دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1431هـ/3-05-2010م, 01:49 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الجهاد: الباب الثاني : فروع الجهاد

الباب الثاني: في فروع الجهاد
الفصل الأول: في الأمانة والهدنة
الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما
1119 - (د) عثمان بن أبي حازم -رحمه الله -: عن أبي، عن جده صخر: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفا، فلما أن سمع ذلك صخرٌ ركب في خيلٍ يمدّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخرٌ يومئذ عهد الله وذمّته: أن لا يفارق هذا القصر، حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب إليه صخرٌ: أما بعد؛ فإنّ ثقيفا قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وإني مقبلٌ بهم، وهم في خيلٍ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصلاة جامعةٌ»، فدعا لأحمس عشر دعوات: اللهم بارك لأحمس في خيلها، ورجالها، وأتاه القوم، فتكلّم المغيرة بن شعبة فقال: يانبي الله، إن صخرا أخذ عمّتي، وقد دخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاهم، فقال: يا صخر؛ إن القوم إذا أسلموا فقد أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمّته، فدفعها إليه، وسأل النبيّ صلى الله عليه وسلم ماء كان لبني سليم، قد هربوا عن الإسلام، تركوا ذلك الماء: - أنا وقومي؟ فأنزله، وأسلموا - يعني المسلمّين- فأتوا صخرا وسألوه: أن يدفع إليهم الما فأبى فأتوا نبى الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبىّ الله، أسلمنا، وأتينا صخرا ليدفع إلينا ماءنا، فأبي علينا، فدعاه، فال: يا صخر، إن القوم إذا أسلموا ققد أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفع إلى القوم ماءهم، قال: نعم يا نبيّ الله، قال: ورأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغيّر عند ذلك حمرة، حياء من أخذه الجارية، وأخذه الماء. أخرجه أبو داود.
قال الخطابي: يشبه أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما أمره بردّ الماء، على معنى الاستطابة، والسؤال،ولذلك كان يظهر في وجهه أثر الحياء.
والأصل: أنّ الكافر إذا هرب عن ماله، فإّنه يكون فيئا لرسول الله،ورسول الله صلى الله عليه وسلم جعله لصخرٍ، وحيث ملكه صخرا، فإنما ينتقل ملكه عنه برضاه.
وإنما ردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم تألّفا لهم على الإسلام.
وأما رده المرأة: فيحتمل أن يكون ذلك، كما فعله في سبي هوازن، بعد أن آستطاب أنفس الغانمين عنها.
وقد يحتمل: أن ذلك لأنهم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى أن يردّ المرأة، وإن لا تسبى؛ لأن أموالهم ودماءهم وسبيهم كان موقوفا على ما يريه الله فيهم، فكان ذلك حكمه. والله أعلم.

1120 - (د س) يزيد بن عبد اللّه - وهو ابن الشّخّير - - رضي الله عنه - قال: كنا بالمربد بالبصرة، فإذا رجلٌ أشعث الرأس، بيده قطعة أديمٍ أحمر، فقلنا، كأنّك من أهل البادية؟ فقال: أجل، قلنا، ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فناولناها، فإذا فيها: من محمّدٍ رسول الله، إلى بني زهيرٍ أقيش، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وإن محمدا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة أوّيتم الخمس من المغنم،وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهم الصّفيّ: أنتم آمنون بأمان اللّه ورسوله، فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود، والنسائي.
1121 - (د) عامر بن شهر - رضي الله عنه -: قال: لمّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لي همدان: هل أنت آتٍ هذا الرّجل، ومرتادٌ لنا، فإن رضيت لنا شيئا قبلناه، وإن كرهت شيئا كرهناه؟ قلت: نعم، فجئت، حتّى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضيت أمره، وأسلم قومي، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب إلى عمير ذي مّران، قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن مرارة الرهاويّ إلى اليمن جميعا، فأسلم عكّ ذو خيوان، قال: فقيل: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخذ منه الأمان على بلدك ومالك، فقدم فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّدٍ رسول الله، لعكٍّ ذي خيوان،إن كان صادقا، في أرضه وماله ورقيقه،فله الأمان، وذمّة الله، وذمّة محمدٍ رسول الله، وكتب خالد بن سعيد بن العاص». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
مرتادا: المرتاد طالب الكلأ في الأصل، ثم نقل إلى متطلب أمرا، من راد يرود، فهو رائد.
الرهاوي: بفتح الراء: منسوب إلى قبيلة، كذا ذكر عبد الغني بن سعيد المصري، وسيجيء مبيّنا في كتاب الأنساب.

1122 - (د) كعب بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ كعب بن الأشرف، كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحرّض عليه كفّار قريشٍ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، وكان أهلها أخلاطا، منهم المسلمون، والمشركون يعبدون الأوثان، واليهود، فكانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأمر الله عز وجل نبيّه بالصّبر والعفو، ففيهم أنزل الله {ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذى كثيرا} (آل عمران: آية 186)، فأبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذٍ أن يبعث إليه من يقتله فقتله محمد بن مسلمة - وذكر قصّة قتله - فلمّا قتلوه فزعت اليهود والمشركون، فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: طرق صاحبنا وقتل، فذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول، ثم دعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابا، ينتهون إلى ما فيه، فكتب بينه وبينهم وبين المسلمين عامّة صحيفة. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
أخلاطا: الأخلاط، المختلطون من أقوام شتى متفرقين.
الأوثان: جمع وثن، وهو الصنم، وقيل: الصنم الصورة، والوثن يكون صورة وغير صورة.
طرق: طرقت الرجل: إذا أتيته ليلا.

1123 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلّةٍ: النصف في صفر، والنصف في رجبٍ، ويؤدّونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعا، وثلاثين فرسا، وثلاثين بعيرا، وثلاثين من كل صنفٍ من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردّوها عليهم، وإن كان باليمن كيدٌ أو غدرةٌ، على أن لا يهدم لهم بيعةٌ، ولا يخرج لهم قسٌٌّ، ولا يفتنون عن دينهم، مالم يحدثوا حدثا، أو يأكلوا الرّّبا. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
حدثا: الحدث الأمر الحادث الذي ينكر فعله.

1124 - (د) زياد بن حدير -رحمه الله -: قال: قال عليٌّ: لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتلنّ المقاتلة، ولأسبينّ الذّرّيّة، فإني كتبت الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا ينصّروا أولادهم. قال أبو داود: هذا حديث منكر.
كذا ذكره رزين، ولم أجده في كتاب أبي داود.

1125 - (د) العرباض بن سارية السلمي - رضي الله عنه -: قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبرا - ومعه من معه من أصحابه - وكان صاحب خيبر رجلا ما رد منكرا، فأقبل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، ألكم أن تذٍبحوا حمرنا، وتأكلوا ثمرنا، وتضربوا نساءنا؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «يابن عوف، راكب فرسك، ثم ناد: إنّ الجنّة لاتحلّ إلا لمؤمنٍ، وإن اجتمعوا للصلاة» قال: فاجتمعوا، ثم صّلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام فقال: أيحسب أحدكم - متّكئا على أريكته - قد يظن أن اللّه لم يحرّم شيئا إلا ما في هذا القرآن؟ ألا إنّي والله، لقد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء، إنها لمثل القرآن أو أكثر، وإنّ الله لم يحلّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذنٍ، ولا ضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم، إذا أعطوا الذي عليهم. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
ماردا: المارد من الرجال، العاتي الشديد.
أريكته: السرير في الحجلة.

1126 - (د) رجل من جهينة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «لعلكم تقاتلون قوما فتظهرون عليهم، فيتّقونكم بأموالهم دون أنفسهم وذراريهم، فيصالحونكم على صلحٍ، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك، فإنه لا يصلح لكم». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
فيتّقونكم: أي يجعلون أموالهم لدمائهم وقاية.

1127 - (ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «الصّلحٌ جائزٌ بين المسلمين، إلاّ صلحا حرّم حلالا، أو حلّل حراما، قال: والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرّم حلالا، أو حلّل حراما». أخرجه الترمذي، وأبو داود.
1128 - (ط) سعيد بن المسيب -رحمه الله -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: ليهود خيبر - يوم افتتح خيبر -: «أقرّكم ما أقرّكم اللّه، على أن الثّمر بيننا وبينكم، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة الأنصاريّ، فيخرص بينه وبينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه». أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
فيخرص: خرص الرطب: حزر ما فيه تخمينا وتقديرا.

1129 - (خ) نافع مولى ابن عمر - رضي الله عنهما -: قال: لما فدع أهل خيبر عبدالله بن عمر، قام عمر خطيبا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم،وقال: نقرّكم ما أقرّكم الله، وإنّ عبد الله بن عمر: خرج إلى ماله هناك، فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه ورجلاه، وليس له هناك عدوٌّ غيرهم، هم عدوّنا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فلما أجمع عمر على ذلك، أتاه أحد بني أبي الحقيق، فقال: يا أمير المؤمنين، أتخرجنا وقد أقرّنا محمدٌ، وعاملنا على الأموال، وشرط ذلك لنا؟ فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لك: كيف بك إذا أخرجت من خيبر، تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلةٍ؟ فقال: كان ذلك هزيلة من أبي القاسم،قال: كذبت يا عدوّ الله {إنه لقولٌ فصلٌ، وما هو بالهزل} (الطارق: آية 13، 14)، فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثّمر: مالا وإبلا وعروضا من أقتابٍ وحبالٍ وغير ذلك. أخرجه البخاري.
ولم أجد في كتاب الحميدي قول عمر: «كذبت يا عدوّ الله»، إلى قوله: «بالهزل».

[شرح الغريب]
فدع: رجل أفدع: بين الفدع، وهو المعوج الرسغ من اليد أو الرّجل، فيكون منقلب الكف أو القدم إلى ما يلي الإبهام، وذلك الموضع هو الفدعة.
فعدي عليه: عدي عليه، أي ظلم، والعدوان: الظلم المجاوز للحد.
هزيلة: تصغير هزلة، وهو المرة الواحدة من الهزل ضد الجد.
قول فصل: أي قاطع، لا تردد فيه.
أجلاهم: الإجلاء الإخراج من الوطن كرها.
قلوصك: القلوص: الناقة الشابة، وقيل: القوية على السير، ولا يسمى الذكر قلوصا.

1130 - (خ د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، فقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم، وغلبهم على الأرض والزّرع والنخل، فصالحوه على أن يجّلوا منها،ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة، وهي السلاح، ويخرجون منها. واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيّبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمّة لهم ولا عهد، فغيبّوا مسكا فيه مالٌ وحليٌّ لحييّ بن أحطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النّضير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّ حييّ - واسمه سعية -: ما فعل مسك حيىٍّ الذي جاء به من بني النّضير؟ فقال: أهبته النفقات والحروب، فقال: العهد قريبٌ، والمال أكثر من ذلك، وقد كان حييٌّ قتل قبل ذلك، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية إلى الزّبير، فمسّه بعذابٍ، فقال: قد رأيت حييّا يطوف في خربةٍ ها هنا، فذهبوا فطافوا، فوجدوا المسك في الخربة، فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريّهم، وقسم أموالهم بالنّكث الذي نكثوا، وأراد أن يجليهم منها، وفقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها، ولن يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمانٌ، يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها، فأعطاهم خيبر، على أنّ لهم الشّطر من كلّ زرع وشيءٍ، ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عامٍ فيخرصها عليهم، ثم يضمّنهم الشّطر، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدّة حرصه، وأرادوا أن يرشوه، فقال عبد الله: تطعمونني السّحت، والله لقد جئتكم من أحبّ الناس إليّ، ولأنتم أبغض إليّ من عدّتكم من القردة،والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم على أن لا أعدل عليكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كلّ امرأةٍ من نسائه ثمانين وسقا من تمرٍ كل ّعامٍ، وعشرين وسقا من شعير، فلما كان زمن عمر بن الخطاب غشّوا المسلمين، وألقوا ابن عمر من فوق بيتٍ، ففدعوا يديه، فقال عمر بن الخطاب: من كان له سهمٌ بخيبر فليحضر، حتى نقسمها بينهم، فقسمها عمر بينهم،فقال رئيسهم: لا تخرجنا، دعنا نكون فيها كما أقرّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ، فقال عمر -رضي الله عنه- لرئيسهم: أتراه سقط عليّ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشّام يوما ثم يوما، ثم يوما؟ وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية. أخرجه البخاري.
وأخرجه أبو داود، لم يذكر حديث ابن رواحة، ولا حديث فدع ابن عمر وإجلائهم، ولفظ البخاري أتمّ.
وفي أخرى لأبي داود قال: إنّ عمر قال: أيها الناس، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أن يخرجهم إذا شاء، فمن كان له مالٌ فليلحق به، فإني مخرجٌ يهود، فأخرجهم.

[شرح الغريب]
الصفراء والبيضاء: الصفراء الذهب، والبيضاء: الفضة.
الحلقة: بسكون اللام، الدروع. وقيل: هو اسم للسلاح جميعه.
مسكا: المسك: الجلد، والمراد به ها هنا: ذخيرة من صامت وحلي كانت لحييّ بن أخطب، وكانت تدعى مسك الجمل، ذكروا أنها قوّمت عشرة آلاف دينار، وكانت لا تزف امرأة إلا استعير لها ذلك الحلي. قيل: إنها كانت في مسك جمل، ثم في مسك ثور، ثم في مسك حمل.
فمسه: بعذاب، أي عاقبه.
يرشوه: الرشوة البرطيل.
وسقا: الوسق: ستون صاعا، والصاع قد تقدم ذكره.

1131 - (خ م) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: إنّ عمر أجلى اليهود والنّصاري من أرض الحجاز،وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لّما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها،وكانت الأرض لمّا ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرّهم بها، على أن يكفّوا العمل،ولهم نصف الثّمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: «نقرّكم بها على ذلك ما شئنا» فقرّوا بها، حتى أجلاهم عمر في إمارته أى تيماء وأريحاء. أخرجه البخاري، ومسلم.
وفي رواية لمسلم نحوه، وفي آخره قال: وكان الثّمر يقسم على السّهمان من نصف خيبر، فيأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس.
وفي رواية له: أنّه دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها، على أن يعتملوها من أموالهم، ولرسول اللّه صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها، لم يزد.

[شرح الغريب]
يعتملونها: الاعتمال، افتعال من العمل، يعني: أنهم يقومون بما تحتاج إليه من عمارة وحراسة وتلقيح وزراعة، ونحو ذلك.

1132 - (د) محمد بن شهاب الزهري وعبد الله بن أبي بكر، وبعض ولد محمد بن مسلمة -رحمهم الله - قالوا: بقيت بقيّةٌ من أهل خيبر، فتحصّنوا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيّرهم، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك،فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة؛ لأنّه لم يوجف عليها بخيلٍ، ولا ركابٍ. أخرجه أبو داود.
1133 - (د) محمد بن شهاب الزهري - رحمه الله -: أزّ بعض خيبر ممّا فتح عنوة، وبعضا صلحا، والكتيبة: أكثرها عنوة، وفيها صلحٌ، قيل لمالك: ما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر، هي أربعون ألف عذقٍ. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
عذق: العذق بفتح العين النخلة نفسها، وبكسر العين، مجمع الشماريخ التي يكون فيها الرطب مع العرجون.

الفرع الثاني: في الوفاء بالعهد والذمة والأمان
1134 - (ت د) سليم بن عامر- رحمه الله -: قال: كان بين معاوية وبين الروم عهدٌ،وكان يسير نحو بلادهم ليقرب، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجلٌ على فرسٍ- أو برذونٍ - وهو يقول الله أكبر، الله أكبر، وفاءٌ لاغدرٌ، فإذا هو عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يشدّ عقدة ولا يحلّها حتى ينقضي أمدها،أو ينبذ إليهم على سواء»، فرجع معاوية.
أخرجه الترمذي، أبو داود، إلا أنّ في رواية الترمذي: الله أكبر - مرة واحدة. وفيها: على داّبةٍ، أو فرسٍ.
وأخرج أبو داود عن سليم بن عامر عن رجل من حمير،والترمذي عن سليم نفسه.

[شرح الغريب]
ينبذ إليهم على سواء: قد تقدم في الباب معنى النبذ على السواء.

1135 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: كيف أنتم إذا لم تجتبوا درهما ولا دينارا؟ فقيل له: وكيف ترى ذلك كائنا يا أبا هريرة؟ قال: إي والذي نفس أبي هريرة بيده، عن الصادق المصدوق، قالوا: عمّ ذلك؟ قال: تنتهك ذمّة الله وذّمة رسوله، فيشدّ الله قلوب أهل الذّمّة، فيمنعون ما في أيديهم. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
تجتبوا: الاجتباء افتعال من جباية الأموال، وهي استخراجها من مظانها من جهاتها.
الصادق المصدوق: هو النبي صلى الله عليه وسلم صدق فيما قال، وصدّق فيما قيل له.
تنتهك ذمة الله: انتهاك الحرمة والذمة، تناولها بما لا يحل.
فيشد الله: أي يقوّي قلوب أهل الذمة، كأنها مشدودة.

1136 - (د س) أبو بكرة - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل معاهدا في غير كنهه، حرّم الله عليه الجنة». أخرجه أبو داود.
وأخرجه النسائي، وزاد في رواية: «أن يشمّ ريحها».
وفي أخري له قال: «من قتل رجلا من أهل الذّمة لم يجد ريح الجنّة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما».

[شرح الغريب]
كنهه: كنه الأمر: وقته وحقيقته، والمراد به هنا: الوقت.
معاهدا: المعاهد الذي بينك وبينه عهد وأمان.

1137 - (خ س) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإنّ ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما». هذه رواية البخاري.
وأخرجه النسائي، وقال: «من قتل قتيلا من أهل الذّمّة».
لم يرح رائحة: أي: لم يجد لها ريحا، وفيه ثلاث لغات: لم يرح، ولم يرح، ولم يرح. وأصلها: رحت الشيء أراحه وأريحه وأرحته إذا وجدت رائحته.

1138 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من قتل نفسا معاهدة له ذمّة رسوله، فقد أخفر بذمّة اللّه، فلا يرح رائحة الجنة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
خريفا: الخريف الزمان المعروف الفاصل بين الصيف والشتاء، والمراد به ها هنا: السنة جميعها، لأن من أتى عليه عشرون خريفا مثلا. فقد انقضى عليه عشرون سنة.

1139 - (د) صفوان بن سليم -رحمه الله-: عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه،أو كلّفه فوق طاقته،أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسٍ،فأنا حجيجه يوم القيامة».أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
حجيجه: الحجيج فعيل من المحاجة: المغالبة وإظهار الحجة.

1140 - (د) أبو رافع - رضي الله عنه -: قال: بعثنى قريشٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، لا أرجع إليهم أبدا،، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنى لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع»، قال: فذهبت، ثم أتيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأسلمت.
قال أبو داود: وكان أبو رافع قبطيّا، قال: وإنما كانوا يردّون أوّل الزمان، وأما الآن فلا يصلح. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
أخيس بالعهد: يقال: خاس بالعهد: إذا نقضه، وخاس بوعده إذا أخلفه.
أحبس البرد: البرد: جمع بريد، وهو الرسول الوارد عليك من جهة، يقول: لا أحبسهم عن أصحابهم، وأمنعهم من العود إليهم.

1141 - (د) سلمة بن نعيم بن مسعود بن الأشجعي -رحمه الله -: عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - حين قرأكتاب مسيلمة - للرّسل: «ما تقولان أنتما؟ قالا: نقول كما قال، قال أما والله لولا أن الرّسل لا تقتل لضربت أعناقكما». أخرجه أبو داود.
1142 - (ط) مالك بن أنس - رضي الله عنه -: عن رجلٍ من أهل الكوفة، أنّ عمر بن الخطاب كتب إلى عامل جيشٍ، كان بعثه: إنه بلغني أنّ رجالا منكم يطلبون العلج، حتى إذا أسند في الجبل وامتنع، قال رجلٌ: «مترس» يقول: لا تخف، فإذا أدركه قتله،وإني-والذي نفسي بيده - لا أعلم مكان أحدٍ فعل ذلك إلا ضربت عنقه. أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
مترس: كلمة فارسية، معناه لا تخف.

1143 - (خ م ط ت د) أم هانئ - رضي الله عنه -: أخت علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما، قالت: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تسترهٌ بثوبٍ، فسّلمت عليه، فقال: «من هذه»؟ فقلت: أنا أمّ هانئ بنت أبي طالب، فقال: مرحبا بأمّ هانئٍ، فلما فرغ من غسله، قام فصلّى ثماني ركعات ملتحفا في ثوبٍ واحدٍ، فلما انصرف قلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي على: أنه قاتل رجلا قد أجرته - فلان بن هبيرة - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانئٍ»، قالت أم هانئ: وذلك ضحى. هذه رواية البخاري، ومسلم، والموطأ.
ورواية الترمذي: أن أم هانئ قالت: أجرت رجلين من أحمائي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد آمنّا من آمنت».
وفي رواية أي داود: أنّها أجارت رجلا من المشركين يوم الفتح، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم،فذكرت ذلك له، فقال: «قد أجرنا من أجرت، وآمنّا من آمنت».

[شرح الغريب]
أجرنا: أجرت الرجل: منعت من يريده بسوء، وآمنته شره وأذاه.

1144 - (د) عائشة - رضي الله عنه - قالت: إن كانت المرأة لتجير على المسلمين فيجوز. أخرجه أبو داود.
1145 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ المرأة لتأخذ على القوم، يعني تجير على المسلمين».أخرجه الترمذي.
1146 - (ط) مالك بن أنس -رحمه الله -: قال: بلغني: أنّ عبد الله بن عباس قال: ما ختر قومٌ بالعهد إلا سلّط عليهم العدوّ. أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
ختر: الختر الغدر.

الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها
1147 - (د) معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمّا وجّهه إلى اليمين، أمره: أن يأخذ من كلّ حالمٍ - يعني: محتلمٍ - دينارا، أو عدله من المعافري: ثياب تكون باليمن. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
عدله: عدل الشيء: ما يعادله ويماثله.
من المعافري: منسوب إلى معافر - بفتح الميم - وهو موضع باليمن، وهي ثياب تكون به.

1148 - (ط) أسلم -رحمه الله -: أنّ عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذّهب: أربعة دنانير، وعلى أهل الورق، أربعين درهما، مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيامٍ. أخرجه الموطأ.
1149 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: جاء رجلٌ من الأسبديّين من أهل البحرين - وهم مجوس هجر - إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمكث عنده، ثم خرج، فسألته: ماقضى الله، ورسوله فيكم؟ قال: شرٌّ، قلت، مه؟ قال: الإسلام، أو القتل، قال: وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوفٍ، فلمّا خرج سئل؟ فقال: قبل منهم الجزية، فقال ابن عباس: فأخذ النّاس بقول عبد الرحمن، وتركوا حديثي أنا عن الأسبديّ أخرجه أبو داود.
1150 - (خ ت د) بجالة بن عبد ويقال: ابن عبدة -رحمه الله-: قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية - عمّ الأحنف بن قيس- فجاء كتاب عمر، قبل موته بسنةٍ: أن اقتلوا كلّ ساحرٍ وساحرةٍ، وفرّقوا بين كلّ ذي محرمٍ من المجوس، وانهوهم عن الزّمزمة، فقتلنا ثلاثة سواحر، وجعلنا نفرّق بين كلّ رجلٍ من المجوس وحريمه في كتاب الله، وصنع طعاما كثيرا، فدعاهم فعرض السّيف على فخذه، فأكلوا، فلم يزمزموا، فألقوا وقر بغلٍ أو بغلين من الورق، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس،حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
هذا رواية أبي داود.
وفي رواية البخاري مختصرا قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمّ الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب، قبل موته بسنة: فرّقوا بين كل ذي محرمٍ من المجوس، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتّى شهد عبد الرحمن بن عوفٍ: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
وفي رواية الترمذي مختصرا أيضا قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية على مناذٍر، فجاءا كتاب عمر: انظر مجوس من قبلك، فخذ منهم الجزية، فإنّ عبد الرحمن بن عوفٍ أخبرني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.
قال الترمذي: وفي الحديث كلام أكثر من هذا، ولم يذكره.

[شرح الغريب]
ذو محرم: ذو المحرم، من لا يحل نكاحه.
زمزمة: الزمزمة: كلام المجوس عند أكلهم وصوتهم الخفي.
وقر: الوقر: الحمل، أي الثقل، يريد ألقوا حمل بغل أو بغلين، أخلة من الورق، كانوا يأكلون بها، ولم يمنعهم عمر رضي الله عنه من هذه الأشياء، وحملهم على هذه الأحكام فيما بينهم وبين أنفسهم إنما منعهم من إظهار ذلك بين المسلمين، فإن أهل الكتاب متى ترافعوا إلينا ألزمناهم حكم الإسلام، ومتى لم يتحاكموا إلينا فلا يلزمون بحكم الإسلام، وهم دينهم أعرف فيما بينهم.

1151 - (ط) جعفر بن محمد - رحمه الله-: عن أبيه أنّ عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سنّوا بهم سنّة أهّل الكتاب». أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
سنّوا بهم: أي اسلكوا بهم مسلك أهل الكتاب في قبول الجزية منهم.

1152 - (ط) ابن شهاب -رحمه الله -: قال: بلغنى: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين، وأنّ عمربن الخطاب أخذها من مجوس فارس، وأنّ عثمان بن عفّان أخذها من البربر. أخرجه الموطأ.
1153 - (د) أنس بن مالك - رضي اللّه عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذوه، فأتوا به، فحقن له دمه وصالحه على الجزية. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
دومة الجندل: بفتح الدال وضمها.: موضع.
أكيدر: هو صاحبها، وهو أكيدر بن عبد الملك.
حقن: حقنتن دمه: إذا منعت من قتله، والحقن: الجمع.

1154 - (د) عيسى بن يونس -رحمه الله - عن ابن لعدي بن عديّ الكنديّ: أنّ عمر ابن عبد العزيز كتب إلى من سأله عن أمورٍ من الفيء: ذلك ما حكم فيه عمر بن الخطاب، فرآه المؤمنون عدلا، موافقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل اللّه على لسان عمر وقلبه - فرض الأعطية وعقد لأهل الأديان ذمّة فيما فرض عليهم من الجزية، ولم يضرب فيها بخمسٍ ولا مغنمٍ. أخرجه أبو داود.
1155 - (د) حرب بن عبيد الله -رحمه الله- عن جدّه أبي أمّه عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إنّما الخراج على اليهود والنّصارى، وليس على المسلمين خراجٌ». وفي رواية «عشورٌ» مكان «خراج».
وفي رواية قال: أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فعلّمني الإسلام، وعلّمني كيف آخذ الصّدقة من قومي ممّن أسلم، ثم رجعت إليه، فقلت: يا رسول الله كلّ ما علّمتني فقد حفظته، إلاّ الصّدقة، أفأعشرهم؟ قال: «إنّما العشور على النّصارى واليهود» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
عشور: العشور جمع عشر، وهو واحد من عشرة، والمعنى لا تؤخذ من المسلم ضريبة، ولا شيء يقرر عليه في ماله ولا مكس، لأنه يصير كالجزية.
قال الخطابي: لا يؤخذ من المسلم شيء من ذلك، دون عشور الصدقات، فأما اليهود والنصارى،فالذي يلزمهم من العشور: هو ماصولحوا عليه وقت العقد، فإن لم يصالحوا على شيء، فلا عشور عليهم، ولا يلزمهم شيء أكثر من الجزية، فأما عشور أراضيهم، وغلاتهم، فلا تؤخذ منهم عند الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إن أخذوا منا عشورا في بلادهم إذا ترددنا إليهم في التجارات أخذنا منهم، وإن لم يأخذوا لم نأخذ.

1156 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما-: أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النّبط من الحنطة والزّبيب نصف العشر، يريد بذلك: أن يكثر الحمل إلى المدينة، ويأخذ من القطنّية العشر.أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
القطنية: بالكسر واحدة القطاني كالعدس وشبهه.

1157 - (ط) السائب بن يزيد -رحمه الله-: قال: كنت غلاما عاملا مع عبد الله بن عتبة بن مسعودٍ في زمن عمر بن الخطاب، فكنّا نأخذ من النبط العشر، مالك: سألت ابن شهابٍ: على أيّ وجهٍ كان يأخذ عمر من النبط العشر؟ فقال: كان ذلك يؤخذ منهم في الجاهلّية، فألزمهم ذلك عمر. أخرجه الموطأ.
1158 - (ت د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلح قبلتان في أرضٍ واحدةٍ،وليس على مسلم جزيةٌ».
قال سفيان: معناه: إذا أسلم الذّميّ بعد ما وجبت الجزية عليه، بطلت عنه. أخرجه الترمذي. وأخرج أبو داود منه: لا تكون قبلتان في بلدٍ واحدٍ.
وأخرج في حديث آخر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على مسلمٍ جزيةٌ» قال: وسئل سفيان عن ذلك؟ قال: إذا أسلم، فلا جزية عليه.

[شرح الغريب]
ليس على مسلم جزية: له تأويلان:
أحدهما: أن معنى الجزية، الخراج، مثل أن يكون ذميا أسلم، وكان في يده أرض صولح عليها، فتوضع عن رقبته الجزية، وعن أرضه الخراج.
والثاني: الذمي الذي أسلم، وقد مر بعض الحول، لم يطالب بحصة ما مضى من السنة.

1159 - (د) معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: قال: من عقد الجزية في عنقه فقد برئ ممّا جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
عقد الجزية: تقريرها على نفسه، كما يعقد الذمة للكتابي على الجزية، كنى بالجزية عن الخراج الذي يؤدي عنها، كأنه لازم لصاحب الأرض، كما تلزم الجزية الذمي.

1160 - (د) أبو الدرداء - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ أرضا بجزيتها فقد استقال هجرته، ومن نزع صغار كافرٍ من عنقه فجعله في عنق نفسه، فقد ولّى الإسلام ظهره».
قال سنان بن قيسٍ: فسمع منّى خالد بن معدان هذا الحديث، فقال لي: أشبيبٌ حدّثك؟ قلت: نعم،قال فإذا قدمت فسأله فليكتب لي بالحديث، قال: فكتبه له، فلمّا قدمت سألني ابن معدان القرطاس، فأعطيته فلمّا قرأه: ترك ما في يده من الأرض حين سمع ذلك. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
استقال هجرته: أي رجع عنها، وطلب أن يقال منها.
صغار: الصغار الذل والهوان.

الفصل الثالث: في الغنائم والفيء
الفرع الأول: في القسمة بين الغانمين
1161 - (د) مجمّع بن جارية الأنصاري - رضي الله عنه -: وكان أحد القرّاء الذي قرءوا القرآن - قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا انصرفنا عنها، إذا النّاس يهزّون الإبل، فقلنا: ما للنّاس؟ فقالوا: أوحي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصرنا مع الناس نوجف الإبل، فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراع الغميم، واقفا على راحلته، فلمّا اجتمع النّاس قرأ علينا {إنّا فتحنا لك فتحا مبينا} (الفتح: آية 1) قال رجلٌ: أفتحٌ هو؟ قال: نعم والّذي نفس محمّدٍ بيده، إنّه لفتحٌ، حتى بلغ {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها، فعجّل لكم هذه} (الفتح: آية 20) يعني: خيبر، فلمّا انصرقنا غزونا خيبر، فقسمت على أهل الحديبية، وكانوا ألفا وخمسمائة، منهم ثلاثمائة فارس، فقسمها على ثمانية عشر سهما، فأعطى الفارس سهمين، والرّاجل سهما.
وفي أخرى مختصرا قال: قسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما... الحديث. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
يوجف: الإيجاف: ضرب من سير الإبل سريع.
راحلته: الراحلة الركوبة من الإبل، ذكرا أو أنثى.

1162 - (خ م ت د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قسم في النّفل للفرس سهمين، وللراجل سهما.
وفي رواية بإسقاط لفظه «النّفل».
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
وفي رواية أبي داود: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهمٍ: سهما له، وسهمين لفرسه.

[شرح الغريب]
سهما له وسهمين لفرسه: اللام في «له» لام الملك، وفي قوله «لقفرسه»: لام التسبب: أي أنه أعطاه لأجل فرسه سهمين ينفهما عليه.

1163 - (س) ابن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -: قال: ضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزّبير، أربعة أسهم: سهمٌ للزبير، سهمٌ لذي القربى بصفيّة بنت عبد المطّلب أمّ الزّبير، وسهمان للفرس. أخرجه النسائي.
1164 - (د) ابن أبي عمرة -رحمه الله -: عن أبيه، قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة نفرٍ، ومعنا فرسٌ، فأعطى كلّ إنسانٍ منّا سهما، وأعطى الفرس سهمين.
وفي رواية بمعناه، إلاّ أنّ قال: ثلاثة نفرٍ. وزاد قال: فكان للفارس ثلاثة أسهمٍ. أخرجه أبو داود.

1165 - (د) سهل بن أبي حثمة - رضي الله عنه -: قال: قسم رسول الله خيبر نصفين: نصفا لنوائبه وحاجاته، ونصفا بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
لنوائبه: النوائب: جمع نائبة، وهو ما ينوب الإنسان، أي ينزل به من المهمات والحوائج، والظاهر من أمر خيبر أنها فتحت عنوة، وإذا كانت عنوة فهي مغنومة، وحصة النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة خمس الخمس، فكيف جعل نصيبه منها النصف حتى يصرفه في حوائجه ومهامه؟ ووجه ذلك عند من تتبع الأخبار المروية في فتح خيبر واضح.
وذلك: أن خيبر كانت لها قرى، وضياع خارجة عنها، مثل: الوطيحة، والكتيبة، والشق، والنطاة، والسلاليم، فكان بعضها مغنوما، وهو ما غلب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وسبيل ذلك القسمة، وكان بعضها فيئا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وذلك خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يضعه حيث شاء، فنشروا إلى مبلغ ذلك كله، فكان نصفه بقدر ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم من الفيء، وسهمه من الغنيمة، فجعل النصف له، والنصف للغانمين، وقد بين ذلك ابن شهاب، قال: «إن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحا».

1166 - (د) بشير بن يسار - رحمه -: قال: لمّا أفاء الله على رسوله خيبر قسمها على ستةٍ وثلاثين سهما، جمع كلّ سهمٍ مائة سهمٍ، فعزل نصفها لنوائبه، وما ينزل به: من الوطيحة، والكتيبة، وما أحيز معهما،وعزل النّصف الآخر، فقسمه بين المسلمين: الشّقّ، والنّطاة، وما أحيز معهما، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أحيز معهما.
وفي رواية: أنّه سمع نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا - فذكر هذا الحديث - قال: فكان النصف سهام المسلمين، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعزل النصف الآخر لما ينوبه من الأمور والنوائب.
وفي أخرى عن رجالٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمّا ظهر على خيبر، قسمها على ستّةٍ وثلاثين سهما، جمع كلّ سهمٍ مأئة سهمٍ، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النّصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن ينزل به من الوفود والأمور، ولنوائب النّاس.
وفي رواية: لمّا أفاء الله -عزّ وجلّ - خيبر، قسمها ستّة وثلاثين سهما، جمع فعزل للمسلمين الشّطر: ثمانية عشر سهما، فجمع كلّ سهمٍ مائة النّبييّ صلى الله عليه وسلم معهم، له سهمٌ كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما، وهو الشّطر، لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك: الوطيح، والكتيبة، والسّلاليم وتوابعها، فلمّا صارت الأموال بيد النبيّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين، لم يكن لهم عمّالٌ يكفونهم عمّلها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود، فعاملهم. أخرجه أبو داود.

1167 - (د) ابن شهاب -رحمه الله -: قال: خمّس رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، ثم قسم سائرها على من شهدها،ومن غاب عنها من أهل الحديبيّة. أخرجه أبو داود.
1168 - (د) حشرج بن زياد -رحمه الله -: عن جدته أمّ أبيه: أنّها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة خيبر، سادسة ستّ نسوةٍ، قالت: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا، فرأينا فيه الغضب، فقال: «مع من خرجتنّ؟ وبإذن من خرجتنّ؟»فقلنا: يارسول الله، خرجنا نغزل الشّعر، ونعين به في سبيل الله، ونناول السّهام - ومعنا دواءٌ للجرحى - ونسقي السّويق، قال: «قمن إذا، حتّى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا، كما أسهم للرجال» قال: فقلت لها: جدّة، ما كان ذلك؟ قالت: تمرا. أخرجه أبو داود.
1169 - (ت د) عمير، مولى آبى اللحم - رضي الله عنه -: قال: شهدت خيبر مع سادتى، فكلّموا فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بي فقلّدت سيفا، فإذا أنا أجرّه، وأخبر: أنّي مملوك، فأمر لي بشيءٍ من خرثيّ المتاع، وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين، فأمرني بطرح بعضها وحبس بعضها. أخرجه الترمذي وأبو داود.
إلا أنّ رواية أبي داود انتهت عند قوله: المتاع.
وقال أبو داود: قال أبو عبيدٍ: كان حرّم اللّحم على نفسه، فسمّي آبي اللحم.

[شرح الغريب]
خرثي: المتاع أثاث البيت.

1170 - (ت) الزهري -رحمه الله -: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه. أخرجه الترمذي.
1171 - (د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: كنت أميح أصحابي الماء يوم بدرٍ. وفي نسخة: «أمنح أصحابي الماء يوم بدرٍ».
قال أبو داود: معناه: أنّه لم يسهم له.

[شرح الغريب]
أمنح، أميح: المانح المعطي، والمائح: الذي ينزل إلى أسفل البئر، فيملأ الدلو، ويدفعها إلى الماتح، وهو الذي يستقي الدلو.

1172 - (ت د) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفرٍ من الأشعريّين، وبعد أن افتتح خيبر، فقسم لنا، ولم يقسم لأحدٍ لم يشهد الفتح غيرنا. هذه رواية الترمذي.
وفي رواية أبي داود قال: قدمنا فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا - أو قال: فأعطانا منها - وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا: جعفر وأصحابه، فأسهم لهم معهم.

1173 - (خ د) عنبسة بن سعيد -رحمه الله -: قال: قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعد ما افتتحوها، فقلت: يا رسول الله، أسهم لي، فقال بعض بني سعيد بن العاص: لا تسهم له يا رسول الله، فقال أبو هريرة: هذا قاتل ابن قوقلٍ، فقال ابن سعيد بن العاص: واعجبا لوبرٍ تدلّى علينا من قدوم ضأنٍ.
وفي رواية: تدأدأ من قدٍوم ضأنٍ، ينعى علىّ قتل رجلٍ مسلمٍ، أكرمه الله على يديّ ولم يهنّي على يديه، قال: فلا أدرى؛ أسهم له أو لم يسهم له.
قال البخاري: وذكر عن الزّبيدي، عن الزهري، عن عنبسة: أنه سمع أبا هريرة يخبر سعيد بن العاص؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبان على سريّةٍ من المدينة قبل نجدٍ، قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما افتتحها، وإنّ حزم خيليهم اللّيف، قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله، لا تقسم لهم، فقال أبان: وأنت بهذا يا وبر تحدّر من رأس ضأنٍ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبان، اجلس، فلم يقسم له».
هذه رواية البخاري وأبي داود،إلا،أنا أبا داود قال في الروايتين: «قدوم ضالٍ».

[شرح الغريب]
لوبر تدلّى من قدوم ضال: تدلى تعلق من فوق إلى أسفل، والقدوم: ما تقدم من الشاة، وهو رأسها، وقادمة الرجل: خلاف آخرته، وإنما أراد احتقاره، وصغر قدره عنده، وأنه مثل الوبر الذي يتدلى من رأس الضأن، يعني: الشاء، في قلة المنقعة والمبالاة.
وفي الرواية الأخرى «تدأدأ» إن كانت صحيحة، فنرى: أنها من الديداء، وهو أشد عدو البعير، يقال: دأدأ وتدأدأ دأدأة وديداء.
وقال الخطابي: الوبر: جمع وبرة، وهي دويبة في مقدار السنور أو نحوه.
وقوله: وأنت بها، كلام فيه اختصار وإضمار،معناه: وأنت المتكلم بهذه الكلمة.
و«ضال»: باللام: جبل أو موضع فيما يقال، يريد بهذا الكلام: تصغير شأنه، وتوهين أمره.
ينعى عليّ أمرا: يقال: فلان ينعى على فلان كذا: إذا عابه ووبخه.
وقوله: أكرمه الله بيدي: أيقتلته فنال الشهادة، ومنعه أن يهينني بيده، أي: لو قتلني لكنت قدمت كافرا، ولا هوان أشد من ذلك.

1174 - (د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام - يعني: يوم بدرٍ - فقال: إنّ عثمان انطلق في حاجة الله، وحاجة رسوله، وإنّي أبايع له، فضرب له صلى الله عليه وسلم بسهمٍ، ولم يضرب لأحدٍ غاب غيره، أخرجه أبو داود.
1175 - (م د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيّما قريةٍ أتيتموها، أو أقمتم فيها، فسهمكم فيها، وأيّما قريةٍ عصت اللّه ورسوله، فإنّ خمسها لله ولرسوله، وهي لكم».أخرجه مسلم، وأبو داود.
1176 - (س) رافع بن خديج - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الّله صلى الله عليه وسلم يجعل في قسم المغانم عشرا من الشاء ببعيرٍ. أخرجه النسائي.
الفرع الثاني: في النفل
1177 - (د) أبو وهب: قال: سمعت مكحولا يقول: كنت عبدا بمصر لامرأةٍ من هذيلٍ فأعتقتني، فما خرجت من مصر وبها علمٌ، إلا وقد حويت عليه، فيما أرى، ثم أتيت الحجاز، فما خرجت، وبه علمٌ، إلا وقد حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق، فما خرجت منها، وبها علمٌ، إلا وقد حويت عليه، فيما أري، ثم أتيت الشّام، فغربلتها، كلّ ذلك أسأل عن النّفل؟ فما أجد أحدا يخبرني فيه بشيء حتى لقيت شيخا يقال له: زياد بن جارية التّميميّ، فقلت له: هل سمعت في النّفل شيئا؟ قال: نعم، سمعت حبيب بن مسلمة الفهريّ يقول: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفّل الرّبع في البدأة، والثّلث في الرّجعة.
وفي رواية مختصرا، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفّل الثّلث بعد الخمس.
وفي أخرى: كان ينفّل الرّبع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس، إذا قفل. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
النّفل: بفتح الفاء وقد تسكّن: الزيادة، وهو ما يخص به رئيس الجيش بعض الغزاة زيادة على نصيبه من المغنم.
فغربلتها: أي كشفت حال من بها وخبرتهم كأنه جعلهم في غربال، ففرق بين الجيد والرديء
الربع في البدأة: بدأة الأمر: أوله ومبتدؤه، وهي في الأصل: المرة من البدء، والمعنى: كان إذا نهضت سرية من جملة العسكر المقبل على العدو فأوقعت نفلها الربع مما غنمت وإذا فعلت ذلك عند عود العسكر نفلها الثلث، لأن الكرة الثانية أشق، والخطر فيها أعظم.
قال الخطابي: قال ابن المنذر: إنما فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين البدأة والقفول، لقوة الظهر عند دخولهم، وضعفه عند خروجهم، لأنهم وهم داخلون أنشط وأشهى المسير والإمعان في بلاد العدو، وهم عند القفول أضعف، لضعف دوابهم وأبدانهم، وهم أشهى للرجوع، فزادهم في القفول لذلك.
قال الخطابي: وكلام ابن المنذر في هذا ليس بالبين، لأن فحواه يوهم أن معنى الرجعة: هو القفول إلى أوطانهم، وليس المعنى كذلك، إنما البدأة: هي ابتداء سفر لغزو، فإذا نهضت سرية من جملة العسكر نفلها الربع، فإن قفلوا من الغزاة ثم رجعوا، فأوقعوا بالعدو ثانية، كان لهم الثلث من الغنيمة، لأن نهوضهم بعد القفول أشق عليهم وأخطر.

1178 - (ت) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفّل في البدأة الرّبع. أخرجه الترمذي.
1179 - (خ م ط د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان ينفّل بعض من يبعث من السّرايا لأنفسهم خاصّة، سوى قسم عامّة الجيش.
زاد في رواية: والخمس في ذلك كلّه واجبٌ.
وفي رواية قال: نفّلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلا، سوى نصيبنا من الخمس، فأصابني شارفٌ.
والشّارف من الإبل: المسنّ الكبير.
وفي أخرى قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريّةٍ قبل نجدٍ، فبلغت سهماننا أحد عشر بعيرا - أو اثنى عشر بعيرا - ونفّلنا بعيرا بعيرا.
وفي رواية: ونفّلوا بعيرا بعيرا،فلم يغيره النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى: فأصبنا إبلا وغنما، فبلغت سهماننا اثنى عشر بعيرا. ونفّلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا.
هذه رواية البخاري ومسلم. وأخرج الموطأ وأبو داود ونحوها.
ولأبي داود أيضا، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة إلى نجدٍ، فخرجت معها، فأصبنا نعما كثيرا، فنفّلنا أميرنا بعيرا بعيرا لكلّ إنسانٍ، ثم قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا، فأصاب كلّ رجلٍ منّا اثنا عشر بعيرا، بعد الخمس،وما حاسبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أعطانا صاحبنا، ولا عاب عليه ما صنع، فكان لكلّ رجلٍ منّا ثلاثة عشر بعيرا بنفله.

1180 - (د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: نفّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ سيف أبي جهلٍ - كان قتله. أخرجه أبو داود.
1181 - (ط) القاسم بن محمد -رحمه الله -: قال: سمعت رجلا يسأل عبد الله بن عباس عن الأنفال؟ فقال ابن عباس: الفرس من النّفل، والسّلب من النّفل. قال: ثم عاد لمسألته؟ فقال ابن عباسٍ ذلك أيضا، ثم قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه، ما هي؟ قال القاسم: فلم يزل يسأله حتى كاد أن يخرجه، فقال ابن عباس: أتدرون ما مثل هذا؟ مثله مثل صبيغٍ الذي ضربه عمر بن الخطاب. أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
سلبه: ما يؤخذ من القرن في الحرب من سلاح وثياب وغير ذلك.
يحرجه العبيد: الحرج الضيق والإثم.

1182 - (د) أبو الجويرية الجرمي -رحمه الله-: قال: أصبت بأرض الرّوم جرّة حمراء فيها دنانير، في إمرة معاوية، وعلينارجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني سليمٍ يقال له: معن بن يزيد، فأتيته بها، فقسمها بين المسلمين، وأعطاني مثل ما أعطى رجلا منهم، ثم قال: لولا أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا نفل إلا بعد الخمس لأعطيتك، ثم أخذ يعرض عليّ من نصيبه». أخرجه أبو داود.
1183 - (خ م د س) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا، وأنا جالسٌ، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا، هو أعجبهم إلىّ، فقمت فقلت: مالك عن فلانٍ؟ والله إنّي لأراه مؤمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو مسلما» - ذكر ذلك سعدٌ ثلاثا، وأجابه بمثل ذلك - ثم قال: «أنيّ لأعطي الرجل وغيره أحبّ إلىّ منه خشية أن يكبّ في النّار على وجٌهه».
وفي رواية، قال الزهري: فنرى أنّ الإسلام: الكلمة، والأيمان: العمل. أخرجه البخاري، ومسلم.
وفي رواية لمسلم قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا،وأنا جالسٌ فيهم، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه، وهو أعجبهم إلىّ، فقٍمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساررته، فقلت، مالك عن فلانٍ؟ والله إنى لأراه مؤمنا، قال: «أو مسلما؟» فسكتّ قليلا، ثم غلبنى ما أعلم منه، فقلت: يا رسول الله مالك عن فلانٍ؟ فوالله، إنّ لاراه مؤمنا، قال: «أو مسلما»، فسكتّ قليلا، ثم غلبني ما أعلم فيه، فقلت: يا رسول الله، مالك عن فلان؟ فوالله: إنّي لأراه مؤمنا، قال: «أو مسلما، إنّى لأعطي الرّجل العطاء وغيره أحبّ إليّ منه،خشية أن يكبّ في النّار على وجهه». وفي رواية تكرار القول مرّتين.
وفي أخرى: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده بين عنقي وكتفى، ثم قال: أقتالا أي سعد؟ إني لأعطي الرّجل.
وفي رواية أبي داود، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما، فقلت: أعط فلانا، فإنه مؤمنٌ، قال: أو مسلم. قلت: أعط فلانا، إنه مؤمنٌ، قال: أو مسلمٌ، إني لأعطي الرّجل العطاء وغيره أحبّ إلىّ منه، مخافة أنه يكبّ على وجهه.
وله في أخرى، وللنسائي قال: أعطى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجالا، ولم يعط رجلا منهم شيئا، فقال سعد: يا رسول الله - أعطيت فلانا، وفلانا ولم تعط فلانا شيئا، وهو مؤمن؟ فقال النبيّ: «أو مسلم» حتى أعادها سعدٌ ثلاثا، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «أو مسلم». ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أني لأعطي رجالا، وأدع من هو أحبّ إلىّ منهم؛ لا أعطيه شيئا مخافة أن يكبّوا في النار على وجوههم».

[شرح الغريب]
الرهط: الجماعة دون العشرة من الرجال، لا يكون فيهم امرأة، وليس له واحد من لفظه.

1184 - (م) رافع بن خديج - رضي الله عنه -: قال: أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب يوم حنين، وصفوان بن أميّة، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابسٍ، وعلقمة بن علاثة: كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداسٍ دون ذلك، فقال عباس بن مراداس:
أتجعل نهبي ونهب العبد بين عيينة والأقرع؟
فما كان بدرٌ ولا حابسٌ يفوقان مرداس في مجمع
وما كنت دون امريءٍ منهما ومن تخفض اليوم لا يرفع
قال: فأتمّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة.
في رواية نحوه: وأسقط علقمة بن علاثة، وصفوان بن أمية، ولم يذكر الشعر. أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
العبيد: بضم العين وفتح الباء الموحدة: اسم فرس العباسي بن مرداس السلمي.

1185 - (خ م ط ت د) أبو قتادة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل قتيلا، له عليه بيّنةٌ، فله سلبه».أخرجه الترمذي، وقال: في الحديث قصة ولم يذكرها.
والقصة: هي حديثٌ طويلٌ قد أخرجه البخاري، ومسلم،والموطأ، وأبو داود وهو مذكور في غزوة حنين من كتاب الغزوات، في حرف الغين، وهذا القدر الذي أخرجه الترمذي طرفٌ منه.

1186 - (خ م) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم عينٌ من المشركين، وهو في سفرٍ، فجلس عند أصحابه يتحدّث ثمّ انفتل، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اطلبوه فقتلته، فنفّلني سلبه». أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
عين: العين: الجسوس.

1187 - (د)عوف بن مالك وخالد بن الوليد - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قضى في السّلب للقاتل، ولم يخمّس السّلب.أخرجه أبو داود.
الفرع الثالث: في الخمس ومصارفه
1188 - (د) عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -: قيل له: هل كنتم تخمّسون الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبنا طعاما يوم خيبر، فكان الرجل يجيء، فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف.أخرجه أبو داود.

1189 - (د) عبد الله عمر - رضي الله عنهما -: أن جيشا غنموا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما وعسلا، فلم يؤخذ منه الخمس.أخرجه أبو داود.
1190 - (د) القاسم مولى عبد الرحمن -رحمه الله-: عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنّا نأكل الجزر في الغزو، ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءةٌ. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الجزر: جمع جزور، وهو الواحد من الإبل، يقع على الذكر والأنثى.

1191 - (د) عمرو بن عبسة - رضي الله عنه -: قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعيرٍ من المغنم، فلمّا صلّى أخذ وبرة من جنب البعير، ثم قال: لا يحلّ لي من غنائمكم مثل هذا، إلاّ الخمس،والخمس مردودٌ فيكم. أخرجه أبو داود.
1192 - (س) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر وبرة من جنب بعيره. فقال: «أيها الناس، إنه لا يحلّ لي ممّا أفاء الله عليكم قدر هذه، إلا الخمس، والخمس مردودٌ عليكم».أخرجه النسائي.
1193 - (س) عمرو بن شعيب، عن جده، - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وذكره نحوه. أخرجه النسائي.
1194 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لوفد عبد القيس: «آمركم أن تؤدّوا خمس ما غنمتم».
قال الترمذي: وفي الحديث قصّةٌ، ولم يذكرها.
والقصّة: هي حديث طويل قد ذكر بطوله في كتاب الإيمان من حرف الهمزة.

1195 - (خ د س) جبير بن مطعم - رضي الله عنه -: قال: مشيت أنا وعثمان بن عفّان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم بمنزلةٍ واحدةٍ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّما بنو المطّلب وبنو هاشمٍ شيءٌ واحدٌ».
وفي رواية، فقلنا: أعطيت بني المطّلب من خمس خيبر وتركتنا - وزاد: قال جبيرٌ - ولم يقسم النبيّ صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمسٍ، ولا لبني نوفلٍ شيئا.
وقال ابن إسحاق: عبد شمسٍ وهاشمٌ والمطلب: إخوةٌ لأمٍّ، وأمّهم: عاتكة بنت مرّة،وكان نوفلٌ أخاهم لأبيهم. هذه رواية البخاري.
وفي رواية أبي داود، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقسم لبني عبد شمسٍ، ولا لبني نوفلٍ من الخمس شيئا، كما قسم لبني هاشم وبني المطّلب، قال: وكان أبو بكرٍ يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن يعطي منه قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه.
وفي أخرى له أن جبير بن مطعم جاء هو وعثمان بن عفّان يكلّمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقسم من الخمس في بني هاشمٍ وبين المطّلب فقلت: يا رسول الله، قسمت لإخواننا بني المطلب،ولم تعطنا شيئا، وقرابتنا وقرابتهم واحدةٌ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّما بنو هاشم وبنو المطلب شيءٌ واحدٌ»، قال جبيرٌ: ولم يقسم لبني عبد شمسٍ،ولا لبني نوفلٍ من ذلك الخمس، كما قسم لبني هاشم وبني المطّلب،قال: وكان أبو بكرٍ يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قربي رسول الله، ما كان النّبيّ يعطيهم، قال: وكان عمر يعطيهم منه، وعثمان بعده.
وفي أخرى له وللنسائي قال: لمّا كان يوم خيبر، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى في بنى هاشم وبني المطّلب، وترك بني نوفلٍ وبني عبد شمسٍ، فانطلقت أنا وعثمان بن عفّان، حتى أتينا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشمٍ لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم فما بال إخواننا بني المطّلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّا وبنو المطلب لا نفترق في جاهليةٍ ولا إسلامٍ، وإنما نحن وهم شيءٌ واحدٌ» وشبّك بين أصابعه.
وأخرجه النسائي أيضا بنحو من هذه الروايات من طرقٍ عدّةٍ بتغيير بعض ألفاظها، واّتّفاق المعنى.

1196 - (د) عبد الرحمن بن أبي ليلى -رحمه الله-: قال: سمعت عليّا يقول: ولأني رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياته وحياة أبي بكرٍ، وحياة عمر، فأتى عمر بمالٍ آخر حياته، فدعاني، فقال: خذه، فقلت: لا أريده، فقال: خذه، فأنتم أحقّ به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال.
وفي رواية قال: اجتمعت أنا والعباس وفاطمّة وزيد بن حارثة عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تولّيني حقّنا من هذا الخمس في كتاب الله، فأقسمه في حياتك كيلا ينازعني أحدٌ بعدك فافعل. قال: ففعل ذلك قال: فقسمته حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ولاّنيه أبو بكرٍ، حتى إذا كانت آخر سنةٍ من سنيّ عمر فإنه أتاه مالٌ كثيرٌ،فعزل حقّنا، ثم أرسل إلىّ فقلت: بنا عنه العام غنى، وبالمسلمين إليه حاجةٌ، فاردده عليهم فردّه عليهم، ثم لم يدعني إليه أحدٌ بعد عمر فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فأخبرته. فقال: لقد حرمتنا الغداة شيئا لا يردّ علينا أبدا، وكان رجلا داهيا. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
داهيا: الداهي من الرجال: الفطن الجيد الرأي.
قال الخطابي: الرواية إنما بنو هاشم وبنو عبد المطلب شيء واحد، بشين معجمة، قال: وكان يحيى بن معين يرويه بسين غير معجمة، مكسورة مشددة الياء، أي: سواء، يقال: هذا سيء هذا، أي مثله ونظيره.

1197 - (س د) يزيد بن هرمز -رحمه الله-: أنّ نجدة الحروريّ حين حجّ في فتنة ابن الزّبير، أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربي، ويقول: لمن تراه؟ فقال ابن عباس: لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسمه رسول الله لهم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقّنا، فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله. هذه رواية أبي داود.
وفي رواية النسائي قال: كتب نجدة إلى ابن عباسٍ يسأله عن سهم ذى القربي: لمن هو؟ قال يزيد بن هرمز: فأنا كتبت كتاب ابن عباسٍ إلي نجدة، كتب إليه كتبت تسألني عن سهمٍ ذي القربى: لمن هو؟ وهو لنا أهل البيت، وقد كان عمر دعانا إلى أن ينكح منه أيّمنا، ويحذي منه عائلنا، ويقضي منه عن غارمنا، فأبينا إلا أن يسلّمه إلينا،وأبي ذلك، فتركناه عليه.
وفي أخرى له مثل أبي داود، وفيه: كان الذي عرض عليهم: أن يعين ناكحهم، ويقضي عن غارمهم، ويعطى فقيرهم، وأبى أن يزيدهم، على ذلك.

[شرح الغريب]
أيّما: الأيم من الرجال والنساء: الذي لم يتزوج، ذكرا كان أو أنثى بكرا أو ثيبا.
يحذي: يعطى.
غارمنا: الغارم، المديون.

الفرع الرابع: في الفيء، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
1198 - (د) عامر الشعبي -رحمه الله-: قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهمٌ يدعى: الصّفيّ،إن شاء عبدا، أو أمة، أو فرسا، يختاره قبل الخمس. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
الصفي: ما كان يصطفيه رئيس الجيش من الغنائم لنفسه، يأخذه خارجا عن القسمة، وهو الصفية أيضا، والجمع الصفايا.

1199 - (د) ابن عون -رحمه الله-: قال: سألت محمدا - وهو ابن سيرين - عن سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصّفيّ؟ قال: كان يضرب له مع المسلمين بسهم، وإن لم يشهد، والصّفيّ: يؤخذ له رأسٌ من الخمس، قبل كلّ شيء. أخرجه أبو داود.
1200 - (د) قتادة -رحمه الله -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا بنفسه كان له سهم صفيٍّّ، يأخذه من حيث شاء، فكانت صفيّة من ذلك السّهم وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهم، ولم يخيّر. أخرجه أبو داود.
1201 - (د) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: كانت صفيّة من الصّفيّ. أخرجه أبو داود.
1202 - (خ م ت د س) مالك بن أوس بن الحدثان - رضي الله عنه -: قال: أرسل إليّ عمر، فجئته حين تعالى النّهار، قال: فوجدته في بيته جالسا على سريرٍ، مفضيا إلى رماله، متّكئا على وسادةٍ من أدمٍ، فقال لي: يا مال، إنّه قد دفّ أهل أبياتٍ من قومك، وقد أمرت فيهم برضخٍ، فخذه فاقسمه بينهم، قال: قلت: لو أمرت بهذا غيري؟ قال: خذه يا مال، قال: فجاء يرفا، فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ فقال عمر: نعم، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاء، فقال: هل لك في عباس وعلي؟ قال: نعم، فأذن لهما، فقال العباس: يا أمير المؤمنين: اقض بيني وبين هذا، فقال القوم: أجل، يا أمير المؤمنين، فاقض بينهم وأرحهم، قال مالك بن أوسٍ: فخيّل إليّ أنهم قد كانوا قدّموهم لذلك، فقال عمر: اتئدوا، أنشدكم باللّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث ما تركنا صدقة؟» قالوا: نعم، ثم أقبل على العبّاس، وعليّ، فقال: أنشدكما باللّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمان أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة؟» قالا: نعم، قال عمر: إنّ الله كان خصّ رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصّةٍ لم يخصص بها أحدا غيره، فقال: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى: فللّه وللرّسول} (الحشر: آية 7).
وفي رواية وقال: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركاب} (الحشر: آية 9)، قال: فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النّضير، فوالله ما استأثرها عليكم، ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنةٍ، ثم يجعل ما بقي أسوة المال - وفي رواية: ثم يجعل ما بقي مجعل مال الله - ثم قال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السموات والأرض، أتعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم نشد عباسا وعليّا بمثل ما نشد به القوم: أتعلمان ذلك؟ قالا: نعم، قال: فلما توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم - زاد في رواية: فجئتما، تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك،ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها؟ فقال أبو بكرٍ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث، ما تركنا صدقةٌ، ثم اتّفقا - ثم توفّي أبو بكرٍ، وأنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليّ أبي بكرٍ، فوليتها، ثم جئتني أنت وهذا، وأنتما جميعٌ، وأمركما واحدٌ، فقلتم: ادفعها إلينا، فقلت: إن شئتم دفعتها إليكم، على أنّ عليكما عهد الله وأن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذتماها بذلك، أكذلك؟ قالا: نعم، قال: ثم جئتماني لأقضي بينكما،ولا والله، لا أقضي بينكما بغير ذلك، حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فردّا إليّ.
وفي رواية: وأنّ عمر قال: كانت أموال بني النضير ممّا أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف عليه المسلمون بخيلٍ،ولا ركابٍ، فكانت للنبيّ خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنةٍ.
وفي رواية: ويحبس لأهله قوت سنتهم، وما بقي جعله في الكراع والسلاح، عدّة في سبيل الله.
هذه رواية البخاري ومسلم بموجب ما أخرجه الحميدي.
وقال الحميدي: وقد تركنا من قول عمر - في معاتبتهما ومن قولهما ألفاظا ليست من المسند.
والذي وجدته في كتاب البخاري من تلك الألفاظ - زيادة على ما أخرجه الحميدي بعد قوله: اقض بيني وبين هذا الظالم - استبّا، قال: وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير. فقال الرّهط - عثمان وأصحابه -: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر.
وبعد قوله: فقال أبو بكرٍ: أنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنتما حينئذ - وأقبل على عليٍّ وعباس - تزعمان: أن أبا بكر فيها كذا،والله يعلم إنّه فيها صادقٌ، بارٌّ راشدٌ، تابعٌ للحقّ، وكذلك زاد في حق نفسه، قال: والله يعلم أنّي فيها صادق، بارٌّ،راشد،تابع للحق.
وزاد في آخر الحديث: فإن عجزتما عنها، فادفعاها إليّ، فأنا أكفيكماها.
وفي كتاب مسلم: فقال عبّاسٌ: يا أمير المؤمنين: اقض بيني وبين هذا الكاذب الغادر الخائن.
وفيه قال أبو بكرٍ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركنا صدقة» فرأيتماه كاذبا آثما، غادرا خائنا، والله يعلم إنّه لصادقٌ، بارٌّ،راشدٌ، تابعٌ للحقّ، ثم توفّى أبو بكر، فقلت: أنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليّ أبي بكرٍ، فرأيتماني كاذبا آثما، غادرا خائنا، واللّه يعلم إنّى لصادقٌ، بارٌّ راشدٌ، تابعٌ للحق، فوليتها.
وأخرجه الترمذي مختصرا، وهذا لفظه: قال مالك بن أوس: دخلت على عمر بن الخطاب، ودخل عليه عثمان بن عفّان،والزبير بن العوام، وعبد الرّحمن بن عوفٍ، وسعد بن أبي وقّاصٍ، ثم جاء علىٌّ والعبّاس يختصمان، فقال عمر لهم: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة؟» قالوا: نعم، قال عمر: فلمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكرٍ: أنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت أنت وهذا إلى أبى بكرٍ، تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» والله يعلم إنه صادقٌ، بارٌّ راشدٌ، تابع للحقّ.
قال الترمذي: وفي الحديث قصة طويلة، ولم يذكرها.
وأخرجه أبو داود بطوله، زاد فيه: «والله يعلم إنه صادق، بارٌّ راشدٌ، تابعٌ للحق».
ثم قال أبو داود: إنما سألا: أن يصيّره نصفين بينهما؟ لا أنهما جهلا عن ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» فإنهما كانا لا يطلبان إلا الصواب، فقال عمر: لا أوقع عليه اسم القسم، أدعه على ما هو.
وفي رواية أخرى له بهذه القصة: قال: «وهما - يعني عليّا والعباس - يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير».
وأخرجه النسائي بنحوٍ من هذه الرواية، وهذه أتمّ لفظا.
وزاد: ثم قال: {واعلموا: أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه، وللّرسول،ولذي القربى واليتامي، والمساكين} (الأنفال: آية 41) هذه لهؤلاء {إنّما الصدقات للفقراء والمساكين، والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم، وفي الرّقاب والغارمين، وفي سبيل الله وابن السبيل} (التوبة: آية 60) هذه لهؤلاء {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ} (الحشر: آية6) قال: قال الزهري: هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة، قرى عرينة.
قال: كذا وكذا {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى: فللّه وللرّسول} (الحشر: آية7)،و {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} (الحشر: آية 8)، {والذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} (الحشر: آية 9)، {والذين جاءو من بعدهم} (الحشر: آية 10)، فاستوعبت هذه الآية النّاس، فلم يبق رجلٌ من المسلمين إلا وله في هذا المال حقٌٌّ- أو قال: حظٌٌّ- إلا بعض من تملكون من أرقّائكم، ولئن عشت - إن شاء الله - ليأتينّ على كلّ مسلمٍ حقّه -أو قال: حظّه.
وأخرج أبو داود عن الزهري قال: قال عمر: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركاب}.
وذكر مثل ما قد ذكره النسائي في حديثه... إلى آخره.
وفي رواية أخرى لأبي داود. قال أبو البختري: سمعت حديثا من رجلٍ، فأعجبني.فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوبا مذبّرا: دخل العباس وعلىٌّ على عمر، وعنده طلحة، والزبير،وعبد الرحمن،وسعدٌ، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة،والزبير،وعبد الرحمن، وسعيدٍ: ألم تعلموا: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كلّ مال النبيّ صدقةٌ، إلا ما أطعمه أهله، أو كساهم، إنا لا نورث؟»قالوا: بلى، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق من ماله على أهله، ويتصدّق بفضله، ثمّ توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوليها أبو بكرٍ سنتين، وكان يصنع الذي كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر شيئا من حديث مالك بن أوس.
وفي رواية أخرى عن مالك بن أوس قال: كان فيما احتجّ به عمر أن قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النّضير وخيبر وفدك، فأمّا بنو النّضير: فكانت حبسا لنوائبه، وأما فدك: فكانت حبسا لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزّأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاءٍ: جزئين بين المسلمين، وجزءا نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله، جعله بين فقراء المهاجرين.
قال الزهري: وكانت بنو النّضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يفتحوها عنوة افتتحوها على صلحٍ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين،ولم يعط الأنصار منها شيئا، إلا رجلين كانت بهما حاجة.
وفي رواية مختصرة للترمذي، وأبي داود، والنسائي، عن مالك بن أوس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: كانت أموال بني النضير، ممّا أفاء الله على رسوله، ممّا لم يوجف عليه المسلمون بخيلٍ ولا ركابٍ،وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع،والسّلاح: عدّة في سبيل الله.
قال الحميديّ في كتابه: زاد البرقاني في روايته: قال: فغلب على هذه الصدقة علىٌّ -رضي الله عنه-، فكانت بيد عليٍّ، ثم كانت بيد حسن بن عليّ، ثم كانت بيد حسينٍ، ثم كانت بيد علي بن حسينٍ، ثم كان بيد الحسن بن الحسن، ثم كانت بيد زيد بن الحسن، ثم كانت بيد عبد الله بن الحسن، ثمّ وليها بنو العبّاس.

[شرح الغريب]
إلى رمال: رمال السرير: هي الخيوط التي تضفر على وجهه مشبكة.
مفضيا: أفضى إليه: أي ألقى نفسه عليها، لا حاجز بينهما.
وسادة: الوسادة المخدّة.
يا مال: ترخيم مالك.
دفّت: يقال: دفت دافة من الأعراب بدل مهملة: إذا جاؤوا إلى المصر.
برضخ: الرضخ العطاء ليس بالكثير.
اتّئد: أمر بالتأني والتثبت في الأمر.
أنشدكم: أسألكم وأقسم عليكم.
بإذنه: أي بأمره وعلمه.
أفاء: أي جعله فيئا، وهو ما أعطاه الله من أموال الكفار من غير قتال.
استأثرها: الاستئثار، الاستبداد بالشيء والانفراد به.
قال الخطابي: قول عمر لعلي وعباس: فجئت أنت وهذا، وأمركما واحد، وأنتما جميعا: يبيّن أنهما إنما اختصما إليه في أسباب الولاية والحفظ، وأن يولّي كلا منهما نصفا، ولم يسألاه: أن يقسمها بينهما ميراثا وملكا، بعد أن كانا سلماها أيام أبي بكر، وكيف يجوز ذلك وعمر يناشدهما الله: هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» يعترفان به، والحاضرون يشهدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك؟ فأراد عمر أن لا يوقع عليها اسم القسمة، احتياطا للصدقة، لئلا يجيء من بعد علي وعباس، وهي مقسومة، فيدّعيها ملكا وميراثا.
أرقّائكم: الأرقاء: جمع رقيق، وهم العبيد والإماء.
حبسا: الحبس: الوقف.
لنوائبه: النوائب: قد تقدم ذكرها.

1203 - (د) المغيرة بن حكيم -رحمه الله -: أنّ عمر بن عبد العزيز جمع بني مروان حين استخلف، فقال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كانت له فدك، فكان ينفق منها، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوّج منها أيّمهم، وإنّ فاطمة -رضي الله عنها- سألته: أن يجعلها لها، فأبى، فكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتّي مضى لسبيله، فلمّا أن ولي أبو بكرٍ، عمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، حتى مضى لسبيله،، ثم أقطعها مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز، فرأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة،ليس لي بحقٍّ،وإنّي أشهدكم، أنّي رددتها على ما كانت - يعني: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر-. أخرجه أبو داود.
1204 - (د) مالك بن أوس - رضي الله عنه -: قال: ذكر عمر يوما الفيء، فقال: ما أنا أحقّ بهذا الفيء منكم، وما أحدٌ منّا أحقّ به من أحدٍ إلاّ أنّا على منازلنا من كتاب الله، وقسمة رسوله، والرّجل وقدمه، والرّجل وبلاؤه، والرّجل وعياله، والرّجل وحاجته. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
قدمه: أراد بقدمه، قدمه في الإسلام وسبقه.
بلاؤه: آثاره في الإسلام وأفعاله.

1205 - (خ) نافع - رضي الله عنه -: أن عمر كان فرض للمهاجرين الأولين: أربعة آلاف، وفرض لابن عمر: ثلاثة آلافٍ وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلافٍ؟ قال: إنّما هاجر به أبوه - يقول: ليس هو ممّن هاجر بنفسه. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
هاجر: المهاجرة، قد تقدم ذكرها في الباب.

1206 - (خ) قيس بن أبي حازمٍ -رحمه الله -: قال: كان عطاء البدريّين: خمسة آلافٍ، خمسة آلافٍ، وقال عمر: لأفضّلنّهم على من بعدهم. أخرجه البخاري.
1207 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: أتي النبيّ صلى الله عليه وسلم بمالٍ من البحرين، فقال: انثروه في المسجد - وكان أكثر مالٍ أتي به رسول الله - فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة، جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول الله، أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ، فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقلّه، فلم يستطع. فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم ذهب يقله، فلم يستطع، فقال: مر بعضهم يرفعه علىّ، فقال: لا، قال: فارفعه أنت عليّ، قال: لا، فنثر منه ثم احتمله، فألقاه على كاهله، ثم انطلق، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبا من حرصه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثمّ منها دراهمٌ. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
فحثى: حثى إذا سفى بيده في حجره.
أقله: أقله يقله: إذا رفعه وحمله.

1208 - (د) عوف بن مالك - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الآهل حظّين، وأعطى العزب حظّا.
زاد في رواية: فدعينا - وكنت أدعى قبل عمّار - فدعيت فأعطاني حظّين،وكان لي أهلٌ، ثم دعي بعدي عمّار بن ياسرٍ، فأعطي حظّا واحدا. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
الآهل: الذي له زوجة.
حظّين: الحظ: السهم والنصيب.

1209 - (خ م د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرعٍ، فكان يعطي أزواجه كلّ سنةٍ مائة وسقٍ: ثمانين وسقا من تمرٍ،وعشرين من شعير، فلمّا ولي عمر، قسم خيبر حين أجلى منها اليهود، فخيّر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع لهنّ من الماء والأرض، أو يمضي لهن الأوساق، فمنهنّ من اختار الأرض والماء - ومنهنّ عائشة وحفصة - واختار بعضهنّ الوسق. هذه رواية البخاري،ومسلم.
وفي رواية أبي داود قال: لما فتحت خيبر سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقرّهم على أن يعملوا على النّصف ممّا خرج منها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نقرّكم فيها على ذلك ما شئنا، فكانوا على ذلك، وكان التّمر يقسم على السّهمان من نصيب خيبر، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم كلّ امرأةٍ من أزواجه من الخمس مائة وسق شعيرٍ، فلما أراد عمر إخراج اليهود، أرسل إلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهن: من أحبّ منكنّ أن أقسم لهنّ نخلا بخرصها مائة وسقٍ،فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها، ومن الزّرع مزرعة خرص عشرين وسقا، فعلنا، ومن أحبّ أن نعزل الذي لها في الخمس كما هو، فعلنا.

[شرح الغريب]
الأوساق: جمع وسق، وهي ستون صاعا، والصاع قد تقدم ذكره.

الفرع الخامس: في الغلول
1210 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «غزا نبيّ من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجلٌ ملك بضع امرأةٍ، وهو يريد أن يبني بها، ولمّا يبن بها، ولا أحدٌ بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا رجلٌ اشترى غنما أو خلفاتٍ وهو ينتظر ولادها، فغزا، فدنا من القرية صلاة العصر، أو قريبا من ذلك، فقال للشّمس: إنّك مأمورةٌ، وأنا مأمورٌ اللهمّ احبسها علينا، فحبست حتّى فتح الله عليه، فجمع الغنائم، فجاءت - يعني النّار - لتأكلها، فلم تطعمها، فقال: إنّ فيكم غلولا: فليبايعني من كلّ قبيلةٍ رجلٌ، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاءوا برأسٍ مثل رأس بقرةٍ من الذّهب، فوضعها، فجاءت النّار فأكلتها».
زاد في رواية: فلم تحلّ الغنائم لأحدٍ قبلنا، ثم أحلّ الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا، وعجزنا فأحلّها لنا. أخرجه البخاري، ومسلم.

[شرح الغريب]
الغلول: قد تقدم ذكره.
البضع: النكاح، وقيل: الفرج نفسه.
يبني بها: بنى الرجل بأهله: إذا دخل بها.
قال الجوهري: لا يقال: بنى بأهله، إنما يقال بنى على أهله، والأصل فيه: أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة.
خلفات: جمع خلفة، وهي الناقة الحامل.

1211 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ، فذكر الغلول، فعظّمه وعظّم أمره، ثم قال: لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعيرٌ له رغاءٌ، يقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، لأ ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرسٌ له حمحمةٌ، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاةٌ لها ثغاءٌ، يقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك له شيئا، قد أبلغتك، لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفسٌ لها صياحٌ، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك. لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاعٌ تخفق، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامتٌ، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول، لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. أخرجه البخاري ومسلم.
وهذا لفظ مسلم، وهو أتمّ.

[شرح الغريب]
الرغاء: صوت الإبل، وذوات الخف.
ثغاء: الثغاء صوت الشاء.
رقاع: يريد بالرقاع: ما عليه من الحقوق المكتوبة في الرقاع.
تخفق: خفوقها: حركتها.

1212 - (د) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: قال: أمّا بعد، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كتم غالاّ فإنه مثله. أخرجه أبو داود.
1213 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالا، فنادى في النّاس، فيجيئون بغنائمهم، فيخمسه، ويقسمه، فجاء رجلٌ يوما بعد النّداء بزمامٍ من شعرٍ، فقال: يا رسول الله، هذا كان فيما أصبناه من الغنيمة، فقال: أسمعت بلالا ينادي ثلاثا؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تجيء به، فاعتذر إليه، فقال: كلاّ، أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبله عنك.أخرجه أبو داود.
1214 - (خ م ط د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ففتح الله علينا، فلم نغنم ذهبا ولا ورقا، غمنا المتاع، والطّعام والثّياب، ثمّ انطلقنا إلى الوادي - يعني: وادي القرى - ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدٌ له، وهبه له رجلٌ من جذام يدعى رفاعة بن زيدٍ، من بني الضّبيب، فلمّا نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلّ رحله، فرمي بسهمٍ، فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئا له الشّهادة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلاّ، والذي نفس محمد بيده، إنّ الشّملة لتلتهب عليه نارا، أخذها من الغنائم يوم خيبر، لم تصبها المقاسم» قال: ففزع النّاس، فجاء رجلٌ بشراكٍ، أو شراكين، فقال: أصبته يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شراكٌ من نارٍ، أو شراكان من نارٍ».
وفي رواية نحوه، وفيه: ومعه عبدٌ يقال له: مدعمٌ، أهداه له أحد بني الضّباب، إذ جاءه سهمٌ عائرٌ.
أخرجه الجماعة إلا الترمذي.

[شرح الغريب]
الشملة: إزار يتّشح به.
بشراك: الشراك، سير من سيور النعل التي على وجهها.
سهم عائر: إذا لم يدر من أين جاء.

1215 - (خ) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ يقال له: كركرة، فمات، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو في النار»فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءة قد غلّها. أخرجه البخاري،وقال: قال ابن سلاّمٍ: كركرة.
1216 - (س) أبو رافع - رضي الله عنه-: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا صلّى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل، فيتحدث عندهم حتّى ينحدر للمغرب»، قال أبورافع: فبينما النبيّ صلى الله عليه وسلم مسرعٌ إلى المغرب مررنا بالنّقيع، فقال: «أفّ لك، أفّ لك، أفٍّ لك»قال: فكبر ذلك في ذرعي، فاستأخرت وظنتت أنه يريدني، فقال: «مالك؟ امش»قلت: أحدث حدثٌ؟ فقال: «ما ذاك؟» قلت: أفّفت بي، قال: «لا، ولكنّ هذا فلانٌ، بعثته ساعيا على بني فلانٍ، فغلّ نمرة، فدرّع الآن مثلها من نار». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
النقيع: بالنون، موضع حمى بالمدينة لإبل الصدقة، وليس بالبقيع - بالباء الموحدة -، فإن ذلك مقبرة المدينة.
ذرعي: يقال: ضاق ذرعي بهذا الأمر، وكبر هذا الأمر في ذرعي، أي عظم عندي وقعه، وجل لدي.
أفّفت بفلان: إذا قلت له: أف لك.
ساعيا: الساعي: الذي يجبي الصدقة، ويستوفيها من أربابها.
النمرة: بردة من صوف تلبسها الأعراب.
فدرّع: درّع كذا وكذا، أي ألبس، يعني جعل له درعا.

1217 - (ط وس) زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه -أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي بخيبر فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صلّوا على صاحبكم» فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: «إن صاحبكم غلّ في سبيل اللّه، ففتشنا في متاعه، فوجدنا خرزا من خرز يهود، لا يساوي درهمين». أخرجه الموطأ وأبوداود، والنسائي.
1218 - (ط) عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني- رحمه الله-: بلغه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أتى النّاس في قبائلهم يدعو لهم، وأنه نزل قبيلة من القبائل، وأنّ القبيلة وجدوا في برذعة رجلٍ منهم عقد جزعٍ غلولا، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبّر عليهم كما يكبّر على الميت. أخرجه الموطأ.
1219 - (م ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: حدّثني عمر قال: لمّا كان يوم خيبر أقبل نفرٌ من صحابة النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، وفلانٌ شهيدٌ، حتى مرّوا على رجلٍ فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلاّ، إنّي رأيته في النار في بردةٍ غلّها - أو عباءةٍ - ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن الخطاب، اذهب فناد في الناس: أنّه لا يدخل الجّنة إلا المؤمنون - ثلاثا - قال: فخرجت، فناديت: ألا، إنه لا يدخل الجنّة إلا المؤمنون، ثلاثا. أخرجه مسلم والترمذي.
1220 - (ت د) صالح بن محمد بن زائدة -رحمه الله-: قال: دخلت مع مسلمة أرض الرّوم، فأتى برجلٍ قد غلّ، فسأله سالما عن ذلك؟ فقال: إني سمعت أبى يحدّث عن أبيه عمر -رضي الله عنه-: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه» قال: فوجدنا في متاعه مصحفا. فسأل سالما عنه، فقال: بيعوه وتصدّقوا بثمنه.أخرجه أبو داود، والترمذي.
[شرح الغريب]
فأحرقوا متاعه: قال الخطابي: لا أعلم خلافا بين العلماء في تأديب الغال في بدنه بما يراه الإمام، وأما إحراق متاعه فقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من قال به، ومنهم من لم يقل به، وإليه ذهب الأكثرون، ويكون الأمر بالإحراق على سبيل الزجر والوعيد لا الوجوب،والله أعلم.

1221 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر حرّقوا متاع الغالّ وضربوه.
زاد في رواية ومنعوه سهمه. أخرجه أبو داود

الفرع السادس: في أحاديث متفرقة تتعلق بالغنائم والفئ
1222 - (د) عاصم بن كليب -رحمه الله -: عن أبيه عن رجلٍ من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فأصاب الناس حاجةٌ شديدةٌ، وجهدٌ، فأصابوا غنما، فانتهبوها، فإنّ قدورنا لتغلي، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قوسه، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمّل اللّحم بالتّراب، ثم قال: إنّ النّهبة ليست بأحلّ من الميتة- أوإنّ الميتة ليست بأحلّ من النّهبة -الشّكّ من هنّادٍ، وهو ابن السريّ. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
جهد: الجهد بالفتح: المشقة، وبالضم: الطاقة.
فأكفأ: أكفأ القدر: إذا قلبها وكبها.
يرمّل: رمّلت اللحم: أي مرغته في الرمل.
النهبة: قد تقدم ذكرها.

1223 - (خ م ت) رافع بن خديج - رضي الله عنه -: قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فتقدّم سرعان النّاس، فتعجّلوا من الغنائم فاطّبخوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أخرى الناس، فمرّ بالقدور فأمر بها فأكفئت ثمّ قسم بينهم، فعدل بعيرا بعشر شياهٍ. هذا لفظ الترمذي.
وهو طرفٌ من حديثٍ طويلٍ قد أخرجه البخاري ومسلم تاما.
وقد ذكرناه في كتاب الذبائح من حرف الذال، وقد أخرج الترمذي الحديث جميعه متفرّقا في ثلاثة مواضع، كلّ معني منه في باب يتعلّق به.

[شرح الغريب]
فاطبخوا: افتعلوا من الطبخ، فأدغمت التاء في الطاء.

1224 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من انتهب فليس منّا» أخرجه الترمذي.
1225 - (د) عبد الرحمن بن غنم - رضي الله عنه -: قال: رابطنا مدينة قنّسرين مع شرحبيل بن السّمٍط، فلمّا فتحها أصاب فيها غنما وبقرا، فقسم فينا طائفة منها، وجعل بقيّتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل، فحدّثته فقال معاذ: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فأصبنا فيها غنما، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة، وجعل بقيّتها في المغنم. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
طائفة: أراد بالطائفة: قدر الحاجة للطعام، وترك الباقي.
قسم بيننا: فقسمه بينهم على قدر السهام، لكن ضرورة حاجتهم إلى الطعام والعلف أباحت لهم ذلك.

1226 - (د) أبو لبيد -رحمه الله-: قال: كنّا مع عبد الرحمن بن سمرة بكابل، فأصاب النّاس غنيمة، فانتهبوها، فقام خطيبا، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النّهبى،، فردّوا ما أخذوا، فقسمه بينهم.أخرجه أبو داود.
1227 - (ط) عمرو بن شعيب أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين صدر من حنينٍ، وهو يريد الجعرانة سأله النّاس؟ حتى دنت به ناقته من شجرةٍ، فتشبّكت بردائه، فنزعته عن ظهره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ردّوا عليّ ردائي، أتخافون أن لا أقسم بينكم ما أفاء الله عليكم؟ والّذي نفسي بيده، لو أفاء الله عليكم مثل سمر تهامة نعما لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا ولا جبانا ولا كذّابا»، فلمّا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الناس، فقال: «أّدّوا الخائط والخيط، فإن الغلول عارٌ وشنارٌ على أهله يوم القيامة» قال: ثمّ تناول من الأرض وبرة من بعير- أو شيئا- قال: «والذّي نفسي بيده،مالي ممّا أفاء الله عليكم ولا مثل هذه، إلا الخمس، والخمس مردودٌ عليكم» أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
السّمر: شجر معروف.
الخائط: الإبرة والخيط: معروف.
شنار: الشنار والعار سواء.

1228 - (د) ريفع بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابّة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها، ردّها فيه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه،ردّه فيه». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
أعجفها: أي جعلها عجفاء، وهي الهزيلة التي ذهب سمنها.

1229 - (خ ط) أسلم مولى عمر - رضي الله عنهما -: أنّ عمر استعمل مولى له يدعى: هنيّا، على الصدقة، فقال: يا هنيّ، ضمّ جناحك عن النّاس، واتّق دعوة المظلوم، فإنّها مجابةٌ، وأدخل ربّ الصّريمة وربّ الغنيمة،وإيّاك ونعم ابن عفّان وابن عوفٍ، فإنّهما إن تهلك مواشيهما يرجعان إلى زرعٍ ونخلٍ، وإنّ ربّ الصّريمة والغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببينةٍ، فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين، أفتاركه أنا لا أبا لك؟ فالماء والكلأ أيسر عليّ من الذّهب والفضّة،وايم الله، إنّهم ليرون أنّا قد ظلمناهم، إنّها لبلادهم ومياههم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والله، لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت على النّاس من بلادهم شبرا. أخرجه البخاري،والموطأ.
[شرح الغريب]
اضمم: اضمم جناحك: أي ألن جانبك وارفق بهم.
الصريمة: تصغير الصرمة، وهي القطعة من الإبل، نحو الثلاثين.
وربها: صاحبها.
الكلأ: العشب، سواء رطبه ويابسه.

1230 - (خ د) أسلم مولى عمر - رضي الله عنه -: أنّه سمع عمر يقول: أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر النّاس ببّانا، ليس لهم من شيءٍ، ما فتحت عليّ قريةٌ إلاّ قسمتها، كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها. هذه رواية البخاري.
وفي رواية أبي داود قال: قال عمر: لولا آخر النّاس، ما فتحت قرية إلاّ قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر.

[شرح الغريب]
ببّانا: ببانا: واحدا أي شيئا واحدا، مثل قوله: باجا واحدا، ومعنى الحديث: أنه قال: لولا أن أترك آخر الناس - وهم الذي يجيؤون بعده - شيئا واحدا متساويين في الفقر، ليس لهم شيء، لكنت كلما فتحت على المسلمين قرية قسمتها، كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وذلك أنه قسمها على الغانمين، فصار لكل واحد منهم حصة مفردة من أرض خيبر، يتصرف فيها. فقال عمر: لو قسمتها كقسمة خيبر، جاء آخر الناس وليس لهم حصة في البلاد المفتتحة،فيكونون ببانا واحدا، ليس لهم شيء، فلذلك جعل عمر البلاد في أيدي المسلمين يتولونها لبيت المال، ولم يقسم على الغانمين إلا الغنائم وحدها دون البلاد.

1231 - (خ م ت د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ الصّعب ابن جثّامة قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء- أو بودّان- وسئل عن أهل الدار من المشركين يبيّتون، فيصاب من نسائهم وذراريّهم،قال: هم منهم، وسمعته يقول: لا حمى إلاّ لله ولرسوله. وفي رواية: هم من آبائهم.
هذه رواية البخاري، ووافقه مسلم على الفصل الأول، ولم يذكر الحمى.
وفي رواية الترمذي قال: قلت: يا رسول الله، إنّ خيلنا أوطئت من نساء المشركين وأولادهم؟ قال: هم من آبائهم.
وفي رواية أبي داود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدّار من المشركين يبيّتون، فيصاب من ذراريّهم ونسائهم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: هم منهم.
وفي رواية: هم من آبائهم.
قال الزهريّ: ثم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان.

[شرح الغريب]
يبيّتون: التبييت: طروق العدو ليلا على غفلة، للغارة والنهب.
هم منهم: أي حكمهم وحكم أهلهم سواء، وكذلك قوله: «هم من آبائهم».

1232 - (خ د) الصعب بن جثامة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا حمى إلا للّه ولرسوله» قال: وبلغنا: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم حمى النّقيع، وأنّ عمر حمى سرف والرّبذة. هذه رواية البخاري.
وعند أبي داود: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا حمى إلا للّه ولرسوله».
قال ابن شهابٍ: وبلغني: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النّقيع.
وفي رواية: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حمى النّقيع، وقال: «لا حمى إلاّ للّه».

1233 - (ط د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: كلّ قسمٍ قسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكلّ قسمٍ أدركه الإسلام ولم يقسم فهو على قسمٍ الإسلام. أخرجه أبو داود.
وأخرجه الموطأ موسلا عن ثور بن يزيد الديلي قال: بلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إيما دارٍ أو أرضٍ قسمتّ في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيّما دارٍ أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام».

1234 - (خ ط د) نافع - رحمه الله -: عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ عبدا لابن عمر أبق فلحق بالرّوم، فظهر عليهم خالدٌ، فردّه إلى عبد الله، وأنّ فرسا لعبدٍ الله عار، فظهروا عليه، فردّه إلى عبد الله.
قال البخاريّ: وقال في رواية: في الفرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى أنّ خالد بن الوليد حين بعثه أبو بكرٍ أخذ غلاما كان فرّ من ابن عمر إلى أرض الروم، فأخذه خالدٌ فردّه عليه.
وفي رواية الموطأ: أنّ عبدا لابن عمر أبق، وأن فرسا له عار فأصابهما المشركون، ثمّ غنمهما المسلمون، فردّ على عبد الله بن عمر، وذلك قبل أن تصيبهما المقاسم.
وأخرج أبو داود الحديث بطوله مثل البخاري.
وأخرج من رواية أخرى حديث العبد، وقال فيه: فردّه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم،ولم يقسم.

[شرح الغريب]
أبق: أبق الغلام إذا هرب.
عار: عار الفرس: إذا انفلت وذهب هاهنا وها هنا من مرحه.

1235 - (خ) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: كنّا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله، ولا نرفعه.أخرجه البخاري.
1236 - (د) زيد بن أسلم -رحمه الله-: أنّ ابن عمر دخل على معاوية، فقال: ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: عطاء المحرّرين، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل ما جاءه شيءٌ بدأ بالمحرّرين.أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
المحرّرون: قال الخطابي: المحررون المعتقون، وذلك أنهم قوم لا ديوان لهم، وإنما يدخلون في جملة مواليهم، والديوان إنما كان موضوعا في بني هاشم، ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة، وكان هؤلاء مؤخرين في الذّكر، وإنما ذكرهم عبد الله بن عمر وتشفع لهم في تقديم أعطياتهم، لما علم من ضعفهم وحاجتهم.

1237 - (د) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بظبيةٍ فيها خرزٌ، فقسمها للحرّة، والأمة، قالت عائشة: كان أبي يقسم للحرّ والعبد. أخرجه أبو داود.
1238 - (خ م ت) المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -: أنّ عمرو بن عوفٍ أخبره أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجرّاح إلى البحرين يأتي بجزيتها،وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم صالح أهل البحرين، وأمّر عليهم العلاء بن الحضرميّ،فقدم أبو عبيدة بمالٍ من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا صلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرّضوا له، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال: «أظنّكم سمعتم أنّ أبا عبيدة قدم بشيءٍ من البحرين؟» فقالوا: أجل يا رسول الله، فقال: «أبشروا وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشي أن تبسط الدّنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
إلا أنّ الترمذي لم يذكر الصلح،وتأمير العلاء.

[شرح الغريب]
تعرضوا له: تعرضت لفلان: إذا تراءيت له ليراك.
فتنافسوها: التنافس: تفاعل من المنافسة: الرغبة في الانفراد بالشيء والاستبداد به.

1239 - (خ) ثعلبة بن أبي مالك - رضي الله عنه -: أنّ عمر قسم مروطا بين نساء أهل المدينة، فبقي منها مرطٌ جيّدٌ، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين، أعط هذا ابنة رسول الله التي عندك- يريدون: أمّ كلثوم بنت علي فقال: أمّ سليطٍ أحقّ به، فإنها ممّن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت تزفر لنا القرب يوم أحدٍ. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
مروطا: المروط جمع مرط، وهو كساء من خز أو صوف يؤتزر به.
تزفر: زفر الحمل يزفره: إذا حمله.

الفصل الرابع: من الباب الثاني من كتاب الجهاد في الشهداء
1240 - (م ط ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تعدّون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيدٌ، قال: إنّ شهداء أمّتي إذا لقليلٌ، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد،ومن مات في البطن فهو شهيد، قال ابن مقسمٍ: أشهد على أبيك- يعني أبا صالح- أنّه قال: والغريق شهيدٌ». هذه رواية مسلم.
وفي رواية الموطأ، والترمذي: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسةٌ: المطعون، والمبطون،والغرق،وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله».

[شرح الغريب]
الشهداء: جمع شهيد، وقد ذكر.
المطعون: الذي عرض له الطاعون، وهو الداء المعروف.
المبطون: هو الذي يشكو بطنه.
صاحب الهدم: هو الذي يقع عليه بناء أو حائط فيموت تحته.

1241 - (س) عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «خمسٌ من قبض في شيءٍ منهنّ فهو شهيد: المقتول في سبيل الله شهيدٌ، والغرق في سبيل الله شهيد، والمبطون في سبيل الله شهيد، والمطعون في سبيل الله شهيد، والنّفساء في سبيل الله شهيدٌ».أخرجه النسائي.
1242 - (س) صفوان بن أمية - رضي الله عنه -: قال: الطّاعون، والمبطون، والغريق،والنّفساء، شهادةٌ.
قال: وحدّثنا أبو عثمان مرارا، ورفعه مرّة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.أخرجه النسائي.

1243 - (ط د س) جابر بن عتيك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء سبعةٌ، سوى القتل في سبيل الله: المطعون،والمبطون، والغرق، والحرق، وصاحب ذات الجنب، والذي يموت تحت الهدم،والمرأة تموت بجمعٍ شهيدة». أخرجه.
[شرح الغريب]
الغرق: الغريق، والحرق: المحترق، وهما اللذان يموتان بالماء والنار.
ذات الجنب: دمل أو قرحة تعرض في جوف الإنسان، تنفجر إلى داخل، فيموت صاحبها، وقد تنفجر إلى خارج.
بجمع: ماتت المرأة بجمع: إذا ماتت وولدها في بطنها، وقد تكون المرأة التي لم يمسها رجل.

1244 - عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: مثله - وزاد: ومن قتل دون ماله فهو شهيد. أخرجه.
1245 - (د) أم حرام - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «المائد في البحر، الذي يصيبه القيء له أجر شهيد،والغرق له أجر شهيدين» أخرجه أبو داود.
1246 - (خ ت د س) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل دون ماله فهو شهيد». أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي.
وللنسائي في رواية: من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد.
وفي رواية للترمذي وأبي داود والنسائي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أريد ماله بغير حقٍّ، فقاتل فقتل، فهو شهيد».

1247 - (س) بريدة الأسلمي - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيدٌ». أخرجه النسائي.
1248 - (ت د س) سعيد بن زيد - رضي الله عنه -: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد». أخرجه الترمذي، وأبو داود.
وفي أخرى للترمذي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيدٌ،ومن سرق من الأرض شبرا طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين».
وفي رواية للنسائي: من قتل دون ماله فهو شهيد.
وفي أخرى له: من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد، ومن قاتل دون دمه فهو شهيدٌ، ومن قاتل دون أهله فهو شهيد.
زاد في أخرى: ومن قاتل دون دينه فهو شهيد.

[شرح الغريب]
طوّقه من سبع أرضين: طوقه أي جعل له مثل الطوق في العنق.وقوله: «من سبع أرضين» يعني أنه تخسف به الأرضون السبع فيصير موضع ما اغتصبه كالطوق في رقبته.
وقيل: هو من طوق التكليف، لا طوق التقليد، يقال: طوقته هذا الأمر، أي كلفته حمله.

1249 - (س) سويد بن مقرّن - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون مظلمته فهو شهيد». أخرجه النسائي.
1250 - (م س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجلٌ يريد أخذ مالي؟ قال: «فلا تعطه مالك»، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: «قاتله»، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: «فأنت شهيدٌ»، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال «هو في النار». أخرجه مسلم.
وفي رواية النسائي قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن عدي على مالي؟ قال: «فانشد بالله»، قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فانشد بالله»، قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فانشد باللّه»، قال: فإن أبوا على؟ قال: فقاتل، «فإن قتلت ففي الجنة، وإن قتلت ففي النار».
وفي أخرى له قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد».

[شرح الغريب]
عدي على مالي: عدي على فلان: إذا ظلم وأخذ ماله.

1251 - (م) ثابت مولى عمر بن عبد الرحمن -رحمه الله -: قال: لمّا كان بين عبد الله بن عمرو، وعنبسة بن أبي سفيان ما كان تيسّرا، للقتال، فركب خالد ابن العاص إلى ابن عمرٍو، فوعظه، فقال له عبد الله بن عمرو: أما علمت أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد؟».أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
تيسرا للقتال: اعتدّا له، وتهيّئا.

1252 - (د) أبو سلام الحبشي -رحمه الله -: عن رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أغرنا على حيٍّ من جهينة، فطلب رجلٌ من المسلمين رجلا منهم، فضربه فأخطأه، وأصاب نفسه بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخوكم يا معشر المسلمين» فابتدره النّاس، فوجدوه قد مات، فلفّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه، وصلّى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله، أشهيدٌ هو؟ قال: «نعم، وأنا له شهيدٌ». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
شهيد: ها هنا، بمعنى شاهد، والمراد: هو شهيد، من الشهادة في سبيل الله، وأنا له شاهد بذلك.

1253 - (س) العرباض بن سارية - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «يختصم الشهداء والمتوفّون على فرشهم إلى ربّنا في الذين يتوفّون من الطّاعون، فيقول الشهداء: قتلوا كما قتلنا،ويقول المتوفّون على فرشهم: إخواننا، ماتوا على فرشهم كما متنا، فيقول ربنا: انظروا إلى جراحهم، فإن أشبهت جراح المقتولين فإنهم منهم معهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم».أخرجه النسائي.
1254 - أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قتل رجلٌ في المعركة، وعاش بعد، ثم مات، ومات آخر موته، فحضرت الصلاة عليهما، فمال أكثر الناس إلى الصلاة على المقتول، فقال رجل منهم: ما أبالى من أيّهما بعثت؛ لأنّي أسمع الله تعالى يقول: {والذين هاجروا في سبيل الله، ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم الّله رزقا حسنا} (الحج: آية 58). أخرجه.
1255 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: أنّ عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- غسّل وكفّن وصلّى عليه، وكان شهيدا يرحمه الله. أخرجه الموطأ.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجهاد, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir