دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الأولى 1431هـ/4-05-2010م, 11:25 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الزكاة: الباب الأول: وجوبها وإثم تاركها

حرف الزاي
الكتاب الأول: في الزكاة
الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها
2655 - (خ م د ت س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذا إلى اليمن، قال: إنك تقدم على قومٍ أهل كتابٍ، فليكن أوّل ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم: أنّ الله قد فرض عليهم خمس صلواتٍ في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم: أن الله فرض عليهم زكاة، تؤخذ من أغنيائهم وتردّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا، فخذ منهم وتوقّ كرائم أموالهم».
زاد في روايةٍ: «واتق دعوة المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب».أخرجه الجماعة إلا الموطأ.
وفي رواية للبخاري: «افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم».
وفي رواية لمسلم عن ابن عباس عن معاذ بن جبل، قال: «بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله... وذكر الحديث بنحوه».فيكون حينئذ من مسند معاذ.

[شرح الغريب]
توق كرائم أموالهم: توقى واتقى بمعنى، وأصل اتقى، وتقى على [زنة] افتعل، فقلبت الواو ياء، لانكسار ما قبلها، وأبدلت منها التاء، وأدغمت، فلما كثر استعمالها على لفظ الافتعال، توهموا أن التاء من نفس الحرف، فجعلوه: اتقى يتقي، بفتح التاء فيهما، ثم لم يجدوا له مثالا في كلامهم يلحقونه فقالوا: تقى يتقي، مثل قضى يقضي، والمراد به في الحديث: اجتنب كرائم الأموال، وهي خيارها ونفائسها، وما يكرم على أصحابها ويعز عليهم، جمع كريمة، فلا تأخذه في الصدقة، وخذ الوسط، لا العالي ولا النازل الرديء.

2656 - (خ م ط د ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «لمّا توفّي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال: عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقّه، وحسابه على الله؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حقّ المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدّونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أنّ الله شرح صدر أبي بكرٍ للقتال فعرفت أنّه الحق».
وفي رواية: «عقالا كانوا يؤدّونه».أخرجه الجماعة، إلا أن الموطأ لم يخرّج منه إلا طرفا من قول أبي بكر، قال مالك: «بلغه أن أبا بكر الصّدّيق - رضي الله عنه - قال: لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه».لم يزد على هذا.

[شرح الغريب]
عصم: العصمة المنع، يقال: عصم مني نفسه، أي منعها وحفظها، واعتصم بكذا، أي التجأ إليه، واحتمى به.
عناقا وعقالا: العناق: الأنثى من ولد المعز، قال الخطابي: عناقا وعقالا، وفيه دليل على وجوب الصدقة في السخال والفصلان والعجاجيل، وأن واحدة منها تجزئ عن الواجب في الأربعين منها، إذا كانت كلها صغارا، ولا يكلف صاحبها مسنة، وفيه دليل على أن حول النتاج حول الأمهات، ولو كان يستأنف لها الحول لم يوجد السبيل إلى أخذ العناق، وقال أبو حنيفة: لاشيء في السخال، وقال الشافعي: يؤخذ من أربعين سخلة: واحدة منها. قال: وأما العقال، فاختلف فيه. فقيل: العقال: صدقة عام، وقيل: هو الحبل الذي يعقل به البعير، وهو مأخوذ رب المال مع الصدقة، لأن على صاحبها التسليم، وإنما يقع القبض بالرباط، وقيل: إذا أخذ المصدق أعيان الإبل قيل: أخذ عقالا، وإذا أخذ أثمانها، قيل: أخذ نقدا. قال: وتأول بعضهم قوله: «عقالا» على معنى: وجوب الزكاة فيه إذا كان من عروض التجارة فبلغ مع غيره منها قيمة نصاب. والله أعلم.

2657 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من صاحب ذهبٍ ولا فضةٍ لا يؤدي منها حقّها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نارٍ، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما ردّت أعيدت له، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله: إمّا إلى الجنّة، وإمّا إلى النار»، قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبلٍ لا يؤدّي منها حقّها - ومن حقّها حلبها يوم وردها - إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاعٍ قرقرٍ، أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحدا، تطؤه بأخفافها، وتعضّه بأفواهها، كلما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله: إما إلى الجنة، وإمّا إلى النار».
قيل: يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: ولا صاحب بقرٍ [ولا غنمٍ] لا يؤدّي حقّها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاعٍ قرقرٍ، لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء، ولا عضباء، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
قيل: يا رسول الله، فالخيل؟ قال: الخيل ثلاثة: هي لرجلٍ وزرٌ، ولرجلٍ سترٌ، ولرجل أجرٌ - وفي رواية: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجلٍ وزر - فأما الذي له أجر: فرجلٌ ربطها في سبيل الله - زاد في رواية: لأهل الإسلام - فأطال لها في مرجٍ أو روضةٍ، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج والرّوضة كانت له حسناتٍ، ولو أنه انقطع طيلها، فاستنّت شرفا أو شرفين: كانت له آثارها وأرواثها حسناتٍ له، ولو أنها مرّت بنهرٍ، فشربت منه ولم يرد أن يسقيها، كان ذلك حسناتٍ له، فهي لذلك الرجل أجر. ورجلٌ ربطها تغنّيا وتعفّفا، ثم لم ينس حقّ الله في رقابها ولا ظهورها، فهي لذلك الرجل سترٌ. ورجلٌ ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام - وفي رواية: على أهل الإسلام - فهي على ذلك وزر. وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الحمر؟ فقال: ما أنزل عليّ فيها شيءٌ إلا هذه الآية الجامعة الفاذّة: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرّا يره} [الزلزلة: 7،8].
وفي رواية: «فما أكلت من ذلك المرج أو الرّوضة من شيءٍ إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها، واستنّت شرفا أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها حسناتٍ، ولا مرّ بها صاحبها على نهرٍ فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات... وذكر نحوه».هذه رواية مسلم. وأخرج البخاري والموطأ منها ذكر الخيل والحمر، ولم يذكر الفصل الأول.
وأخرج البخاري أيضا: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت - إذا لم يعط فيها حقّها - تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت - إذا لم يعط فيها حقها - تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها. قال: ومن حقّها أن تحلب على الماء، قال: ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاةٍ يحملها على رقبته لها يعارٌ، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلّغت، ولا يأتي [أحدكم] ببعير يحمله على رقبته له رغاء، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلّغت».
وفي أخرى للبخاري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من آتاه الله مالا، فلم يؤدّ زكاته: مثّل له [ماله] شجاعا أقرع، له زبيبتان، يطوّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني: شدقيه - ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا: {ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شرٌّ لهم، سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة، ولله ميراث السّموات والأرض، والله بما تعملون خبيرٌ} [آل عمران: 180]».
وفي أخرى لمسلم - في ذكر الفصلين جميعا - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من صاحب كنزٍ لا يؤدّي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم... ثم ذكر نحوه. وقال في ذكر الغنم: «ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء - قال سهيل بن أبي صالح: فلا أدري أذكر البقر، أم لا؟ قالوا: فالخيل يا رسول الله؟ قال: الخيل في نواصيها الخير،أو قال: معقودٌ في نواصيها - قال سهيل: أنا أشك - الخير إلى يوم القيامة، الخيل ثلاثة فهي لرجل أجرٌ، ولرجل سترٌ، ولرجل وزرٌ - وذكر هذا الفصل إلى آخره بنحو ما تقدّم، وفيه: - وأما الذي هي له سترٌ: فالرجل يتّخذها تكرّما وتجمّلا، ولا ينسى حقّ ظهورها وبطونها، في عسرها ويسرها، وأما الذي هي عليه وزرٌ: فالذي يتخذها أشرا وبطرا، وبذخا ورئاء الناس فذلك الذي عليه وزرٌ... ثم ذكره».
وله في أخرى: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا لم يؤدّ المرء حق الله أو الصدقة في الثّلّة: بطح لها... وذكر الحديث بنحو ما قبله».
وأخرجه أبو داود قال: «ما من صاحب كنزٍ لا يؤدّي حقّه إلا جعله الله يوم القيامة يحمى عليها في نار جهنم»، وذكر نحو حديث مسلم في الذهب والفضة، ثم ذكر بعده الغنم بنحو حديثه، ثم ذكر بعده الإبل بنحو حديثه، إلى قوله: إلى النار، وانتهت روايته.
وقال في رواية أخرى نحوه، وزاد في قصة الإبل: قال لأبي هريرة: فما حق الإبل؟ قال: تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظّهر، وتطرق الفحل، وتسقي اللّبن».
وزاد في رواية أخرى: «وإعارة دلوها».
وأخرج النسائي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أيّما رجلٍ كانت له إبلٌ لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها - قالوا: يا رسول الله ما نجدتها ورسلها؟ قال: في عسرها ويسرها - فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأسمنه وأبشره، يبطح لها بقاعٍ قرقرٍ، فتطؤه بأخفافها، فإذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وأيّما رجل كانت له بقرٌ لا يعطي حقّها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأسمنه وأبشره يبطح لها بقاع قرقرٍ، فتنطحه بقرونها، وتطؤه كلّ ذات ظلفٍ بظلفها، [حتى] إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وأيّما رجل كانت له غنم لا يعطي حقّها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأسمنه وأبشره، ثم يبطح لها بقاع قرقرٍ، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كلّ ذات قرن بقرنها، ليس فيها عقصاء، ولا عضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله».
وله في رواية أخرى، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تأتي الإبل على ربّها على خير ما كانت، إذا هي لم يعط منها حقّها، تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على ربّها على خير ما كانت، إذا هي لم يعط فيها حقها، تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها، قال: ومن حقّها أن تحلب على الماء، لا يأتينّ أحدكم يوم القيامة ببعير يحمله على رقبته له رغاءٌ، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد بلّغت، ألا لا يأتينّ أحدكم يوم القيامة بشاةٍ يحملها على رقبته لها يعارٌ، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد بلّغت، ويكون كنز أحدهم يوم القيامة شجاعا أقرع يفرّ منه صاحبه، ويطلبه: أنا كنزك، فلا يزال به حتى يلقمه إصبعه».
وأخرج النسائي ذكر الخيل مفردا نحو البخاري، ومالك، وأخرج ذكر الكنز والشجاع الأقرع، مثل البخاري مفردا، وأخرج الموطأ أيضا ذكر الكنز والشجاع الأقرع، مثل البخاري، إلا أنه لم يذكر الآية ولم يرفعه.
وأخرج البخاري أيضا طرفا يسيرا منه، قال: إنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع».لم يزد على هذا.

[شرح الغريب]
جبينه وجنبه وظهره: إنما خص هذه الأعضاء بالذكر من بين سائر الأعضاء؛ لأن السائل متى تعرض للطلب من البخيل، أول ما يبدو منه من آثار الكراهية والمنع، أنه يقطّب في وجهه، ويكلح ويجمع أساريره فيتجعد جبينه، ثم إن كرر الطلب ناء بجانبه عنه، ومال عن جهته، وتركه جانبا، فإن استمر الطلب ولاه ظهره، واستقبل جهة أخرى، وهي النهاية في الرد، والغاية في المنع الدال على كراهيته للعطاء والبذل، وهذا دأب مانعي البر والإحسان، وعادة البخلاء بالرفد والعطاء، فلذلك خص هذه الأعضاء بالكي.
يوم وردها: أي يوم ترد الماء، فيسقي من لبنها من حضره من المحتاجين إليه، وهذا على سبيل الندب والفضل، لا الوجوب.
بقاع قرقر: القاع: [المكان] المستوي من الأرض، الواسع، والقرقر: الأملس.
عقصاء: العقصاء: الشاة الملتوية القرنين، وإنما ذكرها لأن العقصاء لا تؤلم بنطحها، كما يؤلم غير العقصاء.
جلحاء: الجلحاء: الشاة التي لا قرن لها.
عضباء: العضباء: الشاة المكسورة القرن.
بأظلافها: الظلف للشاة كالحافر للفرس.
وزر: الوزر: الثقل والإثم.
طيلها: الطيل والطول: الحبل.
فاستنت: الاستنان: الجري.
شرفا: الشرف: الشوط والمدى.
تغنيّا: استغناء بها عن الطلب لما في أيدي الناس.
في ظهورها: أما حق ظهورها: فهو أن يحمل عليها منقطعا، ويشهد له قوله في موضع آخر: «وأن يفقر ظهرها» وأما حق «رقابها» فقيل: أراد به الإحسان إليها. وقيل: أراد به الحمل عليها، فعبر بالرقبة عن الذات.
نواء: النواء: المعاداة، يقال: ناوأت الرجل مناوأة، أي: عاديته.
الفاذة: النادرة الواحدة، والفذ: الواحد.
يعار: اليعار: صوت الشاة، وقد يعرت الشاة تيعر يعارا بالضم.
رغاء: الرغاء للإبل كاليعار للشاة.
شجاعا أقرع: الشجاع: الحية، والأقرع: صفته بطول العمر، ذلك أنه لطول عمره قد امّرق شعر رأسه،فهو أخبث له وأشد شرّا.
زبيبتان: الزبيبتان هما الزبدتان في الشدقين. يقال: تكلم فلان حتى زبب شدقاه، أي: خرج الزبد عليهما، ومنها الحية ذو الزبيبتين. وقيل: هما النكتتان السوداوان فوق عينيه.
بلهزمتيه: اللهزمتان: عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنين، ويقال: هما مضيغتان عليتان تحتهما.
أشرا: الأشر: البطر.
بذخا: البذخ بفتح الذال: التطاول والفخر.
الثلة: [بفتح الثاء] الجماعة الكثيرة من الضأن، قال الجوهري: ولا يقال للمعزى الكثيرة: ثلة، ولكن حيلة - بفتح الحاء - فإذا اجتمعت الضأن والمعزى وكثرتا، قيل لهما: ثلة، والجمع ثلل، مثل بدرة وبدر.
تمنح الغزيرة: المنحة: العطية، والغزيرة: الكثيرة اللبن والدر. والمنيحة: الناقة أو الشاة تعار لينتفع بلبنها وتعاد.
وتفقر الظهر: إفقار الظهر: إعارته ليركب، والفقار: خرزات الظهر.
وتطرق الفحل: إطراق الفحل: إعارته للضراب، طرق الفحل الناقة: إذا ضربها.
نجدتها: النجدة: الشدة.
ورسلها: والرسل - بالكسر - الهينة والتأني. قال الجوهري: يقال: افعل كذا وكذا على رسلك - بالكسر - أي اتئد فيه، كما يقال: على هينتك. قال: ومنه الحديث «إلا من أعطى في نجدتها ورسلها» يريد: الشدة والرخاء. يقول: يعطي وهي سمان حسان يشتد على مالكها إخراجها، فتلك نجدتها، ويعطي في «رسلها» وهي مهازيل مقاربة. وقال الأزهري نحوه، وهذا لفظه: المعنى: إلا من أعطى في إبله ما يشق عليها عطاؤه، فيكون نجدة عليه، أي: شدة، أو يعطي ما يهون عليه عطاؤه منها، فيعطي في رسلها وهي مهازيل مقاربة. وقال: إلى ما يعطي مستهينا به على رسله. قال الأزهري: وقال بعضهم: في رسلها: أي بطيب نفس منه. قال: والرسل في غير هذا: اللبن.
قلت: ويجوز أن يكون المعني بالشدة والرخاء غير هذا التقدير، فيريد بالشدة: القحط والجدب، وأنه إذا أخرج حقها في سنة الجدب والضيق كان ذلك شاقّا، لأنه إجحاف به وتضييق على نفسه، ويريد بالرخاء: السعة والخصب، وحينئذ يسهل عليه إخراج حقها، لكثرة ما يبقى له، ويكون المراد بالرسل: اللبن، وإنما سماه يسيرا؛ لأن اللبن يكثر بسبب الخصب، ولذلك قيل: «يا رسول الله، وما نجدتها ورسلها؟» قال: عسرها ويسرها، فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق، وهو المراد [بالعسر، وفي حال الخصب والسعة، وهو المراد] باليسر،، والله أعلم.
كأغذ ما كانت: أغذ: أسرع، والإغذاذ: الإسراع في السير.
وأبشره: البشارة: الحسن والجمال، ورجل بشير، أي: جميل، وامرأة بشيرة [أي: جميلة]، وفلان أبشر من فلان، وقد ذكرنا أن قوله: «كأغذ ما كانت» من الإغذاذ، ورأيت الخطابي قد ذكر الحديث قال: فتأتي كأكثر ما كانت وأعده وأبشره، ولم يذكر لها غريبا ولا شرحا، فلو كانت من الإغذاذ لشرحها كعادته، وترك شرحها يوهم أنها بالعين بالمهملة من العدد، أي: أكثر عددا، فلذلك لم يشرحها، والله أعلم.

2658 - (م س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من صاحب إبلٍ لا يفعل فيها حقّها، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاعٍ قرقرٍ، تستنّ عليه بقوائمها وأخفافها، ولا صاحب بقرٍ لا يفعل فيها حقّها، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر، تنطحه بقرونها، وتطؤه بقوائمها، ولا صاحب غنمٍ لا يفعل فيها حقها، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، ليس فيها جمّاء، ولا منكسرٌ قرنها. ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقّه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاتحا فاه، فإذا أتاه فرّ منه، فيناديه: خذ كنزك الذي خبّأته، فأنا عنه غنيٌّ، فإذا رأى أن لابدّ له منه سلك يده في فيه فيقضمها قضم الفحل».
قال أبو الزبير: سمعت عبيد بن عمير يقول هذا القول، ثم سألنا جابر بن عبد الله [عن ذلك]، فقال مثل قول عبيد بن عمير، [وقال أبو الزبير: سمعت عبيد بن عمير] يقول: «قال رجل: يا رسول الله، ما حقّ الإبل؟ قال: حلبها على الماء، وإعارة دلوها، وإعارة فحلها، ومنيحتها، وحملٌ عليها في سبيل الله».
وفي أخرى قال: «ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدّي حقّها، إلا أقعد لها يوم القيامة بقاعٍ قرقرٍ، تطؤه ذات الظّلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ جمّاء ولا مكسورة القرن، قلنا: يا رسول الله: وما حقّها؟ قال: إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحتها، وحلبها على الماء، وحملٌ عليها في سبيل الله، ولا من صاحب مال لا يؤدّي زكاته، إلا تحوّل يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب، وهو يفرّ منه، ويقال: هذا مالك الذي كنت تبخل به، فإذا رأى أنه لابدّ منه أدخل يده في فيه، فجعل يقضمها كما يقضم الفحل».أخرجه مسلم، ووافقه النسائي على الرواية الثانية.

[شرح الغريب]
فيقضمها: القضم الأكل بأطراف الأسنان.
جماء: الجماء الشاة التي لا قرن لها.

2659 - (ت س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: يبلغ به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من رجل لا يؤدّي زكاة ماله، إلا جعل الله يوم القيامة في عنقه شجاعا، ثم قرأ علينا مصداقه من كتاب الله: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شرٌّ لهم، سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة، ولله ميراث السّموات والأرض، والله بما تعملون خبيرٌ} [آل عمران: 180] - وقال مرّة: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصداقه: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} - ومن اقتطع مال أخيه المسلم بيمين لقي الله [وهو] عليه غضبان، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصداقه من كتاب الله: {إنّ الّذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ} [آل عمران: 77]».أخرجه الترمذي.
وفي رواية النسائي: «ما من رجلٍ له مالٌ لا يؤدّي حق ماله، إلا جعل طوقا، في عنقه شجاعٌ أقرع، وهو يفرّ منه، وهو يتبعه، ثم قرأ مصداقه من كتاب الله - عز وجل -: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شرٌّ لهم، سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة...} [الآية]».

2660 - (س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الذي لا يؤدّي زكاة ماله، يخيّل إليه ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، فيلزمه، أي: يطوّقه، يقول: أنا كنزك، أنا كنزك».أخرجه النسائي.
2661 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أدّيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك».أخرجه الترمذي.
2662 - (د) حبيب [بن أبي فضلان، أو فضالة] المالكي: قال: قال رجل لعمران ابن حصين: «يا أبا نجيد، إنّكم لتحدّثونا بأحاديث ما نجدها في القرآن؟! قال: فغضب عمران، ثم قال للرجل: أوجدتم في كلّ أربعين درهما درهمٌ؟! ومن كلّ كذا وكذا شاة شاةٌ، ومن كل كذا كذا بعيرا كذا وكذا، أوجدتم هذا في القرآن؟ قال: لا، قال: فعمّن أخذتم هذا؟ أخذتموه عنا، وأخذناه نحن عن نبي الله -صلى الله عليه وسلم-... وذكر أشياء نحو هذا».أخرجه أبو داود.
2663 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصدقةٍ، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد، وعباس بن عبد المطلب، فقال النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله، وأما خالد: فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، والعباس بن عبد المطلب، عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فهي عليه صدقة، ومثلها معها».وفي روايةٍ: «هي عليّ، ومثلها معها».هذه رواية البخاري.
وفي رواية مسلم قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، والعباس عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد: فإنكم تظلمون خالدا، وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس: فهي عليّ ومثلها معها، ثم قال: يا عمر، أما شعرت أن عمّ الرّجل صنو أبيه؟».
وأخرج أبو داود رواية مسلم، وقال في آخرها: «أما شعرت أن عمّ الرّجل صنو الأب، أو صنو أبيه؟».وأخرج النسائي رواية البخاري.

[شرح الغريب]
ما ينقم: نقمت منه كذا أنقم: إذا عتبت وأنكرت عليه، وكذلك نقمت - بالكسر - أنقم.
احتبس: الحبس: الوقف، يقال: أحبست فرسي في سبيل الله واحتبسته، أي جعلته وقفا على الجهاد والغزاة، يركبه المجاهدون، ويقاتلون عليه، وكذلك غيره.
أدراعه: الأدراع: جمع درع وهي الزرد.
وأعتده: الأعتد والأعتاد: جمع عتاد، وهو ما أعده الرجل من السلاح والدواب والآلة للحرب، ويجمع [على] أعتدة أيضا، ومعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حق خالد ذلك له وجهان: أحدهما: أنه إنما كان قد طولب بالزكاة عن أثمان الدروع والأعتد، على معنى أنها كانت عنده في سبيل التجارة، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا زكاة عليه فيها؛ إذ جعلها حبسا في سبيل الله، والوجه الآخر: أن يكون اعتذر لخالد ودفع عنه، يقول: إذا كان خالد قد جعل أدراعه وأعتده حبسا في سبيل الله تبرعا وتقربا إلى الله عز وجل، وذلك غير واجب عليه، فكيف يستجيز منع الصدقة الواجبة عليه؟.
فهي علي ومثلها معها: قيل: معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- في حق العباس: «فهي علي ومثلها معها» أنه أخرها عنه عامين؛ إذ قد ورد في حديث آخر: «إنا تسلفنا من العباس صدقة عامين» أي تعجلنا، ومعناه: أنه أوجبها عليه وضمنه إياها ولم يقبضها، وكانت دينا على العباس، ولهذا قال: إنها عليه ومثلها معها؛ لأنه رأى به حاجة إلى ذلك، وقيل: بل أخذ منه صدقة عامين قبل الوجوب استسلافا؛ لأنه قد ورد في إحدى الروايات: «فإنها علي ومثلها معها».
صنو أبيه: الصنو: المثل، وأصله: الشجرة يكون أصلها واحد ولها فرعان يفترقان عن الأصل الواحد، فكل منهما صنو، والمراد بهذا القول: أن حق العباس في الوجوب كحق أبيه -صلى الله عليه وسلم-، فأنا أنزهه عن منع الصدقة والمطل بها.

2664 - معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أعطى زكاة ماله مؤتجرا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمةٌ من عزمات ربّنا، ليس لآل محمد منها شيء».أخرجه.
[شرح الغريب]
من أعطاها مؤتجرا: يريد طالب الأجر.
فإنا آخذوها وشطر ماله: قال الحربي: غلط الراوي في لفظ الرواية، وإنما هو «وشطّر ماله» يعني أنه يجعل ماله شطرين، فيتخير عليه المصدق،ويأخذ الصدقة من خير الشطرين، عقوبة لمنعه الزكاة، فأما ما لا يلزمه، فلا.
عزمة من عزمات ربنا: وقوله: «عزمة من عزمات ربنا» مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: ذلك عزمة، والعزمة ضد الرخصة، وهي ما يجب فعله، وذكر الفقهاء: أن الشافعي رحمه الله قال في «القديم»: من منع زكاة ماله أخذت منه وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه، لهذا الحديث. وقال في «الجديد»: لا تؤخذ منه إلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث منسوخا، فإن ذلك كان حيث كانت العقوبات في المال، ثم نسخ، واستدل على قوله القديم بحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وهو مذكور في الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب الزكاة، وهذا القول من الشافعي - رحمه الله - يرد ما ذهب إليه الحربي من تغليط الراوي، فإن الشافعي جعل الحديث حجة لقوله القديم في أخذ شطر مال مانع الزكاة مع الزكاة. والله أعلم.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الزكاة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir