مجلس طلاب المستوى الثالث من برنامج الإعداد العلمي

[عبد العزيز الداخل]

مجلس طلاب المستوى الثالث من برنامج الإعداد العلمي

أحييكم جميعاً، وأثني على اجتهادكم في طلب العلم، وصبركم على مداومة التحصيل العلمي، وحسن أدائكم في مجالس المذاكرة والاختبارات، وأسأل الله تعالى لكم المزيد من التوفيق والسداد، وأن يوزعكم شكر نعمه وحسن عبادته، وأن ينفع بكم ويبارك فيكم.

هذا المجلس مخصص لمناقشة شؤون الدراسة وللتواصل معكم فيما نرجو نفعه في تحسين طريقة الدراسة وتيسيرها.

وأنتم في بداية دراستكم في المستوى الثالث أحبّ أن أذكّركم بوصايا مهمة:
أولاها وأعلاها وأهمها: إخلاص النيّة لله تعالى، وتصحيح المقاصد، فهو الأصل المتين الذي يُبنى عليه طلب العلم، وكلّ عمل لا يخلص صاحبه لله تعالى فهو مضمحلّ، كما فسّر به قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} في أحد قولي العلماء.
قال مجاهد وسفيان الثوري: كل شيء هالك إلا ما أريد به وجهه.
وثانيها: الصدق في طلب العلم، وأن يتطلّع كل طالب إلى ما يُنتظر منه إذا أحسن طلب العلم وتأهل لتعليم الناس وإفتائهم وإرشادهم ودعوتهم إلى الله تعالى.
وثالثها: أن يحرص كل طالب منكم أن يكون قدوة لإخوانه في خصال الخير من حسن الخلق والرفق في التعامل والاجتهاد في طلب العلم؛ ومن دعاء المؤمنين الذي أرشد الله تعالى إليه: {واجعلنا للمتقين إماما} والإمامة في الدين لا تنال إلا بالصبر واليقين، وثوابها عظيم لما يحصل للمرء من ثواب عظيم متسلسل على عمل واحد قام به فاتّسى به غيره أو دلّ عليه غيره.
ورابعها: الحرص على أداء مهام كلّ أسبوع في وقته بإحسان، وأن ينظم كل طالب وقته على ما يتمكّن به من أداء متطلّبات الدراسة في أوقاتها، ومن كان يجد صعوبة في التحصيل العلمي أو أن الدراسة تستغرق منه وقتا أكثر من المعتاد فليتواصل معنا لمناقشة الأسباب واقتراح الحلول المناسبة؛ وأنا أقدّر ما تتطلبه الدراسة في البرنامج يوميا من ساعة ونصف إلى ثلاث ساعات إذا كان الطالب يعطيها حقّها من التركيز والمواصلة دون انقطاع.
ومن زاد إلى أربع ساعات لأمور إضافية أو لعادات اعتادها في الدراسة والمذاكرة فهو أمر طبيعي مقبول، لكن من زاد على ذلك وهو يجد مشقة في الدراسة وصعوبة في الاستمرار على هذه الطريقة فهو بحاجة إلى إعادة النظر في طريقة دراسته بما يحقق له اختصار الوقت وتحسين الاستفادة العلمية، ويمكن أن يخصص موضوع لمناقشة هذا الأمر إن شئتم، وأن يفيد بعضكم بعضا بالاقتراحات النافعة ليتعرف كل طالب على الطريقة المثلى له.
وقد اطّلعت على تجارب لطلاب علم كانوا يرهقون أنفسهم في الدراسة لأسباب يمكن معالجتها؛ ولما غيروا طريقتهم وعالجوا بعض العوائد والممارسات الخاطئة اختصروا كثيراً من الوقت والجهد وكانت استفادتهم أحسن، ودراستهم أكثر تنظيماً.



وقبل أن أختم وردني اقتراح من أحد زملائكم باستبدال الشروح المعتمدة لكتاب التوحيد بشرح واحد وهو تهذيب القول المفيد، وهذا الاقتراح أودّ مناقشته معكم لأنكم معنيون به، ولا مانع لدينا من حيث الأصل من اعتماد الشرح الذي يرى غالبيتكم مناسبته وسأضع لكم ثلاث خيارات وما تختاره الغالبية سيعتمد إن شاء الله تعالى:
1. فتح المجيد والقول السديد وشرح الشيخ صالح آل الشيخ.
2. تهذيب القول المفيد وشرح الشيخ صالح آل الشيخ.
3. تهذيب القول المفيد فقط.
وأنا أفضّل الخيار الأول لأنه أكثر نفعا ويستفيد الطالب بالموازنة بين الشروح فوائد لا يجدها في شرح مفرد، وينمّي بذلك ملكات علمية وذهنية لديها بتكرار الدراسة بطريقة الموازنة، وإن كان قد يجد فيها شيئا من المشقة في أوّل الأمر.
وشرح شيخنا الشيخ صالح آل الشيخ امتاز بتقعيدات حسنة لا تكاد توجد في غيره.
وأما فتح المجيد فهو مختصر من تيسير العزيز الحميد وهو شرح تامّ، وعبارته مهذبة حسنة، وفيه فوائد جليلة، وقد اختصر ما في التيسير من تطويل في بعض المسائل، وأتمّ شرح الأبواب التي لم يشرحها صاحب التيسير.
وأما القول السديد فهو كتاب صغير الحجم عظيم النفع لطيف الإشارات حسن العبارة، ولا تستغرق دراسته من الطالب وقتا كثيراً.
وأما تهذيب القول المفيد ففيه فوائد ونفائس لكن حجمه فيما أظن أكبر من فتح المجيد والقول السديد وشرح الشيخ صالح آل الشيخ مجتمعة، وهو أمر يحتاج إلى تحقق.
ولولا المشقة لقررت الكتب الأربعة لكن خشيت أن أشقّ عليكم.
وأرجو أن لا يستطيل الطلاب هذه الشروح، وما اقترحته عليكم هو جزء مما جرّبته ووجدت نفعه، فقد لخّصت ولله الحمد عشرة شروح لكتاب التوحيد عام بين عامي 1416هـ و 1417هـ، ووجدت لذلك نفعا كبيراً، وكان من الشروح ما يصل إلى ثلاث مجلدات، وأرى أن تلخيص الطالب لنفسه أنفع له وأجدى من اعتماده على ملخصات غيره، لأنه في هذه المرحلة بحاجة إلى التعرف على طريقة الدراسة واكتساب طريقة حسنة فيها، والخروج بأصل علمي من إعداده يمكنه الاعتماد عليه بإذن الله تعالى.