عناصر الموضوع
●المؤلفات في أسباب النزول
●فوائد معرفة أسباب النزول
... - الدلالة على حكمة التشريع.
...- تعين على فهم المعنى
... - تعين على بيان ما يستشكل
...- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
...- دفع توهّم الحصر
- دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال
● أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
● أقسام ما صحّ من أسباب النزول
●بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
●أنواع مسائل نزول القرآن
...- أنواع أسباب النزول
●أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
●ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
●القول في أسباب النزول موقوف على السماع
●هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
●ما حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول؟
●معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)
●أحوال الاختلاف في سبب النزول
...- مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات
●هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
●تقدم نزول الآية على الحكم
●نزول آيات متفرقة لسبب واحد
●تعدد الأسباب والنازل واحد
الشرح
عناصر الموضوع
●المؤلفات في أسباب النزول:
- من أقدم الكتب تفسير علي بن المديني شيخ البخاري ،- الزَّرْكَشِيُّ في كتابه البرهان في علوم القرآن-
- ومن أشهر الكتب " "أسباب النزول" "للوحدي - الزَّرْكَشِيُّ في كتابه البرهان في علوم القرآن ،البُلقِينيُّ في مواقع العلوم ، السيوطيُّ في التحبير في علم التفسير وفي الإتقان -
- وألف شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر كتابا مات عنه مسودة - السيوطيُّفي التحبير في علم التفسير وفي الإتقان
- كتاب السيوطي " لباب النقول في أسباب النزول" - السيوطيُّ في الإتقان -
** وتميز كتاب السيوطي عن الوحدي بأمور ذكرها السيوطي في كتابه :
منها الاختصار ،ووجود زيادات كثيرة على ماذكر الوحدي، وتخريج الأحاديث من أصحاب الكتب المعتبرة، وتمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود ،و الجمع بين الروايات المتعددة،تنحية ما ليس من أسباب النزول. -السيوطي " لباب النقول في أسباب النزول
●فوائد معرفة أسباب النزول
... - الدلالة على حكمة التشريع:
n فقد أخطأ من زعم أنه لا طائل تحت هذا الفن لجريانه مجرى التاريخ -السيوطي في لباب النقول والزركشي في البرهان-
- ففي أسباب النزول بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال
- في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي، وذلك كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك ، وآية اللعان – الواعدي الصحيح المسند في أسباب النزول-
- الفرق بين المكي والمدني
- في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقًا نجومًا وأودعه أحكامًا وعلومًا؛ قال عز من قائل: {وَقُرآَنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً} و أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين. الوحدي – أسباب النزول-
..- تعين على فهم المعنى
- قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
- وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
- وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب
أمثلة عن ذلك :
- ما قاله مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما}الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها). [الإتقان في علوم القرآن
- تعين على بيان ما يستشكل
- وقد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}الآية، وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون حتى بين له ابن عباسأن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. - أخرجه الشيخان-
- وحكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: (الخمر مباحة ويحتجان بقوله تعالى:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}الآية [المائدة: 93])، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا: (لما حرمت الخمر كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت). أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما.
- ومن ذلك قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر}الآية [الطلاق: 4]، فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة، حتى قال الظاهرية: بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب. وقد بين ذلك سبب النزول، وهو أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد النساء قالوا: (قد بقي عدد من عدد النساء لم يذكرن الصغار والكبار فنزلت). أخرجه الحاكم عن أبي. فعلم بذلك أن الآية خطاب لمن لم يعلم ما حكمهن في العدة وارتاب هل عليهن عدة أو لا وهل عدتهن كاللاتي في سورة البقرة أو لا فمعنى: {إن ارتبتم}إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتدون فهذا حكمهن.
- ومن ذلك قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}الآية [البقرة: 115]، فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا وهو خلاف الإجماع فلما عرف سبب نزولها علم أنها في نافلة السفر أو فيمن صلى بالاجتهاد وبان له الخطأ على اختلاف الروايات في ذلك.
- ومن ذلك قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]، فإن ظاهر لفظها لا يقتضي أن السعي فرض وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيته تمسكا بذلك وقد ردت عائشة على عروة في فهمه ذلك بسبب نزولها: (وهو أن الصحابة تأثموا من السعي بينهما؛ لأنه من عمل الجاهلية فنزلت).
- وهذه الأمثلة ذكرها السيوطي في كتابه الإتقان وذكر بعضهاالواعدي الصحيح المسند في أسباب النزول-
...- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
n تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
n أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي.
ü ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.
ü ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محل السبببالتخصيص لأمرين:
أحدهما: أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
والثاني: أن فيه عدولا عن محل السؤال، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل.
واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة وتؤثر أيضا فيما وراء محل السبب وهو إبطال الدلالة على قول والضعف على قول.الزركشي في البرهان ، والسيوطي في الإتقان .
- دفع توهّم الحصر
n قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً}الآية: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
ü قال إمام الحرمين: وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته.الزركشي في البرهان ، والسيوطي في الإتقان .
n وثمة فائدة أخرى عظيمة لأسباب النزول وهي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين - ابن عاشور في التحرير والتنوير
● أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول:
n {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، عن أنس قال: (قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله:{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن}الآية [التحريم: 5])).رواه البخاري في "الصحيح
n {إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]، عن عائشة رضي الله عنها: (أنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله– تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158رواه البخاري في "الصحيح وكذلك رواه عن أنس
n البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله – سبحانه-:{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}الآية [البقرة: 187 رواه البخاري في "الصحيح
n عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}الآية [198]، في مواسم الحج).رواه البخاري في "الصحيح
n ومن ذلك الوقائع المشهورة مثل قصة الإفك، وقصة التيمم، وقصة المتخلفين عن غزوة تبوك ونحو ذلك - البُلقِينيُّ مواقع العلوم -
● أقسام ما صحّ من أسباب النزول
قسم ابن عاشور أسباب النزول إلى خمسة أقسام:
الأول: تفسير مبهمات القرآن يتوقف فهم المراد من الآية على علمه مثل قوله تعالى{قد سمع الله قول التي تجادلكفي زوجها}ونحو{يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا}ومثل بعض الآيات التي فيها{ومن الناس}.
والثاني : زيادة تفهم في معنى الآية وتمثيلا لحكمها: مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية{فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام}الآية فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة، ومثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يغزو الرجال ولا نغزو، فنزل قوله تعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية. ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، إذ قد اتفق العلماء أو كادوا على أن سبب النزول في مثل هذا لا يخصص، واتفقوا على أن أصل التشريع أن لا يكون خاصا.
والثالث: هي لحالة خاصة يريد بها التمثيل : هي لحوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، وهذا القسم يوهم القاصرين على قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات.
مثال :
n قول الله تعالى{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان))فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن? فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: في أنزلت بصيغة الحصر
n ومثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم
n ومثل قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم}فلا حاجة لبيان أنها نزلت لما أظهر بعض اليهودمودة المؤمنين.
والرابع: بعض أسباب النزول يدخل في معنى الآية فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات،و قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها
n اختلاف العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند أو يجري مجرى التفسير:
ü البخاري يدخله في المسند،
ü وأكثر أهل المسانيد لا يدخلونه فيه
ü أما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلونه في المسند. قال السيوطي في "الإتقان" عن الزركشي
n أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام}الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا}وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
والخامس : نوعان
1-:قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات
n مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذينتركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد.
n عن عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك? ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم}))
2- قسم ما لا يبين مجملا ولا يؤول متشابها ولكنه يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض:
n في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء}الآية، فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
●بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
جرت عادة المفسرين أن يبدءوا:
- ذكر سبب النزول وذلك من باب تقدم السبب على المسبب
- بالمناسبة؛ لأنها المصححة لنظم الكلام وهي سابقة على النزول
- والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول
- مثال ذلك :
- {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}الآية [النساء: 58]، فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة الزَّرْكَشِيُّالبرهان في علوم القرآن
●أنواع مسائل نزول القرآن:
n نزول القرآن على قسمين:
ü قسم نزل ابتداء، بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع
ü وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال- السيوطيُّ في الإتقان –الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول
· أنواع أسباب النزول:
ü أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها
ü أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه الوادعي -الصحيح المسند في أسباب النزول
-
●أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
- المشهور وهو قسمان: صحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر.
- وضعيف: كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}الآية [النساء: 58].
وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع،
- ومنها الغريب وهو أيضاً قسمان: صحيح وضعيف.السيوطيُّ في التحبير في علم التفسير
●ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول:
n السلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازًا عن القول في نزول الآية.
عن بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن).
n أما اليوم فكلّ أحد يخترع للآية سببا، ويختلق إفكا وكذبا، ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد
n قد وقع التساهل في نقل ما لم يثبت في كتب التفسير، مثال لذلك قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}ويمكن أنه لا يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها سندا ،وهي لا تصح معنى إذ فيها مخالفة لأصل من أصول الشريعة وهو أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه- الواعديالصحيح المسند في أسباب النزول
●القول في أسباب النزول موقوف على السماع:
- لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
- معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم
عن عبد الله بن الزبير قال: (خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك))فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجهه . . ) الحديث).
قال الزبير: (فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم..} الآية- السيوطي-الإتقان في علوم القرآن- الوحدي في أسباب النزول
-
●هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
- تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسندٌ-النكت على ابن الصلاح للزركشي
- وما كان من أسباب النزول مرويا عن صحابي بإسنادٍ صحيحٍ: مرفوعٌ؛ إذ قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه في حكم المرفوع، كقول جابرٍ: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله تعالى: {نساؤكم حرثٌ لكم..} الآية).
وما كان عن صحابي بغير إسناد فهو منقطع أي تفاسير الصّحابة الّتي لا تشتمل على إضافة شيءٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فمعدودةٌ في الموقوفات النيسابوري في معرفة علوم الحديث، الشهرزوري في معرفة علوم الحديث، العراقي في شرح ألفية العراقي،البُلقِينيُّ مواقع العلوم، السيوطيُّ في التحبير ،الوادِعيُّ في الصحيح المسند
-
●ما حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول؟
- المنقول عن التابعي بسنده فهو مرسل، وشرط قبوله: صحة السند، أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة، أو ورد له شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً
- وما كان بغير سند فلا يقبل - السيوطيُّ في لباب وفي الاتقان وفي التحبير
●معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)
n صيغة سبب النزول:
- إما أن تكون صريحة في السببية وهي لفظان : إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
- وإما أن تكون محتملة. :
- إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية - الواعدي الصحيح المسند في أسباب النزول
- قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع.
- وقد تنازع العلماء في قول الصحابي نزلت هذه الآية في كذا هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند. فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله فيه. السيوطي في لباب النقول
● أحوال الاختلاف في سبب النزول:
- هناك عدة أحوال :
- فإن عبر أحدهم بقوله: نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا وذكر أمرا آخر ،هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما
- وإن عبر واحد بقوله: نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد كما قال ابن عمر في قوله: {نساؤكم حرث لكم} أنها نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن وصرح جابر بذكر سبب خلافه فاعتمد حديث جابر.
- وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فإن كان إسناد أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح المعتمد مثاله ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}[الضحى: 1-3]).
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال:((يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟))فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى}إلى قوله:{فترضى}[الضحى: 1-3]).
وقال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح.
- أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات، مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال:(({قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}الآية [الإسراء: 85]))).
- وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فقد تكون نزلت عقيب تلك الأسباب كما في آية اللعان وقد تكون نزلت مرتين ، في آية الروح وفي خواتيم النحل وفي قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا}الآية مما يعتمد في الترجيح النظر إلى الإسناد وكون راوي أحد السببين حاضرا القصة أو من علماء التفسير كابن عباس وابن مسعود.
- يحمل على تعدد النزول وتكرره.:
مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله))فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}الآية [التوبة: 113]).
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: ((إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}الآية [التوبة: 113]))).
فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول السيوطي في الاتقان ولباب النقول
· ...- مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات :
· عن علي بن المديني قال: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه
مثال :
عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقَّ لها رِقَّة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا))قالوا: نعم يا رسول الله، وردّوا عليها الذي لها.
قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول؛ فالله يجزيك فافدِ نفسَك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)). فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله.قال: (( فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلتَ لها إن أصبتُ فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم )).فقال: والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفعل)).
ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل).
هذا الحديث :
- صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي– الوادِعيُّ فيالصحيح المسند في أسباب النزول-
- رواه الطبراني فيالكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع - الهيثمي في مجمع الزوائد-
- قصة العباس لها سند آخر، وأنها مرسلة - سنن البيهقي-
- هذه القصة ليست مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق ابن راهوية - الحافظ في الفتح – وكذلك في المطالب العالية -
●هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
- اختلف أهل الأصول :
1- منهم من اعتبر أن العبرة بعموم اللفظ
دليلهم:
- كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية ونزول حد القذف في رماة عائشة رضي الله عنها ثم تعدى إلى غيرهم، وإن كان قد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}الآية [النور: 4] فجمعها مع غيرها إما تعظيما لها إذ أنها أم المؤمنين ومن رمى أم قوم فقد رماهم وإما للإشارة إلى التعميم ولكن الرماة لها كانوا معلومين، فتعدى الحكم إلى من سواهم،
- ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا}الآية [البقرة: 204]، فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
- أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: ((بل لأمتي كلهم)).
2- ومنهم من اعتبر أن العبرة بخصوص السبب
دليلهم :
عن مروان بن الحكم أنه بعث إلى ابن عباس يسأله: (لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس: (هذه الآية نزلت في أهل الكتاب ثم تلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} إلى قوله:{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية).
قال ابن عباس: (سألهم النبي صلى الله وسلم عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، فاستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ما سألهم عنه
فابن عباس لم يعتبر عموم{لا تحسبن الذين يفرحون}الآية [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.
ورد على هذا الدليل :
وما أجاب به ابن عباس عن سؤال مروان لا يكفي؛ لأن اللفظ أعم من السبب لكنه بين أن المراد باللفظ خاص
ويشهد له قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور))وإنما الجواب: أن الوعيد مرتب على أثر الأمرين المذكورين وهما: الفرح وحب الحمد لا عليهما أنفسهما إذ هما من الأمور الطبيعية التي لا يتعلق بها التكليف أمرا ولا نهيا.
3- واختار بعضهم أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد
دليلهم: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}الآية [النساء: 58] فإن مناسبتها للآية التي قبلها وهى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}الآية [النساء: 51]، أن ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف كان قدم إلى مكة وشاهد قتلى بدر وحرض الكفار على الأخذ بثأرهم وغزو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه: من أهدى سبيلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو هم؟ فقال: أنتم -كذبا منه وضلالة- لعنه الله، فتلك الآية في حقه وحق من شاركه في تلك المقالة، وهم أهل كتاب يجدون عندهم في كتابهم بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفته، وقد أخذت عليهم المواثيق ألا يكتموا ذلك وأن ينصروه، وكان ذلك أمانة لازمة لهم، فلم يؤدوها ، وخانوا فيها،
- والأصح أن العبرة بعموم اللفظ حتى لو كان السبب خاصاً والصيغة عامة :
مثال ذلك في سورة الهمزة: يجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه
- ولكن إذا نزلت الآية في معين ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعا كقوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى}[الليل: 17] فإنها نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع.
●تقدم نزول الآية على الحكم:
- قد يكون النزول سابقا على الحكم:
- قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: 14] فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.وسورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة.
- : {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}الآية [البلد: 1-2] فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: ((أحلت لي ساعة من نهار))
- سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:(({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ – الزَّرْكَشِيُّ في البرهان في علوم القرآن -
●نزول آيات متفرقة لسبب واحد:
قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد:
- كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه))فأنزل الله{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.ونزل في أبي طالب{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ--- الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول---
- عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع}إلى آخر الآية [آل عمران: 195وعنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}والآية [الأحزاب: 35 -- السيوطيُّ في الإتقان في علوم القرآن-
●تعدد الأسباب والنازل واحد :
- قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان--- الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول---