والعمل بالعلم شأنه عظيم فثواب العاملين بالعلم ثواب عظيم كريم
كما قال الله تعالى: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر: 74] ,وعقوبة تارك العمل لعظيمة شنيعة والقوارع عليهم في الكتاب و السنة شديدة , كما قال الله تعالى:{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]
وقال تعالى: { مثل الذين حُمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين } [الجمعة: 5]
وقال تعالى: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) } [الأعراف: 175، 176]
وفي الصحيحين من حديث أسامةُ بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:((يُؤتَى بالرجل يوم القيامة فيُلْقى في النار، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بها كما يدُور الحمار في الرَّحَى، فيجتمع إِليه أَهلُ النار، فيقولون: يا فُلانُ مالك؟ أَلم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنتُ آمر بالمعروف ولا آتيه، وأَنْهَى عن المنكر وآتيه)). والعياذ بالله
وفي حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه ) المتقدم (( في أول من تسعر بهم النار أنه يُقال لقارئ القران ماذا عملت فيما عَلمت))
وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تزولُ قدَمَا عبد يومَ القيامة حتى يُسألَ عن أربعٍ: عن عُمُره فيما أفناه؟ وعن عِلْمِهِ ما عمِل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيما أبلاه؟))[رواه الترمذي و قال: حديث حسن صحيح]
وعن أبي برزة أيضاً ( رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ): (( مثل الذي يُعلم الناس الخير وينسى نفسه, مَثل الفتيلة تضيء على الناس و تحرق نفسها )) [رواه البزار و صححه الالباني]
ولأهمية هذا الأمر أفرده بعض العلماء بالتأليف؛فكتب الحافظ ابن عساكر(ت:571هـ) رسالة (ذم من لا يعمل بعلمه), وألف الخطيب البغدادي كتاب (اقتضاء العلم العمل), وأفرد له ابن عبد البر فصلا في (جامع بيان العلم وفضله), و قبله الآجري في (اخلاق العلماء), و كذلك ابن رجب في (فضل علم السلف على علم الخلف)وابن القيم في (مفتاح دار دارالسعادة ),وغيرهم.
ومن الخطأ أن يُظن أن أحاديث الوعيد في ترك العمل بالعلم خاصة بالعلماء وطلاب العلم, بل هي عامة في كل من عَلم حكما شرعيا و خالف العمل بمقتضاه ,كل من عَلم حكما شرعيا فإنه يجب عليه أن يعمل بمقتضاه ,ويستحق الذم على ترك العمل به؛ إذا تركه, فأُوصي نفسي وإياكم إذا علمنا شيئا أن نعمل به ولو مرة واحدة؛ إذا لم يكن فيه وجوب يقتضي تكرار العمل به, وقد كان هذا من هدي أئمة الدين -رحمهم الله تعالى- , وقد قال الامام احمد: (ما كتبت حديثا إلاّ و قد عملت به)