فائدة في التعامل مع الناس
نجدها في تفسير قوله تعالى ({وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}؛ أي: لا تَمْنُنْ على الناسِ بما أَسْدَيْتَ إليهم مِن النِّعَمِ الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ، فتَسْتَكْثِرَ بتلكَ المِنَّةِ، وتَرَى لكَ الفَضْلَ عليهم بإحسانِكَ الْمِنَّةَ، بل أَحْسِنْ إلى الناسِ مهما أمْكَنَكَ، وانْسَ عندَهم إحسانَكَ، ولا تَطْلُبْ أجْرَه إلاَّ مِن اللَّهِ تعالى، واجعَلْ مَن أَحْسَنْتَ إليه وغيرَه على حَدٍّ سَواءٍ.
تفسير ابن سعدى ايه 6سورة المدثر
ايضا قوله تعالى ({وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}؛ أي: احْتَسِبْ بصَبْرِكَ، واقْصِدْ به وَجْهَ اللَّهِ تعالى. فامتَثَلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ لأَمْرِ رَبِّه، وبادَرَ إليه، فأَنْذَرَ الناسَ وأَوْضَحَ لهم بالآياتِ البَيِّنَاتِ جميعَ الْمَطَالِبِ الإلهيَّةِ وعَظَّمَ اللَّهَ تعالى، ودعا الخلْقَ إلى تَعظيمِه، وطَهَّرَ أعمالَه الظاهرةَ والباطنةَ مِن كلِّ سُوءٍ، وهَجَرَ كلَّ ما يُبْعِدُ عن اللَّهِ مِن الأصنامِ وأَهْلِها، والشرِّ وأهلِه.
وله الْمِنَّةُ على الناسِ - بعدَ مِنَّةِ اللَّهِ - مِن غيرِ أنْ يَطلُبَ منهم على ذلك جزاءً ولا شُكوراً، وصَبَرَ لِلَّهِ أكْمَلَ صَبْرٍ، فصَبَرَ على طاعةِ اللَّهِ وعن معاصي اللَّهِ وعلى أقدارِ اللَّهِ الْمُؤْلِمَةِ، حتى فاقَ أُولِي العزْمِ مِن المُرْسَلِينَ، صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه وعليهم أَجْمَعِينَ). [تيسير الكريم الرحمن: 895-896]