم آمنوا برب واحد، فاجتمعت القلوب تأليفا بما آمنوا، ألا ترى إلى قوله تبارك اسمه:
{لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}.
فبالإيمان الخالص المشرق نوره: تأتلف القلوب وتتحاب في ذاته، وبالهوى: تختلف ويتبرأ بعضها من بعض، وهو قوله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}.