دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ > الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 11:33 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي سورة النور (مدنية)

سورة النور (مدنية)



قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} الآية.
قال ابن المسيّب: يزعمون أنها نسخت بقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32]، فدخلت الزانية في أيامى المسلمين، وعلى هذا القول جماعةٌ من العلماء.
فمن زنى بامرأة مؤمنةٍ أو كتابيةٍ، فله أن يتزوّجها، أو لغيره من المسلمين أن يتزوّجها بعد أن يستبرئها - وهو قول جابر بن زيد وعبد الله بن عمر وعطاء وطاووس ومالك وأبي حنيفة وأصحابه والشافعي -.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 359]
وعن ابن عباس، أنه قال: النّكاح في هذه الآية الوطء والآية محكمة، ومعناها: أن الزاني لا يزني إلا بزانيةٍ مثله من أهل القبلة لا تستحلّ الزنا أو بمشركةٍ، وكذلك الزّانية من المسلمات لا تزني إلاّ مع زانٍ من المسلمين لا يستحلّ الزنا أو مع مشركٍ، ويدلّ على ذلك إجماعهم على أن الزانية من المسلمين لا يحلّ لها أن تتزوّج رجلاً من المشركين وأن الزاني من المسلمين لا يحلّ له أن يتزوّج مشركةً غير كتابية.
وعن الحسن أنه قال: الآية محكمةٌ غير منسوخة، ومعناها: أن المجلود على الزنا لا ينكح إلاّ زانيةً مجلودة على الزنا أو مشركةً، وكذلك الزّانية، وهذا هو الحكم عنده، وروى في ذلك حديثًا عن النبي عليه السلام، وقد أجمع أهل العلم على خلافه، والحديث إن صحّ فهو منسوخ كالآية بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32].
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في نساءٍ بأعيانهن، كان الرّجل يتزوّج إحداهن على أن تنفق عليه مما تكسبه من الزنا فحرّم الله تعالى ذكره ذلك. وعن القاسم بن عبد الله أنه كانت بـ "جياد" امرأة يقال لها أم مهروب، وكانت تسافح فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها، فأنزل الله جلّ ذكره: {والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشرك}، فتكون الآية على هذا القول محكمةً مخصوصةً في شيء بعينه. ثم نسخت بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم}.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 360]
قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة}:
عمّ الله جلّ ذكره بهذا الحدّ كلّ زانٍ وزانيةٍ.
وقد يتوهّم متوهمٌ أنه منسوخٌ بقوله في الإماء: {فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25]، وليس الأمر على هذا، إنّما هو على أحد وجهين:
- إما أن تكون آية الإماء نزلت قبل سورة النّور فيكون ذلك شيئًا قد استقرّ وعلم في الأنفس، ففهم من آية النور أنها في الأحرار خاصة.
- أو تكون آية الإماء نزلت بعد آية النور فخصّصتها وبيّنتها أنها في الأحرار دون الإماء، وحقّ النسخ زوال الحكم بأسره، وهذا لا يجوز في هذا، فلا نسخ يتوّهم في هذا، بل هما محكمتان في صنفين مختلفين.
قوله تعالى: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً} الآية.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 361]
وجب من ظاهر هذا النص وعمومه جلد الرّجل ثمانين جلدةً إذا رمى زوجته بالزنا أو غير زوجته ثم نسخ الله الحد في الزوجة باللّعان المذكور بعد هذا الموصوف حكمه.
وقد قيل: إن الآية مخصوصةٌ في قذف غير الزوجات، وبيّن ذلك اللعان وخصّصه، فلا نسخ فيه.
واحتجّ من رأى النسخ في الآية فقال: إن النسخ في الآية ظاهرٌ بما رواه ابن سيرين عن أنس بن مالك أنّ هلال بن أميّة قذف امرأته ورماها بشريك بن سحمي، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ائت بأربعة شهداء، وإلاّ تحدّ في ظهرك)). فقال هلال: إن الله يعلم أني صادق وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكرّر عليه إيجاب الحدّ، وهلال يكرر قوله: إن الله يعلم أني صادق ثم قال هلال: والله لينزلنّ الله - عزّ وجلّ - عليك ما يبرّئ ظهري من الجلد فنزلت آية اللعان - الحديث -.
فهذا يدلّ على أن الحدّ كان واجبًا على القاذف لزوجته ولغيرها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب عليه الحدّ، ثم نسخ الله ذلك باللعان، وبقي الحدّ على القاذف لغير زوجته، وهذا يبيّن أن الآية الأولى كانت عامةً في القاذف لزوجته أو لغيرها ثم نسخ الحدّ عن القاذف لزوجته باللّعان المذكور بعد ذلك، فهو من نسخ القرآن بالقرآن.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 362]
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: إنه منسوخٌ بقوله: {والّذين يرمون أزواجهم} [النور:6] الآية.
قال أبو محمد: والرّواية عن ابن عباس في هذا ضعيفةٌ. والذي يقول به أهل النظر: إن هذا لا يجوز أن ينسخ لأن نسخه رفع حكمه كلّه، والحكم بالجلد على القاذف المحصنة بالزنا وعلى القاذف زوجته إذا نكل عن اللّعان باقٍ لكنه مخصّص ومبيّن بالآية الثانية. بيّن الله بآية اللعان أن المراد بالآية الأولى قذف غير الأزواج بالزنا وما على من فعله، وبيّن في الثانية ما على الأزواج إذا قذفوا زوجاتهم بالزنا من اليمين والحكم، وما على الزوجات في ذلك، وبيّنت السّنّة أنّ من نكل منهما عن اليمين رجع إلى الحدّ إما الجلد ثمانين على الزوج إذا نكل، وإما الرجم على الزوجة إذا كانت محصنةً، أو الجلد مائةً إذا كانت غير محصنة، فالآيتان لا نسخ فيهما غير أن الثانية بينت الأولى وخصّصتها فأخرجتها من العموم إلى الخصوص.
وفهم من دليل الخطاب مع ما بيّنته السّنّة أن الحدّ في قذف الرّجل الحرّ بالزنا كالحدّ في قذف المرأة الحرّة، إذ النّص إنما وقع في قذف
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 363]
النساء الحرائر. والإحصان في قوله: {والّذين يرمون المحصنات}: الحرية، أو العفاف، أو الإسلام، أو أحدهما مع التزويج، ولا يحسن أن يكون الإحصان في هذا: التزويج فقط، لأنه يلزم أن لا يحدّ من رمى غير متزوجةٍ بالزنا.
قوله تعالى: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} الآية:
قال أبو عبيد وغيره: هذا ناسخٌ لقوله: {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا} [النور: 4]: أوجبت ترك قبول شهادة القاذف على الأبد، ثم نسخه بقوله: {إلاّ الّذين تابوا} [النور: 4].
قال أبو محمد: وهذا عند جميع العلماء ليس بنسخ، إنما هو استثناء بحرف الاستثناء، ولو وجب هذا لكان كلّ استثناء ناسخًا للمستثنى منه. وهذا لا يقوله أحد.
وقد اختلف في رجوع هذا الاستثناء:
فقيل: يرجع إلى الفاسقين ولا تقبل شهادة القاذف أبدًا وإن تاب، ويكون الوقف على هذا القول على "أبدًا". وقيل: يرجع الاستثناء إلى قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا} [النور: 4]، فتقبل شهادة القاذف على هذا القول إذا تاب، وعليه أكثر الفقهاء.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 364]
وقد بسطنا شرح هذه الآية بأشبع من هذا في غير هذا الكتاب، ويكون الوقف على "رحيم" ولا يوقف على "أبدًا" - في هذا القول -.
قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم} الآية:
روي عن ابن عباس أنها منسوخةٌ نسخها قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] الآية يعني الخانات التي ينزلها المسافرون.
وقيل: هي الحوانيت.
وقال أكثر المفسرين: الآيتان محكمتان مرادٌ بأحدهما: البيوت التي لها سكانٌ لا تدخل إلا بإذن، ومرادٌ بالأخرى: ما ليس فيه ساكن من بيوت الخانات والحوانيت، وشبه ذلك.
وتستأنسوا: (تستعلموا).
قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها}. الآية:
أمر الله جميع المؤمنات بذلك.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 365]
قال ابن عباس: نسخ ذلك بقوله تعالى: {والقواعد من النّساء} الآية فأباح الله لهنّ وضع الجلابيب التي تستر الزينة، لكنه قال: {وأن يستعففن خيرٌ لهن} [النور: 60]، أي: أن يلبسن جلابيبهن ويستترن خيرٌ لهن.
قال أبو محمد: وقد يكون قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ} مخصوصًا في غير القواعد، وتكون آية القواعد خصّصتها وبيّنت أنها في غير القواعد من النساء، ودليل ذلك أنّ حكم الأولى لم يزل بكلّيّته، إنما زال بعضه، وأكثر النسخ وبابه وأصله إنما هو بزوال الحكم الأول وحلول الثاني محلّه.
وباب التخصيص معناه: زوال بعض حكم الأول وبقاء ما بقي على حكمه. فهذا بالتخصيص أشبه منه بالنسخ.
قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} الآية:
روي عن ابن المسيّب أنه قال: هي منسوخةٌ، ولم يذكر ما نسخها.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 366]
وسئل ابن عباس عن هذه الآية فقال: لا يعمل بها اليوم. وذلك أن القوم كانوا لا سترة لهم ولا حجال، فربما دخل عليهم الخدم والولد وهم في حال جماعٍ، فأمر الله جلّ ذكره بالاستئذان في الأوقات المذكورة، ثم جاء الله بالستر وبسط الرزق، فاتخذ الناس الأبواب والستور، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به، وكذلك قال مالك إذ سئل عن الآية.
قال أبو محمد: فعلى هذا القول يكون هذا مما نزل وفرض لعلّةٍ فلما زالت تلك العلّة زال الحكم، وبقي اللفظ متلوًّا كآخر سورة الممتحنة.
وعن أبي قلابة أنه قال: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم} [النور: 58] الآية وقوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: 282]: إنما أمروا بهذا على طريق الحضّ والنّدب، وليس بواجبٍ فرضٍ.
وأكثر العلماء على أن الآية محكمةٌ، وحكمها باق، والاستئذان في هذه الثلاثة الأوقات واجبٌ.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 367]
قال الشعبي: ليست هذه الآية منسوخةً، فقيل له: إن الناس لا يعملون بها، فقال: الله المستعان.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: ثلاث آياتٍ من كتاب الله، لا أرى أحدًا من الناس يعمل بهنّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} الآية، {وإذا حضر القسمة أولو القربى} الآية، {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} الآية.
- وقال مثل ذلك سعيد بن جبير، ويحيى بن يعمر -.
وقد اختلف في قوله: {الّذين ملكت أيمانكم}. فقيل: ذلك في الإماء، فأما العبيد فلا يدخلون في هذه الأوقات ولا في غيرها إلا بالاستئذان.
وقال أكثر الناس بظاهر الآية بأن العبيد والإماء يستأذنون في هذه الثلاث الأوقات خاصةً دون غيرها.
والقول الأوّل مرويٌ عن أبي عبد الرحمن السّلمي، وكلا القولين يدل على أن الآية محكمةٌ غير منسوخة.
قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ}. الآية.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 368]
قال ابن زيد: من قوله: {ولا على أنفسكم} إلى آخر الآية، منسوخٌ لأنهم كانوا في أوّل أمرهم ليس على أبوابهم أغلاقٌ، فربّما أتى الرّجل وهو جائعٌ فدخل البيت ولا أحد فيه، فسوّغ الله أن يأكل مما فيه، إلى أن صارت الأغلاق على البيوت، فلا يحلّ لأحدٍ أن يفتحها ويأكل مما فيها، كأنه يريد أن ذلك منسوخٌ بقوله: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [البقرة: 188]. والإجماع على تحريم مال المسلم إلاّ بإذنه.
وقال ابن عباس: الآية ناسخةٌ لما أحدث المؤمنون عند نزول قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، فانتهوا عن أن يأكل أحدٌ طعام أحدٍ فأنزل الله: {ليس على الأعمى حرجٌ} [النور: 61] إلى {أشتاتًا} [النور: 61]، وقوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61]: هو الرجل يتوكّل على الرّجل على حائطه أو جنانه أو غنمه، فللوكيل أن يأكل من ثمر ذلك ولبنه.
وقد قال أبو عبيد: لا يأكل إلا بمشورة ربّ المال، لأن الناس كانوا قد توقفوا عن الأكل بعد الإذن، فأباح الله لهم ذلك بعد الإذن.
وقال غيره: له الأكل بغير إذن؛ إذ ليس في الآية ذكر الإذن.
وقيل: الآية ناسخةٌ لما كانوا عليه من التّحرّج من الأكل مع الأعمى والأعرج والمريض.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 369]
وقائل هذا القول يجعل "على" بمعنى "في" أي: ليس في الأعمى حرجٌ أي: في الأكل معه.
وقال أكثر أهل التأويل: الآية محكمةٌ، وذلك أنهم كانوا إذا خرجوا مع النبي عليه السلام إلى الجهاد وضعوا مفاتحهم عند أهل العلّة والزّمانة المتخلفين عن الجهاد لعذرهم، وعند أقربائهم، وكانوا يأذنون لهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك، فكان المتخلّفون يتقون أن يأكلوا مما في بيوت الغيّب، ويقولون: نخشى ألاّ تكون أنفسهم بذلك طيّبةً، فأنزل الله تعالى ذكره هذه الآية تحلّ لهم ذلك. وهذا التفسير مرويٌ عن عائشة رضي الله عنها وقاله ابن المسيّب أيضًا.
وقال ابن زيد: قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ} [النور: 61]، إلى قوله: {ولا على المريض حرجٌ} [النور: 61]، محكمٌ نزل في الغزو، أي ليس عليهم ضيق في تأخّرهم عن الغزو، للعذر الذي لهم. فـ {على الأعمى}: خبر ليس - على هذا القول -، وإذا جعلت ذلك في إباحة الطعام لهم - على قول من تقدم ذكره - كان خبر ليس: {أن تأكلوا}.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 370]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النور, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir