دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1431هـ/3-05-2010م, 01:36 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الجهاد : الباب الأول في الجهاد وما يختص به

حرف الجيم
الكتاب الأول: في الجهاد وما يتعلق به من الأحكام واللوازم
الباب الأول: في الجهاد وما يختص به
الفصل الأول: في وجوبه، والحث عليه
1038 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجهاد واجبٌٌ عليكم مع كلّ أمير: براكان أو فاجرا، والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم: برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر،والصلاة واجبة على كل مسلم: برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر»أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
برا: البر: اسم جامع للخير كله، ومنه: رجل بار وبر، فجمع بار: بررة وجمع بر: أبرار.
فاجرا: الفجور: الفسق والكذب، وبالجملة: فكل ما في البر من الخير. ففي الفجور من الشر.
الكبائر: جمع كبيرة، وهي ما كبر من المعاصي، وعظم من الذنوب.
1039 - (د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم». أخرجه أبو داود والنسائي.
وفي أخرى للنسائي: «جاهدوا بأيديكم وألسنتكم وأموالكم».
1040 - (خ م ت د س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: «لا هجرة بعد الفتح،ولكن جهادٌ ونيّةٌ، وإذا استنفر تم فانفروا» أخرجه الجماعة إلا الموطأ.
[شرح الغريب]
الهجرة: مفارقة الوطن إلى جهة أخرى بنية المقام فيها، وكان المهاجر في الشريعة: من فارق أهله ووطنه متوجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم رغبة في الإسلام.
جهاد: الجهاد: محاربة الكفار.
نية: النية: إخلاص الجهاد لله تعالى، يعني أنه لم يبق بعد الفتح هجرة، إنما هو الإخلاص في الجهاد وقتال الكفار.
استنفرتم فانفروا: الاستنفار: الاستنجاد والاستنصار، أي: إذا طلب منكم النصرة فأجيبوه، أو انفروا خارجين إلى نصرته.
1041 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - مثله - ولم تذكر: يوم الفتح. أخرجه البخاري ومسلم.
1042 - (س) صفوان بن أمية - رضي الله عنه -: قال: «قلت: يا رسول اللّه، يقولون: الجنّة لا يدخلها إلا من هاجر؟ قال: لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإذا استنفر تم فانفروا».أخرجه النسائي.
1043 - (م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يغز، ولم يحدّث به نفسه، مات على شعبة من النفاق».
قال ابن المبارك، فنرى أنّ ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي. إلا أنّ أبا داود قال: «شعبة نفاقٍ».
[شرح الغريب]
الشعبة: الطائفة من كل شيء، والقطعة منه.
1044 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من لقي اللّه تعالى بغير أثرٍ من جهاد، لقي الله وفي إيمانه ثلمةٌ». أخرجه الترمذي.
1045 - (د) أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يغز، ولم يجهّز غازيا، أو يخلّف غازيا في أهله بخيرٍ، أصابه اللّه بقارعةٍ».
زاد في رواية: «قبل يوم القيامة». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
يجهز: التجهيز: التحميل وإعداد ما يحتاج الغازي إليه، وكذلك تجهيز الميت، وتجهيز العروس ونحو ذلك.
يخلف: خلفت الرجل في أهله: إذا صرت له خليفة تقوم في شأنهم مقامه.
بقارعة: القارعة العذاب والبلاء ينزل بالإنسان من الله تعالى.
1046 - (خ م د) أبو النصر سالمٌ مولى عمر بن عبيد الله، وكان كاتبا له -رضي الله عنه- قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى، فقرأته حين سار إلى الحروريّة، يخبره: ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في بعض أيّامه التي لقي فيها العدوّ انتظر حتّى إذا مالت الشّمس، قام فيهم فقال: «يا أيها الناس، لا تتمنّوا لقاء العدوّ، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنّة تحت ظلال السّيوف، ثم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: اللّهمّ منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب،اهزمهم وانصرنا عليهم»، أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود.
ولم يذكر أبو داود «انتظاره حتى مالت الشّمس».
[شرح الغريب]
ظلال السيوف: الظلال: جمع ظل، وهذا من باب الكناية والاستعارة، وهو حث على الجهاد، لأن الإنسان يميل إلى الظل طلبا للراحة، فقيل له: إن الجنة تحت ظلال السيوف، فمن أرادها فليدخل تحت السيف، بأن يحمله ويقاتل به، ويصبر على ألم وقعه.
الأحزاب: جمع حزب، وهم الذين يجتمعون من طوائف متفرقة، يتعاضدون على شيء.
1047 - (خ م) أبو هريرة - رضي اللّه عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تتمنّوا لقاء العدوّ، وإذا لقيتموهم فاصبروا». أخرجه البخاري،ومسلم.
1048 - (س) سلمة بن نفيل الكندي - رضي الله عنه -: قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح،قالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه،وقال: «كذبوا، الآن جاء القتال، ولا تزال من أمّتي أمّةٌ يقاتلون على الحق، ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم، حتى تقوم الساّعة، وحتى يأتى وعد الله، الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي: إني مقبوضٌ غير ملبّث، وأنتم تتّبعوني، ألا، فلا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ، وعقر دار المؤمنين الشام». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
أذال: الإذالة: الإهانة والابتذال.
أوزراها: الأوزار: الأثقال، ومعنى «حتى تضع الحرب أوزارها» أي: ينقضي أمرها، وتخف أثقالها، ولا يبقى قتال.
يزيغ: زاغ الشيء يزيغ: إذا مال.
نواصي: جمع ناصية، وهو شعر مقدم الرأس.
عقر الدار: أصلها بالفتح، وهو محلة القوم، وأهل المدينة يقولون: عقر الدار، بالضم.
الفصل الثاني: في آدابه
1049 - (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: «اللّهمّ أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل». هذه رواية أبي داود.
وفي رواية الترمذي: «أنت عضدي،وأنت نصيري، وبك أقاتل».
[شرح الغريب]
أحول: قال الخطابي معنى قوله: «بك أحول»: أحتال: قال وقال ابن الانباري: الحول في كلام العرب: معناه: الحيلة، قال: ومنه قولك: «لا حول ولاقوة إلا بالله» أي: لا حيلة لي في رفع سوة ولا درك قوه إلا بالله.
وقيل: معناه: الدفع والمنع، من قولك: حال بين الشيئين: إذا منع أحدهما عن الأخر،
أصول: أي: أسطو.
1050 - (د) ابن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان هو وجيوشه إذا علوا الثّنايا كبّروا، وإذا هبطوا سبّحوا، فوضعت الصلاة على ذلك»، أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الثنايا: جمع ثنية، وهي ما ارتفع من الأرض كالنشز.
1051 - (د) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: قال: كان شعار المهاجرين: عبد اللّه، وشعار الأنصار: عبد الرحمن. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
شعار: الشعار العلامة.
1052 - (د) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: قال: أمّر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أبا بكرٍ في غزاةٍ، فبيّتنا ناسا، من المشركين نقتلهم، وقتلت بيدي تلك الليلة سبعة أهل أبياتٍ من المشركين، وكان شعارنا: أمت.
وفي رواية أخرى: يا منصور أمت، يا منص أمت. أخرجه أبو داود،وانتهت روايته عند «أمت» الأولى.
وفي أخرى لأبي داود أيضا قال: غزونا مع أبي بكرٍ زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكان شعارنا: أمت، أمت.
[شرح الغريب]
فبيّتنا: التبييت الطروق ليلا على غفلة، للغارة والنهب.
أمت أمت: أمر بالموت، وقوله: يا منص، ترخيم منصور،بحذف الراء والواو،والمراد التفاؤل بالنصر،مع حصول الغرض بالشعار، لأنهم جعلوا هذا اللفظ بينهم علامة يعرف بعضهم بعضا بها،لأجل ظلمة الليل.
1053 - (ت د) المهلب بن أبي صفرة -رحمه الله- عمّن سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ بيّننكم العدوّ فقولوا: حم، لا ينصرون».
وروى عن المهلب مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الترمذي وأبو داود.
وفي رواية ذكرها رزين، ولم أجدها في الأصول، قال: سمعت المهلّب -وهو يخاف أن يبيّته الخوارج - يقول: سمعت عليّ بن أبى طالبٍ يقول: -وهو يخاف أن يبيّته الحروريّة - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو يخاف أن يبيّته أبو سفيان - «إن بيّيتٌم، فإنّ شعاركم: حم لا ينصرون».
[شرح الغريب]
الحرورية: طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء: اسم قرية يمد ويقصر، كان أول مجتمعهم بها، وتحكيمهم فيها.
حم لا ينصرون: هذه أيضا علامة لهم في الحرب كالأول، وقال أبو عبيدة: معناه: اللهم لا ينصرون، وقال ثعلب: هو إخبار، معناه: والله لا ينصرون، قال: ولو كان دعاء لكان مجزوما، وإنما جعله قسما بالله، لأن «حم» فيما يقال: اسم من أسماء الله، فكأنه قال: والله لا ينصرون.
1054 - (خ م ت د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعةٌ». أخرجه الجماعة، إلا الموطأ والنسائي.
[شرح الغريب]
الحرب خدعة: يعني: أن أمرها ينقضي بمرة واحدة من الخداع، قال الخطابي: هذا الحرف يروى بفتح الخاء وسكون الدال، وهو أفصحها وأصوبها، و«بضم الخاء وسكون الدال»، وبضم الخاء وفتح الدال، فمعنى الأولى: المرة الواحدة من الخداع: أي أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة، لم يكن لها إقالة، ومعنى الثانية: الاسم من الخداع، ومعنى الثالثة: أراد أن الحرب تخدع الرجال، وتمنّيهم،و لا تفي لهم، كما يقال: فلان رجل لعبة: إذا كان يكثر اللعب، وضحكة: للذي يكثر الضحك.
1055 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: سمّي النبيّ صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة.
وفي رواية أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الحرب خدعةٌ». أخرجه البخاري ومسلم.
1056 - (د) كعب بن مالك - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا ناحية ورّى بغيرها،وكان يقول: «الحرب خدعةٌ». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
ورّى بغيرها: ستر وأخفى، يعني: أنه كان إذا أراد أن يقصد جهة أظهر أنه يريد غيرها، لئلا ينتهي خبره إلى مقصده، فيستعدوا للقائه.
1057 - (ط د س) معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغزو غزوان، فأمّا من ابغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشّريك،واجتنب الفساد، فإنّ نومه ونبهه أجرٌ كلّه، وأّما من غزا فخرا، ورياء، وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنّه لم يرجع بالكفاف». هذه رواية أبي داود، والنسائي.
وفي رواية الموطأ قال: «الغزو غزوان، فغزوٌ: تنفق فيه الكريمة، وبياسر فيه الشريك، ويطاع فيه ذو الأمر، ويجتنبب فيه الفساد، فذلك الغزو خيرٌ كلّه، وغزّوٌ: لا يطاع فيه ذو الأمر، ولا يجتنبب فيه الفساد، فذلك الغزو لا يرجع، صاحبه كفافا».
[شرح الغريب]
الكريمة: النفيسة الجيدة من كل شيء.
وياسر الشريك: مياسرة الشريك: هي التساهل معه، واستعمال اليسر معه، وترك العسر، وهي مفاعلة من اليسر.
سمعة ورياء: يقال: فلان فعل الشيء رياء وسمعة، أي فعله ليراه الناس ويسمعوه.
كفافا: الكفاف: السواء والقدر، وهو الذي لا يفضل عنه ولا يعوزه.
1058 - (خ) موسى بن أنس - رضي الله عنهما -: قال: وذكر يوم اليمامة. قال: أتى أنسٌ ثابت بن قيسٍ وقد حسر عن فخذيه، وهو يتحنّط فقال: يا عمّ، ما يحبسك؟ ألا تجئ؟ قال: الآن يا ابن أخي،وجعل يتحنّط من الحنوط، ثم جاء فجلس - يعني: في الصف - فذكر في الحديث انكشافا من الناس، فقال: هكذا عن وجو هنا حتى نضار القوم، ما هكذا كنّا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بئس ما عوّدتم أقرانكم.
قال الحميدي: هكذا فيما عندنا من كتاب البخاري، وأنّ موسى بن أنس قال: أتى أنسٌ ثابت بن قيس، ولم يقل: عن أنس.
قال: وأخرجه البخاري أيضا تعليقا،عن ثابت، عن أنس،ولم يذكر لفظ الحديث.
[شرح الغريب]
حسر: عن رأسه ويده: أي كشفهما.
يتحنط: يستعمل الحنوط: وهو ما يطيب به كفن الميت خاصة، فكأنه أراد بذلك: الاستعداد للموت، وتوطين النفس على ذلك، والصبر على القتال.
أقرانكم: جمع قرن بكسر القاف، وهو نظيرك في الحرب، وكفؤك في القتال.
1059 - (د) قيس بن عباد -رحمه الله-: قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال. أخرجه أبوداود.
[شرح الغريب]
يكرهون الصوت: كراهية الصوت في القتال: مثل أن ينادي بعضهم بعضا. أو يفعل أحدهم فعلا له أثر، فيصيح ويعرف نفسه على جهة الفخر والعجب، ونحو ذلك.
1060 - (د) أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. أخرجه أبو داود.
1061 - أبو الدرداء -رضي الله عنه-: كان يقف حين ينتهي إلى الدّرب في ممرّ النّاس إلى الجهاد، فينادي نداء، يسمع النّاس: أيهّا الناس من كان عليه دينٌ ويظنّ أنه إن أصيب في وجهه هذا لم يدع له قضاء فليرجع ولا يتعنّى فإّنه لا يعود كفافا. أخرجه.
[شرح الغريب]
في وجهه هذا: منصرفه والجهة التي يريد أن يتوجه إليها.
1062 - عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال له رجلٌ: أريد أن أبيع نفسي من الله، فأجاهد حتى أقتل، فقال: ويحك، وأين الشّروط؟ أين قوله تعالى {التّائبون العابدون الحامدون السّائحون، الرّاكعون السّاجدون، الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر، والحافظون لحدود الله، وبشّر المؤمنين} (التوبة: آية 113). أخرجه.
[شرح الغريب]
وأين الشروط؟: أراد بالشروط: ما ذكره من التوبة والعبادة والحمد، وباقي الأشياء التي عدها في الآية جميعها.
الفصل الثالث: في صدق النية والإخلاص
1063 - (خ م ت د س) أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرّجل: يقاتل شجاعة، ويقاتل حميّة، ويقاتل رياء: أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليّا».
زاد في رواية «فهو في سبيل الله».
هذه رواية البخاري،ومسلم،والترمذي.
وفي رواية أبي داود،والنسائي قال: إنّ أعرابيّا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للذّكر، ويقاتل ليحمد، ويقاتل ليغنم، ويقاتل، ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».
ولم يذكر النسائي: «ويقاتل ليحمد».
[شرح الغريب]
حمية: الحمية الأنفة، والاحتماء لمن يلزمك أمره.
للذكر: أي ليذكر بين الناس، ويوصف بالشجاعة.
1064 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رجلا قال: يا رسول الله رجلٌ يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي عرضا من عرض الدّنيا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أجر له»،فأعظم ذلك الناس، وقالوا للرّجل: عد لرسول الله، لعلّك لم تفهمه، فقال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي عرضا، من عرض الدنيا؟ قال: «لا أجر له»، فقالوا للرّجل: عد لرسول الله، فقال له الثالثة، فقال: لا أجرله. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
عرض: عرض الدنيا: متاعها. وقيل: هو ما عدا الدينار والدرهم.
1065 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال: «يا عبد الله بن عمرو إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا، وإن قاتلت مرائيا مكاثرا، بعثك الله مرائيا مكاثرا، يا عبد الله بن عمرو، على أي حالٍ قاتلت أو قتلت، بعثك الله على تلك الحال». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
محتسبا: الاحتساب في الأعمال الصالحات، وعند المكروهات: هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالصبر والتسليم، أو باستعمال أنواع البر ومراعاتها، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها، طلبا للثواب المرجو منها. ومنه يقال: احتسب فلان ابنا له: إذا مات كبيرا: أي جعل أجره لله عند اله ذخيرة، والحسبة: الاسم، وهي الأجر.
1066 - (س) أبو أمامة الباهلي- رضي الله عنه-: قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذّكر، ماله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شيء له» فأعادتا ثلاث مراتٍ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لاشيء له» ثم قال: «إنّ الله عزّ وجلّ لا يقبل من العمل إلاّ ما كان له خالصا،وابتغي به وجهه».أخرجه النسائي.
1067 - (س) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من غزا في سبيل الله، ولم ينو إلاّ عقالا، فله ما نوى».
وفي أخرى: «وهو لا يريد إلاّ عقالاّ فله ما نوى». أخرجه النسائيّ.
[شرح الغريب]
عقالا: العقال: حبيل صغير تشد به ركبة البعير لئلا يفر، يقول: من جاهد وكان نيته أن يغنم ولو عقالا، فإن ذلك أجره.
1068 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشّهادة صادقا أعطيها، وإن لم تصبه».أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
الشهادة: القتل في سبيل الله تعالى، وإنما سمي القتيل فيه شهيدا، لأن الله وملائكته شهود له بالجنة، وقيل: لأنه ممن يستشهد به يوم القيامة مع النبي صلى الله عليه وسلم على الأمم.
1069 - (د) يعلى بن منية - رضي الله عنه -: قال: آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغزو، وأنا شيخٌ كبير، ليس لي خادمٌ، فالتمست أجيرا يكفيني، وأجري له سهمه، فوجدت رجلا، فلمّا دنا الرحيل أتاني، فقال: ما أدري ما السّهمان؟ وما يبلغ سهمي؟ فسمّ لي شيئا، كان السهم أو لم يكن، فسمّيت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت غنيمةٌ أردت أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكرت له أمره، فقال: «ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمّى». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
سهمان: جمع سهم: وهو النصيب.
1070 - (س) شداد بن الهاد - رضي الله عنه -: أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتّبعه، ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبيّ صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزاة، غنم النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئا، فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلمّا جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمٌ قسم لك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخذه، فجاء به إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا؟ قال: «قسمته لك»، قال: ما على هذا اتّبعتك، ولكن اتّبعتك على أن أرمى إلى ها هنا - وأشار إلى حلقه - بسهمٍ فأموت، فأدخل الجنّة، فقال: «إن تصدق اللّه يصدقك»، فلبثوا قليلا، ثم نهضوا في قتال العدوّ، فأتى به النبيّ صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أهو هو» قالوا نعم، قال: «صدق الله فصدقه»، ثم كفّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم في جبّته، ثم قدّمه فصلّى عليه، فكان ممّا ظهر من صلاته: «اللّهمّ هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك، فقتل شهيدا، أنا شهيدٌ على ذلك». أخرجه النسائي.
1071 - (د) عبد الرحمن بن أبي عقبة -رحمه الله- عن أبيه: وكان مولى من أهل فارس - قال: شهدت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم أحدا، فضربت رجلا من المشركين، فقلت، خذها، وأنا الغلام الفارسيّ، فالتفت إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هلاّ قلت: وأنا الغلام الأنصاريّ، ابن أخت القوم منهم».
أخرجه أبو داود وانتهت روايته عند قوله «الأنصاري».
1072 - (د) قيس بن بشر التغلبي -رحمه الله- قال: أخبرني أبي - وكان جليسا لأبي الدّرداء - قال: كان بدمشق رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له: ابن الحنظليّة، وكان رجلا متوحّدا، قلمّا يجالس الناس، إنمّا هو صلاةٌ، فإذا فرغ فإنما هو تسبيحٌ وتكبيرٌ، حتى يأتي أهله قال: فمرّ بنا ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء، كلمة تنفعنا ولا تضرّك، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة فقدمت، فجاء رجلٌ منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه، رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لرجلٍ إلى جنبه، لو رأيتنا حين التقينا مع العدوّ، فحمل فلانٌ فطعن رجلا منهم، فقال: خذها مني وأنا والغلام الغفاريّ، كيف ترى في قوله؟ فقال: ما أراه إلا قد بطل أجره، فسمع بذلك آخر، فقال: ما أرى بما قال بأسا، فتنازعا حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله؟ لا بأس أن يؤجر ويحمد، قال أبي: فرأيت أبا الدرداء سرّ بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أأنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم فما زال يعيد ذلك عليه، حتى إنّي لأقول: ليبر كنّ على ركبتيه، قال: ثم مرّ بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء، كلمة تنفعنا ولا تضرّك، قال: نعم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفق على الخيل، كالباسط يده بالصّدقه: لا يقبضها، ثمّ مرّ بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرّك، قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الرجل خريم الأسدي، لولا طول جمّته، وإسبال إزاره، فبلغ ذلك خريما فعجل وأخذ شفرة، فقطع بها جمتّه إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه، ثم مرّ بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرّك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم، حتى تكونوا كأنّكم شامةٌ في النّاس، فإنّ الله لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
متوحدا: المتوحد متفعل من الوحدة، وهو المنفرد وحده، لا يخالط الناس ولا يجالسهم.
كلمة تنفعنا: نصب «كلمة» بإضمار فعل تقديره: حدّثنا، أو أسمعنا كلمة تنفعنا.
سرية: السرية طائفة من الجيش، يبلغ أقصاها أربعمائة رجل.
جمّته: الجمة مجتمع شعر الرأس.
إسبال إزاره: إسبال الإزار: إرخاؤه على القدم لينال الأرض، وهو من زي المتكبرين.
شامة: الشامة في الجسد: معروفة، أراد: كونوا بين الناس أحسنهم زيّا وهيئة. حتى ينظروا إليكم فتظهروا لهم، كما ينظر إلى الشامة وتظهر للرائين، دون باقي الجسد من الإنسان.
الفحش: الرديء من القول القبيح.
والتفحش: التفعل منه.
الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو
1073 - (م د ت) بريدة - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش، أو سريّةٍ، أوصاه في خاصّته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوّك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصالٍ - أو خلالٍ - فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم، وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم، إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثم ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم، أنّهم إن هم فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم: أنّهم يكونون كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذي يجرى على المؤمنين، لا يكون لهم في الغنيمة والفيئ شئٌ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكفّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم، وإذا حاصرت، أهل حصنٍ، فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله وذمّة نبيّه، فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك، فإنّكم أن تخفروا ذممكم وذمّة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصنٍ، وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله،ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري: أتصيب فيهم حكم اللّه، أم لا؟ هذه رواية مسلم.
وأخرجه الترمذي مختصرا، وهذا لفظه:
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على جيشٍ أوصاه في خاصّة نفسه بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، فقال: «اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليدا»، قال: وفي الحديث قصةٌ.
وأخرجه أيضا في موضع آخر من كتابه مثل مسلم بطوله، وأسقط منه: ذكر الجزية وطلبها منهم،والباقي مثله.
وقال بعده: من رواية أخرى نحوه بمعناه،، ولم يذكر لفظه، إلاأنه قال: وزاد... وذكر حديث الجزية.
وأخرجه أبو داود،نحو رواية مسلمٍ بتغيير بعض ألفاظه وأسقط منه حديث: «ذّمة الله ورسوله» وزاد في آخره: «ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم» وأسقط من أوله من قوله: «اغزوا باسم الله» إلى قوله: «وليدا»، ثم عاد وأخرجه عقيب هذا الحديث مفردا، فصار الجميع متّفقا عليه.
[شرح الغريب]
خاصته خاصة الإنسان: نفسه ومن يلزمه أمره من أهله وأقاربه وأصحابه.
لا تغلوا: الغل الخيانة،والغلول: ما يخفيه أحد الغزاة من الغنيمة، ولم يحضره إلى أمير الجيش ليدخله في القسمة.
لا تمثّلوا: المثلة: تشويه خلقة القتيل، والتنكيل به.
وليدا: الوليد الصبي الصغير، والجمع ولدان.
خلال: جمع خلّة، وهي الحصلة.
أعراب: الأعراب ساكنو البادية من العرب.
الغنيمة: ما حصله الغزاة بسيوفهم عن قتال.
الفيء: ما حصل لهم من أموال العدو عن غير قتال.
الجزية: البراءة، وهي فعلة، من جزيت.
يخفروا الذمة: الذمة، الأمانة، وإخفارها: نقضها وترك العمل والوفاء بها.
تنزلهم: أي تلجئهم، وأصله كأنه يضطره إلى أن ينزل من العلو إلى السفل.
1074 - (خ م د) عبد الّله بن عونٍ -رحمه الله- قال: كتبت إلى نافعٍ أسأله عن الدّعاء قبل القتال؟ فكتب إلىّ: إنما كان ذلك في أول الإسلام، وقد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارّون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريّهم، وأصاب يومئذٍ جويرية. حدّثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش. أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود.
إلا أنّ في كتاب مسلم: قال يحيى: أحسبه قال: - جويرية - أو: البتّة ابنة الحارث.
[شرح الغريب]
الدعاء قبل القتال: أراد بالدعاء: الإنذار، وأن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم.
غارون: الغرة الغفلة،ورجل غار، وقوم غارون.
سبيهم سبيت العدو سبيا، إذا أسرته، واستوليت عليه.
جويرية: تصغير جارية، هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي جويرية بنت الحارث.
1075 - (ت) أبو البختري سعيد بن فيروز - رحمه الله-: أنّ جيشا من جيوش المسلمين كان أميرهم سلمان الفارسيّ - حاصروا قصرا من قصور فارس، فقال المسلمون: ألا ننهد إليهم؟ قال: دعوني أدعوهم، كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا، فأتاهم فقال: «إنّما أنا رجلٌ منكم فارسيٌ، وترون أن العرب يطيعونني، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلاّ دينكم تركنا كم عليه، وأعطونا الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون ورطن إليهم بالفارسيّة: وأنتم غير محمودين - وإن أبيتم نابذناكم على سواءٍ»، قالوا: ما نحن بالذي نعطي الجزية، ولكنّا نقاتلكم، قالوا: يا أبا عبد الله، ألا ننهد إليهم؟ قال: لا فدعاهم ثلاثة أيام إلى مثل هذا، ثم قال: انهدوا إليهم، فنهدوا إليهم، ففتحوا ذلك القصر. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
ننهد: نهد إلى العدو: إذا زحف إليه ليقاتله.
عن يد: إن إريد باليد: يد المعطي. فالمعنى: عن يد مواتية غير ممتنعة، لأن من أبى وامتنع لم يعط يده، وإن أريد بها يد الآخذ، فالمعنى: عن يد قاهرة مستولية، أو عن إنعام عليها، لأن قبول الجزية منهم، وترك أرواحهم لهم نعمة عليهم.
صاغرون: الصغار، الذل، والصاغر: اسم فاعل منه.
رطن: الرطانة، الكلام بالأعجمية، والأعجمية: كل لغة خالفت العربية.
نابذناكم على سواء: نابذناكم الحرب: كاشفناكم وقثابلناكم. والسواء: المستوي، أي على طريق مستقيم، وهو أن يظهر لهم العزم على القتال، ويخبرهم به إخبارا مكشوفا. وقيل: على استواء في العلم بالمنابذة منا ومنكم.
1076 - (د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشا قال: «انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلّوا، وضمّوا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، إن اللّه يحبّ المحسنين». أخرجه أبو داود.
1077 - (م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره، قال: «بشّروا، ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا». أخرجه مسلم.
1078 - (ط) مالك بن أنس - رضي الله عنه -: بلغه: أنّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عاملٍ من عمّاله: إّنه بلغنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سريّة يقول لهم: «اغزوا باسم اللّه، في سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، لا تغلّوا ولا تغدروا،ولا تمثّلوا، ولا تقتلواوليدا، فقل ذلك لجيوشك وسراياك، إن شاء الله، والسلام عليك». أخرجه الموطأ.
1079 - (ت د) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخهم».
يعني: من لم ينبت منهم. أخرجه الترمذي وأبو داود.
[شرح الغريب]
شرخهم: الشرخ جمع شارخ، وهو الشاب، كصاحب وصحب، أراد بهم الصغار الذين لم يبلغوا الحلم.
وقيل: أراد بالشرخ: أهل الجلد الذين يصلحون للملك والخدمة. وقيل: الشرخ أول الشباب، فهو واحد يكفي من التثنية والجمع، كصوم وعدل.
1080 - (خ م ط ت د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: وجدت امرأةٌ مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النّساء والصّبيان.
وفي رواية: فأنكر.
أخرجه الجماعة إلا النسائي غير أنّ الموطأ أرسله عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1081 - (د) رباح بن الربيع - رضي الله عنه -: قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فرأى النّاس مجتمعين على شئٍ، فبعث رجلا فقال: انظر علام اجتمع هؤلاء؟ فجاء، فقال: على امرأةٍ قتيلٍ، فقال: ما كانت هذه لتقاتل، قال: وعلى المقدّمة خالد بن الوليد، قال: فبعث رجلا، فقال: قل لخالد: لا تقتلنّ امرأة ولا عسيفا.أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
عسيفا: العسيف: الأجير.
1082 - (ط) يحيى بن سعيد -رحمه الله-: أنّ أبا بكرٍ -رضي الله عنه - بعث جيوشا إلى الشام، فخرج يشيّعهم: فمشى مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربعٍ من تلك الأرباع، فقال يزيد لأبي بكر: إمّا أن تركب وإمّا أن أنزل، فقال له: ما أنت بنازلٍ، ولا أنا براكبٍ، إنّي أحتسب خطاي في سبيل الله، ثم قال: إنك ستجد قوما زعموا أنّهم حبسوا أنفسهم لله، فدعهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قوما فحصوا عن أوساط رءوسهم الشّعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف، وإنّي موصيك بعشرٍ: لا تقتلنّ امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطع شجرا مثمرا، ولا تخرّبنّ عامرا، ولا تعقرنّ شاة ولا بعيرا إلاّ لمأكلةٍ، ولا تغرّقنّ نخلا ولا تحرقنّه، ولا تغلّوا، ولا تجبنوا. أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
الأرباع: جمع ربع، يعني ربع الجيش، كأنه قسم الجيش أربعة أقسام، وكان هذا أمير قسم واحد منها.
احتسب: الاحتساب قد تقدم شرحه آنفا
حبسوا أنفسهم: أراد بالذين حبسوا أنفسهم: الرهبان الذين تديروا الصوامع، وأقاموا بها، ولم يخرجوا منها، وتسمّيه النصارى: الحبيس.
فحصوا: كشفوا: أراد الذين يحلقون وسط رؤوسهم فيتركونها مثل أفحوص القطا، وهو مجثمها، وهم الشمامسة.
لا تعقرن: العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف،وهو قائم،والمراد النهي عن قتل الحيوان لغير حاجة إليه.
1083 - (ت د) النعمان بن مقرن - رضي الله عنه -: قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزواتٍ، فكان إذا طلع الفجر أمسك عن القتال، حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قاتل، حتى إذا انتصف النّهار أمسك حتى تزول الشّمس، فإذا زالت قاتل حتى العصر، ثم أمسك حتى يصلّي العصر، ثم قاتل قال: وكان يقول: عند هذه الأوقات تهيج رياح النّصر، ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلواتهم. هذه رواية الترمذي.
واختصره أبو داود، وقال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل في أوّل النّهار، أخّر القتال حتّى تزول الشّمس، وتهبّ الرّياح، وينزل النّصر.
[شرح الغريب]
ريح النصر: العرب تسمّي الريح: النصر. يقولون: كانت الريح لفلان، أي النصرة، ومنه قوله تعالى: {وتذهب ريحكم}.
1084 - (م ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يغير عند صلاة الصّبح، وكان يستمع، فإذا سمع أذانا أمسك، وإلاّ أغار. هذه رواية أبي داود.
وفي رواية مسلم، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذانا أمسك، وإلا أغار، فسمع رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على الفطرة»، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خرجت من النار»، فنظروا فإذا هو راعي معزى.
وأخرجه الترمذي مثل مسلم إلى قوله: «من النار».
[شرح الغريب]
يغير: الإغارة: معروفة، تقول منه: أغار يغير إغارة، والغارة: الاسم.
الفطرة: الخلقة يعني ما خلقه الله تعالى عليه من الإيمان.
1085 - (خ م ط د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر، أتاها ليلا، وكان إذا أتى قوما بليلٍ لم يغر حتى يصبح، فخرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمّدٌ والله، محمدٌ والخميس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، خربت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين».أخرجه الموطأ والترمذي هكذا.
وهو طرف من حديث طويل، قد أخرجه البخاري،ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وهو مذكور في كتاب الغزوات، في غزوة خيبر، من حرف الغين.
[شرح الغريب]
بمساحيهم: المساحي جمع مسحاة، وهي المجرفة من الحديد.
ومكاتلهم: المكاتل جمع مكتل، وهو كالزّنبيل يسع خمسة عشر صاعا، والصاع: خمسة أرطال وثلث عند أهل الحجاز، وثمانية أرطال عند أهل العراق، على اختلاف المذهبين.
والخميس: الجيش.
1086 - (ت د) عصام المزنيّ - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا أو سريّة، يقول لهم: «إذا رأيتم مسجدا، أو سمعتم مؤذّنا، فلا تقتلوا أحدا». أخرجه الترمذي وأبو داود.
1087 - (د) مسلم بن الحارث بن مسلم التميمي قال: إنّ أباه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريّةٍ، فلما بلغنا المغار،استحثثت فرسي، فسبقت أصحابي، فتلقّاني أهل الحيّ بالرّنين، فقلت لهم: قولوا، لا إله إلا الله، تحرزوا، فقالوها، فلامني أصحابي، وقالوا: حرمتنا الغنيمة، فلمّا قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبروه بالذّي صنعت، فدعاني، فحسّن لي ما صنعت، وقال: «أما إنّ الله قد كتب لك من كلّ إنسان منهم كذا وكذا»، قال عبد الرحمن: أنا نسيت الثّواب، ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنّي سأكتب لك بالوصاة بعدي»، ففعل وختم عليه، ودفعه إلىّ. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
استحثثت: استفعلت من الحث، وهو الاستعجال في الشيء.
الرنين: الصوت والاستغاثة.
1088 - (خ ت) جبير بن حية -رحمه الله-: قال بعث عمر النّاس في أفناء الأمصار، يقاتلون المشركين، فأسلم الهرمزان، قال: إني مستشيرك في مغازيّ هذه، قال: نعم، مثلها ومثل من فيها من الناس، من عدوّ المسلمين: مثل طائرٍ له رأسٌ، وله جناحان، وله رجلان، فإن كسر أحد الجناحين، نهضت الرّجلان بجناحٍ والرأس، فإن كسر الجناح الآخر، نهضت الرجلان، والرأس، وإن شدخ الرأس، ذهبت الرجلان والجناحان والرأس، فالرأس: كسرى، والجناح: قيصر، والجناح الآخر: فارس، فمر المسلمين أن ينفروا إلى كسرى، قال جبير بن حيّة: فندبنا عمر، واستعمل علينا النّعمان بن مقرّن، حتى إذا كنّا بأرض العدوّ، خرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا، فقام ترجمان، فقال: ليكلّمني رجلٌ منكم، فقال المغيرة: سل عمّا شئت، فقال: ما أنتم؟ قال: نحن ناسٌ من العرب، كنّا في شقاءٍ شديدٍ وبلاءٍ شديدٍ: نمصّ الجلد والنّوى من الجوع، ونلبس الوبر والشّعر،، ونعبد الشّجر والحجر، فبينا نحن كذلك، إذ بعث ربّ السموات وربّ الأرضين - تعالى ذكره وجلّت عظمته - إلينا نبيّا من أنفسنا، نعرف أباه وأمّه، فأمرنا نبيّنا، رسول ربّنا صلى الله عليه وسلم: أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدّوا الجزية، وأخبرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربّنا: أنه من قتل منّا صار إلى الجنة، في نعيمٍ لم ير مثله، ومن بقي منا ملك رقابكم، فقال النّعمان: ربما أشهدك الله مثلها مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم يندمك، ولم يخزك ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا لم يقاتل في أوّل النّهار، انتظر حتى تهبّ الأرواح، وتحضر الصلاة. هذه رواية البخاري.
وأخرج الترمذي طرفا من هذا الحديث عن معقل بن يسار، وهذا لفظه:
قال معقل بن يسار: إنّ عمر بن الخطاب بعث النّعمان بن مقرن إلى الهرمزان - فذكر الحديث بطوله - فقال النعمان بن مقرن: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان: إذا لم يقاتل أوّل النهار، انتظر حتى تزول الشّمس، وتهبّ الرياح، وينزل النّصر. هذا لفظ الترمذي.وقد قال فيه: فذكر الحديث بطوله، ولم يذكره.
[شرح الغريب]
أفناء: الأفناء جمع فناء، وهو ما امتد من نواحي الأرض.
فندبنا: أي بعثنا إلى الغزاة والجهاد.
ولم يخزك: من الخزاية الاستحياء، أو هو من الخزي: الهوان.
الأرواح: جمع ريح، لأن ياءها منقلبة عن واو، فعادت في الجمع إلى الأصل.
1089 - (د) جندب بن مكيث - رضي الله عنه -: قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن غالبٍ اللّيثيّ- وكنت فيهم - وأمرهم: أن يشنّوا الغارة على بني الملوّح بالكديد،فخرجنا حتى إذا كنّا بالكديد، لقينا الحارث بن البرصاء اللّيثيّ، فأخذناه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام، وإنّما خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: إن تك مسلما لن يضرّك رباطنا يوما وليلة، وإن تك غير ذلك نستوثق منك، فشددناه، وثاقا. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
شنوا الغارة: شن الغارة: النهب، والأصل من التفريق، أي فرّقوا الغارة عليهم من كل جهة، وأوقعوها بهم من جميع نواحيهم.
1090 - (م د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى بني لحيان من هذيلٍ، فقال: «لينبعث من كلّ رجلين أحدهما، والأجر بينهما».
وفي رواية: ليخرج من كل رجلين رجلٌ، ثم قال للقاعد: أيّكم خلف الخارج في أهله وماله بخيرٍ، كان له مثل نصف أجر الخارج.أخرجه مسلم، وأخرج أبو داود الرواية الثانية.
1091 - (د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: أنه كان في سريّةٍ من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فحاص النّاس حيصة، فكنت فيمن حاص، فلمّا نفرنا، قلنا: كيف نصنع، وقد فررنا من الزّحف، وبؤنا بالغضب؟فقلنا: ندخل المدينة فلا يرانا أحدٌ، قال: فلمّا دخلنا المدينة، قلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لنا توبةٌ، أقمنا، وإن كان غير ذلك ذهبنا، قال: فجلسنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الغداة، فلمّا خرج قمنا إليه، فقلنا: نحن الفرّارون، فأقبل علينا، وقال: لا، بل أنتم العكّارون، قال: فدنونا، فقبّلنا يده، فقال: أنا فئة المسلمين. هذه رواية أبي داود.
ورواية الترمذي قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريّةٍ، فحاص الناس حيصٌة، فقدمنا المدينة، فاختبأنا بها، وقلنا: هلكنا، ثم أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، نحن الفرّارون، قال: بل أنتم العكّارون، وأنا فئتكم.
[شرح الغريب]
فحاص: حصت عن الشيء: حدت عنه، وملت عن جهته، هكذا قال الخطابي، وقال الهروي: فحاص الناس حيصة: أي: حملوا حملة، قال: وحاص يحيص: إذا مال والتجأ إلى جهة، قال: وجاض بالجيم والضاد المعجمة قريب منه، وكذا قرأته في كتاب الترمذي مضبوطا بالجيم والضاد.
وبؤنا: باء بالشيء يبوء به: إذا رجع، والمراد أننا جعنا من مقصدنا بغضب الله تعالى، حيث فررنا.
العكارون: هم الذين يعطفون إلى الحرب، وقيل: إذا حاد الإنسان عن الحرب، ثم عاد إليها. يقال: قد عكر، وهو عكار.
فئة المسلمين: الفئة، الجماعة الذين يرجعون إليهم عن موقف الحرب، ويحتمون بهم، أي يفيئون إليهم.
1092 - (د) عبد الله بن كعب بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ جيشا من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم،وكان عمر يعقّب الجيوش في كل عامٍ، فشغل عنهم عمر -رضي الله عنه فلمّا مرّ الأجل، قفل أهل ذلك الثّغر، فاشتدّ عليهم وأوعدهم، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا عمر، إنك غفلت وتركت فينا الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عقاب بعض الغزيّة بعضا. أخرجه أبوداود.
[شرح الغريب]
يعقب: عقب الجيش: إذا نفذ عوضه قوما يقومون مقامهم، ويجيء أولئك.
الثّغر: الموضع الذي يكون حدا وفاصلا بين بلاد الإسلام والكفار.
1093 - (م ت د) نجدة بن عامر الحروري: كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خصالٍ؟ فقال ابن عباس: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه - كتب إليه نجدة: أما بعد، فأخبرني: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنّساء؟ وهل كان يضرب لهنّ بسهمٍ؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ وعن الخمس: لمن هو؟ فكتب إليه ابن عباس: كتبت تسألني: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهنّ، فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة، وأمّا سهمٌ؟ فلم يضرب لهنّ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان، فلا تقتل الصبيان، وكتبت تسألني: متى ينقضي يتم اليتيم؟ فلعمري، إنّ الرجل لتنبت لحيته، وإنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، وإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ النّاس فقد ذهب عنه اليتم وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنّا نقول: هو لنا، فأبى علينا قومنا ذاك.
وفي رواية: فلا تقتل الصبيان،إلا أن تكون تعلم ما علم الخضر من الصّبيّ الذي قتل.
زاد في أخرى: وتمّيز المؤمن من الكافر، فتقتل الكافر،وتدع المؤمن.
وفي رواية قال: كتب نجدة بن عامر الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم: هل يقسم لهما - وذكر باقي المسائل نحوه -.
فقال ابن عباس ليزيد بن هرمز: اكتب إليه، فلولا أن يقع في أحموقةٍ ما كتبت إليه، كتبت تسألني عن العبد والمرأة يحضران المغنم،هل يقسم لهما شىءٌ، وإنه ليس لهما شيءٌ إلا أن يحذيا،وقال في اليتيم: إنّه لا ينقطع عنه اسم اليتم، حتى يبلغ، ويؤنس منه الرّشد، والباقي نحوه.
وفي أخرى: ولولا أن أردّه عن نتنٍ يقع فيه، ما كتبت إليه، ولا نعمة عينٍ... الحديث. هذه رواية مسلم.
وأخرج الترمذي منه طرفا، وهو ذكر الغزو بالنّساء، والضّرب لهنّ بسهمٍ والجواب عنه.
وأخرج أبو داود منه طرفا، وهذا لفظه، قال: كتب نجدة إلى ابن عباسٍ يسأله عن أشياء؟ وعن المملوك: أله في الفيء شيءٌ؟ وعن النساء: هل كنّ يخرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل لهنّ نصيبٌ؟ فقال ابن عباسٍ: ولولا أن يأتي أحموقة ما كتبت إليه، أمّا المملوك: فكان يحذى، وأمّا النساء: فقد كنّ يداوين الجرحى،ويسقين الماء.
وفي أخرى له قال: كتب نجدة الحروريّ إلى ابن عباسٍ يسأله عن النساء: هل كنّ يشهدن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يضرب لهنّ بسهم؟ قال يزيد: فأنا كتبت كتاب ابن عباس إلى نجدة: قد كنّ يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمّا أن يضرب لهنّ بسهمٍ؟ فلا، وقد كان يرضخ لهنّ.
[شرح الغريب]
يحذين: أحذيته أحذيه إحذاءا: إذا أعطيته،والحذية والحذيّا: العطية.
أحموقة: أفعولة من الحمق، أي خصلة ذات حمق.
يؤنس: آنست من فلان كذا: إذا علمته منه، وعرفته فيه، والرشد: السداد والعقل وحسن التصرف.
1094 - (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأمّ سليم ونسوةٌ من الأنصار معه، فيسقين الماء، ويداوين الجرحى. أخرجه الترمذي، وأبو داود.
1095 - (خ) الرّبيّع بنت معوذ - رضي الله عنها -: قالت: لقد كنّا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسقي القوم ونخدمهم، ونردّ القتلى والجرحى إلى المدينة. أخرجه البخاري.
1096 - (م) أم عطية - رضي الله عنها -: قالت: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزواتٍ، أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى. أخرجه مسلم.
1097 - (خ د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعثٍ، فقال: إن وجدتم فلانا، وفلانا - لرجلين من قريش سمّاهما - فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: إنّي أمرتكم أن تحرّقوا فلانا وفلانا، وإنّ النّار لا يعذّب بها إلا اللّه، فإن وجدتموهما فاقتلوهما. أخرجه البخاري، والترمذي،وأبو داود.
1098 - (د) حمزة الأسلمي - رضي الله عنه -: قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّره على سريّةٍ، قال: فخرجت فيها،وقال: إن وجدتم فلانا، فأحرقوه، بالنار، فولّيت، فناداني، فرجعت إليه، قال: إن وجدتم فلانا فاقتلوه، ولا تحرّقوه، فإنه لا يعذّب بالنّار إلا ربّ النار. أخرجه أبو داود.
1099 - (د) عروة بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهم -: قال: حدثني أسامة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إليه، قال: أغر على أبنى صباحا، وحرّق.
قيل لأبي مسهر: أبنى؟ قال: نحن أعلم،هي: يبنى: فلسطين. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
أبنى: ويبنى: اسم موضع بين عسقلان والرملة من أرض فلسطين.
1100 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قاتل أحدكم، فليجتنب الوجه».أخرجه البخاري ومسلم.
وزاد في رواية «إذا قاتل أحدكم أخاه».
وفي رواية أخرى «فلا يلطمنّ الوجه».
وفي أخرى «فليتّق الوجه».
1101 - (د) عبيد بن تعلي الفلسطيني -رحمه الله -: قال: غزونا مع عبدالرحمن بن خالد بن الوليد، فأتى بأربعة أعلاجٍ من العدوّ، فأمر بهم فقتلوا صبرا.
وفي رواية: بالنّبل صبرا، فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصّبر، فوالذي نفسي بيده، لو كانت دجاجةٌ ما صبرتها، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد، فأعتق أربع رقابٍ. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
أعلاج: جمع علج: وهو الرجل من كفار العجم، ويجمع أيضا على علوج وعلجة.
صبرا: صبرت القتيل على القتل: إذا حبسته عليه لتقتله بالسيف وغيره من أنواع السلاح وسواه،وكل من قتل أيّ قتلة كانت إذا لم يكن في حرب ولا على غفلة ولا غرة فهو مقتول صبرا.
1102 - (د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعفّ النّاس قتلة: أهل الإيمان». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
قتلة: القتلة بكسر القاف: الحالة من القتل، وبفتحها: المرة من القتل.
والعفة: النزاهة..
1103 - (خ) عبد الله بن يزيد الأنصاري - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «نهى عن المثلة والنّهبى».
وقد رواه ابن جبير عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
النّهبى: النّهبة: المنهوب، والنّهبى: اسم ما أنهب من الأشياء.
1104 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: كان المشركون على منزلتين من النبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، كانوا مشركي أهل حربٍ يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهدٍ، لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان إذا هاجرت المرأة من الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت، حلّ لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردّت إليه، وإن هاجر عبدٌ منهم أو أمةٌ فهما حرّان، ولهما ما للمهاجرين - ثم ذكر من أهل العهد مثل حديث مجاهد- وإن هاجر عبدٌ أو أمةٌ للمشركين من أهل العهد لم يردّوا، وردّت أثمانهم، قال: وكانت قريبة بنت أبي أمية عند عمر بن الخطاب فطلقها، فتزوّجها معاوية بن أبي سفيان، وكانت أم الحكم بنت أبي سفيان تحت عياض بن غنم الفهري فطلقها، فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي. أخرجه البخاري.
الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد متفرقة
1105 - (م د س) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «ما من غازيةٍ أو سريّةٍ تغزو في سبيل الله، فيسلمون ويصيبون، إلا تعجّلوا ثلثي أجرهم، وما من غازيةٍ أو سريّةٍ تخفق وتخوّف وتصاب، إلا تمّ أجرهم.».
وفي رواية: «ما من غازيةٍ تغزو في سبيل الله، فيصيبون الغنيمة إلا تعجّلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثّلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تمّ لهم أجرهم». أخرجه مسلم.
وأخرج الرواية الثانية أبو داود والنسائي.
[شرح الغريب]
غازية: تأنيث غاز، وهو صفة لجماعة غازية.
تخفق: أخفق الغازي: إذا غزا ولم يغنم أولم يظفر.
تصاب: أصيبت السرية: إذا نيل منها.
1106 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا،ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض».أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
قطعتم واديا: قطعت الوادي: إذا جزته وعبرته، أراد به: مسيرهم في غزوهم ومقصدهم.
1107 - (خ د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: رجعنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنّ قوما خلفنا بالمدينة، ما سلكنا شعبا، ولا واديا: إلا وهم معنا، حبسهم العذر». هذه رواية البخاري.
وفي رواية أبي داود: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لقد تركتم بالمدينة أقواما، ما سرتم مسيرا، ولا أنفقتم من نفقةٍ، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه، قالوا: يا رسول الله، وكيف يكونون معنا،وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر».
[شرح الغريب]
شعبا: الشّعب: الفرق بين الجبلين كالوادي ونحوه.
حبسهم العذر: أي منعهم من المسير معكم ما كان من أعذارهم، كالمرض وغيره.
1108 - (خ د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عجب ربّنا تعالى من قومٍ يقادون إلى الجنّة في السّلاسل». أخرجه البخاري، وأبو داود.
وللبخاري: عجب اللّه من قومٍ يدخلون الجنّة في السلاسل.
قال أبو داود: يعني: الأسير يوثق ثم يسلم.
1109 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّما الإمام جنّة يقاتل به» أخرجه أبو داود.
وقد أخرج البخاري،ومسلم، والنسائي هذا المعنى في جملة حديثٍ يرد في كتاب الخلافة والإمارة من حرف الخاء.
[شرح الغريب]
جنّة: الجنة ما يستجنّ به، أي تتّقى به الحوادث، ويكون كالمجنّ لمن وراءه وهو التّرس.
1110 - (م د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ فتى من أسلم قال: إني أريد الغزو يا رسول الله،وليس معي مالٌ أتجهّز به، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: آئت فلانا، فإنه كان قد تجهّزفمرض، فأتاه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول: «أعطني الذي تجهّزت به، فقال: يا فلانة -لأهله-أعطيه الذي تجهزت به،ولاتحبسى عنه شيئا منه، فوالله لا تحبسى منه شيئا فيبارك لك فيه».أخرجه مسلم وأبو داود.
1111 - (د) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: قال: أمّا بعد، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم سمّى خيلنا خيل الله إذا فزعنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا - إذا فزعنا - بالجماعة والصّبر، والسّكينة إذا قاتلنا. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
السكينة: فعيلة من السكون.
خيل الله: هذا على حذف المضاف، تقديره: خيل أولياء الله، أو لما كانت يقاتل عليها في سبيل الله، ومن أجله، جعلت له.
1112 - (ت د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «خير الصحابة: أربعةٌ وخير السرايا: أربعمائةٍ، وخير الجيوش: أربعة آلافٍ،ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلّةٍ». أخرجه التّرمذي،وأبو داود.
1113 - (خ) سليمان بن حبيب المحاربيّ-رحمه الله- قال: سمعت أبا أمامة يقول: لقد فتح الفتوح قومٌ، ما كانت حلية سيوفهم الذّهب ولا الفضّة، إنّما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد.أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
العلابي: جمع علباء،وهو عصب العنق، وهما علباوان، كانت العرب تشدّ العصب على غلف سيوفها وهو رطب، ثم يجف فيصير كالقدّ.
الآنك: الرصاص الأسود.
1114 - (خ م ت د) أبو طلحة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا ظهر على قومٍ، أقام بالعرصة ثلاث ليالٍ. أخرجه الجماعة إلا الموطأ والنسائي.
إلا أنّ أبا داود قال: «غلب» بدل «ظهر».
وفي أخرى له «إذا غلب قوما أحبّ أن يقيم بعرصتهم ثلاثا».
[شرح الغريب]
بالعرصة: العرصة: وسط الدار، والمراد به: موضع الحرب.
1115 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: كان إذا أعطى شيئا في سبيل الله، يقول لصاحبه: إذا بلغت به وادي القرى: فشأنك به. أخرجه الموطأ.
1116 - (ط) يحيى بن سعيد -رحمه الله-: أنّ سعيد بن المسيّب كان يقول: إذا أعطي الرجل الشّيء في الغزو، فيبلغ به رأس مغزاته فهو له. أخرجه الموطأ.
1117 - (م د) عمران بن حصين - رضي الله عنه -: قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيلٍ، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيلٍ، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، فقال: يا محمد، فأتاه، فقال: ما شانك؟ فقال: بم أخذتني وأخذت سابقة الحاجّ؟يعني: العضباء - فقال: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف، ثم انصرف عنه، فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا - فرجع إليه، فقال: «ما شأنك؟» قال: إني مسلمٌ، قال: «لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كلّ الفلاح»، ثم انصرف عنه، فناداه: يا محمد،يا محمد، فأتاه فقال: «ما شأنك؟» فقال: إني جائعٌ فأطعمني، وظمآن فأسقني، قال: «هذه حاجتك»، فقدى بالرجلين، قال: وأسرت امرأةٌ من الأنصار، وأصيبت العضباء، فكانت المرأة في الوثاق، وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلةٍ من الوثاق، فأتت الإبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا، فتتركه حتى تنتهي إلى العضباء، فلم ترغ، قال: وهي ناقةٌ منوّقةٌ.وفي رواية: ناقةٌ مدرّبةٌ.
وعند أبي داود: ناقةٌ مجرّسةٌ - فقعدت في عجزها، ثم زجرتها فانطلقت ونذروابها، فطلبوها، فأعجزتهم، قال: ونذرت لله، إن نجّاها الله عليها لتنحرنّها، فلما قدمت المدينة رآها الناس، فقالوا: العضباء، ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنها نذرت إن نجاها الله عليها أن تنحرها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: «سبحان الله بئسما جزتها، نذرت لله إن نجّاها الله عليها لتنحرنّها؟ لا وفاء لنذرٍ في معصيةٍ، ولا فيما لا يملك العبد». أخرجه مسلم وأبوداود.
وأخرج الترمذي منه طرفا قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجلٍ من المشركين - يعني: الأسير المذكور. ولقلة ما أخرج منه لم نعلم عليه علامته.
[شرح الغريب]
حلفاء: جمع حليف، وهو الذي يحالفك على شيء، أي: يعاهدك عليه.
العضباء: اسم ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والناقة العضباء: المشقوقة الأذن، ولم تكن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عضباء، إنما كان هذا اسما لها.
سابقة الحاج: أراد بسابقة الحاج: ناقته، كأنها كانت تسبق الحاج لسرعتها.
بجريرة حلفائك: يعني أنه كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ثقيف موادعة، فلما نقضوها ولم ينكر عليهم بنو عقيل صاروا مثلهم في نقض العهد، وإنما رده إلى دار الكفر بعد إظهار كلمة الإسلام، لأنه علم أنه غير صادق، وأن ذلك لرغبة أو رهبة، وهذا خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: معناه أخذت لتدفع بك جريرة حلفائك من ثقيف، ويدل على صحة ذلك: أنه فدي بعد بالرجلين اللذين أسرهما ثقيف من المسلمين.
وقوله: «لو قلتها وأنت تملك أمرك، أفلحت كل الفلاح» يريد إذا أسلمت قبل الأسر أفلحت الفلاح التام: بأن تكون مسلما حرا، لأنه إذا أسلم بعد الأسر كان مسلما عبدا.
ففدي: فدي الأسير إذا أعطى عوضه مالا أو غيره، وأطلق سبيله.
رغاء: صوت ذوات الخف، يقال: رغا البعير: إذا صاح.
منوقة: ناقة منوقة مذللة مؤدبة.
مدربة: المدربة: المخرجة التي قد ألفت الركوب والسير.
مجرسة: المجربة في الركوب والسير.
نذروا بها: أي علموا بها.
1118 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين، فأبى رسول الله عليه وسلم


التوقيع :

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجهاد, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir