تفسير الكفر على أربعة وجوه
الوجه الأول: الكفر يعني الكفر نفسه
يعني الكفر بتوحيد الله والإنكار له، وذلك قوله في البقرة: {إنّ الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم}. يقول: إنّ الذين كفروا بتوحيد الله، الذين يلقون الله بكفرهم. وقال في سورة محمّد: {الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله}، الهدى، يعني الإسلام، يعني كفروا بتوحيد الله. وفي الحجّ: {إنّ الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله} كفروا بتوحيد الله؟
الوجه الثاني: الكفر يعني الجحود
وذلك قوله في البقرة: {فلمّا جاءهم مّا عرفوا كفروا به} يعني جحدوا به وهم يعرفونه. وفي الأنعام {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} يعني يعرفون النّبيّ عليه السّلام لأنّ نعته عندهم في التوراة، قال: {الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} لأنهم كفروا به بعد المعرفة. وقال في البقرة: {وإنّ فريقًا مّنهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} الحق. وقال في آل عمران: {ومن كفر فإنّ الله غنيٌّ عن العالمين} يعني من كفر بالحجّ فجحد به من أهل الكتاب وأهل الأديان، فلم ير الحج واجبا {فإنّ الله غنيٌّ عن العالمين} يعني أهل الكتاب وغيرهم.
الوجه الثالث: الكفر يعني كفر النعمة
وذلك قوله في البقرة: {واشكروا لي ولا تكفرون} ولا تكفروا نعمتي. وقال في النّمل: {أأشكر أم أكفر} يعني أم أكفر النّعمة. وفي لقمان: {ومن كفر} يعني كفر النّعمة. وقال فرعون: {وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين} يعني الكافرين بنعمتي، إذ ربيتك صغيرا وأحسنت إليك. ونحوه كثير.
الوجه الرابع: الكفر يعني البراءة
وذلك قوله في الممتحنة: {كفرنا بكم} يعني تبرّأنا منكم. وقال الحسن: كفرنا بولايتكم في الدّين. وفي العنكبوت {يكفر بعضكم ببعضٍ} يعني تبرأ بعضكم من بعض. وقال إبليس: {إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل} يعني تبرّأت. ونحوه كثير.