دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > الملخص الفقهي > كتاب الحدود والتعزيرات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 رجب 1433هـ/7-06-2012م, 03:49 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي شروط إقامة حد الزنى

ولا يجب الحد إلا إذا خلا الوطء من الشبهة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم))؛ فلا حد على من وطئ امرأة
يظنها زوجته، أو وطئها بعقد باطل اعتقد صحته، أو وطئ في نكاح مختلف فيه، أو كان يجهل تحريم الزنى وهو قريب عهد بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدة عن دار الإسلام، أو كانت المرأة مكرهة على الزنى.
قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبهات...." انتهى.
وهذا من يسر هذه الشريعة؛ لأن الشبهة تدل على عدم تعمده للجريمة، والله تعالى: يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}.
ومن شروط وجوب إقامة الحد على الزاني: ثبوت وقوع الزنى منه، ولا يثبت إلا بأحد أمرين.
الأمر الأول: أن يقر به أربع مرات، وذلك لحديث ماعز بن مالك رضي الله عنه؛ فإنه اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات: الأولى، ثم الثانية، ورده حتى أكمل أربع مرات، فلو كان ما دونها يكفي؛ لأقام الحد عليه به.
ويشترط لصحة الإقرار بالزنى أن يصرح بحقيقة الوطء، وأن لا يرجع عن إقراره حتى يقام عليه الحد، فلو لم يصرح بذكر حقيقة الزنى؛ لم يحد؛ لاحتمال أنه أراد غيره مما لا يوجب الحد من الاستمتاع المحرم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لماعز رضي الله عنه حينما أقر عنده: ((لعلك
قبلت، أو غمزت؟)) قال: لا. وكرر معه صلى الله عليه وسلم الاستيضاح، حتى زالت كل الاحتمالات.
ولو رجع عن إقراره قبل إقامة الحد عليه؛ لم يقم عليه، وذلك لما ثبت من تقريره صلى الله عليه وسلم ماعزًا وغيره مرة بعد مرة لعله يرجع، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما هرب: ((فهلا تركتموه، لعله يتوب فيتوب الله عليه)).
الأمر الثاني: أن يشهد به عليه أربعة شهود؛ لقوله تعالى: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء}، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}، ولقوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}.
ويشترط لصحة شهادتهم عليه شروط:
الأول: أن يشهدوا عليه في مجلس واحد.
الثاني: أن يشهدوا عليه بزنى واحد؛ أي: واقعة واحدة.
الثالث: أن يصفوا الزنى بما يدفع كل الاحتمالات عن إرادة غيره من الاستمتاع المحرم؛ لأن الزنى قد يعبر به ما لا يوجب الحد؛ فلا بد من تصريحهم به لتنتفي الشبهة.
الرابع: أن يكونوا رجالاً عدولاً؛ فلا تقبل فيه شهادة النساء ولا شهادة الفساق.
الخامس: أن لا يكون فيهم من به مانع من عمى أو غيره.
فإن اختل شرط من هذه الشروط؛ وجب إقامة حد القذف عليهم؛ لأنهم قذفة، والله تعالى: يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة}.
وثبوت الزنى بالبينة المذكورة أو الإقرار متفق عليه بين العلماء، وقد اختلفوا هل يثبت بأمر ثالث، وهو الحبل، كما لو حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد: فقال بعضهم: لا يثبت بذلك حد؛ لأنه يحتمل أنه من وطء إكراه أو شبهة. وقال بعضهم: بل تحد بذلك إن لم تدَّع شبهة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين، وهو الأشبه بالأصول الشرعية، ومذهب أهل المدينة؛ فإن الاحتمالات الباردة لا يلتفت إليها".
وقال ابن القيم: "وحكم عمر برجم الحامل بلا زوج ولا سيد، وهو مذهب مالك، وأصح الروايتين عن أحمد؛ اعتمادا على القرينة الظاهرة".
وكما يجب الحد بالزنى إذا توفرت شروط إقامته، كذلك يجب الحد باللواط، وهو فعل الفاحشة في الدبر، وهو جريمة خبيثة، وشذوذ قبيح مخالف للفطرة السليمة.
قال الله تعالى: في قوم لوط: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}، وتحريمه معلوم بالكتاب والسنة والإجماع.
وقد وصف الله اللوطية بأنهم يمارسون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد في العالمين؛ فهم شذاذ في العالم، ووصفهم بأنهم عادون ومسرفون ومجرمون، وأحل بهم عقوبة لم ينزلها بغيرهم؛ لقبح جريمتهم؛ حيث خسف بهم الأرض، وأمطر عليهم حجارة من سجيل.
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاعل والمفعول به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الصحيح الذي عليه الصحابة أنه يقتل الاثنان: الأعلى والأسفل، إن كانا محصنين أو غير محصنين".
قال: "ولم يختلف الصحابة في قتله، وبعضهم يرى أنه يرفع على أعلى جدار في القرية، ويلقى، ويتبع بالحجارة".
وقال الموفق: "ولأنه "أي: قتل اللوطي" إجماع الصحابة؛ فإنهم أجمعوا على قتله، وإنما اختلفوا في صفته".
وقال ابن رجب: "الصحيح قتله، سواء كان محصنا أو غير محصن؛ لقوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}، وعن أحمد: "حده الرجم؛ بكرًا كان أو ثيبا"، وهو قول مالك وغيره، وأحد قولي الشافعي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط؛ فاقتلوا الفاعل والمفعول به))، رواه أبو داود، وفي رواية: ((فارجموا الأعلى والأسفل)).
ومن اللوطية إتيان الرجل زوجته في دبرها؛ قال تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}؛ قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: "يعني: الفرج". قال على بن أبي طلحة عن ابن عباس: " {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ}؛ يقول: في الفرج، ولا تعدوه إلى غيره، فمن فعل شيئا من ذلك؛ فقد اعتدى".
ومثل هذا يجب أن يعاقب عقوبة رادعة، فإن استمر على فعل هذه الجريمة؛ وجب على زوجته طلب مفارقته والابتعاد عنه؛ لأنه نذل سافل، لا يصلح لها البقاء معه على هذه الحال.

[الملخص الفقهي: 2/530-535]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
شروط, إقامة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir